احصائيات

الردود
10

المشاهدات
4008
 
عمرو مصطفى
من آل منابر ثقافية

اوسمتي


عمرو مصطفى is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
417

+التقييم
0.12

تاريخ التسجيل
Nov 2014

الاقامة
مصر

رقم العضوية
13385
02-28-2015, 11:10 AM
المشاركة 1
02-28-2015, 11:10 AM
المشاركة 1
افتراضي لكنها وطن
إهداء للسيد سليمان..

***

أشياء عديدة دفعتني دفعاً ؛لاتخاذ ذلك القرار الصعب ..

كلنا يعلم طبيعة عملنا الأمني وقواعده الصارمة ؛لابد أن تظهر خلاف ما تبطن ..
لابد أن تغلف مشاعرك بجبل من الجليد ..

لكن حتى جبل الجليد يمكن أن يذوب إذا ثار البركان الذي بداخله ..

أنا أمر بتلك اللحظة حالياً ..

جبل الجليد الراسخ في سبيله للتخلى عن جموده وسرعان
ما سيقذف بالحمم في كل صوب ..

ساعتها لا أحد يضمن النتائج ..

الرؤساء يعلمون جيداً تاريخي في الجهاز والتشدق كلمة لا وجود لها

في عملنا القائم على التفاني والكتمان ..لذا لاسبيل لإساءة الظن بي

وتفسير طلبي على غير المراد ..

لقد سقطت القشة التي قصمت ظهري يوم عدت مؤخراً من الخارج

بعد عملية الليل البهيم ..عدت للديار التي تفانيت في حفظها وحياطة

أمنها على مدار ربع قرن من الزمان ..عدت كي أهنأ باستراحة محارب ..

يلتقط الأنفاس من ثم يعود ليمطتي جواده وينطلق مرة أخرى إلى الميدان ..
لاداعي ههنا لذكر مواقف أسرية وعاطفية لم نتعود على البوح بها في عملنا ..
المهم أنني بعد جلسة أسرية حميمة قررت أن

أجوب شوارع العاصمة ..

جولة حميمية أعانق فيها الشوارع والميادين ..أتأمل أبناء وطني

بتركيز كأنني أبحث في ملامحهم عن الأشياء التي نضحي في سبيلها بأرواحنا ذاتها ..
وينتهي بي المطاف حيث مرسى النهر الخالد

لحظات من التأثر تدغدغ مشاعرك وتكاد تجرفك مع أمواج النهر

إلى حيث المصب لكنك تملك كبح جماح مشاعرك وراء جدار من الصلب ترسمه ملامحك باحتراف ..
لا أحد يتخيل ولا أحد يمكنه أن يستشف شيئاً من وراء قناعك البارد ..

جلست بأحد الكافيتريات التي تطل على الكورنيش وطلبت مشروباً شرقياً دافئاً ..

الأن أقترب أكثر من الناس البسطاء ..أراهم وهم يحتسون

المشروبات الغازية !..يتهامسون ..يضحكون ..أشعر بالفخر والانتشاء وأجد
أن ابتسامة طفل أمن في حضن أمه تستحق ربع قرن من التضحيات ..

***

أسرة لطيفة كانت تجلس بجانبي مكونة من زوج وزوجة وطفل

لم يتجاوز الثلاث سنوات .. أسرة لطيفة أكلت كميات هائلة من الطعام
و شربت كميات مريعة من المشروبات الغازية القاتلة ..لابد أن الحساب سيكون (على النوته)..
لكنها كانت أسرة لطيفة على كل حال ..

بعد قليل حدث ما توقعته وانتظرته.. قام الزوج متثاقلاً واتجه للنادل

وسأله عن الحمام ..وبعد أن غاب الزوج قامت الزوجة وحملت طفلها واتجهت
إلى حيث ذهب زوجها وتركت خلفها حقيبة يدها الجلدية ..
أسرة لطيفة تدفع الأن ثمن المأكولات والمشروبات غالياً ..

في الحمام !...

لكن يبدو أنهما قررا ألا يدفعا الثمن مرتين ..

بعد نصف ساعة جاء النادل محنقاُ وتناول حقيبة يد الزوجة وقلبها . كانت خاوية!..

الخديعة ضلع أساسي في عملنا الأمني لكننا نقوم بخداع الأعداء لا خداع بعضنا البعض ..

أشفقت على النادل أحمر الأذنين فناديته ..التفت إلى كمن يستفيق من حلم مفزع ..
أخرجت حافظتي وأنا أسأله في هدوء :

ـ أريد أن أدفع حساب الزوجين ..

صاح في لهفة :

ـ هل تعرفهما ؟..

ـ أنا لا أعرفهم ..فقط أعرف أنهما لن يعودا ليدفعا لك الحساب ..

بعد إلحاح شديد قبل أن يأخذ مني الحساب .. كان ممتناً وهو يردد الكثير
من عبارات الشكر ..والكثير من اللعن على الزوجين معدومي الضمير لكنني
كنت مهموماً بأمر أخر فصرفته برفق وعدت لتأملاتي..
ربع قرن من الكفاح في سبيل أسرة تتهرب من دفع حساب المشروبات !..

بعد قليل دخل شاب وفتاة وجلسا في نفس الطاولة التي كان يجلس عليها زوجي النصابين ..
الشاب كان قد حول شعره إلى شجرة كريسماس هائلة وكان فخوراً بذلك أما الفتاة
فكانت تلبس عقداً ثميناً لذا قررت من باب تقليل التكاليف الاكتفاء بلبس العقد على ما يبدو ..

كنت أتوقع الأسوأ.. والأسوأ جاء سريعاً مريعاً ..

شجرة الكريسماس لم تفلح في إخفاء العبث الفج والانحلال المزري..
قد أتفهم ذلك في بلاد الأعداء وأنا مشمئز ..لكن هنا ..في وطني !..

بعد دقيقتين كنت أغادر الكافيتريا ووجهي البارد محتقن من أثر
المجهود الخرافي الذي أبذله في سبيل كتمان مشاعري الحانقة ..

غادرت فقط لأصطدم بمظاهرة لشباب حانق يصر على أن الإصلاح يبدأ
بحرق السيارات والمنشئات العامة والتحلية برجال الشرطة ..

أين هؤلاء وأين نحن..؟

هل يعرف هؤلاء ما يحيق بهذا الوطن من المخاطر ..هل لو علموا

لظلوا على ما هم عليه .. هل ذهبت أعمارنا سدى ؟..

في تلك اللحظة الفارقة ..اثناء محاولتي للخروج بسيارتي من وسط
الزحام والهتافات قبل أن تتحول إلى كومة فحم ..اتخذت القرار الحاسم
الذي من أجله قدمت تلك المقدمة .. أنا لن استطيع أن أقف مرة أخرى
في وجه الخطر بظهر مكشوف ..كفاني ربع قرن من الكفاح المتواصل ..

لذا أرجوا من السادة الرؤساء تفهم طلبي والتكرم بقبول .....

استقالتي ..

انتهيت من إلقاء خطبتي العصماء ووقفت هنيهة أتأمل وجهي الجامد في المرآة ..

لقد وقفت هذه الوقفة عشرات المرات على مدار ربع قرن وفي كل مرة
لا يتجاوز قرار استقالتي حديثي لنفسي أمام المرآة ..

أنا أعرف نفسي جيداً ..وأعرف أنني لم أضيع عمري في سبيل أسرة
تتهرب من دفع حساب الكافيتريا ولا من أجل شباب ماجن
ولا من أجل متظاهرين يخربون بيوتهم بأيديهم ..

كل هذه الصور المحزنة لم تفت في عضدي يوماً ولم تثنيني عن أداء مهامي..

وكنت دائماً ما أهمس لنفسي بذلك البيت من الشعر العربي

القديم، مسلياً ومعزياً ..
ماذا كان يقول ؟

***

" بلاد ألفناها على كل حالة

وقد يؤلف الشيء الذي ليس بالحسن ..

ونستعذب الأرض التي لا هواء بها .. ولا ماؤها عذب ..

ولكنها وطن .."



***

عمرو مصطفى

الجمعة 20 جمادى الأول 1435 هـ

21 مارس 2014 مـ



التعديل الأخير تم بواسطة عمرو مصطفى ; 03-03-2015 الساعة 01:32 PM
قديم 02-28-2015, 01:48 PM
المشاركة 2
فاطمة جلال
مراقبة سابقة

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
[tabletext="width:70%;"]

سلام الله عليك أديبنا القدير عمرو مصطفى

ولكنـــــــــــــــــه الــــــــوطــــــــــن

وبصدق أقولها كم تمنيت للحكايا ان لا تنتهي
كنت على قيد دهشة من الابداع
كنت أرافق الحرف وامضي حيث الزمان والمكان
وهذا سر من أسرار الابداع أن تحملنا الى كل حرف
الى ذلك الوطن وتلك الاسرة وذاك الشاب الماجن

أصفق لهذا الحرف بحرارة
واهتف باسم الوطن
لكنه الوطن
وأردد بعد هذا النشيد
" بلاد ألفناها على كل حالة

وقد يؤلف الشيء الذي ليس بالحسن ..

ونستعذب الأرض التي لا هواء بها ..

ولا ماؤها عذب ولكنها وطن .."


ولك كل التقدير ليكون هذا الحرف على قمة البوح
ويثبت من بعد اذن مشرفينا الكرام

[/tabletext]

تَعَـالَ ...
نَعْـجِن مِـن الحِـرَفِ رَغِيفًـا عَـلَى مَوَائِـدِ الـكَلَامِ ...
وَنَـكْتُب رَسَائِـلَ الحَـنِينِ إِلَى اليَـاسمِينِ ....

تعـالَ...
فمن تشتاق الـروحُ اليـهم ؛ قـــد أوغلـوا فـي الغيـاب !

فاطمة جلال

.....
قديم 02-28-2015, 02:51 PM
المشاركة 3
عمرو مصطفى
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ..
الأستاذة الفاضلة فاطمة جلال ..
أن تتمني للحكاية ألا تنتهي أفضل لي من أن تتمني لها أن تنتهي ..
هذا إنجاز في حد ذاته ..
فالملل هو الداء الذي أحاول الفرار منه عند الكتابة .. هو عقدتي .
لم اتوقع التثبيت حقيقة ..
لك مني جزيل الشكر والعرفان بالفضل ..
والوطن .. كلمة تغرس في القلب وتداً له في النفس ألف معنى ومعنى من الألم ..
ومن الأمل ..
لأنه ..
وطن ..

قديم 02-28-2015, 03:36 PM
المشاركة 4
جليلة ماجد
كاتبة وأديبـة إماراتيـة

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
يظل الوطن وطنا ...
رغم احترافه اﻷلم ...
إﻻ أنه يغذينا باﻷمل ...
ﻷنه وطن
أ. مصطفى
بﻻدي و إن جارت علي عزيزة
و أهلي وإن ضنوا عليي كرام
قصة جميلة .. دام إبداعك دافقا ..
احترامي الجم

عند المطر ..تعلم أن ترفع رأسك ..
قديم 03-02-2015, 10:22 AM
المشاركة 5
عمرو مصطفى
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
الشمس أجمل في بلادي من سواها .. والظلام ..
حتى الظلام .. هناك أجمل فهو يحتضن الكنانة ..
واحسرتاه متى أنام؟..
فأحس أن على الوسادة..من ليلك الصيفي طلاً فيه عطرك يا كنانة ..
إني لأعجب كيف يمكن أن يخون الخائنون ؟!
أيخون إنسان بلاده ؟!
إن خان معنى أن يكون فكيف يمكن أن يكون؟


احترامي الجم لرأيك أستاذة جليلة ماجد..
واحترامي لكل شعب الإمارات العزيز ..

قديم 03-03-2015, 08:10 PM
المشاركة 6
مها الألمعي
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

إحساس هذه القصة عظيم
نبيل جدا بطلها
أحببت سببه في إمضاء ربع قرنه في عمله
وأوجعني صفعه بالخذلان

أ.عمرو مصطفى

شكرا على مشاركتنا بهذه القصة
تستحق التثبيت .

قديم 03-04-2015, 11:57 AM
المشاركة 7
عمرو مصطفى
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ..
يكفيه شعوركم هذا كي يستمر ..

تحياتي لك أستاذة مها ..

قديم 03-04-2015, 12:55 PM
المشاركة 8
عبير المعموري
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي
تحية طيبة أ.عمرو مصطفى تليق بقلمك المبدع
نص فخم ورائع بمعنى الكلمة
تقاسمنا مع بطلك تلك الخيبات المستمرة وهو يفكر ويعيد السؤال هل ضاعت رحلة ربع قرن من...
سرد شيق يتناول عمق الوطن في نفوسنا..اياد للخير تبني واخرى همها كيف تهدم!
دام نبض التالق
تقبل مروري الجد متواضع
عبير المعموري

حتما..طريقي صعب..ولكنني يقينآ..سأكون!
عبير المعموري
قديم 03-04-2015, 02:07 PM
المشاركة 9
عمرو مصطفى
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
تحياتي لك أستاذة عبير ولكل أهل العراق الجريح ..
إنما تبنى الأوطان على مثل أكتاف هؤلاء ..
هؤلاء يجعلون لكلمة الوطن مذاق خاص..
هؤلاء غالباً لا ندري عنهم شيئاً .. وهم يدرون عنا كل شيء ..
حفظ الله أوطاننا الإسلامية من كيد الكائدين ..

قديم 03-04-2015, 03:03 PM
المشاركة 10
زياد القنطار
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي
على ضفاف النهر الخالد لوحات أنعكست في مجراه للوطن وأهله, وفي العمق وجع مسافر ليستقر عند مصبه .والحاضر وطن ارتسمت في تفاصيله صورة لأوطاننا مجتمعة .
لعمرك ما ضاقت بلاد باهلها ........ولكن احلام الرجال تضيق‏.
مازالت مفردة الوطن عائمة بالأذهان .ولايمكن لأي وجع أن يساوي وجعاً بوطن .
أستاذ عمرو ...نص مائز ...دهشة في تتبع التفاصيل وإدهاش في خلق كل هذا التفاعل في ذواتنا مع هذا الحرف المميز ..خالص التقدير

هبْني نقداً أهبك حرفاً

مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: لكنه وطن
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
تعريفات ساخرة...لكنه الواقع يا حضرات عبد الرزاق مربح منبر النصوص الفلسفية والمقالة الأدبية 10 03-03-2021 11:51 AM
(( لكنه لم يفعل ! )) / أزهــر عمـــر قاســـم أزهر عمر قاسم منبر البوح الهادئ 0 11-04-2020 07:59 PM

الساعة الآن 08:16 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.