احصائيات

الردود
6

المشاهدات
2371
 
ابو ساعده الهيومي
من آل منابر ثقافية

ابو ساعده الهيومي is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
204

+التقييم
0.06

تاريخ التسجيل
Jul 2014

الاقامة

رقم العضوية
13084
02-04-2015, 10:19 AM
المشاركة 1
02-04-2015, 10:19 AM
المشاركة 1
افتراضي جِيل قوقل
العم عمر، رجل أبيض الوجه، طويل القامة، ترى في عينيه اللتين تشبهان عيون الصقر الهمة والنشاط. ، ذا عزيمة وقوة شكيمة، يقول كلمة الحق ولا يخاف في الله لومة لائم...
رغم أنه تجاوز السبعين من العمر، إلا أن قوة عزيمته وصبره ساعداه على الحفاظ على نشاطه وحيويته، وكانا درعًا واقيًا من تسلل الشعور بالكبر إلى نفسه.
إنه دائماً في صراع لا يحبسه مرض أو يخيفه الموت مثل أغلب البشر، فهو دائمًا ما يقول مقولة قس بن ساعده:
( أين الآباء والأجداد .. وأين الفراعنة الشداد )
لقد استمد كلمة (عم) من جميع من عرفه، ليس من باب الاحترام والتوقير فقط، بل من باب المهابة أيضًا...
خروج العم عمر هائما ضائقا صدره يفكر في انتقاد اخيه الاكبر له
عندما قال : " أتريد أن تغير العالم ؟!
عالمك انتهى وولى وحمل معه عاداته ومات فنَه وأهملت مفرداته..
إنك تتكلم معهم بغير لغتهم.. إنك في نظرهم مخلوق غريب، وعجوز يهذي، وقد دنا وقت مماته..."
ودخل احد الازقة التي ساقته الى الشارع العام وقف يلتفت ! لقد وصل مفترق الطرق
وبعد تردُّد اختار أحد الاتجاهين وانطلق بخطى مسرعة تارة وبخطوات بطيئة تارة أخرى، يرافق هذا التبديل في السرعة العديد من الوقفات وتحرُّك غير إرادي لليدين والشفتين..
وأخيرًا أحس بالإرهاق.. لقد استيقظ العقل بعد السبات وحضرت عندها التساؤلات..
إلى أين أنا ذاهب ؟
كيف أتيت إلى هنا ؟
ماذا حصل ؟
معقول هل وصلت إلى أرذل العمر ؟
لا.. لا !!
عندها فكر في العودة إلى المنزل، ولكن مشوار العودة إلى المنزل طويل وهو يحس بالجوع، فاتجه إلى أقرب محل في الشارع وسأل: ألا يوجد مطعم قريب هنا ؟
فأجابه صاحب المحل: قريب؟ لا
ولكن على بعد خمسين مترًا هناك مقهى يقدم الشاي والقهوة وبعض المأكولات الخفيفة.
اتجه العم عمر إلى الجهة التي أشار إليها صاحب المحل، ولكنه لم يرَ محلا يدل على أنه مقهى أو يقدم وجبات، كل ما رآه محل مليء بالطاولات والكراسي الفاخرة، بعضها خارج المحل ظُللت بمظلة أنيقة، قد جلس عليها بعض الشباب، ربطوا شعورهم ببكلات ، ومعاصمهم بأساور، اغلبهم يلبسون بنطالا قصيرًا وحذاءً رياضيًّا..
وأمامهم أكواب بيضاء كبيرة تحتوي على سائل داكن، برزت على سطحه رغوة بيضاء.
عندها تقدم بخطى بطيئة نحو أحد الجالسين، والذي وضع يده في جيبه وأخرج محفظته، معتقدًا أنه متسول واستعد لإعطائه بعض النقود، ففطن العم عمر فأسرع بسؤاله: يقال إن هنا مقهى.
فأجابه ذلك الشاب متلعثمًا: ها.. نعم، هذا هو.
فسأله العم عمر: هل يقدمون الطعام ؟
فقال له الشاب: طبعًا، وجبات خفيفة.. ساندويتشات.. حلويات...
اجلس سوف يأتي الغارسون.
جلس العم عمر، واختار طاولة بعيدة عن الممر، وجعل وجهه على الجدار، جاعلا الشارع خلفه؛ فقد أحس بالحرج فهو غير متعود على الأكل في المطاعم، كما أن هذا المحل أو المقهى غالب زبائنه من الشباب، ولولا إحساسه بالجوع لما جلس !
وما هي إلا ثوانٍ وإذ بباب المقهى ، والذي كانت واجهته من الزجاج، من صفائه وجودته لا تحس بوجوده، يُفتح، وإذ بشاب حسن المظهر يرتدي زيًّا مميزًا ينظر إليه مبتسمًا يقدم له القائمة، ثم تراجع خطوتين وأخرج نوتة من جيب بنطلونه الخلفي ورفعها حيث تراها عيناه، وبسرعة أخرج قلمه وجعله منتصبًا على هذه النوتة.
نظر العم عمر في القائمة والتي قسمت إلى جُزأين، أحدهما كُتب بالإنجليزية تقابلها الترجمة بالعربية، وبدأ يقرأ:
كابتشينو.. ميكاتو.. هوت شوكليت.. إكسبريسو.. موكاتشينو...
لقد أحس العم عمر بالارتباك وهو يقرأ هذه القائمة، فجميع تلك المسميات مجهولة لديه، فلا يعلم إن كانت تُأكل أو تُشرب !!
لذا أنزل القائمة ورفع رأسه، وبصوت منخفض نطق بعدد من الكلمات المبهمة والتي لم يفهما الغارسون مما اضطره للاقتراب..
عندها أحس العم عمر بالإحراج، فرفع رقبته محاولا إيصال صوته
للغارسون وكأنه يريد أن يفشي له سرًّا..
"بالعربي.. أريد شيئا آكله وأشربه".
وبكل أدب أعاد إليه القائمة.
عندها ابتسم الغارسون، والذي تحركت شفته السفلى، فهناك جملة أرادت عنوة الخروج رغم محاولات الغارسون منعها لكن رسالتها وصلت !
فقال العم عمر في نفسه: " معاك حق.. أنا ايش جابني في هذا المكان !! "
فأخذ الغارسون القائمة ودخل المقهى، وإذا بالهواء البارد يتسرب ممتزجًا برائحة القهوة والروائح الأخرى والأصوات نتيجة لفتح الباب.
لقد تضايق العم عمر من جلسته في الشارع وبين المدخنين، وتمنَّى أن يكون بالداخل حيث الهواء البارد وبعيدًا عن نظر المارة..
ولكن هذا الأمر لم يحزنه كثيرًا، فما يراه من خلف الزجاج هو عدد من الشباب يحملون في إحدى أيديهم أجهزة بعضها كالمرايا وأخرى صغيرة والأيادي الأخرى تضغط تلك الأجهزة في بطونها، ونتيجة لضحكاتها تبدأ أجسامهم بالاهتزاز !
أو كأمهات يحملن أطفالهن يلاعبنهم ويبتسمن لابتسامتهم ويضحكن لضحكاتهم، ورغم أنهم على طاولة واحدة إما مستطيلة أو دائرية إلا أن كلامهم معًا نادر بندرة الأمطار التي تهطل على أرض الصحراء، وإن حدث ذلك فهو يعبر عنه بكلمة أو عدة كلمات.
عندها ترتفع الرؤوس وتتوقف تلك الأيادي -والتي مهمتها إضحاك هذه الأجهزة أو دغدغتها- وتتجه بطريقة غير إرادية إلى الأيادي الأخرى لتتصادم محدثة صوتا يرافقه العديد من الضحكات والتي ما تلبث أن تتوقف لا ترافقها كلمة أو ابتسامة، لتعود الأيادي مرة أخرى لعملها بتلك الأجهزة...
وأحيانًا يقوم أحد هؤلاء الشباب فجأة من كرسيه ويأخذ لفة يدور فيها حول نفسه ليتوقف ويهز جسمه، ثم يعود لكرسيه ويأخذ جهازه ويبدأ بالعبث فيه!!
هذا ما رآه العم عمر، ولاحظه لمن كانوا داخل المحل، والذين كان بينه وبينهم حائط الزجاج..
نعم، إنه لم يسمع تلك الأصوات أو الضحكات، ولكنه تعرَّف عليها ومَقَتَها، لقد لاحظها في أغلب الشباب في حيه الشعبي..
إنه مرض تفشَّى في مجتمعه..
من أين مصدره ؟
وما وسائل الوقاية والعلاج ؟
ولكن هناك سؤال يأتيه يحمل في طياته جوابًا..
"هل هذه هي اللغة الجديدة" بعدما استطاع الأستاذ "قوقل" أن يكون الأب والأم والصديق والحبيب، والذي يستمع برحابة صدر ويقدم الجواب؟!
فما الحاجة لعمل اللسان والذي يصدر كلامًا لا يوصل رسالة وليس له تأثير وحتى يحصل على إجابة أو تفسير ؟!
إنه مضيعة للوقت، وقد يعرضك للإحراج، وبسببه يكرم المرء أو يهان.
وما الحاجة له إذا كانت الأنامل تقوم بهذا الدور بفاعلية وهدوء؟
ألم يقولوا: زلة قدم ولا زلة لسان ؟
ناهيك عن أن هنالك الكثير حصلوا على ألقاب بسبب الخطأ في جملة أو مفردة، والسبب كان اللسان !
ولا تنسَ ما يقدم من جهد ولُعاب يتطاير عند إنتاج هذا الكلام...
جميع هذه السيول من هذه التساؤلات تسرَّبت إلى ذهن العم عمر، والتي كانت أحيانًا مقنعة له، فهي تتكلم عن وقائع وأمور حدثت له ولكثير ممن يعرفهم، ولكنها بالنسبة له كلام حق أريد به باطل.
عندها انتفض وحرَّك رأسه يمنة ويسرة، محاولا أن يوقف هذا السيل الذي يحاول تغيير مفاهيم حارب من أجلها، مرددًا: هذا الكلام غلط.
وفي أحد التفاتاته غير الإرادية لاحظه الشباب الذين كانوا يجلسون بجانبه، فارتفعت عيونهم عن أجهزتهم ووجهوها إليه، وكذا فعلت الأيادي على حين غفلة منهم حاملة السجائر إلى أفواههم.
فهذه النظرة تحتاج لتحليل، وهؤلاء تعودوا أن التحليل يرافقه التدخين.. لكل وضع يحتاج لإيجابه عن تساؤلات العيون، وخاصة إن لم يستطيعوا الإجابة عليه من جهازهم المحمول..
عندها أحس العم عمر بالحرج، فقام من مكانه بدون أن يلتفت، ودفع الطاولة التي أمامه والتي أصدرت زمجرة زادت الوضع سوءًا، فغادر مسرعاً بعكس اتجاه الطاولات الأخرى، ولم تثنه نداءات الغارسون الذي جاء متأخرًا حاملا صينيته !
ولم يبطئ من مشيته إلا عندما أحس أنه بين جموع المارة...


قديم 02-04-2015, 12:41 PM
المشاركة 2
عبير المعموري
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي
[size="5"]تحية طيبة اخي ابو ساعده
نص يلامس الواقع بشده
ف النفس والروح لاتهرمان ..مادام نبض الارادة والعزيمة لايتوقف
ولكن كأنه في نهاية القصة(استسلم العم عمر لمزايا قوقل ورحل بعيدا حتى توارى عن الانظار(انظار من في المقهى).
دمت بحقظ المولى
عبير المعموريsize]

حتما..طريقي صعب..ولكنني يقينآ..سأكون!
عبير المعموري
قديم 02-04-2015, 04:46 PM
المشاركة 3
مصطفى الطاهري
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي
إنه صراع الأجيال استطاع قلم الأخ العزيز أبوساعدة، أن يصوره من خلال سرد شيق
سلس ولغة عذبة أنيقة لا تكلف فيها ولا تصنع ...
تقديري ومحبتي أخي العزيز أبو ساعدة

قديم 02-04-2015, 08:45 PM
المشاركة 4
الفرحان بوعزة
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي
كان العم عمر عبارة عن كاميرا متنقلة ترصد وتنتقي مشاهد من الواقع الاجتماعي المتحول والمتغير ،بفنية أدبية جعل السارد من شخصية العم عمر شخصية راصدة ، شاهدة ،عارفة ،واعية مدركة لما عاشه ولما يعيشه ..ومن هنا سمح السارد لشخصية العم عمر بتحديد موقفه ورؤيته الخاصة عن طريق المقارنة وقراءة الزمان والمكان والإنسان ، كأنه لم يستطع أن يستوعب التغير الذي لحق الجيل الجديد في ظل التغير الاجتماعي والأخلاقي والسلوك الحضاري ..ومن هنا فقد وجب على العم عمر إما أن يساير مجريات الحياة الجديدة وإما أن يصبح مهمشاً اجتماعياً وحضارياً ..
نص جميل راصد للتحولات والتغيرات التي جاء بها التطور والتغير دفعة واحدة ،فلم تعد الحياة بتلك البساطة التي عاشها العم عمر ومن معه فقد تعقدت وتشاكلت وأصبحت متجاوزة للجيل السابق ومناسبة لجيله / لكل جيل زمانه /
استمتعت بقراءة النص الذي أطلعنا على مشاهد واقعية قلما نلتفت إليها ،قصة أدبية قريبة وملتصقة بالواقع مما يزكي فرضية لا يمكن فصل الأدب عن ما هو واقعي وإنساني ..
جميل ما كتبت وأبدعت أخي المبدع المتألق ..أبو ساعدة ..
تقديري واحترامي / الفرحان بوعزة

قديم 02-06-2015, 08:52 AM
المشاركة 5
ابو ساعده الهيومي
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي
الاستاذه عبير المعموري
من اصعب الامور على المرء التخلي عن سلوكيات ومفاهيم احبها حتى ولو فقدت وظيفتها لانه عاشها واستلهمها من الماضي الذي عاش فيه احبابه فتركها جملة وتفصيلا مؤلم وغير عادل
شكرا اختي العزيزه على المرور والتفاعل وفقك الله ورعاك

قديم 02-06-2015, 08:56 AM
المشاركة 6
ابو ساعده الهيومي
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي
الاستاذ مصطفى الطاهري
ان المدح والثناء عندما ياتي من انسان مبدع ومتمكن هو وسام وتاج على راسي
اسعدني وافرحني مرورك وتعليقك اخي العزيز

قديم 02-06-2015, 09:03 AM
المشاركة 7
ابو ساعده الهيومي
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي
الاستاذ العزيز الفرحان بو عزة
ان قراءتك وتفاعلك وتحليلك المفصل لما قدمت دليل على قدرة وتقدير رفع الله قدرك
فشكرا لك اخي العزيز وفقك الله واسعدك


مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: جِيل قوقل
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
<< قوقل تشكيل >> ساره الودعاني مِنْبَرُ الإمْلاءِ والخَطِّ العَرَبِيِّ 17 06-10-2021 03:52 PM

الساعة الآن 08:36 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.