احصائيات

الردود
8

المشاهدات
6036
 
ريم بدر الدين
عضو مجلس الإدارة سابقا

اوسمتي


ريم بدر الدين is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
4,267

+التقييم
0.68

تاريخ التسجيل
Jan 2007

الاقامة

رقم العضوية
2765
08-05-2010, 02:45 PM
المشاركة 1
08-05-2010, 02:45 PM
المشاركة 1
افتراضي الأدب الأرمني
[size=4]حياة رغيدة
من الادب الارمني
افيتيك اساهاكيان
ترجمة موفق الدليمي[//size]

ثمة ثقليد عريق عندنا في شيراك : كان الرعاة الاكراد يرعون اغنامنا حتى حلول صوم العذراء ، أي حتى اوائل آب.
في آب كان الرعاة يتقاضون من اصحاب الضآن أجور أتعابهم و يعودون إلى مرابعهم في كهوف يراسخادزور و كوهب و كاراكلا الجبلية ،يسوقون حميرا تنوء بالاحمال
بعدئذ، يقوم أولاد القرى برعي الضآن حتى اواخر الخريف وحلول بواكير الصقيع.
وكان من لا يملك اغناما كثيرة من الفلاحين يودعها في قطعان من هم أيسر حالا منهم.
و قمت انا أيضا برعي الضآن عامين متتاليين بدافع التسلية فحسب. وفي الخريف كنت اودع خرافي الحبيبة مخشوشنا لفحتني الشمس ، و أعود من غير رغبة إلى المدينة ،إلى جدران المدرسة الدافئة حيث تنتظرني كتب مدرسية و معلم صارم.
أود ان أقص عليكم ليلة من ليالي حياتي الرعوية ، ليلة فريدة مفعمة بالجمال النقي و الافتتان العميق.كنا قرابة عشرين فتى نرعى قطيع ضان كبير .
وكنت في مشارف الخامسة عشرة من العمر،وكان سمباط الذي نذعن له اذعانا مطلقا اكبرنا سنا ،في الثالثة و العشرين او يكاد.
كانت ليلة من اواخر ليالي آب ، لم يبزغ القمر بعد، و القطيع أوى للراحة تحت حراسة عدة انفار منا ، و الكلاب تتسكع حوله.
جلسنا عند النبع المتدفق من سفح مضيق جبلي هين العمق، و الجرار الفخارية باللبن تتبرد في مياه النبع ، أضرمنا موقدا و قذفنا فيه من بعر الضان الجاف ووضعنا فوقه مرجلا لنغلي ماء . و شوينا في رماده شيئا من تقاوي البطاطا.
كان بعض الاولاد يضطجع على اردية صوفية و مفارش من اللباد ، بينما استلقى الاخرون على الارض مباشرة
سمباط، زعيمنا، كان يجلس متكئا على حجر كبير يدخن لفافة تيغ من ورق سميك، و سحائب الدخان الكثيف اللاذع تتصاعد نحو السماء. راح سمباط يصدر الاوامر مشيرا باستخفاف الى الجهة التي يريد براس خنجره الكبير المعلق الى جنبه بحزامه
عند قدميه، استلقى كلبان من كلاب الرعي و راحا يغطان في نوم عميق، واضعين راسيهما على ساقيهما ، والنسيم العليل يحف بدعة فوق الحقول المحصودة ، و زيزان الحصاد تسقسق بانتظام ، و طيور لا مرئية تزقزق في البيادر بحنان ، و النعاج تشخر بلطف بين الفينة و الاخرى ، حمل النسيم من بعيد نباحا متقطعا و صرير عربات و نثار اصوات بشرية مبهمة.
وكل هذا كان يذوب في هدوء لا متناه . و غمر الضوء الازلي الذي كان لا بداية له و لا نهاية روحي أيضا ، و كانه يفيض في جسدي كله
كنت مستلقيا على ظهري وقد طويت ذراعي تحتي و رحت احدق في السماء القاتمة العتيقة المخملية التي بدت و كان كل نجوم الكون قد جمعت فيها.كنت اتصفح كتاب مصيري الذهبي الذي تتعاقب صفحاته الواحدة تلو الاخرى امام ناظري المتوقدين . في مخيلتي ارتسم المستقبل كدرب التبانة اللانهائي مليئا بالمفاجآت الساحرة و الامال الوضاءة . و الحياة، الحياة الواقعية،خيلت الي دربا سحريا ينتظرني على كتفه حصان في عدة ذهبية. كان الصراع و العشق و الفتاة الحبيبة و تخطي الحواجز و النجاح بانتظاري على درب الحياة. حليفي النصر على الدوام، وما للموت من منفذ ، لأن الحياة كانت تعني الخلود ، اما الموت ، فما كتب علي كما كان يبدو....
أصخت السمع للاغنية الصادحة في قلبي ، وراحت الدماء تتدفق بحبور في عروقي ، و غمرت كياني كله سعادة هائلة لا توصف .
كان قلبي عامرا بحب شامل ، وددت أن احتضن الوجود كله، الناس و البهائم و الصخور و الجبال و النجوم.
أحسست نفسي جزيئا من الكون يمت بالقربى لكل ما هو حي ، للشجيرات و الصخور، للريح و الماء ، للسحاب و النجوم.
أعادتني أصوات رفاقي للأرض ، قال أحدهم :
-على الإنسان إما ان لا يولد بتاتا أو ان يظهر غلى الوجود مقداما ، شأن كوراوغلي ، و يغادره مقداما .آه لو يغدو المرء مثل كورأوغلي ، ينطلق بفتاة قلبه إلى الجبال تاركا لرحمة السيف كل من يعترض سبيله!...
و اعقب آخر:
-صحيح.و إذا قيض له أن يولد كلبا ، فليكن قانص ذئاب ككلبنا كالاش
والتفت رفيقي نحوي مخاطبا:
-وانت ما رأيك؟
- انت محق يا سغمون جان ، حبذا لو يأخذ المرء حبيبة قلبه و ينطلق بها إلى الجبال .كان ظمأ الحب و البطولات يقلق أفئدتنا اليافعة . كلنا كان يحلم باختطاف الحبيبات و الهرب الى الجبال ، و بأن يصبح من قطاع الطرق و ينال الشهرة و يرهب العالم

عاد هوفاك، أحد رفاقنا، و كان قد ذهب لجلب الخضار من حواكير القرية. ينبغي القول أن السرقات الطفيفة ما كانت في نظرنا من الجرائم بل كانت ضربا من الحيلة والاقتدار.
كان الاولاد جميعا ،ما خلا سمباط،يذهبون إلى حواكير القرية لسرقة القثاء و الجزر و البطاطا.
-أهذا أنت؟ لماذا تأخرت؟ - سأله نزاريت بحدة ، ريثما كننا ننتظر متى يفرغ هوفاك أمامنا ما عاد به من غنائم
-كنت ابحث عن النحلة التي صنعت مادة الشمعة لتوضع عند رأس والدك المرحوم.
-و هل عثرت عليها؟ ساله أحدهم مازحا.
-عثرت عليها في خميرة الخبز الذي يعد لمأتم والدتك،اجاب هوفاك برصانة .
أعجبنا جدا حضور بديهة هوفاك،و طفقنا نصفق له حتى أن بعضا منا راح يهز ساقيه جذلا
سأل سمباط:
-و أين سينو؟
-لقد مرض والده، فبقي في الدار ،أجاب هوفاك ثم أطلق ثبان ردائه ،فانهال على الارض كوم قثاء غض ، سرعان ما داهمته عشرات الاذرع.
بادره نزاريت بلهجة تنم عن عدم الرضا :
-لماذا اتيت بهذه الكمية القليلة ؟إنها لا تكفي حتى لو أخذ كل واحد منا واحدة.
-جرب أن تفعل...ان العم تيبان لا يغض الطرف عن الحاكورة . أنا ما كدت أفلت منها إلا بشق الانفس . لا تزعلوا .اللحم لا ينتزع من فم الذئب ، وإذا كنت أنت شجاعا حقا ،أذهب بنفسك غدا ، و سنرى...
-كفى ، تعالوا نأكل،فمعكم قد يهلك المرء جوعا ،-بلهجة آمرة قاطعهما سمباط(الذي يهلك جوعا)كل لحظة ، والذي يلتهم الطعام كل مرة حتى التخمة .
فتحنا حقائبنا على عجل و أفرغنا على أحد الأردية الجبن و البصل و الخبز. و رحنا نتحدث حول السفرة بمرح . لكزني جاري و غمز مشيرا الى سمباط ، الذي لف برغيف كبير بيضة و بصلا و بطاطا وراح يقضمها نافضا راسه بين الفينة و الفينة .
-يا لها من لفة !..كأنها رقبة صهر سمنته حماته ، همس جاري في اذني فتمالكت نفسي بصعوبة عن الضحك. لمنككن نهزأ من سمباط ،خوفا من غضبه.
كان لدينا قدحان أو ثلاثة لا غير ، لذا كنا نشرب حسب الدور بتلذذ الشاي المشبع برائحة الدخان . و بعد العشاء اضطجعنا على الارض ورحنا نقص أحداثا مرحة و حكايات وروايات خيالية ، ثم قصة كريم الهارب و كازار الهقشين و اللص ياهيك و مغامراتهم الغرامية
وكان كلنا يتصور نفسه فارسا عاشقا من قطاع الطرق . و طفق احدنا يغني بكل جوارحه أغنية كوراوغلي.
-كازارجان،اعزف على الناي ، قال سمباط مترجيا ، اعزف، و لن اضن عليك بحياتي !..
شرع كازار يعزف على ناي صغير من القصب ، و بينما هو يعزف ، خيل الينا كأن في نايه حفيف الريح و خرير مياه الينابيع ، و كأن من نايه تتدفق أشعة القمر و ينهمر الحزن و الأسى.
-آه لو كانت معي الآن حبيبتي سوينار ،لما أردت شيئا آخر !هتف سغمون و رمى قبعته عاليا، ثم انكفأ على الأرض و دس وجهه في الرداء .
قال سمباط:
- لقد جن هذا الرجل تماما !..لتأخذك الشياطين !..هل تريد أن تصبح هالنس موسيس ؟اعلم ، فقد تنتهي نهايته!..
قصة موسيس هذه حدثت قبل سنين طويلة . فقد احب موسيس فتاة، و لكنه سيق جنديا . و قبل رحيله عن القرية أخذ من حبيبته قسما بالوفاء . و حين عاد بعد سنتين علم انها تزوجت غيره .تناول موسيس محشه فورا و هرع إلى الحقل ، وراح يحصد بضراوة القمح قبل نضوجه. لقد جن . و بقي موسيس معتوها طوال حياته و مات وهو يردد اسم معبودته .
بزغ القمر، فغمرنا ظل الجبل.
قال سمباط :
-كازراجان ، لماذا توقفت ؟ اعزف !
عاود كازارجان العزف .و أصغينا له جميعا في حبور صامت .وكان كل منا ذهنيا مع معشوقته
تناهى همس النسيمات الخفيض . و تناهى ثؤاج الخراف حلوا.
-اعزف يا كازرجان ،فقد يكون، هنا معنا...
-من هذا ؟ من ؟ تساءلنا و قداستفقنا من تاملاتنا .
-إنه ذاك المغرم بالغناء .
- من يكون؟ما اسمه؟- أنا نفسي لا أعرف ما اسمه ، و لكنني سأقص عليكم قصته.
اختلجت اوصالنا وأرهفنا السمع
بدأسمباط يروي:
-في وقت سالف كان هنالك شاب جميل يهوى بلا صواب العزف و غناء العاشقين والموسيقيين و آلات الساذ و التار و المزمار .
كان ما إن يطرق سمعه ظهور مطرب او عازف جديد في مكان ما ، حتى يستقدمه غير ضان بالنقود، ثم ينسى ما حوله و يغلق عينيه و يصغي لهم ليل نهار ، يصغي و لا يروى له غليل.
هكذا مرت ثلاث سنوات ، و ربما سبع ، و حين رأى أن ثروته قذ أشرفت على النضوب ، باع بقايا أملاكه ومواشيه و أرضه ، ودعا خيرة العازفين و المطربين ، و ارتقى و ياهم الجبل حيث أقام وليمة
كولائم الملوك و قال تلذذوا) و انشدوا و اعزفوا! هاكم محفظتي . اعزفوا الأغنيات و أسحر و أبهج الناشيد بحيث تصغي الجبال و الوديان ، الوحوشو الطيور ، الأشجار و الأنهر ، تصغي و تحس بروعة الغاني و الرقص ، وكيف تزين الدنيا !.. ليسمع الناس و يدركوا بهجة الحياة ، كي لا يرحلوا عنالعالم متبلدين تعساء ))!
ظل المطربون يغنون و يعزفون حتى نفذ الطعام . عندئذ مضى كل منهم في سبيله، بينما اختفى الشاب بلا أثر . يزعمون أنه مازال حيا حتى الآن ، يجوب العالم ، اليوم هنا و غدا هناك . و لكنه ما إن يسمع عزفا او غناءا حتى يكون بين الحاضرين.
يجلس خلف الباب او يتوارى وراء الجدار و يصغي ، يصغي حتى يتوقف العزف ، يأتي و يذهب دون ان يلحظه أحد . و لذلك أقول : ربما كان الان بيننا ، لعله خلف تلك الصخرة مثلا .
- وراح سمباط يحدق بانتباه في الصخرة المطله على هاماتنا . التفتنا التفاتة شخص واحد و رحنا نتطلع إلى الصخرة برهبة ، ومخيلتنا تعمل بسرعة.
- -كازراجان ، اعزف فقط لأجل ذلك الشاب وحده ، لأجله فقط ، ناشد سمباط، ثم دفن رأسه تحت ردائءه و لاذ بالصمت.
- واصل كازارجان العزف . هزتنا قصة الشاب المولع بالغناء . أما انا فقد شعرت فعلا بوجوده غير المرئي إلى جانبي .و لا أدري لماذا تصورته يافعا جدا ذا وجه شاحب حزين.
- فرغ كازار من العزف.
- لففنا انفسنا بالأردية وتوسدنا الصخور ، غفونا في نوم هانىء تحت همس الريح و ثؤاج الخراف اللذيذ
- تمت-

1929


قديم 08-05-2010, 02:48 PM
المشاركة 2
ريم بدر الدين
عضو مجلس الإدارة سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
[[color=#0000FF]اوشينارا
حكاية هندية
كان الحكيم اوشينارا يحيا حياة متواضعة في قصره البهي ،و يقدم المأوى للمعدمين و جوابي الافاق الذين كانوا يتجولون طوال العام بين شواطىء الغانج المقدس و جبال الهملايا المنورة.
ذات يوم حين كان الحكيم اوشينارا جالسا في البهو يتلو الويد* و اذا بيمامة تطير مذعورة نحوه و قد انتابها هلع شديد و في اثرها رخم* سريع الجناح.
حطت اليمامة المرتجفة على ركبة الحكيم متضرعة حمايته و كان الرخم قد ادركها . انقذ اوشينارا اليمامة
- أيها الحكيم ، قال الرخم مخاطبا اوشينارا ، إن الجوع يمزق احشائي . أنت ترتكب جريمة بحجبك الطعام عن الجائع فاعطني يمامتي !
اوما اوشينارا بيده رافضا .
مضى الرخم يقول :
- اوشينارا، المعروف عنك انك رجل تفي بواجبك ، فلماذا تخرق الوفاء ؟ لماذا تقضي علي بالجوع؟
- اجاب اوشينارا معترضا :
- إن هذه اليمامة المستضعفة التي يعتريها هلع مهلك لجات إلي طالبة الحماية . فهل تجهل أنت أيها الرخم العظيم أن من أولى واجباتي هي عدم تسليم المستجير للعدو . ان حجب الحماية عن الضعيف اكثر جرما من اقتراف أفظع الجرائم ، أفظع من اغتيال براهما*.
- و لكن أيها الحكيم، ان على كائن ان يتغذى كي يعيش .واذا حرمته من الطعام ، فسوف تقطع حبل الحياة . وبانتزاعك اليمامة مني ، انما تحكم بالموت ليس علي فحسب ، بل و على صغاري
- أنت حكيم في محاجتك ، أيها الرخم والطائر القوي ، و لكن ابميسوري أن أدفع باليمامة المسكينة إلى الهلاك ؟ لن يكون هذا بتاتا! إن أبواب قبوي مشرعة أمامك . فاذهب وخذ ما تشاء من لحم الغزال او الخنزير البري اطلب ما شاء و سألبي طلبك.
- لا ، يا اوشينارا ، هذا ناموس الطبيعة .الرخم لا يقتات إلا على لحم اليمام ، فاعطني يمامتي
- أيها الرخم ، قال اوشينارا متضرعا ، سوف أهبك كل ما تبغي . ليس في مقدوري أن أحكم بالهلاك على اليمامة التي استجارتني فأجرتها .
- أجاب الرخم : أيها الحكيم ،إذا كنت ترأف باليمامة ، اعطني بدلا منها ما يعادل وزنها من لحم جسدك.
- أجل انت محق في كلامك ، قال اوشينارا بارتياح و أعقب ، يسرني أيها الرخم أن أقدم جسدي فدية .

علقوا في سقف البهو ميزانا .
وضع اوشينارا اليمامة على أحدى كفتي الميزان ، ووضع في الكفة الأخرى قطعة لحم اقتطعها من جسده.لكن اليمامة كانت اكثر وزنا . اقتد قطعة أخرى ، و لكن اليمامة بقيت أكثر وزنا . راح يقطع المزيد والمزيد من لحمه و يضعه في كفة الميزان ،غير أن وزن اليمامة كان يزدادا كل مرة.
عندئذ اعتلى اوشينارا نفسه كفة الميزان وهو ينزف دما ...
هتف الرخم:
أنا هيندرا*حاكم الكون ، و اليمامة روح هاغني *الملتهبة .لقد جئنا لاختبار فضائلك .لك المجد الخالد يا اوشينارا ، فقد ضحيت بحياتك من أجل انقاذ يمامة صغيرة .لقد أضفيت على اسمك سؤددا لا يخبونوره. أنت بحق ، وفي لواجبك المقدس .

*الويد مسلة المراجع الدينية الهندية القديمة
*الرخم طير جارح
*براهما :أحد آلهة الهند القديمة
*هيندرا:إله الخير عند قدماء الهنود
*هاغني: آلهة النار و حامية الوجاق .من اقدم آلهة الهند

النص مأخوذ من مجموعة حكايات العم اوهان
للكاتب الارمني افيتيتك اساهاكيان
ترجمة موفق الدليمي[color]

قديم 08-05-2010, 02:49 PM
المشاركة 3
ريم بدر الدين
عضو مجلس الإدارة سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي رد: الأدب الأرمني

كيف مات العندليب

شهدت حادثة حفرت في ذاكرتي بوضوح مدهش. و كل مرة أتذكرها ،تنتابني حالة من الانفعال ،رغم مرور سبعة أو ثمانية أعوام على الحادث.
كان ذلك في باكورة يوم من أيام أيار ، قبيل شروق الشمس، والحديقة مغمورة بغبش الفجر.
على شجيرة ورد حطت خمسة عنادل ، أحدهم في الوسط و الأربعة الباقون تحلقوا حوله .
أخذت العنادل الأربعة تصدح بالغناء تباعا ، في محاولة لأسر قلب الأنثى الواقفة في الوسط.
كانت هذه مسابقة رائعة حقا.كل واحد منهم يحاول التفوق على منافسيه ، كل واحد يغرد أجمل من الآخر.
الانثى تصغي بأناة .ولكن يبدو أن أحدا من العنادل لم يأسر قلبها .كان تحول بصرها بارتباك من واحد لآخر.وكم من العسير الاستجابة للحب إذا بقي الفؤاد صامتا .
و فجأة ، تناهت زغردة من أغصان شجيرة الرمان القريبة . أدارت الأنثى رأسها الصغير نحو الرمانة ، وإذا بالمغني عندليب صغير خبأته أزهار الجلنار الحمراء.
لقد سمعت تغريد العنادل غير مرة، و سحرني هذا التغريد و لكني لم أسمع قط زغردة كهذه. يالها من ألحان و أنغام رقيقة تزخر بآلاف و آلاف التنويعات و الترانيم!
كانت هذه أغنية قلب اكتوى بالحب ، أنشودة ملأى بالدموع المحرقة و الحزن اللامتناهي، يأتلف فيها أريج الصباح بوابل أزاهيره ،فتنسرب في الجنينة محولة كل شيء حولها إلى حكاية سحرية.
أليست هذه هي أنشودة العندليب التي سمعها الملحن الفارسي العظيم الذي ألف (العروش السبعة) من ترانيم العنادل و نسج الراست * الخالد
مكثت أصغي غارقا في الأحلام ،و فجاة رأيت كيف رفرفت الأنثى نحو المغني و قد سحرتها ترنيمته و حطت جنبه ، ثم دست منقارها برقة تحت جناحه.
و ما لبث العندليب أن صمت . راحا يتداعبان بمنقاريهما في رغد أزهار الجلنار الحمراء، نسيا كل ما يحيط بهما منغمسين في السعادة ، حتى أنهما لم يلحظا كيف نكست العنادل الأربعة الأخرى رؤوسها و طارت منصرفة.
مرت برهة من الوقت و عاود العندليب الغناء. راح ينشد بصوت قوي مرتفع أنشودة النصر. و في كل لحن منها يتقد فؤاده الملتهب.
كانت هذه نافورة متلألئة من السعادة اللامتناهية و الفرح المشرق الذي أخذ يشع وامضا و يتسامى نحو العالي.....
على حين غرة، انقطعت الاغنية ، و سقط المغني كالطعين على الثرى جثه هامدة.
عدوت صوبه.
وجدت المسكين منطرحا على الأرض ،و الدم ينبجس من حنجرته الرقيقة ، و خبا نور عينيه نصف المغمضتين . بينما راحت الأنثى تحوم صافرة بأسى ومرارة فوق جثة المغني الذي أحرقته نيران الوجد.


* الراست من احدى المقامات الفارسية

المصدر
حكايات العم اوهان
الكاتب : افيتيك اساهاكيان
ترجمة موفق الدليمي

قديم 08-05-2010, 02:53 PM
المشاركة 4
ريم بدر الدين
عضو مجلس الإدارة سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي رد: الأدب الأرمني
أغنية المنشد الجورجي
في أيلول 1926 عدت من أوروبا إلى الوطن.
غادر القطار مدينة باطوم و انطلق بحذاء سواحل البحر الأسود الخلابة.
جلست عند النافذة اتابع بفضول مناظر الطبيعة وهي تمر من امامي .كل شيء كان يقر العين .هاهي ذرا الجبال متوجةبالثلج ...كم من الحنين يعتريني إلى وطني الحبيب ، حدتني رغبة إلى ان ان أحصي قمم الجبال صغيرها و كبيرها ،حزمت امري و لكنها كانت تندغم بالأفق و تتلاشى.
رأيت الأشجار الصفراء-الخضراء و الأنهار اللامعة تجري بسرعة صوب البحر.
و بلمح البصر تظهر و تختفي أمامي ملامح الأبنية الجاري إنشاؤها.
أصخت السمع لأحاديث الركاب المرحة، فميزت اللغة الجورجية الزاخرة بما يناجي روحي .أسفت لعدم فهمي لها .و لمت نفسي طويلا على عدم دراستي لها. ثمة صداقة طويلة تمتد عبر الدهر تجمع بين شعبينا.
انغمست في الذكريات ،ورحت احصي في سريرتي من تعرفتهم في حياتي من الجورجيين .
استحضرت في مخيلتي كلا منهم على انفراد .وحاولت ان أتذكر أين و متى التقيتهم.
جالت في ذاكرتي وجوه كثيرة.....
وجال في بالي ما قرأت من كتب عن جورجيا ، و تذكرت مؤلفات الكتاب الجورجيين ،فرسمت مخيلتي صورة ميراني براتاشفيلي* المتوقد، و تعالى في مسامعي هدير عقبان قصائد واجا بشاويلا* و امتلأ صدري بأنفاس روايات كازييك*.
و استيقظت في نفسي أنغام الأناشيد الشعبية الجورجية . كنت أعرف في صباي حين كنت أجوب طريق جورجيا العسكري الشهير .
بعدان اجتزنا مضيق سورام الجبلي ،دلف عربة القطار منشد أعمى يحمل على كتفه سارزا* طويلا يذكر بجعبة سهام ابطال روستافيلي.
خفق قلبي .. كم مر من الوقت و لم أسمع أنغام الساز او أرى منشدا جورجيا!
كان برفقة المنشد صبي . اجلسهما الركاب و تناول المنشد سازه،فدوزنه و بدأ يعزف . و أنشد بشعور عميق ،بكل جوارحه . رجوت احد الركاب أن يترجم لي كلمات الاغنية . هاهي ذي :
تعيس انا يا جورجيا يا وطني ساكارتويلو*
لانني لا ابصر وجهك الفريد
يقولون ان سماءك بحيرة فيروز في جبالنا الشاهقة
نحن الآن في الخريف و غاباتك ترتدي
حللا ذهبية
مسالكها نثار من ذهب
و الظباءتعدو في مسالك التبر مسالك ساكرتويلو الجميلة
أنا أسمع ضحكك الهانىء يا ساكارتويلو الحرة.
أسمع اناشيدك المستبشرة على شفاه أبناءك
فقد حطم لينين-المحرر السلاسل التي
قيدك بها القيصر.
لقد أينعت و ازدهرت حبيبتي ساكارتويلو
بساتينك تزهر و دنانك مترعة بالنبيذ
مناحلك ملأى بالشهد المعطر يا ساكارتويلو
السعيدة
أخالك يا ساكارتويلو العريقة
صنديدا شابا يعتلي حوادا احمر
في يده سيف من النار و يبرق أحمر
فمن يتجاسر عبى خبزك
و حريتك يا ساكارتويلو الجسورة

تأثرت بالأغنية تاثرا بالغا .
وما زلت حتى الان ،حين أتذكر هذه النشودة الحماسية ، أشعر بالانفعال الذي انتابني آنذاك حين أصغيت كيف كانت تنهمر هذه الأغنية من اعماق روح المنشد الشعبي

*الساز: آلة موسيقية
*ساكارتويلو:جورجيا باللغة الجورجية*
ميراني براتاشفيلي ،واجا بشاويلا،كازييك : ادباء من جمهورية جورجيا
*القصة هذه مكتوبة في بداية عهد الثورة البلشفية و هذا واضح من تمجيد لينين قائد الثورة

ترجمة موفق الدليمي
مجموعة : حكايات العم اوهان
الكاتب الأرمني : افيتيك اساهاكيان

قديم 08-05-2010, 02:57 PM
المشاركة 5
ريم بدر الدين
عضو مجلس الإدارة سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي رد: الأدب الأرمني

أنشودة السور العظيم

من سهول الشمال التي يستبيحها الزمهرير ، من جباله الملفعة بالجليد ، كانت قطعان المتوحشين الرحل ، الملتئمين بصهوات جيادهم الزوبعية الأعراق تحاصر منذ قرون طويلة ربوع الصين الزاهرة.
بحوافر خيلها تدوس المروج و الرياض و تنهب المدن و القرى العامرة ، ثم تؤوب محملة بالغنائم إلى سهولها التي يستبيحها الزمهرير ، إلى جبالها الملفعة بالجليد.
وطد إمبراطور الصين تسين شي هوانغ تنغ العزم على قطع دابر هذه الغزوات الغاشمة ، فأمر ببناء سور متين لا متناه يمتد بين البحر الأصفر و رمال صحراء غوبي الصفراء ..ليكون حاجزا منيعا ، و معقلا حصينا يصد غارات القبائل الشمالية الغادرة.
كان للإمبراطور المتجبر إرادة لا تنثني و طبع مكابر غطريس ، فهو ينتحل كنية ابن السماوات ، و يطمع في سريرته ان يكون ربا للأقوام البشرية بل ربا لقوى الطبيعة ذاتها حتى انع عاقب ذات يوم جبلا لم يعترض طريق الإعصار!
و كان لزاما على معماري البلاد و بنائيها ، تنفيذا لأمر الإمبراطور ، أن يشيدوا خلال أعوام عشرة جدارا لا نهاية له يشبه في ملامحه التنين .كان يراد لشعار الصين القومي -التنين-أن يرتسم فوق ذرا الجبال و بين أحضان الوهاد و البوادي.كان على الجدار أن يمتد و يتلوى مثلما التنين حين يتمطى .ليحتضن بالتواءاته كل ارجاء الصين بحيث لا يبقى شبر منها خارج أحضانه العملاقة.
شانغ -شينغ ، السور المنيع ، سوف يغدو إلى الأبد مبعث هلع و تطير جحافل المغول التي ستحطم جباهها إذا تجاسرت و أغارت على أضلاع التنين الحجرية .
أرسلوا كل عاشر من أبناء الصين لبناء السور بأمر الإمبراطور.
ثلاثة ملايين من البشر اتخذوا أماكنهم بحذاء موقع السور ، ثلاثة ملايين من البشر حملوا طوال عشر سنين مضنية ، و بلا انقطاع ، نير العمل القسري القاهر
و ظلت الصين كلها ، بأمر الإمبراطور ، طوال عشر سنين مضنية تمد البنائين بالطعام و بكل ما يلزم لإنشاء شينغ-شانغ العملاق .
و أمر الإمبراطور الرهيب البنائين ، مهددا بالعقاب الصارم بأن يرصوا حجارة السور رصا محكما، بحيث يتعذر إدخال إبرة بين حجرين.
و كم شنق من البنائين على شواهق الصخور حين خيل إلى مشرفي الإمبراطور أن الأمر الصارم لا ينفذ بدقة!
ثلاثة ملايين من الصبيان و الشبان و الكهول من أبناء القرى و المدن ، ظلوا يعملون بلا كلل من إطلالة الفجر و حتى وقت متأخر من الليل ، تحت لهيب الشمس المحرق و رياح السهول الشمالية التي يخترق زمهريرها العظام.
كانوا يشربون الماء العكر الممزوج بالرمل و يقتاتون بالرز الجاف ، و ينامون جياعا على حصران قذرة ، تكتم الكوابيس أنفاسهم .
يعملون تحت سياط المشرفين العتاة ، يحفرون الأخاديد العميقة ، ينقلون على ظهورهم الصخور الثقيلة ،و ينثنون من لذع السياط، منحنين ينوؤون بأحمال لا تطاق. و كم هلك من هؤلاء البائسين تحت لذع السياط التي لا تعرف الرحمة.
كانوا يهلكون مستنزفين معذبين بلا نهاية تحت الصخور المنهارة في مقالع الحجر، أو يسقطون من فوق الجدران فتتهشم جماجمهم على الصخور. و كانت جثث هذه الضحايا التي لا يحصى لها عدد ترمى في الخنادق و الأخاديد.
خمسمائة ألف تعيس دفنوا في أسس السور و أحشائه ، حتى كان من الإنصاف أن ينعت شانغ-شينغ بأنه أطول مقبرة في العالم.
كان الفارون يهلكون في الصحارى العقيمة المرة فتنهش رفاتهم البواشق الجائعة أبدا و تذرو رياح البراري الغاضبة عظامهم التعبة.
ثلاثة ملايين من الكادحين شيدوا شانغ-شينغ العملاق بمعاناتهم و دمائهم و عظامهم على تلال راسخة من الحجر . كان طول هذا التحصين زهاء ثلاثة آلاف كيلومتر و ارتفاعه اثني عشر مترا بجدران ثنائية و ثلاثية.و بما لا يحصى من البوابات و صفوف المزاليج الحديدية و بالكثير من الأبراج و الكوى و المزاغل.
ولو صفت الصخور و الآجر المرصوفة في شانغ-شينغ لطوقت الكرة الأرضية مرتين.
و هكذا تم بعهد الإمبراطور تسين شي هوانغ تنغ تجسيد شعار الراية الصينية-التنين- في سور ، و زحفت هذه الأفعى العملاقة اللامتناهية على ذرى الجبال الزرقاء و انزلقت في المضايق الجبلية المظلمة و امتدت جسرا على النهار الهادرة و السيول العرمة و اخترقت المستنقعات و قطعت متعرجة ملتوية الحقول المترامية الأطراف و اختفت متوارية في رمال صحراء غوبي.
خلال عشر سنوات من الضنى و العذاب و الآلام ، خلال هذا الدهر الكامل امتص التنين شانغ-شينغ ثروة الشعب الصيني التي لا تعد و لا تحصى و اعتصر قواه و طاقاته الروحية و البدنية.
من كان مكتوبا له ان يهلك ، هلك و دفن تحت ثقل الجدران الحجرية ، و من قدر له أن يحيا ،عاد إلى داره متعبا هرما ليجد البساتين قد جفت و الوجاقات قد انطفأت و أقفرت و اكتفى الجيران بإرشاده إلى قبور ذويه؟
كان قلب الشعب الصيني العظيم يتمزق و يقطر دما بسبب ما اقترفه التنين شانغ-شينغ الشرس من فظائع وحشية ، و أجهش هذا القلب في بكاء مرير ، فانهمر كل هذا الكمد الذي لا حدود له ، و كل غضب الشعب الكادح في " أنشودة السور العظيم"
"أول شهر من الربيع وادع مفعم بالطراوة
في أبواب الدور فوانيس حمر
أزواج الكثيرات عادوا ، و زوجي مازال
يكدح في شانغ-شينغ
الشهر الثاني ،حطت سنونوتان في سقفنا
سنونوتان تغفيان فوق شباكنا
لكن داري حزينة خاوية
الشهر الثالث، تشع أزهار الدراق و تلتمع
الصفصافات الخضر
ويوقد الجيران أعواد البخور فوق مواقد
الأجداد
هاهو الشهر الرابع ثم الخامس
عيد الورد و التوت ، موسم الرمان و الأجاص
الجيران يعملون في الحقول
و ليس لحقلي ، و يا للأسف من يحرثه!
مر الشهران السادس و السابع عبر الحزن
و النحيب
و هل الشهر الثامن ، يزهر اللوتس
و تعود الحمائم برسائل الأحباء مت الأصقاع
النائية
لكن المرأة الوحيدة لا رسالة لها من زوجها
البائس
الخائر القوى بعيدا عن دياره
لا يدري أحد في أي البراري و أي من
المستنقعات
في الشهر التاسع شد الحجاج رحالهم
و أهل القرية يجمعون الرز لتسديد عبء
الضرائب
و يأتي الشهران العاشر و الأول بعد العاشر
يحملان الزمهرير و الريح القارسة
و يلتمع ندى الثلج على أغصان الشجيرات
الذاوية
و يسقط الثلج بحزن ليغطي الدروب
هاهو ذا الشهر الثاني بعد العاشر
يتأهب الكل لاستقبال عيد العام الجديد
بينما تبكي الأرملة الثكلى
أرملة البناء الذي مات في شانغ-شينغ
تبكي بمرارة و تصعد آهاتها الآسية إلى السماء
و حتى الجدران العملاقة
تتنهد ، إذا ما سمعت تلك الآهات"
انقضى ثلالثة و عشرون قرنا على تلك الأيام المحزنة ، و الشعب الصيني الكادح يغني طوال هذه القرون بمرارة هذه الأغنية البريئة عن السور العظيم.
الراعي يعزفها في الجبال على ناي من القصب و الفلاحون يرددونها واقفين حتى الركبتين في مياه حقول الرز ، يترنم بها الحمالون و هم ينوؤون تحت أعبائهم الثقيلة و يغنيها العمال في قيظ المناجم و المصانع .
هذه الأنشودة انفصلت عن السور و تسامت عاليا لتغدو رمزا لعذاب الفقراء
أصبحت سبابا ساخطا يوجهه الثوار للظالمين و باتت مسيرة ظافرة للشعب الناهض.
طارت هذه الأنشودة فوق الأسوار لتغدو راية النضال التحرري ، الراية التي ترف في سماء الصين المترامية الأطراف
باريس 1935
افيتيك اساهاكيان
مجموعة " حكايات العم اوهان "
ترجمة " موفق الدليمي
"

قديم 08-07-2010, 03:23 AM
المشاركة 6
أمل محمد
مشرفة سابقة من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي رد: الأدب الأرمني
حقـّـًا رائعة

سـ أكون ان شاء الله بالجوار للمتابعة

شكرًا ريم ~

قديم 08-07-2010, 03:36 AM
المشاركة 7
أمل محمد
مشرفة سابقة من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي رد: الأدب الأرمني
اسمحي لي بهذه الإضافة :


//


كتاب (( أرمينيا جذوري ))

للكاتبة : أسدغيك جمكيرتن

ترجمة : عبدالله حجار .


//

مؤلفة الكتاب سويسرية من أصل أرمني عملت في المنظمة العالمية الخيرية
"كاريتاس" وشاركت عام ١٩٨٨ في بعثة إلى أرمينيا لمساعدة ضحايا الزلزال هناك،
وقررت إثر عودتها إلى سويسرا أن تعود إلى أرمينية لتكتشف البلد والشعب ولتتعلم
اللغة الأرمنية، وقد أمضت سنة كاملة في أرمينيا في أحد بيوت الطلبة بعد حصولها على
منحة جامعية.
تسجل في كتابها "أرمينيا جذوري" شهادة عن سجلّ للحياة اليومية في أرمينيا
السوفيتية التي تسير نحو الاستقلال، وانطباعاتها عن الشعب المضياف وظروف
الحياة اليومية الصعبة والروتين وروعة الآثار، وتطَّلع على آمال الشعب وهمومه
الاجتماعية وتتعاطف معها محاولة نقلها إلى بلاد الانتشار وأوروبا كنوع من
العرفان بالجميل وهي تحس بأنها وجدت جذورها في بلدها الحقيقي أرمينيا وكأنها
ولدت من جديد...
يتألف الكتاب من ٢٦٠ صفحة تطرقت فيه إلى أكثر من ٥٠ موضوعًا في
مختلف الشؤون البيئية والاجتماعية والسياسية والمالية مع التطّلعات المستقبلية
وصفتها بشعور وتفكير من عاش في أوروبا وبتفصيل دقيق لما هو غير مألوف
لديها مثل إعداد الطعام ولف اليبرق.
ونقتطف من كتابها فصل : الميلاد ~

قديم 08-07-2010, 03:37 AM
المشاركة 8
أمل محمد
مشرفة سابقة من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي رد: الأدب الأرمني
الميلاد

الميلاد( ١). تساقط الثلج طيلة الليل ثّم توقف، مصحوبًا بهبوط برد جليدي.
وعلى حافة نافذتي، تجمدت حبات زيتون أرمين السود الكبيرة داخل مائها الذي
تحول إلى جليد. ويشير ميزان الحرارة عندي إلى ١٥ درجة تحت الصفر.
الميلاد. مولد الفقير. لكن الفقير هو ملك. وتبدو المدينة بهية وجميلة. ويوزع
المشاوي) مجلوبة من ) Khorovats الرز على المؤمنين عند باب الكنيسة و
كاراباخ أمام ساحة الحرية. وكان أهالي يريفان قد أرسلوا الهدايا إلى أطفال
كاراباخ. إنه تبادل الأعمال الخيرية بين الوطن الأم والابن المفصول عنه.
وجد روبين سيارة مع وقود لذهابي إلى إتشميازين، وهو نفسه يجب أن يلتقط
فيها صورًا للوكالة.
الميلاد في الكاتدرائية. سيمسح روبين الكاتدرائية طو ً لا وعرضًا وهو يمر
بصعوبة ضمن حشد كبير ومتراص من الناس، وفي يده آلة تصوير يلتقط بها
صورًا من قريب ومن بعيد: دخول موكب رئيس الأساقفة مع نوابه والشمامسة
الشمعدانيين والإنجيليين وأولاد خدمة القداس، ويتقدم موكب الحاشية بعظمة وقد
اصطف أفراده بانتظام على نسقين وجاء من بعدهم صف المرتلين مزهوين في
ثيابهم الزرق.
والتقطت صور بعض لحظات التوقف مثل تلك البركة التي تعطى للجموع
برسم إشارة الصليب ومشهد نظرة الفتاة الصغيرة الحالمة وهي تحدق في الشمعة
التي ترتجف... صور وصور... حصاد وفير من الصور... ونفدت أخيرًا الأفلام.
لقد توقفت آلة التصوير وعدوان ومضاتها. هدأ روبين ووضع آلة التصوير ضمن
محفظتها، لكن ومضات أخرى ربما لأشخاص آخرين ما زالت تعمل... إنه على
كل حال متحفظ جدًا بالنسبة إلى الكنيسة. وهو متوتر جدًا، إذ أنه "لا يستطيع البقاء
في صالة سينما حتَّى انتهاء الفيلم" ويعرف ذلك في نفسه. ومع ذلك فقد توقف في
الكنيسة. ربط بين حياته وعمر القباب من آلاف السنين، إنه عمود من اللحم إلى
جانب أعمدة من الحجارة مسندًا ظهره بسكون وثقل مثل ركيزة.
عند الخروج من القداس، قدم لي كهدية صليبًا من هذه الصلبان الصغيرة
المصنوعة من النحاس الأصفر والذي يباع عند مدخل الكنيسة. بينما السوفييتي
كان قد قدم لي صليب أرمينيا. كان الأرمني يستعيد تقليده ويرتبط بماضيه من
جديد. اقتحم رمز العطاء أبواب الإيمان. وهي طريقة تقول "لا" للفلسفة المادية
وللتأكيد مجددًا على هويته الأرمنية. يا لها من صرخة!
اليوم، ينقل قداس الميلاد على التلفزيون الأرمني. وما كان ذلك يحدث من
قبل أبدًا. وقد تابعت الكنيسة حجـّها الكبير وهي تجذب وراءها شعبًا يولد من جديد.
إنه الميلاد!


//

قديم 09-25-2010, 07:44 AM
المشاركة 9
ريم بدر الدين
عضو مجلس الإدارة سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
حقـّـًا رائعة

سـ أكون ان شاء الله بالجوار للمتابعة

شكرًا ريم ~

صباح الجوري
سعيدة بمتابعتك يا أمل و إضافاتك القيمة
دمت كما أنت رائعة
تحيتي و محبتي


مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: الأدب الأرمني
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
من أرقى كتب الأدب والبلاغة الإنشاء ( جواهر الأدب ) ناريمان الشريف منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 54 01-19-2021 11:23 PM
الجامع في تاريخ الأدب العربي الأدب القديم - حنا الفاخوري د. عبد الفتاح أفكوح منبر رواق الكُتب. 2 07-20-2019 08:05 PM
الليث بن سعد أ محمد احمد منبر ذاكرة الأمكنة والحضارات والأساطير 1 06-22-2019 03:05 PM
من أعلام الشعر الأرمني الحديث ريم بدر الدين منبر الآداب العالمية. 5 12-23-2010 06:57 PM

الساعة الآن 05:07 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.