قديم 10-15-2015, 05:55 PM
المشاركة 11
عبدالله علي باسودان
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي
استاذ عبدالله
أنا فقط أحاول استثمار هذا الحوار للتأكيد عل مجموعة امور :
- ان اللغة العربية خسرت الكثير من مفرداتها التي تم إسقاطها عبر الزمن والاغلب ان السبب الرئيسئ لذلك هو العزوف عن استخدام اللغة الفصحى وبدلا من ذلك استخدام اللغة المحلية.

- قد يكون هناك حاجة لحصر المفردات التي أسقطت ثم يتم وضع خطة طموحة لإعادة استخدامها .

- علينا ان نحدد الوسائل لوقف اي انهيارات إضافية في اللغة وبدلا من ذلك وضع خطط لاغناء مفردات اللغة العربية .

- التأكيد عل اهمية دراسة علم العروض وجعله حاضرا في أذهان كل متحدثي اللغة العربية .

- التأكيد على اهمية حفظ أشعار شعراءالزمن الذهبي وفهمه وتقليده كوسيلة لاستعادة ولو جزء من فصاحتهم

- التأكيد على حفظ القران الكريم من قبل كل من يتحدث العربية لما فيه من إعجاز لغوي وفصاحة وبلاغة

- من الجميل ان تشتمل النصوص النثرية على لغة شعرية لكن على كل من أراد ان يكتب شعرا ان يلتزم بقوانين الخليل بان احمد الفراهيدي

- كما ان للموسيقى سلم موسيقي لا بد من الالتزام بقوانينه حتى تخرج الأنغام شذية جميلة وليست نشاز لا بد من الالتزام بقوانين العروض والموسيقى الشعرية والوزن والقافية والتفعيلة حتى لا تكون القصائد مسخا وليس شعرا .

- ترجمة هذا الكلام الي قوانين ملزمة للجميع وتضمينها ضمن المناهج التعليمية
ايوب صابر.

رداًعلى ملاحظاتك حول الشعر:
1- أنا ضد قصيدة النثر. أنت خلطت الكثير حول قصيدة النثر وقصيدة الشعر الحديث.
عندما تقرأ شعر على أحمد باكثير، نازك الملائكة، السياب، صلاح عبدالصبور وحجازي جميع أشعارهم باللغة العربية الراقية السليمة. وفيها موسيقى ووزن يتفاعل مع سير القصيدة.
نحن لا نريد أن نعيش إلى ما قيل الف سنة مع عيون المها، أو قفا نبكي، وغيرها من قصائد التراث العربي. هؤلاء عاشوا عصرهم كأروع ما يكون، وهم شعراؤنا الأماجد خلدوا لنا هذا التراث ا لعظيم، ويجب علينا أن نفنخر به ونقرأوه كمادة تاريخية. لكن لا أ ن نقلده، ونجتره. كل شاعر يجب أن يعيش اللحظة الحضارية التي يعيشها. وإذا قلدنا الشعر القديم ماذا يتبقى لنا من إبداع.
اللغة العربية لم تخسر الكثير، بل الشعر الحديث أثرى اللغة العربية بكلمات وعبارات رائعة لم تمكن في الزمن القديم. مثل كلمة "موسوعة " لم تكن تستعمل في ذلك العصر، بل كانوا يسنعملونها " جمهرة "
وإذا قرأت الشعر الحديث قراءة متأنية ترى الكثير مما يثلج صدرك وصدور كل من يدافع عن اللغة العربية.
أعطيك مثلاً بين مقلدي الشعر القديم، و شعراء الشعر الحديث :
يقول أحمد شوقي عن الزمن :
دقات قلب المرء قائلةً له
إن الحياة دقائق وثواني,

ويقول الشاعر الحديث عن الزمن :
وعجبتُ كيف تمط أرجلها الدقائق
كيف تجمد، تستحيل إلى عصور.

الييت الأول لأحمد شوقي ما هو كلام نثري موزون خال من اية رؤيا شعرية. كذلك شوقي أعطى الزمن بعداً واحداً.
ترى البيت الثاني للشاعر الحديث خليل حاوي أعطى الزمن كل أبعاده الثلاثة. كما أن من يقرأ بيت خليل حاوي يعيش في رؤيا عميقة داخل الزمن. كما أنه يعيش مع موسيقى شعرية لا يتقنها إلا شاعر مبدع.

مشكلتك يا أخي ايوب أنت لم تواكب الشعر الحديث كما يجب وإلا كنت استمتعت بقراءته و أثنيت عليه.

وختاماً أقول لولا التطور في الشعر لظل الشعر جامداً متكلساً. خالياً من اي إبداع.


في ردي هذا لخصت لك ما قلته آنفا.







قديم 10-16-2015, 12:28 AM
المشاركة 12
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
استاذ عبد الله

يبدو اننا متفقين على عدة نقاط منها انني حتما مع ان يتجاوز الشعر اغراض الشعر القديم ويعالج الامور الحاضرة ولو انني اعتقد بان ذلك يحدث تلقائيا لان الشعر انعكاس لتجربة الشاعر وحتما تجربة الشاعر حاضرة وليست ماضية وانا حتما ضد ان يتقيد الانسان بتقليد أعمى للشعر القديم واغراضة حتى ان ذلك سيكون متكلفا.

أيضاً اتصور اننا نتفق بان اي نص له وزن وقافية هو شعر ولا يمكننا ان نقول مثلا ان شعر مثل شعر نزار قباني ليس شعرا رغم ان الكثير منه شعر تفعيلة وليس شعر بحور الشعر المعروفة .

اذا هناك الشعر العامودي وهناك شعر التفعيلة وهناك ما يسمى بقصيدة النثر والمقارنة التي اتيت بها اتصور انها تقارن بين نصين من نفس الصنف اي شعر التفعيلة وحتى نبرز الفرق بين شعر التفعيلة والقصيدة النثرية ربما علينا ان نأتي بقصيدة نثرية .

اتفق معك بان نص خليل حاوي يتفوق على نص شوقي من حيث المحتوى لكن موسيقى نص شوقي اكثر شعرية حتما كما لا يمكننا ان نقول بان نص خليل حاوي ليس شعرا .

كما سبق وقلت الهدف من الحوار هنا هو للفائدة ولاغناءالمحتوى العربي وليس لمحاولة فرض وجهة نظر .

لمزيد من المعلومات حول الموضوع وجدت هذا المقال الذي اظنه يوضح الكثير من الجوانب :
---------------------

قصيدة النثر وما تتميز به عن الشعر الحر
أمجد ناصر

في عدد مجلة "شعر" البيروتية رقم 22 الصادر عام 1961، وفي زاوية "أخبار وقضايا"، تشنُّ الشاعرة العراقية الرائدة نازك الملائكة هجوماً عنيفاً على مجلة "شعر" التي تسمي -في رأيها- النثر شعراً، وترى في إطلاق هذه التسمية تعبيراً عن "شعور أولئك المطلقين بالنقص أمام الشعر الحقيقي (...)، كما أن هذا الإطلاق تحقير للشعر واللغة العربية والجماهير العربية، وللأمة العربية"!
هذا ما تورده الناقدة المرموقة خالدة سعيد في كتابها "يوتوبيا المدينة المثقفة"*دون أن تتوقف طويلاً عند هذا الهجوم الكاسح، ولكنها تبيِّن لنا سببه: فقد كانت خالدة تناولت في عدد سابق كتاب محمد الماغوط "حزن في ضوء القمر"، وسمَّت نصوص هذا الكتاب (المثير والفريد من نوعه حينها) شعراً، رغم أنها لا تتوافر على وزن أو قافية، وهما علامتان رافقتا القصيدة العربية ودلَّتا عليها حتى تلك الفترة التي كتبت فيها الملائكة رسالتها الغاضبة إلى المجلة البيروتية.
ويبدو أن نازك الملائكة التي تراوح موقفها بين التجديد والمحافظة، ظنَّت أنَّ خالدة سعيد وصفت نصوص كتاب الماغوط المذكور، بأنها "قصائد نثر" وحسبتها -بالتالي- على الشعر الذي له عندها، مهما تحدَّث وتجدَّد، علامات فارقة لا يكون دونها، أهمّها الوزن (التفعيلة في أقصى درجات التجديد!).
ما يهمني هنا ليس غضبة الملائكة المُضَرية، بل ردّ مجلة "شعر" الذي جاء في الباب نفسه*دون توقيع، وإن كنت أرجِّح أنه بقلم أدونيس الذي اهتمَّ في تلك الفترة مع أنسي الحاج "بالتنظير" لقصيدة النثر.
"ستمرُّ نحو أربعة عقود على ذلك التأكيد الحاسم الواعي في آن، بأنَّ ما يكتبه الماغوط يوضع في خزانة الشعر الحر وليس في خزانة قصيدة النثر،*دون أن يجري أي نقاش عربي جدي حول مصطلح قصيدة النثر"
يقول رد المجلة بأن "قصيدة النثر شعر، لا نثر جميل، وأنها مكتملة ككائن مستقل وحي لا يقبل غير تسميته (...)، إن خالدة سعيد سمَّت (حزن في ضوء القمر) شعراً ولم تسمّه قصائد نثر، فلِمَ تبنَّت نازك الملائكة تسمية قصيدة نثر ثم راحت تهاجم هذه التسمية على أنها من ارتكاب خالدة سعيد".
وأخيراً يقرر كاتب الردِّ على نحو قاطع وحاسم أن "إنتاج الماغوط في (حزن في ضوء القمر) شعرٌّ حرٌّ وليس قصائد نثر"!
ستمرُّ نحو أربعة عقود على ذلك التأكيد الحاسم، الواعي في آن، بأنَّ ما يكتبه الماغوط يوضع في خزانة "الشعر الحر" وليس في خزانة قصيدة النثر، دون أن يجري أي نقاش عربي جدي حول مصطلح قصيدة النثر، فلم تترك تلك الفقرة الواردة في ردِّ مجلة "شعر" (مغفل التوقيع)، وغيرها من الخطرات والمقالات المتفرقة، حول الفارق بين قصيدة النثر والشعر الحرّ أثراً على مصطلح "قصيدة النثر" الذي كان يشهد في تلك الفترة خطواته الأولى على أرض الكتابة الإبداعية العربية، ولن يوجّه ذلك الوعي الذي بدا في ثنايا ردّ المجلة على نازك الملائكة "قصيدة النثر" العربية في الاتجاه الذي كان ينبغي أن تسلكه.
وبين تاريخ تلك الفقرة (1961) وبداية السجال العربي حول "قصيدة النثر" الذي دشَّنه عبد القادر الجنابي في مجلته "فراديس" (1993)، ستُكْتَبُ لمصطلح "قصيدة النثر" حياة أخرى في الشعر العربي.
ستكون هناك "قصيدة نثر" لا تشبه أي "قصيدة نثر" في أيِّ شعرية عرفت هذا المصطلح، فلم تسمّ أي شعرية في العالم "الشعر الحر" قصيدة نثر، لم يحصل هذا قط.
إنَّه التباس عربي خالص، وسوء فهم لم يجد من يصححه رغم المداد الغزير الذي سُفِحَ* في الدفاع عن "الشعر الحر" أو الهجوم عليه، الأمر الذي يفترض -في المدافعين على الأقل- معرفة ما يعنيه "الشعر الحر" ذو الأصل الأوروبي، شأنه شأن قصيدة النثر.
هذا في الواقع ما يتصدى له عبد القادر الجنابي، الشاعر والمترجم والناشط الثقافي العراقي، الذي انشغل بقضايا الشعر والترجمة، كتابةً وإصدارات، لنحو ثلاثة عقود أو أكثر.
فبين دفتي كتابه "قصيدة النثر وما تتميز به عن الشعر الحر" (دار "الغاوون" بيروت 2010) مادة فريدة من نوعها بخصوص ما كتب عن قصيدة النثر عربياً. وتكمن هذا الفرادة برأيي، في اقتران المعرفي بالتطبيقي، حتى إنه بوسع الكتاب أن يكون دليلاً لمن يريد أن يعرف ما هو "الشعر الحر" وما هي "قصيدة النثر"، إضافة إلى ترجمة منتخبات من كلاسيكيات قصيدة النثر.
"المدهش في الأمر أن الشعراء والنقاد العرب الذين انشغلوا بالتنظير للتجديد سواء تعلق الأمر بالتفعيلة أو بقصيدة النثر، لم يقدموا مادة مقنعة على هذا الصعيد، واكتفوا بنُتفٍ مما قرؤوه في المراجع الغربية أو بتهويمات من بنات أفكارهم"
يتساءل الجنابي لِمَ لم يترجم الشعراء والنقاد والمترجمون العرب المهتمون بالمثقافة مع "الآخر"، خصوصاً على* المستوى الشعري، كتاب مانسيل جونز عن "الشعر الحر" الذي أصدرته منشورات جامعة كمبريدج البريطانية عام 1951، وأعيدت طباعته عام 1968، وهو يعتبر من أهم المراجع الأولى حول حركة الشعر الحر الفرنسي، فضلا عن تضمنه شهادات لمؤسسي الشعر الحر تتناول الخلفية التاريخية التي مهدت لظهور هذا الشعر في فرنسا، ومن بين هذه التمهيدات قصيدة النثر.
فقد كان من شأن ذلك كما يستنتج الجنابي، أن يتيح للقارئ العربي الوقوف على أول تقديم تعريفيّ لمصطلح قصيدة النثر، ولربما دفع هذا التعريف عدداً من الشعراء الشباب -آنذاك- إلى كتابة قصائد نثر عربية رائدة بالمعنى الصحيح للمصطلح.
المدهش في الأمر أن الشعراء والنقاد العرب الذين انشغلوا بالتنظير للتجديد سواء تعلق الأمر*"بالتفعيلة" أو*"بقصيدة النثر"، لم يقدموا مادة مقنعة على هذا الصعيد، واكتفوا بنُتفٍ مما قرؤوه في المراجع الغربية أو بتهويمات من بنات أفكارهم.
وجه الإدهاش يكمن في أن الحرب التي كانت مستعرة بين دعاة "التجديد" وسدنة الماضي استلزمت ترجمة أعمال مرجعية*ككتاب جونز، تلقي أضواء على المسالك "الجديدة" التي كانوا يتأهبون لدخولها.
والطريف أن فكرة "المؤامرة الأجنبية" على اللغة والشعر (الهوية، التراث، الذات) ليست حكرا علينا نحن العرب، فقد اتهم المدافعون عن التقاليد الأدبية الفرنسية "الشعر الحر" بأنه مؤامرة أجنبية لتهديم نقاء اللغة الفرنسية بتهديم العمود الأساسي للشعر: البحر السكندري!
ويقول الجنابي إن ترجمة بعض قصائد الشاعر الأميركي والت ويتمان (صاحب ديوان "أوراق العشب") مهدت لظهور الشعر الحر الفرنسي عبر استعمال أسلوب سيعرف في ما بعد باسم "الشعر الحر"، وسيكون لهذه الترجمات دور مؤثر على الشاعرين غوستاف كان وجول لافورغ (الذي ترجم قصائد "ويتمان" إلى الفرنسية)، وهذا يؤكد دور الترجمة التاريخي في إحداث تغيرات -وأحيانا انعطافات- في مسارات أدبية تبدو مستقرة و"مكتفية" بذاتها.*
ولعل ذلك شبيه بالأثر الذي أحدثته ترجمة الأديب اليمني المصري أحمد علي باكثير لمسرحية شكسبير "روميو وجولييت" التي ترجمها باستخدام "التفعيلة" في المشهد الشعري العربي الذي امتصَّها -بوعي أو من دون وعي بريادتها- ليعيد إنتاجها من خلال ما عُرف لاحقاً باسم حركة الشعر الحديث أو الحر، وبهذا يكون باكثير أول شاعر عربي يقدم على كتابة عمل كامل -حتى لو كان ترجمة- بواسطة بحر شعري موحد التفعيلة.
"قد يكون من قبيل الوعي المتأخر أو رفع الصوت بعد فوات الأوان أن نعيد طرح السؤال البديهي: ما هي قصيدة النثر؟ لكن تذكّرنا لمثل إنجليزي سائر يقول في ما معناه: ليس هناك وقت متأخر، يجعل ذلك السؤال مبرراً، بل وربما ضرورياً"
وها هو باكثير يشير دون مواربة إلى التفعيلة الواحدة*دون أن يسميها شعراً حراً بالقول "فاكتشفتُ بعد لأيٍ أنَّ البحور التي تصلُح لهذا الضرب الجديد من الشعر هي تلك التي تتكوَّن من تفعيلةٍ واحدة مكرَّرة، كالكامل والرجز، والمتقارب والمتدارك والرمل، لا تلك التي تتألَّف من تفعيلتين مختلفتين، كالسريع والخفيف والبسيط والطويل، فإنها لا تصلح".
كان ينتظر أن يعيد كتاب الجنابي فتح السجال حول مصطلحي "الشعر الحر" و"قصيدة النثر" لكنه لم يفعل.. والعلة ليست في الكتاب بل في الظرف العربي الثائر والمضطرب الذي صدر فيه الكتاب من جهة، وحال الخمول الثقافي العربي دون ذلك من جهة ثانية.
إنه من المثير أن تكون الحياة العربية، اليوم، على هذا القدر من الحراك والسيولة فيما الثقافة على هذا القدر من الجمود، إن لم أقل من الشلل، حتى في خصوص الأسئلة التي تطرحها الثورات والانتفاضات العربية من أسئلة طارئة وملحّة.
قد يكون من قبيل الوعي المتأخر أو رفع الصوت بعد فوات الأوان أن نعيد طرح السؤال البديهي، السؤال الأولي: ما هي قصيدة النثر؟ لكن تذكّرنا لمثل إنجليزي سائر يقول في ما معناه: ليس هناك وقت متأخر، يجعل ذلك السؤال مبرراً، بل ربما ضرورياً.
سأعرض هنا لبضعة محددات يعتبرها الجنابي أساسية لتمييز قصيدة النثر عن "الشعر الحر"، أو حتى عما "يشبهها" من كتابات نثرية فنية أو شعرية.
- قصيدة النثر*قصيدة مادتها النثر، وعلى العكس من القصيدة الحرة فهي ولدت على الورقة، أي كتابياً، وليس لها أصل شفوي كما هو حال قصيدة الشعر الموزون أو "الحر"، وهي بهذا المعنى لم ترتبط بالموسيقى كالشعر ولم يقترح كتابها أن تغنى، ولا يمكن أن تقرأ ملحمياً أو بصوت جهوري يحافظ على الوقفة الإيقاعية القائمة بين بيت وآخر.
- وتتسم قصيدة النثر بغياب التقطيع (التشطير) ففي النظم الحر هناك فراغ في نهاية كل بيت/شطر يسميه كلوديل "البياض"، وهذا البياض هو لحظة تنفس إيقاعي ضروري لجمالية القصيدة المُشَطَّرة. قصيدة النثر بالعكس تكتسب هيئتها وحضورها الشعري من بنية الجملة وبناء الفقرة التي تجعل القارىء مستمراً في القراءة حتى النهاية.
وأخيراً.. تتخلص قصيدة النثر من وظيفة الوصف بغرضية منطقية، فبفضل عنصر "اللاغرضية" يتخلص السرد الذي هو سمة رئيسية في قصيدة النثر، من منطقيته النثرية، فهو ليس مخططاً روائياً يريد أن يصل إلى نتيجة ما، وإنما غرضه غرض فني جمالي محض.
المصدر : الجزيرة

*

قديم 10-16-2015, 08:44 AM
المشاركة 13
عبدالله علي باسودان
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي
عزيزي أديبنا الغالي ايوب صابر

أنت ر ائع في اطروحاتك وتعليقاتك وإن اختلفنا في بعض الآراء. والإختلاف وارد حتى عند كبار
الأدباء وعلماء الدين، لكن الرجوع إلى الحق فضيلة. المشكلة التي نواجهها هو الإختلافات في الأمور
العقائدية في من يدافع عنها بدون علم وثقافة دينيه، ومبدأه هو ما أريكم إلا ما أرى. وهذه مشكلة خطيره حلت
في زماننا هذا، لذلك لقد أوقفت الجدال مع هؤلاء وأتبعت قول الإمام الشافعي :
كلما جادلتُ جاهلاً غلبني وكلما جادلتُ عالماً غلبته.
نسأل الله السلامة والعافية لنا ولهم.

أطلعت على البحث الذي أوردته للباحث أمجد ناصر وهو رائع في بحثه إلا أنني عندي عليه بعض الملاحظات .

قديم 10-18-2015, 12:31 PM
المشاركة 14
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
يسرني ان اتعرف على ملاحظاك حول البحث المذكور واتصور انها ستهم كل من يبحث في موضوعىة الشعر الحديث .

قديم 10-18-2015, 05:42 PM
المشاركة 15
عبدالله علي باسودان
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي
أخي ايوب صابر

الاستاذ لم يعالج قضية الشعر الحر وقصيدة النثر، بل سرد هاتين القضيتين سردا عابرا. فقد اطلعت على كثير من هذه النقاشات في مجلة الآداب البيروتية حين كان يرأسها الدكتور سهيل إدريس، وهي مجلة تتميز بكونها مجلة المتميزين من كبار الأدباء والمثقفين والنقاد العرب.
فقد قرأتُ للدكتور محمد مصطفى هدارة عن نظام التفعيلة في الشعر الحر وعدم التزامه بموسيقى البحور الخليلية فقال : " إن الشكل الجديد " أي الشعر الحر" يقوم على وحدة التفعيلة دون التزام الموسيقى للبحور المعروفة ، كما أن شعراء القصيدة الحرة يرون أن موسيقى الشعر ينبغي أن تكون انعكاسا للحالات الانفعالية عند الشاعر .
ومما سبق تتضح لنا طبيعة الشعر الحر ، فهو شعر يجري وفق القواعد العروضية للقصيدة العربية ، ويلتزم بها ، ولا يخرج عنها إلا من حيث الشكل ، والتحرر من القافية الواحدة في أغلب الأحيان . فالوزن العروضي موجود والتفعيلة ثابتة مع اختلاف في الشكل الخارجي ليس غير ، فإذا أراد الشاعر أن ينسج قصيدة ما على بحر معين وليكن " الرمل " مثلا استوجب عليه أن يلتزم في قصيدته بهذا البحر وتفعيلاته من مطلعها إلى منتهاها وليس له من الحرية سوى عدم التقيد بنظام البيت التقليدي والقافية الموحدة . وإن كان الأمر لا يمنع من ظهور القافية واختفائها من حين لآخر حسب ما تقتضيه النغمة الموسيقية وانتهاء الدفقة الشعورية ." (انتهى كلام الدكتور.)

والذي أريد أن أقوله إن شعراء قصيدة النثر والشعر الحر لافرق بينهما إلا خيط رفيع جداً، ومع الأخذ في الإعتبار أن شعراء القصيدتين نراهم غير ملتزمين بالوزن والقافية حول سير القصيدة.

قد يكون لدى بعض المشاركين آراء فليدلوا بدلوهم لكي نستفيد أكثر، وسبحانه القائل :
" وفوق كل ذي علم عليم "

قديم 11-02-2015, 09:35 AM
المشاركة 16
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
هذا حتما نموذج لما يسمى بالشعر الحديث والنص معنون " بشذرات شعرية " مما يعني ان الحديث يدور حول شعر وليس نثر لكني اجد بان النص هو نص نثري رائع ومعبر بامتياز و اظن ان ليس له من الشعر الا الشكل الظاهري، وهذه الشذرات منشوره اليوم في جريدة القدس العربي وهي حتما لشاعر وكاتب كبير وواضح ان موضوع هذه الشذرات حداثي غارق في الرمزية وبعيد كل البعد عن اغراض الشعر من العصر الذهبي فهل هذا مبرر لنقول اننا بصدد قصيدة شعرية هنا ؟


شذرات شاعرية
أحمد برقاوي
november 1, 2015

غائر جرحي
نزيف النور
جرح ليس يلتئم
عميق عزيز رقيق
غارق في الحلم
صديقاه النار والقلم
وانتِ حبريِ و حبر العاشقين دم
جرحي نزيف الروح
وشعري شاهد نزق
يبوح بالآلام قهراَ
وكبراً لا يبوح
وقلبي طائر في مداه البعيد البعيد
فليس يدري إن باح دمي
دمي صراخ أم نشيد.

* * *

كنت سائراَ بأمري
فاستوقفني
بيمناه العصا
وبيسراه الوصايا
ثم خاطبني فقال :
قف سأتلو عليك ما عليك
وراح يسرد على مسمعي :
كن … ولا تكن
لا تقرب ولا تسأل
ولا …ولا …ولا وإلا
إياك ثم ياك .
أدرت ظهري وتابعت ،
إلى أين انت ذاهب ، صارخا قال لي .
فأجبت دون أن التفت إليه :
ذاهب إلي
فأنا لا أستطيع العيش بدوني .
* * *

معجزة:
لهذا النهر من العشق نبعان
نبعان قصيان متقابلان
فجنت طقوس الماء والنهر والجريان
فليس يدري النهر من أين يأتي
و إلى أين يمضي
وكيف يدري وله في رحلتيه
على هذه الأرض مصبان .

* * *

الذاكرة لا تخون
هي أصدق النبلاء في هذا الجسد
مقبرة الذاكرة
لا تجامل الرسيس من أحوالها
ولا شواهد على ارضها
تنسى ولكن
لا أحد يحملها على النسيان
الذاكرة لا تخون .

* * *

ذكرياتنا ظلالنا الباهتة
وليست تمور في النفس
إلا إذا توارى ضياءالشمسن
خلف حطام العجز
وحين يستيقظ فينا الحنين
تكون جرار الخمر قد جفت
والقلب تقنع بثياب الحكمة الزائفة
وحده المبدع التائه في الكينونة الواسعة
أو في صحرائها
خلق وممحاة..

* * *

بطاقة هوية :
حزني كمَد
وأفراحي مرح
وحبي هوى
وعقلي سيف
وبوحي فيض
و الداخل فيّ هو الظاهر
وأنا نهر آدمي
نيساني الضفاف
وكل فصولي قد تأتي في زمن واحد .

* * *

كم أنت غنية أيتها الحياة
وكم هم فقراء
كم انت جميلة
وكم هم قِباح
كم أنت صادقة
وكم هم كُذّاب
كم انت حميمة
وكم هم بغاة
كم أنت كريمة
وكم هم سرّاق
كم أنت عاشقة
وكم هم زناة
أيتها الحياة
أنتِ أنتِ
التي تجري دماك في جسد الطغاة؟

* * *

وحار الموج طويلا أين يمضي
في بحر غادرته الشطوط
هي موجة زرقاء
و الأعماق مسكنها الأخير
كل شيئ صار أزرق
غابة التيه
أسنية الشمس
قمر التلال البعيدة
ورق الكتابة
قلم البوح
و الأفق الوليد .
كل شيئ صار أزرق .
أخرجته الريح من أعماقها الحرى
و صار العرش فوق الماء .

أكاديمي وشاعر فلسطيني

أحمد برقاوي

قديم 11-03-2015, 10:35 AM
المشاركة 17
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
في المقابل انظر الي هذه الأبيات التي أيضاً تعالج موضوعا حداثيا ومكتوبة بلغة اقرب الي الرمز فهل يمكن ان نسمي هذا شعر وهذا شعر ؟

اعطني الناي وغني ل جبران خليل جبران

أعطني الناي وغن فالغناء سر الوجود
وأنين الناي يبقى بعد أن يفنى الوجود
هل اتخذت الغاب مثلي منزلاً دون القصور
فتتبعت السواقي وتسلقت الصخور
هل تحممت بعطر وتنشفت بنور
وشربت الفجر خمراً في كؤوس من أثير


أعطني الناي وغن فالغناء سر الوجود
وأنين الناي يبقى بعد أن يفنى الوجود
هل جلست العصر مثلي بين جفنات العنب
والعناقيد تدلت كثريات الذهب
هل فرشت العشب ليلاً وتلحفت الفضاء
زاهداً في ما سيأتي ناسيـًا ما قد مضى

أعطني الناي وغن فالغناء عدل القلوب
وأنين الناي يبقى بعد أن تفنى الذنوب
أعطني الناي وغن وانس داءً ودواء
إنما الناس سطور كتبت لكن بماء

قديم 11-04-2015, 05:23 PM
المشاركة 18
عبدالله علي باسودان
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي
شذرات شاعرية:

لا تعتبر شعراً، بل هى خواطر. ذلك لأنها ليس فيها من الشعر، لا الموسيقى، ولا الرؤيا

ولا حتى الوزن.

قصيدة أعطني النايى وغني : لجبران هي أروع ما قيل من الشعر، هناك موسيقى، أوزان، ورؤيا
في منتهى الورعة.

تحياتي.

قديم 11-14-2015, 05:18 PM
المشاركة 19
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
تضاريس الكتابة نثر الشعراء نموذجا
خيري منصور
november 13, 2015
نقلا عن القدس العربي

حتى وقت قريب كانت تضاريس الكتابة محفورة بأدوات نقدية حادة أشبه بالفؤوس، بحيث يقدم الشعر والنثر كما لو أنهما مستقيمان متوازيان لا يلتقيان، وكان لا بد من بطل كوميدي كالذي تخيله موليير، كي يكتشف بأنه ناثر لمجرد أنه يتكلم، وما يقوله ليس شعرا، كما كان أيضا لا بد من رولان بارت كي يعود بالكتابة إلى درجة الصفر، وتبدو خانات الأنواع أشبه بأثلام في أرض مزروعة، هي من التراب ذاته رغم اختلاف الأشجار أو الأعشاب التي تغطي تلك الأثلام.
وقد انقضى ذلك الزمن الذي كانت منابع الشعر فيه من جبل الأولمب أو من وادي عبقر، بحيث يعير شاعر آخر بأن شيطانه الملهم أنثى وليس ذكرا، وأن الموهبة هي فصيلة دم أخرى إذ تكفي وحدها لتحويل التراب إلى ذهب والنثر إلى شعر، كما حدث لميداس الأغريقي في الأسطورة.
الفن بمختلف تجلياته شعرا ورسما وعزفا ونحتا ليس مجرد عرق من طراز آخر تفرزه غدة مجهولة الإقامة في الجسد، لهذا كان منه الفطري الذي توقف عند حد ما مثلما كان منه وليد المران والخبرة والحواس المدربة، بل المثقّفة إذا شئنا استخدام مصطلح نقدي قديم، فالشاعر صانع أيضا لهذا أهدى ت. س. إليوت قصيدة «الأرض اليباب» إلى إزرا باوند ناعتا إياه بالصانع الأمهر، لكنها صناعة من نوع آخر غير مألوف في عالم الصناعات بمعناها الحِرفي الدقيق، من هنا كان أبرز الشعراء نقّادا بدرجة أو بأخرى، وتبعا لما يقوله إليوت، فإن مسودات الشعراء هي النقد التطبيقي لأنه إذ يختار ويضيف ويحذف إنما يمارس نقدا من الداخل ومن خلال العملية الإبداعية ذاتها، هكذا كان شعراء الرومانسية، وفي مقدمتهم الثالوث الإنكليزي شيلي وكيتس وكولريدج نقادا، وما كتبوه عن الشعر وفي الشعر خصوصا كولردج في تجلياته عن الخيال كان نقدا بامتياز، وكذلك البيانات الشعرية التي أصدرها شعراء عديدون، كالسيرياليين والدادائيين وحتى الواقعيين، لأن الشاعر الذي يستشعر اغترابا ما عن السائد الجمالي والفكري في عصره يجد ما يدفعه إلى تسويغ مغامرته، وترشيد الصّدمة التي يحدثها لدى المتلقي، الذي كان لزمن طويل أسير ذائقة اتباعية وحساسية موروثة، وفي الشعر العربي الحديث تحولت الكتابات المصنّفة نثرا لدى بعض الشعراء إلى سؤال حول العلاقة بين شعرهم ونثرهم، خصوصا هؤلاء الذين نافس نثرهم الشعر في جمالياته وأسلوبه ومعجمه اللغوي .
قيل شيء كهذا عن أدونيس ونزار قباني ومحمود درويش وممدوح عدوان وآخرين، ومنهم من اعترف بأن كتابته للنثر تتيح له التحليق عاليا وبعيدا عن الأطر كلها، فقد قال محمود درويش ذات يوم أنه يشعر حين يكتب النثر بأنه أشبه بحصان جامح برّي لا يعوقه سرج أو لجام أو سائس، ورغم أنه لم يكتب قصيدة النثر بالمعنى المصطلح عليه نقديا، إلا أنه وجد النثر ملاذا لاستيعاب ما لديه من فائض انفعالي، لكن ليس بالمعنى الذي يتصوره البعض، وهو أن نثر الشاعر هو ما تراكم على عتبة ورشته الشعرية من نشارة الشعر، أو برادته، كما هو الحال في ورشات الحديد والنجارة.
النثر إبداع مواز حتى عندما يكون نقدا، شرط أن يكون اجتراحا وملامسة للجذور لا للجذوع، لكن مقابل هؤلاء الذين حققوا توأمة بين شعرهم ونثرهم ثمة آخرون افتضحهم ما كتبوه من نثر، سواء من الناحية المعرفية أو حتى اللغوية، لأنهم وجدوا أنفسهم عراة من إيقاعات تستدرجهم أكثر مما يستدرجونها، ومن مجازات وانزياحات لا يتيحها النثر إلا بحدود معينة، لأن رقابة الوعي تتدخل لتعثر على الطريق في الغابة!
* * *
في ستينيات القرن الماضي نشر العديد من شعراء الحداثة العرب تجاربهم في كتابة الشعر فبدت تلك العيّنات مادة نموذجية لاستقراء نقدي، لكن النقد الكسول والأشبه بنحل معلوف بالسكر ولا صلة له بالرحيق لم يفعل رغم أن ما كتبه صلاح عبد الصبور وعبد الوهاب البياتي كان مثيرا للتأمل في هذه المسألة، فالاثنان على ما فيهما من تباعد ثقافي كتبا عن الشعر كما يودان كتابته، وليس عما كتبا منه.
وقد كانت الثقافة متعددة المرجعيات لدى عبد الصبور والأسفار لدى البياتي عونا لكليهما، كي يضيف إلى شعريته ما كان يتمناه، وهذا يذكّرنا بما كتبه فالاس فاولي عن السيريالية، حين قال ان هناك ما يتسرب من التجربة خارج القصيدة، بحيث تتحول إلى انتشاء داخلي أكثر مما تقبل التّحويل.
وهناك تجربة تستحق التوقف في هذا السياق للراحل ممدوح عدوان، خصوصا في كتابه دفاعا عن الجنون، وهو مقالات منها مقدمات لشعره أو لآخرين في مجالات إبداعية أخرى، كمقدمته عن الفنان لؤي كيالي الذي مات محترقا، ولأن ممدوح عدوان كان ناثرا إضافة إلى كونه شاعرا، وكتب في المسرح وعنه وفي السياسة أيضا والرسم، وترجم العديد من الكتب منها «الطريق إلى غريكو» لكازنتزاكي، فهو يبدو إشكاليا أكثر من سواه، حيث ينقسم نثره إلى ما هو وظيفي هادف لإيصال موقف أو فكرة وإلى ما يتخطى الوظيفية للتعبير عن الذات.
والترجمة اختبار آخر للشاعر حين يمارسها، لأنه قد يضيف إلى النص المترجم جماليات من صلب لغته وقد يفقره بالاقتراض منه، لهذا قال جيته بعد أن ترجم نيرفال شعره إلى الفرنسية، إنه لم يعد راضيا عن شعره الذي كتبه بالألمانية، وثمة من يرون أن رباعيات الخيام كما ترجمها فيتزجرالد تخطت الأصل.
أخيرا هذه ليست مقدمة أو خاتمة للدفاع عن نثر الشعراء، فهم ليسوا سواسية، لكن ما يبقى لدينا مهما اختلفنا حول هذه المسألة، هو أن أبرز شعراء عصرنا هم أيضا من أهم ناثريه.

كاتب أردني
خيري منصور

قديم 02-07-2016, 09:16 AM
المشاركة 20
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
الشعر الحرّ… وما أشبه
عبد الواحد لؤلؤة
FEBRUARY 6, 2016

لا أستطيع ان أعثر على تفسير عقلي.. أو نقلي، لشيوع تلك الحكمة المعطوبة: خطأ شائع، خير من صحيح مهجور، إلا اذا كانت من نوع ما وصفه الخالد نزار: نقعُد في المساجد/تنابلاً كُسالى/نخمّس الأشعار/أو نُشطّر الأمثالا… أو شيء من هذا القبيل، عند ادباء، ليس في وسعهم كدّ الذهن، والعودة إلى اللغة في جذورها وقواعدها.
هذا ما أتذكّره دوماً عند ذكر الشعر الحر، في كتابات المتأدبين العرب في أكثر من نصف قرن مضى. أطلقت هذه التسمية الخطأ المرحومة نازك الملائكة في مقدمة ديوانها الثاني «شظايا ورماد» 1949، وحدّدت لولادة الشعر الحر، في « يوم الثلاثاء 27 تشرين الاول 1947 بالذات.. في ضحاه «. ومثّلت لذلك في قصيدتها «الكوليرا» كما يعرف المتابعون لتطور الشعر العربي الحديث. ولكن تلك القصيدة تعتمد الوزن الخليلي التراثي، ولو بتغيير عدد تفعيلات، كما تعتمد القافية، ولو بتواتر، في آخر الأسطر/الأبيات. هذا لا يجعل القصيدة من «الشعر الحر» بمعناه الدقيق، كما اوجده الشاعر الامريكي «والت وتمان»، في مجموعة «أوراق العُشب» 1855. وأنا أعجب كيف تجاوزت نازك هذه الحقيقة، وهي التي حصلت على الماجستير من جامعة وسكونسن الامريكية في «الأدب المقارن». وكنت أناقشها في ذلك أثناء زمالتنا في كلية الآداب ببغداد، وبعدها في جامعة الكويت، وهي تصرّ على التسمية، التي شاعت خطأ، دون الصحيح المهجور، حتى استقامت تسمية «شعر التفعيلة» خلطاً جديداً مع تسمية الشعر الحر.. فأين المفر؟
الواقع أن وتمان قال free verse ولم يقل free poetry ولكن الكلمتين تعنيان «شعر» في العربية، وهذا سبب المشكلة التي كان يمكن لنازك وغيرها تجنّبها بالعودة إلى وصف أمين الريحاني في مُغتربه الأمريكي حينما قال عن «أوراق العشب» إنها «شعر منثور» وذلك عام 1923، وبذلك لا نغمط النَفَس الشعري في عمل وتمان، ومن تبعه في أمريكا، وفي المستورد منه إلى فرنسا في أواخر القرن التاسع عشر باسم vers libre وليس poésie libre، فلماذا شاعت عندنا التسمية الخطأ؟
والواقع أن الشعر الحر في العربية ظهرت أول أمثلته في مجلة «الأديب» البيروتية لصاحبها ألبير أديب. ثم ظهرت مجموعات من الشعر الحر في العربية في مجموعات لأدباء كبار منذ منتصف القرن العشرين فصاعداً مثل جبرا ابراهيم جبرا: المدار المغلق، لوعة الشمس، تموز في المدينة، وغيرها. كما نشر توفيق صايغ مجموعة من الشعر الحر بعنوان: القصيدة ك، بضعة أسئلة لأطرحها على الكركدن، وغيرها. وربما كان آخر الأمثلة المهمة من الشعر الحر في العربية أعمال المغربي محمد بنيس: في اتجاه صوتك العمودي، ما قبل الكلام، مواسم الشرق، وغيرها. والمهم ملاحظته عند أصحاب الشعر الحر أنهم أصحاب ثقافة عالية في اللغات الأوروبية: الانكليزية أو الفرنسية، لذلك يبدو شعرهم الحر أشبه بالمترجم عن لغة أجنبية، لكنه يتطلب كثيراً من التأمل لاكتِناه الصوَر والإحالات إلى شعراء من لغات أخرى قد لا تكون مُتاحة لأغلب القرّاء. ومن هنا جاء الهجوم غير المنصف على هذا النوع الدخيل من الشعر على ثقافتنا العربية، التي لا تجد في الشعر سوى الوزن والقافية أساساً للأفكار والصور، ومن هنا كذلك كثرة أصحاب المواهب الفقيرة، أو اللامواهب، الذين وجدوا في رصف الأسطر دون وزن ولا قافية مركباً سهلا لرصف أسطر يُراد لها أن تُدعى شعراً. والأمثلة كثيرة. ولكن هذه بعض أمثلة الشعر الحر الجيد، رغم خلوها من الوزن والقافية:
جيلُ المأساة نحن، وعن وعي نتقبّلها:
جيلٌ عاصرت أرضُه كل دوراتِ الزمن
فوعى العصورَ كلّها،
عرفَ الزمان مُضاعفاً
ضارباً عمقاً وعلوا،
عاشه عاشقاً متمرداً
ويعيشه كل يوم صارخاً، متحدياً.
جبرا: لوعة الشمس 1978
وهذا مثال من محمد بنّيس: «رؤيا في الماء»
سَبوُ أعطاني الأنسَ
الفُراتُ المحبّةَ
النّيلُ الصداقة
ثم استأنفتُ التنقلَ من مركبٍ إلى مركب
في مسافةٍ تكشِف لي عن مسافة.
نهرٌ بين جنازتين،2000
وأحياناً نجد كاتب الشعر الحر يحنّ إلى تراثه العربي من الوزن والقافية، فتجدهما في أسطر الشعر الحر، مما يضيف جمالاً على الصورة، كما نجد في أمثلة كثيرة عند بنّيس. لكن شعر التفعيلة قد تطوّر كثيراً عند شعراء الحداثة بعد نازك، فنجد أمثلة منه تتناول موضوعات اجتماعية وسياسية لم تُعد وقفاً على الشعر التراثي، الذي نجد أفضل أمثلته عند الجواهري مثلاً. في شعر بدر كثير من تلك الأمثلة، يرنّ فيها الوزن وتوشّحه القافية، كما في «أنشودة المطر»، و»المومس العمياء»، لكن الشعر الحر الذي يخلو من الوزن والقافية، يبقى دون أمثلة شعر التفعيلة في شعرنا العربي المعاصر. هذه أول أمثلة الشعر الحر عند «وتمان» في مجموعة «أوراق العشب»: أغنية نفسي:
أحتفلُ بنفسي، وأغني نفسي،
وما أفترض عليكَ أن تفترض،
لكل ذرّةٍ تعود إليّ كما تعود إليك.
أتمشى وأدعو روحي
أميل وأتمشى على مهل مكتشفاً نبعةً من عُشبة صيف..
لا أدري كم من القرّاء العرب المهتمين بهذا النمط من الشعر الأمريكي قد أفاد منه دون الشكل الذي سهّل لبعضهم الكتابة على منواله، بدرجات متفاوتة من التوفيق. وابنة عمّ الشعر الحرّ هي «قصيدة النثر» وهي مستورد فرنسي هذه المرة، من شعراء نهايات القرن التاسع عشر poème en prose. هذه أسطر من نثر يحمل شحنات شعرية، قد تمتد إلى فقرة أو أكثر، أو إلى صفحة أو أكثر. وقد برع فيها المغاربة، بحكم اقترابهم من الشعر الفرنسي، ونجد محاكاة له عند شعراء لبنان في ستينات القرن الماضي، نُشرت أمثلة منه في مجلة «شعر» بإدارة يوسف الخال، وأعطوها إسماً معرّبا هو «شعرٌ بنثر» ترجمة تعاني من الإفتعال في نقل المصطلح الفرنسي. لم تدم هذه «الصرعة» طويلاً لأن ذائقة الشعر العربي إذ ابتعدت عن «فعولن، مفاعيلن» فإنها ما تزال تترنح تحت وزن وقافية قصيدة التفعيلة. وثمة فتحة نور تطل على الشعر الموزون المقفى من جهة وعلى النثر المموسَق من جهة أخرى في إنشاء شعري يستغرق صفحة أو مجموعة مقاطع يتخللها بعض الدفقات من شعر التفعيلة. ثانية، أحسب أن أفضل ما لديّ من أمثلة هي أعمال المغربي محمد بنّيس، «مطرٌ من الكلماتِ يسقطُ مائلاً أو هكذا يبدو يُحرّضُ دهشةً وأنا أقارن كُتلة الثلج البعيدة بانخفاض الضوء ثمةَ صورةٌ عصيتْ تشبّثْ باختلال توازنٍ في الريح مدخنة تحاذي الماء تكسِرُ بالهبوب بُخارَها»
هذا هو المقطع الثاني من خمسة مقاطع من قصيدة النثر هذه بعنوان «ماضي ويرجع» (الأعمال الشعرية، 2، سنة 2002) يلاحظ غياب التنقيط في هذه الصورة الممتدة على وزن «متفاعلن». قصيدة موزونة لكنها منثورة والمطلوب دائما الموهبة والذائقة الشعرية.
عبد الواحد لؤلؤة


مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: حول الجدلية في الشعر الحديث
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الشعر البريطاني الحديث والعلم (1) عادل صالح الزبيدي منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 2 09-01-2018 07:01 PM
تابع ....حول الجدلية في الشعر. عبدالله علي باسودان منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 5 10-09-2015 06:11 PM
حول الميتافيزقا والرمز في الشعر الحديث عبدالله باسودان منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 5 04-23-2013 08:07 PM
الانزياح الدلالي في الشعر الحديث ماجد جابر منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 2 04-14-2013 12:33 AM
من أعلام الشعر الأرمني الحديث ريم بدر الدين منبر الآداب العالمية. 5 12-23-2010 06:57 PM

الساعة الآن 08:31 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.