احصائيات

الردود
2

المشاهدات
2408
 
رشيد عانين
من آل منابر ثقافية

رشيد عانين is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
47

+التقييم
0.03

تاريخ التسجيل
Jun 2020

الاقامة
المغرب

رقم العضوية
16150
06-20-2020, 10:55 PM
المشاركة 1
06-20-2020, 10:55 PM
المشاركة 1
افتراضي شهقات عشتها مع نص رواية عذراء سراييفو للروائي المغربي محمد غالمي
شهقات عشتها مع نص رواية عذراء سراييفو للروائي المغربي محمد غالمي
أستاذي الكريم محمد غالمي ليس المقام مقام تملق فلست بواقف على أعتاب قصر أرجو النوال، فلا أنتم بالملك ولا الأمير، وإن كنتم تتربعون على مملكة الأدب، ولكن من حسن الحظ فالأدب، لا يعطى ولا يوهب، إنما هي لواعج قلب عشق النص بمعزل عن صاحبه، وذاب في ثناياه.
أستاذي الكريم رواية عذراء سراييفو مازالت نسائمها غضة طرية بل أنفاسها تصطدم بأنفاسي فيهطل اللعاب، لا أدري كيف وجدتني أتسول بين السطور أرتضي عطف الكلمات، جوع، نهم، ذلك هو حالي، فأنا أقرأ ولا أشبع، وما عذبني نص مثلما عذبني نص روايتكم، وما أسعدني نص مثلما أسعدني نص روايتكم.
لحظات تمضي والقلب ينزف من هول ما صنعَتْ به روايتكم، تلكم التي شنتْ غارات متتالية بأسلحة فتاكة، يتلقى فيها القلب بين الصفحات، الضربات تلو الضربات، ولا حيلة له سوى أن يصبر، وما صبره غير أنّات يتحدث فيها الجرح بأسلوبه البليغ، حينما يخرج الجرح عن صمته ويتحدث، تسكن الآلام ويسكن معها الفؤاد، وما سكونه سوى إنصات لآلام تتجدد مع كل صمت، ليس أقل من بوح السكون، بوح ساكن بين الثنايا والضلوع، يقرر مع مطلع كل صفحة أن ينس ولكن هيهات ثم هيهات أن ينس، كيف ينسى والندب يضاف إلى الندب، ويزداد الجرح عمقا، وتزداد لحظات العذاب، ومن عمق الجرح يكتب قلم المبدع تراجيديا الانفراج، انفراج يدمر كل البنى التي أقمتها في داخلي، لقد عمد إلى جميع الأنساق المعرفية في داخلي فحطمها، وأقام على أنقاضها صرحه الخاص، صرح التسامح والجمال .
لقد حملني الشوق إلى رحلة في روايتكم عذراء سراييفو والكلمات يلفح شواظها قلبا معذبا منهكا، و أنا الذي كنت أعتقد إلى زمن قريب أن قراءة الرواية تسلية وإمتاع و مؤانسة. رحلة شاقة تلك التي قطعتها بين الصفحات، أسمع للحروف أنين وآهات، وللكلمات صرخات، كل ذلك وصورة الدم لم تفارق مخيلتي، فيزدان العذاب وأنا أرى بقع الدم تنبت الأزهار والياسمين، بين كل صفحة وصفحة يعلن الكاتب عن ميلاد قصة حب جميلة عفيفة شريفة، كنت أحدث نفسي وكانت نفسي تتحدث في صمت وتتساءل تحت ضربات العذاب الموجعة، والجسم مثخن بالجراح، كيف ينبت الزهر بين الأحراش؟ وكيف يهدل الحمام بين مخالب الكواسر الضارية؟ والصفحة تقذفني إلى الصفحة، كنت أتساءل كيف استطعتم أن تحولوا أستاذي الكريم جغرافية الدم والأشلاء والدمار والخراب إلى جغرافية العواطف النبيلة والأحاسيس الراقية؛ فالحب والعشق والهيام والأحلام والأمان والسلام في حي الأمان بوسط مدينة سراييفو، وأنا غارق في بحر من الأسئلة يتبدى لي صوت الكاتب متخفيا بين السطور مجيبا عن كل هذه الأسئلة بجملة واحدة:كما يخرج الحليب من بين فرث ودم، فيصمت الصمت، فأدرك تمام الإدراك أني أقدمت على مغامرة غير محسوبة المخاطر تلك التي أخوضها وأنا أسلك مفاوز صعبة في قراءتي لروايتكم وكأني بك أستاذي الكريم تخيب جوارحي جارحة جارحة، فأرى وأنا أتخبط بين الصفحات والسطور كيف تستل مني روحي وتغرقها في عوالم لا قبل لي بها، فيغدو السفر بين ثنايا الصفحات رحلة دم وعذاب يستنطق محطاتها ويخرج خباياها، فيعود أفق الانتظار ليتشكل من جديد فأدرك مع كل صفحة أن قوة الكلمة التي تؤثث نصكم الروائي وتشكل معماره الداخلي أقوى على خرق الحجب مما توقعت. فلقد كنت في كل مرة أدرك كم أنا تافه فيما ذهبت إليه، فروايتكم كانت لها قوة عجيبة على تدمير كل ما جمعته عن موضوعها استنادا إلى الكفايات المعرفية والمنهجية التي أمتلكها .
وهذا الكائن العفريت الذي امتلكتموه المسمى اللغة، ما بال اللغة؟ اللغة ذلك الكيان اللاهب، صهد الكلمات يلفح القلوب، فيتركها صرعى، فلا القلب وعى، ولا العقل للتحليل والتأويل سعى، هسهسة اللغة كانت مخدرا بالغ التأثير أسكر الروح وغيب حواسها خصوصا أثناء القراءة الثالثة للرواية وأنا أسميها قراءة الشهقات، تعطلت فيها الهيرمونيطيقا، ذلك أن لغتكم أستاذي الكريم لغة ساحرة تفرق بين المرء وعقله، والعقل قد تعطل وانفصل، فأنى للتأويلية أن تشتغل، لغتكم هذا السياط الذي انحنيت تحته أجلد بلا رحمة لم يترك لي خيار الرحيل بين الكلمات أقلبها أقبلها أو أرفضها. ذلك لأنك ساحر ولغتك ساحرة وما التأنيث فيها إلا رمز الفتنة، فتنت مشاعري وتركتها جريحة تنزف مدى نزيف قناديلك، حسك المرهف، وطريقتك في الكتابة الأخاذة الآسرة، حفرت بعمق في أعماق أعماق كياني، حولتني روايتكم عذراء سراييفو إلى قارئ مدمن، الإدمان على الكلمة في روايتكم كما لم أدمن عليها من قبل، فغدوت بين سطورها ذلك التائه السكران، أفرد خيوطها فتتشابك من جديد وكأني في لعبة حلم، مسارات صعبة أنزلتني إياها روايتكم عذراء سراييفو .
اللغة، ما بال اللغة، فقمة الجمال ذلك هو العيش في كنف ذلها وإذلالها، فالجمال كل الجمال أن تستبد بك وتستحوذ على كيانك وتملأ عليك قلبك وعقلك، بين قرّ الشتاء وهاجرة الصيف تمدك بذلك الدفء الحراري الحميمي يسري في المفاصل فتنشط بعد خمول وانقباض.
وأخيرا أريد أن أخبركم أستاذي الكريم بسر، تخيلوا أني أصبحت أتحدث إلى ماريا وروزالين وراحيل وصافية وسها ويوسف وصلاح ونهلة ونوارة ونوار . فما أحسست بهوى لكائنات ورقية تصدح أنغامه بين جوانحي مثلما أحسست مع هؤلاء، شخوص الرواية وأبطالها. ولا أخفيكم أني عقدت علاقة حميمية معهم فباحوا لي بأسرارهم وأخبارهم و أصروا علي حتى انضممت إلي ناديهم أرتشف معهم كأس المحبة والجمال.


قديم 06-21-2020, 02:28 AM
المشاركة 2
خالد الزهراني
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي رد: شهقات عشتها مع نص رواية عذراء سراييفو للروائي المغربي محمد غالمي
الأخ الراقي والأستاذ الفاضل رشيد عانين
قرأت ما أوردته هنا سيدي من قراءة شبه تفصيلية لنص رواية عذراء سراييفو
التي أبدعها الروائي محمد غالمي والتي جعلتنا في شوق كبير للاطلاع عليها أيضا
شكرا لهذه النبذة العاطفية للرواية وسنحاول الحصول عليها بإذن الله ومرحبا بك
تقبل احترامي
خالد الزهراني

و إذا أصيب القوم في أخلاقهم
فأقـم عليهـم مأتما و عويلا
قديم 06-21-2020, 03:17 AM
المشاركة 3
رشيد عانين
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي رد: شهقات عشتها مع نص رواية عذراء سراييفو للروائي المغربي محمد غالمي
شكرا شكرا شكرا أستاذي الفاضل على مرورك الطيب وعلى لغتك الراقية لك تقديري واحترامي سيدي الفاضل


مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: شهقات عشتها مع نص رواية عذراء سراييفو للروائي المغربي محمد غالمي
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
البُعد الاجتماعي في رواية (هنا ترقد الغاوية) للروائي اللبناني محمد إقبال حرب بقلم ا محمد فتحي المقداد منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 2 06-04-2021 12:59 AM
الافتراضي المأمول، والواقع المحروق قراءة نقدية في رواية (ذرعان) للروائي (محمد الحفري) محمد فتحي المقداد منبر النصوص الفلسفية والمقالة الأدبية 2 11-19-2020 12:12 AM
تحميل رواية المثلث المقلوب للروائي محمد ارفيفان العاودين محمد فتحي المقداد منبر القصص والروايات والمسرح . 2 05-11-2019 02:19 PM
«الأرمن» وسؤال المواطنة في رواية «صيد العصاري» للروائي محمد جبريل بقلم شوقي بدر يوسف ايوب صابر منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 0 11-21-2014 06:45 AM

الساعة الآن 08:54 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.