احصائيات

الردود
16

المشاهدات
6010
 
ندى يزوغ
من آل منابر ثقافية

ندى يزوغ is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
15

+التقييم
0.00

تاريخ التسجيل
Jul 2008

الاقامة

رقم العضوية
5240
06-07-2011, 03:33 PM
المشاركة 1
06-07-2011, 03:33 PM
المشاركة 1
افتراضي ياسمين غير قابل للذبول
استمعت إليها بتركيز، وحدَّقت بعينيها وهي تحكي كيف تتمنى أن تعود مرة أخرى للحظات كانت تتذوق فيها حلاوة الدعاء لله عز وجل، لأنها لم تعد تفعل، ولم يعد قلبها يبكي خشوعاً وبراءة، ولم تعد تتألم من وخزات جروحها أيضاً، فقدت شهية التمني، وأصبحت أحلامها كلاسيكية لا تمتطي صهوة جواد، لا لذة فيها، ولا يستسيغها مذاق.
لقد ترك ذلك العيار جرحاً عميقاً في قلبها، لكنه ما يلبث أن يبرأ حتى يصاب مرة أخرى بجرح تعرض للنكسات مرات ومرات..
تابعتُ بمرارة تسلسل محطات بوحها، محطة تلو أخرى، فوجدتها وقد أشرفت على الحشرجة والبكاء، فسمحت لنفسي أن أسمع تذمرها وحرصها على إبلاغي أنها غير سعيدة، وأن حياتها أصبحت كومة من روتين يومي.
كانت بعينيها الجميلتين واللتين أصبحتا شاحبتين تعبِّران عن حزن كبير، وعن فقد بداخلها، إنها ما زالت تحلم بمصافحته رغم أنها الآن في حضن آخر! كما أنها ما زالت تنتظر بلهفة.. رسائله التي كانت تحمل أخباره.
انتابني اعتقاد أنه ما زال حياً بداخلها رغم مرور السنوات، وبدهشة استوقفني هذا الاعتقاد.. هل أسألها؟، لقد قاومت رغبتي لأن السؤال لن يزيدها إلا استحضاراً وعبوراً لذكريات مكلَّله بدماء الكدر، فأسرعت قائلة: أعيدي البرمجة، ربما السعادة كانت تقبع في الرصيف الآخر، فغالباً لا نأبه له.
بعد برهة وجدتها وقد شدَّتني من يدي لنعبر ضفة الرصيف الآخر.. ضحكنا ملء قلبينا، ونظرنا في عيون بعضنا البعض، وهمسنا معاً: يا ليت نعودُ لأيامٍ شعرنا فيها بطعم السعادة، وبطعم الانتظار والأشواق الدفينة.
صرختُ بوجهها مازحةً: أنتِ الخائنة!، وأنتِ من تركتني وحيدة دونكِ.. أكان عليك أن تتزوجي!، -وقبل أن أترك لها مجالاً كي تعبر لي أنه كان إحساساً لحظياً قد تندم على البوح به فيما بعد فتكرهني ولو للحظة-، أدركتُ مبتسمة: لكن ابنك يستحق أن تبيعي أحلامك وتهجريها من أجله، ألا يستحق بنظرك؟، قالت: أنتِ على صواب، هو حياتي، ويستحق الغالي والنفيس، ويستحق روحي، وكأنها بهذا وجدت في جوابي لها عزاءً وسكينةً وسلاماً مع نفسها.
أجبتها: لا داعي أن تهبيه روحكِ، هو فقط ينتظر منك أن تقبلي بلحظات حياتك كما هي مقاسها الآن، ضمّيه إليكِ واستنشقي معه خالص وجودكِ.
ولرد دين بعضنا البعض.. تبادلنا الأدوار كما تعوَّدنا، فسألتني: وأنت ما أخبارك!، ولماذا أضحيت بعيدة عني؟!، قلت وكأني أهرب من أسئلتها: أنتِ لا تسألين ولا تكترثين لأخباري، فقالت: احكي لي ما خطبكِ، أجبتها ومرارة بداخلي: أنا لست أنثى!.
ابتسمت وهي تحذرني بألا أبدأ معها فلسفتي، وكنت قد تعوَّدت ملاحظتها تلك، فكل ما لا تستسيغه صديقتي أو تجده غير مألوف.. كانت تنعته بفلسفة أو بحب اختلاف، لكنني كنت صادقة معها وصارحتها بما أحسّه، ربما لم يصلها على النحو الذي أريد، وربما استهجنت رأيي في نفسي، فأعدت على مسامعها: نعم أنا لست أنثى، ولو كنت كذلك، لأضحيت سعيدة.
أجابت وهي تحاول رفع معنوياتي: يفوح شذى الياسمين ولو دسناه ألف مرة، وأنتِ ياسمين غير قابل للذبول، عهدتك أقوى.. ألستِ تقولين دوماً: أنه إذا لم يجد الإنسان شيئاً في الحياة يموت من أجله، فإنه أغلب الظن لن يجد شيئاً يعيش من أجله.
قلت لها: رويدك ما عادت الشعارات تستهويني، وكنت أتمنى أن أنهي تلك الصراعات الكلامية التي لا تنفعني، فقط تجبرني على التفكير والتحديق بمرآة داخلي، وما كنت أودُّ ذلك في تلك اللحظات، لكنها وجدت الفرصة كي تشملني بكل ما اختزنته ذاكرتها، فأردفت تقول: ليس العار في أن نسقط، ولكن العار أن لا نستطيع النهوض.
أجبتها وقد ارتفعت درجة بلادتي.. خصوصاً وأنها تقمَّصت شخصيتي منذ قليل، أحسست أنني تعثَّرت بالحجر مرتين، وهذا مخجل.. لست نادمة على ما فعلت بحياتي، لكنني نادمة فقط!، على الذي لم أفعله.. حتماً، سأجرِّب شيئاً جديداً، لأنني أريد تطوير نفسي ومهاراتي، وسأجرِّب أمراً لم أتعوده، لن أقول أنني لست محظوظة، ولن أعلِّق أخطائي على شماعة الحظ.
رجعتُ بعدها إلى البيت، وكنت أعلم بيني وبين نفسي أني أنهيت الحوار بدبلوماسية، لأنني غير قادرة على اعتناق ذاتي بكل صدق، وكنت أمهِّد فقط! لبرنامج أنا فيه البطلة.. بطلة مسلسل التفاؤل والأمل بالغد المشرق الجميل والعودة من جديد، والذي رسمته لصديقتي.
نعم، كنت أمثِّل قناعاً ليس يلبسني، بل أضحيت للحظات مُهرجة تردِّد حِكماً ومواعظَ لا تصلح إلا لتهدئة النفس، هو مسكِّن يُبلْسم الروح الثائرة المتمرِّدة، لكن تمرّداتي كانت أضخم وأعمق، ومسالكها كانت وعرة، ومع ذلك اعتنقت عبارة صديقتي، وقرَّرت أن أظل ياسميناً غير قابل للذبول.


قديم 06-08-2011, 11:46 AM
المشاركة 2
ريم بدر الدين
عضو مجلس الإدارة سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
و ستبقين ياسمينا غير قابل للذبول أبدا يا ندى
أعجبتني الجملة : ندمت على الذي لم أفعله.
خاطرتك الموشحة بالعباءة القصية لا يمكنها إلا اعتلاء قمة التميز و الاكنمال
و تثبت بالإذن من مشرفي البوح الكرام
محبتي دوما غاليتي ندى يزوغ

قديم 06-08-2011, 12:10 PM
المشاركة 3
عمر مسلط
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي
في جدليتكِ التفصيلية لليأس والأمل ... أبيتِ إلاَ أن تَنعتقي من "قناع" يأسكِ ، صوبَ رائحة "الياسمين"

المفعمة / بالأمل ، بالرغم من إزدواجية الخطاب تجاه صديقتكِ ( ذاتكِ ) .. فرائحة الياسمين تجبركِ ( تُجبرها ) حتماً على تجريب شيء جديد ... وها أنتِ تعتنقين عبارتها في النهاية .. بأن تظلي ياسميناً غير قابل للذبول ... لقد كنتِ تحاولين إخراجها من يأسها ... وإذ بها تخرجكِ من يأسكِ / في كشفٍ ذاتي لفصامنا الداخلي ...

( كنتُ أتمنى لو إختزلتِ بعض العبارات الطويلة في النص ، كي تمنحي لغة السرد مزيداً من الإثارة والتشويق ) ...



... أختي الكريمة / ندى يزوغ

لغتكِ القصصية تُحاكي عوالمنا الداخلية بشفافيةٍ وإقتدار ...

هذا تقديري وإحترامي ...












سَيدَتي ... أجمَلُ الوَرد .. هُو الذي تُغطيه الأوراق !
قديم 06-08-2011, 05:05 PM
المشاركة 4
عبدالحكيم مصلح
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
أختي الفاضلة ندى حفظه الله

غصت حتى النخاع في خلايا نصك القصصي المهيب ،

هذه الحوارية القمرية معها حلقت بنا عالياً وأعادت لنا الذكريات مع من كنا معهم ذات مرة وفشلنا في تحقيق ذاتنا معهم ولو مرة ، أصدقك القول : ماهرة أنت في التعبير وفي الكتابة وفي الحبكة وفي النهاية كنت مؤلمة وكاني بك عشقت الألم فأصبح جزءاً منك ،

تبقين الأبرع في التعبير ،

لكِ كل جوري القدس بهية المدائن

قديم 06-08-2011, 08:34 PM
المشاركة 5
سلمى الغانمي
~~ الشــذى ~~
  • غير موجود
افتراضي


,


لغة واثقه وسطور متمكنة كاملة ,

نحن من نجعل الأشياء الجميلة تموت , نحن من نأتي للصباح نجرّ خيوط منسلة من الليل لنخنق بها عصافير, ونحن من نقف على نهر ونتحدث عن الملوحة.

twitter : salma alghanmi
قديم 06-09-2011, 07:38 PM
المشاركة 6
حسن زكريا اليوسف
شاعر وأديب عربي

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي

مساؤك الورد والحبق يا نــدى

ياسمين حرفك يأخذ عـبقه بنواصي الأنفاس إليه

يا لك من فنانة من الطراز الأول

تجيدين رسم لوحاتك بحرفية

وتجعلين المبحرين في كلماتك يستلذون حتى بلوغ الشاطىء الميمون

سلم نبضك وأناملك

مع شهد محبتي وتسنيم تحياتي

ح س ن ز ك ر ي ا ا ل ي و س ف

قناتي على يوتيوب https://www.youtube.com/channel/UCjD...VUEJrfj86v0h-Q
فيس بوك https://www.facebook.com/profile.php?id=100060987426703
إنستغرام hasan_zakaria_alyousef
قديم 06-09-2011, 09:12 PM
المشاركة 7
فاطمة جلال
مراقبة سابقة

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
حوارية الحرف هنا كانت في قمة متناهية ...

ندى...
تملكين الحرف وترسمين بدقة متناهية

تقديري لك وللغالية ريم للتثبيت


تَعَـالَ ...
نَعْـجِن مِـن الحِـرَفِ رَغِيفًـا عَـلَى مَوَائِـدِ الـكَلَامِ ...
وَنَـكْتُب رَسَائِـلَ الحَـنِينِ إِلَى اليَـاسمِينِ ....

تعـالَ...
فمن تشتاق الـروحُ اليـهم ؛ قـــد أوغلـوا فـي الغيـاب !

فاطمة جلال

.....
قديم 06-15-2011, 05:33 PM
المشاركة 8
أحمد فؤاد صوفي
كاتب وأديـب

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
الأديبة عالية الحساسية ندى يزوغ المحترمة

ببساطة شديدة . . مشاركتك هنا من أجمل ماقرأت . .
وقد غصت فيها بسعادة متناهية حرفاً حرفاً . .
من القلب أهنؤك . .

أرجو تقبل ودي وتقديري . .
دام صباحك بالتفاؤل مشرقاً . .

** أحمد فؤاد صوفي **

قديم 06-19-2011, 01:08 PM
المشاركة 9
ندى يزوغ
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي
ريم شكرا على رقي تعليقك و على تشجيعاتك..

قديم 06-19-2011, 01:11 PM
المشاركة 10
ندى يزوغ
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي
عمر أكيد سوف أعتمد ملاحظاتك مستقبلا..
شكرا


مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: ياسمين غير قابل للذبول
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
قابل .. للحذف ياسَمِين الْحُمود منبر رواق الكُتب. 29 03-06-2021 03:02 AM
اعترافات قاتل!!! تكملة عدي العزيزي منبر القصص والروايات والمسرح . 3 02-02-2013 08:48 PM
اعترافات قاتل!!! عدي العزيزي منبر القصص والروايات والمسرح . 2 02-02-2013 07:50 PM
نهار قاتل سلمى الغانمي منبر البوح الهادئ 8 09-09-2012 10:23 PM
** قاتل شعبه ** منى شوقى غنيم منبر البوح الهادئ 3 02-26-2011 11:53 PM

الساعة الآن 05:04 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.