قديم 08-08-2011, 12:14 AM
المشاركة 11
أمل محمد
مشرفة سابقة من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
رمضان شهر القيام



الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه وبعد .
﴿ يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ) * قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلاً * نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً * أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً ﴾ (المزمل:1-4 ) هكذا قال سبحانه وتعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم ولقد امتثل الحبيب عليه الصلاة والسلام أمر ربه وأطال في القيام ، وبكى وأطال في البكاء ، وخشع وأطال في الخشوع ، ويقول عز وجل لرسوله ومصطفاه ﴿ وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَحْمُوداً ﴾ (الاسراء:79) . مثل قيامك في ليالي الدنيا يكون قيامك المحمود يوم القيامة . رمضان شهر الصيام والقيام ، وأحلى الليالي وأغلى الساعات يوم يقوم الصوام في جنح الظلام.
قلت لليل هل بجوفك سر
عامر بالحديث والأسرار
قال لم الق في حياتي حديثا
كحديث الأحباب في الأسحار
ليل الصائمين قصير لأنه لذيذ ، وليل العابثين طويل لانه سقيم.
فقصارهن من الهموم طويلة وطوالهن مع السرور قصار
وصف الله الصالحين من عباده فقال ﴿ كَانُوا قَلِيلاً مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ ﴾ (الذريات:17) . فليلهم من أحسن الليل ، ووصفهم في السحر فقال: ﴿ وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ﴾ (الذريات:18) وقال ﴿ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ ﴾(آل عمران: من الآية17)فأسحارهم من أجمل الأسحار :
يا ليلة الجزع هلا عدت ثانية
سقى زمانك هطال من الديم
أمسيت في نشوة التوفيق يقلقني
طلوع فجر بدا من عالي العلم
كان المهاجرون والأنصار إذا أظلم عليهم الليل سمع لهم نشيج بالبكاء ، وإذا أسفر الصباح فإذا هم الأسود إقداما وشجاعة :
في الليل رهبان وعند لقائهم
لعدوهم من أشجع الشجعان
كانت بيوت المهاجرين والأنصار في ظلام الليل مدارس تلاوة وجامعات تربية ، ومعاهد إيمان ، فما لبيوت كثير من الناس اليوم أصبحت ثكنات للغناء والمجون وملاجئ للسفه واللهو ، اللهم عفوك يا كريم.
فلما فقدنا قيام الليل قست قلوبنا ، وجفت دموعنا وضعف إيماننا.
صح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال : " من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه "( ). مما يعين على قيام الليل تذكر ذاك القيام المهول : يوم يقوم الناس لرب العالمين ، يوم يبعثر ما في القبور ويحصل ما في الصدور.
ومما يعين على قيام الليل تذكر ظلمة القبر ووحشة القبر وهم القبر ، فقيام الليل نور الظلمة القبور ، ومما يعين على قيام الليل تذكر الأجر والمثوبة والعفو عن الخطيئة والذنب .
تفنن السلف في قيام الليل، فمنهم من أمضى الليل راكعا، ومنهم من قطعه ساجدا، ومنهم من أذهبه قائما ، منهم التالي الباكي ، ومنهم الذاكر المتأمل ، ومنهم الشاكر المعتبر . لماذا أقفرت بيوتنا من قيام الليل، لماذا خوت من التلاوة. لماذا شكت منازلنا من قلة المتهجدين:
أيا دار سلمى كنت أول منزل
نزلنا به والركب ضبحت بلابله
نزلنا فلم نشهد به رفقة مضت
فسال من الدمع المكتم عاجله
إذا أظلم الليل نامت قلوب الغافلين ، وماتت أرواح اللاعبين ، حينها تحي القلوب المؤمنة ، وتسهر العين الخائفة.
نامت الأعين إلا مقلة
وتذرف الدمع وترعى مضجعك
كيف ينام من يتذكر رقدة القبور ، والحشر يوم النشور ، وقاصمة الظهور، ما كنا نظن أن جيلا من المسلمين يسهر على البلوت والشطرنج والغناء، وقلة الحياة ، فرحماك يا رب:
كن كالصحابة في زهد وفي ورع
القوم هم ما لهم في الناس أشباه

عباد ليل إذا جن الظلام بهم
كم عابد دمعه في الخد أجراه

صح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال لابن عمر :" يا عبد الله لا تكن كفلان كان يقوم الليل ثم ترك قيام الليل"( )



//

~ ويبقى الأمل ...
قديم 08-08-2011, 12:15 AM
المشاركة 12
أمل محمد
مشرفة سابقة من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
البيت الإسلامي في رمضان



الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه وبعد.
يقول المولى جلت قدرته : ﴿ أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾ (التوبة:109)
البيت الإسلامي بيت أسس على التقوى ، عماده تقوى الله ، وأطنابه الأعمال الصالحة ، وحديقته امتثال أمر الله تعالى .
يقول عز من قائل ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ ﴾(التحريم: من الآية6)
البيت أمانة ومسئولية ورعية ، فهل من راع واع ومن مسئول أمين .
صح عن عليه الصلاة والسلام أنه قال :"كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته "( ) ورعاية البيت في رمضان وغيره ، تقوم بأمرهم بالصلاة ، قال تبارك وتعالى ﴿ وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيّاً ﴾ (مريم:55)
إن أحوج ما يحتاجه البيت المسلم إلى أب رشيد وأم مؤمنة يقومان على تربية البيت .
يقول الله تعالى ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا ﴾(النساء: من الآية58) وإن من أعظم الأمانات أمانة البيت وإصلاح البيت .
البيت الإسلامي يعيش رمضان ذكرا وتلاوة وخشوعا وتقوى.
البيت الإسلامي عامر بسنة محمد عليه الصلاة والسلام في الطعام الشراب والمدخل والمخرج واليقظة والمنام.
البيت الإسلامي يحترم الحجاب ويدين لله به ويعتبره شرفا وعزا للمرأة ، وأجرا ومثوبة عند الله عز وجل .
ابتليت بيوت كثيرة بالغناء ، فأفسد قلوب أهلها وضيع مستقبلها وفتت قوتها .
دخل الغناء واللهو بعض البيوت ، فخرج الذكر والسكينة والحشمة والوقار . قال تعالى ﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ﴾(لقمان: من الآية6) ولهو الحديث عند أهل العلم هو الغناء ، فكم عبث الغناء بالقيم وسفه المبادئ وأرهق العقول .
البيت الإسلامي يصحو على ذكر الله وينام على ذكره بعيدا عن اللغو والهراء . قال تعالى ﴿ وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ ﴾ (المؤمنون:3)
البيت الإسلامي يستحي من الله تعالى ، صح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال " يا أيها الناس استحيوا من الحق حق الحياء، والاستحياء من الله حق الحياء أن تحفظ الرأس وما وعى والبطن وما حوى ولتذكر الموت والبلا ومن أراد الآخرة وترك زينة الدنيا"( )
بيوت الصالحين لها دوي بذكر الله رب العالمينا
لها نور من التوفيق عال كأن شعاعه من طور سينا
ليت البيوت الإسلامية تدخل العلم الشرعي جنباتها لتكون رياضا للمغفرة وبساتين للعرفان .
إن البيت يحتاج إلى مسائل مهمة من أعظمها المحافظة على الصلوات الخمس بخضوعها وركوعها وسجودها وروحانيتها . وعلى تلاوة القرآن الكريم آناء الليل وأطراف النهار ، وعلى ذكر الله عز وجل بالغدو والآصال ، وعلى إحياء السنن في كل دقيقة وجليلة ، ويحتاج إلى إخراج كل لهو وعبث واجتناب كل لغو وزور .
قال تعالى ﴿ إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ ﴾ (فصلت:30)
وقال تعالى ﴿ يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ ﴾ (ابراهيم:27)
إن شهر رمضان يضفي على البيت المسلم روحانية واطمئنانا ، فيوقظ أهل البيت لقيام الليل ، ويدعوهم إلى صيام النهار ، ويحثهم على ذكر الله عز وجل .
قال تعالى ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ * لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ ﴾ (فاطر:29 - 30)
نسألك يا أرحم الراحمين أن تملأ بيوتنا بالإيمان والحكمة والسكينة.



//



~ ويبقى الأمل ...
قديم 08-08-2011, 12:16 AM
المشاركة 13
أمل محمد
مشرفة سابقة من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
كيف يصوم القلب ؟



الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه وبعد.
يقول الله تبارك وتعالى ﴿ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ ﴾ (التغابن: من الآية11) وهداية القلب أساس كل هداية ومبدأ كل توفيق وأصل كل عمر ورأس كل فعل.
صح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال : " ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله ، وإذا فسدت فسد الجسد كله ، ألا وهي القلب "( )
فصلاح قلبك سعادتك في الدنيا والآخرة ، وفساده هلاك محقق لا يعلم مداه إلا الله عز وجل .يقول الله عز وجل : ﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ﴾ (قّ:37) ولكل مخلوق قلب . ولكنهما قلبان ، قلب حي نابض بالنور مشرق بالإيمان ممتلئ باليقين عامر بالتقوى ، وقلب ميت مندثر سقيم فيه كل خراب ودمار .
يقول سبحانه وتعالى عن قلوب المعرضين اللاهين ﴿ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضاً﴾ (البقرة: من الآية10) وقال تعالى ﴿ وَقَالُوا قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلاً مَا يُؤْمِنُونَ ﴾ (البقرة:88) وقال سبحانه ﴿ أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا ﴾ (محمد:24)
وقال عنهم ﴿ وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي آذَانِنَا وَقْرٌ ﴾(فصلت: من الآية5)
فالقلوب تمرض ويطبع عليها ، وتقفل وتموت.
إن قلوب أعداء الله عز وجل معهم في صدورهم ، ولكن لهم قلوب لا يفقهون بها ، لذلك كان يقول عليه الصلاة والسلام كما صح عنه "يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك"( ) .
قلب المؤمن يصوم في رمضان وغيره وصيام القلب يكون تفريغه من المادة الفاسدة من شركيات مهلكة ، من اعتقاد باطل ، ومن وساوس سيئة، ومن نوايا خبيثة ، ومن خطرات موحشة.
قلب المؤمن عامر بحب الله ، يعرف ربه بأسمائه وصفاته ، كما وصف الله سبحانه وتعالى لنفسه ، فهذا القلب يطالع بعين البصيرة سطور الأسماء والصفات ، وصفحات صنع الله في الكائنات ، ودفاتر إبداع الله في المخلوقات .
وكتاب الفضاء اقرأ فيه
صورا ما قرأتها في كتابي
قلب المؤمن فيه نور وهاج لا تبقي معه ظلمة ، نور الرسالة الخالدة ، والتعاليم السماوية ، والتشريع الرباني ، يضاف هذا إلى نور الفطرة التي فطر الله عليها العبد ، فيجتمع نوران عظيمان ﴿ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾ (النور: من الآية35)
قلب المؤمن يزهر كالمصباح ، ويضئ كالشمس ، ويلمع كالفجر ، يزداد قلب المؤمن من سماع الآيات إيمانا ، ومن التفكر يقينا ، ومن الاعتبار هداية.
قلب المؤمن يصوم عن الكبر لأنه يفطر القلب ، فلا يسكن الكبر قلب المؤمن لأنه الحرام ، والكبر خيمته ورواقه ، ومنزله في القلب ، فإذا سكن الكبر في القلب أصبح صاحب هذا القلب مريضا سفيها ، وسقيما أحمق ، ومعتوها لعابا.
يقول سبحانه كما في صحيح الحديث القدسي " الكبرياء ردائي ، والعظمة إزاري ، من نازعني فيهما عذبته"( )وعنه عليه الصلاة والسلام أنه قال " من تكبر على الله وضعه ، ومن تواضع لله رفعه"( ).
وقلب المؤمن يصوم عن العجب ، والعجب تصور الإنسان كمال نفسه ، وأنه أفضل من غيره ، وأن عنده من المحاسن ما ليس عند الآخرين ، وهذا هو الهلاك بعينه . صح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: "ثلاث مهلكات: إعجاب المرء بنفسه، وشح مطاع وهوى متبع" ( )
ودواء هذا العجب النظر إلى عيب النفس ، وكثرة التقصير ، وآلاف السيئات والخطايا التي فعلها العبد ، واقترفها ثم نسيها ، وعلمها عند ربي في كتاب لا يضل ربي ولا ينسى.
وقلب المؤمن يصوم عن الحسد ، لان الحسد يحبط الأعمال الصالحة ، ويطفئ نور القلب ، ويعطل سيره إلى الله تعالى .
يقول سبحانه ﴿ أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ ﴾(النساء: من الآية54)
ويقول صلى الله عليه وسلم " لا تحاسدوا ولا تباغضوا ولا تدابروا ولا تناجشوا ولا يبع بعضكم على بيع بعض"( ). حديث صحيح .
أخبر عليه الصلاة والسلام ثلاث مرات عن رجل من أصحابه أنه من أهل الجنة( ) فلما سئل ذاك الرجل بم تدخل الجنة ؟ قال : لا أنام وفي قلبي حسدا أو حقد أو غش على مسلم . فهل من قلب يصوم صيام العارفين.
صيام العارفين له حنين
إلى الرحمن رب العالمينا

تصوم قلوبهم في كل وقت
وبالأسحار هم يستغفرونا
اللهم أهد قلوبنا إلى صراطك المستقيم ، وثبتها على الإيمان يا رب العالمين.


//



~ ويبقى الأمل ...
قديم 08-08-2011, 12:18 AM
المشاركة 14
أمل محمد
مشرفة سابقة من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
تحيّاتي
أشكر لكِ أستاذتنا القديرة أمل محمد هذا الموضوع الديني الماتع.
بوركتِ ، وبورك اليراع.
مرحبـًا أخي ~ أ. ماجد

شكرًا لـ متابعتك الدائمة

تحيّاتي وتقديري ~

~ ويبقى الأمل ...
قديم 08-20-2011, 06:26 PM
المشاركة 15
أمل محمد
مشرفة سابقة من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
كيف يصوم اللسان؟



الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه وبعد.
للسان صيام خاص يعرفه الذين هم عن اللغو معرضون ،وصيام اللسان دائم في رمضان ، وفي غير رمضان ، ولكن اللسان في رمضان يتهذب ويتأدب، صح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال لمعاذ رضي الله عنه " كف عليك هذا ، وأشار إلى لسانه"( ) فقال معاذ : أو إنا لمؤاخذون بما نتكلم به يا رسول الله ؟ فقال عليه الصلاة والسلام :"ثكلتك أمك يا معاذ ، وهل يكب الناس في النار على وجوههم إلا حصائد ألسنتهم ".
ضرر اللسان عظيم وخطره جسيم ، وكان أبو بكر الصديق رضي الله عنه يأخذ بلسانه ويبكي ، ويقول : هذا أوردني الموارد .
اللسان سبع ضار ، وثعبان ينهش ، ونار تلتهب .
لسانك لا تذكر به عورة امرئ
فكلك عورات وللناس ألسن
ابن عباس رضي الله عنهما يقول للسانه : يا لسان قل خيرا تغنم أو اسكت عن شر تسلم . رحم الله مسلما حبس لسانه عن الخنا ، وقيده عن الغيبة ، ومنعه من اللغو ، وحبسه عن الحرام.
رحم الله من حاسب ألفاظه ، ورعى ألحاظه ، وأدب منطقه ووزن كلامه.
يقل تبارك اسمه ﴿ مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ﴾ (قّ:18) فكل لفظة محفوظة ، وكل كلمة محسوبة ﴿ وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ ﴾ (فصلت: من الآية46)
صح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال " من يضمن لي ما بين لحييه وما بين فخذيه أضمن له الجنة "( )
احذر لسانك أيها الإنسان
لا يلدغنك إنه ثعبان
والله إن الموت زلة لفظة
فيها الهلاك وكلها خسران
لما تأدب السلف الصالح بأدب الكتاب والسنة ، وزنوا ألفاظهم واحترموا كلامهم فكان نطقهم ذكرا ، ونظرهم عبرا ، وصمتهم فكرا .
ولما خاف الأبرار من لقاء الواحد القهار ، أعملوا الألسنة في ذكره وشكره ، وكفوا عن الخنا والبذاء والهراء.
قال ابن مسعود رضي الله عنه :"والله ما في الأرض أحق بطول حبس من لسان". يريد الصالحون الكلام فيذكرون تبعاته وعقوباته ونتائجه فيصمتون.
كيف يصوم من أطلق للسانه العنان ؟ كيف يصوم من لعب به لسانه وخدعه كلامه وغره منطقه ؟ كيف يصوم من كذب واغتاب ، وأكثر الشتم والسباب ونسي يوم الحساب؟ كيف يصوم من شهد الزور ولم يكف عن الشرور؟
صح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال " المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده"( ). وهل الإسلام الا عمل وتطبيق، ومنهج وانقياد ، وسلوك وامتثال .
يقول جل اسمه ﴿ وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ ﴾ (الاسراء: من الآية53) والتي هي أحسن هي اللفظ المؤدب الجميل البديع الذي لا يجرح هيئة ولا شخصا ، ولا عرض مسلم ولا ينال من كرامة المؤمن.
يقول عز وجل ﴿ وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ ﴾ (الحجرات: من الآية12)
كم من صائم أفسد صومه فسد لسانه وساء منطقه واختل لفظه ؟
ليس المقصود من الصيام الجوع والظمأ ، بل التهذيب والتأديب.
في اللسان أكثر من عشرة أمراض إذا لم يتحكم فيه.
من عيوبه الكذب، والغيبة ، والنميمة ، والبذاءة، والسب ، والفحش، والزور ، واللعن ، والسخر ، والاستهزاء، وغيرها .
رب كلمة هوى بها صاحبها في النار على وجهه أطلقها بلا عنان وسرحها بلا زمام ، وأرسلها بلا خطام.
اللسان طريق للخير ، وسبيل للشر ، فيا لقرة عين من ذكر الله به واستغفر وحمد وسبح وشكر وتاب ، ويا لخيبة من هتك به الأعراض وجرح به الحرمات وثلم به القيم.
يا أيها الصائمون رطبوا ألسنتكم بالذكر ، وهذبوها بالتقوى ، وطهروها من المعاصي .
اللهم إنا نسألك ألسنة صادقة وقلوبا سليمة ، وأخلاقا مستقيمة.

//

~ ويبقى الأمل ...
قديم 08-20-2011, 06:27 PM
المشاركة 16
أمل محمد
مشرفة سابقة من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
كيف تصوم العين



الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه أجمعين
وللعين أيضا صيام ، وأي صيام ؟
صيام العين غضها عن الحرام وإغماضها عن الفحشاء وإغلاقها عن المناهي:
قال تعالى ﴿ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ ﴾ (النور:30 - 31)
العين منفذ للقلب وباب للروح .
وأنا الذي جلب المنية طرفه
فمن المطالب والقتيل القاتل
صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن عليا سأله عن النظر فقال : "غض بصرك"( )
من لم يحبس نظره أصيب بأربع مصائب :
أولها : تشتت القلب في كل واد ، وتمزقه في كل أرض ، فلا يقر له قرار ، ولا يهدأ له بال ، ولا يجتمع له شمل ، فهو مطعون يئن ويشكو من فعل العين بسبب نظراتها وتلفتاتها .
ثانيها : إتعاب النفس وتعذيبها بفقد ما نظرت إليه وعدم تحصيله ، فالنفس من فعل العين في حسرة وفي هم واضطراب.
وكنت متى أرسلت طرفك رائدا
إلى كل عين أتعبتك المناظر
أصبت الذي لا كله أنت قادر
عليه ولا عن بعضه أنت صابر
ثالثها: ذهاب العبادة وحلاوة الطاعة بإطلاق النظر ، فقل على نور الإيمان السلام ، إذا ما تأدبت العين ، وصامت عن الحرام ، ولا يجد ذوق الإيمان، ووجد اليقين إلا من غض بصره ، وأطبق أجفان عينيه.
رابعها : ذنب عظيم وإثم كبير جزاء وفاقا لما فعلت العين بالإعراض ولما هتكت من المحارم ، وما وقع ساقط في الفاحشة إلا بعد إطلاق النظر ، وضياع البصر ، فلا حول ولا قوة غلا بالله العلي العظيم.
يقول أحد السلف: أطلقت عيني مرة في حرام ، فنسيت القرآن الكريم بعد أربعين سنة ، جزاء من غض بصره عن الحرام أن يبده الله إيمانا يجد حلاوته في صدره .
قالوا عن العين : هي رائد إذا أرسل صاد وإذا انقيد انقاد ، وإذا أطلق وقع بالقلب في فساد .
وقالوا عن العين : إذا أفلت حبلها أو بقتك ، وإذا أطلقت قيدها عذبتك.
قال شاه الكرماني: من غض بصره عن الحرام وعمر باطنه بالتقوى، وظاهره باتباع السنة لم تخطئ له فراسة . وتلا قوله تعالى﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ ﴾ (الحجر:75) في غض البصر وحبس العين خمس كرامات ومنافع.
أولها : طاعة المولى جلت قدرته في أمره بغض البصر وحسبك بهذه نعمة وعزة في الدنيا والآخرة.
ثانيها: سلامة القلب وعماره وجمع شمله وراحته واطمئنانه وسروره وفرحه.
ثالثها : البعد عن الفتن والأمان من البلايا والتحرز من الخطايا.
رابعها : الفتح على العبد منة الله بالعلم والمعرفة والتوفيق والسداد جزاء تقواه.
خامسها : فرقان من الله في قلوب العارفين ونور الباري في نفوس الصادقين يعطيه تبارك اسمه لمن غض بصره .
إذا دخل رمضان طلب من العين أن تصوم طاعة للحي القيوم ، فكم للجوع من فضل على العين:
جزى الله المسير إليك خيرا
وإن ترك المطايا كالمزاد
الجوع يكسر جموح العين ويحبس خطاها ويقيد مداها.
الجوع يضعف شهوة النظر ويطفئ حرارة البصر.
لما أطلق العابثون أبصارهم وطفحوا بأعينهم وقوعوا في براثن المعصية وفي أحابيل الفاحشة
ومن الناس من يصوم بطنه عن الشراب والطعام وترتع عينه في خمائل الحرام ، فهذا الصائم ما عرف حقيقة الصيام.
فلتصم عيوننا يا عباد الله عن الحرام كما صمنا عن الشراب والطعام ، عل قلوبنا أن تصح وأرواحنا أن ترتاح.
قال تعالى ﴿ وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيراً * مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ لا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْساً وَلا زَمْهَرِيراً ﴾ (الإنسان: 12 - 13)
سلام على من صامت عينه لمرضات ربه ورحمة الله وبركاته.



~ ويبقى الأمل ...
قديم 08-20-2011, 06:28 PM
المشاركة 17
أمل محمد
مشرفة سابقة من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
كيف تصوم الأذن



الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وآل وصحبه وبعد.
يقول عز من قائل﴿إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً﴾(الإسراء:من الآية36)
الأذن مسئولة أمام الله عز وجل عما استمعت إليه ، والصالحون هم الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، ويا لندامة من صرف سمعه عن الهدى ، وأغلق أذنه عن صوت الحق.
الأذن تصوم عن سماع الخنا والغناء وعن الفحش والبذاء. وللأبرار صيام عظيم عن سماع ما يغضب الله عز وجل في رمضان وغيره.
كثير من البشر عطلوا ما من الله عليهم به من أعضاء . يقول عنهم سبحانه: ﴿ وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ وَالْأِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ ﴾ (لأعراف:179)
نعم لهم آذان ولكن لا يسمعون سماع موعظة وسماع وتدبر وفهم . سماع كثير من الناس كسماع الأنعام تماما لا ذكرى ولا اعتبار ، لا نفع ولا فائدة.
قال تعالى ﴿ أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً ﴾ (الفرقان:44)
من الناس من ملأ أذنيه من النغمة المحرمة والكلمة الآثمة ، والمجون الأثيم ، حجب عن أذنيه سماع القرآن الكريم ، ذلك السماع الشرعي السني النبوي العظيم.
سماع القرآن الكريم الذي يثمر الإيمان والهدى والنور والفلاح.
سماع القرآن الكريم الذي يملأ القلب حكمة وسكينة وأنسا وطمأنينة.
سماع القرآن الكريم حرز من الواردات المنحرفة والوساوس الخطيرة والخطرات الآثمة.
قوت الأذن الذكر والعلم النافع والموعظة الحسنة والأدب الجم ، ودرر المعارف ومحاسن القول.
يا أذن لا تسمعي غير الهدى أبدا
إن استماعك للأوزار أزار
عن أبي حاتم بسند جيد أنه صلى الله عليه وسلم مر على عجوز في المدينة فسمعها تقرأ من وراء بابها هل أتاك حديث الغاشية وهي ترددها وتبكي فأخذ صلى الله عليه وسلم يسمع لقراءتها ويردد " نعم أتاني نعم أتاني"
مدح الله قوما بجود السماع وحسن الاستماع فقال : ﴿ وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ ﴾ (المائدة: من الآية83)
فهؤلاء استفادوا أعظم فائدة واستمعوا أحسن سماع.
آذان الصائمين عاكفة على سماع الجميل ، وآذان اللاهين مصغية للباطل الدخيل:
لا تستمع إلا لقول صادق
يغنيك عن خطل من الأقوال
فالأذن نافذة العلوم وخيرها
أذن وعت ذكرا ذكرا تلاه التالي
إذا سمحت أذن المسلم للكلمة الآثمة بالدخول أخربت بيت القلب وهدمت قصر الإرادة وأفسدت بستان المعارف.
انظر إلى صنفين وفريقين وطائفتين وصفهما رب العزة فقال :
﴿ وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَاناً فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ ﴾ (التوبة:124)
﴿وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ وَمَاتُوا وَهُمْ كَافِرُونَ﴾(التوبة:125)
سماع الحق يزيد القلب ثباتا على الحق ، وسماع الباطل يورث في القلب
إن من واجب المسلم أن يحمد الله على نعمة السمع وأن يصرفها في مرضات ربه تبارك وتعالى فيزداد من سماع القرآن الكريم ودروس العلم والمحاضرات النافعة والحكم البالغة.
وينقذ أذنه من سماع الإثم والإصغاء إلى الفحش وكل ما يصد عن سبيل الله ؟ يقول تابرك وتعالى عن عباده الصالحين ﴿ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَاماً ﴾ (الفرقان: من الآية72) وقال تعالى ﴿ وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ لا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ ﴾ (القصص:55) .
جعلنا الله ممن يستمع القول فيتبع أحسنه.



~ ويبقى الأمل ...
قديم 08-20-2011, 06:29 PM
المشاركة 18
أمل محمد
مشرفة سابقة من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
كيف يصوم البطن؟



الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه وبعد.
الطعام حلا وحرمة له أثره على حياة الإنسان وسلوكه وأخلاقه ، ولذلك أمر الله سبحانه وتعالى رسله فقال ﴿ يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحاً ﴾ (المؤمنون: من الآية51) وقال سبحانه للمؤمنين ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ﴾ (البقرة:172)والطيبات هي ما أحله الله عز وجل لعباده المؤمنين على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم . فالله يقول عنه ﴿ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ﴾ (لأعراف: من الآية157) .
وصيام البطن اجتنابه للحرام ، زيادة عن اجتنابه الطعام والشراب ، وكل ما يفطر في نهار رمضان ، لكنه يصوم أيضا عن الحرام عند إفطاره فلا يأكل الربا إذ أنه بأكله الربا يغضب المولى تبارك وتعالى ، يقول سبحانه ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا الرِّبا أَضْعَافاً مُضَاعَفَةً ﴾ (آل عمران: من الآية130) وقال سبحانه ﴿ وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا ﴾ (البقرة: من الآية275)
صح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال :" لعن الله آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه ، وقال هم سواء"( ).
آكل الربا يضحك على نفسه ، فيملأ بطنه من الحرام ، ويدعو ربه وقد سد طرق الإجابة وأغلق باب القبول .
صح عنه عليه الصلاة والسلام أنه ذكر الرجل أشعث أغبر يطيل السفر يمد يديه إلى السماء يقول يا رب يا رب، ومطعمه حرام ومشربه حرام وغذي بالحرام، فأنى يستجاب له"( ) فهذا رجل كثير العبادة ، ولكنه آثم في طعامه ، غير متق لله في أكله وشرابه.
كيف يصوم البطن وقد أفطر على الحرام وطعامه من الربا والسحت ، والغش ومال اليتيم والغصب .
فسدت والله كل الأذواق لما فسد الطعام والشراب ، قست القلوب لما خبث المأكل والمشرب ، انطمس النور لما فقدت اللقمة الحلال.
صح عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه تغدى يوما من الأيام ثم سأل خادمه من أين هذا الطعام ؟ فقال : من كهانة كنت أتكهن بها في الجاهلية ، فأدخل أبو بكر يده وانتغر فأخرج ما في بطنه من الطعام( ) ، فرض الله عنه ما أصدقه وأطيبه وأطهره.
اللقمة تبقى في بطن صاحبها ويبقى أثرها مع اللحم والدم وأي جسد نبت من الحرام فالنار أولى به.
كان السلف الصالح يعرفون من أين يأكلون ، فصفت أذواقهم وصحت أبدانهم وأشرقت قلوبهم ، فلما فسد طعام المتأخرين وشرابهم انطمست معالم الهدى في قلوبهم.
صح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال " ما أكل عبد طعاما خيرا من أن يأكل من كسب يده ، وإن نبي الله داود عليه السلام ، كان يأكل من طعام يده"( )
فزكريا عليه السلام كان نجارا وداود عليه السلام كان حدادا ومحمد صلى الله عليه وسلم والأنبياء عليهم الصلاة والسلام كانوا يرعون الغنم.
والإسلام يدعو إلى الكسب وطلب الرزق لكن من أبوابه المشروعة.
يقول سبحانه ﴿ وَلا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى ﴾(الأنعام: من الآية152) وقال تعالى ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْماً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَاراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً ﴾ (النساء:10) وقال عز وجل ﴿ وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقاً مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْأِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ (البقرة:188) وقال عز اسمه ﴿ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا لا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ﴾ (البقرة: من الآية275) .
وصح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال" لعن الله الراشي والمرتشي " ويروى الرائش( )
يقول سبحانه ذامًّا من فسد من اليهود والنصارى ﴿ وَتَرَى كَثِيراً مِنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ (المائدة:62)
يقص علينا ابن الجوزي في صيد الخاطر أنه أكل أكلة من شبهة فتغير قلبه وأظلم عليه فترة من الزمن ، وذلك لصفاء قلوبهم أحسوا بالتغير ، أما الكثير اليوم فيأكل ما أراد من الحرام فلا يرى تغير قلبه لأنه:
من يهن يسهل الهوان عليه
ما لجرح بميت إيلام
وتناول بعضهم الخمر والمسكر بأنواعه فحرم لذة العبادة وحلاوة الطاعة ، وعاش منغصا قلقا محروما من السعادة ومن ساعة الإجابة فيا أيها الصائم هناك صيام البطن من لم يصمه فكأنه ما صام فهل من صائم عن الحرام ، ورع عن الشراب والطعام ليدخل دار السلام.
اللهم اجعلنا ممن يحلل حلال الشريعة ويحرم حرامها.





الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وآل وصحبه وبعد.
يقول عز من قائل﴿إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً﴾(الإسراء:من الآية36)
الأذن مسئولة أمام الله عز وجل عما استمعت إليه ، والصالحون هم الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، ويا لندامة من صرف سمعه عن الهدى ، وأغلق أذنه عن صوت الحق.
الأذن تصوم عن سماع الخنا والغناء وعن الفحش والبذاء. وللأبرار صيام عظيم عن سماع ما يغضب الله عز وجل في رمضان وغيره.
كثير من البشر عطلوا ما من الله عليهم به من أعضاء . يقول عنهم سبحانه: ﴿ وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ وَالْأِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ ﴾ (لأعراف:179)
نعم لهم آذان ولكن لا يسمعون سماع موعظة وسماع وتدبر وفهم . سماع كثير من الناس كسماع الأنعام تماما لا ذكرى ولا اعتبار ، لا نفع ولا فائدة.
قال تعالى ﴿ أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً ﴾ (الفرقان:44)
من الناس من ملأ أذنيه من النغمة المحرمة والكلمة الآثمة ، والمجون الأثيم ، حجب عن أذنيه سماع القرآن الكريم ، ذلك السماع الشرعي السني النبوي العظيم.
سماع القرآن الكريم الذي يثمر الإيمان والهدى والنور والفلاح.
سماع القرآن الكريم الذي يملأ القلب حكمة وسكينة وأنسا وطمأنينة.
سماع القرآن الكريم حرز من الواردات المنحرفة والوساوس الخطيرة والخطرات الآثمة.
قوت الأذن الذكر والعلم النافع والموعظة الحسنة والأدب الجم ، ودرر المعارف ومحاسن القول.
يا أذن لا تسمعي غير الهدى أبدا
إن استماعك للأوزار أزار
عن أبي حاتم بسند جيد أنه صلى الله عليه وسلم مر على عجوز في المدينة فسمعها تقرأ من وراء بابها هل أتاك حديث الغاشية وهي ترددها وتبكي فأخذ صلى الله عليه وسلم يسمع لقراءتها ويردد " نعم أتاني نعم أتاني"
مدح الله قوما بجود السماع وحسن الاستماع فقال : ﴿ وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ ﴾ (المائدة: من الآية83)
فهؤلاء استفادوا أعظم فائدة واستمعوا أحسن سماع.
آذان الصائمين عاكفة على سماع الجميل ، وآذان اللاهين مصغية للباطل الدخيل:
لا تستمع إلا لقول صادق
يغنيك عن خطل من الأقوال
فالأذن نافذة العلوم وخيرها
أذن وعت ذكرا ذكرا تلاه التالي
إذا سمحت أذن المسلم للكلمة الآثمة بالدخول أخربت بيت القلب وهدمت قصر الإرادة وأفسدت بستان المعارف.
انظر إلى صنفين وفريقين وطائفتين وصفهما رب العزة فقال :
﴿ وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَاناً فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ ﴾ (التوبة:124)
﴿وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ وَمَاتُوا وَهُمْ كَافِرُونَ﴾(التوبة:125)
سماع الحق يزيد القلب ثباتا على الحق ، وسماع الباطل يورث في القلب
إن من واجب المسلم أن يحمد الله على نعمة السمع وأن يصرفها في مرضات ربه تبارك وتعالى فيزداد من سماع القرآن الكريم ودروس العلم والمحاضرات النافعة والحكم البالغة.
وينقذ أذنه من سماع الإثم والإصغاء إلى الفحش وكل ما يصد عن سبيل الله ؟ يقول تابرك وتعالى عن عباده الصالحين ﴿ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَاماً ﴾ (الفرقان: من الآية72) وقال تعالى ﴿ وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ لا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ ﴾ (القصص:55) .
جعلنا الله ممن يستمع القول فيتبع أحسنه.


~ ويبقى الأمل ...
قديم 08-20-2011, 06:30 PM
المشاركة 19
أمل محمد
مشرفة سابقة من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
أخطاء يقع فيها الصائمين



الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه وبعد .
يخطئ كثير من الصائمين في عدم التفقه في دين الله تعالى بما فيه الصيام ، فكثير منهم لا يعرف ما يفطر صومه ولا ما يجرحه ولا ما يفسده، وماذا يسن للصائم ، وماذا يجوز له ، وماذا يجب عليه وما يحرم عليه.
وقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال :" من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين"( )
فكأن الذي لا يتفقه في الدين ولا يسأل عن أمور دينه ما أراد الله به خيرا.
يقول سبحانه لعباده ﴿ فَاسْأَلوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ﴾(النحل: من الآية43)وأهل الذكر هم العلماء ، فحق المسلم الذي يريد أن يعبد الله على بصيرة أن يسال عما يجهله من أمر دينه ويبحث عن العلم ويحرص على التفقه في الدين.
ويقع بعض الصائمين في ذنوب عظيمة تفسد عليهم صيامهم وتضيع عليهم قيامهم منها الغيبة ، وقد سبق ذكرها في درس كيف يصوم اللسان ؟ ومنها النميمة والفحش في القول ولاستهزاء واللعن وغيرها من ذنوب اللسان.
ومن الأخطاء الإسراف في رمضان في موائد الإفطار والسحور فيوضع من الطعام ما يكفي الفئام من الناس ويكثر من الأنواع ويفنن في عرض كل غال ورخيص من مطعم ومشرب من حال وحامض ، وحلو ومالح ، ثم لا يؤكل منه إلا القليل ويهدر باقيه مع الفضلات ، ويرمى في النفايات ، وهذا خلاف هدى الإسلام العظيم، قال سبحانه وتعالى ﴿ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ﴾ (لأعراف: من الآية31) فكل ما زاد على حاجة الإنسان واستهلاكه فهو إسراف مذموم ، ولا يرضى به رب الصائمين ويندرج في قوله تعالى: ﴿وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيراً * إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُوراً ﴾ (الإسراء: من الآية 26- 27). وقال عز وجل:﴿وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً﴾ (الفرقان:67)
تصبح الأسواق في رمضان مليئة بالمشترين وكلهم يحمل من الأشربة والأطعمة ما يكفي عشرات الأسر .
هناك أسر تموت جوعا، ولا تجد فتات الخبز، تنام في العراء تفترش الغبراء وتلتحف السماء ، وأسر هنا أصابتها التخمة من كثرة إسرافها وتبجحها.
من مقاصد الصيام استفراغ المواد الفاسدة في المعدة بتقليل الطعام، وكيف يتم ذلك لمن أسرف في طعامه وشرابه ، وبذر في مأكله؟
وكثير من الصائمين قطعوا النهار في نوم فكأنهم ما صاموا ، منهم من لا يستيقظ إلا عند الصلاة ثم يعود إلى نومه ، قطع نهاره بالغفلة وأمضى ليله بالسهر.
فما أطال النوم عمرا وما
قصر في الأعمار طول السهر
الحكمة من الصيام أن يعيش الصائم لذة الجوع لمرضاة الله وطعم الظمأ في سبيل الله ، والذي جعل النهار نوما كله لا يجد ذلك.
ومن الصائمين من يلعب ألعابا أقل أحكامها الكراهة ، مثل لعب البلوت ، والإسراف في لعب الكرة ، وكذلك ألعابا يزعمون أنها مسلية تضيع الوقت وتفني الساعات في غير منفعة . قال تعالى ﴿ أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ﴾ (المؤمنون:115)وقال تعالى ﴿وَذَرِ الَّذِينَ [3]اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَعِباً وَلَهْواً وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا﴾ (الأنعام: الآية70)
ومن الصائمين من يسهر الليل سهرا ضائعا لا منفعة فيه ولا أجر فهم في لهو ولعب وشرود ، فينما لا تجد في هذا السهر ركعتين في ظلام الليل.
ومن أشنع أخطاء بعض الصائمين تخلفهم عن صلاة الجماعة لأدنى سبب وأتفه عذر ، وهذا من علامات النفاق ومن براهين مرض القلوب وموت الأرواح ، ومنهم من ليس بينه في رمضان وبين القران الكريم صلة أو قربى ، يقرأ كثيرا لكن في غير القرآن الكريم، ويطالع كثيرا ولكن في كتب غير كتاب الله عز وجل .
ومن الصائمين من لا تجود نفسه بصدقة في هذا الشهر العظيم ، ولا تشرف مائدته بتفطير بعض الصائمين، فبابه مغلق وكفه بخيلة . قال تعالى : ﴿ مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ﴾ (النحل: من الآية96) وقال تعالى ﴿ وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ ﴾ (المزمل: من الآية20).
ومن الصائمين من ترك صلاة التراويح وتكاسل عنها ولسان حاله يقول تكفيني الفريضة ، وهو لا يكتفي من الدنيا بالقليل بل يحرص على الكماليات منها حرصه على الضروريات.
ولو قد جئت يوم الحشر فردا
وأبصرت المنازل فيه شتى
لأعظمت الندامة فيه غبنا
على ما في حياتك قد أضعتا
ومن الصائمين من أتعب أهله بتكلف صنع كثير من الأطعمة والأشربة حتى أشغلهم عن القرآن الكريم والسنة ، وعن ذكر الله والعبادة ، ولو اقتصر على الضروري لوجد أهله وقتا واسعا للتزود من طاعة الله عز وجل.
اللهم زدنا ولا تنقصنا ، وأعطنا ولا تحرمنا ، وأكرمنا ولا تهنا وسامحنا واعف عنا.



~ ويبقى الأمل ...
قديم 08-20-2011, 06:31 PM
المشاركة 20
أمل محمد
مشرفة سابقة من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
ذكرياتنا في رمضان



الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه وبعد .
فأجمل ذكرياتنا نحن المسلمين في شهر رمضان ، أنزل كتابنا العظيم أو الذكر الحكيم في شهر رمضان ﴿ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ﴾ (البقرة: من الآية185) .
نزل كتابنا في رمضان ، فكانت ذكراه أحلى الذكريات ، وأيامه في الدهر خالدات.
نزل القران الكريم على أمة أمية ، ليخرجها من الظلمات إلى النور.
كلما جاء ذكر رمضان تذكرنا المنة العظيمة بإنزال هذا الكتاب الحكيم على الرسول الكريم ﴿ لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ ﴾ (فصلت:42).
وفي رمضان انتصرنا وغلبنا ـ بإذن الله ـ الباطل ودحرنا الكفر في بدر الكبرى .
وفي رمضان انتصر رسولنا صلى الله عليه وسلم وأصحابه من المهاجرين والأنصار . قال تعالى :﴿ وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ (آل عمران:123) .
انتصر الإسلام على الكفر في رمضان ، وارتفعت لا اله الا الله محمد رسول الله في رمضان واندحر الإلحاد في رمضان ﴿ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ ﴾ (آل عمران: من الآية166)
بدر الكبرى كانت في السابع عشر من هذا الشهر ، فكلما مر بنا هذا اليوم ذكرنا بتلك الغزوة المباركة.
في رمضان كانت غزوة الفتح ، فتح مكة ، قال تعالى ﴿ إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً﴾ (الفتح:1)
فتح رسولنا صلى الله عليه وسلم القلوب بالقران الكريم في رمضان ، وفتح مكة بالتوحيد في رمضان ، فاجتمع الفتحان ، وانتصر الإيمان ، وعلا القرآن ، وفاز حزب الرحمن ، معارك المسلمين الكبرى تقع في رمضان، وانتصارات المسلمين الخالدة كانت في رمضان.
ومن ذكرياتنا في رمضان أن أمين الوحي جبريل عليه السلام كان ينزل على رسولنا صلى الله عليه وسلم في هذا الشهر كثيرا فيدارسه القرآن الكريم ويراجع معه آيات الله البينات ، ويثبت حفظه ويتدبر معه تلك الحكم العظيمة والآيات الكريمة، ويعيد عرض هذا الكتاب عليه ، ويتأنق معه في التلاوة ، ويجود معه الوحي، فكانا في أعظم عبادة واجل قربة وأحسن مجلس.
ومن ذكرياتنا في رمضان اجتماع الصدر الأول من الصحابة في صلاة التراويح فكانوا يسمعون لإمام واحد وهو يتلو عليهم كتاب ربهم فيخشعون ويبكون ويتدبرون.
يطول بهم الليل فيقصرونه بالقيام ، فلو رأيتهم وقد سالت منهم الدموع وثبت في قلوبهم الخشوع ، فهم في قيام وسجود وركوع.
ولو رأيتهم وقد هلت منهم العبرات وارتفعت منهم الزفرات وضجوا على رب السموات والأرض.
ولو رأيتهم وقد وجلت منهم القلوب واقشعرت منهم الجلود وجادت بدمعها العيون.
ومن ذكرياتنا في رمضان أنه الشهر الذي تفتح فيه أبواب الجنان وتغلق فيه أبواب النيران، وتقيد فيه الشياطين، وهذه من أحلى الذكريات يوم يشعر المؤمن انه مرحوم في هذا الشهر الكريم،وأن إغواء الشياطين مصروف عنه في هذه الأيام المباركة . ثم إن لكل صائم في هذا الشهر فرحتين يفرح بفطره ويفرح بلقاء ربه تبارك وتعالى. فكلما تجدد هذا الشهر تجدد معه الفرح وزاد الأنس والسرور.
وهذا الشهر كفارة لما بينه وبين رمضان الماضي كما أخبر بذلك عليه الصلاة والسلام في الصحيح،فهو شهر يحمل ذاكرة مجيدة لكل مسلم يوم يعلم انه مطهر له من السيئات والخطايا
رمضان شهر الفقراء والمساكين فهم يجدون فيه السخاء والعطاء من الأغنياء ، ويجدون العون والمدد من الأثرياء ، فكثير منهم يسعد في هذا الشهر بما يجود الله به على أيدي الباذلين.
صح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال :"إن في الجنة بابا يقال له الريان ، يدخل منه الصائمون ، فإذا دخلوا أغلق فلا يدخل منه غيرهم"( ) .
فباب الريان له مكانة عظيمة في رمضان عند عباد الرحمن.
أتاك شهر السعد والمكرمات
فحيه في أجمل الذكريات
يا موسم الغفران أتحفتنا
أنت المنى يا زمن الصالحات
اللهم أعد علينا رمضان أياما عديدة، وأعواما مديدة، في ثياب من البر والتوبة جديدة.


~ ويبقى الأمل ...

مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: ||~ كتاب ثلاثون درسـًا للصائمين للدكتور : عائض القرني ~
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
المسلكيات للدكتور إبراهيم السكران ملخص كتاب الاثري رشيد منبر الحوارات الثقافية العامة 0 09-01-2023 04:16 AM
كتاب عصر القرود فيصل الغامدي منبر رواق الكُتب. 7 11-13-2020 09:26 PM
قراءة في كتاب "انطونيو التلحمي رفيق تشي جيفار للدكتور سميح مسعود بقلم د. عبد المجيد ج ماجد جابر منبر رواق الكُتب. 5 12-27-2019 08:51 PM
من درر الشيخ د. عائض القرني (فن التطنيش لمن أراد أن يعيش) د/ محمد الزهراني المقهى 8 11-05-2010 10:28 PM
كتاب ~ مفتاح النجاح ~ الشيخ الدكتور عائض القرني .. أمل محمد منبر رواق الكُتب. 39 09-25-2010 07:13 PM

الساعة الآن 11:52 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.