احصائيات

الردود
1

المشاهدات
2062
 
طارق الأحمدي
أديــب وقاص تونسي

طارق الأحمدي is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
853

+التقييم
0.14

تاريخ التسجيل
Apr 2007

الاقامة

رقم العضوية
3325
04-19-2012, 10:14 PM
المشاركة 1
04-19-2012, 10:14 PM
المشاركة 1
افتراضي وغرقـــت العـــروس
المشاركة رقم 3 : وغرقت العروس






بخطوات سريعة يسير العامل الآسيوي حاملاً بإحدى يديه المبخرة والأخرى ترتجف حذر سقوط دلة القهوة والفنجان الذهبي منها*

يصل باب مكتب المدير *ويدفعه بقدمه ليدخل يضع المبخرة جانباً والدلة وفنجانها بجانب الهاتف الثابت ويبدأ بمسح الكرسي الأسود الدائري ذو الجلد الأسود الفخم ويركض نحو الستائر الزرقاء ليفتحهها فينفذُ من خلف الزجاج خيوط شعاع الشمس الذهبية*

كل شي على مايرام لاستضافة سي السيد الذي يدخل المكتب متذمراً عابساً ويطلب حضور سكرتيره حالاً بل فوراً*

دخل الموظف على رئيسه مسؤول الأمانة بالبلدية ....

-صباح الخير أستاذ*
-صباح الخير
- بعجلة أخبرني ما جدولنا لهذا اليوم ؟*
-وصلنا للتو المبلغ الذي خصص من ميزانية الدولة لهذا العام , لتصريف المياة بأحياء المدينة .

يسترخي الأستاذ من فصول تشنجه العصبي وبإبتسامة لطيفة يسأل :*

-وهل أعددتهم دراسة عن تلك الأحياء؟
-نعم الدراسة جاهزة.
-وماهي الأحياء المدرجة على القائمة لهذا العام ؟
-حي .. البؤساء .. يا استاذ !
-ماذا قلت؟ البؤساء .. لا.. أشطب هذا الحي.. فهو حي عشوائي ولا تسكنه الا القطط اليائسة.. وأناس ليس لحياتهم قيمة. وما الحي الذي يليه ؟
-حي .. البسطاء ..
-نعم .. اترك البسطاء واشطبهم من القائمة ! لأنه كسابقيه حي عشوائي ! لاتسكنه إلا الكلاب المشردة ! وأناس ليس لحياتهم قيمة !وما الحي الذي بعده ؟
-حي .. الضعفاء ..
- ما هذا ؟؟ لا لا لا ! هذا الحي بالذات حي لا تسكنه الا الأرواح الشريرة !وأناس كذلك ليس لحياتهم أية قيمة !قل ما بعده من الأحياء ؟
-كان هذا الحي أخر الأحياء المسجلة بالقائمة !
-ومالحل ؟ الا يوجد حي يمكن لنا خدمته ؟ ويظهرنا بالصورة اللائقة أمام الإعلام المتطفل أولاً، وأمام المواطنين ذو القيمة ثانياً.
- إلى الآن لم نعد شيئا بعد.. ولا نعلم عن تلك الأحياء.
-ولكني أنا أعلم من هم الأحق بتلك المبالغ. وماهي الأحياء التي بحاجة ماسة لصرفها والتأمين على حياتهم.
- وماهي تلك الأحياء يا استاذ ؟
-سجل عندك ...
الحي الأول / الحي الذي يقطنه وجهاء المدينة ورجال أعمالها وأصحاب الطبقة المخملية بالمجتمع ! أليسوا أناس حياتهم غايةً بالأهمية ؟
الحي الثاني / الحي الذي يسكنه والدي ووالدتي وأقاربي وأصدقائي ! أليس الأقربون أولى بالمعروف؟
أما الحي الثالث / فهو الحي الذي أسكنه وأسرتي .. ألسنا نعيش لخدمة المجتمع ولحياتنا قيمة عظيمة ؟
-وما الحي الذي يليه يا أستاذ ؟
-مابقي من الأحياء ليس على أهمية كبيرة ! لذلك مابقي من الأموال سنقسمه على مستحقيه كالآتي .. 90% يدخل بحسابي ليساعدني أنا العبد الفقير لأقوم بواجباتي على أكمل وجه، و9 % لحسابك أيها الموظف الحريص على طاعة وتنفيذ رئيسك وأنت مستودع أسراره. أما 1% فاتركه صدقة ليفرح بها أصحاب تلك الأحياء العشوائية. سنضيف لهم بعض الأمور البسيطة والتافهة. فالدولة ما زالت تحسبهم من تعدادها السكاني.


وما زال سكان تلك الأحياء يدفعون ثمن عشوائيتهم.

ومن بينهم كانت أسرة ألحان الطفلة ذات 13 عاما , التي استيقظت بصباح ذات يوم ولو عاد بها الزمن لما تمنت أن تستيقظ.
في ذلك الصباح الباكر توجهت إلى التلفاز لتشاهد فيلم كرتوني ولكنها توقفت قليلا عند نشرة الأحوال الجوية ومقدمها الذي كان يقول (( ومن المتوقع هطول أمطار موسمية متوسطة على أجزاء من محافظة جدة نتمنى للمواطنين والمقيمين بجده قضاء قضاء أوقات جميلة وممتعة)).

سعدت ألحان بما سمعت وجلست تنادي أمــــي يزيــــــــــــــد عــــــــادل تعالوا بسرعة.
تجمع الجميع برهبة من صراخ ألحان .
الأب : ماذا جرى يا ألحان ؟
- : أبي الجو جميل بالخارج وممطر أرجوك دعنا نخرج للتنزه ؟
الأم : ولكن لم يبقى على العيد سوى يومين ، وليس لدينا الوقت الكافي. سنؤجل موعد الرحلة إلى أن يحين موعد عيد الأضحى المبارك*
ألحان : ولكن الأجواء اليوم جميلة .
انصاع الأب لتوسلات ابنته .. وقبل برحلة قصيرة , وطلب من الجميع الاستعداد ....
عادت ألحان لتلح من جديد وتطلب والدها .
- أبي اتصل بعمي صالح ليخرج معنا وعائلته ..ارجوك أبي .. أريد سارة بنت عمي معنا ...
وافق كذلك الأب على طلبها وأخذ هاتفه النقال ..
- ألو .. صباح الخير يا صالح .
-أهلا .. صباح النور .
-كيف حالك وأسرتك ؟
-بخير ولله الحمد .. كيف حالكم أنتم ؟
-بخير ولله الحمد ... قررت أنا وأسرتي بالخروج هذا الصباح لنزهة قصيرة بهذا الأجواء الجميلة , ونود حضوركم معنا , فما رأيك ؟
-فكرة جميلة , وسنكون معكم , ولكن متى ستخرجون من المنزل ؟
-بعد ساعة من الآن وسنكون مسرورون بحضوركم ...
-سنستعد ونلتقي بكم بعد ساعة من الآن ....
-إلى اللقاء .
-إلى اللقاء .
استعدت الأسرتين للخروج والتقيتا قبل توجهما لخارج المدينة لقضاء بعض الوقت وبعد وصولهما للمكان , استمتع الجميع بالأجواء الجميلة , والهواء النقي , والأمطار الخفيفة , وفي تلك الأثناء ازدادت الغيوم والأمطار فقررت أسرة ألحان العودة للمنزل , ولكن ألحان رفضت العودة مع عائلتها وقررت البقاء مع عمها وعائلته ,,.
عادت أسرة ألحان متجهة لمنزلهم وبقيت ألحان مع عمها , ازدادت حالة الطقس سوءا , فقرروا كذلك العودة للمنزل , وفي الطريق شاهدوا أن الأحوال تزداد تأزما وتحدث ما لم يكن بالحسبان.. الفيضانات والسيول تخفي معالم المدينة وتطمسها بالكامل . لم يعد يظهر منها شيء. سيارات تتأرجح يمنة ويسرة وتنجرف نحو المجهول . أناس علقوا بمركباتهم وآخريين في منازلهم محتجزين. جميع الأشياء اختلطت فلم يبقى منها إلا بقايا مدينة كانت هناك .

سارع العم صالح بالاتصال بشقيقه ولكن دون جدوى فالخطوط جميعها مغلقة .. عاود الاتصال ولكن دون فائدة .. حاول الاتصال بالدفاع المدني ولكن أرقامه مشغولة.
حاول دخول المدينة وكسر حاجز الهلع والخوف لدى ألحان التي أعياها البكاء والصراخ وهي تقول*
-عمي أين أبي ؟وأمي أين هي ؟أين المدرسة ..أين شارعنا وجيراننا ؟
كان العم وأسرته يحاولون تهدئتها ولكن لم تستجب لهم ....
-عمي خذني لبيتنا.. هذا ليس حينا الذي نسكنه.. لا نحن لا نسكن هنا..
العم : الحمد لله لقد وجدت خط للاتصال بالدفاع المدني .. ألو .. السلام عليكم ..
-عليكم السلام ..
-أود الابلاغ عن غرق منزل أخي , ولا نعلم إن كان وأسرته بداخله أم لا ؟
-حسنا .. ما اسمه ؟ وكم عدد أفراد عائلته ؟
اسمه خالد , وأسرته مكونة من ثلاثة زوجته وابنائه اثنين ..
-تم البلاغ ... سنتصل بكم عند ورود أي جديد .
-شكرا لكم .

وبعد ست ساعات من الترقب والانتظار , من الحسرة والحيرة , من الأمل والألم , تلقى العم اتصالا من الدفاع المدني.. واستبشر خيرا قبل أن يجيب ....
-ألو ... هل وجدتم أخي ؟
-نعم وجد أخاك , جثة هامدة , وما زال البحث جاريا عن بقية أسرته .. عظم الله أجركم .

خيم الحزن على منزل صالح وأسرته ولكنهم أخفوا الخبر عن ألحان آملين نجاة باقي الأسرة , وكانوا يحاولون إقناعها بعودة أهلها , في تلك الأثناء تلقى صالح اتصالا آخرا من الدفاع المدني.
- ألو .
-وجدت زوجة شقيقك وأحد أبنائها وقد فارقا الحياة.. وما زال البحث جاريا عن بقية المفقودين .. عظم الله أجركم .

- مازال البحث جاري.
-مازال البحث جاري.
-مازال البحث جاري.


هكذا يدفع الأبرياء أرواحهم ثمنا عندما يباع الضمير..
هكذا يقتل الأبرياء عندما تضيع المبادئ..
هكذا غرقت العروس بالعيد.. وما يزال البحث عنها جاريا..



قديم 11-19-2012, 03:36 PM
المشاركة 2
علي مدحت علي زيدان
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي
الله قصة فوق الرائعة تتحدث عن ظلم فاجر في كل مكان جزاه الله كل خير الذي ألفها و كتبها و شكرا لمجهود أستاذ طارق.
وتقبلوا مروري.
وشكرا.

( اللهم اعنا على اسرائيل ; ووحد كلمة المسلمين )

( وزود العلماء ورجال الدين ; وحرر فلسطين)

مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:01 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.