احصائيات

الردود
8

المشاهدات
1569
 
موسى المحمود
كاتب فلسطيني مميز

اوسمتي


موسى المحمود is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
670

+التقييم
0.67

تاريخ التسجيل
Aug 2021

الاقامة
الأردن

رقم العضوية
16809
06-28-2022, 10:35 PM
المشاركة 1
06-28-2022, 10:35 PM
المشاركة 1
افتراضي الْبقرة اعْطِيْرَه
الْبقرة "اعْطِيْرَهْ"

كان فصل الصّيف قد حلّ في فلسطين، وكانت قريتنا الصغيرة الوادعة تحتفل بموسم البطّيخ وتستعدّ لموسم قلاعة السّمسم، وخلّة الزيتون تتباهى بزيتوناتها متوسطةً أسوارًا من التّينِ الشّوكيّ ومحتضنةً بعض دوالي العنب التي أرخت أغصانها وقطوفها على الأرض وكأنّها تأخذ قيلولةً قصيرةً في يومٍ صيفيّ حارّ.

لم تكن القرية نموذجيّةً كما يدّعي البعض، بل كانت تحمل بين جنباتها من القسوة ما قد يطغى في كثيرٍ من الأحيان على حنانها الدّافق، ولم يكن سكّانها أنبياءً كما قد يُخيّل للبعض، ولكن فيهم الصّالح والطّالح والعالم والجاهل والكريم واللئيم والمتديّن والزنديق، وقد تشكّلت ملامحها الاجتماعية بتنوّع الثقافات بعد أن هاجرت إليها بعض العائلات هاربةً من شيءٍ ما.

وقد كان لقريتنا رائحة تميّزها، خليط بين دخان الطوابين في الصباح، ورائحة رطوبة التربة بعد الفجر بفعل تشكّل النّدى، ولا يذكر من عاشوا في القرية آنذاك تلوّثها بعوادم المركبات إلا ما ندر، وقد كانت وسيلتهم المعروفة في التنقّل بين مساكن القرية وخلّاتها: الحمار أو الحصان أو حتى البقرة!

يذكر لي جدّي من بين القصص التي حدثت قُبيل الاحتلال الصهيوني لمدينة جنين وقراها أنه كان خارجاً ببقرة والده "اعْطِيْرَهْ" ولم يكن على علمٍ بأنّ المرض قد اشتدّ عليها بسبب حملها، وبينما هو عائد من إحدى خلّاتنا، إذا ب "اعْطِيْرَهْ" تبدأ بالتّرنّح يمنةً ويسرةً وكأنها تلفظ أنفاسها الأخيرة حتى سقطت تنتفض على الصّخر، وكان أمام جدّي آنذاك خياران لا ثالث لهما، إمّا ذبحها وإدراك لحمها الحلال قبل نفوقها وإمّا تركها تموت فيحرم عليهم أكلها.

وقد اختار جدّي أن يذبح "اعْطِيْرَهْ" وتمّ الأمر بسلام ووزّع والده لحمها على الأقارب والجيران الجائع منهم والشّبعان، وبهذا رحلت بقرتنا "اعْطِيْرَهْ" بعد عناءٍ مع المرض الذي تبعه الذّبح.

وبعد هذه الحادثة، قام الاحتلال الصهيوني بارتكاب جريمته الكبرى الثانية وتسبب لنا في نكسة 1967 حيث اضطرّ جدّي أن يغادر القرية باحثًا له ولعائلته عن مأوًى يعصمهم من بطش الاحتلال بعد هزيمة العرب.

الشّاهد أنّني وبينما أستمع إلى هذه القصّة من جدّي شعرت بعلاقة قوية تربط بين ذبح "اعْطِيْرَهْ" وضياع البلاد، ولكنّ هذه الفكرة ما لبثت أن تلاشت من ذهني بعد أن أكّد لي جدّي أن ضعف الجيوش العربية آنذاك كان السبب الرئيسي في ضياع البلاد وأن "اعْطِيْرَهْ" ما كانت إلا بقرةً مسكينة أعياها المرض وساقها القدر للذّبح على يد جدّي الذي ما زال ضميره يعذّبه على فعلته تلك.

وقد سألت بعد انتهاء جدّي من سرد قصّته حول بقرتنا "اعْطِيْرَهْ":
هل ما يزال ضمير قادة العرب يعذّبهم أيضاً؟

#فلسطين
#جنين
#دير_ابو_ضعيف

موسى المحمود



التعديل الأخير تم بواسطة ثريا نبوي ; 07-25-2022 الساعة 07:55 PM سبب آخر: تصويب الرقن
قديم 07-03-2022, 02:04 PM
المشاركة 2
محمد أبو الفضل سحبان
من آل منابر ثقافية

اوسمتي
الوسام الذهبي الألفية الثالثة الألفية الثانية وسام الإبداع الألفية الأولى المشرف المميز الكاتب المميز 
مجموع الاوسمة: 7

  • غير موجود
افتراضي رد: الْبقرة اعْطِيْرَه
وانا أقرأ العنوان وقبل الدخول في النص انصرف عقلي إلى التفكير في بقرة بني اسرائيل .. لكن " اعطيره" لم تكن كذلك وإن ارتبط اسمها لديكم بما تلا سيرة مرضها وحادثة ذبحها : نكسة 1967 ...
نص لغته بديعة وحمولته الفكرية كبيرة .. عاشت فلسطين وستظل عربية والنصر رغم الفتن و المحن قادم بإذن الله
كل التقدير أديبنا القدير .
محبتي

قديم 07-04-2022, 10:52 AM
المشاركة 3
موسى المحمود
كاتب فلسطيني مميز

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي رد: الْبقرة اعْطِيْرَه
وانا أقرأ العنوان وقبل الدخول في النص انصرف عقلي إلى التفكير في بقرة بني اسرائيل .. لكن " اعطيره" لم تكن كذلك وإن ارتبط اسمها لديكم بما تلا سيرة مرضها وحادثة ذبحها : نكسة 1967 ...
نص لغته بديعة وحمولته الفكرية كبيرة .. عاشت فلسطين وستظل عربية والنصر رغم الفتن و المحن قادم بإذن الله
كل التقدير أديبنا القدير .
محبتي

عشت أيها الشّريف
فلسطين حبيبة الشّعوب العربية الحرّة ..

حضورٌ عظيم
لك وافر المحبّة والتقدير

قديم 07-14-2022, 11:51 PM
المشاركة 4
عبد الحميد سحبان
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي رد: الْبقرة اعْطِيْرَه
لقد فتحت الجرح من جديد وأنت تبحث بتساؤلك المدهش عن السبب في ضياع البلاد؟ هل كان نفوق "أعطيره" سببا في ذلك؟ إنني توقفت عند هذا الحد ولم أرد أن أتجاوزه إلى غيره من التبريرات الأخرى المتداولة من ضعف الجيوش والخيانات المتكررة والنكسات المتتالية التي ضيعت علينا بسمة الفرحة والانتصار. لقد سمعتَ بدون شك عن بقرة بني إسرائيل التي فضحت المستور في الغدر والقتل، وعن ناقة قوم ثمود التي كان عقرها وبالا على قومها في تحد صارخ لمشيئة الله بحسن رعايتها وسقياها. من يدري فقد يكون لهذه البقرة سر من الأسرار لم يعلم به جدك رحمة الله عليه ولا أهل البلدة. ماذا لو هب الجد والأهل لإنقاذها من الموت بدلا من الإسراع بذبحها وتوزيع لحمها على "الجائع والشبعان"؟ ماذا لو استمات أهل البلدة في رعايتها بذلا من نحرها؟ تساؤلات ستظل تتردد بداخلي أنا الذي لم أكن أعلم بأمر هذه البقرة التي تزامن أمر ذبحها مع نكبة 1967 كما جاء في قصك المتميز. إننا لن نعلم سرها كما لم يعلم قوم ثمود بسر الناقة التي أخبرنا الله في كتابه بأمرها عبرة لهم ولنا على جشعنا وبطشنا المتعاظم يوما بعد يوم في تعاملنا مع البشر والحيوان والطبيعة. قصة عميقة بعمق الجرح الذي لم يندمل بعد، أضفت له ندامة جدك وأهل البلدة على تصرفهم الفظ تجاه بقرة تحتضر بعد أن أفنت عمرها في الخدمة بدر الحليب وتكاثر الماشية وحمل الأثقال، ولم ترحم لحظة كانت تحتاج فقط أن تترك لتموت في سلام. كم نحتاج اليوم من البقر كي نعثر على إحداها تكون صلة وصل بيننا وبين السماء هذه المرة لرد الاعتبار ولمسح العار ولتحرير أرضنا السليبة. امتعتنا بنص فريد ومتفرد، دام لك الإشراق والتألق في الشعر والقصة. أخوكم عبد الحميد.

قديم 07-18-2022, 11:16 AM
المشاركة 5
موسى المحمود
كاتب فلسطيني مميز

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي رد: الْبقرة اعْطِيْرَه
لقد فتحت الجرح من جديد وأنت تبحث بتساؤلك المدهش عن السبب في ضياع البلاد؟ هل كان نفوق "أعطيره" سببا في ذلك؟ إنني توقفت عند هذا الحد ولم أرد أن أتجاوزه إلى غيره من التبريرات الأخرى المتداولة من ضعف الجيوش والخيانات المتكررة والنكسات المتتالية التي ضيعت علينا بسمة الفرحة والانتصار. لقد سمعتَ بدون شك عن بقرة بني إسرائيل التي فضحت المستور في الغدر والقتل، وعن ناقة قوم ثمود التي كان عقرها وبالا على قومها في تحد صارخ لمشيئة الله بحسن رعايتها وسقياها. من يدري فقد يكون لهذه البقرة سر من الأسرار لم يعلم به جدك رحمة الله عليه ولا أهل البلدة. ماذا لو هب الجد والأهل لإنقاذها من الموت بدلا من الإسراع بذبحها وتوزيع لحمها على "الجائع والشبعان"؟ ماذا لو استمات أهل البلدة في رعايتها بذلا من نحرها؟ تساؤلات ستظل تتردد بداخلي أنا الذي لم أكن أعلم بأمر هذه البقرة التي تزامن أمر ذبحها مع نكبة 1967 كما جاء في قصك المتميز. إننا لن نعلم سرها كما لم يعلم قوم ثمود بسر الناقة التي أخبرنا الله في كتابه بأمرها عبرة لهم ولنا على جشعنا وبطشنا المتعاظم يوما بعد يوم في تعاملنا مع البشر والحيوان والطبيعة. قصة عميقة بعمق الجرح الذي لم يندمل بعد، أضفت له ندامة جدك وأهل البلدة على تصرفهم الفظ تجاه بقرة تحتضر بعد أن أفنت عمرها في الخدمة بدر الحليب وتكاثر الماشية وحمل الأثقال، ولم ترحم لحظة كانت تحتاج فقط أن تترك لتموت في سلام. كم نحتاج اليوم من البقر كي نعثر على إحداها تكون صلة وصل بيننا وبين السماء هذه المرة لرد الاعتبار ولمسح العار ولتحرير أرضنا السليبة. امتعتنا بنص فريد ومتفرد، دام لك الإشراق والتألق في الشعر والقصة. أخوكم عبد الحميد.
أدهشني حضورك من جديد أستاذنا القدير عبد الحميد سبحان،
لا فضّ فوك،
هي كذلك إذن .. وطنٌ مُضاعٌ وبقرةٌ ذبيحةٌ لم تحظَ حتّى بفرصة المقاومة ..

اللهمّ إليك نشكو ضعف قوّتنا وقلّة حيلتنا وهواننا على النّاس
يا أرحم الرّاحمين


تحياتي واحترامي
وكلّ الحبّ

قديم 07-22-2022, 11:14 PM
المشاركة 6
موسى إبراهيم الثنيان
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي رد: الْبقرة اعْطِيْرَه
رغم اعتماد القصة على خط سردي واحد ولغة مباشرة ، أعجبني جدا الربط بين البقرة وبين بقرة بني إسرائيل ورمزيتها في كشف الحقيقة فقد أعطى القصة زخم فني جميل.


تحياتي لك

قديم 07-24-2022, 10:25 AM
المشاركة 7
موسى المحمود
كاتب فلسطيني مميز

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي رد: الْبقرة اعْطِيْرَه
رغم اعتماد القصة على خط سردي واحد ولغة مباشرة ، أعجبني جدا الربط بين البقرة وبين بقرة بني إسرائيل ورمزيتها في كشف الحقيقة فقد أعطى القصة زخم فني جميل.


تحياتي لك
شكرًا على حضورك اللطيف وقراءتك المعمّقة.

تحياتي واحترامي

قديم 07-27-2022, 09:20 PM
المشاركة 8
ياسَمِين الْحُمود
(الواعية الصغيرة)
عضو مجلس الإدارة سابقا

اوسمتي
الحضور المميز الألفية الثانية الإداري المميز الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الأولى وسام الإدارة التكريم الكاتب المميز 
مجموع الاوسمة: 9

  • غير موجود
افتراضي رد: الْبقرة اعْطِيْرَه
هل هي البقرة إعطيره
أم هي خيباتنا وأحلامنا الموءودة التي تضع أختامها على الأشياء من حولنا
فتجعلها تتضخم وتملأ المساحات من حول رؤانا وأمنياتنا ؟!
بدأت القراءة بجاذبية وشعرت
أن هناك مايشدني إلى التوغل بأعماقها..
قرأتها بكامل الحواس وبلغتكِ المتينة
التي تمتص أفكار ومشاعر القارئ
وكأن الحدث بما فيه من تكثيف رائع
أتى لـيفجر في وجوهنا التساؤلات والتأملات
قصة بديعية وحبكة بهية وفكر عميق
وسبك نقاء الـروح ...
تحية كبيرة لهذا القلم الذي لازال يكتب بكل وطنية
وفي كل منبر إن كان شعرا أو بوحا أو سردا
حتى حواراته فلسطينية بحته ..
تحية لفلسطين ولابنها المخلص والمحب لها نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلةنقره لعرض الصورة في صفحة مستقلةنقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

قديم 07-28-2022, 03:30 PM
المشاركة 9
موسى المحمود
كاتب فلسطيني مميز

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي رد: الْبقرة اعْطِيْرَه
هل هي البقرة إعطيره
أم هي خيباتنا وأحلامنا الموءودة التي تضع أختامها على الأشياء من حولنا
فتجعلها تتضخم وتملأ المساحات من حول رؤانا وأمنياتنا ؟!
بدأت القراءة بجاذبية وشعرت
أن هناك مايشدني إلى التوغل بأعماقها..
قرأتها بكامل الحواس وبلغتكِ المتينة
التي تمتص أفكار ومشاعر القارئ
وكأن الحدث بما فيه من تكثيف رائع
أتى لـيفجر في وجوهنا التساؤلات والتأملات
قصة بديعية وحبكة بهية وفكر عميق
وسبك نقاء الـروح ...
تحية كبيرة لهذا القلم الذي لازال يكتب بكل وطنية
وفي كل منبر إن كان شعرا أو بوحا أو سردا
حتى حواراته فلسطينية بحته ..
تحية لفلسطين ولابنها المخلص والمحب لها نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلةنقره لعرض الصورة في صفحة مستقلةنقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
الدكتورة الفاضلة ياسمين الحمود،
يا ابنة الأكرمين،
حضورك أسعدني وشرّفني
لقد كان للكويت وشعبها العظيم دور هام في دعم قضية فلسطين العربية
ولن ننسى مواقفكم المشرّفة في الدّفاع عن قضيّتنا العربيّة والإسلاميّة المشتركة "فلسطين"

كل التقدير والاحترام


مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:44 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.