قديم 04-28-2017, 03:59 PM
المشاركة 11
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
Feb 14, 2017Aliaa Mohamed rated it really liked it
Shelves: 2017


دائمًا عندما أقرأ أي رواية مرشحة لجائزة البوكر سواء في قائمتها الطويلة أو القصيرة أحدد في المراجعة الخاصة بها إذا كانت تستحق التأهل أم لا، ولكن هذه المرة سأشذ عن تلك القاعدة وسأقول أن تلك الرواية أكبر في قيمتها من الترشح لتلك الجائزة التي أصبحت بعيدة كل البعد عن حسابات العقل والمنطق وظهر ذلك جليًا في نوعية الأعمال الفائزة خلال السنوات القليلة الماضية..
في تلك الرواية، ابتعد " محمد حسن علوان " عن التيمة المتبعة في رواياته السابقة، العلاقة بين الرجل والأنثى، العاطفة دون غيرها، الخسارات والانكسارات، المفاجآت والهزائم، شروخ القلب ومآسيه، هنا سلخ علوان جلده تمامًا وبدأ مسيرة جديدة في حياته ككاتب..
" موت صغير " الرواية التي يمكن أن نقول عليها سيرة للشيخ الأكبر " محيي الدين بن عربي "، بن عربي الذي ذاع صيته أكثر مع ظهور وسائل الاتصال الاجتماعي وانتشار مُحدثي القراءة، وربما أيضًا الرومانسيين..
ولكن، هل فقط فكرة الرواية تعتمد على سرد المعروف من حياة بن عربي؟ بالتأكيد لا وهنا التفرد حيث قرر علوان الدخول في عش الدبابير وكشف كل ما عايشه الشيخ الأكبر في حياته حتى لو كان هناك أمور يخجل من ذكرها المتصوفة ولكن طالما حدثت بالفعل فلا بد من كشفها للقاريء..
نكتشف في تلك الرواية أن " بن عربي " شخص عادي يخطيء ويصيب، يرتكب آثام ويقع في المحظور، يسقط في الحب مرارًا وتكرارًا، عانى من لوعاته كثيرًا، وربما كل ذلك ساهم في خروج " بن عربي " بالشكل المتعارف عليه حاليًا..
من الأمور المميزة أيضًا في الرواية هو عدم الاعتماد الكلي على سيرة " بن عربي " ولكن تطرق الكاتب أيضًا إلى أحوال البلدان المختلفة التي زارها " بن عربي " بحثًا عن أوتاده الأربعة وكيفية تفاعله معها لنجد أنه ليس فقط مجرد شخصًا يُعتمد عليه في أمور العيش والوله ولكن يُعتمد عليه أيضًا في أمور السياسة والثورة!
هناك كذلك المخطوط الحائر الذي ظل طيلة صفحات الرواية ينتقل من يد لأخرى من أجل المحافظة على سيرة الشيخ الأكبر، ربما ذلك المخطوط هو من زود ثقل تلك الرواية في نظري ولم يجعلها مجرد سرد جاف لحياة " بن عربي ".
اللغة لا غبار عليها، فهذه عادة علوان وقدراته المتعارفة ولكن يبدو أن " بن عربي " أظهر المزيد من تلك القدرات، ولولا الظروف قبح الله وجهها لربما انتهيت من قراءة تلك الرواية في يوم واحد!
هناك فقط ملحوظة لدي وهو أن الأجزاء الأولى من الرواية أقوى بكثير من الأخيرة، وهناك فصول أيضًا لم تكن تتعدى صفحاتها سوى 5 وهو أمر ليس كافيًا بالنسبة لي، ليس نقطة سلبية بالطبع ولكنها جاءت مبتورة لي ولم أشعر بالشبع معها..
التقييم النهائي: 4 نجوم وأنصح بقراءتها..

تحديث: مبروك وصولها إلى القائمة القصيرة للبوكر
تحديث ثانِ: مبروك فوز الرواية بجائزة البوكر، تستحقها عن جدارة (less)

قديم 04-28-2017, 04:02 PM
المشاركة 12
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
Feb 18, 2017غيث حسن rated it really liked it
Shelves: رواية
" الحب .... موت صغير" ابن عربي

رواية في سيرة "ابن عربي" عالم وشاعر صوفي يلقبه مريدوه بـ الشيخ الاكبر

يقال بأن الله قد خلق مركزا للكون لا يوجد فيه خير ولا شر، ولا به ماضي ولا حاضر ولا مستقبل، خالي من أي معنى للأنا وللأنت، مكان غاية في الجمال، لم يجده من الخلق إلا قليل، ولكن الغريب في هذا المكان له قدرة في سلب الحروف من الحناجر فمن وجده فقد القدرة على الكلام، وإذا ما أراد أحدهم أن يستعيد صوته فهو امام خيارين؛ إما أن ينسى كل ما رآه من جمال على الرغم من إحساسه بالغياب والتيه، أو إذا ما أراد أن يمكث الجمال في ذاكرته فسيرتبك عقله ويفقد معرفة الفرق بين الحقيقة والوهم، وهكذا ظهر لنا المتصوفة إما عاشق أو عارف، إلا ابن عربي فقد جمع بين الامرين.
الرواية هي حالة من الالتباس بين الصدق والكذب، البرهان الذي من شدة ظهوره لا يرى !

تأخرت سيرته أدبيا عكس الإحتفاء الكبير الذي أولاه غيرهم من المفكرين والمهتمين مثل الإمام الاكبر أحمد الطيب الذي حصل على أعلى درجة علمية من جامعة السوربون مناقشا إثرها شخصية ابن عربي وكتبه وحياته.

يحكي ابن عربي في رواية موت صغير بضمير المتكلم سيرته منذ قبل ولادته بساعات وحتى ارتجاج جسده فوق أكتاف المشيعين إلى القبر. اتخذ الكاتب حبكة تسير وفق مساريين، الأول متخيلا تاريخ انتقال مخطوطة سيرة حياة ابن عربي في مراحل مختلفة من تاريخ الأمة الإسلامية بداية من أذربيجان عام 1212 ونهاية إلى لبنان عام 2012. والمسار الثاني والذي احتل القسم الأكبر من الرواية سيرة ابن عربي وما بين الولادة والوفاة أحداث وشخصيات وحواضر ومدن.
بذكاء، استند الكاتب على رواج هذا النوع من السرد الروائي في هذ الوقت من الزمان، ينقل لنا سيرة الشيخ الأكبر التي حوت على الكثير من الزلات والمتاعب نازعا الهالة الأسطورية عنها ومشيرا إلى الوجه القاسي من الصوفية، يبدا الكاتب بطريقة خيالية مفاجأة حينما كان ابن عربي يسرد حالة ولادته بطريقة مشهدية دقيقة، فبدأ بوضع أول الشخصيات على الطريق، فاطمة بنت المثنى مولدته ومرضعته التي لها الأثر في الجذبة الاولى إلى الوله الإلهي حينما أخبرته بأوتاده الأربعة الذين سيثبتون فؤاده: طهر قلبك، عندها يجدك وتدك، وشخصات أخرى كابن رشد الفيلسوف الشهير والشيخ أبو مدين الغوث والنظام بنت زاهر التي هام بها حبا والتي كانت سببا أن فتح الله له تأليف كتابه الاشهر الفتوحات المكية والتي أراد ان يتزوجها لو لا اكتشافه لاحقا بأنها كانت وتده الثالث والتي تحظر عليه، واخيرا شمس الدين التبريزي الذي التقاه ابن عربي عندما اكتمل قلبه طهرا وامتلاء بالحب فكان وتده الرابع والاخير.

موت صغير عمل يخبرنا بأن الحب كان أشق الفنون تعلما (less)

قديم 05-07-2017, 09:17 PM
المشاركة 13
ريما ريماوي
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي
بحث رائع عن قصة موت صغير الفائزة بالبوكر،
بدأت في قراءتها من بضعة أيام وصلت الصفحة مائة وثلاثين،
للآن لم أصل ذروة التشويق بها، لكن بلا شك لغتها ممتازة،
وحضرتك شجعتني لإتمامها،
بعدها سيكون في إمكاني التعليق عليها.
احترامي وتقديري.


أنين ناي
يبث الحنين لأصله
غصن مورّق صغير.
قديم 05-10-2017, 12:15 AM
المشاركة 14
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
مرحباً استاذة ريما

مهما بلغت جودة اللغة والاسلوب فلن يستمتع بالرواية شخص غير مطلع على الفكر الصوفي لانها تعالج حياة متصوف ومهما كانت حياة ذلك الشخص مثيرة وفيها من المغامرة الكثير فلن تشكل قوة جذب الا لمن يهتم بقراءة الروايات من نمط السيرة فلها طعم تاريخي وقد تبدو أحداثها مملة عند البعض رغم انني وجدت فيها ما يكفي من الشد والتشويق لاتابع القراءة حيث وصلت الى الصفحة 59 اي بداية السفر الثاني.

لا شك ان الرواية تستحق الاهتمام لان الكاتب استطاع ان يحول حياة شخص بكل ما فيها من احداث وتفاصيل لا اعرف كيف استطاع جمعها الى قصة لكن الخطورة في ان يكون قد قصد تمرير الفكر الصوفي عن طريق الاسلوب القصصي المشوق والذي يسلب القلوب احيانا فتتعطل العقول.

شخصيا اجد صعوبة في قبول الفكر الصوفي رغم انني أحاول التعامل مع اي فكر بعقل متفتح . وظني ان الكاتب يسوق من خلال هذه الرواية لمثل هذا الفكر بقصد او عن غير قصد والذي اجد فيه الكثير من الخزعبلات.

خذي مثلا ما يقوله في بداية السفر الاول والحديث لابن عربي طبعا صاحب السيرة موضوع الرواية " أعطاني الله برزخين . برزخ قبل ولادتي وآخر بعد مماتي . في الاول رايت أمي وهي تلدني وفي الثاني رايت ابي وهو يدففنني . "

لا اجد حرج في ان يحاول الانسان تصور او تخيل كيف كانت حياته في رحم امه وقد فعلت هذا تحديدا عند كتابتي لسيرتي الذاتية لكن ان يدعي الصوفي ان هذه المعرفة كانت بكشف من الله فهذه هي الخزعبلات غير المقبولة . حيث يقول " رايت كل هذا بكشف من الله الاعم ونوره الأسنى في سنوات قليلة من برزخين".

ولا بد ان في الرواية بالضرورة الكثير من العبارات التي تقع ضمن هذا السياق وسأحاول رصدها ووضعها تحت الضوء الكاشف هنا.

واضح ان البعض ما زال يعتقد بان ممارسة الطقوس الصوفية تجعل الصوفي يرتقي الى حالة روحانية فلا يعود بشريا وانما نورانيا وهذا في تصوري الشخصي حالة ذهانية تقع للانسان كنتيجة للظروف الصادمة والصعبة التي يمكن ان يختبرها او التي يمكن ان يمارسها كطقوس فيظن انه اصبح على اتصال مباشر مع الله متوحدا معه جل جلاله كما تتوحد القطرة مع البحر.




قديم 05-13-2017, 01:29 PM
المشاركة 15
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
الصوفية ثيمة هذه الرواية جنون وذهان وهذيان مغلف برداء التقوى والإيمان!؟!؟

قديم 05-18-2017, 10:43 PM
المشاركة 16
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
من خزعبلات الصوفية الواردة في الكتاب الرواية "موت صغير" يقول الراوي على لسان بن عربي "ص 75 " قرر ابي ذات صيف ان يعلمني السباحة والرماية وركوب الخيل ..وبدا في السباحة التي كرهتها ....ما عرف ابي ان السباحة هي العوم في ملكوت الله، والرماية هو قول الحق في موقف الخوف وركوب الخيل هو السفر في طلب العلم. أخذ ابي الظاهر وكشف الله لي الباطن."

هذا تخريف وهذيان اولا لان صاحب المقولة ما كان عاجزا ان يشرح مقصده لو كان هو هذا المعنى المقصود وثانيا بن عربي يعتقد ان الله كشف له هذا المعنى الباطني.!؟ السؤال لماذا اختاره الله ليكشف له هذا المعنى الباطني وهو طفل ؟ وهل كان الكشف مباشرا او من خلال وحي؟ ولماذا لم يكشفه لابيه ؟ وهل كشف الله المعنى الباطني لابن عربي ولم وكشفه لعمر ابن الخطاب؟ أليس في هذا شوفونيه مرضيه حيث يعتقد الصوفي انه اعلى مرتبة من حتى خير البشر ؟ ولماذا لانه مختار من الله يكشف له بصورة مباشرة عن بطنية الامور ؟!

*

قديم 06-10-2017, 01:17 PM
المشاركة 17
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
وفي الصفحة 192 يصف الراوي ما جرى معه في رحلة بحرية طويلة استمرت 8 ايام في بحر عاصف فيقول

" بينما انا في هذه الحال اذ شعرت بوجع في بطني وظننت اني سأتقيا. فقمت من مكاني ، والناس في المركب قد ناموا ، لاتقيأ من حافة المركب. نظرت الى البحر الممتد امامي سادرا ومخيفيا فرايت شخصا على بعد في ضوء القمر كأنه يمشي على وجه الماء باتجاهي. اختنق صوتي من الخوف ولم اقو ان انادي احدا من القوم ليروا ما ارى. بلغ حافة المركب ورفع قدمه المينى امامي فنظرت اليها فاذا هي جافة بلا بلل، ثم رفع اليسرى فاذا هي كذلك. ثم سلم علي واولاني ظهره وانصرف ماشيا على الماء كما جاء وكان يقطع قرابة الميل الواحد في خطوة او خطوتين. ناديت البحارة وابلغتهم بما رايت فحولوقوا جميعا ثم عضني احدهم واعادني الى فراشي".

الوصف يبدو وكانه حقيقي وان ذلك ما حصل فعلا ....والصوفي يعتقد على الاغلب ان ذلك ما جرى فهل هذا فعلا ما جرى. كان يمكن تصديق ذلك لو روي على انه حلم. لكن واضح ان مثل هذا الحدث كان يتكرر مع الصوفي او غير الصوفي في ظروف البحر القاسية تلك ودليل ذلك ان احد البحارة الذين تحولوقا حوله عضه واعاده الى فراشه.
هذا يعني ان الظروف القاسية في لحظة يكون فيها الانسان اقرب الى الموت في بحر متلاطم الموج مخيف وفي ساعة العتمة ولا احد يتواصل معه الانسان ...يمكن ان توثر على السلامة العقلية للانسان وتجعله يرى اشياء من خياله وهي حالة اقرب الى الذهان ولكنها تترجم من قبل الصوفي على انها حالة روحانية.

قديم 06-12-2017, 02:23 PM
المشاركة 18
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
وفي الصفحة 282 يصف ما اصابه وما اعتراه بعد دفن صديقه وشيخه ( الحصار ) وكان يظن انه احد اوتاده الاربعة فيقول :
" دفنت الحصار انا وبدر والحريري وعمال في المقبرة، وعدنا نجر اقدامنا في ذهول ووقع المصاب واضح في وجوهنا. بدر لا يكاد ينطق بكلمة وقد اذهله ان يموت الحصار بهذه السرعة. وكان يتوجس من وباء القاهرة ويخشى ان يصيبه ما اصابه. شعر بدر بالصخرة الصماء التي سحقت قلبي فظل يربت على كتفي طول الطريق ويقودني زقاقا زقاقا دون ان ادري الى اين يذهب بي. حتى انتهينا اخيرا عند مسجد يزدحم عند بابه الناس فوقفنا معهم ننتظر دورنا. حينها فقط افقت من سهومي وقطعت وجومي والتفت على بدر اسأله:
- اين نذهب؟
- نسلم على فقيد خير من فقيدك.
فدخلنا ضريح الحسين بن علي وقد بنى عليه بناء مكسو بالديباج تحيط به اعمدة واحد من ذهب واخر من فضة وعلقت فوقه قناديل تشع ليلا ونهارا فتعكس على الضريح انوارا مختلفة الالوان. يستلم الناس طرف الضريح بايديهم ثم يمسحون تربته ويتمسحون ويتضرعون. فلما وقفنا امامه وجدتني اردد دون ان اعد هذا الكلام او اذكر اني لته عند ضريح قبله: " السلام عليك يا حفيد حبيبي وربيبه، السلام على اخيك، وامك وابيك،"
وهبت نسمة هواء حركت القنديل المعلقة فانعكس ضوء اصفر على جبني حتى شعرت بحراراته. وخرجنا وانا اسال بدرا:
- هل رأيت كيف اومأ لي القندل؟ هل رأيت؟
وكان بدر يجيب دون ان ينظر الي:
- نعم عم رأيت. لنسرع قبل ان تغرب الشمس فانت لم تأكل منذ الصباح.
مس الحسين جبيني بالنور المعلق فوق ضريحه فكأنما عزاني في صاحبي فاحسن العزاء
.

هنا تكمن المشكلة...كيف فسر الشيخ النور الذي انعكس على جبينه بأنه تعزية من صاحب الضريح عليه السلام؟
الحزن يفعل الافاعيل ومن الطبيعي ان يكون الانسان في لحظات الفقد شديد الحساسية ويتصور امور ما انزل الله بها من سلطان.

قديم 06-17-2017, 01:37 PM
المشاركة 19
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
وفي حديثه ( اي الراوي محي الدين بن عربي ) مع قائد حملة حجيج قونية اسحق يقول الراوي وقد اعتبره من الاولياء ان اسحاق هذا اخبره بأنه يعتني بحديقته حتى وهو في الحج " يحدثني عن حديقة صغيرة تعهدها برعاية. كانت ارضا يابسه في وسطها شجرة صنوبر عتيقة مر بها ذات يوم فالفها تكاد تكلمه. فاشترى الارض وبنى حولها سورا قصيرا و الى على نفسه ان يزرع فيها كل ما يجعل شجرة الصنوبر اقل وحدة.
فاحاطها بالزنابق والخزامى والزعفران وزهرة الثلج وكل نبتة يجلب بذورها من سفره المتواصل في ارجاء الشام والعراق وارمينية وخراسان سفيرا لسلطان السلاجقة كيخسرو..وقال لي:
- استغربوا فعلي. فلا الحديقة ف بيتي ليكون اعتنائي بها مبررا ولا هي تنتج لي ثمرا لتكون من التجارة. ولكنهم لا يعلمون انها كانت بيتا لروحي. اما ذاك البيت الذي اقيم تحت سقفه فليس الا بيت الجسد. يقيني حرارة الشمس وبرودة الليل وهبوب الريح. ولكن متى اويت اليه بعد يوم طويل من العمل في بلاط السلطان في قونية كانت روحي تنام في العراء. هذه الحديقة كانت تؤوي روحي وتدفئها وتبث فيها طمأنينة البيوت وسكينتها. اذا ذهبت الها وجلست في وسطها اوت الي كل وردة ودنا مني كل غصن. تحدثني عما جرى وانا غائب عنها: عن رائحة الريح طعم اللقاح اسرار الليل حفيف الاوراق قرض السناجب طرقات النعال...

- ومن يعتني بها في سفرك؟
- التفت الي مبتسما وحدق في عني بيقين وقال:
- انا.
- كيف ؟
- اليوم كنست اوراق الخريف المتساقطة حتى لا تحجب الضوء عن ازهار الحح الصغيرة التي تولد في هذا الموسم. وكذلك دفعت لصا حاول ان يطقف ازهار الخزامى ليبيعها لعطاء سيء السمعة. وفي الايام التي ينقطع فيها المطر اجلب لحديقتي غيمة من الشمال.


هنا مربط الفرس طبعا...حتى ابن عربي يستغرب هذا اكلام من الشيخ اسحق. فيسأله افهم كيف تكنس ورقا وتدفع لصا ( اما انا فلا افهم كيف له ان يفعل ذلك وهو على ذلك البعد والمسافه؟ ) ولكن كيف تجري الغيوم وذلك من امر الله وحده؟
فيرد عليه اسحق ..هي من امر الله وحده كما تقول ومعاذ الله ان انازعه في امره.
- فكيف تفعل؟
- كل ما افعل هو اني اقسم عليه فيبرني.
- ويبرك في كل مرة تقسم عليه فيها؟
- نعم ولكني لا اقسم عليه الا اذا علمت انه يبرني.
- وكيف تعلم؟
رفع عينيه الى السقف وحدق فيه حتى كانه سيثقبه بنظراته وقال بصوت حالم:
- لا ادري ، اشعر بذلك . ان لرضا الله عليك شعورا لا يمكن ان يوصف. دثار دافئ يحيط بقلبك في ليلة برد، او وميض من الضوء يسافر في عروقك، او ملاك من ملائكته يتسلل الى روحك ويحضنها مثل صديق قديم. شيء لا يوصف يا محي. لا يوصف على الاطلاق. رضا الله هذا.
انسلت من عيني دمعة وانا اصغي اليه واستمر هو في كلامه:
- تخيل ان لا ينعم الله عليك برضاه فحسب بل يشعرك بهذا الرضا ايضا. احيانا اكون في شأن عابر من شؤوني اليومية، جالسا اقرأ رسائل للبلاط او ماضيا لاشتري طعاما من السوق، او سادرا في حديث مع شخص في مجلس ، وفجأة اشعر وكأني عبرت شلالا من نور، مشيت تحته لثوان ثم خرجت منه. واشعر وكأني ارى امامي دهاليز النفس لامعة نظيفة وكأني خلقت للتو. واشعر كأن كل حلم من احلامي وامنية من امنياتي قد خرجت من نفسي وصعدت الى السماء فشذبت ورتبت وعدلت وصيغيت في حال اطهر ثم اعيدت الي صدري مرة اخرى.

قديم 06-19-2017, 03:31 PM
المشاركة 20
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
وفي الصفحة 397 وبعد ان اودع السجن على اثر وشاية يقول الراوي :
" مكثت في السجن بضعة ايام قبل ان اقف امام هذا القاضي الحليم طيب اللب. لم يسمحوا لاحد بزيارتي قط وليس بين يدي قلم ولا ورقة. دخلت في سلسلة من الحضرات الغيبيبة. كلما اظلم الليل ارسلت قلبي الى من شاء ان يكون في حضرته تلك الليلة حيا كان ام ميتيا. التقيت بكل شيوخي الذين احب لقاءهم. السهروردي في بغداد. والكومي في سلا. والسبتي في مراكش.والغوث في تلمسان. بل اني حضرت مع الخياط والحريري في الخانقاه وجلست معهم بقلبي وجسدي في السجن. ولقيت شيوخي اللذن ماتوا في حياتي والذين ماتوا قبل ان الد. سمعت وانست وناقشت واخذت وتعلمت وكأني في الايام القليلة التي مكثتها في سجن القاهرة قد زرت مشرق الارض ومغربها ولقيت عشرات الشيوخ وقرأت عشرات الكتب وصعدت الى السماء ونزلت الى الارض.

لا احد يشك في ان السجن له اثر عظيم على الدماغ مثل اثر اليتم فالادلة على ذلك كثيرة وادب السجون يعتبر من اكثر الاداب روعة حتى ان السجن جعل سيدنا يوسف قادر على تعبير الرؤيا لكن ان يقال بان ما هو ذكر اعلاه قد حصل فعلا بواسطة القلب فهذا ليس اكثر من هذيان ناتج عن اثر الانفراد والعزلة التي يعاني منها السجين فيكون الخيال هو وسيلته الوحيدة للتسلية.


مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 2 ( الأعضاء 0 والزوار 2)
 
أدوات الموضوع

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: حوار ادبي حول رواية "موت صغير" الفائزة بالبوكر لمحمد علوان
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
افتتاحية رواية كتاب "إضاءات في كتاب "حيفا.. بُرقة البحث عن الجذور" ل د.سميح مسعود" بق ماجد جابر منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 0 10-12-2016 03:45 AM
التحليل الأدبي لقصيدة" سر عمري "لليلى يوسف:بقلم ماجد جابر ماجد جابر منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 5 05-02-2012 01:22 PM
دعوة إلى ترجمة "Arab Voices in Diaspora " لليلى المالح إلى العربية الدكتورة مديحة عتيق منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 15 04-09-2012 01:41 PM
قراءة في "الشجرة البديعة" لمحمد معمري محمد معمري منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 6 11-10-2010 07:21 PM

الساعة الآن 03:43 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.