احصائيات

الردود
3

المشاهدات
4537
 
محمد مهيم
من آل منابر ثقافية

محمد مهيم is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
5

+التقييم
0.00

تاريخ التسجيل
Jun 2009

الاقامة

رقم العضوية
7177
12-20-2013, 11:38 PM
المشاركة 1
12-20-2013, 11:38 PM
المشاركة 1
افتراضي أريج الهوية
أريج الهوية
قراءة سيميولوجية ل " نسيت اسمي " شعر ، وفاء عياشي بقاعي . وأنا أتصفح بعض الإبداعات المنشورة في مجلة ــ أصيلة ــ ، أثارني الفضاء المعماري الذي احتضن أبعاد التجربة الإنسانية في هذه القصيدة ة ، فحرارة الحديث نقلتني من الهنا .... إلى الهناك حيث ........
يمثل ملفوظ الإشارة " هناك ......." انفتاحا على عوالم احتمالية ممتدة في المكان والزمان ، على مستوى الفضاء الدلالي للقصيدة ، فراغ يؤشر على بؤرة الانتشار الدلالي ، بوصفه أيقونة على الفضاء الذي ستمارس فيه ذات الحالة تجربتها الوجدانية و المعرفية ، فهو مؤشر جنيني للتجربة ، جسر العبور بين داخل الخطاب وخارجه . عاملا على تجذير الأصول المكانية للتجربة ، مسافرا بوعي المتلقي وإحساسه بين حاضرها حيث تفاعل الذات مع ــ الهنا ــ خطاب الداخل ، المجسِّد للكينونة المفقودة ، وبين ماضيها ــ (الهنا )...ك ــ خطاب الخارج ، نواتُها التي ستفجر محاولة استيلاد حالة التذكر ، بل حالة الوعي بالكينونة لدى ذات الحالة ، من رحم حالة ، وهذا ما سيبدو واضحا في مستهل المقطع الثاني حينما ستعي ذات الخطاب الامتداد المكاني و الزمني لحالتي الفقد والاستعادة : " نسيت اسمي حروفه مبعثرة هنا ..... وهناك .... التماهي بين حاضر التجربة وماضيها ... يخلق حركة تجذير كذلك للرؤية الشاعرية المكانية المرتبطة بحالة النسيان ــ الفقد والحرمان / وهْم الاستحالة ــ وفي الوقت نفسه منطلقا لحالة التذكر ــ الاسترداد / الوعي المكاني ،. ومؤول ذلك مسار الحركة الدلالية المؤسسة على بنية المكان :
تقول الشاعرة :
هناك....
في الناصية الجنوبية
نسيت اسمي
حيث
كنت تغزل من
شعري
ظلالا .
حاولنا ، تقديم المؤشرات المكانية على حالة النسيان وفعل التذكر ، بعد إعادة تنضيد لمسار الحركة الدلالية ، طبعا ، فسيصبح التركيب الجديد كالتالي :
هناك ...
في الناصية الجنوبية
(حيث
نسيت اسمي ،
كنت تغزل من
شعري
ظلالا) .
فتوسط الظرف المكاني ، إذن ، بين حالة النسيان وفعل التذكر يبدو مؤشرا دالا على استفاقة وعي الذات وثوقها إلى استعادة " اسمها " موضوع القيمة المفقود . لذا يمكن تقسيم مسار الدلالة ، إجرائيا، إلى لحظتين متعالقتين على اعتبار أن الظرف المكاني " هناك " يمفصل التجربة إلى :
ــ انبعاث التذكر من رحم النسيان تمثلها اللحظة الممتدة بين ــ هناك ( .....) و يعطر صبحي ,
ــ التشكل والتذكر ، وتمثلها اللحظة الممتدة بين ــ نسيت اسمي حروفه مبعثرة ( ...... ) و في أروقة عمري .
فكيف عملت ذات الحالة على تصريف أبعاد هذه التجربة عبر عناصر البنية العاملية ، على مسار الخطاب؟
فإذا حاولنا تلمس أثار البنية العاملية الناسجة للعلاقات وتوزيع الأدوار على مستوى عملية التخطيب ، نعثر على :
المرسل : الربيع .........الموضوع : الهوية .............المرسل إليه : ذات الحالة
المساعد : الربيع / الزهر/الطير..... الذات : ذات الحالة ...........المعيق : .....؟
فرحم انتشار الدلالة إذن حركة فضائية ( هناك ) ، وهذا مؤشر قوي على أن تسريب الدلالة سيتم ــ مكانيا ــ باعتبار أنه لا وجود للذات إلا عبر حيز مكاني يسم كينونتها ويلون هويتها ، إنها حالة النسيان ، فيها إذن ستتم حالة التذكر ، بوصفها حركة مكانية ستنجزها ذات الفعل sujet de faire ( الربيع ) ، التي عملت على تحريك وعي ذات الحالة sujet d’état واستشعارها بأنها تعيش حالة نسيان مكاني ، وجودي ، ارتعاشة ، حرَّكت في ذات الحالة إحساسا بالوجود ، والرغبة في انبعاث جديد وهذا سيمنح حالة التحول إمكانية تأصيل الأحداث والتحولات التي ستطال " اسمها " بوصفه موضوعا للقيمة . أي ... اسم ذات للنسيان ليتحول إلى اسم / ذات للتذكر بعد تفعيل مسار الدلالة ، طبعا ، من طرف المخاطب الذي سيتكفل بإنجاز الفعل في المكان والزمن ، بوصفه مالكا للأبعاد الصيغية / القدرات ، التي ستعيد لذات الحالة موضوع القيمة المفقود ( تذكر الاسم واستعادته ) ، كما يبرز ذلك مسار نمو الدلالة ، فكل الأفعال التي شكلت لحمة التجربة أنجزها الربيع ، وفعلان فقط ، مثَّلا وضعية ذات الحالة هما : "نسيت" مجسدا لحالة الفقد في بداية التجربة ، " أصحو " ممثلا لفعل الإستعادة . .في نهايتها ، غير أن ذات الحالة رغم وضعها المأزوم ، فإنها لازالت تملك الرغبة في التحول ، أي استعادة الملكية المكانية ، الوجودية لاسمها ، كينونتها ، لأَنَاها كذات لها حيزها في عالم الناس . مؤشر ذلك وحدات التشاكل الناتجة عن العلاقات التي ينسجها تصادي الملفوظات التالية : ــ الناصية ( شعيرات مقدَّم الرأس ) ــ شعري ــ تغزل .. وترٍ يترنم .... تزهو .... ندى زهرك يعطر .... حروفه مبعثرة ــ باقة حروفي ... فذات الحالة لا تملك سوى ملفوظ الحالة ــ نسيت اسمي ــ المثمن لحالة الفقد التي مورست على موضوع القيمة ، الذي ظلت ذات الحالة عاجزة عن فعل استعادته ، لفقدانها مقومات الفعل / القدرات ( الرغبة ــ الإرادة ــ المعرفة ثم الفعل ــ) ، غير أنها تملك وعيا كامنا ، لكنه عميق متجذرة أصوله في المكان والزمن ، مما ساعدها على سرعة التذكر ، واستنفار جوارحها ( الناصية ــ تطفو لهفة شوقي ــ أصحو .. ) ومن تمة استحضار الارتباط المكاني / الوجودي ـــ هناك ــ بوصفه مكان الفقد لكنه في الآن نفسه منطلق التذكر ، منه ستتشكل ملفوظات الفعل التي يمتلكها المخاطب ، كما سنرى . ففي اللحظة الأولى ، وانطلاقا من الإحساس المكاني الذي انتاب ذات الحالة عبر المحفزات التي أثارها الربيع ، ستتجه مباشرة إلى المخاطب معلنة عن حركة حدثية لتباشر بعثا جديدا للاسم / الهوية على إيقاع محاولات ــ وترية ــ فردية تنبيء بتحول واعد ، ــ ظلال قيم موؤودة ــ إرهاصات ينسجها إيقاع مغازلة المخاطب / الربيع لشَعر الذات ، ليتولد التذكر من النسيان ، الاحتمال من الاستحالة ، عبر تلك المحاولات الفردية المبعثرة هنا وهناك بوصفها نواةً عبرها سيتبلور فضاء التحول ــ كما سنرى في المقطع الثاني ــ إلى ( حروف اسم / هوية مبعثرة هنا وهناك ) .
كنت تغزل من شعري ظلالا تتكئ مفردة على وتر يترنم في اسمي
إذن الفضاء الذي تمت فيه حركة النسيان انبجست منه حركة التذكر ، (تغزل ) ، فعل حركي أعاد للذات إحساسها بوجودها ، كينونتها ، فعل أخرجها من حالة يأس وإحباط مثلتها رؤية ضبابية جعلت الذات تفقد صلتها بأصولها الممتدة في الزمن . انبثق إذن الحدث معلنا صحوة الذات عبر ترانيم الحياة التي يخلق إيقاعاتها ربيع سيعطر زهر صبح الذات معيدا إليها الأمل في انبعاث جديد ، ربيع حياة ستنعم فيه باستعادة وجودها ، فتتحول من ذات الاستحالة ــ " نسيت اسمي " ــ إلى ذات الاحتمال ــ ( تذكرْتُ أني نسيتُ اسمي ) " حين كنت تغزل من شعري ظلالا ". فسحر الربيع ينشر عطره في الزمن / التاريخ ، زمن الذات ، صبحها الذي طال انتظاره يتشكل من الندى / الماء عنصر الحياة معطَّرا بأريج زهر الربيع ، فالماء والعطر عنصران ساهما في تكوين الاسم / الهوية ، لتستعيد الذات وجودها / مكانها الموؤود بفعل تراكمات النسيان بل بفعل التناسي الذي مورس عليها . تزهو شفاه الصبح مغمسة بندى زهرك يعطر صبحي . وإذا كانت الأبعاد التصويرية : ــ هناك ـ الناصية ــ شعري ــ وتر ــ شفاه الصبح ــ زهرك ــ في اللحظة الأولى قد عملت على توصيف ذلك التحول الناعم الذي حدث بين الشَّعَر والزَّهر و انبعاث حركة التذكر من حالة النسيان ، فإن اللحظة الثانية سوف تؤشر على الاستعادة التامة للكينونة المفقودة ، حيث مسار الحركة الدلالية يمكن تمثيله خطيا ، عبر البعد التشاكلي بين الملفوظات : لملمة رغوة الزبد ــ عين الفضاء ــ همهمة الطير ــ لهفة شوقي ــ أصحو . إن ملفوظ الحالة ( نسيت اسمي ) ، في اللحظة الثانية ، يعد بؤرة تحول في الرؤية الشاعرية لأنه يستبطن تذكرا ' جزئيا ' لهوية الاسم ــ حروفه المبعثرة ــ الموزعة على امتداد مكاني بين الهنا ... والهناك حيث تم ترجيح التذكر على النسيان ، بعد جهلها التام لهوية اسمها في اللحظة الأولى .لذا ستستهل ذات الحالة اللحظة الثانية بحالة تنبوئية لإمكانية التذكر . تقول الشاعرة :
نسيت اسمي حروفه مبعثرة هنا..... هناك ...... غير أن حركة لملمة الحروف المبعثرة ستتم هذه المرة عبر " رغوة الزبد " أداة التشكيل التي ستعمل على ترصيف الحروف المبعثرة ، الأمر الذي قد يبدو نوعا من المفارقة الصارخة إذ كيف لرغوة الزبد بوصفها خليطا غير متجانس ستعيد للحروف المبعثرة هويتها ؟ !.. إن هذه الغرابة ستزول حين نعي دور الامتداد المكاني والزماني في نسيج خيوط التجربة : فملفوظا ، "الهنا و الهناك " ، فضاء انتشار البعد التصويري لرغوة الزبد ، يقتضيان تعدد العناصر المساهمة في تشكيل هوية الحروف تبعا للامتداد المكاني والزماني للربيع ، إنه امتداد وجودي للذات ، وليس امتداد محليا ، ، فضاء سيتحول مجالا رحبا ، لحركات التحرر التي ستمنح الاسم هويته ، فيه ستنعم الطير بحرية الحركة ، ملعنة عن اكتمال تشكيل هوية الاسم . وهنا أيضا تحضر بنية التعدد ــ متعالقة مع رغوة الزبد ــ باعتبار أن ملفوظ "طير " اسم نكرة للجنس ، يحتضن كل أنواع الطير التي شاركت في الهتاف بهوية الاسم عبر الامتداد الفضاء الزمكاني ، بمعية عناصر رغوة الزبد التي لملمت الحروف المبعثرة ... ؟ ! . مؤول ذلك أن وعي ذات الحالة بهويتها وبوجودها ، ليس عيا أحاديا ، مستقلا ، بل أن وعيها ووجودها رهينان بوعيها لذوات أخرى تعيش وتعاني التجربة نفسها . تقول الشاعرة في اللحظة الثانية : نسيت اسمي حروفه مبعثرة هنا ..... هناك ........ تلملمها رغوة الزبد في عين فضاء يتسع لهمهمة طير ينطق باسمي . أعيد تشكيل هوية الاسم ، الذي أشعر الذات بكينونتها ، وجودها ، بأشلاء كيانها التي كانت متناثرة هنا وهناك على امتداد الفضاء /المكان ( إعادة غزل الشعر ــ تجميع الحروف المبعثرة ) ، فتهفو الذات شوقا إلى معانقة هويتها الموؤودة التي انتشر عطرها في الكون عبر ذلك النسيم العليل ، معلنا ولادة فجر جديد ، فجر الحرية والكرامة : تطفو لهفة شوقي لذاك النسيم في حلقات فجري فتصحو الذات على إيقاع طيف الربيع حاملا باقة / حروف اسمها ، مرددا أناشيد العشق الإنساني ، التي أشعرت ذات الحالة بتحول الهنا و الهناك إلى فضاء للحرية والحياة الكريمة والإحساس بالكينونة . بعد أن كان فضاء للنسيان : أصحو .... وطيفك يحمل باقة حروفي يهمس اسمي أغنية وجد في أروقة عمري وهذا ما يخول لنا تمثيل مسار الدلالة كالتالي : شَعر ( الناصية ) ......... زهر (الربيع ) ...... الحروف ( المبعثرة ) ........ ( باقة ) حروفي ، حالة الاستحالة .........حالة الاحتمال ............. حالة الإمكان ................الواقع. إنه مسار يجسد مغازلة الذات لهويتها على إيقاع تلك التمردات التي بدأت فردية هنا وهناك بوصفها نواة ستتبلور إلى ثورات اجتماعية مطالبة باستعادة الهوية (العربية الاسلامية )، تلك المحاولات التي نسجتها طيور الحرية في فضاء الربيع العربي الذي عطرت نداه تلك الدماء الزكية معلنة عن صبح جديد . إن الربيع ،كما نلاحظ ، قد لعب دورا حاسما في تشكيل نمو النص وتوزيع الأبعاد التصويرية على العوامل الفاعلة في مسار الخطاب ... فحالة الاستحالة تكمن في شعور ذات الحالة (العربية ) بمصيرها المؤلم الذي طمست هويته فأصبحت تعيش ذلك الوعي الشقي الذي أنساها نخوتها ، عروبتها مجدها ، كذات صانعة للتاريخ ، " نسيت اسمي ". غير أن لحظة الأمل تأتي من تلك المحاولات الفردية التي كانت تبزغ هنا وهناك تتكئ على جذور أصيلة ممتدة في التاريخ تحركها إيقاعات عشق الحرية " هناك (....) كنت تغزل من شعري ظلالا " لتنتقل إلى حالة الإمكان حيث تعدد المحاولات والانتفاضات هنا وهناك معلنة ميلاد عهد جديد ، تساهم في بنائه كل الشرائح الاجتماعية ، لأن مسار التاريخ يصنعه الهامش ، ( رغوة الزبد ) ، وكل محاولة تغيير يتزعمها المركز هي ، فقط ، محاولة للتهدئة والتنويم ، والأمل الذي يأتي ولا يأتي ، فالزبد الذي يكون خليطا من أبناء الشريحة المنبوذة يعد نواة تخلق التغيير الحقيقي مهما حاول المركز تدجينها ، أو تغيير مسارها . فصحوة الربيع العربي مصدرها الهامش لا المركز بل أنها تمرد على تعنت المركز . إنها الحرية / استعادة الكينونة تصنع أصولها الشريحة الاجتماعية في فضاء شعبي حر فتهتز الذات شوقا لمعانقة التاريخ يعطرها أريج الحرية ، على إيقاع الربيع ، حيث وعت الذات هويتها، وجودها ، تاريخها ماضيها ، الذي صنع المعجزات لا زال كالطائر الفينيق بل طيور الفينيق التي حلقت في سماء الربيع الذي جدد عمر الذات عبر إزهارِ أروقتها / أورقتها التي ذبلت عبر توالي تراكمات النسيان التي كادت تطمس هوية الذات لتوالي الإحباطات وهيمنة الإحساس بالدونية .....


قديم 12-21-2013, 02:08 PM
المشاركة 2
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
الاستاذ محمد مهيم

اسعدتني مشاركتك في هذه الدراسة رغم انني صراحة حاولت افهم ما ترمي له فوجدت صعوبة رغم تكرار القراءة وكأنها مكتوب بلغة اخرى غير العربية رغم ان حروفها عربية. واضح انك متأثر بالفكر الفلسفي الوجودي. وهذه الفقرة تشير الى مدى صعوب ما ترمي له:

" وهذا سيمنح حالة التحول إمكانية تأصيل الأحداث والتحولات التي ستطال " اسمها " بوصفه موضوعا للقيمة . أي ... اسم ذات للنسيان ليتحول إلى اسم / ذات للتذكر بعد تفعيل مسار الدلالة ، طبعا ، من طرف المخاطب الذي سيتكفل بإنجاز الفعل في المكان والزمن ، بوصفه مالكا للأبعاد الصيغية / القدرات ، التي ستعيد لذات الحالة موضوع القيمة المفقود ( تذكر الاسم واستعادته ) ، كما يبرز ذلك مسار نمو الدلالة ".

قديم 12-23-2013, 02:57 PM
المشاركة 3
محمد مهيم
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي
الأخ الكريم ... ايوب صابر ..
تحية طيبة ..... متأسف لما حصل ...
كان علي أن أستأذن الشاعرة في إرفاق الدراسة بالقصيدة ... لأن قراءة هذه الأخيرة أساسي ، قبل قراءة الدراسة ... كما أحيل الأخ الكريم ــ إن أمكن ــ على دراسة لي حول سيميولوجا الخطاب في تناول النصوص الإبداعية .... نشرتها جريدة الديار اللندنية بتاريخ 18 كانون 1 / ديسمبر 2013 قد تجد فيها ما يفسر بعض سوء التجاوب الذي حصل مع معطيات الدراسة ..
شكرا على المرور الطيب ... دمت في رعاية الله ..

قديم 12-23-2013, 04:01 PM
المشاركة 4
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
الاستاذ الكريم محمد مهيم

هو حتما قصور في انا وليس عيب في الدراسة...لكنني ساقرأ عن هذا المنهاج في الدراسة المدرجة ادناه ...ولعلك تدرج لنا القصيدة كاملة وسوف احاول ادراج دراستك المذكورة حتى نتوسع في التعرف على هذا المنهج.
===

المنهج السيميولوجى والنقد المعاصر
قراءة تطبيقية
أ‌. د أحمد صقر – كلية الآداب – جامعة الإسكندرية

تحدث سوسير عن السيميولوجيا وعرفها بقوله "هى العلم الذى يدرس حياة العلامات من داخل الحياة الاجتماعية أى أننا نلاحظ بداية "أن الاتجاه السيميولوجى يركز على مجموعة من العلامات التى يتضمنها الإبداع المسرحى، بعض هذه العلامات هى لسانية سمعية قولية تتمثل فى بعض الجمل والكلمات التى يضعها المؤلف على لسان الشخصيات وبعضها الآخر- أى العلامات- قد تكون غير لفظية أى علامات ندركها عندما نراها ونشاهدها على خشبة المسرح وتتضح فى الملابس والألوان والأمكنة وكلها تعد علامات تحمل باعتبارها دلالات ومدلولات متعددة والفيصل فى ذلك يعود إلى القاموس المرجعى لهذا المجتمع أو ذاك.

يعتمد الاتجاه السيميولوجى فى تحليله للنص على كون النص جزءا من النظام الكلى للعلامات، بمعنى أنه توجد علاقة بين مؤلف النص وقارئه، وأن النص عبارة عن شفرة ينشئها المؤلف ثم يقوم القارئ بحل هذه الشفرة ورمزها، مع العلم أنه يوجد قاموس لهذه الشفرات التى يستخدمها المؤلف ويسعى القارئ لحلها، هذا القاموس هو النظام الاجتماعى الذى ينشأ العلامات ويشكلها ويركبها فى أنساق تعبير لغوية أو فنية.
إن السيميولوجيا "لا تهتم بقضية الحقيقة والزيف أو بمطابقة العلامة المسرحية للواقع، وإنما تكمن القيمة السيميولوجية فى العلاقة القائمة بالدال والمدلول دون التجاوز، أى العلاقة بين الدال والمدلول، والشىء الذى تشير إليه العلامات.
تتضمن المسرحية مجموعة من الشخصيات والأحداث والمواقف والأفعال والأقوال، وهى تعد جميعها أنظمة صغيرة داخل نظام كبير تتمتع كل منها بعدد من الوظائف السميولوجية الدالة، فعلى سبيل المثال الشخصية المسرحية ليست مجرد ناطقة لحوار المؤلف الذى كلفها به ووضعه على لسانها، بل هى أيضاً علامة ورمز، مثلها مثل الملابس والألوان والأقوال والأمكنة، فهى دوال تشير إلى مدلولات ويتم اكتشافها عن طريق القارئ أو المخرج- فى حالة الإخراج- الذى يعد تركيب النص وتحميله بعدد من الشفرات ليفكها المشاهد بعد ذلك. "إن البحث السيميولوجى يهدف إلى معرفة كيفية عمل الأنظمة الدلالية غير اللسانية حسب المشروع البنيوى التى يتفي بناء نماذج الأشياء الملاحظة. إذن لابد فى هذا البحث من القبول بمبدأ محدد هو مبدأ المواءمة Pertinence الذى أقرته الألسنية".
مما سبق نتعرف على الإشكاليات المتعددة التى تطرحها السيميولوجيا باعتبارها منهجا أو نظرية تثير الكثير من النقاش والجدل- كما سيتضح- خاصة حول بعض المصطلحات، وهو ما يدفعنا إلى موافقة الرأى الذى يقول "إن نظرية سيميولوجيا المسرح لم يكتمل بعد وليس من شأننا أن نرسى قواعدها النظرية".
حقيقة أن المنهج السميولوجى له دور إيجابى فى مجال النقد الأدبى عامة والمسرحى خاصة، إذ "يساعد على حل مشكلة القيمة، أو إن شئت قفل إزاحتها من الطريق. فمازال النقد الأدبى يجد، عناء شديدا فى التخلص من المعايير الجمالية، ومعظم الناس لا يجدون معنى للنقد الأدبى إذ لم ينته إلى القول "بأن هذا النص جيد (أو جميل) وذلك ردئ (قبيح) أو أن هذا أجود أو أجمل من ذاك، أو أن هذا يستحق الدراسة وذاك لا يستحق" .
تعريف السيميولوجيا:
إننا بذلك نقترب من تعريف السيميولوجيا التى تسعى إلى دراسة الإبداع الإنسانى بشكل عام ومحاولة تحليل عناصره واستخلاص المعانى التى يريد صاحب الإبداع توصيلها عبر رسالته المسرحية- على سبيل المثال- فمثلا عندما يقدم المؤلف المسرحى مسرحيته فهو يود أن يطرح من خلالها مجموعة من المعانى والمفاهيم حول موضوع ما قد يكون المعنى اجتماعيا أو سياسيا أو أخلاقيا، وهو ما يؤكد كون المسرحية تتضمن مجموعة من العلامات، وكل علامة تشمل على دال ومدولول.
أما عن تعريف السيميولوجيا فقد تعددت التعريفات، إلا أنها تكاد تتفق فى كثير من النواحى وتختلف فى بعضها الآخر، فى هذا الصدد يعرف سوسير السيميولوجيا بقوله "يمكننا أن نتصور علما يدرس حياة الدلائل داخل الحياة الاجتماعية، علما سيكون فرعا من علم النفس الاجتماعى، وبالتالى فرعا من علم النفس العام، ونطلق على هذا العلم السيميولوجيا (من Semeion أى دليل)، وسيكون على هذا العلم أن يعرفنا وظيفة هذه الدلائل والقوانين التى تتحكم فيها إن سوسير عندما يعرف السيميولوجيا فهو يرى فيها علم يركز ويدرس العلامة التى تتفق فى المعنى حسبما أسماه المؤلف بالدليل، فهو يرى أن العلامة لها دال ومدلول، وعلى السيميولوجيا أن تتعرف على هذه العلامات داخل المجتمع، وبالتالى تتمكن عند تحليل نتاج مسرحى من التعرف على وظيفة مجموعة العلامات أو الدلائل التى تحرك هذه المسرحية أو تلك.
أما التعريف الثانى للسيميولوجيا يتمثل فى أن السيميولوجيا هى "العلم الذى يدرس مختلف الدلائل كيفما كانت العلاقة بين الدوال والمدلولات. وقد نهل الاتجاهان (سوسير وسيميولوجيا الإبلاغ وبارت وسيميولوجيا الدلالة) من اللسانيات البنيوية مع توظيف لمفاهيمها الأساسية التى خضعت مع بارت لنوع من التوسيع والتعديل كى تستوعب الظواهر الدالة فى اختلافها" وهنا يتسع هذا التعريف قليلا ليشمل كافة العلامات مع التأكيد على الوشائج بين السيميولوجيا واللسانيات البنيوية.
أما التعريف الثالث فيرى أن السيميولوجيا هى "العلم الذى يبحث فى أنظمة العلامات أيا كان مصدرها لغويا أو سننيا (Code ) أو مؤشريا" . إن هذا التعريف لا يحدد دراسة نوعا معينا من العلامات- إنما يرى أن السيميولوجيا كعلم يدرس كافة أنظمة العلامات غير اللسانية، على أن كثرة هذه التعريفات ستجعلنا نعرض- فيما بعد- لمشكلة مصطلحى السيميولوجيا والسيميوطيقا.
إن التعريف الرابع الذى يطرحه كتاب سيمياء براغ للمسرح يتلخص فى أن "السيمياء، كعلم ، تعنى بدراسة الظواهر الإشارية، من حيث طبيعتها، خواصها، وأنساقها، وأشكالها).
أن التعريف السابق يتفق مع تعريف سوسير للسيمياء(أو السيميولوجيا) عندما قال إنها علم يدرس حياة الإشارات، فى المجتمع وهو هنا يركز على دراسة الإشارات بشكل عام سواء فى المطلق أو فى حالة تواجدها فى الإبداع المسرحى- على سبيل المثال- فهو هنا يرى أن السيميولوجيا ذات علاقة وثيقة بالألسنية، غير أنه يتخطى ذلك فى تعريفها أن إبراز دورها كوسيط يستخدم لغة ما، وهذه اللغة إنما تحمل الكثير من المعانى التى تتبلور بمجرد ذكر اللفظة أو الإشارة، فمثلا عندما نقول كلمة "شمس" هى إشارة، والحروف (ش،م،ش) هى "الدال"، وما تثيره فى ذهن المتلقى هو "المدلول" أو فكرة الشمس، وليس الشمس الفعلية.
وهنا نتعرف على جانب فى تعريف العلامة- التى هى الأساس الذى يقوم عليه علم السميولوجيا- هو أن الكلمة فى العمل الأدبى والمسرحى عندما تستخدم تشير ليس فقط إلى واقعها الفعلى الطبيعى، بل تكتفى فقط تقديم صورة ذهنية عنه هى التى تساعد القارئ أو المشاهد- حسبما استقرت فى القاموس الاجتماعى- على احتساب حروف (ش م س) هى الشمس بما تحمل من معانى الدفء، وهو تعريف يقرب كثيراً بين تلك الثنائية التى سنتعرف عليها عند الحديث عن العلامة بما لها من علاقة ثنائية هى الدال والمدلول مساعد/معارض/مرسل/ مستقبل.
أما وليم رأى فيقدم تعريفا للسيميولوجيا يتضح فيه أن نظرية السيميولوجيا أعم من النظرية البنيوية، وذلك عندما يقول "زعم البنيويون" أو زملائهم أصحاب نظرية السيميولوجيا التى هى أعم من النظرية البنيوية، أن الأحداث والظواهر والأشياء ليس لها وظيفة إلا بقدر مالها من معنى، والأشياء التى لها معنى، إنما هى بطبيعتها ظواهر اجتماعية أفضل أسلوب لفهمها أسلوب البنى المشتركة التى عن طريقها يؤلف المعنى ذاته، إن جميع مفاهيم هذه البنى مشتركة سواء أسميت أعرافا أم شفرات أم قواعد أم قدرة لغوية تستند إلى فكرة دى سوسور فى اللغة".
إن التعريف السابق يركز على المعانى المتولدة من العلامات الموجودة فى عمل إبداعى ما، أى أن العلامات- أو كما ذكر الأشياء التى لها معنى- إنما هى بطبيعتها ظواهر اجتماعية، وهو بذلك يركز على العلامات المتولدة داخل بنية المجتمع، ولكيفية فهمها لابد من الاعتماد على أسلوب البنى سواء الصغرى أو الكبرى للعمل، وهنا نجد أن هذه التعريف يقترب فى مجمله من رأى الدكتور شكرى عياد الذى أعلن أن تعريف السيميولوجيا إنما يصلح لتعريف البنيوية، وذلك حين قال "إن فكرة الأدب فعل تستتبع" أن الأدب فعل رمزى له نظام "كما تتضمن" أن هذا النظام صورة عقلية مجردة، وليست السيميولوجيا، لم تأت فى حديثنا عرضا، بل أنها فرضت نفسها لأن الكلمتين فى الحقيقة مترادفتان، وإذا اعتبرنا الجملة السابقة تعريفا للسيميولوجيا، فإنها تصلح تعريفا للبنيوية أيضاً".
أما التعريف الخامس للسيميولوجيا فتقدمه د. منى صفوت فى مقدمة كتاب "مدخل إلى علم العلامات فى اللغة والمسرح عن السيميولوجيا "إذ تقول "إذ أردنا تعريفا عاما وبسيطا للسيميولوجيا فيمكننا الرجوع إلى "فوكوه Foucault الذى يذكر أنها مجموعة من المعارف والتقنيات التى تسمح بالتعرف على العلامات أينما وجدت، وما يجعل لكل منها علامة والعلاقة التى تربط فيما بينهما، وكذلك تسلسلها فى العمل المسرحى السيميولوجي لا تعنى فقط التعرف على المعنى باستخلاصه، فتلك مهمة علم التأويل والنقد الأدبى، وإنما تعنى أساس بسبل إنتاج هذا المعنى طوال السياق المسرحى الذى يمر من قراءة النص بوساطة المخرج ليصل إلى المتلقى والمفسر له" ، وبذلك يركز التعريف السابق على تحديد العلاقة فى النص، هذا إلى جانب تحديد الدال والمدلول للعلامة وصولا إلى بلورة معنى للنص المسرحى يصبح فيه المتلقى إيجابيا أى له الحق فى أن ينتج معانى جديدة للنص.
يقدم باتريس بافيس تعريفا آخر للسيميولوجيا يتمثل فى أنه- أى المنهج السيميولوجى- منهجا لتحليل النص/ العرض يركز على الترتيب الداخلى لهذه المنظومات الدلالية التى تصنع كل منها، وعلى أساس ديناميات عمليات المعنى، وتوحيد الشعور خلال مشاركة فنانى المسرح والجمهور".
إن التعريف السابق لا يختلف مع تعريف "فوكو" حيث يتفق الاثنان على ضرورة تحليل النص معتمدين على تحديد الدوال ومشاركة الجمهور فى عملية التلقى والتفسير، وهو رأى يتفق مع رأى سوسير الذى يركز على دراسة العلامات داخل الحياة الاجتماعية ودلالاتها، وهو ما يتفق مع رأى أمبرتو ايكو حين يحدد أن السيميولوجيا إنما هى "نظرية عامة للثقافة تعنى بتحليل ظواهر التواصل المبنى على أنظمة دلالية" أى أن أيكو يركز أيضا على التواصل الاجتماعى والثقافى معتمدا فى ذلك على أنظمة من العلاقة التى هى دال ومدلول فى نفس الوقت.
أما الدكتور صلاح فضل فقد أراد بداية أن يحدد المصطلح، وهو أمر يسهل طريقة التعامل مع هذا المصطلح، لأنه أدرك أن هذا العلم الجديد وكثرة مسمياته على الساحة العربية ما بين السيميولوجيا، السيميائية، علم العلامات، علم الإشارات، وقد حدد تعريف السميولوجيا فى أنها "العلم الذى يدرس الأنظمة الرمزية فى كل الإشارات الدالة وكيفية هذه الدلالة".
مما سبق يتضح لنا كثرة التعريفات الخاصة بالسيميولوجيا وتعددها، غير أنها جميعا تتفق على كون السيميولوجيا علما يهتم بدراسة العلامات المنبعثة فى العمل المبدع معتمدين فى ذلك على الإطار المرجعى المعرفى لهذا المجتمع أو ذاك، وبطبيعة الحال أفراده، محاولين تقليص مساحة الذاتية والوصول إلى قمة الموضوعية فى أحكامنا النقدية.
إن الدراسات النظرية التى كتبت فى أوروبا وأمريكا وأماكن أخرى من العالم، منها العالم العربى حول المنهج السيميولوجى أدت فى بعض الأحيان إلى حالة من الغموض والتداخل، ويرجع السبب فى ذلك إلى تداخل المعلومات بين المنهج السيميولوجى وتيار البنيوية واللسانية، وغيرها من التيارات النقدية والفلسفية التى تبلورت فى النصف الثانى من القرن العشرين، ومن ظهرت بعضها منذ بدايات القرن العشرين، إن المنهج السيميولوجى ذو صلة وثيقة بالبنيوية اللسانية، ذلك أن المنهج السيميولوجى يظهر فى إطار الحركة البنائية "فيزودها عندئذ بالأسس التى يمكن عن طريقها اعتبار العمل الأدبى محققا لنظام من الرموز الإشارية".
أى أننا لابد وأن نحدد بداية "إن المنهج السيميولوجى والبنيوية يتقاربان فى طريقة تعاملهما مع الإبداع الأدبى والمسرحى، فالبنيوية "ترتكز على أجزاء العمل التى تشكل كلا كاملا، أم السيميولوجيا فتتحرى الطريقة التى يخلق بها المعنى، ويتم توصيله عبر نظام من العلامات التى يمكن تشفيرها وحل شفرته".
وبذلك نستطيع القول إن السيميولوجيا انطلقت من جنبات البنوية خاصة، وأن البنيوية أفرزتها الشكلية الروسية التى أفرزت- بطبيعة الحال- تراثا كبيرا من الدراسات الأدبية واللغوية من خلال حلقة موسكو أو مدرسة براج، وقد ركزوا فى البداية على تعريف العلامات بدلا من محاولة تصنيفها داخل إطار العرض المسرحى، وتطور الأمر بعد ذلك على يد "رولان بارت" وآخرين حيث نجم عن تطور التحليل البنيوي وتأسيس السيميولوجيا أن ركز رواد البنيوية على ضرورة تحليل أبنية النص وشفراته للوصول إلى إمكانية تحديد سبل إنتاج المعنى هذا من ناحية.
ومن ناحية ثانية فإن التعرف على البنيوية وهدفها يجعلنا نقف قليلا أمام تقاربها فى المنهج كثيراً مع السيميولوجيا، ذك أن البنيوية "بوصفها محاولة ممنهجة للكشف عن الأبنية الفعلية الكلية العميقة، كما تتجلى فى أنظمة القرابة والأبنية الاجتماعية الأكبر، ناهيك عن الأدب والفلسفة والرياضيات والأنماط النفسية اللاواعية التى تحرك السلوك الإنسانى". ذلك أن اهتمام البنيوية بدراسة الدلالة والبنية الداخلية للإبداع أمر لا يختلف كثيرا مع السيميولوجيا التى تهتم بالكشف عن العلامات وكيفية تكونها، وعن القوانين التى تحكمها، كما أن "بارت" الذى يعد بنيويا وسيميولوجيا فى نفس الوقت كان قد قدم مثالا واضحا جزئيا فى هجومه على المعتقدات الثابته خصوصا فى مجال النقد الأدبى، لقد نظر إلى البنيوية- أصلا- بوصفها نشاطا، وتبناها منهجا فيما أنجزه من درس سيميولوجى، دون أن يحاول تبرير مبادئها النظرية.
إن تداخل المناهج النقدية المنبثقة عن البنيوية كالسيميولوجيا ووجود تداخل أيضا بين الألسنية والسيميولوجيا أمر طبيعى، إذا وضعنا فى الاعتبار أن كافة هذه المناهج قد انطلقت من أرض واحدة فكما نعلم، بأسبقية الشكلية الروسية على البنيوية إلا أن كثيراً من المتخصصين يستطيعون أن يحددوا الصلات القوية بينهما برغ عدم إطلاع المتخصصين البنيوين على آراء الشكيلين الروس إلا فى وقت متأخر هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فإن سوسير الذى "أسس نظرية الألسنية كان قد ألمح إلى أنها قد تجد مكانها ضمن نظرية أشمل هى العلامية (السيميولوجيا)" أى أن سوسير أدرك منذ بدايات بحثة من أجل الوصول إلى منهج أو أسلوب جديد فى التعامل مع اللغة أن الألسنية ستصبح فرعا من السيميولوجيا وهو ما يؤكده "رولان بارت" حين يتحدث عن السيميولوجيا والعلاقة بينها وبين اللسانية، ويرى أن السيميولوجيا "استمدت هذا العلم الذى يمكن أن نحدده رسميا بأنه علم الدلائل، واستمدت مفاهيمها الإجرائية من اللسانيات". وإن كان بارت يعود فيقول بعد ذلك إن اللسانية أصبحت شائعة لدرجة تجعلنا نطلق عليها السيميولوجيا.
إن نقاد السيميولوجيا استفادوا كثيرا من اللسانيات، خاصة فيما يتعلق بكيفية التعامل مع الأدب المسرحى، إذ أن هذا الأدب ليس جملا وعبارات لغوية وحسب، بل يضاف إلى ذلك الإشارات والعلامات، فكل عبارة تعد علامة صغرى ضمن العلامة الكبرى، أى النص المسرحى هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فإن معانى الكلمات تختلف باختلاف أمكنة توظيفيها، فمثلا يتحدد معنى الجملة داخل العمل الفنى ليعطى معانى تكمل المعنى الإجمالى للنص، على حين يختلف معنى هذه الجملة إذ وظف فى إبداع آخر.
إن رولان بارت بذلك اقترب مما دعا إليه البنائيون أى البحث عن إمكانات العمل البنائية فى إعطاء القارئ معانى متعددة يستطيع بها أن يصبح شريكا إيجابيا فى العملية الإبداعية، وعليه يصبح على القارئ أن يحاول فهم دلالات النص والدوال المنبعثة منه فى محاولة للاستفادة من حصيلته الحياتية وأطره المرجعية التى تتحقق وتتولد منها المعانى حسبما يرد ذلك من خلال الدوال.
تقول إديث كريزويل "استغرق بارت زمنا أطول مما توقع ليفرغ من كتابه "مبادئ السيميولوجيا" Elements de semiologie (1968)، هذا الكتاب الذى أراد أن يؤسس به سيميولوجيا النقد الأدبى، لقد قصد إلى أن يصوغ تصورا شاملا للتجربة اللغوية. اللغة فى مقابل الكلام، وذلك بتفسير كل علامة ترتبط باللغة المنطوقة والمكتوبة" أى أن السيميولوجيا والبنائية تتفقان فى منهجهما المعتمد على النظريات الرياضية، وهو ما أكده د.جابر عصفور فيما يتعلق بالبنائية- التى تتفق مع السيميولوجيا- بقوله "أن البنائية فى حركتها المتطورة حريصة على ربط العمل الأدبى بحركة التطور فى الحياة، إنها تكشف عن نظام العمل الأدبى من خلال لغته، وليس من خلال أى منهج آخر، إنها تؤكد بقاء النظام وتغيره فى آن واحد .
وعليه وبعد أن أوضحنا العلاقات المتداخلة بين السيميولوجيا والبنيوية واللسانية أرى من الضرورى أن أعرض الخلاف بين مصطلحى السيميولوجى والسيميوطيقا" قبل أن نتعرض لتعريف العلامة وأنواعها. ذلك أن الدراسات الأدبية والنقدية التى تعرضت للسيميولوجيا أفردت- فى بعض الأحيان- تعريفين أحدهما للسيميولوجيا والآخر للسيميوطيقا، هذا إلى جانب استخدام مترجمى دول المغرب العربى وبلاد الشام لمصطلح السيماء فى حديثهم عن علم الدلالة أو السيميولوجيا. بداية "أن السيميولوجيا لا تختلف عن السيميوطيقا، بل يتفق المصطلحان فى مجالهما وطرق استخدامها، ذلك أن الاثنتين تسعيان إلى دراسة الأدب واللغة بشكل عام، غير أن السيميولوجيا- وكما يستخدمها سوسير- التى تتمثل فى بنية العلامة "لا تحتوى إلا على عنصرين فقط" هما الدال والمدلول، أما بيرس فلا يغير من محتوى هذين المصطلحين، وإنما يغير فقط من لفظتيهما، فيبدل الدال السوسيرية إلى الموضوعية ويبدل المدلول إلى المفسرة، ويضاف إلى بنية العلامة عنصرا ثالثا هو الركيزة التى يعتبرها بيرس عامل الربط بين كل من الدال والمدلول". مما سبق نستطيع القول إن العلامة باقية عند الاثنين، ولكن الاختلاف يأتى فى الدال الذى يقابله الصورة السمعية (الموضوعية)، والمدلول الذى يقابله المفهوم (المفسرة) هذا من ناحية.
ومن ناحية ثانية فإن المصطلحين يدل كل منهما على ما يدل عليه الآخر، لقد اختص الأوروبيون باستعمال المصطلح الأول، وفضل الأمريكيون استعمال المصطلح الثانى، بينما حسم هذا الخلاف كثيرا بعد أن اتفق على إطلاق مصطلح "نظرية العلامات" مصطلحاً أعم وأشمل".
أعلام السيميولوجيا:
أما عن أعلام السيميولوجيا فهم كثيرون، غير أن بعض الدارسين يفضل أن يقسمهم فى بعض الأحيان إلى مجموعتين الأولى تنتمى إلى "التيار السردى ويأتى بين هذه المجموعة رولان بارت، وجيرار جينيت، وتودوروف، والتيار الآخر هو السردية السيميائية ويعنى بالدلالات ويتجاوز المستوى اللسانى المباشر إلى البنى العميقة التى تتحكم فى النص ويمثله فلاديمير، وكلوبريمون، جريماس".
أى أن التقسيم السابق يعتمد على تقسيم منهجى يشمل من يركز على الخطاب السردى فى مستواه البنيوى، والآخر يركز على البنيات التى تتحكم فى النص بشكل عام، أما الدكتور صلاح فضل فقد تحدث عن تاريخ السيميولوجيا محددا أهم أعلامها بقوله "إن السيمولوجيا تاريخا طويلا نسبيا، إذ بدأت كعلم فى القرن الماضى على يد "بيرس" الذى أخذ يدرس الرموز ودلالاتها وعلاقاتها فى جميع الأشياء والموضوعات الطبيعية والإنسانية، ولكن "سوسير" هو الذى بشر بمولدها فى أوائل هذا القرن وحدد موضوعات لكل علامة دالة، وجعل اللغة جزءا من هذه العلامات الدالة".
إن الرأى السابق الذى يجعل من بيرس مؤسس السيميولوجيا رأى صحيح، إلا أنه يقصر الأمر عليه ذلك أن سوسير يعد من مؤسسى السيميولوجيا، وقد حسم هذا الموضوع كير إبلام فى دراسته "سيمياء المسرح والدراما" محددا الكثير من رواد أعلام السيميولوجيا، فقد أشار إلى بيرس وسوسير وأيكو، أيضا أشار إلى بارت وتقريره الموجز عن السيميولوجيا وفقا للتقليد السوسيرى، هذا إلى جانب كريستيفيا ودراستها عن الممارسات الدالة، كذلك تحدث إيلام عن جيرو فى عرضه المبسط عن الكودة فى شتى أنواعها، أما جريماس وكورتاس فى قاموسهما فقد وضعا مفاهيم المفاتيح السيميائية، كما أشار إلى الأمريكى سيبيوك وانتقل بعدها للحديث عن أعلام اللسانية السيميولوجيا سواء هيلمسيف، بنغينست، جريماس، وجاكوبسون، كوللر هيوكس، كذلك عرض للسيميولوجيا السوفيتية عند لوتمن واوسبانسكى وسيجر، وكورتى. اختتم حديثه بلايونز ليتش، دافيد سون، وهارمون، وأخيرا كمبسون".
وبرغم اختلاف أعلام المنهج السيميولوجى وتعددهم، إلا أنهم جميعاً قد ساروا فى ركبين من ركاب الحركة السيميولوجية، إذا سار بعضهم فى ركب "سوسير" حيث اعتبر اللغة نظاما من نظم المعلومات صورت فيه العلاقة اللغوية بدورها على أساس ثنائى دال ومدلول، وهما علامتان لغويتان اعتباطيتان، وهو ما يجعل للغة بذلك نظامها الخاص المتغير. أما الركب الثانى فيمثله "بيرس" الذى صنف العلامة إلى ثلاثية ما بين أيقونه، ومؤشر، ورمز.
قدم مارتن أسلن فى دراسته المعنونة بعنوان "مجال الدراما" عن موضوع كيف تخلق العلامات الدرامية المعنى على المسرح والشاشة دراسة مركزة عن العلامة المسرحية كيف تخلق العلامة، مركزا على العلامة بأنواعها المختلفة، منها ما أنصب على النص الدرامى، ومنها ما ركز على كل ما تحتضنه خشبة المسرح من علامات بدءا بالاطار الذى يحتوى كل العلامات والمتمثل فى الفراغ المسرحى، وكيفية شغله بمجموعة من العلامات انتهاء بالجمهور المستقبل والمفسر لهذه العلامات بما تحمل من شفرات ورموز يحاول أن يحل ويفك شفرتها.
العلامة:
يعرف بريتو العلامة بقوله "إن الدال مع المدلول المرافق له، يشكلان معاً ما يسمى بالعلامة، ولكى لا يكون هناك التباس، فإنهما يسميان معنما Seme" ومعنى ذلك أنهما وجهان لهذا المعنى الذى هو عبارة عن كيان ذى وجهين إلا أن العلامة بشقيها (الدال والمدلول) لا يكتمل معناها ذلك أنه إلى جانب هذين العنصرين يوجد عنصر الإطار المرجعى، وهو إطار التفسير الذى يتم من خلاله حل شفرات العلامات وتفسيرها ليتكون لدينا المعنى المطروح من قبل المؤلف أو المخرج، وبهذه العناصر الثلاثة تبقى العلامة ناقصة، إذ لابد من تواجد العنصر الرابع أى المشار إليهReferent وقد لخصت د. نهاد صليحة تعريفها للعلامة بقولها "علينا فى تعريفنا للعلامة ألا تقتصر على عنصرى (الدال والمدلول) عند (سوسير أو (الرمز والفكرة والمشار إليه) عند أوجدين وريتشاردز أو المصورة (الدال) والمفسرة (المدلول) والموضوع (المشار إليه) عند يبرس" أى أن بيرس اقترح طريقة لتطويع المنهج السيميولوجى حين التطبيق على العمل المسرحى وتمثل فى تحديده لوظائف العلامات فى المسرح بثلاث وظائف، إذ ميز بين ثلاثة أنواع أساسية من العلامة فهناك العلامة "الأيقونيةIconic ، حيث تشبه العلامة ما تمثله على نحو ما (صورة فوتوغرافية لشخص ما، على سبيل المثال) والعلامة المؤشراتيةIndexical حيث ترتبط العلامة، على نحو ما، بما تشير إليه (الدخان مع النار، والبثور مع الحصبة)، والعلامة الرمزيةSymbolic ، حيث تكون العلامة، مثلما لدى سوسير، مرتبطة بمرجعيتها تعسفياً أو بطريقة متعارف عليها".


مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: أريج الهوية
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
المسجد الأقصى المبارك الهوية والعقيدة هند طاهر منبر مختارات من الشتات. 1 09-01-2018 02:30 PM
الفلسطينية سامية العطعوط: فقدان الهوية يدفعني لتغييب الأمكنة من رواياتي ايوب صابر منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 0 07-03-2014 03:43 AM
الهوية - حسَن حنفي د. عبد الفتاح أفكوح منبر رواق الكُتب. 0 06-20-2014 09:43 PM
مجهول الهوية!!!! عبدالله آل عيسى منبر القصص والروايات والمسرح . 2 05-24-2011 08:58 PM

الساعة الآن 08:52 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.