احصائيات

الردود
17

المشاهدات
9575
 
رقية صالح
أديبـة وكاتبـة سوريــة

اوسمتي


رقية صالح is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
2,577

+التقييم
0.50

تاريخ التسجيل
Mar 2010

الاقامة

رقم العضوية
8808
02-13-2011, 10:46 PM
المشاركة 1
02-13-2011, 10:46 PM
المشاركة 1
افتراضي الأدب المجري
الأدب المجري: (1)


سنقدم في هذا المقال وفي المقالات التي ستليه لمحة عن بعض شعراء المَجَر، إضافة إلى مختارات من قصائدهم، وسنضيء في بداية كل مقال بعض الجوانب التي تتصل بالأدب المَجَرِيِّ بشكل عام.


في هذا المقال سنعرض للمحة تاريخية عن الأدب المجري، ثم سنُتْبِعُ ذلكَ بِمُختاراتٍ من شِعر (يوجيف اتيلا) (1905-1937م) الذي يعد واحداً من أهم الشعراء المجريين.





لمحة تاريخية عن الأدب المجري



المجر دولة أوروبية صغيرة، داخلية من دون سواحل، وتسمى عادة هنغاريا. عاصمتها (بودابست) التي تقع على ضفتي نهر (الدانوب) في شمال المجر، وهي تمثل مركز الثقافة والصناعة المجرية. قُسِّمَت المجر إلى (19) إقليماً، و(6) مدن، يحكمها مجلس ينتخب الشعب أعضاءه لأربع سنوات. يُشكِّلُ المجريون (95%) من السكان، أمَّا الأقليات الأخرى فهي: الغجر، والألمان، والسلوفاكيون، والكروات، والصرب، والرومانيون. ويرجع أصل المجريين إلى قبائل هاجرت من الشرق إلى المجر في القرن التاسع الميلادي. أما اللغة الرسمية في البلاد فهي المجرية، وتوجد أيضاً لغات أخرى خاصة بالأقليات. ويتكلم سكان الأقاليم المختلفة اللغة المجرية بلهجات مختلفة[1].



تنتسب اللغة المجرية إلى عائلة اللغات الأورالية القديمة، وفرعها الفنوغوري، وقد نشأت وتطورت في سهوب غربي سيبيريا ومناطق آسيا الداخلية. بدأت اللغة المجرية بالتكون قبل نحو (2500-3000 سنة) عندما اضطرت القبائل المجرية إلى الهجرة جراء ضغط الشعوب التركية التي فقدت مراعيها بسبب الجفاف، وذلك في مناطق ما يسمى بـ (شقيريا) اليوم[2].



حفظ المؤرخون القدامى بعض القصص المجرية البدائية، ومن بين أهم القصص التي وصلت إلينا قصة (الغزال العجيب) و(طير الرخّ) التي تروي أصل المجريين وطريق وصولهم إلى أوروبا. وقد لعب الملوك المجريون الأوائل دوراً مهماً في تشكيل ورعاية الثقافة والأدب، مثل الملك(لاسلو) والملك (كالمان) في أواخر القرن الحادي عشر، والملك (بيلا الثالث) في القرن الثاني عشر، ووصلت المجر إلى الذروة الثقافية في عهد الملك (ماتياش) في القرن الخامس عشر حيث احتلت موقعاً مهماً في أوروبا عصر النهضة. ومن أهم أدباء هذه المرحلة (يانوس بانونيوس) (1434-1472م) الذي كتب نحو أربعمائة قصيدة جذابة متينة البناء، لكن باللغة اللاتينية.



وشهد منتصف القرن السادس عشر ظهور الأدب المكتوب باللغة الوطنية المجرية واحتلال اللغة موقعها الذي تستحق في الأدب. وقد برز في هذه الفترة (بالينت بالاشا) (1554-1594م) وهو أهم الشعراء الذين كتبوا بالمجرية والذين احتلوا مكانة حتى على مستوى الأدب الأوروبي عموماً.



أما في القرن السابع عشر فقد برز من الأدباء المجريين (ميكلوش زريني) (1620-1664م) الشاعر والكاتب والسياسي الذي كتب في معظم الأغراض التي عرفها عصره، حتى الملاحم. ويُلاحَظُ أنَّ شِعْرَهُ تجديديٌّ في بنائه وإيقاعه.



ومن أبرز ممثلي عصر التنوير في المجر(جورج بَشنيَي) (1747-1811م) الذي لعب دوراً أساسياً في تطوير اللغة والثقافة المجريتين، و(فرنتس كازينتسي) (1759-1881م) الكاتب والصحفي واللغوي الكبير، الذي دعم ظهور المسرح المجري واهتم بحركة الترجمة، وأسهم في ترجمة أعمال (شكسبير، وغوته، وليسنغ، وموليير).



وبمبادرة من الكونت (إشتفان سَيْتشَني) رائد حركة تحديث المجر تشكلت أكاديمية العلوم المجرية في عام 1830م التي رعت الأدب واتجاهات تطوره اللاحق، وتعزز دور المسارح الناطقة باللغة المجرية في مدن الأقاليم، وكذلك في (بشت) العاصمة قبل توحيد المدن الثلاثة (بشت، وبودا، وبودا القديمة) لتشكيل (بودابست) المعاصرة عام 1873م. كما تعزز موقع الصحافة اليومية والدورية في الحياة الأدبية والسياسية للبلاد، ومن أبرز ممثلي هذا العصر (ميهاي فُرشُمارتي) (1800-1855م) الشاعر الإنساني الكبير، وأحد أفصح الشعراء المجريين لغة، و(يوجيف كاتونا) (1791-1830م) الأديب والمترجم والمخرج والممثل المسرحي الشهير، و(كاروي كِشفالودي) (1788-1830م) رائد المسرح الكوميدي والشخصية الأدبية التي تحلق الأدباء حولها. أما (فرنتس كُلتشَي) (1790-1838م) فقد كتب شعر النشيد الوطني المجري[3].



ومنذ أربعينيات القرن التاسع عشر، تعزز الاتجاه الشعبي في الأدب، وحافظ الشعر الغنائي الوجداني على موقعه في الصدارة، متمثلاً بعمالقة الأدب المجري الذين خرجوا من محيطهم المحلي ليشتهروا في أنحاء أوروبا والعالم، وفي مقدمتهم (شاندور بتوفي) الشاعر الثوري، و(يانوش أران) أمين عام الأكاديمية المجرية، و(إمره مَداتش) (1823-1864م) صاحب (تراجيديا الإنسان) أشهر دراما مجرية، ويعد (موريوكاي) (1825-1904م) أهم كاتب قصة رومانتيكي مجري، صاحب (الماسات السوداء) و(الأرض تدور مع ذلك).



وفي مطلع القرن العشرين تعاظم النقد الاجتماعي الذي وجهه الأدباء في خضم ظهور مختلف التيارات الفلسفية السياسية المتصارعة في أوروبا، وتشكلت خلال هذه الفترة التي سبقت الحرب العالمية الأولى المدرسة الواقعية في الأدب. ومثَّلَ الكاتبان القصصيان (كالمان مِكسات) (1847-1910م) و(غيزا غاردوني) (1863-1922م) هذه المرحلة أفضل تمثيل.



أما العصر الذهبي للأدب المجري فقد بُني على أيدي مجموعة من الكتاب والشعراء الكبار ممن يعرفون بجيل الغرب (نيوغات) وهو عنوان مجلة أدبية ثقافية استمرت في أداء دورها الريادي لعقود. ومع انتهاء الحرب العالمية الثانية ظهرت تجمعات مختلفة من الأدباء وعدد كبير من المنابر والمجلات، مثل (المجريون، القمر الجديد، الجواب، المنبر، الحقيقة، النجمة, وغيرها).



وفي الستينيات من القرن العشرين ظهر عدد من الدوريات الراقية مثل (الحياة والأدب) التي لا تزال في الصدارة إلى اليوم، و(المعاصر) التي تصدر عن اتحاد الكتاب المجريين الذي تأسس عام 1949م، و(العالم الفسيح)، و(الكتابة الجديدة)، و(العصر الحالي)، وغيرها. ومن أبرز أدباء تلك الفترة (يانوش بلينسكي) (1921-1981م)، و(فرنتس يوهاس) (1927م)، و(شاندور تشوري) (1930م)، و(إشتفان أركين) (1912-1979م) وهو الذي كتب قصة (عائلة توت) التي اشتهرت أوروبياً وعالمياً[4].







- - - - - - - - - - - -
[1] الموسوعة العربية العالمية.
[2] مجلة الآداب الأجنبية، العدد: 112، خريف 2002م، السنة: 27، اتحاد الكتاب العرب بدمشق. (بتصرف).
[3] مجلة الآداب الأجنبية، العدد: 112، خريف 2002م، السنة: 27 (بتصرف).
[4] مجلة الآداب الأجنبية، العدد: 112، خريف 2002م، السنة: 27 (بتصرف).



هذي دمشقُ وهذي الكأسُ والرّاحُ
إنّي أحبُّ... وبعـضُ الحبِّ ذبّاحُ
أنا الدمشقيُّ لو شرحتمُ جسدي .. لسالَ منهُ عناقيـدٌ وتفـّاحُ
ولو فتحتُم شراييني بمديتكم .. سمعتمُ في دمي أصواتَ من راحوا
زراعةُ القلبِ تشفي بعضَ من عشقوا .. وما لقلبي إذا أحببتُ جرّاحُ
مآذنُ الشّـامِ تبكي إذ تعانقني .. وللمآذنِ كالأشجارِ أرواحُ
للياسمينِ حقـوقٌ في منازلنا.. وقطّةُ البيتِ تغفو حيثُ ترتاحُ
طاحونةُ البنِّ جزءٌ من طفولتنا .. فكيفَ أنسى؟ وعطرُ الهيلِ فوّاحُ
هذا مكانُ "أبي المعتزِّ".. منتظرٌ ووجهُ "فائزةٍ" حلوٌ ولمّاحُ
هنا جذوري هنا قلبي .. هنا لغـتي فكيفَ أوضحُ؟
هل في العشقِ إيضاحُ؟

- - - - - - - - - - - - - -
(أعشق وطني والمطر)
قديم 02-13-2011, 10:56 PM
المشاركة 2
رقية صالح
أديبـة وكاتبـة سوريــة

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي





يوجيف اتيلا

(1905-1937م)


كان الشاعر الفرنسي (جيلفيك) يصف (يوجيف اتيلا) بأنه شاعر الصراحة والعنف والأسلوب المباشر والدقة والنغم الصادق. فَصُوَرُهُ تنطلق كما لو كانت تتدفق من حياته القاسية، لأنها تنبع من تجربته كبائس وشرير ومكافح مدموغ بالطابع المميز لبلده. وهو يتمتع بموهبة السمو والقُدْرَة على الارتفاع بكل شيء إلى المستوى الذي يجعل الهزيمة الشخصية انتصاراً على الشقاء.



ويقول الدكتور محمد مندور إن الشاعر(يوجيف اتيلا) يُعد ممن يمكن أن نسميهم شعراءَ البؤس الثائر، أولئك الذين لاحقتهم الحياة بشتى المحن فتألموا واشتكوا وتمردوا وثاروا، فاستجابت لهم نفوس البشر في معظم بقاع العالم، حتى رأينا (يوجيف اتيلا) يحظى بشعبية واسعة لا في المجر وطنه الأصلي فحسب، بل وتمتد شهرته إلى معظم بلاد العالم فتنقل أشعاره إلى لغاتها ويتداولها الناس.



وقد احتفظ (اتيلا) بذكريات مؤلمة مريرة عن أمه التي ربته يتيماً وإخوته، وعن المهنة الشاقة التي كانت تزاولها، فقد كانت تعمل غسالة ملابس بالأجرة، وصاغ تلك الذكريات في عدة قصائد تحت عنوان (ماما) أو (أمي).


ففي إحدى تلك القصائد يحدثنا عن ذكرى أمه التي تلاحقه وتستبد به فيروي كيف كانت تصعد إلى السطح حاملة سلة الغسيل الثقيلة وهي تئز معلقة في ذراعها بينما (اتيلا) الطفل يبكي ويصرخ ويضرب الأرض بقدميه طالباً إليها أن تحمله هو بدلاً من أن تحمل السلة.





هذي دمشقُ وهذي الكأسُ والرّاحُ
إنّي أحبُّ... وبعـضُ الحبِّ ذبّاحُ
أنا الدمشقيُّ لو شرحتمُ جسدي .. لسالَ منهُ عناقيـدٌ وتفـّاحُ
ولو فتحتُم شراييني بمديتكم .. سمعتمُ في دمي أصواتَ من راحوا
زراعةُ القلبِ تشفي بعضَ من عشقوا .. وما لقلبي إذا أحببتُ جرّاحُ
مآذنُ الشّـامِ تبكي إذ تعانقني .. وللمآذنِ كالأشجارِ أرواحُ
للياسمينِ حقـوقٌ في منازلنا.. وقطّةُ البيتِ تغفو حيثُ ترتاحُ
طاحونةُ البنِّ جزءٌ من طفولتنا .. فكيفَ أنسى؟ وعطرُ الهيلِ فوّاحُ
هذا مكانُ "أبي المعتزِّ".. منتظرٌ ووجهُ "فائزةٍ" حلوٌ ولمّاحُ
هنا جذوري هنا قلبي .. هنا لغـتي فكيفَ أوضحُ؟
هل في العشقِ إيضاحُ؟

- - - - - - - - - - - - - -
(أعشق وطني والمطر)
قديم 02-13-2011, 10:59 PM
المشاركة 3
رقية صالح
أديبـة وكاتبـة سوريــة

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
(أُمِّيْ)







طَوالَ الأُسْبُوعِ كُلِّه


جَذَبتْني فِكرةٌ واحدة

إنني أُفكِّرُ بلا انْقِطاعٍ في أُمِّي

خَيالي يَسْتَحْضِرُها وهِيَ تَصْعَدُ في سُرْعَةٍ نَحْوَ السَّطْح

والسَّلَّةُ الثقيلةُ مُعلَّقةٌ في ذِراعِها


.....


وأنا الفتى الصغيرُ عِنْدَئِذٍ في البَراءَة


أصْرُخُ في أسْفَلَ، وأضْرِبُ الأرضَ بِقَدَمَيّ

فَلْيَحْمِلْ غَيْرُها فوقَ أذْرُعِهِمْ هذا الحِمْلَ الكبيرَ مِنَ الملابِسِ المغسولة

وأنا الذي يَجِبُ أن تَحْمِلَهُ إلى السَّطْح


.....


صَعدَتْ وصَعدَتْ ونَشَرَتْ غَسِيلَها


في غيرِ ضجرٍ ولا تَلَفُّتٍ، وفي صَمْت

والغسيلُ النَّاصعُ الذي يَلْمَعُ ويَجِفّ


يَتطايَرُ ويُوْشِكُ أن يَتناثَرَ في الفَضاء..[5]


(على الدانوب)[6]


على أوَّلِ حِجارَةِ المرفأِ جَلَسْت


أبصرتُ كيفَ يَطْفُو قِشْرُ البِطِّيْخ

سَمِعْتُ ما يكفي, واسْتَغْرَقَني التفكيرُ في مصيري

عندما يُثَرْثِرُ السَّطْحُ تَسْكُتُ الأعماق

خابِطاً حكيماً عظيماً كانَ الدَّانوب

كما لو أنهُ جرى من قلبي أبعدَ فأبعد

مِثْلَ العَضَلاتِ, إذا ما كانَ الإنسانُ يَعْمَلُ، يَطْرُقُ, يَبْرُدُ, يَحْفِر

هكذا انْطَلقْتُ, هكذا أنْشَدْت

وهكذا ارْتَخَتْ كُلُّ موجةٍ وكُلُّ حَرَكَة

ومِثْلَ أُمِّي الطَّيِّبَة

غَسَلْتُ كُلَّ أقذارِ المدينة

هكذا أنا, كما لو أنني مُنْذُ مائةِ ألفِ سَنَة

أُبْصِرُ الذي أراهُ فَجْأة

لحظةً واحدةً ويَكْتَمِلُ الزمنُ كُلُّه


الزَّمنُ الذي يَرْقُبُهُ مَعِي مائةِ ألفٍ مِنْ أسْلافي[7]






ترجمة: نبيل ياسين









- - - - - - - -



[5] مجلة الآداب الأجنبية، العدد: 112، خريف 2002م، السنة: 27.
[6] الدانوب: النهر الذي تقع عاصمة المجر (بودابست) على ضفتيه.
[7] ترجمها عن المجرية نبيل ياسين.



هذي دمشقُ وهذي الكأسُ والرّاحُ
إنّي أحبُّ... وبعـضُ الحبِّ ذبّاحُ
أنا الدمشقيُّ لو شرحتمُ جسدي .. لسالَ منهُ عناقيـدٌ وتفـّاحُ
ولو فتحتُم شراييني بمديتكم .. سمعتمُ في دمي أصواتَ من راحوا
زراعةُ القلبِ تشفي بعضَ من عشقوا .. وما لقلبي إذا أحببتُ جرّاحُ
مآذنُ الشّـامِ تبكي إذ تعانقني .. وللمآذنِ كالأشجارِ أرواحُ
للياسمينِ حقـوقٌ في منازلنا.. وقطّةُ البيتِ تغفو حيثُ ترتاحُ
طاحونةُ البنِّ جزءٌ من طفولتنا .. فكيفَ أنسى؟ وعطرُ الهيلِ فوّاحُ
هذا مكانُ "أبي المعتزِّ".. منتظرٌ ووجهُ "فائزةٍ" حلوٌ ولمّاحُ
هنا جذوري هنا قلبي .. هنا لغـتي فكيفَ أوضحُ؟
هل في العشقِ إيضاحُ؟

- - - - - - - - - - - - - -
(أعشق وطني والمطر)
قديم 02-13-2011, 11:09 PM
المشاركة 4
رقية صالح
أديبـة وكاتبـة سوريــة

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي






قصائد من الأدب المجري(2)



لمحة عن التفاعل بين الثقافتين العربية والمجرية



حمل الأدب المجري في سياق تطوره التاريخي أسماء لامعة ونتاجاً رفيعاً، ولكن الدراسات والأبحاث العربية المتعلقة بهذا الأدب تبدو قليلة ومتناثرة، فالأدب المجري المكتوب بلغة تعود أرومتها إلى عائلة اللغات الأورالية القديمة وفرعها الفنوغوري حمل في تضاعيفه الحس الإنساني وعبّر بأدوات فنية رفيعة وفي أجناسه المتعددة عن صورة عصره وتأثره بثقافات الشعوب والأمم، بيد أنه لم يُعْرَفْ عالمياً لأسبابٍ عدة، أبرزها محلية اللغة المجرية التي يتحدث بها عشرون مليون مجري، منهم من هو مقيم في المجر ومنهم من يعيش في الاغتراب، علماً بأن أسماء لامعة في دنيا الفن والأدب والطب أخذت مكانها عالمياً وهي من أصول مجرية، مشيرين في هذا المضمار إلى الشهرة التي حققها الكاتب (آرثر كيسلر) البريطاني المجري الأصل الذي ولد في (بودابست) عام 1905 م وشيوع رواياته، وبخاصة (ظلام وقت الظهيرة)، التي ترجمت إلى أربعين لغةً وتُعدُّ أحد أهم الأعمال الكلاسيكية في الأدب العالمي الحديث، إضافة إلى بروز أسماء جسدت معالم فكرية وأدبية وعبَّرَتْ عن منحى الواقعية الاشتراكية في الأدب، أمثال (جورج لوكاش، شاندور تشوري، يوهاس فرنس، ناج لاسلو).





شهد النصف الثاني من القرن العشرين تشابكاً في الحواجز المعرفية، بدءاً بالفن وتفرعاته، ولاسيما الرسوم والأدب باعتباره فناً من الفنون الجميلة ووظيفته مطابقة لوظيفة الفنون الجميلة من ناحية التعبير عن النوازع الداخلية للإنسان، وقد تبع ذلك دراسات عن علاقة الأدب بالفكر والفلسفة والتاريخ وعلم النفس وعلم الاجتماع والعلوم وأصناف المعرفة الأخرى، فكان الاتجاه إلى المقارنة المعرفية خطوة فائقة في سبيل التوصل إلى أسرار الإبداع الإنساني ودوافعه على اختلاف مدرجات المعرفة ومستوياتها، وخاض الأدب المقارن هذه التجارب من خلال تجاوبه المستمر مع تطورات إيقاع العصر وإسهامه فيها أيضاً، جنباً إلى جنب مع جهود سائر فروع الدراسة الأدبية من نقد وتاريخ أدب وتنظير[1].




ويمكن القول: إن التفاعل بين الثقافتين العربية والمجرية عميق الجذور تاريخياً، فقد كان اهتمام المجريين بالثقافة العربية الإسلامية بادياً في المؤلفات والدراسات التي أنجزها المستشرقون المجريون.




فالدراسات الشرقية المجرية تعود إلى القرن الثامن عشر. مثال ذلك أن (كروشي تشوما) صنف أول معجم للغة التيبت، وألقت مؤلفات (آرمين فامبيري) ضوءاً ساطعاً على لغات آسيا الوسطى القديمة، وجمع (إيجناس كونوش) الأدب الشعبي التركي.




وفي عام 1934 م أطلق الدكتور (جوليوس جيرمانوس) على نفسه اسم (عبد الكريم جرمانوس) واعتنق الإسلام وزار الجزيرة العربية وألف كتابه المشهور (الله أكبر)، وقام بترجمة الشعر العربي إلى المجرية، وانتخبته المجامع العلمية في القاهرة وبغداد ودمشق كعضو مراسل.




كانت هذه لمحة بسيطة عن التفاعل بين الثقافتين العربية والمجرية، أمَّا الشاعر المجري الذي سنعرض له في هذا المقال فهو:




شاندور بتوفي (1823 - 1849م)


ولد (شاندور بتوفي)، أحد أعظم شعراء المجر عام 1823م، لأسرة سلافية فقيرة في مدينة صغيرة هي (كشكوروش)، ولقبه الحقيقي (بتروفيتش). هجر المدرسة مراراً، وكانت آخر مرة في عام 1839م، والتحق بالمسرح.




نشر أول ديوان شعر بعنوان (قصائد) عام 1846م، وهو في الثالثة والعشرين من عمره. عمل في الصحافة أيضاً، ونشرت أعماله الكاملة لأول مرة عام 1847م. كانت قصيدته (نشيد وطني) واحدة من الشرارات التي فجرت الثورة التحريرية المجرية في 15 آذار (مارس) 1848م، ضد حكم عائلة (هابسبورغ) النمساوية، لكنه استمر في القتال ضمن وحدات الحرس الوطني، وقتل وهو لا يزال في السادسة والعشرين من عمره، في تموز عام 1849م.



كان (بتوفي) أحد أغزر الشعراء المجريين إنتاجاً، يجيد التلاعب بالكلمات ببراعة تماثل براعة تلاعبه بالسيف في ميدان المعركة. ورغم حياته القصيرة، خَلَّفَ وراءه مجلداً ضخماً يضم شعره المتنوع الذي تميز بجماله ودقة ألفاظه. ويصنف شعره ضمن المدرسة الواقعية الغنائية والشعبية.






- - - - - - - -



[1] د.حسام الخطيب: الأدب المقارن من العالمية إلى العولمة. المجلس الوطني للثقافة والفنون والتراث – الدوحة - قطر 2001م، ص207.






هذي دمشقُ وهذي الكأسُ والرّاحُ
إنّي أحبُّ... وبعـضُ الحبِّ ذبّاحُ
أنا الدمشقيُّ لو شرحتمُ جسدي .. لسالَ منهُ عناقيـدٌ وتفـّاحُ
ولو فتحتُم شراييني بمديتكم .. سمعتمُ في دمي أصواتَ من راحوا
زراعةُ القلبِ تشفي بعضَ من عشقوا .. وما لقلبي إذا أحببتُ جرّاحُ
مآذنُ الشّـامِ تبكي إذ تعانقني .. وللمآذنِ كالأشجارِ أرواحُ
للياسمينِ حقـوقٌ في منازلنا.. وقطّةُ البيتِ تغفو حيثُ ترتاحُ
طاحونةُ البنِّ جزءٌ من طفولتنا .. فكيفَ أنسى؟ وعطرُ الهيلِ فوّاحُ
هذا مكانُ "أبي المعتزِّ".. منتظرٌ ووجهُ "فائزةٍ" حلوٌ ولمّاحُ
هنا جذوري هنا قلبي .. هنا لغـتي فكيفَ أوضحُ؟
هل في العشقِ إيضاحُ؟

- - - - - - - - - - - - - -
(أعشق وطني والمطر)
قديم 02-13-2011, 11:12 PM
المشاركة 5
رقية صالح
أديبـة وكاتبـة سوريــة

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي





عِنْدَما يَسْقُطُ القَيْد[2]





عِنْدَما يَسْقُطُ القَيْدُ


مِنْ أرْجُلِ السَّجِين


يَسِيرُ بَعْدَها دَهْراً


كأنَّها باقِيَةٌ الأصْفاد


فقدِ اعْتادَ


الثِّقلَ الحَزِين


أنتَ أيضاً تَعوَّدْتَ


- يا قلبي - على الألم


والآنَ..


وقد نفضَ عنكَ


قَدَري الحَسنُ ذاكَ الألم


لا تَستطيعُ الفَرَحَ


بِصِدْق



***



اِفْرَحْ افْرَحْ، يا قلبي


فَمَنْ يَفْرَحُ إنْ لم تَفْرَحْ أنت؟


مَنْ يَمْتَلِكُ مِثْلَك


مِثْلَ هذهِ السعادة؟


مَنْ يَمْتَلِكُ على الأرض


مِثْلَ هذهِ الْجَنَّة؟






- - - - - -



[2] مجلة الآداب الأجنبية، العدد: 112، خريف 2002م، السنة: 27، اتحاد الكتاب العرب بدمشق.




هذي دمشقُ وهذي الكأسُ والرّاحُ
إنّي أحبُّ... وبعـضُ الحبِّ ذبّاحُ
أنا الدمشقيُّ لو شرحتمُ جسدي .. لسالَ منهُ عناقيـدٌ وتفـّاحُ
ولو فتحتُم شراييني بمديتكم .. سمعتمُ في دمي أصواتَ من راحوا
زراعةُ القلبِ تشفي بعضَ من عشقوا .. وما لقلبي إذا أحببتُ جرّاحُ
مآذنُ الشّـامِ تبكي إذ تعانقني .. وللمآذنِ كالأشجارِ أرواحُ
للياسمينِ حقـوقٌ في منازلنا.. وقطّةُ البيتِ تغفو حيثُ ترتاحُ
طاحونةُ البنِّ جزءٌ من طفولتنا .. فكيفَ أنسى؟ وعطرُ الهيلِ فوّاحُ
هذا مكانُ "أبي المعتزِّ".. منتظرٌ ووجهُ "فائزةٍ" حلوٌ ولمّاحُ
هنا جذوري هنا قلبي .. هنا لغـتي فكيفَ أوضحُ؟
هل في العشقِ إيضاحُ؟

- - - - - - - - - - - - - -
(أعشق وطني والمطر)
قديم 02-13-2011, 11:14 PM
المشاركة 6
رقية صالح
أديبـة وكاتبـة سوريــة

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
خُطَّةٌ تَلاشَتْ في الدُّخَان[3]





طَوالَ الطريقِ إلى البيت أُفَكِّرُ في ذلك


كيفَ سأُنادِي أُمِّي التي لم أرَها مُنْذُ زَمَن؟

أيّ كلمةٍ طيبةٍ حُلْوَةٍ سأقُولُ لها لأوَّلِ مَرَّة؟

عِنْدَما تُشْرِعُ ذِراعَيْها

اللَّتَيْنِ هَزَّتا مَهْدِي

ومَرَّتْ في خاطري

فِكرةٌ أجملُ مِنَ الأُخرى

يَبْدُو أنَّ الزمنَ يَتوقَّف

في حِينِ كانتِ العَرَبَةُ تَجْرِي

لَمَّا دخلتُ الغُرفةَ الصغيرة

طارَتْ إليَّ أُمِّي

وأنا، تَعلَّقْتُ بِها.. صامِتاً


كَثَمَرَةٍ على شَجَرَة







ترجمة: اعتقال الطائي











- - - - - -

[3] مجلة نصوص عراقية ـ العدد 22 ـ آب 2005م ـ ترجمة: اعتقال الطائي.

هذي دمشقُ وهذي الكأسُ والرّاحُ
إنّي أحبُّ... وبعـضُ الحبِّ ذبّاحُ
أنا الدمشقيُّ لو شرحتمُ جسدي .. لسالَ منهُ عناقيـدٌ وتفـّاحُ
ولو فتحتُم شراييني بمديتكم .. سمعتمُ في دمي أصواتَ من راحوا
زراعةُ القلبِ تشفي بعضَ من عشقوا .. وما لقلبي إذا أحببتُ جرّاحُ
مآذنُ الشّـامِ تبكي إذ تعانقني .. وللمآذنِ كالأشجارِ أرواحُ
للياسمينِ حقـوقٌ في منازلنا.. وقطّةُ البيتِ تغفو حيثُ ترتاحُ
طاحونةُ البنِّ جزءٌ من طفولتنا .. فكيفَ أنسى؟ وعطرُ الهيلِ فوّاحُ
هذا مكانُ "أبي المعتزِّ".. منتظرٌ ووجهُ "فائزةٍ" حلوٌ ولمّاحُ
هنا جذوري هنا قلبي .. هنا لغـتي فكيفَ أوضحُ؟
هل في العشقِ إيضاحُ؟

- - - - - - - - - - - - - -
(أعشق وطني والمطر)
قديم 02-13-2011, 11:19 PM
المشاركة 7
رقية صالح
أديبـة وكاتبـة سوريــة

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
فِكْرَةٌ تُعَذِّبُنِي..[4]





أُرِيدُ أن أكونَ شجرةً يَخْتَرِقُها البَرْق


أو شَجَرَةً يَجْتَثُّها الإعْصارُ مِنْ جَذْرِها

أُريدُ أن أكونَ صخرةً

يَقْذِفُ بِها الرَّعْدُ مِنَ الْجَبلِ إلى الوادي

فَلأسْقُطْ هُناكَ في ساحَةِ الْمَعْرَكَة

فَلْيَتدَفَّقْ هُناكَ الدَّمُ مِنْ قَلْبِيَ الفَتِيّ

وإنِ امْتَلأتْ شَفَتايَ بِفَرَحِ دَوِيِّ كَلِماتِيَ الأخيرة

إذاً، دَعْ صَلِيلَ الفُولاذ

صَوْتَ البُوْقِ، كَقَصْفِ الْمِدْفَعِ يَبْتَلِعُ صَوْتِي

ومِنْ فَوْقِ جُثَّتِي

ستَنْطَلِقُ الخُيُولُ اللاهِثَة

مُحْرِزَةً النَّصْر





ترجمة: اعتقال الطائي









- - - - - -




[4] مجلة نصوص عراقية ـ العدد 22 ـ آب 2005م ـ ترجمة: اعتقال الطائي.


هذي دمشقُ وهذي الكأسُ والرّاحُ
إنّي أحبُّ... وبعـضُ الحبِّ ذبّاحُ
أنا الدمشقيُّ لو شرحتمُ جسدي .. لسالَ منهُ عناقيـدٌ وتفـّاحُ
ولو فتحتُم شراييني بمديتكم .. سمعتمُ في دمي أصواتَ من راحوا
زراعةُ القلبِ تشفي بعضَ من عشقوا .. وما لقلبي إذا أحببتُ جرّاحُ
مآذنُ الشّـامِ تبكي إذ تعانقني .. وللمآذنِ كالأشجارِ أرواحُ
للياسمينِ حقـوقٌ في منازلنا.. وقطّةُ البيتِ تغفو حيثُ ترتاحُ
طاحونةُ البنِّ جزءٌ من طفولتنا .. فكيفَ أنسى؟ وعطرُ الهيلِ فوّاحُ
هذا مكانُ "أبي المعتزِّ".. منتظرٌ ووجهُ "فائزةٍ" حلوٌ ولمّاحُ
هنا جذوري هنا قلبي .. هنا لغـتي فكيفَ أوضحُ؟
هل في العشقِ إيضاحُ؟

- - - - - - - - - - - - - -
(أعشق وطني والمطر)
قديم 02-13-2011, 11:26 PM
المشاركة 8
رقية صالح
أديبـة وكاتبـة سوريــة

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي






قصائد من الأدب المجري(3):



لمحة عن الأدب المجري المعاصر
بين (الواقعية وما بعد الحداثة):


تؤكد الأديبة المجرية (جوجا كورماندي) أنَّ ما بعد الحداثة المجرية كانت تشمل في الحقيقة مرحلة ما بعد الواقعية. فقد تغير مسار الأدب المجري عن الواقعية إبان العُقود الثلاثة الأخيرة من القرن العشرين من حكم (يانوش كادار) بحيث انضوى على مفهوم (واقعية بلا ضفاف)، ورغم أن بعض المثقفين اتهمُوا هذا الأدب بالهامشية إلا أنه كان أدباً مقبولاً. ومن خلال هذا السياق نلمس أن التطلعات نحو أدب جديد اتجهت بصورة نوعية نحو أدب ما بعد الحداثة.



وخلال عقد السبعينيات من القرن العشرين،أكَّدَ هذا الأدب الجديد استقلاليته عن الإيديولوجيا والقواعد الجمالية ولكنه كان يتطلع ليحرز تقدماً وهو ما تبدى حقاً في ظهور الحداثة وما بعد الحداثة على الساحة الأدبية بشكل متزامن، فقد رأت النور في ذلك العهد المؤلفات التي اتسمت بالمزج بين هذه الاتجاهات الأدبية المختلفة، كما في الأعمال الأولى للكاتبين (بيتر استرهازي) و(بيتر ناداس)، وكذلك ظهرت في الفترة نفسها الرواية الأولى لـ (ايمراكارتيس)، ولكن يبدو أن هؤلاء الكتاب سلكوا وبسرعة كبيرة دروباً متباينة من جهة، ومن جهة أخرى تَبيَّنَ أن أدب ما بعد الحداثة كان إطاراً ضيقاً جداً لا يتماشى مع جموحهم وخصوصيتهم، ويتجلى هذا الأمر في عدة مؤلفات ظهرت في تلك الفترة، ففي عام 1986م نشر (بيترا استرهازي) مؤلفه المهم (مدخل إلى الأدب) والذي يُعَدُّ في المجر اليوم كتاباً لا يُسْتَغْنَى عنه. كما صدرت في الوقت نفسه رواية (دفتر المذكرات) لـ (بيتر ناداس)، وشهدت الأوساط الثقافية في حينها ظاهرة غريبة فقد كان القراء يشعرون بأنهم مضطرون لاتِّخاذ موقف مؤيد لكاتب أو معارض لآخر.



ولكن على أي حال، بدا الأدب المجري وقد استعاد استقلاليته الذاتية الكاملة من حيث إنه تخطى العوائق خلال حقبة تاريخية قصيرة، فقد تم إعلاء شأن المزايا الجمالية الموسومة بمسحة دينية، وفي الوقت نفسه برزت جذور هذا الأدب وحوامله من أعلام أدبية سابقة ومهمة فأعيد الاعتبار لها وتمت إعادة قراءتها من وجهة نظر إيجابية، وعلى رأس هؤلاء الكتاب:


- (جيغموند موريس) (1879-1942م): روائي وقاص. يتميز أدبه بالواقعية. استلهم جزءاً كبيراً من أعماله من حياة القرويين وتشكل ثلاثيته (ترانسيلفاني) أهم عمل له.


- (دجوكوستولاني) (1885-1936م): شاعر وقاص وروائي وكاتب مقالات. يتسم أسلوبه بالبساطة. كان على صلة بالمؤلفين (توماس مان) و(مكسيم غوركي).


- (غينزا تشات) (1887-1919م): كاتب وطبيب وناقد موسيقي، تتميز قصصه بمناخ غريب جداً، متأثر بالفرويدية.


- (ميلكوش سانتكوتي) (1908-1988م): روائي وكاتب مقالات. مبدع الأدب المجري الحديث.



أما الشعر المجري المعاصر فقد حقق تطوره وفق قواعد صارمة نوعاً، وذ لك لأن الشعراء البارزين أمثال (شاندرو فورش) و(يانوش بيلينسكي) و(لورنيتس سابو) و(لاسلو دوج) لم يدعوا أيَّ حيِّز للمحاكاة والتقليد. فكان لا بد من استكشاف طرق أخرى، لهذا اختطت أصوات شعرية مثل (دجو تاندروري(جورج بنسري) و(أوتو اوربان) و(جوجا راكوفيسكي) و(شاندرو كانادي) و(اندراش فرانتس كوفاتش) طريقتها ومكانتها الخاصة.


بينما راحت أصوات شعرية منعزلة ووحيدة تجوس باحثة عن أسلافها بين كوكبة من الشعراء الغنائيين مثل الشاعر (اندرا ادي) (1877-1919م). كما برزت نغماتٌ شعرية للشاعرة (جوجا راكوفسكي) كأحد أساسيات الشعر المجري المعاصر، وينض م إليها الصوت الشعري المميز (أوتو أوريان) الذي اتسمت أساليبه الجديدة برونق وطلاوة خاصة، كما يندرج (دجو تاندوري) عميد الشعر المجري ما بعد الحداثي ضمن الصروح المهمة لهذا الشعر.[1]



سنعرض في هذا المقال للشاعرين المجريين:

(يانوش أران)، و(كاروي بوري).





يانوش أران


(1817 ـ 1882م)


(يانوش أران) أحد أبرز الشعراء المجريين في القرن التاسع عشر، ولد عام 1817م في عائلة امتهنت الزراعة، درس في مدينة (دبرتسن) وعمل في الإدارة الحكومية في مدينة مولده (ناجسالونتا) ثم في التدريس.


أصبح سكرتير أكاديمية العلوم المجرية عام 1865م، توفي عام 1882م. من أهم أعماله القصيدة الملحمية الطويلة (ميكلوش تولدي)، ومجلدات من الشعر وتراجم عن اللغات الأجنبية والعديد من الدراسات النظرية المهمة.









- - - - - - -


[1] مجلة الآداب الأجنبية، العدد: 112، خريف 2002م، السنة: 27، اتحاد الكتاب العرب بدمشق. (بتصرف).




هذي دمشقُ وهذي الكأسُ والرّاحُ
إنّي أحبُّ... وبعـضُ الحبِّ ذبّاحُ
أنا الدمشقيُّ لو شرحتمُ جسدي .. لسالَ منهُ عناقيـدٌ وتفـّاحُ
ولو فتحتُم شراييني بمديتكم .. سمعتمُ في دمي أصواتَ من راحوا
زراعةُ القلبِ تشفي بعضَ من عشقوا .. وما لقلبي إذا أحببتُ جرّاحُ
مآذنُ الشّـامِ تبكي إذ تعانقني .. وللمآذنِ كالأشجارِ أرواحُ
للياسمينِ حقـوقٌ في منازلنا.. وقطّةُ البيتِ تغفو حيثُ ترتاحُ
طاحونةُ البنِّ جزءٌ من طفولتنا .. فكيفَ أنسى؟ وعطرُ الهيلِ فوّاحُ
هذا مكانُ "أبي المعتزِّ".. منتظرٌ ووجهُ "فائزةٍ" حلوٌ ولمّاحُ
هنا جذوري هنا قلبي .. هنا لغـتي فكيفَ أوضحُ؟
هل في العشقِ إيضاحُ؟

- - - - - - - - - - - - - -
(أعشق وطني والمطر)
قديم 02-13-2011, 11:28 PM
المشاركة 9
رقية صالح
أديبـة وكاتبـة سوريــة

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
البلبل والزهرة[2]





البُلْبُلُ في جُنَيْنَتِهِ


يُطَأطِئُ رأسَهُ حُزْناً:


ما فائدةُ أُغْنِيَتي الجميلة؟

الصوتُ العَذْبُ ما قِيْمَتُهُ

إنْ لم يَصْطَبِغْ رِيْشِيَ الكُحْلِيُّ

بِلَوْنِ الزَّهْرِ الأحمرِ الجميل!

الزَّهْرَةُ تنتحبُ في أصيصها:

ما اللونُ، ما عَبَقُ العطر عندي

ما تويجاتي الملكية الفاخرة

لو كنت لا أمتلك سحر غناء

ذاك الطائر الشاحب









- - - - - -





[2] مجلة الآداب الأجنبية، العدد: 112، خريف 2002م، السنة: 27، اتحاد الكتاب العرب بدمشق.

هذي دمشقُ وهذي الكأسُ والرّاحُ
إنّي أحبُّ... وبعـضُ الحبِّ ذبّاحُ
أنا الدمشقيُّ لو شرحتمُ جسدي .. لسالَ منهُ عناقيـدٌ وتفـّاحُ
ولو فتحتُم شراييني بمديتكم .. سمعتمُ في دمي أصواتَ من راحوا
زراعةُ القلبِ تشفي بعضَ من عشقوا .. وما لقلبي إذا أحببتُ جرّاحُ
مآذنُ الشّـامِ تبكي إذ تعانقني .. وللمآذنِ كالأشجارِ أرواحُ
للياسمينِ حقـوقٌ في منازلنا.. وقطّةُ البيتِ تغفو حيثُ ترتاحُ
طاحونةُ البنِّ جزءٌ من طفولتنا .. فكيفَ أنسى؟ وعطرُ الهيلِ فوّاحُ
هذا مكانُ "أبي المعتزِّ".. منتظرٌ ووجهُ "فائزةٍ" حلوٌ ولمّاحُ
هنا جذوري هنا قلبي .. هنا لغـتي فكيفَ أوضحُ؟
هل في العشقِ إيضاحُ؟

- - - - - - - - - - - - - -
(أعشق وطني والمطر)
قديم 02-13-2011, 11:33 PM
المشاركة 10
رقية صالح
أديبـة وكاتبـة سوريــة

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
كاروي بوري[3]
(1952م)





وُلدَ الشاعر المجري المعاصر (كاروي بوري) في (بوكارانيوش) عام 1952 م، وهو شاعر من الغجر، ترجم الفلكلور الغجري إلى المجرية، وقد أصدر مجموعته الشعرية الأولى عندما كان طالباً في المرحلة الثانوية, ولاقت نجاحاً واسعاً فطبعت طبعات متلاحقة.





استمر في كتابة الشعر, والرسم, وجمع الفولكلور الغجري, وترجمة الشعر الفرنسي المعاصر. وتُرجِمَ عددٌ من أعماله الشعرية إلى الإيطالية, والألمانية, والإنكليزية, والفرنسية.



حصل على عدد كبير من الجوائز المحلية والدولية.


ومن أهم أعماله الشعرية: (من فوق أوجه الميت) عام 1970م, (النار المنسية) عام 1973م, (كتاب التكتم) عام 1983م, (واحد وعشرون قصيدة) عام 1993م.











زِيَارَةٌ لِلمسْتَشْفَى[4]





هلِ الموتُ


هو الَّذي يَنبِضُ تحتَ قميصِي؟


لن تَكُفَّ النارُ عنِ الاشتعالِ فوقَ حاجِبَيّ

يدا أمّي تَبكِيان

تَرتعشانِ على قَمِيصِي


تُرَبِّتانِ على نارِ فَرْعٍ عَظْمِيٍّ مَشْلُول






ترجمة وتقديم: د. محمد علاء عبد الهادي










- - - - - -





[3] سلسلة (إبداعات عالمية)، العدد: (357)، كانون الأول 2005م، (مختارات من الشعر المجري المعاصر /شعراء السبعينيات/) تأليف: مجموعة من الشعراء المجريين، ترجمة وتقديم: د. محمد علاء عبد الهادي. (بتصرف).تاريخ الدوري (3/225).






[4] سلسلة (إبداعات عالمية)، العدد: (357)، كانون الأول 2005م، (مختارات من الشعر المجري المعاصر/ شعراء السبعينيات) تأليف: مجموعة من الشعراء المجريين، ترجمة وتقديم: د. محمد علاء عبد الهادي.







هذي دمشقُ وهذي الكأسُ والرّاحُ
إنّي أحبُّ... وبعـضُ الحبِّ ذبّاحُ
أنا الدمشقيُّ لو شرحتمُ جسدي .. لسالَ منهُ عناقيـدٌ وتفـّاحُ
ولو فتحتُم شراييني بمديتكم .. سمعتمُ في دمي أصواتَ من راحوا
زراعةُ القلبِ تشفي بعضَ من عشقوا .. وما لقلبي إذا أحببتُ جرّاحُ
مآذنُ الشّـامِ تبكي إذ تعانقني .. وللمآذنِ كالأشجارِ أرواحُ
للياسمينِ حقـوقٌ في منازلنا.. وقطّةُ البيتِ تغفو حيثُ ترتاحُ
طاحونةُ البنِّ جزءٌ من طفولتنا .. فكيفَ أنسى؟ وعطرُ الهيلِ فوّاحُ
هذا مكانُ "أبي المعتزِّ".. منتظرٌ ووجهُ "فائزةٍ" حلوٌ ولمّاحُ
هنا جذوري هنا قلبي .. هنا لغـتي فكيفَ أوضحُ؟
هل في العشقِ إيضاحُ؟

- - - - - - - - - - - - - -
(أعشق وطني والمطر)

مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: الأدب المجري
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
المخرج الثاني عبدالعزيز صلاح الظاهري منبر القصص والروايات والمسرح . 3 07-27-2023 09:57 PM
الصوم والديانات الأخرى عبدالله الشمراني منبر الحوارات الثقافية العامة 3 05-21-2021 11:00 PM
من أرقى كتب الأدب والبلاغة الإنشاء ( جواهر الأدب ) ناريمان الشريف منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 54 01-19-2021 11:23 PM
الأدرى عبدالحكيم ياسين منبر النصوص الفلسفية والمقالة الأدبية 2 09-02-2020 10:15 PM
الجامع في تاريخ الأدب العربي الأدب القديم - حنا الفاخوري د. عبد الفتاح أفكوح منبر رواق الكُتب. 2 07-20-2019 08:05 PM

الساعة الآن 03:22 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.