احصائيات

الردود
2

المشاهدات
6705
 
عدنان الحساني
من آل منابر ثقافية

عدنان الحساني is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
7

+التقييم
0.00

تاريخ التسجيل
Feb 2011

الاقامة

رقم العضوية
9731
02-21-2011, 09:08 PM
المشاركة 1
02-21-2011, 09:08 PM
المشاركة 1
Exclamation الهرمنوطيقا الفلسفية بين الواقع والتضليل
بسم الله الرحمن الرحيم

الهرمنوطيقا الفلسفية بين الواقع والتضليل



عدنان الحساني


ردا على بحوث: الهرمنوطيقا الفلسفية لـ(هانس جادامر) .



أولا :> فلسفية< الهرمنوطيقيا ومصادرة الاصطلاح


الفلسفة مصطلح معروف كعنوان لأهم شعبة من شعب المعرفة الإنسانية, تربى هذا المصطلح في أحضان الفكر اليوناني وبالخصوص عند فلاسفتهم الإلهيين الذين كان لهم الفضل الأول في تأسيس المبادئ المنهجية للفكر الإنساني أمثال سقراط وأرسطو وأفلاطون حيث صنعوا هم هذا الاصطلاح ووضعوه تعيينا وتعينا في خصوص المعرفة الإلهية حيث قالوا أن( الفلسفة هي التشبه بالإله).( )
ومعناها أي الفلسفة محبة الحكمة والحكمة صفة الراشدين والعقلاء وهي بعيدة عن المضلين والسفهاء خصوصا وان اللفظ موضوع من قبل الإلهين فأي استعمال من قبل غيرهم من الوضعيين والماديين هو مصادرة منطقية وعملية في نفس الوقت خصوصا إن أريد بها محايثة بعض المناهج الهدامة والمواجهة للفكر الإلهي ونحن نعلم أن الحيثية التي بحثت فيها الهرمنوطيقا تاريخيا تستند إلى إشاعة الشكوك في الفكر الديني بصورة عامة خصوصا بعد التعامل المجحف الذي تعرض له النص الإنجيلي من قبل أرباب الكنيسة أولا ومن ثم من قبل التنويريين الجدد فمن التحريف الحرفي إلى التحريف التأويلي ومن المواجهة الداخل دينية مع النص الوحياني إلى المواجهة الخارج دينية المتمثلة بتيارات النهضة والعلمانية والحداثة.و....الخ.
من هنا بات من غير اللائق منهجيا إطلاق صفة الفلسفية على الهرمنوطيقا لأنها- أي الفلسفة- مفهوم معرفي وضع ضمن منهج محدد وثابت في مسار التوجه الإلهي بينما يدعو جادامر وهو من منظري الهرمنوطيقا البارزين إلى فهم انطولوجي خاص بالبعد الهرمنوطيقي أي بالانعزال عن روح الواقع الوحياني في خصوص النص الديني وهذا ما يرفضه البعد المنهجي والتاريخي للفلسفة إضافة إلى حيثية الاصطلاح والتأسيس الفلسفي القائم أساسا على تفسير حقيقة الوجود من منطلق وحياني وإلهي صرف .
أضف إلى ذلك إن الفهم الفلسفي يتحرى أصول وثوابت ميتافيزيقية لا تقبل نسبية الفهم فضلا عن نسبية اليقين أي أنها لا تقبل اليقين بمعناه الأعم بل لابد من تحقيق القدر الأعلى من الأدوات الموصلة إلى اليقين بمعناه الأخص وهذه هي ديناميكية الفلسفة في حين إن التيار الهرمنوطيقي يقف على قمة التوجه النسبي والانعزال عن ثوابت الوجود والانفصال عن أصول القيم الفكرية يقول عبد العزيز العيادي وهو باحث يكتب في هذا المجال:
> لا يهمّ الهرمنوطيقا استحضار الأصول أو إعادة ترميمها من أجل تملّك أفضل لها وهي لا تعيد إنتاج التقويم الميتافيزيقي التراتبي ولا تبحث عن إقامة تراتب نظري ـ سياسي كالذي كان حدّده أرسطو في مقالة الألف الكبرى من ا لميتافيزيقا حيث يكون الفيلسوف دوما إلى جانب البدء والأصــــــل والرئاسة. فالهرمينوطيقا لا تعمل على استعادة الميتافيزيقا ولا تعمل أيضا على تعويضها وهي حين تقيم علاقة بالماضي فلأنها تعمل على تفهّم سياق الدلالات لا لتبحث في الماضي عن أصل ثابت وإنما لتعري ما يزعم لنفسه هذه الصفة ولتكشفه كأفق تاريخي محدود ومخصوص<.( )
فمن أين جاءت الهرمنوطيقا وهي مجرد تيار يتعامل مع جانب ضيق من جوانب الوجود اقصد الجانب اللغوي بهذه السلطة والهيمنة الشمولية القادرة دون غيرها على تفسير حقيقة الكينونة الأنطولوجية والقادرة أيضا على إلغاء نتاجات الحضارة الإنسانية القائمة على أصول المعرفة الإنسانية على مدى دهور متمادية هذه دعوى لابد من مراجعة أدلتها للوقوف على صدق المدعى خصوصا وإنها إلى الآن تفتقد الإستراتيجية المنهجية بعد تعثرها في توحيد تياراتها المختلفة وهي تنتقل من موت إلى آخر فمن موت المؤلف إلى موت المفسر القارئ إلى موت النص فشتان بين فلسفة تدعو إلى الموت وفلسفة تدعو إلى النور والحياة الأبدية وهي الفلسفة الإلهية الأصيلة .
الحكمة العملية بين الفلسفة الواقعية والهرمنوطيقا الفلسفية
يدعي جادامر أن الهرمنوطيقا الفلسفية قادرة على تكريس القيم العملية انطولوجيا من خلال التأمل( ) ولا ندري ماذا يقصد بالتأمل وما هي الواسطة التي تنجز عملية التأمل وتعطي نتائج يقينية فيما ينبغي وما لا ينبغي للإنسان في ضوء أحكام العقل العملي فهل إن أدوات اللغة وحدها قادرة على إدارة عملية التأمل أم أن هناك أصول وثوابت لا يمكن تجاوزها عقليا ونحن هنا سنتعرض أولا لإحكام العقل العملي في الفكرالإلهي وبالخصوص في الفكر الإسلامي ونقارن بينه وبين الحكمة العملية التي يدعو إليها جادامر في هرمنوطيقيته الفلسفية .
إن من أهم القضايا الأولية في الحكمة العملية والتي بحثها الفكر الإسلامي على وجه الخصوص هي مسألة الحسن والقبح فهذه المسألة تمثل محور الأحكام العملية في ميزان العقل العملي وقبل الخوض في هذه القضية نطرح تفسير فلاسفة الإسلام ومفكريه للعقل العملي حيث يقول الشيخ الرئيس في كتاب الشفاء:
> إن كمال العقل العملي استنباط الآراء الكلية في الفضائل والرذائل من الأعمال على وجه الابتناء على المشهورات المطابقة في الواقع للبرهان ، وتحقيق ذلك البرهان متعلق بكمال القوة النظرية<.
وعليه فان عملية استنباط قضية من القضايا الكلية والتي تدخل في صميم الممارسة العملية المنبثقة عن الحكمة العملية هذه العملية ترتبط بعمليات قبلية تبلورت بفعلها الأدوار الأخيرة للعقل النظري ونحن نعلم إن العقل النظري هو الفاعل الأول في تحقيق الفهم الأنطلوجي عند الإلهيين وبالخصوص الإسلاميين منهم بينما يؤسس جادامر فلسفته العملية على ممارسة التأمل ويبدو انه يقصد من التأمل هو الانسياق مع عرف العقلاء في الحكم على الأشياء من حيث الحسن والقبح وإلا فان العقل النظري لا يرتب أثرا للتأمل المجرد عن مقدمات الاستنباط الكلية وهو بذلك ينفصل تماما عن المنهج المنطقي والذي أسسه أرسطو وبنى عليه حكمته العملية تبعا وهذا يتجافى تماما مع الرأي الذي ساقه الشيخ واعظي من أن جادامر كان في دور من أدواره يلتزم اتجاها في الحكمة العملية يشبه اتجاه أرسطو, ونحن جئنا بكلام الشيخ الرئيس تأييدا لهذه الحقيقة إذ أن الشيخ الرئيس يطابق تماما ما عليه المعلم الأول في أكثر نظرياته

ثانيا: حقيقة اللغة بين الفكر الإسلامي والفكر الغربي

يذهب جادامر إلى أن علاقة الإنسان بالعالم في الأساس هي علاقة لغوية في كنهها فلا يمكن فهم هذه العلاقة إلا عن طريق هذه العلاقة, ولا يخفى سقم هذا الرأي بناء على ما فهمناه من الفلسفة العقلية من أن اللغة لا تمثل سوى تنزل قالبي لحقيقة هذه العلاقة, نعم اللغة تمثل قناة مهمة في تفسير أبعاد هذه العلاقة لكنّ الأبعاد الأنطولوجية الأخرى هي التي تمثل جوهر هذه العلاقة ولا يمكن أن تسع اللغة كل أبعاد هذه العلاقة فعلاقة الحب مثلا أو الملائمة بين الأشياء أو قانون الزوجية التكويني فمهما عبرت اللغة عن هذه العلاقات لا يمكننا أن نحكم بان تعبير اللغة عن هذه العلاقات هو منتهى الحقيقة نعم قد تستطيع اللغة أن تتحايث مع مستوى من مستويات حقيقة هذه العلاقة إلا أنها لا يمكنها أن تحيط بها تلك الإحاطة الشمولية وهي الحقيقة التي أشار إليها القرآن الكريم في قوله تعالى:{ قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا}.الكهف:109
فالعلاقات الوجودية والحقائق الكونية تتمنع عن الإحاطة المطلقة للّغة مهما كانت تتميز تلك اللغة بخصائص ثرة من حيث التعبير عن الأشياء والجدير بالذكر أن الذي يجعل للغة والألفاظ الدور الأهم في تفسير الأشياء إنما ينطلق من نظرته الحسية للأشياء الخالية تماما من إرجاعات العقل والفطرة ويفرق صدر المتألهين بين النظرتين في قوله:
> أن الحكم الفطري والحدسي كالاقتناصي, مما يجوز فيه التفاوت بالقياس إلى الأذهان والأزمنة, وخصوصيات المفهومات والعقود؛ لتفاوت النفوس في استعداداتها الأولية غريزيةً, واستعداداتها الثانوية كسبيةً, فالسلائق العقلية في إدراك نظم الحقائق وتأليفها, وزانها وزان السلائق الحسية السمعية في وزن الألفاظ وتأليف الأصوات, وجهه الوحدة في العقليات كجهة الوحدة في السمعيات, والتخالف كالتخالف وكل من سلمت ذائقه عقله من القصور والاختلال, أو من الأمراض النفسانية والاعتلال الحاصل من مباشره الجدال والمناقشة في القيل والقال. لم يرتب في استحالة رجحان الشئ على مثله من كل جهة الا بمنفصل, ومن استحل ترجيح الشئ بلا مرجح يوشك أن يسلك سبيل الخروج عن الفطرة البشرية؛ لخباثة ذاتية وقعت من سوء قابليتها الأصلية, وعصيان جبلّي اقترفته ذاته الخبيثة في القرية الظالمة الهيولانية والمدينة الفاسقة السفلية<.
فنلاحظ انه فرّق بين الحقائق العالية وهي التي تحكم علاقات الموجودات انطولوجياً وبين الحقائق السفلية والتي يمكن للغة أن تتعامل معها وفق أدوات الحس والتجربة ويقول صدر المتألهين في موضع آخر من أسفاره في توجيه رموز وألفاظ الحكماء المتقدمين :
>وبالجملة القدماء لهم الغاز ورموز وأكثر من جاء بعدهم رد على ظواهر كلامهم ورموزهم إما بجهله أو غفلة عن مقامهم أو لفرط حبه لرئاسة الخلق في هذه الدار الفانية وطائفة ممن تأخر عنهم اغتروا بظاهر أقاويلهم و اعتقدوها تقليدا لأجل اعتقادهم بالقائل وصرحوا القول بالاتفاق وضلوا ضلالا بعيدا ولم يعلموا أن المتبع هو البرهان اليقيني أو الكشف وان الحقائق لا يمكن فهمها عن مجرد الألفاظ فان الاصطلاحات وطبائع اللغات مختلفة<.
وهذا تصريح واضح بان الحقائق الوجودية متمنعة أمام الألفاظ وأدوات اللغة وليس لها طريق سوى الاستنباط العقلي إما كشفا أو برهانا وحتى اللغة البرهانية لا تمثل سوى إضاءات إشراقية للوقائع النفس أمرية التي يتوصل إليها البرهان العقلي أو الذوق الكشفي للفيلسوف والعارف.
وعلى الرغم من أن جادامر حاول أن ينفصل عن الاتجاه التجريبي في تفسير حقيقة الفهم الا انه لم يوفق إلى تكريس مستويات مقبولة من الموضوعية المنهجية لأنه بالأساس يرفض المنهجية التي اتبعها هيجل انسياقا مع المدرسة اليونانية فهو أراد من خلال هذا الانفصال أن يحقق ذاته في الابتكار والإبداع على الرغم من زعمه المتكرر من أن الباحث لابد أن ينفصل عن ذاتياته الا انه في مواضع أخرى يعود ويجعل لقبليات الفاعل المعرفي دورا مهما في عملية الفهم وهذا التناقض مرده إلى إنكار الحاجة إلى المنهج المعرفي وبالتالي يؤسس نظريته المعرفية من خارج المنهج وهو ما يسميه(التفكير خارج دائرة المنهج) ويعترف الشيخ واعظي بالإبهام الواضح في هذه الفكرة التي تبناها جادامر حيث يقول: (ويبقى على كل حال الإبهام على حاله فلا ندري كيف يفكر جادامر فيما يتعلق بمسالة المنهج وهل ينتهي نقده للمناهج التي تستخدمها العلوم الطبيعية إلى معاداة العلم أم لا؟)الا أن الشيخ واعظي يحاول أن يوجه هذه الفكرة وان كانت تخالف السياق المنطقي حيث أن جادامر لم يلحظ أي معيار يمكن أن تعتمد عليه الأسس المعرفية لان الإنسان بزعمه يعيش غربة مع الأشياء لذلك فقد احتاج إلى المنهج القادر على إخضاع الأشياء إلى شيء من الائتلاف والتقارب بينما الإنسان ومن خلال (كينونته في البيت) كما يعبر هو- وهي مرحلة سابقة للحاجة المنهجية- يستطيع أن يتغلب على هذه الغربة وبالتالي يستغني عن منهجة معرفته بالأشياء الا أن هذه نظرة تجزيئية في التعامل مع الواقع المعرفي لان الناس يتفاوتون في التوافر على عنصر الاستغناء الكينوني والاستفادة منه, فهذه النظرة وان كانت وجيهة إلى حد ما من الناحية الثبوتية وهو أمر محقق عند أهل العرفان في الفكر الإسلامي الا انه لا ينسجم مع الحاجة الواقعية للإنسان من الناحية الإثباتية وكما ورد في الحديث عن علي ×قوله:(كلموا الناس على قدر عقولهم...)( )وكذلك ما ورد عن النبي’قوله: (كل ميسر لما خلق له)( ) ثم أن قضية الوجود في اليد والوجود خارج اليد وهو التفسير الضاهراتي الذي يأخذ به جادامر ويفسر به عدم الحاجة إلى المنهج وهو التفسير الذي أسسه أستاذه هايدجر فإن هذه القضية ليست جديدة من الناحية التحقيقية فقد بحثها علماء الأصول الإسلاميون وان كان قد بحثت من زاوية لغوية صرفة الا أنها أخضعت لمنهج تحقيقي وبالتالي ما خضع لمنهج كيف يكون قادرا على توفير مناخ عدم لحاظ المنهج. ( )
عموما فان المنهجية قضية لابد من أن تلحظ وان المعارف الفطرية والأولية والتي هي عناصر الكينونة الأولى أو ما يسميه جادامر الوجود في اليد أو الكينونة في البيت هذه المعارف لابد أن توجه توجيها موضوعيا من خلال إيقاظ الفطرة وتركيب المقدمات وهذا ما تتكفل به علوم المناهج بالذات وهذا ما أشار إليه القرآن الكريم في أكثر من مناسبة كما في قوله تعالى:{ أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمْ مَنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}الملك, (22).
وقوله تعالى:{ .....لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آَتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ}المائدة, (48).
وغيرها من الآيات القرآنية ذات الشأن.
ولعل هذا التوجه الذي تبعه (جادامر) نابع عن خلطه بين إدراك الموجودات ادراكا حقيقيا وبين إدراكها ادراكا اعتباريا وعملية الفهم الانطلوجية تتعلق أولا وبالذات بالنوع الأول من الإدراكات أما النوع الثاني فهو كما يعرفه الشهيد مطهري في تعليقته على كتاب الأسس الفلسفية والمذهب الواقعي للعلامة الطباطبائي >وأمَّا الإِدراكات الاعتبارية فهي فروض صاغها الذهن لتأمين احتياجات الحياة، وهي تتّصف بالوضعيّة والاتفاقية والاعتبارية ولا علاقة لها بالواقع ونفس الأمر<.( )
والوجود في اليد هو تلك النتائج المتمخضة عن الإدراكات الحقيقية وعلاقتها بما هو خارج اليد ليست سوى علاقة صاغها الذهن لتأمين حاجاته المعرفية ونجد أن جادامر حلل بين الواقعتين الا أن هذا التحليل لا يعد مبررا كافيا لرفضه لمنهجة المعارف منهجة منطقية خصوصا وان اغلب المعارف الإنسانية اليوم هي وليدة التجربة خصوصا تلك العلوم الطبيعية وبالتالي فهي وان كانت معارف خارجة عن حقيقة الفهم الأنطلوجي الا أنها بحاجة الى منهج يحقق للمشتغلين بها القدر المتيقن من عناصر الإلهام المعرفي ولو من حيث الاعتبار الذهني.
ويحاول جادامر حسب زعمه أن يفرق بين نتائج العلوم وبين حقائق الأشياء التي تبحث عنها العلوم في نفسها وهذا الزعم وان كان هو غاية الفلاسفة العقليين الا أن الآلية التي يريد من خلالها جادامر أن يحقق هذا الزعم تختلف عن أدوات الفلسفة العقلية فهو يريد أن يحقق هذا الزعم من خلال فلسفته الهرمنوطيقية ويعزو جادامر توجهه هذا الى ضيق الأفق الذي ينتج عن المنهجية الشكية التي أسسها ديكارت في منهجية العلوم إلا أن حصره للمناهج المعرفية بالشك الديكارتي خاضع هو الآخر للأفق الضيق الذي ينظر من خلاله جادامر خصوصا وانه يزعم في فترة من الفترات بان تفكيره يقترب من الفكر اليوناني العقلي وهو الفكر المنهجي الأصيل الذي وضع للإنسانية أول بذور المنهج الفكري المدرسي ثم أن جادامر يحاول أن يعطي للبعد التاريخي للفاعل المعرفي دخلا مهما في عملية الفهم في حين أن أكثر النصوص الدينية مثلا لا تؤسس لظرفها التاريخي المحدود وإنما تنفتح انفتاحا تأويليا قابلا للانطباق على أكثر الأدوار التاريخية تطورا وفق ضوابط يضعها فاعل النص الأول بذاته وهو ما نسميه في خصوص النص القرآني- مثلا- بقانون الجري والتطبيق وسوف نتحدث أكثر عن ذلك في البحوث القادمة .

ثالثا: مفهوم التأويل عند المسلمين

أن مفهوم التأويل المقصود هنا مفهوم قرآني منضبط الدلالة. وهو يعني قصراً النظر في مآلات الأمور وحقائقها بحيث لا تتعداها إلى غيرها وهو يختلف تماما عن مفهوم التأويل بمعناه الهرمنوطيقي والذي يحاول أن ينقلب تاريخيا على فاعل النص, ويخضع المفاهيم الى محايثة شمولية فضلا عن المصاديق والوقائع التي تمت الى ذلك النص بصلة وجودية حقيقية أو اعتبارية, وليست كل النصوص الدينية مباحة للتأويل, فإن الإحكام صفة قد ميزت الكثير من النصوص القرآنية, وحتى الروائية, وهو ما يعطي لدلالات هذه النصوص حصانة أمام فاعل الفهم خصوصا لو أراد أن يدخل بعده التاريخي في عملية التأويل يقول العلامة محمد هادي معرفة عن معنى التأويل .
>و أما التأويل فهو دفع الشبهة عن المتشابه من الأقوال و الأفعال , فمورده حصول شبهة في قول أو عمل , أوجبت خفاء الحقيقة (الهدف الأقصى أو المعنى المراد)فالتأويل إزاحة هذا الخفاء, فالتأويل ـ مضافا الى انه رفع إبهام ـ فهو دفع شبهة أيضا, فحيث كان تشابه في اللفظ كان إبهام في وجه المعنى أيضا, فهو دفع و رفع معا<( ).
ومن خلال هذا التعريف يتضح معنا مدى تمكن التأويل بمعناه الإسلامي من توفير عنصر الرائزية( ) التحققية التصديقية القادرة على محايثة النص الوحياني مع الحقائق الكونية انطولوجيا ووجوديا وذلك لان الدفع والرفع للشبهة والإبهام معا ضمن ممارسة عملانية متحدة الوظيفة يعطي لفاعل الفهم مساحة سكونية مريحة للتعامل مع الواقع المبان من خلال هذه الممارسة وبالتالي الإمساك بالواقع من خلال مصاديقه التي اتضحت من خلال هذه الممارسة المنضبطة فالتأويل صنو الواقع المقروء وليس بالضرورة أن يكون صنو الواقع النفس أمري إلا أن ينص نص معصوم على ذلك فالتأويل> من الأول , و هو الرجوع الى حيث المبدأ, فتأويل الشيء إرجاعه الى أصله و حقيقته , فكان تأويل المتشابه توجيه ظاهره الى حيث مستقر واقعه الأصيل<( ) .
ومصطلح التأويل بالمفهوم الإسلامي يخضع الى معايير منطقية وعقلية, فعملية التأويل لابد أن تتلاقى مع هذه الضوابط لكي تكون عملية مقبولة بحثيا وعلميا, وبالتالي فهي منمطة تنميطا منهجيا تتماهى مع دلالات النص ضمن وحدة سياقية لا تقبل الانفصال والقطيعة, لامع المؤلف ولامع القارئ ولا مع النص ولا مع التاريخ اقصد البعد الزمني الذي قد يتدخل في تحرير دلالة النص عن إرجاعاته الأولية, وهو ما يسمى في مصطلح المفسرين قانون الجري والتطبيق. يقول العلامة معرفة أيضا في ضمن هذا السياق: >و مما يجدر التنبه له أن للأخذ بدلائل الكلام ـ سوا أكانت جلية أم خفية ـ شرائط و معايير, لا بد من مراعاتها للحصول على الفهم الدقيق فكما أن لتفسير الكلام ـ و هو الكشف عن المعاني الظاهرية للقرآن ـ قواعد وأصول مقررة في علم الأصول و المنطق , كذلك كانت لتأويل الكلام ـ و هو الحصول على المعاني الباطنية للقرآن ـ شرائط و معايير, لا ينبغي إعفاؤها و الا كان تأويلا بغير مقياس , بل كان من التفسير بالرأي الممقوت<( ) .
إذن فقد تقرر أن عدم مراعاة معايير التأويل الإسلامي يفضي بالنتيجة الى الحكم عليه بأنه تفسير بالرأي فتتحقق في هذا النوع من التأويل نوعين من الحرمة الأولى منهجية علمية, والأخرى شرعية أما ما هو نوع هذه المعايير التي يجب أن تراعى في التأويل بمفهومه الإسلامي, فلا بأس من أن ننساق قليلا مع العلامة معرفة للوقوف جليا على هذه العملية التفسيرية حيث يقول:
> وليعلم أن التأويل ـ و هو من الدلالات الباطنية للكلام ـ داخل في قسم الدلالات الإلتزامية غير البينة , فهو من دلالة الألفاظ لكنها غير البينة , و دلالة الألفاظ جميعا مبتنية على معايير يشرحها علم الميزان , فكان التأويل ـ و هو دلالة باطنية ـ بحاجة الى معيار معروف كي يخرجه عن كونه تفسيرا بالرأي . فمن شرائط التأويل الصحيح ـ أي التأويل المقبول في مقابلة التأويل المرفوض ـ أولا: رعاية المناسبة القريبة بين ظهر الكلام و بطنه , أي بين الدلالة الظاهرية و هذه الدلالة الباطنية للكلام , فلا تكون أجنبية , لا مناسبة بينها و بين اللفظ أبدا فإذا كان التأويل ـ كما عرفناه ـ هو المفهوم العام المنتزع من فحوى الكلام , كان لا بد أن هناك مناسبة لفظية أو معنوية استدعت هذا الانتزاع .
مثلا: لفظة ((الميزان )) وضعت لآلة الوزن المعروفة ذات الكفتين , وقد جاء الأمر بإقامتها و عدم البخس فيها, في قوله تعالى : {و أقيموا الوزن بالقسط و لا تخسروا الميزان } .
لكنا إذا جردنا اللفظ من قرائن الوضع و غيره و أخلصناه من ملابسات الأنس الذهني , فقد أخذنا بمفهومه العام :كل ما يوزن به الشيء , إي شي كان ماديا أم معنويا, فانه يشمل كل مقياس أو معيار كان يقاس به أو يوزن به في جميع شؤون الحياة , و لا يختص بهذه الآلة المادية فحسب .
قال الشيخ أبو جعفر الطوسي : فالميزان آلة التعديل في النقصان و الرجحان , والوزن يعدل في ذلك و لولا الميزان لتعذر الوصول الى كثير من الحقوق , فلذلك نبه تعالى على النعمة فيه و الهداية إليه و قيل : المراد بالميزان : العدل , لان المعادلة موازنة الأسباب.- و ثانيا: مراعاة النظم الدقة في إلغاء الخصوصيات المكتنفة بالكلام , ليخلص صفوه و يجلو لبابه في مفهومه العام , الأمر الذي يكفله قانون ((السبر و التقسيم )) من قوانين علم الميزان (علم المنطق ) و المعبر عنه في علم الأصول : بتنقيح المناط, الذي يستعمله الفقهاء للوقوف على الملاك القطعي لحكم شرعي , ليدور التكليف أو الوضع معه نفيا و إثباتا, و لتكون العبرة بعموم الفحوى المستفاد,لا بخصوص العنوان الوارد في لسان الدليل و هذا أمر معروف في الفقه , و له شرائط معروفة .و مثال تطبيقه على معنى قرآني , قوله تعالى ـ حكاية عن موسى (ع ) ـ : {قال رب بما أنعمت على فلن أكون ظهيرا للمجرمين } <( ).
ونكتفي الى هذا الحد في بيان معنى التأويل بحسب المفهوم الإسلامي, والذي حدانا إليه هو أن الهرمنوطيقا عموما لاسيما الفلسفية منها والتي تبناها جادامر تريد من التأويل شيئا يشابه الى حد بعيد عناصر التفسير بالرأي خصوصا مع انبثاق تيار مهم من تيارات الهرمنوطيقا والذي يدعو الى تعدد القراءات بالانفصال عن معايير اللغة والمنطق والإمساك بخصوصيات فاعل الفهم( القارئ) فقط وفقط و للاطلاع أكثر على التأويل الإسلامي نوكل القارئ الى كتب علوم القرآن خصوصا أبحاث الشيخ السبحاني والعلامة معرفة في هذا الصدد .

رابعاً:التفريق بين الواقع اللغوي والواقع الفلسفي النفس أمري.

لكي نفهم على أي قرينة استند جادامر على إعطاء نظريته الهرمنوطيقية بعدا انطولوجيا وهل هو مصيب في هذا الاستناد أم لا, فلابد أولا من معرفة حدود الواقع لكل من اللغة والعقل الفلسفي ومدى مقدرة كل منهما على تعيين الفهم النموذجي للأشياء ثانيا, والجدير بالذكر أن اللغة والتي هي محور بحوث الهرمنوطيقا لا يمكنها أن تتحايث مع البعد الواقعي للأشياء ابعد من مديات المعنى اللفظي أما العقل فهو وحده القادر على إخضاع اللغة الى إرجاعاته الفلسفية لتكون قادرة على محاكاة البعد الواقعي الا انه لاشك ولا شبهة بان الصناعات الخمس وهي الصناعات المنطقية التي يعتمد المنهج العقلي على اغلبها للوصول الى الواقع المعرفي هذه الصناعات تعتمد على اللغة في قياساتها ومقدماتها وحتى الرموز والإشارات الدينية لا يمكن التعبير عنها الا من خلال الأوضاع اللغوية ولكن هذه الوظيفة المهمة لا تعطي للغة تلك الهيمنة الطاغية على محايثة الواقع لان الواقع الأنطلوجي لا يوجد الا عن طريق الاتصال الوجوديّ بين القوة المدركة والمصاديق الواقعيّة أما اللغة فهي اعتبارات إشارية تنهض بالوظيفة الدلالية لهذا الاتصال وليس لها شأنية الاتصال بالواقع الا من هذه الجهة وهي اعتبارات سابقة للمجتمع كما يعبر عن ذلك العلامة الطباطبائي في أسس الفلسفة حيث يقول>الاعتبارات السابقة للاجتماع: هي تلك الاعتبارات التي لا يجد الإِنسان مفرّاً من اعتبارها في كلِّ اتِّصال له بالفعل، أي أنَّ الذي يوجدها هو أصل ارتباط الطبيعة الإِنسانيّة بالمادة في الفعل. ومن هنا فإنها لا يحويها الفناء ولا يطرأ على ذاتها التغيير<.
صحيح ان استنتاجات اللغة وتوليداتها الدلالية تشابه استنتاجات العقل البرهاني من حيث الآلية الا أن الأولى هي محض اعتبارات روعي فيها انسجامها مع البيئة والحاجة الاجتماعية والثانية هي ادراكات حقيقية تتحايث ذاتيا مع استنتاجاتها القياسية وبغض النظر عن انسجامها مع حاجات الاجتماع والبيئة يقول العلامة الطباطبائي في هذا الصدد:> وإن تأملنا في المعلومات الاعتبارية وجدنا أن حال الإدراكات الاعتباريّة في التّوليد والاستنتاج هو حال العلوم الحقيقيّة، فنحن قد أخذنا مثلاً نسبة الوجوب (لا بدّ) من نسبة الضرورة الخارجية الموجودة بين العلّة والمعلول الخارجيين، والعامل الأساسي لهذا الاعتبار هو أننا لاحظنا ارتباط هذا الفعل بالقوة الفعّالة واشتماله على مصلحة تلك القوة، ومن الواضح أن هذا الوجوب الاعتباري-كالوجوب الحقيقيّ-يتحقّق بين الفاعل والفعل (وهو الوجوب التَّعييني حسب اصطلاح علم أصول الفقه)، ولكنه بعد إنجاز هذا الأمر لما كنا أحياناً أن فعلين مختلفين يشتملان كلاهما على المصلحة بشكلٍ متساوٍ لذا فنحن نعتبر الوجوب بين القوة الفعّالة وأحد الفعلين (لا على التّعيين)، وبالتالي يظهر وجوب جديد نطلق عليه اسم الوجوب التخييري وعن هذا الطريق أيضاً تحدث جميع-أو أكثر-التغييرات التي تطرأ على اللغات المختلفة فتشمل الألفاظ والكلمات، وذلك لأننا عندما نجعل لفظاً ما عبارة عن الوجود اللفظي لمعناه فإنه بعد مرور فترة على الاستعمال تقوم قريحة التسامح-معتمدة على قاعدة ضرورة اختيار الأخف الأسهل بوضع لفظ آخر مكانه بحيث يشبهه وهو أيسر على الألسنة من الأول وشيئاً فشيئاً يؤول اللفظ الأول إلى النسيان<


الحقيقة اللغوية والحقيقة الفلسفية.

لقد اثبت اللغويين العرب أن الحقائق اللغوية محدودة بالقياس الى العنصر الدلالي الذي يتدخل فيه المجاز والتشبيه والكناية وما الى ذلك من عناصر لغوية تسلب من الأوضاع الحقيقية للغة مستويات كثيرة من كاشفيتها عن المعنى الموضوع له اللفظ وبالتالي فإن الحقيقة اللغوية لا يمكن الاطمئنان إليها بالجملة من حيث كشفها عن الواقع حتى في حدود الوضع والاستعمال فضلا عن حدود الوقائع الوجودية والأنطلوجية للأشياء نعم قلنا سالفا أنها قناة مهمة للاتصال بين فاعل النص, وفاعل الفهم للوصول الى حيثيات المعنى الذي يحكي عنه اللفظ ليصل بعد ذلك الى وقائع انطولوجية ووجودية هي مستمسكات ذلك المعنى وبالتالي فإن الاعتبارية التي تتصف بها الألفاظ لا تعطيها ذلك الكشف التام عن الواقع الأنطلوجي وإنما غاية ما توصل إليه دلالاتها هو ما ينسجم مع قبليات المفسر والقارئ وارتكازاته عن واقعه هو بعكسه في النصوص الدينية المحكمة الدلالة مثلا فإن مواضيعها الواقعية هي التي تأتي الى القارئ والقارئ غير مكلف بالوصول إليها من خلال فعله للفهم

الهرمنوطيقا الفلسفية وفصل الخطاب القرآني

أشار القرآن الكريم الى مسألة الواقع اللغوي وما تفضي إليه حدود هذا الواقع من خلال مصطلح( فصل الخطاب) الذي جاء كصفة ميزت نبيه داود في القرآن الكريم حيث يقول تعالى:{وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ وَآَتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ} ص, 20,فإذا كانت لغة الزبور الذي هو كتاب داود عليه السلام تتسم بالفصل والتمنع أمام فاعل الفهم فما بالك بلغة القرآن وهي اللغة المعصومة والمعجزة بكل معنى الكلمة ولغة القرآن التي هي لغة معصومة لا يمكن إخضاعها الى كشوفات هرمنوطيقية وإنما هي خاضعة لمرادات ومقاصد نفس أمرية حددها الله سبحانه وتعالى بحدود تفصل هذه الدلالات عن أي كشوفات إضافية حشوية زائدة وقد سماها بفصل الخطاب ومصطلح فصل الخطاب له أبعاد ودلالات علمية يمكن أن تكرس لنظرية إسلامية في علاقة اللغة مع كينونة الأشياء من واقع أيدلوجي قرآني معصوم وثبات هذه اللغة أي لغة القرآن على ميزان دلالي ومقاصدي ثابت وذلك لان فصل الخطاب وهو المصطلح القرآني الواضح الدلالة من حيث النظرية اللغوية القرآنية يعني بكل ما يعنيه أن النص الوحياني لا يمكن إخضاعه للفهم البشري إلا به هو ومن خلاله هو أو ما رافقه من عناصر داخل دينية مفسرة ومؤولة وبالتالي فإن الدعوة الى أنسنة الخطاب القرآني تصطدم بجدار الفصل الذي وضعه القرآن لخطابه حيث يقول تعالى{إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ (13) وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ}.
وهذا الفصل التدويني ينسجم تماما مع ما قدره الله وقضاه من الفصل التكويني وهو انعكاس وتجلي حقيقي بين الأشياء الداخلة في سنن ونواميس الوجود حيث يقول جل وعلا إشارة الى هذا الانسجام :{ أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ وَلَوْلَا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}الشورى,21.
والنص الديني والقرآني على وجه الخصوص لا يمكن خضوعه للتفسير الضاهراتي وذلك على القول بقدم القرآن وخروجه عن التنزلات القالبية للّغة فإنه على هذا القول لا يمكن وصفه بأنه داخل اليد أو بأنه خارج اليد بل هو المهيمن على اليد وعلى البيت فضلا عن الكينونة داخل البيت وتشير بعض الروايات الى هذه الحقيقة حيث جاء عن علي بن محمد ، عن صالح بن أبي حماد ، عن الحجال ، عمن ذكره ، عن أحدهما ( عليهما السلام ) قال : سألته عن قول الله عز وجل : {بلسان عربي مبين} قال : يبين الألسن ولا تبينه الألسن.
وبالتالي فإنه ينفصل عن تاريخانية النص- أي خضوعه للبعد التاريخي المحدود- وينفتح على الوقائع وعلى بعدها التاريخي مطلقا وبلا تحديد وليست أسباب النزول الا مناسبات للحكم والموضوع يقول الأستاذ الشيخ حسن الجواهري في مقال له في مجلة فقه أهل البيت:
> أن أسباب نزول النص الديني هي دلالات وأمارات معينات ومساعدات على حسن فهم النص وإدراك مراميه وأبعاده؛ لان النص الديني (الوحي) هادف الى تغيير أحوال المخاطبين وتغيير عاداتهم وأحوالهم، وحينئذ ستكون الحادثة التي نزلت فيها الآية القرآنية أو الظرف الذي نزل به النص الديني عبارة عن أمارة على الوضع العام الذي يراد إصلاحه وتغييره نحو الأحسن والأفضل، فحينئذ لا يجوزان تكون تلك الأسباب وتلك الأزمنة حاكمة على النص ومحددة صلاحيته واستمراريته، فالنص الديني حاكم عليها وليس العكس فالنص الشرعي يمثل خطاب اللّه الموجه الى العالم أيام النزول وأيام المستقبل الى يوم القيامة فكيف يكون التاريخ حاكما عليه؟
















قديم 03-08-2011, 05:47 PM
المشاركة 2
خالد الزهراني
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
الأستاذ الفاضل عدنان الحساني
بحث جميل ومفيد بارك الله في علمك
وزادك من فضله
تقبل احترامي
خالد الزهراني

و إذا أصيب القوم في أخلاقهم
فأقـم عليهـم مأتما و عويلا
قديم 03-15-2011, 10:39 AM
المشاركة 3
عدنان الحساني
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي
شكرا لمرورك اخي الزهراني ووفقك الله لكل خير


مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: الهرمنوطيقا الفلسفية بين الواقع والتضليل
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الوِحدة …. ( قصة من الواقع) ياسَمِين الْحُمود منبر القصص والروايات والمسرح . 10 08-03-2022 10:34 PM
قصة من الواقع .. ياسَمِين الْحُمود منبر القصص والروايات والمسرح . 27 11-28-2021 08:41 PM
¸.•*´ الوعي واللاوعي في المفاهيم الفلسفية `*•.¸ إيمان البلوي منبر النصوص الفلسفية والمقالة الأدبية 9 02-11-2020 12:20 AM
عن الحداثة الفلسفية ... يونس عاشور منبر النصوص الفلسفية والمقالة الأدبية 1 11-15-2011 01:44 AM

الساعة الآن 12:31 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.