قديم 10-17-2014, 02:56 PM
المشاركة 1221
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
تابع .....والان مع العناصر التي صنعت الروعة في رواية رقم 64- بعد الغروب محمد عبد الحليم عبد الله مصر


- محمد عبد الحليم عبد الله واحد من أندر الأدباء الذين تشعر بالأمان والرقي وأنت تقرأ لهم.

- عرفته حالما متساميا مترفعا شاعرا لم يكتب بيت شعر واحد فيما أعلم

- وهو إلى جانب هذا عف اللسان ومحلل نفسي كأحسن ما يكون وناقد أدبي وقاريء نهم ومصري حتى النخاع.

- في كتابه "الوجه الآخر" أبدأ لك بأول فصل بعنوان:"أنا" حيث يشرح فيه عبد الله كيف أنه كثيرا ما حاول جاهداً أن يستبطن حقيقة ذاته ويغوص في أعماقها يريد أن يقف على عيوب نفسه وذاك وإن كان يبعث على الأسى لكن الأسى كما يقول خير من الغرور. والذي يريد أن يعرف نفسه كمن يلاعب نفسه الشطرنج فلن يرضى غالباً ولا مغلوباً.

- يرى في كل الناس مزايا ولذا فهو يحب كل الناس. يذوب عبد الله رقة فيقول إن أكثر ما يستوقفه في هذه الحياة ويثير في نفسه الإحساس بالجمال بعد الإنسان هو الشجرة التي يبعث شموخها وثباتها في مكانها بجذورها حالة لا مثيل لها من السكون والطمأنينة التي نحتاجها بشدة.

- يقول إن الطعام القليل والفكر الكثير هو أعظم متعة في الدنيا ويؤكد قيمة الأدب ويصفه بأنه منجم ماس.

- أنتقل بك لما كتبه يوسف الشاروني واصفاً عبد الله حيث يقول إن عبد الله اختار وجها ماسيا في الأدب وهو الجانب القصصي متنقلا بين الرواية حينا والقصة القصيرة حيناً.

-ومن روايات عبد الله يؤكد الشاروني أن عبد الله رجل يحترم العلاقات العائلية والرحم ويقدسها وهو دائم العرفان بالفضل لأمه التي ورثته رهافة الحس وحب الدين وكانت تستحث رغبته نحو التعليم والقراءة ويذكر عبد الله جيدا كيف كانت تصر على أن يرتدي الطربوش لأنه كان رمزا للأفندية المتعلمين، وكيف أنها كانت أما جميلة طيبة حنونا رقيقة شديدة الإيحاء ذكية ألهمته الحب والخوف والعبادة طاهرة في كل شيء تنتقي أجمل الثياب لها وله ولأبيه وكل أسرته.

- يبلغ الوفاء بعبد الله أن يعترف بفضل عم محمد الجندي عليه وهو فراش المجمع اللغوي حيث كان يعمل عبد الله.

- يحكي عبد الله بتأثر إعجابه بتولستوي - وهو نفس الإعجاب الذي نراه عند محمود تيمور - وكيف أن الأخير قد أنشأ في ضيعته مدرسة على حسابه الخاص لتعليم أطفال الفقراء من الفلاحين وكان يعلمهم ويطعمهم بنفسه بينما كان الناس والمعلمون أنفسهم يسخرون من أريحيته وكرمه وهذا ما جسدته شخصية صلاح النجومي بطل رواية عبد الله "للزمن بقية" الذي فعل مثل ما فعل تولستوي وتلقى نفس ردة الفعل من الناس.

- ينحاز عبد الله إلى الرواية على حساب القصة القصيرة لكن المهم يا قارئي هو أنه يؤكد على ما أطلق عليه اسم "الخواص" التي يعتمد عليها كاتب القصة القصيرة وهي اللمسة الإنسانية ذات المغزى الاجتماعي الصامت، والأقصوصة التي تبنى على هذه الخاصة تتطلب كما يقول عبد الله مزاجا شاعرياً وقلباً يحس آهة الحَزَانى.

- يقول عبد الله:" إننا نصنع من الورق والطين والقش أشياء جميلة فلماذا إذن نصنع من لغتنا أشياء تافهة أو قبيحة. ويضيف عبد الله:" لكي تكون أعمالنا صادقة ينبغي أن نكون صادقين مع ذاتنا أولاً قبل أن نكون صادقين مع غيرنا."

- يفرق عبد الله في الحب بين الحب العفيف والحب الجنسي وهو أكثر ما أعجبني في عبد الله أنه لا يبتذل في أعماله أبدا

- ويؤكد على قيمة التسامح التي يمكن أن تنتشر من خلال أدب عف يقوم على التسامي والترفع عن الفحش والابتذال.

- يتخذ عبد الله تولستوي مثالا فيقول كم حصل تولستوي الروائي الكبير من الحب الجنسي مثلا؟ ويجيب: صفر لأنه كان دميما حتى كانت الخادمات تأنف منه في شبابه وزوجته كانت كارهة له لكن يركز عبد الله على أن تولستوي كان مملوءا بعبير الحب الاجتماعي والتحنن على الفقراء والضعفاء من الفلاحين حوله. لقد رثى تولستوي للمخطئة وجعل الناس يعطفون على ضعفها في "أنّا كارنينا"....وعذب الذي سلب الفقيرة شرفها...عذبه بضميره وتوبته ثم بإعراضها هي عنه، عن ذلك الغني الذي جاء يطلب عفوها في قصة "البعث".

- يقول عبد الله:"أنا شخصيا أحس أن الكلمات المفردة لها ملامح، وألوان وطول وعرض، وظل مثل ظل الروح على وجه الإنسان.

- وإخال كل أديب يحس نفس الإحساس."

-لقد قال عبد الله ذلك لأنه عاش عشرين عاما وسط المفردات العربية في المجمع اللغوي حيث كان يعمل وهو هنا يؤكد على قيمة الكلمة وخطورتها والفرق الشاسع بين الكلمة والأخرى ولو كانتا مترادفتين وأبرز دليل على ذلك هو الفرق بين المترجم والكاتب.

- بقي أن أختم بقولي إن نجيب محفوظ - وهو هو في الرواية العربية - قد شهد بأن عبد الحليم عبد الله أفضل منه موهبة وأدباً ولغة

- وقد كان عبد الله أول من فاز في مسابقة القصة التي نظمها يوسف السباعي وتفوق على محفوظ الذي اشترك في فيها هو أيضاً

- عبر بصدق عن مجتمعه وأخرج لنا أدبا اجتماعيا هادفا هو أشد ما نحتاجه اليوم من أنواع الأدب.


من مقال بقلم : محمود الفقى

قديم 10-18-2014, 06:12 PM
المشاركة 1222
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
تابع .....والان مع العناصر التي صنعت الروعة في رواية رقم 64- بعد الغروب محمد عبد الحليم عبد الله مصر

- قيل عنه "تحول العديد من أعماله الروائية إلى أفلام سينمائية ومسلسلات تلفزيونية

- بسبب ما تتميز به من ثراء وتشابك في الأحداث

- وتنوع وتغير في الشخصيات

- وعناية مركزة بتصوير البيئة

- إضافة إلى جمال أسلوبه

- وصياغاته اللغوية

- وسيطرة نزعة الألم والكآبة والدموع العاطفية على أبطال قصصه الغرامية وخاصة في مشاهد الموت ومواقف الفراق،

- ولعل هذه السمات هي ما ميزته عن معظم الروائيين الواقعيين من جيله.‏

قديم 10-18-2014, 06:26 PM
المشاركة 1223
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
والان مع العناصر التي صنعت الروعة في الرواية رقم65- قلوب علي الاسلاك عبد السلام العجيلي سوريا

- تدور الرواية عن الحب، الشاغل الأكبر للكبار والصغار..

- بطل الرواية يتحدث عن علاقته بأربع نساء عرفهن في دمشق.. واحدة قادته للحب على طريقتها، والثانية قدمت له قلبها في تفتحه الأول فهرب منها، والثالثة كانت شخصيتها أقوى منه وحاول أن يستهويها لكنها فضلت عمه الثري عليه! والرابعة أحبها ولم يجرؤ على البوح بحبه لها..

- ورواية عبد السلام العجيلي هذه ليست مجرد غراميات شاب فقط وإنما هي أيضاً قصة سنين مضطربة عصفت بالبلاد في مهب تيارات اجتماعية وسياسية فاصلة.

- وغني عن القول أن الروائي الطبيب يمتاز بأسلوب جميل سهل وأجاد التحليق به في هذه الرواية التي احتلت مكاناً مرموقاً في عالم الأدب.

*

قديم 10-19-2014, 12:48 PM
المشاركة 1224
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
والان مع العناصر التي صنعت الروعة في الرواية رقم65- قلوب علي الاسلاك عبد السلام العجيلي سوريا

- كتب عبد السلام العجيلي القصة والرواية والشعر والمقالة.

- بلغ عدد أعماله أربعة وأربعين كتاباً حتى 2005 من أهمها الليالي والنجوم (شعر 1951)، باسمة بين الدموع (رواية 1958)، الحب والنفس (قصص 1959)، فارس مدينة القنطرة (قصص 1971)، أزاهير تشرين المدماة (قصص 1974)، في كل واد عصا (مقالات 1984). أحاديث الطبيب (قصص 1997)، ومجهولة على الطريق (قصص 1997).

- تعتبر كتابات الكاتب الكبير العجيلي في المجال الادبي من ضمن أغنى وأهم الروايات الأدبية العربية في تاريخ الأدب العربي وقد ترجمت معظم أعماله إلى اللغات الإنكليزية والفرنسية والإيطالية والأسبانية والروسية، وتدرس العديد من أعماله في الجامعات والمدارس ويعد مرجع من مراجع الادب العربي.

- يصف العجيلي طبيعة نشأته في الرقة بطريقة لا يمكن أن تختصر أو تحاكى ولا تحتاج إلى تفسير أو تعليق ولا يجوز إلا أن تـُقرأ بالحرف الواحد:
" ولدتُ في الرقة. بلدة صغيرة، أو قرية كبيرة على شاطئ الفرات بين حلب ودير الزور. من الناحية الاقتصادية كان أغلب أهل الرقة، وأسرة العجيلي منهم، يعيشون حياة نصف حضرية بأنهم كانوا في الشتاء يقيمون في البلدة فإذا جاء الربيع خرجوا إلى البادية يرعون فيها أغنامهم ويتنقلون بين مراعي الكلأ حتى أوائل الخريف. وقد عشت هذه الحياة في صباي فأثّرت فيّ كثيراً وقبستُ منها كثيراً في ما كتبت…لم يكن في الرقة في تلك الأيام سجلات ثابتة للمواليد. ويبدو أني ولدت في أواخر تموز في سنة 1918 أو 1919 . وأنا أصرّ دوماً على التاريخ الأول رغم أن الأغلب هو صحّة التاريخ الثاني

- التزم عبدالسلام بالرقة، على الرغم من تعدد وجوه حياته وإغواءات المدينة والسلطة و تجوال العالم، وظلت عيادته مفتوحة في الرقة وظل مرضاه دائماً ينتظرونه إلى أن يؤوب من مهمة جديدة، أو رحلة عتيدة، أو انقلاب في العاصمة دمشق ( وما أكثر ما كانت الانقلابات متتابعة في الخمسينات والستينات)

- ولم يستطع الزواج من بنت المدينة أن يجرّه نهائياً إلى وجاهة العيش في العاصمة والتمتع بإغواءات السلطة، على الرغم من اعترافه بأن الزواج كان أهم حدث في حياته، وكلماته بهذا الشأن واضحة تماماً:
" يبدو لي أن أهم حدث في حياتي هو زواجي. فقد غيّر من سلوكي في كثير من نواحي الحياة وساقني في مناهج ما كنت أنتهجها لولاه، سواء في مسلكي اليومي أو في طريقة نظرتي للمجتمع أو المستقبل. وبالزواج علمت أني رجل من غمار الناس، أعني أني فرد من جماعة، يسري عليّ ما يسري عليهم مهما تصورت أن لي فرديّتي واستقلالي. وهذه هي إحدى حقائق الحياة التي قد تكون مرّة، والتي نظلّ غافلين أو متغافلين عنها حتى نرتبط بالمجتمع بروابط الأسرة".

- إن الزواج من بنت المدينة ( الذي انتابته هزات قويّة) غيـَّر من سلوكه ونهج حياته. إلا أن أخلاقه ظلت أخلاق صفاء البادية وأصالتها وجسارتها في مواجهة الخطأ والباطل وانفتاحها على البشر، وصدمتها سواء في التعبير عن الذات أو في التعامل مع الآخر.

- وقد ظلت البادية ملهمة عبد السلام،

- وكانت كتاباته دائماً تترجّح بين رياح البادية وأسلاك المدينة،

- إلا أنه ظل في صميمه بدوياً وكان اندماجه في حياة الحاضرة اندماجاً غير رافضٍ لتطورات العصر، ولكنه اندماج مراقب منغمس إلا أنه غير مستسلم،

-ولذلك كانت سلوكياته اليومية وتصاويره القصصية قادرة على النفاذ إلى صميم التجارب التي يخوضها،

-وهذا ما يفسر قوة تأثيره الحيوي وتنوعه في الحياة المهنية والسياسية والأدبية في سورية وما جاورها من البلاد العربية، على امتداد ثلاثة أرباع القرن العشرين، طبعاً مع تفاوت شديد متصل بتقلبات المراحل المتعاقبة.

- قلنا في مطلع هذه العجالة إن عبد السلام كان رجالاً وليس رجلاً واحداً إلا أنه لم يكن أمةً في رجل،

- فبسبب تعدديته إلى جانب بروز حضوره الشخصي وذاتيته الأدبية وتمسكه بممارسة مهنة الطب، ظل دائماً عدة رجال في رجل متميز ومتمتع بحرية الحركة ورحابة المزاج.

- هؤلاء الرجال هم: عبد السلام البدوي، عبد السلام القروي، عبد السلام المدني، عبد السلام الطبيب، عبد السلام القومي، عبد السلام العالمي ( رحلاته المستمرة واتصالاته بالمشاهير من الشرق والغرب ).

- ولكن عبد السلام السياسي كان أيضاً متعدداً فقد كان نائباً في البرلمان السوري عن منطقته ( أي ممثلاً للشعب) ثم كان وزيراً ( أي ممثلاً للسلطة الانقلابية غالباً) للإعلام، والخارجية، والثقافة.

- وكان عربياً أصيلاً،

- ولكنه رضي لنفسه أن يتعامل مع الحركة الانفصالية عام 1961 التي فسخت الوحدة مع مصر وقوّضت أهم تجرية وحدوية في هذا العصر العربي وهي تجربة الجمهورية العربية المتحدة بقيادة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر.

- وفيما بعد فسّر العجيلي هذه الممارسة بتأكيده أنه كان مع الوحدة قلباً وقالباً، وكان يأمل من وراء الانفصال التوصل إلى صيغة للوحدة أكثر إيجابية وأكثر قدرة على الصمود.

- وقد كرّر ذلك قبل وفاته بمدة قصيرة من خلال مقابلة فائقة الأهمية في برنامج زيارة خاصة الذي أعادت الجزيرة بثـّه في (7/4/2006) أي بعد يومين من إعلان وفاته ( الأربعاء 5/4/2006).

قديم 10-19-2014, 12:53 PM
المشاركة 1225
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
والان مع العناصر التي صنعت الروعة في الرواية رقم65- قلوب علي الاسلاك عبد السلام العجيلي سوريا

- طبيب ... أديب ... رحالة ... سياسي ... رسام ... إعلامي ... سوري ...
- برز اسمه كأحد أعلامالأدب الواقعي الحديث في سوريا خاصة وفي العالم العربي بعامة،
- ألف ما يزيد عن 45كتاباً بين رواية وشعر ومقالة ومقامات وقصص قصيرة وغيرها،
-وقد ترجمت معظم أعمالهإلى اللغات الإنكليزية والفرنسية والإيطالية والأسبانية والروسية.
- تتميز أعماله بالبساطة والسلاسة ونكهة الحكاية والجاذبية، ولا غرابة أن أطلق عليه لقب حكواتي الفرات.

[/font][/color][/size]

قديم 10-19-2014, 09:52 PM
المشاركة 1226
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
والان مع العناصر التي صنعت الروعة في الرواية رقم65- قلوب علي الاسلاك عبد السلام العجيلي سوريا


-الرواية تدور أحداثها في دمشق سنة 1961 قبل فك الوحدة بين مصر وسوريا هي خواطر شاب شاعر يأتي من الريف إلى دمشق للعمل مع عمه رجل الأعمال الكبير, بيحكي عن حياته, أفكاره, علاقاته وعمله
- بيبين الكاتب قوة التشابك بين السياسة والمال والمصالح, وتأثير السياسة على الاقتصاد والحياة العامة والعلاقات بين الناس

- رواية عبد السلام العجيلي هذه ليست مجرد غراميات شاب فقط وإنما هي أيضاً قصة سنين مضطربة عصفت بالبلاد في مهب تيارات اجتماعية وسياسية فاصلة.

- غني عن القول أن الروائي الطبيب يمتاز بأسلوب جميل سهل وأجاد التحليق به في هذه الرواية التي احتلت مكاناً مرموقاً في عالم الأدب.

- هي واحدة من رواياته المتعددة حملت عنوان قلوب على الأسلاك صدرتْ عام 1990 امتدتْ على مدى 429 صفحة من القطع الوسط قسمها العجيلي إلى جزئين تحدثت عن حياة واقعية أي نستطيع وصفها أنها رواية اجتماعية تحلل الواقع وتستقرئ مفرداته .

- كما برع العجيلي في أدب الرواية والقص برع في أدب الرحلات وكذلك المقامات نذكر من هذه المؤلفات أيضاً : حكايات من الرحلات ، المقامات ، أشياء شخصية ، عيادة في الريف ، سبعون دقيقة حكايات .‏

- ويعدْ العجيلي حقيقة أحد أعلام وادي الفرات ومحافظة الرقة وماتزال هذه المحافظة تُعنى بأدبه وتفرد لهُ مساحة في وسطها الثقافي وهناك مهرجان العجيلي التي تحرص على إقامته في ربوعها وبين أحضان مركزها الثقافي كل عام .‏

- نشهد في شخص العجيلي ثلاثة محاور: الطب والسياسة والأدب. إنها عوالم حلقت فيها روحه الفتية التي امتلأت نوراً من عوالم نجهلها، ولا يعيها العجيلي نفسه، إلا أن روحه كانت تعيها جيداً، وهذا الوعي ما برح يتجلى خلقاً ينساب رؤى، وعوالم متداخلة ومتباينة، نلمحها في أعماله خصوصاً.

- إلا أن خصوصية العجيلي ليست في كونه جامعاً لثلاث شخصيات، الطبيب والسياسي والأديب، بل أيضاً في تنوع أدبه بين القصة والحكاية والمقامة والرواية والشعر والمسرح والمقالة.

- إن أطباء دمشق القدامى يذكرون العجيلي ومساهماته الإنسانية لوطنه، وكذلك مواقفه السياسية التي انطبعت عميقاً في ذاكرة الوطن.

- أما أعماله الأدبية، فهي تبدو كالبرعم الذي وُلِدَ في الرقة، وتفتَّح على امتداد الوطن، أو كالبذرة الصغيرة التي زُرِعَت في أديم هذا الوطن، وكَبُرَت وأصبحت شجرة أغصانها تخيِّم فوق سمائه، حتى أن الطيور تأتي، وتضع أعشاشها عليها..!!

- يذكر نبيل سليمان: «من تلك التجربة حمل الرجل خيبة مريرة ودائمة. ومنها أعطى جملة من أفضل ما كتب من القصة القصيرة، على رأسها قصة "كفن حمود" من مجموعته القصصية "الحب والنفس، 1959" التي جاءت في مقاطع صغيرة تنساب بعفوية على إيقاع خفقات/حسرات وآهات أم حمود وهي تهيئ كفن ابنها الذي استُشهِدَ في فلسطين في حرب 1948، وهو (حمود العجيلي) ابن عم الكاتب. وقبل ذلك، ومن الحرب نفسها، جاءت في مجموعة "قناديل إشبيلية" قصة "بنادق في لواء الجليل" التي ترسم المتاجرة بسلاح المجاهدين في السوق السوداء، وقصة "بريد معاد" التي وصلت بين معركة قلعة جدين (20/1/1948) في فلسطين، وبين مآل المجاهد عبد الحليم الذي كان طالباً في كلية الحقوق في جامعة دمشق، وبات بعد حين من الهزيمة رجل أعمال مرموق ديدنه المال».

- يشير بعض الدارسين إلى أن المدرسة الواقعية ظهرت في الكثير من أعماله، إلا أن هذا لا يعني أنه اللون الوحيد الذي تكلم فيه العجيلي، فالمصادفة والغرائبية كثيراً ما تلوح في أعماله القصصية وهي تذكرنا باللامعقول الذي نلمحه خصوصاً في أعمال غادة السمان، إلا أن اللامعقول عند العجيلي أخذ منحى يعبِّر عن حكمة عميقة من جهة، وعن وعي رؤيوي من جهة أخرى، فالمصادفة على سبيل المثال عند العجيلي تأخذ بُعْداً عميقاً يعبِّر عنه علم النفس اليونغي بمصطلح «التزامن» وهو حدث خارجي على توافق مع حدث داخلي، وبالتالي فهو يعبر عن حكمة عميقة (راجع قصة «انتقام محلول الكينا» في نهاية الدراسة).

- وقد برع العجيلي في الرواية أسلوباً وتعبيراً، واستخدم عدة تقنيات، منها تقنية «الخطف خلفاً» كما في رواية «باسمة بين الدموع» وما يسميه الألمان «رواية البناء» كما في «قلوب على الأسلاك»

- وعنها كتب جان غولميه يقول: «هذه هي حبكة الرواية البسيطة التي تشد القارئ. أما الذي يجعلها بالنسبة لي مثيرة للاهتمام فكونها تقدم، وربما لأول مرة في الأدب العربي المعاصر، ما يسميه الألمان "رواية البناء" أي القصة التي يتتبع فيها القارئ "تشكل السجايا" أي ذلك الذي وُفِّقَ غوته إليه، مثلاً في روايته "سنوات تدريب ويلهلم ميسر" وستاندال في "الأحمر والأسود"، وفلوبير في "التربية العاطفية".

- إن القصة في كل واحدة من هذه الروايات الشهيرة تتركز حول الشخصية الرئيسة، التي تمضي، بالتجربة بعد التجربة، للوصول إلى العقل، العقل الذي لا يتفق دائماً مع السعادة، إنما مع الانقياد للوجود والقدر».

- وبدوره، يعتبر البروفسور جاك بيرك أن رواية «قلوب على الأسلاك» جديرة بأن تُصَنَّف بين أقوى ما ظهر من نوعه في الأدب العربي المعاصر. ومع اختلافه الكبير، كما هو منتظر، عما أنتجه في نفس الجيل أمثال نجيب محفوظ، وجبرا ابراهيم جبرا، فهو يمثل مع ذلك النتاج أول قفزة للإبداع الروائي بعد أن أنضج المتقدمون الكبار، الذين هم الرواد في هذا الإبداع.

- ويذكر جان غولميه رأيه في الأدب الروائي عند العجيلي فيقول: «غوته وستاندال وفلوبير أسماء أعلام في الأدب مشهورة، وعبد السلام العجيلي يستحق أن يشبه بأساتذة فن الرواية الكلاسيكي هؤلاء».

- اما أسلوبه فقد كان واحداً على تنوع المجالات التي كتب فيها، هذا الأسلوب في التعبير بلغة عربية وصفها النقاد بـ«الفخمة»، وكان العجيلي حريصاً على هذه اللغة كتابة ومحاضرات.

- في دراسة جميلة للشاعر شوقي بغدادي يشير إلى أن انصراف العجيلي إلى القصة تاركاً الشعر، ليس إلا انصرافاً عن تعرية نفسه للآخرين من خلال الشعر الذي كتبه في مجموعته الوحيدة «الليالي والنجوم» عام 1951 إلى تعرية الآخرين، وذلك ضمن إطار جنس أدبي آخر هو القصة.

- كما يذكر الشاعر شوقي بغدادي: «أسلوب التناول الغالب على القصائد هو أسلوب المناجاة أو المونولوج الداخلي، فمعظم القصائد تبدأ بنداء مثل: يا بدر.. يا غيمة.. أذني تملّي.. أو مونولوج "الخميلة العطشى" وهو إرهاصها بالتحول الذي سوف يقوى ويتأصل أكثر فأكثر فيما بعد من خلال ظاهرة الغوص على العوالم الداخلية للشاعر بدلاً من الوصف الخارجي أو الخطابي المباشر».

- تألق العجيلي أكثر ما تألق في القصة والرواية، واُعْتُبِر أحد أعلامهما في سورية والعالم العربي، إلا أنه من الصعوبة بمكان حصره في دائرة القومية، لأن العجيلي تعدَّى هذه الدائرة نحو دائرة العالمية ليصبح ندّاً لأدباء عالميين آخرين عرفهم الغرب، ولعل عالمية أدبه تظهر من خلال الترجمات للعديد من أعماله للغات مختلفة، وعامل الرؤيا أو الوعي الرؤيوي في الكثير من أعماله، وكذلك رحلاته التي قام بها فتواصل مع العالم الغربي وأبدع في أدب الرحلات، هذا الأخير الذي عكس عالمية العجيلي.

قديم 10-19-2014, 09:58 PM
المشاركة 1227
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
والان مع العناصر التي صنعت الروعة في الرواية رقم65- قلوب علي الاسلاك عبد السلام العجيلي سوريا


- نرى كاتبنا قد اختار المرأة كمنسِّبة لبطلنا طارق عمران في عالم الرجولة، وهنا أيضاً نعود إلى «نموذج المرأة» في حياة طارق عمران، وسوف ندرسه على نحوٍ متواضع،

- وبقي أن نشير إلى أن العجيلي استطاع أن يصوِّر من خلال طارق حالة وجدانية، ومعاناة حقيقية.

-ولاشك في أن عودته إلى مدينته البعيدة التي تحمل طابع الريف في ذلك الوقت، يحمل ألف معنى ومعنى، نعم إن طارق عمران يترك إدارة مؤسسة عمه، ويترك دمشق، ويعود إلى بلدته، وهنا المفاجأة التي تركها لنا العجيلي ليكشف لنا عن شخص طارق الذي كان صادقاً مع أحاسيسه، وحالة تنبض بالحياة، وبعبارة أخرى، لم تكن النهاية، بل البداية‍‍‍‍!!.

- يطالعنا العجيلي، في روايته هذه بأربعة نماذج، ويتدرج بطلنا من خلال علاقته مع كل من هذه النماذج في تطور تصاعدي باحثاً عن نفسه، إلا أن ثمة نموذجاً خفياً كما لو أنه كان على الهامش، ينتظر الفرصة لدخوله وانسحابه كالجنيات، سوف نأتي على ذكره.
سوف نبدأ بالنموذج الأول «الفتاة المراهقة»، هذا النموذج يفصح عن علاقة من أجل المسرَّة، وعندما تكون هذه العلاقة (أي المسرَّة) هي أساس الزواج على سبيل المثال، فسوف تنتهي العلاقة عندما يصبح الشخص الآخر لا يجلب المسرَّة، وهنا فإن هذا النموذج يلعب دوراً معيناً في القصة، فنرى مثلاً، «الزوج أو الأب سوف يقع في غرام مراهقة صغيرة، ويتنحَّى جانباً، والأم سوف تُهجَر بقلب وبيت فارغين. ويكون عليها أن تكافح من جديد كي تخلق لحياتها معنى بالطريقة التي تراها».

- إلا أن العجيلي يختار سياقاً آخر لهذا النموذج، كونه انعكاس لتطور بطلنا في علاقته مع الآخر، وربما اختار له هذا النموذج كبداية في تفتحه وتطوره الصاعد. ومما نعثر عليه في هذا السياق، حين تشرح «ماجدة» -التي تمثل نموذج «الفتاة المراهقة»– مفهوم الحب المرتبط بالجنس، فإننا نرى حنق طارق الذي يدفعه لكي يؤدبها بالعصا‍‍!!.

- إنها ولاشك العقلية الشرقية المشحونة في اللاوعي بالعدائية تجاه أي تمظهر بريء للجنس، وهذه العدائية إن نمَّت عن شيء فهي تنمّ عن الجهل والخوف من أشد طاقاتنا حيوية، وأهمها في سعادتنا، ورُقيِّنا في سُلَّم الحضارة الإنسانية!!.

- إلا أن تجربته مع «ماجدة» حين يقول: «وها هي الآن، ماجدة، تكسر القمقم أمامي في حركة واحدة، وتلصق صدرها الناهد بصدري لتبرهن لي أنها امرأة وتقول لي أنها تحبني» إلا أن طارقاً هنا أيضاً تماسك وتراجع بعد أن ندَّت عنه على رغمه تنهيدة خفيفة.

- ثم تأتي تجربته مع «نهاد» وهي نموذج آخر سوف نأتي على ذكره، لكن شيئاً ما ينبغي الإشارة إليه، وهي بوادر حالة عصابية قد تلمّ ببطلنا، فكما ذكرنا أنه يمثل متناقضات عالمنا الحديث، فهو شاعر من جهة، وعمه رجل أعمال ثري يرى الحياة بمنظور مختلف، وهو ريفي أي طاهر السريرة من جهة، وهو في المدينة التي تحكمها الشهوة والسلطة من جهة أخرى، تجربته مع ماجدة ورغبته في الإشباع من جهة، ورغبة أخرى في الكف من جهة أخرى.

-إنها سلسلة من المتناقضات تهيئ الجو المناسب لنشوء العصاب النفسي، فالعصاب النفسي هو حالة تشل فيها الإنسان قوى متعارضة في اللاشعور. إلا أن كاتبنا شاء قدراً آخر لبطله، فأظهر صراعه إلى دائرة النور والوعي، مما أتاح له فرصة أكبر لكي يتبلور وينضج في سياق تطوري لم يخلُ من إرهاصات عصابية.

-هذا السياق التطوري يقوده إلى نموذج آخر على الساحة، هو النموذج الذي يمتثل للبعد الاجتماعي في العلاقة الجنسية، والذي يشكِّل الثراء أحد عوامله ويفعِّله، فالثراء أو الطبقة الاجتماعية، وبعبارة أخرى الامتياز الذي تتمتع به، يتيح لها حرية ممارسة العلاقة، وهذا النموذج نراه في «نهاد» المرأة الأرستقراطية، وهكذا نسمع بطلنا يقول في هذا الصدد: «أليس بديعاً أن يتسامى الإنسان عن دعوات نهاد إلى السقوط في شبكة الارتباطات نصف العاطفية، نصف الجنسية التي أصبحت مكرسة رسمياً عند طبقة معينة من طبقات المجتمع فيجدها سخيفة».

- وعلى الرغم من رأيه هذا نجد وصفاً شاعرياً لعلاقته مع نهاد تدخلنا في عوالم السحر والجمال. حيث أن بطلنا لم يستطع مقاومة فتنة وجمال نهاد، إلا أنه أثناء انجذابه وعناقه لها كانت تلوح أمامه شخصية أخرى، امرأة أخرى، «نموذج آخر»، وفي صراعه بين نموذجين: «أنيما النفس» الذي تمثله «صفية» ونموذج «المرأة الأرستقراطية المتزوجة» وتمثله «نهاد». فإن صورة صفية تقفز إلى ذهنه حيناً حتى تغيب وتختفي أمام صهيل الجسد، وجموحه لدى رؤية نهاد الفاتنة وجسدها الملتهب، فهاهوذا يصف تجربته حين دعته للوصال: «كان بصوتها بعض البحّة.

- فأسرعت إليها حتى دانيتها. رأيت أن شحوباً خفيفاً كسا وجنتيها في تلك اللحظة، أما جسدها فقد خُيِّلَ إلي، من مرآه مهصوراً بذلك الرداء القاني، إنه كان ينفث اللهب. ضممتها إلي، وسرنا معاً متخطين المنطقة الظليلة من البهو إلى ما وراءها، أصابع يدينا متشابكة ورأسها ملقى على كتفي، كأننا كنا نخطو بجسد واحد إلى عالم رائع كان يهتف بنا مرحباً، فاتحاً لنا ذراعيه ليضمّنا في أمواجه الهانئة».

- ونهاد التي أقامت علاقة مع بطلنا نراها فيما بعد، وقد «تركت زوجها حليم بك رمزي، وتزوجت زكي بيه الذي أصبح بعد الانفصال محافظاً أو وكيل وزارة فيما تبقى من الجمهورية العربية المتحدة».

- أما النموذج الآخر الذي كان يتراءى له أثناء عناقه لنهاد، وهو إن حق لنا القول، أنيما النفس، الذي يتمثل في شخص صفية، «صفية» هذه التي قال عنها بطلنا: «هذه هي ملهمتي الحقيقية، صفية! إنها الجديرة بأن أنظم فيها الشعر القديم الذي لم يوحَ إليّ بعد في هذه المدينة الشاعرية. صفية، وليست زوزو (أي الراقصة) التي يريدني ممدوح أن أنظم فيها ما يريد من قصيد!».

- ولكن، من هي زوزو هذه؟! لقد ذكرنا في بداية المبحث عن نموذج أبقاه العجيلي على الهامش، وأدخله الرواية، وانسحب كالجنيات. والآن قد أتى وقت الحديث عنه، لاغرو أنها حركة خفة، وعمل يُظْهِر مقدرة الكاتب الإبداعية في إظهار الشخصيات والتعبير عن ماهياتها!!.

- لقد ذكرنا أولاً نموذج «الفتاة المراهقة»، إلا أن نموذجاً أكثر منه صميمية يفعل على نحو لاشعوري تاركاً بصماته في جسد شبقي منذ سني الطفولة الأولى، ومع المراهقة تدب في هذا الجسد الحياة ويصبح صارخاً، وهو يعبِّر عن ارتباط اللاشعور أول بأول بمصدر الإثارة، هذا المصدر الذي يلوح في عوالم المراهقة من خلال نموذج «المرأة الفاسقة» أو «البغي»، واللاشعور المرتبط بهذا النموذج كالرجل المرتبط بامرأة فاسقة يقيم معها تحت سقف واحد، وهي تزور مريديها في مخادعهم، في مخيّلتهم، وفي بيوتهم، وفي قلوبهم بأشكال شتّى. وتمنح اللذة أولاً، والإشباع ثانياً. وهكذا تشيد مملكتها، وتعتلي عرشها، حتى أنها تستطيع أن تجعل من الزواج ماخوراً لها!!.

- هذا النموذج فاعل بشدة على مستوى اللاوعي عند الأفراد، وثمة ارتباط لاشعوري بها. ولعل تجربة مثل هذه نراها حتى عند بعض القديسين مثل أوغسطين في كتابه اعترافات، أما في الوقت الحاضر فنرى هذا النموذج متمثلاً بفتاة الستربتيز، أو بطلة البورنو، هذا النموذج الذي يصرخ في الغرائز ويستثيرها، يلوح في الرواية من خلال «الراقصة زوزو» التي يستسلم لها طارق بعد أن شعر أن الأرض تختفي من تحت قدميه، وذلك بمغادرة عمه للبلاد، وإيقاف المشروع، بزواج هدى من عمه، وزواج صفية بعد أن فكت حزنها على زوجها الأول. وبالتالي يعيش ما يسميه البعض «القلق السري» أو «قلق الذات»، هذا الشعور الغامض الذي امتزج مع شعور من اليأس، يقوده أخيراً إلى أحضان الراقصة زوزو، وتجربته هذه تفضي به إلى ما نسميه بـ«آلام اللذة»، ذلك أن «اللذة» حين تكون لاواعية فإنها تستعبد المرء وتنحدر به إلى الجحيم، أما حين تكون واعية فهي تحرِّره وترتقي به إلى السماء!!.

قديم 10-19-2014, 10:04 PM
المشاركة 1228
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
تابع...والان مع العناصر التي صنعت الروعة في الرواية رقم65- قلوب علي الاسلاك عبد السلام العجيلي سوريا


- لقد شكّلَت السياسة عَصَباً رئيسياً في تشكّل كيان العجيلي وتفتحه، إذ كان أصغر النواب سناً، وحاولوا تغيير تاريخ ولادته لكي يتوافق انتخابه مع السن التي يحددها الدستور، ثم أتت مشاركته في جيش الإنقاذ، حيث استطاع أن يغرف من معين هذه التجربة دروساً ومعانيَ مختلفة أنضجت رؤيته للأمور، ثم أخيراً مشاركته في ثلاث وزارات أهمها كان ربما الخارجية.

- كانت السياسة بالنسبة للعجيلي تعني تكريساً لخدمة الوطن والآخر، لا مصلحة شخصية وحباً للسلطة. من هنا كان تفرغه فيما بعد لعمله الإنساني في الطب أساساً يتحرك من خلاله وفضاءً يمارس فيه عملاً آخر هو الأدب، هذا المنبر الذي كان يضوع منه عطر السياسة العجيليّ.

- وهكذا يكاد لا يخلو عمل من أعماله، من خطابٍ سياسي يعكس تجربته ورؤيته، وسوف نركز في هذا المبحث على جانب هام اتسم به العجيلي، وهو عنصر «الرؤيا»، ذلك أننا لن نستطيع فهم خطابه السياسي، دون تسليط الضوء على هذا العنصر لدى العجيلي، وسوف نركز على جانبين اثنين من جملة الجوانب التي تتناولها «الرؤيا» عند العجيلي، وهذان الجانبان هما ما نسميه «نظرية الأدوار» أولاً، و«الحرية» ثانياً.

- نشير إلى «نظرية الأدوار» من خلال قصة «نبوءات الشيخ سلمان» من مجموعة «فارس مدينة القنطرة» أما جانب «الحرية» فمن خلال رواية «قلوب على الأسلاك».

- لاشك أن القصة تلخصها كلمة «رؤيا» إنها تحوي «رؤيا» أو أن «الرؤيا» تحويها، وهنا براعة أو الأصح عظمة العجيلي، التي لا تقلّ عن عظمة كتّاب شهدهم الاتحاد السوفياتي السابق في ثورته مثل مكسيم غوركي أو غيره من كتّاب عالميين!!.

قديم 10-19-2014, 10:07 PM
المشاركة 1229
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
تابع ...والان مع العناصر التي صنعت الروعة في الرواية رقم65- قلوب علي الاسلاك عبد السلام العجيلي سوريا


- يقول «كتبت القصة أمداً طويلاً دون أن أحسب أن لي في كتابتها مذهباً أو طريقة خاصة.

- أعتقد أن الفنان الحق يعطي بعفوية حين يكتب، وإن كثرة تدقيقه في كيفية العطاء والإنتاج إذا لم تضر قليلاً بهذه العفوية فهي لا تفيدها كثيراً.

- أريد أن أقول أن قصصي التي كتبتها هي التي حددت مذهبي وأعطته الشكل الذي تميز به بين مذاهب كتاب القصة، وإني لست الذي اتخذت مذهباً معيناً من المذاهب القصصية المعروفة فاخترت أن أكتب قصصي ضمن حدوده.
- يقول " إذن فمذهبي مذهب أصيل لم يأت عن تقليد ولا اتباع، وهذا ما يرضيني عنه ويصل بي إلى حد الفخر به.

- ولقد آبى على نفسي أحياناً تقليد نفسي فأحاول أن آتي دوماً بالجديد والمبتكر فيما أكتبه.

- فالزمن عندي عامل من عوامل القصة قد أقفز به أو أتراجع فيه، وأروح به جيئة وذهاباً حتى أستطيع أن أعطي للحادثة التي أكتب عنها وقعاً معيناً في نفس القارئ.

- بل يحدث أن أكتب قصة لا وزن للزمن فيها مذكوراً.

- فلي قصة اسمها «حمّى» مكتوبة بشكل مذكرات لا تؤرخ باليوم الخامس والعاشر والسابع عشر من أيام الشهر مثلاً بل بدرجة حرارة البطل: سبع وثلاثين وثلاث شرطات، أربعين وست شرطات، وهلم جرا.. كلما تبدلت حمى البطل تبدلت أفكاره والأحداث التي تحيط به.

-ولي قصص غير هذه لا يدرك القارئ فكرتها إلا بقراءة حوادث متعددة لا رابط زمنياً بينها مثل قصتي "القفاز".

- إلا أني على اهتمامي بحادثة القصة أو حوادثها لا أجعل منها دوماً الشيء الرئيسي. بل إني كثيراً ما أحمّلها غايتي من القصة التي أكتبها سواء كانت هذه الغاية فكرية علمية أو عاطفية إنسانية أو إحساساً شعرياً.

- أضرب لذلك مثلاً قصة "الليل في كل مكان". فهذه قصة ترد في بضع صفحات ولكن مسرحها العالم بكامله، من فرنسا إلى فلسطين إلى الحبشة إلى جنوب إفريقيا. لو كانت رواية الحادثة هي الغاية في القصة لشتّتُ ذهن القارئ في ركضي به بين آفاق العالم المتسع في تلك الصفحات القليلة.

- ولكن غايتي كانت أن يشعر القارئ بشعور البطلة مارليت وهي تسعى بين أرجاء الدنيا بطفليها باحثة عن مكان لا أثر فيه للحقد والبغض والتهديد بالحرب، فلا تجد ذلك المكان، لأن الليل في كل مكان.

- ثمة صفتان أخريتان من صفات الشكل في مذهبي للقصة، هما فصاحة اللغة ثم اللغة العلمية.
إني أجد أن استعمال الألفاظ العلمية يزيد اللغة العربية المتداولة ثروة في المفردات وغنى في التعبير، وتلك خدمة لا أتردد عن المساهمة في إسدائها إلى لغة وطني وقومي.

- تلك هي بعض صفات الشكل في مذهبي القصصي.

- أما صفات المضمون، فالتنويع الذي أشرت إليه في مستهل كلامي، من أبرزها. والتنويع فيما أكتبه ليس مفتعلاً، فأنا أغرف من منابع كثيرة في الحياة كان من نعمة الله عليّ أن يسرَّ لي ورودها. فقد نشأت في جو البادية الغنية في أحاسيسها والغريبة في تقاليدها. وعشت في أجواء المدينة المعقدة الحياة المزدحمة المرافق. ودرست العلم وهويت الأدب. كما أني مارست السياسة سلماً وحرباً، وتنقلت في أرجاء العالم الواسعة. فتوفر لي من كل ذلك ذخيرة من التجارب والذكريات والأفكار وتفتح به من آفاق الخيال ما أعانني على كتابة قصص متباعدة المرامي والأمكنة والمواضيع.

- وأنا أحرص في هذا التنويع على صفة الغرابة والتشويق فيما أكتبه، غرابة الحادثة أو غرابة النتيجة التي تنتهي إليها الحادثة، أو غرابة الفكرة التي تستنتج من الحادثة. على أن الغرابة ليست في الواقع إلا عنصراً واحداً من عناصر مذهبي في القصة.

- كتبت قصصاً كثيرة تدور حوادثها في جو طبي وتصف الصراع بين الطبيب، بين الإنسان المسلح بسلاح العلم الحديث، وبين المرض بملايين عوامله المعروفة والمجهولة. وعلى رغم إيماني بالعلم وبمعطياته الخيّرة وبضرورته اللازمة لمجتمع كمجتمعنا العربي في أيامنا الحاضرة.

- كنت أجعل الغلبة في قصصي للمجهول على المعلوم وأضع الطبيب أو العالِم موضع القلق الحائر أو المغلوب الضائع. وكتبت قصصاً إنسانية، الناس فيها خيّرون يبذلون كل مجهودهم لبلوغ طمأنينة النفس، ولكن العالم المحيط بهم يتغلب عليهم وينتهي بمجهودهم إلى العدم. وكتبت قصصاً قومية يحارب شخوصها من أجل مثلهم العليا، وهي مثلي أنا الشخصية، بكل قواهم، ولكنهم لا يبلغون غاياتهم. فأبطال تلك القصص منكوبون دوماً، أو مقتولون، على حبي لهم وتمجيدي إياهم.

- يكاد التشاؤم أن يكون هو الفكرة المهيمنة على قصصي لولا أن صفة مشتركة بين أبطالها ترفعهم إلى مرتبة أعلى من مرتبة التفاؤل، هذه الصفة هي لا مبالاتهم بما يصيبهم ما داموا جادين في كفاحهم، هي كبرياؤهم التي لا يؤثر فيها الفشل ولا الموت. إنهم يعرفون أن الظروف المحيطة بهم والطبيعة التي يعيشون في حضنها والوجود الذي هم منه، أقوى منهم، ولكن ذلك لا يخيفهم، فهم يتحدون كل تلك العوامل بالجهاد في سبيل غاياتهم المثلى.

- هذه هي الفكرة الشاملة التي ينبعث منها موقفي كأديب في الحياة.

- فأنا كإنسان مؤمن بإنسانيتي من ناحية وبعقلي ومعطياته العلمية من ناحية ثانية. حائر بين أمرين أو على الأصح مدرك لأمرين:
- الأول هو ضآلة شأني كمخلوق بشري في الوجود. فالمخلوق البشري ليس إلا ذرة على كوكب هو تابع لشمس تابعة لمجموعة سديمية، نعلم بعقلنا القاصر أن الكون المدرَك من قبلنا يحتوي الملايين من أمثالها.

- والأمر الثاني هو كبريائي كإنسان، وهي كبرياء تدفعني إلى الكفاح وبذل كل جهد في سبيل غايات سامية معينة. فإذا غلبتني القوى المتألبة عليّ فإنها لا تكون قد غلبت جباناً مستسلماً بل مكافحاً مناضلاً. من تصارع هاتين الحقيقتين، ضآلة شأن الإنسان وكبريائه المكافحة، يتألف موقف أبطال قصصي المتميز، وبه تتوضح أرسخ معالم مذهبي في كتابة القصة.

- كتبت القصة الساخرة والقصة الضاحكة، وكتبت القصة الحزينة ولكن حزناً هادئاً فيه الأسى وليس فيه الصخب أو العويل. فكأن الوجود عندي، على غلبته للإنسان، مدرك لضعفه ونبله فهو مكبر له ورفيق فيه. أو كأن الإنسان على وثوقه بنفسه وإيمانه بسلامة موقفه مدرك لدوافع غريمه فهو لا يحمل له في قلبه ضغينة ولا حقداً.

قديم 10-19-2014, 10:24 PM
المشاركة 1230
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
تابع ...والان مع العناصر التي صنعت الروعة في الرواية رقم65- قلوب علي الاسلاك عبد السلام العجيلي سوريا




- هذا الطبيب المولود في البادية السورية (1918)، سعى منذ بداياته إلى اضاءة عوالم حكائية مستمدة من بيئة بكر، تتمازج في أطيافها، الميثولوجيا البدوية، بالتطلعات الحضرية.

- ووجد صاحب «المغمورون» في هذه المناخات فضاء سردياً مثيراً، يقوم على كشف حيوات بشر غارقين في متاهة القدرية والغيبيات.

- وهو منذ مجموعته القصصية الأولى»بنت الساحرة» (1948)، أكد على خصوصية عربية في السرد الحكائي، تستمد شرعيتها من خزّان معرفي وحياتي لا ينضب، يمتد من سحر «ألف ليلة وليلة» إلى بلاغة الجاحظ، والمقامات، الأمر الذي قاد يوسف ادريس إلى أن يقول مرة أن «العجيلي رائد القصة العربية بلا منازع».

- في «مهرجان العجيلي الأول للرواية العربية» الذي استضافته مدينة الرقة، مسقط رأس الكاتب، استعاد روائيون ونقاد عرب وسوريون، سيرة عبد السلام العجيلي، بما يشبه الاعتراف المتأخر بريادته وجمالية تجربته السردية،

- هكذا تناول علي زيتون (لبنان)، خصوصية المشهد القصصي لدى عبد السلام العجيلي خلال مجموعته القصصية «قناديل اشبيلية» (1956)، هذه المجموعة التي التفتت باكراً إلى ثنائية الشرق والغرب، بأبعادها الرومنسية والإنسانية والحسية.

- وأوضح ياسين رفاعية في دراسته «الفن الروائي عند العجيلي» إلى أنه لم يرق إلى المستوى القصصي الذي بلغه «فكل قصة تترك أثراً لا يمحى في الذاكرة، كما لو أنها سلسلة أو سبحة ، إذا فقدت حبة منها انفرطت كلها».

- ورأى محمد عبيد الله (الأردن)، أن اللافت في تجربة العجيلي هو «فرادة المناخ وخصوصية التجربة، إذ طوّع الفنون السردية للتعبير عن تجارب دقيقة وصعبة، مستمدة من محيطه وبيئته الفريدة، ومن رؤيته التي تجمع بين الإيمان بالعلم، والثقة بالأدب وأخيلته ورؤاه».

- أما وليد اخلاصي فقال: «خرج العجيلي من عمق الصحراء السورية، نقياً كذرات الرمل فيها، وقد تحولت إلى تربة أزهر العلم في طياتها ليصبح طبيباً يداوي الجراح والألم. وما لبثت روحه أن تفتقت عن حكواتي قدره أن يشهد على عصره».

- وتناول صلاح فضل (مصر) الرواية الأخيرة للعجيلي «أجملهن»، ورأى فيها مثالاً على الجمال الكلاسيكي الذي «يعيد بهجة القص وحلاوة العالم، ودقة الوصف للمشاعر والحوادث بإحكام بالغ وتعبير مقتصد وعمق جوهري نادر، كأنه يفيض من أفق آخر».

- وأكد محمد جدوع في دراسته «العجيلي وسوسيولوجيا التناسل الأدبي»، أن صاحب «باسمة بين الدموع» يستدرج قارئه و «يغريه بغوايتيّ الغرابة والتشويق، ليلج به جوف عالمه الغرائبي المتنوع الذي صاغه خياله المفتوح، ووفرته له بيئاته المتنوعة»، مستشهداً بقول للعجيلي ذاته»: أحاول تقريب الخيالي والمثالي أو اللامعقول بمعالجتي الفنية حتى أجعله واقعياً، وأعالج الواقعي حتى أجعله خيالياً».

- الروائي السوري ممدوح عزام، استعاد في شهادته «العجيلي وأنا»، علاقته مع قصة قديمة للعجيلي بعنوان «الشبّاك»، ووصف الاضطراب الذي أصابه من جراء أحداثها وغرائبيتها، ليكتشف لاحقاً، الأثر العميق لهذا الكاتب، بعيداً من النظرة النقدية السائدة لمنجزه الابداعي بصفته حسب هذا التيار الايديولوجي «يمثّل القيم الاقطاعية في القصة السورية»، وأضاف: «إن قصصه عصية على التلخيص، مثل أي عمل جيد، إذ أن هذا الاجراء يسلب النص قوة الحضور، ولا حضور إلا بالاكتمال، واكثر قصصه مكتملة».


من مقال بقلم: خليـــــــــل صويلح
عن صحيفة " الحياة " ـ - 21/12/2005م


مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 31 ( الأعضاء 0 والزوار 31)
 
أدوات الموضوع

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: أفضل مئة رواية عربية – سر الروعة فيها؟؟؟!!!- دراسة بحثية.
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
أعظم 50 عبقري عبر التاريخ : ما سر هذه العبقرية؟ دراسة بحثية ايوب صابر منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 62 05-16-2021 01:36 PM
هل تولد الحياة من رحم الموت؟؟؟ دراسة بحثية ايوب صابر منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 2483 09-23-2019 02:12 PM
ما سر "الروعة" في افضل مائة رواية عالمية؟ دراسة بحثية ايوب صابر منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 523 09-09-2018 03:59 PM
اعظم 100 كتاب في التاريخ: ما سر هذه العظمة؟- دراسة بحثية ايوب صابر منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 413 12-09-2015 01:15 PM
القديسون واليتم: ما نسبة الايتام من بين القديسين؟ دراسة بحثية ايوب صابر منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 18 08-22-2012 12:25 PM

الساعة الآن 06:14 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.