قديم 07-25-2013, 12:56 AM
المشاركة 21
عبده فايز الزبيدي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

محمد ذيب سليمان

هوالشاعر الأديب محمد ذيب أمين مصطفى سليمان، من مواليد 1952بفلسطين ببلدة بديا من أعمال نابلس‘
بدأت محاولاته الأولى في كتابة الشعر في سن الرابعة عشرة ومع نهاية العاممن كتابته الشعر نشرت أول قصيدة له في جريدة القدس التي تصدر في مدينة القدس .
وساعده في كتابة الشعر كتاب وجده عن العروض في مكتبة انشأها هو وبعض أصدقائه
ثم يسر الله لَهُ مدرسا هو " عبد الحليم زهد " من مدينة سلفيت الذي تبناه بالتشجيع والمتابعة حتى العام 1969 .
و من جميل ما أفادني به عن نفسه:
في الفترة بين 1967 – 1969 كنت أنا ومجموعة من أصحاب العمر،قد انشأنا مجلة ونادي " الشجرة " والتي كنَّا نكتبها بخط اليد ، ونوزعها علينا و على بعض الأصدقاء، وهذا شجعني على شراء وقراءة كل ما يقع بين يدي من روايات عربية ومترجمة أثْرت محصولي اللغوي وحسنت موضوع النسج والبناء للجملة الأدبية والشاعرية .
في عام 1970 انتقلت الى كلية خضوري بطولكرم ؛ لإكمال الدراسة في قسم الزراعة فالتقيت مع ما استهواني وأبعدني عن الشعر ، وهو الرسم الزيتي فواظبت على هذه الهواية ومع سنة التخرج كنت قد أقمت معرضا للرسم الزيتي في معهد خضوري الذي أخذ في نهاية الحفل كل ما رسمت وبقيت لوحاتي على جدرانه.
أُصبت باحباط جراء ذلك وانتقلت الى الكويت معلما ولم أمارس أيَّاً من الشعر اوالرسم وابتعدت كثيرا واخذتني الحياة حتى عام 2005 حين التقيت بالصدفة هنا مع اخ وحبيب " عدنان عصفور " حيث أثار فيَّ شهوة الكتابة الشعرية فانتفضت وبدأت من جديد
وأصدرت ثلاث مجموعات شعرية هي:
1- فواصل ما بين المد والجزر عام 2006
2- جداول وجدائل عام 2007
3- ثقوب في جدار الصمت عام 2009
وتوقفت عن النشر لأن لا جهة داعمة للنتاج
بينما لدي ما يزيد عن 250 نصا لم تتم طباعتها ورقيا ولكنها منشورة في مواقع الكترونية في ملتقيات ثقافية،ولدي مجموعة قصصية مكتملة لم انشرها أيضا ورقيا لذات السبب
وهي تتراوح بين القصة القصيرة جدا والمتوسطة والطويلة نسبيا.

من أعماله:
1. قصيدة(لا تبحثي حبيبتي):



لا تبحثي حبيبتي
عن آخر الأخبار
عن وردة جميلة
في دربنا
قتيلة

لا تبحثي عن حبنا
عن حلمنا
عن قبلةٍ طويلةٍ
مجنونة من خارج الإطار
عن قامة كنخلة تتيه دونما تردد
في عتمة القبيله
عن موطن في أرضه
مواسم الجمال
عن تربة تضم في أحشائها
قواقع الخيال
عن كأس حب مترع
بسائل المحال
يدوزن الآهات في أنفاسنا
ويُسـكر السـؤال

لا تبحثي حبيبتي
عن موقع في حينا
يضم في أحلامه
أحلامك النبيلة
****
لا تبحثي حبيبتي
عن قبلة طويلة
في متنها الحنان
عن غيمة سـخية
بغابة أشـجارها النجوم
تبلل الصحراء في أعمارنا
وتوقظ الكيان

***
كما تري حبيبتي
فهذه سماؤنا بغيمها الكثيف
تضج بالبروق في أرجائها
وتزجر الكفيف
ورعدها الذي قد أوجع الآذان في أعماقها
مشتت في دربه
مضيع الألوان
ما عاد مثل الأمس في حاراتنا
يرطب الجباه في هاماتنا
ويملأ الكيان

لكنه حبيبتي
قد جاء فينا عاقراً
لا يحمل المياه
لا يحتفي بحلمنا المشنوق في أناتنا
لا يوقظ المرآه

****
لا تبحثي حبيبتي
عن قبلة طويلة تؤجج الحياة في أحلامنا
ما عدت ذلك الذي
قد كنت تشتهين
ما عدت الا كومة مهزومة
في موسم الحنين
وقد تآكلت راياته
في الرأس والجبين
واحدودبت سـيقانه كأنما
تشـبثت في الأرض
من سـنين

***
لا تبحثي فعيشنا
لا زال فظا غارقا
في عتمة عاثت بها
أنشودة الجفاف
فاحدودب المكان
واستيقظت في فجره
جحافل القبيلة
وأعملت سـكينها
في دارنا القتيلة
2.قصيدة (يا هاجري):

ـــا هاجـــري يكفيكَ هجراً إننــي = رُمت المنون على فـــراقٍ طائـــلِ

أيقظت فـــي قلبي شعاعـــاً نابضـــاً = وطعنتنـــي بــالهجرِ طعنــة قاتـــلِ

مــا كان أَحرى أن تُكفكِفَ دمعـــةً = طالـــت بمُقلتِهـــا وليتـــكَ سائلـــي

أجـــريت أنواعَ العذابِ بهيكلـــي = وسألتنـــي أن لا أظُنُـــــكَ خاذلـــي

بِكلامــــِكَ المعسولُ صرتُ كدمية = تلهــــو وتلقيهـــا كـــزهـــر ذابــــل

وأنـــا سعيـــدٌ مخلــــــصٌ لدعابةٍ = قطعـتَ فيهـــا نبض قلبي الذاهـــــل

فَطعنتَني ووقفــتَ تشهــدُ زَفرتـــي = وبـــراءةُ الأطفـــالِ تستُـــر قاتلــــي

وحَرمتني حُلـــوَ الحيـــاةِ مُعذَّبـــاً = لا لســـتُ أدري كيــفَ كـانَ تجــاهلي

وعرفـــت فيك ســـــعادة لا تنتهي = لمــــا تراني حائـــرا أرجـــوك لـــي



وسائلٍ عَنْ أبي بكرٍ فقلتُ لهُ:
بعدَ النَّبيينَ لا تعدلْ به أحَدا
في جنَّةِ الخُلدِ صِديقٌ مَعَ ابنتهِ
واللهِ قَدْ خَلَدتْ واللهِ قَدْ خَلَدَا

قديم 07-29-2013, 12:07 AM
المشاركة 22
عبده فايز الزبيدي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

بهجت الرشيد
هو الأديب العراقي بهجت بن عبدالغني الرشيد، من مواليد نينوى في عام 1981 للميلاد، و سكناه اليوم بالموصل
المؤهلات العلمية التي حصل عليها بهجت الرشيد:
1 ـ بكالوريوس علوم الحاسبات من جامعة الموصل 2006 .
2 ـ بكالوريوس علوم القرآن والتربية الإسلامية من جامعة الموصل 2011 .
و قال عن الخبرات العملية التي اكتسبها :
1 ـ عملت في مجال الإعلام في جامعة الموصل . وحصلت على شهادة تقديرية من قسم الإعلام .
2 ـ أعمل الآن مشرفاً لقسم الأقسام الفكرية والمعرفية ومشرفاً لقسم القصة في رابطة ملتقى الواحة الثقافية .
و لصديقي الرشيد نشاطات واسعة قسمها إلي ما يلي:
النشاطات العلمية :
الكتب :
1 ـ مدخل إلى الاجتهاد المقاصدي ـ قيد النشر .
2 ـ ( كلمة في التاريخ ) ـ كُتيب ـ منشور في الانترنت :
http://www.rabitat-lwaha.net/moltaqa...ad.php?t=63345
3 ـ سد الذرائع وفتحها وتطبيقاته المعاصرة برؤية مقاصدية ـ قيد المراجعة .
4 ـ بولس والمسيح وجهاً لوجه ـ قيد المراجعة .
5 ـ الأمثال في القرآن الكريم ـ مخطوطة .
6 ـ محمد في العهد القديم والجديد ـ مخطوطة .

النشاطات الأدبية والفكرية :
له مجموعة من الكتابات :
مقالات ـ قصص ـ مسرحيات ـ خواطر
وقد نشرتها في عدد من الجرائد ( جريدة ومضات جامعية ـ جريدة نينوى الثقافية ) ومجموعة من المواقع الالكترونية .
وقد صدرت لي قصة في المجموعة القصصية ( خمائل الواحة ) .
من أعماله التي واكبتها:
1.مقالة(قابيل إلي أين؟):

كلنا يعرف قصة ابني آدم ، هابيل وقابيل ، وكيف أن الحسد والعجز عن معالجة النفس قاد قابيل إلى أن يصرح بتلك الكلمة الخطيرة ( لأقتلنك ) ، ثم تمعن في الجريمة ( فسولت له نفسه قتل أخيه فقتله ) ..
2.مسرحية( ساعة ولادة جديدة):
ثم أصبح يهيم على وجهه لا يدري كيف يواري سوأة أخيه ، لولا أن الله تعالى علمه طريقة الدفن بواسطة الغراب ، فأعلن حينذاك عن عجزه ( أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب ) ، لأنه كان دائما عاجزاً أن يكون ايجابياً في حياته ..


والسؤال المهم هنا :

هل إن هذه الجريمة انتهت بأرضها ، فأصبحت جزءاً من تاريخ ، أم أنها لا تزال تسري في بني آدم كالنار في الهشيم ؟

وهل إن العقل البشري ارتقى وسما بحيث يستبشع اليوم تلك الجريمة ، أم انه لا يزال يمارسها إلى اليوم ؟

أظن أن هذه القابيلية لا تزال حاضرة وبقوة في عالمنا ، في القرن الواحد والعشرين .

لا لن احكي لكم قصص القتل في الحروب ، وقصص الصواريخ والقنابل التي تفتك وتدمر وتخلف وراءها مأساة تكلف البشرية قروناً طويلة من عمرها لتجاوز أثقالها ، ولن أكلمكم عن جرائم المحتلين ..

بل سأحكي لكم قابيلية نمارسها كل يوم .. كل لحظة .. في حياتنا اليومية .. نمارسها ونحن نقرأ كتاب الله تعالى وسنة رسوله ( صلى الله عليه وسلم ) .

فالطبيب الذي يترك مكانه فارغاً في المستشفى ، ويجلس في بيته ، ثم تأتيه الاتصال أن المريض الذي في ذمته قد مات .. الله يرحمه !! هذا الطبيب يمشي على خطى قابيل ، انه يرتكب جريمة القتل ، مهما برر وساق من حجج وأدلة نقلية وعقلية ، ويوم القيامة سيسأل عن إهماله هذا ..

ويحضرني قصة حكاها الأستاذ عمرو خالد ، إذ قال : دخل للمستشفى امرأتان احداهما شابة تزوجت منذ سنة أو سنتين ، وقد جاءت إلى المستشفى لتنظيف الرحم ، والمرأة الأخرى عجوز بلغت سن اليأس جاءت لإجراء عملية استئصال الرحم .. فماذا جرى ؟

لقد ( أخطأوا ) !!! فاستأصلوا رحم العروس ، ونظفوا رحم العجوز .. فتأمل !!!؟؟؟

والأستاذ الذي يدرس المرحلة الابتدائية أو الجامعية ، الأستاذ الذي يتكاسل ويغش ويلف ويدور ويضيع الوقت ، يمارس القابيلية في قتل أولادنا ، وذلك بقتل عقولهم ، بإعطائهم المعلومة الخطأ ، وبتقديم المادة الدراسية لهم كشيء ثقيل تنوء العصبة أولو القوة من الرجال من حمله ..

والأب الذي يقتل الإبداع في نفس ابنه ، بإسكاته إذا تكلم ، وتحقير أحلامه إذا حلم ، وتسخيف طموحه إذا طمح ، وقتل مواهبه وامكاناته ، هذا الأب يمشي على خطى قابيل .

وصاحب القلم الذي يقدم للناس الأدب الغث والقصة المبتذلة والشعر الماجن والمقالة التي تدعو إلى الكفر والفسوق والعصيان ، والكتاب الذي يهدم ولا يبني .. وبالتالي فهو يقتل الأفكار والعقول ويسممها .. صاحب القلم هذا يمشي على خطى قابيل .

وعندما نمارس المعصية وننغمس فيها ، ونقتل الوقت بالتفاهات ، ونصنع الكسل والعجز ، نكون حينئذ نسير على خطى قابيل .

والأمثلة لو بسطناها طويلة جداً ..

ولكن ما الذي سيحدث عندما نمارس هذه القابيلية البغيضة ؟

الذي سيحدث هو أننا سنبحث مثل قابيل في الأرض لنواري سوءاتنا ، ونصبح من النادمين ..

فالأب يشتكي من مستوى ابنه الهابط كل يوم إلى أسفل سافلين ..

والمجتمع يشتكي آلاف المتخرجين من الجامعات ، لكونهم لا يفهمون شيئاً مما درسوا ، ومن ثم يشكلون عبئاً ثقيلاً على المجتمع ..

والطب يشتكي الطبيب الذي ضيعه ، وجعل منه تجارة لن تبور ـ حسب ظن الطبيب ـ .

والتعليم الجامعي يشتكي الأستاذ صاحب المعلومة المتواضعة ! والبحث العلمي يشتكي من الأبحاث التي تكرر نفسها وتملأ مساحة في المكتبة ، لكنها لا تملأ من العقول شيئاً ..

وهكذا .. فإننا نبحث في الأرض كل يوم لنواري سوءاتنا ، وربما انتظرنا الغراب لعجزنا وتكاسلنا ليحل مشاكلنا ، الغراب الذي يعتبروه رمز الشؤم ، أصبح الآن ملاذاً وأملاً عند هؤلاء الخاملين والجامدين ..

فما الحل ؟

الحل هو أن ننضم إلى الطرف الآخر ، إلى خير ابني ادم .. هابيل .. فنتلوا آية من كتاب ربنا :

( مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ ) سورة البقرة ، الآية 32 .

فنكون من الذين يحيون .. لا يقتلون .. يبنون .. لا يهدمون ..




هدوء يخيم على المكان ، والأضواء الحمراء تتضاءل تدريجياً ، ويبدو شخص في الوسط كأنه ظل .
ـ أين كأسي ، أوه .. لا أرى شيئاً .. أين كأسي ؟
بحركات مضطربة يبحث في المدى عن كأسه فيجده ، يرفعه إلى فمه محدقاً فيه .
ـ ها أنت ذا يا حبيبي ( يبتسم ) ، كلهم خونة يهجرونك في اشد لحظات حاجتك إليهم .. أما أنت .. أنت الوحيد الوفي هنا .. فكلما داهمتني الصعاب والتعاسة فأنت تحررني .. تنتشلني من النار إلى النعيم ..
يشرب .
ـ أين الغواني .. أين ذهبن ؟ هلا يزدن إلى متعتي متعة ( يصيح ) .
فلا احد يجيبه .. إلا صوتاً من المجهول يناديه ..
ـ أيها الثمل الضائع .. أيها الغارق في أوحال الشهوات .. أيها الساقط في المستنقع المنتن .. هلا استيقظت ؟
ـ أوه ( يقولها منزعجاً ) أنت ثانية .. يا من تكدر دائماً صفوي وتزعج جلساتي وتجذبني إلى الجحيم .
ـ أبداً .. فاني أريد لك الخلاص ..
ـ أنت .. أنت تريد لي الخلاص ( يقولها مستغرباً ) أنت تخاف من نفسك فكيف تنقذني .. أسألك بما تؤمن به أتستطيع أن تنظر في وجه امرأة .. أنت تخاف من نفسك .. أنت عديم الثقة ..
ـ تخاطبني ؟
ـ أخاطبك ..
ـ أية ثقة هذه التي تتحدث عنها وأي خوف ؟ من الذي يثق بنفسه ومن لا يثق .. ؟
ـ أنت دائماً تحاول تصغيري .. لكني لن أجيبك .. ولكن اذهب وسلهن ..
ـ الثقة .. وأية ثقة هذه ، أهي الثقة التي تجعلك تفر من واقعك ، تفر من المواجهة ، تفر من نفسك ، تفر إلى كأسك الذي يسلبك إرادتك وعقلك ، فتغدو في عالم الوجود صفراً أو أدنى من الصفر ، وتنفتح لك قيعان الجحيم فتسقط إلى اللاقرار .. فأية ثقة هذه ؟
ـ آه .. لماذا هذه الأضواء الحمراء تختفي ؟ إنها تأخذ روحي معها .. أنها تسرق ألواني الجميلة ..
ـ أنت لا ألوان لك .. انك لوحة سوداء اختفت منها معالمها .. لوحة لا تفاصيل لها ..
ويبدأ الصوت بالتلاشي وهو يردد : انك لوحة سوداء لا تفاصيل لها ..
****************************
ضوء يميل إلى الخفوت تدريجياً محاولاً رسم غروب الشمس ، فينسحب الضوء من المكان ويخيم الظلام في الأرجاء ..
ـ انه الليل ثانية ..
يخفض رأسه ثم يرفعه تدريجياً ..
ـ كلما انتظرتك يا ليل بفارغ خفت منك .. فلا ادري كيف اجمع بين النقيضين ..
ـ يا من تستطيع أن ينقذني من حيرتي وتناقضاتي .. هلا أنقذتني ( يصيح فيعلو الصوت المكان ) .
ثم يسكت هنيهة ، ليعم الصمت ..
إضاءة تسلط إليه ، فيبدو شبحاً محطماً جالساً على الأرض ..
ـ يا ليل كم اشتاق إليك ، اطوي ساعات النهار لأجلك ، لأنك وحدك الذي تفهمني ، وحدك الذي تحتويني ، في ظلامك فقط أجد رغبتي وإرادتي .. لكن ( يقولها مستدركاً ) ما أن ترمي بعباءتك السوداء في الآفاق وعلى الوجود .. أخافك .. أخشاك .. ربما لأنك تذكرني بنهايتي .. تذكرني بالفناء الذي يأكل في جسدي .. وأنا لم اقض من حياتي ما أريده بعد .. فكم كأساً سيبقى دون أن اشربه عندما تهاجمني يا فناء .. وكم .. وكم ؟
ـ يا ليل ( يقولها بصوت منكسر ضعيف وكأنه يتوسل إليه ) لماذا ترعبني ؟ لماذا تعذبني ؟ لطالما أحببتك .. فهل هذا جزائي منك ؟ أتوسل إليك لا تأخذني لأني لم انتهي بعد .. لدي الكثير لأقوم به ..
يخفض رأسه باكياً لثوان ، ليعود الصمت سيداً للمكان ..
ـ إن العشاق يتبادلون هيامهم ، ويفرغون حبهم تحت سمائك المتلألأة بالنجوم الجميلة .. أما نجومك فإنها تتحول إلى نار حارقة تحطم أجزائي .. فلا تعذبني ..
ـ اللعنة ( يقولها وهو يضرب الكأس على الأرض بعصبية ) اللعنة .. لماذا لا أستطيع تجاوزك إلا بكأس أو غانية .. لماذا ؟
يعود إلى هدوئه ..
ـ إنني احبك ، فهلا أحببتني ؟ لماذا تعطي كل الناس وتمنعني ؟ ألانك تحبني أنت أيضاً ؟ ولكن أيعذب الحبيب الحبيب ؟
وفي حركات مضطربة وقلقة وسريعة يستدير يمنة ويسرة وكأنه يبحث عن شيء ..
ـ أخشى أن يأتيني ذلك الصوت ثانية .. فلأخفض صوتي قبل أن يسمعني .. انه يريد أن يشمت بي دائماً .. يريد أن يراني ضعيفاً قلقاً حتى يؤكد لي صحة أقواله .. ولكن لا وألف لا لن اضعف أبداً ولن أريه ضعفي أبداً ..
يعود إلى هدوئه وقلقه ..
ـ لكني أخشى انك أنت الصوت يا ليل .. أنت الصوت .. فلا ادري ..
****************************
الضوء يزداد سطوعاً ، يجلس وسط الغرفة ، التعب والإرهاق باديان عليه ، ربما لأنه لم ينم ليلته الفائتة ، صمت عميق يطبق على الأجواء ، والضوء لا يزال يشتدّ حتى يحتضن الغرفة كلها ، فلا يبدو فيها غير النور ، يتوسطه كتلة بشرية خامدة ..
يرفع رأسه .. يتأمل المكان .. ويحاور صمته ..
ـ يا الهي .. انه الفجر .. ما أبهى هذا النور الذي يشع في المكان ..
ينهض من مكانه ، وكأن روحاً جديدة تدفقت في عروقه ، يقطع الغرفة متأملاً ذهاياً وإياباً ..
ـ هل أعيش حلماً جميلاً ؟
يفرك عينيه لعله يستيقظ من هذا الحلم إلى واقعه ..
ـ انه الواقع ما أشاهده هنا .. الواقع ..
يرتسم على وجهه علامات الاستغراب والتعجب .
ـ أهذا هو منظر الفجر الذي طالما تجاوزته بالنوم بعد ليلة ثملة ؟ وما هو هذا الكأس الذي كان يحرمني هذا الألق والسحر الجميل ؟
يسكت لثوان ، يبدو عليه الحزن والأسى .
ـ يا أيها الصوت ( يصيح ) أين أنت ؟ أهذا الذي كنت تريد أن تحدثني عنه .. هذا السحر الخارق ؟ أكنت تريدني أن أرى هذا المشهد الذي يأخذ العقول والنفوس ؟ أوه .. كم كنت غبياً حينها ، وأنا أصدك يا صوت بكل قوتي مستهزءاً ..
يبكي ..
ـ ولكن ِلمَ لم تفصح ؟ لم تقل لي يوماً أن وراء هذا الليل فجراً مبدعاً يهب للإنسان روحه وعقله ، بعد أن يسلبها الكأس المشؤومة ؟ بربك .. ِلمَ لم تفصح ؟
يمسح دموعه ، ويستعيد هدوءه بعض الشيء .
ـ إيه ( يقولها بحسرة وألم ) .. لقد ضعت أيها الثمل .. لقد قضي عليك .. لقد ضعت .. فلا ليل يؤويك بعد اليوم ولا فجر يحتضنك .. لقد انتهى كل شيء ..
يبدو باب الغرفة واضحاً بعد أن كان كل شيء مخفياً وراء النور الساطع ، يحدق نحو الباب ، يتحرك صوبه وهو يردد .
ـ لقد ضعت .. لقد انتهى كل شيء ..
يسمع صوتاً من الخارج يتلو :
( قُلْ يَا عِبَادِي الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ )
يعود أدراجه ، فيختفي النور الساطع ، فتظهر محتويات الغرفة كما كانت .
ـ لا تقنطوا من رحمة الله .. الله يغفر الذنوب جميعاً ( يرددها ) .
يصمت قليلاً ، وكأنه أكتشف شيئاً جديداً .
ـ نعم .. الله يغفر الذنوب جميعاً ..

( إن الإنسان يولد أول مرة عندما تطرحه الأرحام إلى هذا العالم ، وعندما تجرفه سيل الشهوات والشبهات يموت ، فإذا ما رجع إلى الله تعالى الذي يغفر الذنوب جميعاً ، سيولد مرة ثانية .. وتكون الساعة حينها ، ساعة ولادة جديدة .. )

يذهب إلى أشيائه في الغرفة يرتبها ، ويلقي بأدوات المعصية خارجاً ..

وسائلٍ عَنْ أبي بكرٍ فقلتُ لهُ:
بعدَ النَّبيينَ لا تعدلْ به أحَدا
في جنَّةِ الخُلدِ صِديقٌ مَعَ ابنتهِ
واللهِ قَدْ خَلَدتْ واللهِ قَدْ خَلَدَا

قديم 07-30-2013, 11:26 PM
المشاركة 23
عبده فايز الزبيدي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
سامر سكيك

هو أبو فراس سامر بن هشام سكيك ،الشاعر الفسطيني المقيم بدبي مؤسس و رئيس منتديات مجلة أقلام الأدبية الشهيرة جداً،و هي أول ما سجلتُ و نشرت فيه من الأشعار مع نخبة من كبار شعراء العرب و العرب المهاجرين و كان ذاك في عام 2007م ،فجزاه الله خيراً إزاء ما خدم الفصحى ،من مواليد غزة بفلسطين عام 1979م ،حصل على بكالوريوس الهندسة المدنية من الجامعة الإسلامية بغزة 2002م، حاصل على الماجستير في إدارة المشاريع بتقدير امتياز من جامعة هيرويت وات-بريطانيا 2010 م، ثم هو حاصل على شهادة مدير مشاريع محترف من الولايات المتحدة الأمريكية pmp.يعمل في وضيفة بمسمى مدير أول-المشاريع في إحدى الشركات العقارية الكبرى في دبي بدولة الإمارات العربية المتحدة،كما يشغل منصب أستاذ جامعي ومشرف على بحوث الماجستير المتعلقة بإدارة المشاريع الهندسية في جامعة هيريوت وات البريطانية-فرع دبي.
من نتاجه و نشاطه :
• صدر له "أجواء عابثة" عام 2006 عن دار كنعان للدراسات والنشر وهي مجموعته الشعرية الأولى.
• أجريت معه عدة لقاءات تلفزيونية وإذاعية مباشرة من قبل محطات عربية ودولية.
• عمل مشرفا ومحررا ثقافيا مع أكثر من صحيفة ومجلة محلية.
• عمل مع موقع إسلام أون لاين في نقد الأعمال في نادي المبدعين.
• نشر له العديد من القصائد في صحف ومجلات عربية ومواقع متخصصة.
• نشر عشرات المقالات الفكرية في مجلة أقلام ومواقع إلكترونية متخصصة.
• استحدث بحرين جديدين في الشعر العربي هما السامر والمؤتلف نظم عليهما عدد من الشعراء العرب، وأجري عليهما العديد من الدراسات.(1)
• شارك في إحياء عدد من الأمسيات الشعرية في فلسطين والخارج.
له من الأولاد :فراس ، وهشام ، ويارا.
من أشعاره:
خربشات شاعر مغمور
في بلدي تختنقُ الكلماتْ
من فرطِ الزحامْ
أكوامٌ أكوامْ
إن أطلقَ شمعونُ قذيفة
كتبتْ ألفُ ألفُ قصيدة

في بلدي أطفالٌ
من ضرعِ السياسةِ قد شبعت
تنتقدُ العم سامْ
ولا تسلمُ منها قصورُ الحكامْ
هجرت كلَّ الالعابْ
وابتاعت لعبةَ ثعبانْ

في بلدي تصادرُ البسمة
إن ضُبطت عالقةً بشفاهْ
وإن وُرِّد شعبي من شيءٍ
وُرِّدْنا شحناتِ جراحْ

في بلدي تعيشُ أناسٌ
لا تحلمُ أبداً
لا تحلمْ
و إن حلمت
تحلمُ أنها لا تحلمْ

في بلدي الحجرُ عزيزٌ
إن وُجد يوما في الطرقة
يعلنُ على الفورِ (طوارئ)
و تُستدعى لهُ الشُّرطة.

في بلدي والينا للعمِّ وفيٌّ
كسائرِ حكامِّ العربِ
إن جُرح شعورُ (بنيامين)
شكتِ السجونُ من الزحمة

في بلدي الحرُّ غريبٌ
إن عاد يوماً حارتنا
يرتابُ رُوَّادُ القهوه
ماشٍ يتبخترْ
في ثوبِ الشرطه

في بلدي الليلُ يأتي بلا نجمٍ
ولا قمرٍ
خشيةَ تقريرِ العسسِ
إن ضُبط نجمٌ بالصدفه
تصادرُ نورَهُ السُّلطه
تنويرِ العوامِ هي التهمه

في بلدي الكلُّ نيامْ
عدا اثنينِ
الزانيةِ و كلبِ السلطان..
===================

الله أكبرُ يا عراقْ
الله أكبر
ذا قلبي المكلوم يصرخ في الفضاء
تباً لنا نحن العرب
تباً لذلٍّ قد طوانا في كهوف الأشقياء.
تباً لجيشٍ قد تنادى كي يولول كالنساء
ضربوا عراقْ
هتكوا الحضارة والأصالة والمساجد والإباء.
الله أكبر يا عراق.
لا تملكين عروبتي إلا الدعاء.
لا تملكين سوى القصيدة والرثاء
هُنّا فهان الكبرياء
ضعنا وغاب الأتقياء
تباً لنا من أمة
رقصت على أناتِ طفلٍ في جِنينَ وفي العراق
يا أمتي
إني بريء من صفاقة أمركم
إني بريء من دناءة فعلكم
هذي الضمائرُ جيفةٌ
لا تستحيْ
لا تنتفضْ
إلا بأمرِ العاهراتْ
تباً لكم يا أشقياء
بلْ أنتمو كلُّ الشقاءْ
وصفاتكم ذلٌّ ذليلٌ مستذلٌّ بالزلل
تباً لكم
سحقا لكم
لكنني في لحظِ هذي الغضبةِ
لا أرتجي من أمتي
غيرَ الصلاةْ
صلُّوا معي
ولتشعلوها شمعةً
بدلاً من اللعنِ المطولِ للحياة.
ولتهتفوا
وتكبروا
الله أكبر يا عراق




____
(1): كتب سامر سكيك هذا الوزن :
القدس قلعة شمخت = فخر الإباء تحتكر
فيها ترى بني نجبٍ = و على الجهاد قد فطروا
و وزنه: مستفعلن مفاعلتن = 43 3 3 1 3 و هذا ما جعل الأستاذ خشان لا يستسيغ هذا الوزن لتوالي الأوتاد.

وسائلٍ عَنْ أبي بكرٍ فقلتُ لهُ:
بعدَ النَّبيينَ لا تعدلْ به أحَدا
في جنَّةِ الخُلدِ صِديقٌ مَعَ ابنتهِ
واللهِ قَدْ خَلَدتْ واللهِ قَدْ خَلَدَا

قديم 07-30-2013, 11:33 PM
المشاركة 24
عبده فايز الزبيدي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
بندر الصاعدي
يحدثنا الشاعر السعودي بندر الصاعدي عن ملامح من حياته قائلاً:
أنا بندر بن نفاع بن هليل بن ناجي الصاعدي الحربي من مواليد المدينة النبوية اليوم الثالث عشر من شهر جمادى الأولى لعام ألف وأربعمائة, درست المرحلة الابتدائية في مدرس أنس بن النضر رضي الله عنه ثم المتوسطة في مدرسة سعد بن الربيع الأنصاري رضي الله عنه ثم الثانوية في مدرسة طيبة ثم درست في كلية إعداد المعلمين بالمدينة المنورة وتخرجت منها عام ألف وأربعمائة وستة وعشرون للهجرة حاصلا على شهادة البكالوريوس في تخصص الرياضيات.
- عيينت معلما عام 1428هـ في إحدى مدارس قرى محافظة الرس ونقلت من بعد إلى قرية تابعة للمدينة المنورة ولازلت أعمل فيها حتى كتابة هذه السيرة.
- بدأت قرض الشعر عندما كنت في المرحلة الجامعية ولم يسبق لي أن كتبت شعرا فصيحا من قبل, وقد تعرفت على بعض شعراء الجامعة أواخر أيامي فيها.
- مثلت الكلية آن ذاك في إحدى ملتقيات كليات المعلمين على مستوى المملكة وحصلت على المركز الثاني في مجال الشعر عن قصيدتي"أعود نعم للشعر" والتي ألقيتها في الحفل الختامي للملتقى.
- شاركت في حفل تكريم الدكتور فائز بن عبدالله الفائز وكيل كلية المعلمين بالمدينة آن ذاك بقصيدتي"عيون الغواني دون أهدابها الأسر".
- تنقلت بين المواقع الأدبية في الشابكة العنكبوتية ومن بينها رابطة الواحة الثقافية والتي شرفت بالانتماء إليها عضوا مشاركا منذ انطلاقتها ولا زلت .
- ليس لدي أى حضور أدبي أو نشاط يذكر في المانشط الأدبية غير أني أطمح حاليا إلى إنجاز عملين أدبي وتعليمي شعري.
- ليس لدي أي ديوان شعري ولا زالت فكرة نشر ديوان شعري ورقي بعيدة عن اهتماماتي.
- أتمتع كغيري من الشعراء على الشابكة بعلاقات طيبة مع مختلف الشعراء مشهورين كانوا أو مغمورين أمثالي.

قلت: تعرفتُ على هذا القلم الجميل و الشاعر المبدع في منتديات الواحة الثقافية التي يملكها الشاعر سمير العمري ، و مما أختاره من شعره:
1.قصيدة (في معرض الكتاب):

فِي مَعْرِضِ الكِتَابْ
للنَّاشِرينَ سَاحَةٌ كَثِيرَةُ القِبَابْ
أَجْنِحَةٌ مُفْعَمَةٌ ..
يُعْرَضُ فِيهَا كُلُّ مَا لَذَّ وَطَابَ جَنْبَ مَا بَذَّ وَعَابْ
فِي المَعْرِضِ الأَفْكَارُ وَالأَسْرَارْ
المَالُ والعُمَّالُ وَالأَطْفَالُ والنِّسَاءُ والشِّيبَانُ والشَّبَابْ
الليلُ والنَّهَارْ
الصَّحْوُ وَالغُبَارُ
والكِنَاسُ وَالآجَامُ والأوكارْ
وَفِيهِ تَسْرَحُ الغُزْلانُ وَالقَطَا مَعَ الأُسُودِ الذِّئِابْ
لَكِنَّمَا مِمَا يَرَاهُ يَحْذَرُ الجِدَارْ
**
فِيهِ حُقُولٌ جَاوَرَتْ ثِمَارَهَا أَقْذَارْ
فَاعْصِرْ كَمَا تَشَاءُ في الأَكْوَابِ..
وَارْتَشِفْ كَمَا تُرِيدُهُ الشَّرَابْ
فِيهِ المُكَيِّفَاتُ والمُلَطِّفَاتُ وَالبَخَّورُ ..
لَمْ تَحَارِبِ الذُّبَابْ
غَيْرَ ذُبَابٍ جَالَ فِي الأَسْيَابْ
فِيهِ السَّوادُ غَائِظٌ بِيْضًا وَلا عُجَابْ
كَذَا يَغْتَاظُ عِنْدَمَا يَفْقِدُ لَوْنَهُ الغُرَابْ
**
فِي مَعْرِضِ الكِتَابْ
أَرْوِقَةٌ لِلْمُقْتَنِينَ ضُيِّقَتْ لَتَنْعَمَ الأَجْسَادُ فِي تَلاحُمِ الوِدَادْ
دَخَلْتُ فِي سَاحَتِهِ مِنْ أَفْخَمِ الأَبْوَابْ
قُمْتُ بِجَوْلَةٍ عَلَى المَعْرُوضِ فِي الرُّفُوفْ
أقَلِّبُ الكِتَابَ وَالعُلُومَ وَالآدَابْ
أَطَيلُ عِنْدَ بَعْضِهَا الوُقُوفْ
بَيْنَا أَنَا ..
دَهَتْ يَدِي آخِذَةٌ بِهَا إِلَى مَصَارِعِ العُشَّاقْ
كَحِيلَةٌ تُصِيبُ بِالجَوَى وَلا فُوَاقْ
أَسْلَمْتُهَا نِفْسِي إِلَى حَيْثُ تُرِيدْ
فَإِذْ بِنَا فِي جُنَّةٍ جَنِيَّةِ الأَطْيَابْ
فِي يَدِهَا قَائِمَةٌ تَضُمُّ أَسْمَاءَ كُتُبْ
هَذَا مُفَكِّرٌ مُزَخْرِفٌ يُطَوِّرُ العَرَبْ
وَتِي رُؤَى وَفَلْسَفَاتُ فَيْلَسُوفٍ مُنقِذٍ أَحْوَالَنَا مِنْ العَطَبْ
وَذَا دِيْوَانُ مُحْدِثٍ مُجَدِّدٍ..
وَذَي رِوَايةٌ سَمَتْ عَلَى رِوَايَاتِ الأَدَبْ
وَذَا ..., وذَا ...
قُلْتُ: كَفَى ..
مَا شَأْنُهَا وَشَأْنِي
وَإِنَّما كُونِي مَعِي .
قَالَتْ: بِشَرْطٍ أَنْ تَكُونَ مُؤْمِنًا بِمَا حَوَتْ .
قَلْتُ : وَهَلْ لِي حِيلْةٌ ..
بَعْدَ الذِي فِي مَعْرِضِ الكِتَابِ يَا بِنْتَ العِنَبْ !
قَالَتْ: أَرَاكَ عَارِفًا بِأَمْرِهِ ؟
قُلْتُ: الجَمِيعُ عَارِفُونْ .
لَكِنَّمَا "تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبْ"
وَمَنْ يَكُونُ فِي فَسَادِنَا السَّببْ
وَمنْ يَدُسُّ السُّمَّ فِي شَهْدِ الكُتُبْ
وَمنْ يُرِيدُ الفِسْقَ والإِلْحَادَ فِي كُلِّ مَكَانٍ ..
بَلْ وَفِي جَزِيرَةِ العَرَبْ.
2. قصيدة (عديني فقط):
عديني بوصلٍ
عديني فقطْ
حروفي انمحتْ منْ عليها النقطْ
عديني ليضحَكَ للحبِّ سنّي
وأرسمَ للوعدِِ ألوانَ فنّي
أغنّي .. أغنّي
وأعزفُ بالشوقِ أوتارَ لحني
عديني بوصلِ أعيشُ بهِ
أموتُ لهُ
وأحيا بشوقٍ إلى المنتهى

***
عديني ليُصبح وعدُكِ شمعةْ
تخيطُ بأهدابها هاجسي
وتدفئُ بردَ الليالي إذا
ارتعشتُ حنيناً إلى المدفأةْ
عديني فقطْ
ليبتسمَ الصبحُ في ناظري
ويغفو الألمْ
عديني عديني ولوْ كذْبةً
تبددُ تيهَ المسيرِ وتختلّقُ الوقتَ حلماً لكي أتبعَهْ
فمهما نأيتِ أكون معَهْ
أمشّطُ لليلِ أذيالهُ
وأنفضُ جفنَ المنامِ ليصفى من الأغبرةْ
فأرمقُ أبسطةَ الساهرينْ
أسامرُ بعضي وأركنُ وحدي ولستُ كذالكْ
فأنتِ معي
***

عديني فقطْ
ليمخرَ في خاطري قاربٌ
ومنْ مقلتيكِ لهُ الأشرعةْ
أكابدُ في رحلتي السهدَ ريحاً تلي المعمعةْ
ويمشقُ برقُ النعاسِ جفوني
وتدوي الرعودْ
كأنّي بها لا تريدُ الوعودْ
فأنحو أشبّثُ كلَّ يقيني
بأوتارِ يومٍ
وأوتادِ وعدٍ
لكي يصدقَ العمرُ في عيشهِ
ويخدعَ شجوَ التشاكي المبينْ
فمهما تمنّى فؤادُ الحنونْ
بغفوةِ طفلٍ هدتْهُ السنونْ
إلى حضنِ أمٍّ تداري ابنها
كأنّهُ غافٍ على جفنها
يكونْ القدرْ
كما شاء ربُّ العبادِ لهُ
***
عديني وطوفي بأقدامِ حبّي مساعي الربيعْ
لأهمسَ بالعشقِ بين الورودْ
وحومي بأجنحةِ العينِ فوقَ مدارِ الصقيعْ
لألتقطَ العذبَ بين البردْ
وسيري لسعيكِ صوبَ السعادةْ
لتنعمَ روحُكِ أينَ استكانَ فؤادكِ كيفَ استحلَّ المكانْ
ليهدأ جفنُكِ من جهدِ ما تحتويهِ الصورْ
فيأتيهِ لهثاً بحلمِ الطفولةِ ضوءُ القمرْ
فنامي وأعطي شفاهَكِ للنحلِ دون وجلْ
ليرقص يعبقُ دونَ خجلْ
فيجنحُ لي بالأماني يذيبُ لذيذَ العسلْ

عديني فقطْ
عديني فقطْ
لأرسمَ فوقَ حروفي النقطْ .


3.قصيدة ( أَعُودُ نَعَمْ للشِّعِرِ)
بَدَتْ لَكَ كَلْمَى تَشْتَكِي كَفَّ مَنْ أَدْمَى=حَشَاهَا فَلمْ تَسْطِعْ لْجُرحٍ بِهَا لَأْمَا
بَدَتْ لَكَ لَمَّا أُبْتَ قَصْدَ امْتِطَائِها=وَقُبلُ حَسِبْتَ العَيْشَ مِنْ دُوْنِها سِلْمَا
خَضَعْتَ لَهَا قَسْرًا وَإِنْ شَقَّ نَهْجُهَا=فَأَقَسَى مِنْ التَّسْهِيدِ لِلْعَيْنِ أَنْ تُعْمَى
وَبَذْلُ نَفِيسٍ يَدْفَعُ الشرَّ نِعْمَةٌ=لِأمَنِ الفَتَى مَا شَقَّ لَا رَاحةُ النُعْمَى
أْلَا إنَّ أَلْفًا مِنْ خُصُومِكَ هَيِّنٌ=عَلِيكَ وَلَا تَلْقَاهُ مِنْ نَفْسِكَ الخَصْمَا
فَسْيفُكَ مَثْلُوماً غَدَا حَيْنَ عِفْتَهُ=مِرَاساً فَأَمَّا التِّرْسُ لَمْ يُوْقِكَ السَّهْمَا
وَكُلُّ قَدِيمٍ أَتْلَفَ الدَّهرُ مُبْدَلٌ=بِأَفْضَلَ إِلا النَّفْسَ مَا لَمْ تَرُمْ عَزْمَا
تَحَرَّى فَمَا غَارَتْ عَلَى المَرْءِ قُوَّةٌ=أَعَدَّ لَهَا أَقَوى وَقَدْ حَصَّنَ المَرْمَى
فَإيهٍ أَيَا نَفْسِي تَمَطَّيْ عَزِيزَةً=وَإِيهٍ أَيَا قَلْبِي أَحِدْ ذَلِكَ الهَمَّا
وَإِيْهٍ أيَا عَيْنِي السَّمَا تِلْكَ فَانْظُرِي=وَإِيْهٍ أَيَا أَنْفِي الرُّبَا عَطّرَ الشَّمَّا
أَعُودُ نَعَمْ, للشِّعْرِ أُزْجي قَصَائِدِي=وَأُخْلِفُ وَعْداً قَدْ قَطُعْتُ فَمَا تَمَّا
لِأجْلِ كَرِيمٍ بلْ لِكُّلِّ أَخٍ سَمَا=فَذَا قَمَرٌ يَزْهُو وَذَا يَمْتَطِي نَجْمَا
فَدَاْكُمْ بَلا زَيْفٍ فَؤَادٌ وَمُهْجَةٌ=عَلى الدِّينِ والأَخْلَاقِ خَلْفَ التَّقَى ائْتَمَّا
فَدَتْكُمْ قَوَافٍ تَسْتَعِيرُ مِنْ الدِّمَا=حُرُوفًا وَمَنْ نَبْضِ الفُؤَادِ لَكُمْ نَغْمَا
لِأَجْلِكَ يَا مَنْ بِالجَمَالِ تَجَمَّلَتْ=أَفَانِينُ دَوْحِي مِنْهُ إِذْ أَحْسَنَ الرَّسْمَا
لِأَجْلِكَ أَسَقْي الشِّعْرَ بَعْدَ احْتِبَاسِهِ=وَإِنْ غَصَّ حَلْقِي بِالرَّوَافِدِ أَوْ أَظْمَا
وَلكِنَّ لِي حَقًّا عَلَيْكَ أَلَأ اقْضِهِ=وَلَا تَبْتَئِسْ مِمَّنْ أَرَادَ بِنَا ذَمَّا
فَعُدْ أَنْتَ أَنْتَ الشَّهْدُ والمِسْكُ والسَّنَا=وَأنْتَ جَمَالٌ لَا يَرَاهُ الفَتَى الأَعْمَى
وَأَنْتَ بَصِيرٌ بِالأُمُورِ تَسُوسُهَا=وَكُلُّ عَظِيمٍ لَا يَقُودُ سِوَى العُظْمَى
فَحَولَكَ صَحْبٌ قَدْ عَهِدْتَ فَعَالَهُمْ=كِفَاءٌ فَهَلْ تَرْضَى لِمَحْفَلِهِمْ هَدْمَا!
مَسِيرَتُنَا تَبْقَى وَيَبْقَى رِجَالُهَا=وَيَحْفَظُهَا الرَّحْمَنُ مِنْ بَغْيِ مَنْ هَمَّا
فَعُدْ رَاضِيًا لَا تُلْقِ بِالًا لِكُلِّ مَنْ=أَرَادَ عَلَى جَورٍ لِشَوْكَتِنَا وَصْمَا
وَعُدْ سَالِمًا مِنْ كُلِّ غَبْنٍ وَغُصَّةٍ=وَلَا تَكْتَرِثْ مَا لَمْ تُصِبْ في ِالوَرَى إِثْمَا
فَكُلُّ كَرِيمٍ لَا تُكَدِّرُهُ الوَرَى=وَإِنْ كَدَّرُوا مَاءَ السَّحَائِبِ وَاليَمَّا
فَطُهْرُ الفَتَى قَلْبٌ تَعَلَّقَ بِالتُّقَى=وَعَقْلٌ يَسُوقُ الرُّشْدَ وَالعِلْمَ وَالحِلْمَا
وَنْفَسٌ عَلَى مُرِّ الزَمَانِ صَبُورَةٌ=وَرُوحٌ تَرَى نَورَ الفَضَاءِ لَهَا جِسْمَا
وَطَبْعٌ تَجَلَّى لَمْ تَسُؤْهُ خَلِيْقَةٌ=تَوَشَّحَ بِالقُرْآنِ وَالسَّنَّةِ العُظْمَى
أَلَا إِنَّ عَيْبَ المَرْءِ فَلْتُ لِسَانَهِ=هَوًى يُلْحِقُ النَّاسَ المَذَمَّةَ والشَّتْمَا
وَكُلُّ ذَمِيْمٍ إِنْ ذَمَمَتَ فَمِثْلَهُ=وَمَنْ يَذْمُمِ النَّاسَ اسْتُذِمَّ وَمَا ذَمَّا
فَمَا نِلْتَ مِنْ طَوْدٍ بِرَجْمِكَ سَفْحَهُ=عَلَى سَفَهٍ يُضْنِيكَ بَلْ زِدْتَهُ حَجْمَا
وَصَمْتُ الفَتَى حِلْمًا إِذَا ضِيمَ حَقُّهُ =كَمِسْكٍ عَلَى الأَخْلاطِ يَطْغَى مَتَى نَمَّا
فَمَا عَابَ نُورُ الشَّمسِ حُجْبُ غَمَامَةٍ=وَلَا البَدْرُ مَنَقُوصَ الكَمَالِ إِذَا غُمّا
يَغِيبُ أَخُو الأيَّامِ عَنْ عِيْنِ أَهْلِهِ=وَيُبْقِي لَهُمْ مِنْ حُسْنِ أَخْلَاقِهِ وَسْمَا
وَيَبْلُغُ صُوْتُ المَرْءِ بِالرِّفْقِ غَايَةً=وَيُكْرَهُ لاَ جَدْوى يُثِيرُ إِذَا أَصْمَى
وإِنْ سَمَتِ الأَفْكَارُ فِي نَهْجِ طَرْحِهَا=فَحُسْنُ سَجَايَا المَرْءِ مِنْ طَرْحِهَا أَسْمَى
فَما العَذْبُ مَشْرُوبًا وَإِنْ أَنْتَ ظَامِئٌ=بِقِرْبَةِ مَنْ أَلْفَيْتَهُ يُفْرِغُ السُّمَّا
وَلكِنَّ حُسْنَ الظَّنِّ مِن شِيَمِ الفَتَى=يَعِيْشُ بِهِ شَهْمًا وَيرْدَى بِهِ شَهْمًا
.

4. قصيدة (أَقِلْنِي مِنْ المَدْح)
عُيُونُ الغَوَانِي دُونَ أَهْدَابِهَا الأَسْرُ=مَتَى تُبْدِ لِلْعُشَّاقِ وَمْضَ الهَوَى يَسْرُوا
فَأَيَّتُهَا لِلْسَّتْرِ قَرَّتْ بِعَاشِقٍ=وَأَيُّ أَسِيرٍ فَكَّ أَغْلَالَهُ المَهْرُ
وَأَعْجَبُ مِنْ صَبِّ العُيُونِ صَبَابَةً=عَشِيقُ عُلُومٍ شَاقَهُ لِلْعُلَا السِّفْرُ
يَقَرُّ بِنَهْلِ العِلْمِ مَا طَابَ نَبْعُهُ=يَكَحِّلُهُ سَطْرٌ مُكَحِّلُهُ الفِكْرُ
وَكُلِّيَّةٌ مِنْ كُلِّ مَا تَشْتَهي النُّهى=رُقِيًّا لَنَا فِيهَا وَفِينَا لهَا ذِكْرُ
أفَاضَتْ عَلِينَا سَائِغَ العِلْمِ, كُلَّمَا=أَجَزْنَا بِهَا نَهْرًا جَرَى آَخَرٌ غَمْرُ
وَخَيْرُ وَكِيلٍ مَا عَلِمْتُ بَقَدْرِهِ=وَكِيلًا وَأُسْتَاذًا إِذَا ذُكِرَ القَدْرُ
هُوَ الفَائِزُ المُوفُورُ بِالخِيرِ, والثَّنَا=لَهُ وَافِرًا مِنَّا وَمِنْ رَبِّنَا الَأَجْرُ
مَنُوطٌ بِطِلَّابِ العَلى وَشُئُونِهِمْ=قَرِيبٌ إِلَيْهِمْ مَا يُعَثِّرُهمْ أَمْرُ
تَقِيٌّ نَقِيٌّ طَاهِرُ القَلْبِ فَاضِلٌ=بَشَوشُ المُحَيَّا مَا الأَزَاهيِرُ مَا الفَجْرُ
كَأَنَّكَ مَعْنِيٌّ بِهِ وَهَو مَنْ عَنَى=إِذَا رُمْتَهُ فِي حَاجَةٍ مَا لَهُ سِتْرُ
نَصُوحٌ حَرِيصٌ مُسْتَحِثٌّ مُوَجِّهٌ=أَبٌ وَمُرَبٍ فِي سَمَاحَتِهِ البِشْرُ
أَفَاضَ عَلَى أَبْنَائِهِ مَاءَ فَضْلِهِ=بِأَرَضِ زُرُوعٍ حَيْثُمَا أَنْبَتَ البِذْرُ
أَلَا يَا بْنَ عَبْدِ اللهِ دُمْتَ مُرَبِّيًا=فَنِعْمَ الوَكِيلُ البَاذِلُ الخَيْرَ وَالذُّخْرُ
مَقَامُكَ مَيمُونٌ وَعَهْدُكَ مُشْرِقٌ=وَسَعْيُكَ مَحْمُودٌ وَمَوْطِئُكَ التِّبْرُ
دَؤُوبٌ عَلَى الإِنْجَازِ بَاذِلُ طَاقَةٍ=مُيَسِّرُ_بَعْدَ اللهِ_ مَا أَمْرُهُ عُسْرُ
وِإِنْ كَانَتِ الأَمْجَادُ تُشْقِي رِجَالَهَا=كَدَحْتَ لَهَا كَدْحًا وَشِيمَتُكَ الصَّبْرُ
بِمِثْلِكَ يُنْدَى العِلْمُ وَالبَذْلُ وَالهُدَى=وَيُشْحَذُ عَزْمُ النَّاسِ مَا وَنِيَ الدَّهْرُ
يَدَاكَ لَنَا بَيْضَاءُ تَبْنِي إِلَى العُلَا=كَأَنَّ سَنَاهَا فِي عُلا بَنْيِكَ البَدْرُ
أَقِلْنِي مِنْ المَدْحِ الذِي أَنْتَ أَهْلُهُ=فَفَضْلُكَ لَا يُوْفِيهِ نَثرٌ وَلَا شِعْرٌ
أَتَيْتُكَ بِالمَقْرُوضِ مِنْكَ إِلَيْكَ لَمْ=أَخُطَّ سِوَى بَعْضَ الذِي أَثَرَ الذِكْرُ
فَإِنَّكَ مِنْ رَكْبِ الأُلَى ائْتَلَقُوا هُدَىً=مُشِعًّا وَفِي خَيرِ الأُمُورِ لَكَ الصَدْرُ
تَخَيَّرْتُ مِنْ بَيْنِ البُحُورِ طَوِيلَهَا=فَيَا لَكَ مِنْ دُرٍّ بِهِ قَدْ طَمَا البَحْرُ
مَحَاسِنُ أَهْلِ العِلْمِ تَبْقَى عَظِيمَةً=يُنِيرُ بِهَا مَا مُدَّ بِالمَدَدِ الحِبْرُ
وَإِنَّ الفَتَى إِلَّمْ يَرَ الدَّهَرُ صُنْعَهُ=وَإِنْ شَاخَ فِي دُنْيَاهُ لَيْسَ لَهُ عُمْرُ
فِللهِ دَرُّ المُحْسِنِينَ إِلِى الوَرَى=وَلِلسُّوءِ مَنْ ألْفَاهُمُ مَالَهُ دَرُّ
وَحَسْبُكُمُ مَنْ شَرَّفَ الشِّعْرَ ذِكْرُهُ=فَإِنَّ ثَنَائِي مِنْ مَنَاقِبهِ نَزْرُ

وسائلٍ عَنْ أبي بكرٍ فقلتُ لهُ:
بعدَ النَّبيينَ لا تعدلْ به أحَدا
في جنَّةِ الخُلدِ صِديقٌ مَعَ ابنتهِ
واللهِ قَدْ خَلَدتْ واللهِ قَدْ خَلَدَا

قديم 07-30-2013, 11:36 PM
المشاركة 25
عبده فايز الزبيدي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
محمد الصحبي
هوالشاعر السعودي محمد بن أحمد بن شامي البدوي الصحبي ،الشهير بمحمد بن عباس ،من مواليد 1391هـ بقرية الصُّفة بوادي حلي بن يعقوب,وتربطه قرابة لصيقة بالأديب الراحل محمد سنده البدوي، متزوج وله أبناء .
يحدثنا عن نفسه بقوله:
أعمل معلما لمادة اللغة العربية في مدرسة تحفيظ القرآن الكريم الابتدائية والمتوسطة بالصفة .

• السيرة التعليمية :
كانت دراستي في التعليم العام حتى الثانوية العامة ( علمي ) في مدارس بلدة الصفة ( حاضرة حلي الإدارية ) ثم التحقت بكلية إعداد المعلمين المتوسطة ( بمسماها آنذاك ) حيث كانت مدة الدراسة فيها سنتين فقط , حصلت منها على ( دبلوم الكلية المتوسطة ) في تخصصَيّ الرياضيات ( فرعي ) واللغة العربية كتخصص ( رئيس ) , وكان ذلك في تخرُّجي الأول عام 1410هـ .
وفي عام 1424هـ عدت مرة أخرى إلى تلك الكلية الشامخة بمسماها الجديد ( كلية إعداد المعلمين ) للحصول على درجة البكالوريوس في تخصصي الرئيس ( اللغة العربية ) وقد حالفني التوفيق من الله تعالى وحصلت على هذه الشهادة الغالية بتقدير ممتاز مع مرتبة الشرف في الفصل الأول من هذا العام 1426- 1427هـ , وقد عرض على أحد أعضاء هيئة التدريس في قسم اللغة العربية أن أتقدم للإعادة بالكلية لكنني رفضت لعدة أسباب خاصة , وكان هذا التخرج بمثابة التخرج الثاني من نفس الكلية .
وبين التخرجين كان جُلُّ حياتي العملية , حيث بدأت مهنة التدريس عام 1411هـ أبّان أزمة الخليج الأولى ( اجتياح العراق للكويت ) في مدرستين من مدارس محافظة محايل عسير ولمدة خمس سنوات ثم انتقلت لتعليم محافظة القنفذة فعملت في خمس مدارس ثم أمين مكتبة مركز إشراف التربوي في حلي لبضع سنوات والآن هيأ الله لي التدريس في مدرسة تحفيظ القرآن الكريم بالصفة ولله الحمد .

و عن رحلته مع الشعر يقول:
البداية كانت بداية حب للشعر , وفي المرحلة الثانوية بالذات ,وقد حدثت لي قصة لا أنساها , وهي أنه ذات مساء وفي ساعات متأخرة من الليل كنت أستمع للمذياع وكانت تُبث فيه قصائد جميلة جدا فتأثرت بها كثيرا فبدأت أخربش على أوراق دفتري بأبيات شعرية لأول مرة , وفي الصباح ذهبت إلى مدرِّسي في اللغة العربية , وهو من إحدى الدول العربية ( الأستاذ : عبد النافع ) فأطلعته على كتابتي , وكان رده عليًّ جارحاً إذ اتهمني بالسرقة الأدبية , لكن ولحسن حظي كان مكتب الأستاذ محمد بلغيث العلوي ( مدرس المرحلة المتوسطة بالمدرسة ) بالقرب من مكتب أستاذي المذكور , فأشَّر إليَّ أن أقترب منه ثم أخذ يوجهني ويرشدني لأمور لم أكن أدركها ويبين لي الأسس المهمة في علوم الشعر من عروض وقافية وغير ذلك فله بعد الله عليّ كل الفضل والتقدير .
و يقول عن كفاح الصبا:
بداياتي للأسف فقدتها , لأنني لم أكن أعتقد أنها مهمة بالنسبة لي , لكنني أحتفظ بنصوص نشرتها في الصحف والمجلات أثناء دراستي في المرحلة الثانوية , وحفظي لها بسبب أنها نشرت إعلاميا , وبعضها فقد بعد النشر !! .
ولا أنسى دور إدارة المدرسة آنذاك متمثلة في الأستاذ / إبراهيم بن عثمان العقيلي , الذي خصص لي يوم الأربعاء من كل أسبوع في الإذاعة المدرسية لألقي قصيدة أمام زملائي , ومن ذلك نص ( غناء الطير ) الذي نشرته لأول مرة في ملحق الأربعاء عام 1407هـ وفقدت الملحق ثم نشرته مرة أخرى في مجلة اقرأ العدد (753) عام 1410هـ :

ــــــــــــــــــ
غِنَاءُ الطَّيْر
ـــــــــــــــــ

إذا الطيْـرُ غَنَّى لنَا مُطْــرِبَاً
ـــــــــــــــــــــ تًذَكَّرْتُ فِي الحِيْن ِصَوْتَ الحَبِيْبْ

فَقُلْتُ أَيَا طَيْـــرَ يَا حَــاوِيَـاً
ـــــــــــــــــــــ إلَى الحُسْـــن ِأُغْـنـِيـَةَ العـَنـْدَلـِيْبْ

أَتَذْكُـرُ صَـــوْتَاً لنَا شَــادِيَـاً
ـــــــــــــــــــــ جَفَانَا , فَأَصْـبَحْـتُ مِثْلَ الغَـرِيْبْ

تَنَاءَى وََأَوْغَلَ بَعْدَ الصَّفَاءِ
ــــــــــــــــــــ وأسْـــلَمَنِي حـَـائِـرَاً , كَـالكَـئِـيْـبْ



وكذلك نص الذي نشرته عام 1410هـ بنفس المجلة :
ــــــــــــــــــــ
أَيُّ حُبٍ أَنْتَ ؟!
ــــــــــــــــــــــ
أَيُـهَـا السَّــاكِـنُ في أَعْـمَـاق ِنَـفْسِـي
ـــــــــــــــــــــ فِيْ حَـنِيْنِيْ , فِيْ تَبَارِيٍحِـيْ وَحِسّـي

أَيُـهَـا الـْعَـابـِثُ فِيْ قَـلـْبـِيْ الـْمُـعَـنَّى
ـــــــــــــــــــ أيُّ ذَنْب ٍ كُـنْـتُ أَجْـنِـيـْهِ وَرِجْـس ِ؟!

أَيُّ حُـــب ٍ أَنْـتَ ؟ تـَلـْهُــوُ بـِقـَلـْبـِي
ـــــــــــــــــــ وَأَنـَـا لِـلـْـحُــبِ أَهْــدِيـْـكَ نَـفْــسـِي !

يَا قـَـرِيْـبـَاً قُـرْبَ نَبْضِــي لِحِـسّــي
ــــــــــــــــــــ وَبَـعِــيْـدَاً بُـعْـــدَ أَرْض ٍ وَشَــمْــس ِ

تَاهَ فِيْ البَحْر ِقَارِبِي , لَسْـتُ أَدْرِي
ــــــــــــــــــ أَيْنَ يَهْدِيْ الطَّرِيْقُ , بَلْ أَيْنَ أَرْسِي ؟

كُــلـْمَـا خِـلـْتـُهَـا الـْمَسَـــافـَاتُ تَدْنـُو
ـــــــــــــــــــ زَادَ بُـعْـدُ الـطَّــرِيْقُ واشْــتَدًّ نَحْسِي

كُــلـْمَـا لاحَ لِيْ مِـن البُـعْـــدِ حُــلـمٌ
ـــــــــــــــــــــ مَاتَ فِيْ المَهْدِ وَاخْتَفَى مِثْلَ أَمْسِي

فـَـــوَدَاعَــــاً أَيُــهَـــا الــحُــبُ إنّـي
ــــــــــــــــــــ قَدْ أَضَعْتُ الطَّرِيْقَ , أَعْلَنْتُ يَأْسِي


وغير ذلك من النصوص .



من أعماله:

1. قصيدة (ســيِّدُ الثـقـلـيـن )


بزغ َالصــــــباحُ بنورِ وجهك بعدما
ـــــــــــــــــــــــ غشــتِ البرية َظلمة ٌســــــــــوداءُ
فـتـفـتـقـت بالنـــــورِ أركانُ الـدجى
ـــــــــــــــــــــــ وسعى على الكون ِالفسـيح ِضياءُ
ومضى السلامُ على البسيطةِ صافياً
ـــــــــــــــــــــــ تُروى به الفيحــــــاءُ والجــــرداءُ
حتى صفـت للكون ِأعظمُ شِـــــرعةٍ
ــــــــــــــــــــــــ فاضت بجــودِ ســخائها الأنحـاءُ
دانـت بها الـدنـيـا لـرب ٍ واحـــــــد ٍ
ـــــــــــــــــــــــ ولـعــدلها , أصـغى له الحـكـمـاءُ
ولنـــورِها , وليســــرِها , ولحــبها
ـــــــــــــــــــــ ضـحّى خيارُ الناس , والشـــهداءُ
الله هــيــأهــا , وأنـزلَ قـــــــــولـَه
ــــــــــــــــــــــ فيهـا , وقـصّــــرَ دونه الفصـحـاءُ
لم يقـدروا أن يـكـتـبــوا لــو سـورة ً
ـــــــــــــــــــــــ من مثلهِ , فجميعهم جُــــهـــــلاءُ
يا ســــيـّد الـثـقـلـيـن ِيا نـبـعَ الهـدى
ــــــــــــــــــــــ يا خيرَ من ســعدت بهِ الأرجـــاءُ
وحيُ الســـماءِ إليك جــدّدَ عهــــدَه
ــــــــــــــــــــــ وإليك يـنـشــــدُ نـورَك الـحُـنـفـاءُ
وحـراءُ يشـهدُ والجـبـالُ جـمـيـعُـها
ـــــــــــــــــــــ والركنُ والـعَـرَصَـاتُ والبـطـحاءُ
شــهدوا جـمـيـعـاً أن أحـمـدَ مرسلٌ
ــــــــــــــــــــ بـالـحـــق ِ, من رب ٍ لـه الـعـلـيـاءُ
ســـبـحـانَ من نطـقَ الجـمادُ بأمره
ــــــــــــــــــــ وتحــقـقـت في صُـــــــنـعـهِ الآلاءُ
وأتى بخـيـرِ الخـلـق ِطُــَّراً مُـنـقـذاً
ــــــــــــــــــــ إذ كانت ِالشـــحـنـاءُ والـبـغـضــاءُ
فـتـبـدلـت كلُّ الخـصـــوم ِمـحـبــة ً
ـــــــــــــــــــ وصــفـت بها الـدنـيـا, وحلَّ إخـاءُ
ورسـت دعــــائــمُ أمـــة ٍ مــدنـيـة ٍ
ـــــــــــــــــــ الـكــــونُ مـن أنـوارِها وضّــــــاءُ
يا ســيـّد الـثـقـلـيـن ِ؛ شعري واجـمٌ
ـــــــــــــــــــ فأمـامَ ذِكـرِك يعـجــــــزُ الـبـلـغـاءُ
ماذا أقـولُ وكيف أنســـجُ أحــرفي
ـــــــــــــــــــ فالمدحُ أنت , وأحرفي أشــــــــلاءُ
يكـفـيـك بالذكــرِ الحـكـيـم ِتـمـجّـدا
ـــــــــــــــــ والذكرُ محفوظ ٌ , وفيه شـــــــــفاءُ
أثنى عليك اللهُ فـوقَ ســــــــمـائـــهِ
ـــــــــــــــــــــ في غيرِ ما آي ٍ , فجــلّ ثـنــــــاءُ
قد كـنـت في آيـاتـه مـتـمـثــــــــلا ً
ـــــــــــــــــــ تمضــي بقـــول الله حيث يشـــــاءُ
ودعوت في كل الأمور إلى الهدى
ـــــــــــــــــــ حتى تـقـلـّد أمـرَكَ السُــــــــــعـداءُ
ورسمت منهاجــاً وسُـــنة َمرســل ٍ
ـــــــــــــــــــ هي وجـهـة ُالركـبـان ِحـيثُ أماءوا
صلى عـلـيـك الله يا خـير الــورى
ـــــــــــــــــــ يا رحـمــة ً يهـفـــو لـهـا الـرحـماءُ.

2. قصيدة (حصاد الصحراء)

ﻛﺎﻥَ ﻳﻮﻣﺎً ﻣُﺸْﻤِﺴَﺎً
ﻳَﻮﻡَ ﺃﻥْ ﻛُﻨﺖُﻋﻠﻰ ﺍﻟﺼَّﺤْﺮَﺍﺀِ
ﻭَﺣْﺪِﻱ
ﺃﺣْﺮُﺙُﺍﻷ‌ﺭﺽَ
ﺑِﻤِﺤْﺮَﺍﺛِﻲﻭَﺯَﻧْﺪِﻱ
ﻏَﻴْﺮَ ﺃﻧّﻲ
ﺑَﻌْﺪَ ﺃﻥْ ﺃﺗْﻤَﻤْﺖُﺣَﺮْﺛِﻲ
ﻟَﻢْ ﺃَﺟِﺪْ ﻗَﻄْﺮَﺓََ ﻣَﺎﺀْ
ﻟَﻴْﺲَ ﺑﺎﻟﺼَّﺤْﺮَﺍﺀِﻣَﺎﺀ
ْﺫَﺭَﻓَﺖْ ﻋَﻴْﻨﻲ
ﺩُﻣُﻮْﻋَﺎًﻣِﻦْ ﺃﻟَﻢ
ْﻛﺎﻥَ ﺟُﻬﺪﺍً ﻗﺎﺳِﻴﺎً
ﺿﺎﻉَ ﻭَﻫْﻤَﺎًﻭَﻫَﺒَﺎﺀْ
ﻭﻣﻀﺖْ
ﺃﻳﺎﻡُ ﻋُﻤﺮﻱﻣُﺴْﺮِﻋَﺔْ
ﺟﺎﺀَ ﺻَﻴْﻒ
ٌﻓﺨﺮﻳﻒٌ ﻓﺸﺘﺎﺀ
ْﻋُﺪﺕُ ﻓﻴﻬﺎ
ﻧَﺤْﻮَ ﺗﻠﻚَ ﺍﻷ‌ﺭْﺽِﺃﺟْﺮِﻱ
ﺇﺫْ ﺑِﺰَﺭْﻉٍ ٍﺄَﺻْﻔَﺮ
ٍﻛﺎﺩَﺕِ ﺍﻟﺼَّﺤْﺮَﺍﺀ
ُﺗُﻌْﻄِﻴْﻪِ ﺍﻟﺮِّﻳَﺎﺡْ
ﻭَﻗﻔﺖْ ﻋَﻴﻨﻲ
ﻋﻠﻰ ﺃﻭﺭَﺍﻗﻪِ
ﻭﺑﺪﺍ ﻓﻜﺮﻱ
ﻳُﻨﺎﺟِﻴﻪِﺳُﺆَﺍﻝ
ﻛﻴﻒَ ﻫﺎﺝَ ﺍﻟﺰﺭﻉ
ُﻣِﻦْ ﻏﻴﺮِ ﻣَﻄَﺮْ؟
ﻟﻴﺲَ ﺑﺎﻟﺼَّﺤْﺮَﺍﺀِ ﻣﺎﺀٌﺃﻭ ﺛﺮَﻯ !!
ﻏَﻴْﺮَ ﺃﻧِّﻲْﺑَﻌْﺪَ ﺟُﻬْﺪٍ ﻭَﻋَﻨَﺎﺀْ
ﺟَﺎﺀَﻧِﻲ ﺻَﻮْﺕ
ٌ ﻳُﻨَﺎﺩِﻱْ ِﻔْﻲ ﺃﻟﻢ
ْﻗﺎﻝَ :ﻭﺍﻟﺤَﺴْﺮَﺓُ ﻓِﻲْ ﺃﻭْﺗَﺎﺭِﻩ
ِﺃﻧﺎ ﺣُﺰْﻥٌ ﻗَﺪْ ﻧَﻤَﺎ
ﺇﺛْﺮَ ﺩَﻣْﻊ ٍﻭَﺑُﻜَﺎﺀْ


وسائلٍ عَنْ أبي بكرٍ فقلتُ لهُ:
بعدَ النَّبيينَ لا تعدلْ به أحَدا
في جنَّةِ الخُلدِ صِديقٌ مَعَ ابنتهِ
واللهِ قَدْ خَلَدتْ واللهِ قَدْ خَلَدَا

قديم 07-30-2013, 11:37 PM
المشاركة 26
عبده فايز الزبيدي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
يحي السماوي
هو الشاعر العراقي الشهير يحيى بن عباس بن عبود من آل حسن، و السَّماوي لقبٌ غلب عليه نسبة للسماوة ببادية العراق ، و أوّل ما عرفت هذا الشاعر الكبير إبَّان غزو العراق للكويت حينها كنت أتابع مجلة (المجلة العربية) التي كان يرأسها الأديب حمد بن عبدالله القاضي و كان للسماوي تواجد بها كبير، وهو الآن يعيش بإستراليا كأحد شعراء المهجر المعاصرين.... وهذه نبذة أفدتها منه شخصياً عن حياته:
• تاريخ الولادة 16/3/1949 مدينة السماوة / العراق.
• تخرج في الجامعة المستنصرية / كلية الآداب / بغداد عام 1974 م.
• عمل في التدريس والصحافة والإعلام.
• صدرت له المجاميع الشعرية التالية:
• إصدارات الشاعر :
• 1ـ عيناك دنيا .
2 ـ قصائد في زمن السبي والبكاء .
3 ـ قلبي على وطني .
4 ـ جرح باتساع الوطن .
5 ـ من أغاني المشرد .
6 ـ الإختيار .
7 ـ رباعيات .
8 ـ عيناك لي وطن ومنفى .
9 ـ الأفق نافذتي .
10 ـ هذه خيمتي .. فأين الوطن ؟
11 ـ أطبقت أجفاني عليك .
• 12 ـ زنابق برية .
• 13 ـ نقوش على جذع نخلة .
• 14 ـ قليلك لا كثيرهن .
• 15 ـ البكاء على كتف الوطن .
• 16 ـ مسبحة من خرز الكلمات .
• 17 ـ شاهدة قبر من رخام الكلمات .
• 18 ـ لماذا تأخرتِ دهرا ؟
• 19 ـ أدب الرسائل ( دراسة نقدية ) .
• 20 ـ بعيدا عني قريبا منك ِ .
21 ـ تعالي لأبحث فيك عني .
• 22 ـ مناديل من حرير الكلمات .
• 23ـ أطفئيني بناركِ

• * حاز ديوانه " قلبي على وطني " جائزة أفضل ديوان شعر في الملتقى العربي في أبها عام 1992 .

* حاز ديوانه " هذه خيمتي فأين الوطن ؟ " جائزة مؤسسة ابن تركي للإبداع الشعري برعاية جامعة الدول العربية عام 1998

* حاز ديوانه " نقوش على جذع نخلة " جائزة البابطين لأفضل ديوان شعر عام عام2008 .
• حظيت تجربته الشعرية بالعديد من الدراسات والبحوث الأكاديمية لنيل شهادتي الماجستير والدكتوراه في جامعات عراقية وعربية وأجنبية ، كما تناولها عدد من النقاد العراقيين والعرب في مؤلفاتهم النقدية .

• نشرت قصائده في العديد من الصحف والمجلات الأدبية العراقية والعربية والأسترالية، وترجمت له الشاعرة الأسترالية إيفا ساليس مختارات شعرية تحت عنوان " Tow Banks With no Bridge”، صدرت ضمن منشورات “ Picaro” للنشر والتوزيع. كما ترجم له الدكتور صالح جواد الطعمة ، الدكتور رغيد النحاس، والشاعرة الأسترالية آن فيربرن ، د .عادل الزبيدي ، د . بهجت عباس ، أ . جواد وادي ، أ . آسية السخيري ، أ . جمال جلاصي ، أهند أبو العينين ، أ . صباح جاسم محسن وآخرون .
• ترجمت مختارات من شعره إلى الفرنسية والأسبانية والألمانية والفارسية والكردية ولغات أخرى .
• شارك في العديد من المهرجانات الأدبية العربية والعالمية. وكتب عنه نقاد منهم : د. علي جواد الطاهر- د. عبد الملك مرتاض- د. عبد العزيز المقالح د. عبد الله باقازي- د. غازي القصيبي- د. عبد العزيز الخويطر- د. جميل مغربي- د. حسن فتح الباب- أ. يس الفيل- أ. فاروق شوشة- أ. حسين الغريبي- د. فاطمة القرني- د. عبد الله الحيدري - د. حاكم مالك الزيادي- د. حسن الأمراني- د . محمد بدوي شاهين ، أ. سلطانة العبد الله- د. محمد بن سعد - د. ثريا العريض- أ. إنطوان القزي- أ. شوقي مسلماني- أ. لامع الحر ، أ . شوقي عبد الحميد يحيى ، أ . عبد الجواد خفاجي ، أ . عبد الحفيظ الشمري ، أ . محمد علي الخفاجي ، د . عبد الله باقازي ... وآخرون.

و أعمال يحي السماوي أشهر من أن تذكر ولكن لابد:
1. قصيدة
:( لـماذا تـأخـرتِ دهـراً ؟ )

تـقـولُ الـتي صَـيّـرتْـني أنـيـسـاً
وكـنتُ الـعَـنـيـدَ ..
الـغَـضـوبَ ..
الـعَـصِـيّـا :

*

أما مِـنْ إيـابٍ

إلى حيثُ كان النخـيـلُ

مـآذِنَـكَ الـبـاسِـقـات ..ِ

وكان الـحَـمـامُ «بِـلالاً» ..

وكان الـهَـديـلُ الأذانَ الـشـجـيّـا ؟

*

وأنتَ عـلـى السّـطـح ِ :

طـفـل ٌ

يُـغـازِلُ عـنـدَ المـسـاءِ الـنجـومَ ..

ويـغـفـو

يُـغـطِّـيـهِ ضوءُ الـثــرَيّـا ؟

*

لـقـد عـدتُ لـو كان سَـعـفُ النخيل ِ

كـمـا الأمسِ ..

لـو أنَّ لـيْ سـطـحَ دار ٍ ..

وأنَّ الـحَـمـامَ يُـجـيـدُ الـهـديـلَ ..

ولـكـنَّـهُ الـقـحْـطُ :

لا الخـبْـزُ في الـصَّـحْـن ِ ..ِ

لا الـتَّـمْـرُ في الـعِـذق ِ ..

والمـاءُ في الـنهـرِ لمَّـا يَـعُـدْ

يـمـلأ الكـأسَ رِيّـا

*

أبي عاشَ سـبـعـينَ عـامـاً ونـيـفـاً

عـلى الـخـبـزِ والـتـمـرِ

مـا زارَ يـومـاً طـبـيـبـاً ..

وأمـي ـ إذا جـعْـتُ ـ تـشـوي لـيَ الـمـاءَ

أو تـنـسـجُ الـصـوفَ ثـوبـاً

فيغدو حريراً بَهـيّـا !

*

لـمـاذا إذن ْ

أصبـحَ الـماءُ في عـصـرِنـا ظـامِـئـاً

والـرَّغـيـفُ كـمـا الـتِّـبْـن

والـعِـشـقُ في يـومِـنـا تُـهْـمـة ً

والـمـواويـلُ غَـيّـا ؟

*

أتـدعـيـنـني بـعـدمـا شـاصَ تـمْـري ؟ **

لـمـاذا تـأخَّـرْتِ دهـراً عَـلـيّـا ؟

*

وكـنـتُ الـمُـقِـيـمَ

عـلى بُـعـدِ نـهـديـكِ من ثـوبِـكِ الـمُـسْـتَفَـزِّ ..

عـلى بُـعـدِ كـفِّـكِ مِـنْ شـذرةِ الـخـاتَـمِ الـسـومَـريِّ ..

لمـاذا اخـتـبـأتِ غـداةَ أتـيْـتُ

لأهـرقَ في شـاطـئـيْـكِ

بـقـايـا وقـاري ؟

*

وأطـفـئَ نـاري ؟

*

جميعُ الـغـزالاتِ مـرّتْ عـلى واحـتي ..

والـظِـبـاءِ .. الـفـراشـاتِ ..

إلآكِ أنتِ !

تـأخَّـرْتِ أكـثـرَ مِمـا يُـطـيـقُ اصْـطِـبـاري !

*

لـمـاذا أتَـيْـتِ

أوانَ احْـتِضـاري ؟

*

وبِدءَ احْـتِـفـاءِ الـدُّجـى

بـانطِـفـاء نـهـاري ؟

*

وقـد كـنـتِ من مُـقـلـتـيْ قـابَ جـفـنيْ ..

ومن مـوقـدي قـابَ جـمـري ونـاري !!

*

لـمـاذا أتـيْـتِ أوانَ الـخريـفِ

وكنتِ عـلى بُـعْـدِ ضِـلـعَـيـن ِ

مـنْ أصـغـرَيّـا ؟

*

لـماذا تـأخَّـرتِ دهـراً عَـلَـيّـا ؟

*

فشـرّقْـتُ .. غَـرَّبْـتُ ..

غـرّبْـتُ .. شـرَّقـتُ :

طِفـلاً عَـجـوزاً

وكـهْـلاً صَـبـيّـا !!

*

توهّمتُ أنَّ الـتـغـرُّبَ

يُـنـسي الفتى السـومريَّّ هـمـومَ المشـاحيفِ ***

يُـدني نـزيـلَ الـمـفـازاتِ من

سـدرةِ المُـنـتـهـى والـثـريّـا ..

*

وها مـرَّ جـيـلان ِ ..

جـيـلانِ مَـرّا

عـلى نـخـلـةٍ غـادرتْ طـيـنـهـا !

تـمـرُهـا شـاصَ ..

والـسـعْـفُ لـمّـا يَـعُـدْ يـنـسـجُ الفيءَ

غـضّـاً نـديّـا ..

*

جميعُ المـواعيـدِ فـاتتْ

ومَـرَّ قـطـارُ الـقـرنـفـلِ والـيـاسـمـيـن ..

الـعـصـافـيـرُ عـادتْ إلى دفءِ أعشـاشِـهـا

وأنـا واقـفٌ ..

غَصَّـةٌ في فـمي

والـلـظى في يَـدَيّـا ..

*

توهّـمْـتُ أنَّ الـطريـقَ إلى الأقـحـوان ِ

الـمـنـافي ..

فـنـفَّـضْـتُ طـيـنَ الـفـراتـيـن ِ

مِـنْ راحَـتـيّـا !

*

ودَرَّبْـتُ عـصـيـانَ هـدبـي

عـلى مُـقـلـتـيّـا !

*

غـريـبـاً ذلـيـلاً ..

فـحـيـنـاً أفـتِّـشُ عـنْ دجـلـتيَّ

وحـيـنـاً لأهـربَ مـنْ دجـلـتـيّـا !

*

فلا كـنـتُ مَـيْـتـاً

ولا كـنتُ حَـيّـا !

*

ولا كـنـتُ في مـوكـبـي بـابـلـيّـاً

ولا كـنـتُ في زورقـي سَـومَـريّـا !!

*

لـماذا تـأخَّـرتِ دهـراً علـيّـا ؟

*

وكنتِ على بُـعـدِ «حاءٍ» من «الباءِ»

نـامـا

عـلى تـخـتِ سـطـرٍ سَـوِيّـا !!

*

لـمـاذا تـركـتُ الـسـمـاوةَ خـلـفـي

ويَـمَّـمْـتُ نـحـوَ المـقـاديـرِ خـطـوي

فـكـنتُ الـشـقـيّـا ؟

*

أمـا كان لـيْ

أنْ أُخـبِّـئـنـي لـيـلـةً في «الـصـريـفـةِ » .. ****

أو لـيـلـتـيـنِ بـسـردابِ قـبـرٍ ..

وعـامـاً بـبَـرِيَّـةٍ ..

نصـفَ عِـقـدٍ بـ«هـور الـجـبـايـشِ» .. *****

عِـقـداً مـع الـلـوزِ والـجـوزِ في غـابـةٍ

في الشـمـالِ ..ِ

وعـامـاً بـكـهـفٍ أُلـمْـلِـمُ بـعـضـي إلـيّـا ؟

*

أبي عـاش سـبـعـيـنَ عـامـاً ونـيـفـاً

عـلى الـخـبـز والـتـمـرِ

ما قـالَ أفّ ٍ ...

ولا صـاحَ بـالـخـوفِ تـبّـاً ..

ولم يـتَّـخـذْ غـيـرَ نـخـلِ السـمـاوةِ

خِـلاًّ وفِـيّـا !!

*

لـمـاذا هـرقـتُ شـبابي

شـريـداً ..

غـريـبـاً ..

ذلـيـلاً ..

شـقـيّـا ؟

*

لمـاذا تـأخَّـرْتِ دهـراً عَـلـيّـا ؟

*

وقـد كنـتُ مـنـكِ

الـقـريـبَ الـقـصِـيّـا ؟

*

بـلى

كـان يُـمـكـنُ لـيْ

أن أعـيـشَ طـويـلا ..

*

وأن ْ أهـزمَ

الـمـارِدَ الـمـسْـتحيـلا

*

فـأعْـقِـد بـيـن الـثـرى

والـثـريّـا

*

قِـرانَ الـتـرابِ عـلـى الـنـجـمِ

لـكـن ْ :

تـأخـرتِ دهـراً

فـجـاز شِـراعُ الـمُـنـى شـاطِـئـيّـا

*

أقـيـمـي عَـزاءَ الـهـوى ..

إنـنـي :

مُـتُّ حَـيّـا !!

*

فلا يُـغـويَـنَّـكِ ظِـلّـي ..

ولا يُـغـريَـنّـكِ

نـبـضُ الـمُـحَـيّـا !!

*

لـمـاذا تـأخَّـرتِ دهـراً

عَـلـيّـا ؟

* * *

2.قصيدة:
( كـذّبتُ صدقي كي أصدّق كذبها )

مـتـمـاهِـيـان ِ

تـرى سَـرابـيَ كـوثـرا ً ..

وأنـا أراهـا فـي بـسـاتـيـن ِ الأنـوثـةِ والـمُـنـى

تُـفّـاحـة َ الـفـردوس ِ فـي حُـلُـمـي الـقـديـم ِ ..

ونـخـلـة َ الـلـهِ الـظـلـيـلـة َ ..

والـمُـبـشِّـرة َ الـبـتـولْ

*

فـيـهـا مـن الـبـحـرِ

الـلآلـئُ والـنـوارسُ والـسّـحـابُ ..

وبـيْ مـن الـبـحــرِ الـمـتـاهَـةُ والـمَـدى

والـلافـصـولْ

*

كـذّبْـتُ نـفـسـي

كـيْ أصَـدِّقَ مـاتـقـولُ ..

وكـنـتُ أعـرفُ أنـهـا كـذِبَـتْ عـلـيَّ

فـلـسـتُ أنـضـرَ مـن سِـوايَ ..

ولـيـس فـي حـقـلـي قـطـوفٌ

لـيـس تـعـرفـهـا الـحـقـولْ

*

شـجَـري إلـى حَـطـب ٍ ..

وأكـوابـي مُـهَــشّــمـة ٌ ..

وقـيـثـاري بـلا وتـر ٍ ..

وشـمـسـي والـنـجـومُ إلـى أفـولْ

*

سَـكـن الـرَّبـيـعُ حـقـولـهـا ..

وأنـا الـخـريفُ بـدأتُـهُ

مـن قـبـلِ مِـيـلادِ الـمـواسِـم ِ والـفـصـولْ

*

لـكـنّـهـا خَـبَـرَتْ غِـراسـي

حـيـن تـعـطـشُ

لا تـمـدُّ ظـمـيءَ جـذر ٍ لِـلـوُحُـولْ

*

صَـدّقْـتُ كِـذبـي

كـيْ أكَـذِّبَ صِـدقَـهـا ..

فـأنـا صَـديـقـي مَـرَّةً ..

وأنـا عـدوّي والـعَـذولْ

*

وأنـا الـمُـغـامِـرُ في تَـهـيُّـمِـهِ بـكـأسِ زفـيـرِهـا

وبــلثـم ِ مُـقـلـةِ نهـدِهـا الـمـائـيِّ ..

و الـطـفـلُ الـمُــشــاغِـبُ ..

والـصّـبـيُّ الـجـائـعُ الـنـيـران ِ فـي حـقـل الـغـوايـة ِ ..

والـفـتـى الـضِّـلِّـيـلُ ..

والـكـهْـلُ الـمَـلـولْ ..

*

تَـعِـبَ الـمُـصـلّـي مـن تـهَـجُّـدِهِ ..

الـمُـغـنّـي مـن ربـابَـتِـهِ ..

الــرِّيـاحُ مـن الـشِّـراعِ ولا وُصُـولْ !

*

فـأتـيـتُـهـا

مُـسْـتـأذِنـا ً شَــرَفَ الـدّخـولْ

*

فـي بـيـتِ طـاعـتِـهـا ..

أبَـشِّـرُ بالـفـسـيـلِ الـنـخـلَ ..

والـتـنـورَ بـالـمـحـراثِ ..

والـصـحـراءَ بـالأنـعـام ِ والـمـطـرِ الـهَـطـولْ ..

*

وأزفُّ لـلـكـأس ِ الـحَـرام ِ

بِـشـارةَ الـخـمـر ِ الـحَـلالِ بِـزِقِّ مـائـدةِ

الـذّهـولْ

*

فـهـي الـبـشـيـرةُ فـي الـهـوى ..

وأنـا الـمُـبَـشِّـرُ ..

والـمُـبَـشَـــرُ ..

والـرّسـالـة ُ ..

والـرّسـولْ !

*

سـأعـودُ

طـفـلا ً مُـشـمِـسَ الأيـام ِ

فـي

ديـجـورِ مـمـلـكـةِ الـكـهـولْ.

3.
قصيدة:( أضيـئـيـني )

ظميئـُكِ .. فاطفِـئـي شـَـرََري

بكـوثــَـَر ِ نـَبْـعِـك ِ الـخـَصِـر ِ

//

بـِنـَفـْح ٍ من رحيـق ِ الـروح ِِ

لا مــن كــأس ِ مُـعـْـتـَصَــر ِ

//

أضـيـئـي لـيـلَ مُـغـْـتـَـرِب ٍ

عَـقـيـمَ الـنـَجْـم ِ والـــقــَمَـر ِ

//

وَلــوْدَ الـهَـمِّ والأحـــزان ِ

أضـحى بـائــسَ الـــوَطـَـر ِ

//

أضـيـئـيـني بدِفْء ٍ مـنـك ِ

أو بـِلـَهــيـب ِ مُـجْـتــَمـِــر ِ

//

ونـُـصْـح ٍ أسْــتعـيـنُ بــه

عـلى مُـسْــتـَذئِـب ٍ أشـِـر ِِ

//

عسى بُسـْـتانيَ المـذبوحُ

يغدو ضاحِـك َ الـشـَـجَـر ِ

//

أضـيـئـيني لـعَـلَّ الـلـيـل

يُـفـْـضي بيْ إلى سَــحَـر ِ

//

ويَكْـسـرُ صمتهُ الوحشيَّ

فـي تــرنـيــمَـة ٍ وَتـَـري

//

ظمـيـئـاتٌ إلى قـَدَمَـيْـك ِ

يا أختَ الهَـوى غـُدُري

//

فـيا نهـراً من الصلوات ِ

يا حَـقـلا ً مـن الـخـَفـَـر ِ

//

رأتـْـكِ بصيرتي حُلـُما ً

يُكـَحِّـلُ بالندى بَصَري

//

ونـــافِــذة ً تـُطِـلُّ عـلى

غـدٍ في لـيل مُحْـتـَضِـر ِ

//

وقــنـديـلا ً أنـش ُّ بـــه ِ

دُجى مُسْتـَوْحَش ٍ خـَطِر ِ

//

فـما ربحي مـن الـدنـيـا

وقلبي منك ِ في خـُـسُـرِ؟

//

فصُـبّي في دمي نـَسَـغـا ً

لِـتورقَ وردة ُ الـسَّــمَـر ِ

//

وماءَ الضـوءِ في مُـقلي

ليغدو َ مُـعْشِـبا ًحَجَـري

//

ومُـرِّي فـي مَـفـازاتـي

سَـحابا ً نازفَ المَـطـَـر ِ

//

أعينيني عليَّ .. عليك ِ..

إنَّ الـقـلـبَ في ذعُــــر ِ

//

أغـيثـيني فقد هُـزِمَـتْ

خـيولي دون مُشـْتـَجَـر ِ

//

ويا نهرا ً من الصَبَوات ِ

لا تـشْــمـتْ بـِمُـنـْـدَحِـر ِ

//

فإنَّ سواحِلَ " الخمسين"

مُـشـْـرِفـَة ٌ عـلى جَـزَر ِ

//

خـَلِـيُّ القـلب ِ إلآ مـنـكَ

في طاحـونـة ِ الـسَّـهـَـر ِ

//

على عَثـَر ٍمَشيْتُ العمرَ

دربــا ً غـيـرَ ذي عَـثـَر ِ

//

أضيعُ فـَيُـسْـتـَدَلُّ عَـليَّ

بين الناسِ من ضَجَري

//

فكوني لـلغـريب ِ الدارَ

كوني غـايــة َ الـسَّـفـَر ِ

***

يُـماطِـلُ وجهُها عـَيـنيَّ

في صَحْــو ٍ وفي خـَدَر ِ

//

ولولا عطرُ وردِ الصوتِ

مـا لـوَّنـْتُ مــن صُـوَر ِ

//

فلا أذني التي عَـشِقـتْ

حَـدائـقـَها ولا نـَظـَري

//

ولكن ْ شـاءت ِ الأقدارُ

مـن قـلبي عـلى كِـبَـر ِ!

//

مقاديـرٌ .. وهل لِـلمَـرءِ
مَـنجى ً من يَـد ِ القـَدَر ِ ؟

وسائلٍ عَنْ أبي بكرٍ فقلتُ لهُ:
بعدَ النَّبيينَ لا تعدلْ به أحَدا
في جنَّةِ الخُلدِ صِديقٌ مَعَ ابنتهِ
واللهِ قَدْ خَلَدتْ واللهِ قَدْ خَلَدَا

قديم 08-12-2013, 03:47 AM
المشاركة 27
عبده فايز الزبيدي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
علي الشاعر
هو الشاعر السعودي علي بن عبدالله بن محمد الزبيدي، المولود بـ(حَدَبَة زُبيد ) من ضواحي المُظَـيْـلِف في عام 1389هـ و المتوفي في السابع من شعبان من عام 1434هـ، و قد أخبرني بوفاته الأستاذ محمد أحمد المرحبي(خُرَيْص)، فيكون مات شاباً عن عرٍ يناهز الخامسة و الأربعين لا غير، بعد مكابدة لمرض السرطان استمرت لما يربو عن عشر سنوات ضرب خلالها أروع الأمثلة للصبر و الاحتساب و الرضا بقضاء الله و قدره فكان يشارك الأدباء و يواصل الأصدقاء بجميل خلق و بديع شعر ،و قد رأيته مرة واحدة على مسرح كلية الجامعية بالقنفذة في عام 1433هـ .دفن بمقبرة المعلاة بمكة المكرمة بعد أن صلي عليه ببيت الله العتيق المسجد الحرام .
تخرج في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالجنوب بقسم اللغة العربية عام 1413هـ ،عمل مشرفا تربويا للغة العربية بإدارة تعليم العاصمة المقدسة ،ثم عمل مشرفا بمركز التدريب بمدرسة الفاروق الثانوية بالمظيلف .وهو عضو رابطة الأدب الإسلامي العالمي , عضو نادي مكة الأدبي .
تحدث عن تجربته الشعرية في لقاء بمنتديات وادي حلي يعود لعام 2005 للميلاد قائلاً:
بدأت كتابة الشعر وأنا في المرحلة الثانوية في الصف الأول عام 1407هـ ،وكنت اشعر برغبة في كتابة الشعر وكانت لي بعض المحاولات قبل هذا التاريخ .كانت أول قصيدة لي بعنوان ( نداء من المسرى ).
أصدر ديواناً بعنوان (أطلال المجد) قدم له الدكتور الشاعر عبدالرحمن بن صالح العشماوي بقوله:
( ... مِنْ يتصفح قصائدَ هذا الديوان سيجد آثار خطواتِ هذا الشاعر داخل ساحة الشعر واضحةً أمامه ...
أؤكدُ للقارئ الكريم أنَّ دخوله إلي قصائدَ هذا الديوان سيكون دخولاً جميلاً إلي نبضات قلبٍ، و مشاعر َ إنسان ، يشعر بهمومِ أمته كما يشعر بهمومه ...)
من أعماله رحمه الله:
-قصيدة (وداع العام):
لَوَّحَ العامُ بالوداع و ولى = مثل حُلمٍ يَحارُ فيه اللبيبُ
و كأنّي بالعام يهتفُ فينا = لو وعت منطقَ الزّمان القلوبُ
إنني رحلٌ و لم يبقَ إلاَّ =برهة بعدَها يكونُ الغروبُ
إنني راحِلٌ فهل مِن مجيبٍ = لندائي فقدْ يفوزُ مجيبُ
إنني راحلٌ فهل مِن مجيبٌ لندائي فقدْ يفوزُ مجيبُ
إنني راحلٌ كما ترْحل الشَّمـ = ـس ُ و تطوي ضياءها و تغيبُ
يغفلُ النَّاس و السنونَ سراعٌ = و إلي غاية تشَقُّ الدروبُ
لا يطيقُ الأنام مهما أطاقوا = و قْفَ سير الزمان فهو عجيبُ
أبداً لا تكل خيلُ الليالي = عادياتٍ لا يعتريها لغوبُ
أين من يفهمون كرَّ الليالي = فيؤوبون إذ يلوحُ المشيبُ
قد شُغلتم بالعيش حتَّى نسيتم =أن يوم الوداع يومٌ قريبُ
ما حياةٌ ترى و ربك إلاَّ = قامَ فيها ن الفناء خطيبُ

_قصيدة( الطفل الكبير )

لا تسلني
لِمَ لَمْ أشرع رماحي؟
لا تسلني
لِمَ أغضيتُ على الضيمِ،
و داريتُ جراحي؟
أيُّها الفارسُ إنيّ
أقرأُ المأساةَ في عينيكَ،
في كلِّ النَّواحي
غيرَ أني
لا أرى السَّيْفَ اليمانيَّ،
و لا خيلَ صلاحٍ
أيُّها الطفلُ
أيا قاهرَ أفواج الأعادي
نظرةٌ منكَ
تثيرُ الرُّعبَ فيهم
أينَ يا قومي
تباشير الجهادِ
إنني أخجلُ ،
أن أدعوكَ طفلاً
و أرى في وجهك الميمون
للأمجاد وصلاً
أيُّها الطفلُ
أيا رمزَ البطولاتِ الكبيرة
يا صغيراً
قاد بالعزم المسيرة
بوركت فيك
قرارات الرجالْ
أنت أمضي أيها الطفل
و أكبرْ
لا تسلني
عن حمى الأقصى
و عن جرح الإباءْ
عن جموع كالغثاءْ
أنت أمضي أيها الطفل
و أكبرْ
حجرٌ في كفك اليمنى
من المليار أجدي
من دعايات السلامْ
و من المؤتمر المصنوع
في جنح الظلامْ
لقّن الأعداء
درساً
أيها الأستاذ حررْ
أنت أمضى أيها الطفل
و أكبرْ
ربما حركت شيئاً
في قلوب الأتقياءْ
ربما كفكفتَ شيئاً
مِنْ دموع البؤساءْ
و إذا كنتَ فداءً
فلأقصانا الفداء
أنت أمضى أيها الطفل
و أكبرْ
و غداً تمضي
على الدروب الجيادْ
عندما تُشرق
أنوار الجهاد ْ
عندما تُشرق
أنوار الجهاد



-قصيدة( العيد):
هذا هو العــــــيد ما زلنا نردده = لحــنا فريداً وشدواً دونما مــــللِ
هذا هو العيد تستولي مشاهده = على مشـاعرنا يأتي على مـــهلِ
وحــين يرسم للثــغر ابتسامته = يـــمر من بين أيديـــنـا على عـجلِ
ما زلت أذكر كــم كنا نراقـــبه = نبــيت نحــلم باللـقــــيا وبالحــــلل
كانت سعادتنا بالعـــــيد غامرة = وللطــــفولة جـــولات مع الجـــذلِ
سرّ الهــناء لديها أنها سلـمت = من القطيــعة والشحــناء والـــدَّغلِ
العــيد ليس جديد الثوب نلبسه = على ســواد من الأحـقـــاد والعــللِ
العــيد ليس شعاراً بل مناسبة = يــبدو به كل فـــــرد غــــير منعــزلِ
العـيد ألاَّ نرى الأهواء تفصلنا = وأن نـظل يــداً تســمو على الدَّخلِ
ما أجمل العـيد تحدونا مباهجه = إلى اجتـماع على الخيرات متصلِ
ماأجمل العيد نلقى فيه وحدتنا = أخــــوة وصـــــفاءً غــــير مفتـــعلِ
حلاوة العـــيد أن نبقى يداً بيدٍ = فتلك في عـــيدنا أحلى من العسلِ
فإن يكن بينـنا للـذئب قاصـــية = فإنَّ للــــــعيد معــنى غـير مكتــملِ

وسائلٍ عَنْ أبي بكرٍ فقلتُ لهُ:
بعدَ النَّبيينَ لا تعدلْ به أحَدا
في جنَّةِ الخُلدِ صِديقٌ مَعَ ابنتهِ
واللهِ قَدْ خَلَدتْ واللهِ قَدْ خَلَدَا

قديم 08-12-2013, 04:14 AM
المشاركة 28
عبده فايز الزبيدي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
عبدالصمد الحكمي
الشاعر السعودي أبو محمد عبد الصمد بن محمد بن أحمد الحكمي
، من مواليد محافظة صامطة التابعة إداريا منطقة جازان في المملكة العربية السعودية سنة 1378 هـ - 1959 م ،له ابنان هما: محمد و عبدالمجيد و بنات ، حاصل على درجة الليسانس في اللغة العربية .
عمل في السلك التعليمي مدة خمس وعشرين سنة معلما في المرحلة المتوسطة فمشرفا تربويا فموفدا خارج المملكة فمعلما في المرحلة الثانوية فوكيلا حيث أنهى بمحظ إرادته مشواره العملي بقرار التقاعد المبكر في 15/1/ 1427هـ ، وهو من بيت علمٍ و ديانة مشهور ، فشيخ الإسلام حافظ بن أحمد الحكمي صاحب (معارج القبول شرح سلم الوصول) هو الشقيق الأصغر لوالد عبدالصمد،و هو خفيف الظل حاضر الفكاهة.

لم يصدر له حتى الآن ديوان شعري ، وأكثرُ إنتاجه الشعري متوفرٌ في ثنايا المنتديات الأدبية وبعضه تم نشرُه في الصحف السعودية .

شارك في العديد من الفعاليات والأمسيات الشعرية ضمن برامج النادي الأدبي بجازان.
عرفت الأستاذ عبدالصمد الحكمي لأول مرة في منتديات (التوباد) الذي يملكه الشاعر محمد الشدوي ، و من أعمال الحكمي:
1.قصيدة(
احتراقٌ على بوابة الرعد):

عِدِيْنِي خلافَ البرْد إذ أمْحَلَ الوعدُ
فَذاتَ خريفٍ قد يُخاتِلُنا الرّعدُ
ويبْغَتُنا برقٌ يزُفّ حناجري إليكِ
صدىً يمتدُّ حينًا ويرتَدُّ
ولا تعْجبيْ إن عشتُ نِضوَ حرائقٍ ولم أتشوّهْ
لم يَطَلْ هامتي جَهْدُ
إذا أنا لم أَنثُرْ دفاترَ خيبتيْ
وخلْفَ كُوى أضلاعها لم يَشِ الوَقْدُ
أرى السِّرَّ في الرمضاءِ تُرْقِص حافيًا
و تَصْدِيَةِ الأضراسِ يُطْرِبُها البردُ
بريقُكِ كم غالطْتُ فيهِ فَراستي
وأجنحتي تترى تروحُ ولا تغدو
وعطرُكِ كم تاقتْ لفحواهُ صَبْوتي
فعانقني شوكٌ ، وواعدني وَرْدُ
وللريحِ كم أسلمتُ حُلْمَ مراكبي
فلا مُدُنٌ وافَتْ ، ولا ساحلٌ يبدو
وفي الشاطئ المأزومِ حارت زواجريْ
فلا الجزرُ محمودٌ لَدَيْه ولا المَدُّ
أرى الصقرَ في العلياءِ يُمْسي على الطَّوى
وثَمَّ بُغاثُ الطيرِ مِن ترَفٍ تشدو.

2. قصيدة ( كاتمة الأشواق):
أثارتْ بهمستها الناعمةْ
شؤونَ هوىً خِلتُها نائمةْ:
أخافُ إذا غِبْتَ يا سيدي عليكَ
من الغُرْبة القاتمةْ
ويَسْكُنني الأمنُ
حين أراكَ تُسقّي عنادلَك الفاغمةْ
وكان على بوحها نَبْرةٌ
تُذيعُ أحاسيسَها الواجمةْ
فأومأتُ بُثي إليّ هواكِ
أيا مَن لأشواقها كاتمةْ
وهُبِّي اجرحي صَمْتَ هذا الدُّجى
بِرِعْدة أحلامِك الغائمةْ
وهيا لكي نتساقى المنى
إذا شَعشعَ الصبحُ قلنا: لِمَهْ؟
فما بين ضلعي وضلعي جُذىً
تَشِيْ أنها ثورةٌ قادمة
أرى قمرَ العشقِ
أنْشَأ يُحصيْ بأوراقه المُهَجَ الهائمةْ
رجوتُكَ يا بدرُ ضَعْ مهجتَيْنا يمينًا
على أَوّلِ القائمةْ.
3.قصيدة(بين ذمم الحياة):
وصَبيّةٍ لم تبلغ العِقدا
حَفرَ الشقاءُ بمهدها لحْدا
البؤسُ تفضحُه ضفائرُها
والجوع يُذوي الوجهَ والقدّا
فُسَح الصِّبا ضاقت بصبْوتها
والأفْقُ يبدو شاحبًا صَلْدا
وعلى المحاجر فيضُ أسئلةٍ
مكلومةٍ تتمحّل الفَقْدا
أتْرابُها يلهون في دَعَةٍ
والعيشُ يُقْبِلُ نحوَهم رَغْدا
طافت على الطرقات أعينُها
لم تُلفِ بين لِداتِها نِدّا!
فَأَوَتْ لحِضنٍ ما لمحتُ به
دفئًا يُحَنّ له
ولا برَْدا
الأمُّ خلْف ذهولها جُمَلٌ
قطعَتْ على كتمانها العهدا
نَظَرتْْ إليّ وفي المدى سَفَرٌ ، كَلَلٌ
على سنواتها امتدّا
الموتُ يسكنُ كلّ زاويةٍ
في هيكلٍ ذَبَحتْ به الوعْدا
طيف الفنا شبَحٌ يطاردِها
كرِهَتْه إذ يقتاتُها سُهْدا
أرْختْ إليّ عناءَ راجفةٍ
لم تَلْقَ دُونَ هَوانِها بُدّا
فنقدتُها والقلبُ مُنكفئٌ

غُصَصًا
أعُدّ نِثارها عدّا
ومضيتُ
دربي لا يلمُّ سوى ذممِ الحياة وموتِنا الأجدى.

3.قصيدة( إغضاء الكبرياء):
وطنٌ للريح خَطْوي و دمائيْ
وإلى آفاقِكِ القُصوى انتمائيْ
وعلى جَفنِيْ تَنامَى هاجسٌ
ينتهي فَقري إليهِ و ثَرائيْ
أَرسُمُ المزنَ على ثغري ضُحىً
وإلى شهوته أُهدي مسائيْ
ظاعنًا غامتْ دروبي
والمدى غبشٌ والأفْقُ مسلوبُ التَّرائيْ
إيه يا قِبلةَ أياميْ ويا رعدَ أحلاميْ
ويا سُكْنى دمائيْ
أنتِ يا أعذب دفقٍ في فميْ
أنتِ يا أصعب حرفٍ في هجائيْ
يا مسافاتي التي أُرهِقُها سَفَرًا
جاعَ على فِيْه ندائيْ
يا ضجيج العطر في بُرعُمِهِ
يا انثيالَ النُّور في فجْر رجائي
هاكِ من نُوط فؤادي مِزهرًا
فاعزِفي في حفلنا لحنَ وفائي
أسمِعيهم كلما عزَّ الرضا:
أنا إن أُغضي سَلُوا عن كبريائي
فوق أنفي تَتَمطّى الشمسُ وَسْنى
وعلى الغيمِ جرى فضلُ ردائي.

4.قصيدة(لمن ندشن قتلانا):
نارُ المعادين أم بردُ المحبينا
هذا الذي نصطليه في فلسطينا ؟
يأسُ الجوابات عيبٌ لا يزال بنا
حتى نيممَ شطرَ الله راجينا
فتّشتُ في شَفة البارود عن لغةٍ
غيرِ التي من زعاف الموت تسقينا
فما وجدتُ سوى فوضى
تُشيّعني حيَّ العروق ، وأكفانٍ تُعزّينا
في القلب وجهان :
ميراثٌ نقلّبه ذاتَ الحياة فتستحْيي مراثينا
وحاضرٌ نكثتْهُ الريحُ
يَقْلبُنا ذاتَ الشتات ، ويبقينا قرابينا
ما بين بغدادَ والأقصى
مطيتُنا صوتٌ وناصيةٌ ترجو الشياطينا
عطشى نكثّف رجْعَ الحُلم أسئلةً
جوعى اليقين تغذيها أمانينا
يا رُبّ ثاكلة خطّت سواجمُها
دربًا إلينا ولم تبلغ نواصينا
باتت على وجعٍ تجْترّ خيبتَها
تقيأتْ أمّةً شعبًا سلاطينا
ما كان غزةُ إلا في مجالسها
وفي شوارعها جئنا ملايينا
( بالروح بالدم ) ملءَ الأرض نشعلُها
وملءُ أرواحنا دنيًا تُطفّينا
أبالشعارات لا صوتٌ يبارزنا
وفي النزالاتِ لا همسٌ يوازينا؟
حتّام تخدش وجهَ العمر كذبتُنا
و للمساحيق شأنٌ في نوادينا ؟
يطفو الشقاق على أنفاسنا ، ولنا
في كل ذائعةٍ مغزىً يجلّينا
دُمىً تُحركنا الأمواجُ تعبئةً
وفي مرافئنا نُخْلي المضامينا
لمن ندشّن قتلانا ؟
وفي دمنا تَخثّر الريحُ يرموكًا وحطينا
لمن نروّج جرحانا ؟
وقبلتُنا أمرٌ نرقّعه زورا وتلقينا
لمن نسوّق أسرانا ؟
وما برحت كلُّ الدكاكين أطماعَ المرابينا
( متى ) ؟ وبعثرتُ في أرجائها تعبًا
يمتد في جسد التاريخ سِتّين.

5.قصيدة(عُمْر):
شُموخُ زَهْوِكَ لم يَطْرِف له هدَفُ
وصوتُ ذِكرِكَ لم يُخنَقْ به شرَفُ
رَوّيتَ من تَرَف الآلاء شهوتَها
تلك السنينَ
فما يُزري بها الشَّظَفُ
وسِرْتَ في موكبٍ رفّ الضياء له وِرْدًا
وما زار مسرى عزِّكَ السَّدَفُ
إني رضيتُ به عُمْرًا أَقَرُّ به خِدْنًا
إذا في المسير الصحبةُ اختلفوا
أخجلتُ فيه نواقيسَ الظنونِ
فما ظنٌّ أحاط بما أنوي وأقترِفُ
زَوَيتُ كلَّ طُموحٍ دونَ غايتِه ماءُ الجباهِ مُراقٌ
هكذا ألفوا
يا ويحهمْ
وَرِمتْ في القاع أرجُلُهم
أما السحابُ فما طالوا ولا شَغُفوا
إذا المروءاتُ جفّتْ في موائدهمْ
ألفيتُني أحتسي منها و أغترفُ
السفْحُ ملعبُ من أغضَوا متى طعموا
إذا الأباةُ على هام الإباء غَفُوا
يا عُمْرُ ما مضّني إلا الفؤادُ
متى حوراءُ عنّتْ هضيمٌ كَشْحُها تَرِفُ
يا عُمْرُ سجِّل على جفنيكَ أمنيةً
ختامُك الحُسْنُ لا زيغٌ ولا خرَفُ.

وسائلٍ عَنْ أبي بكرٍ فقلتُ لهُ:
بعدَ النَّبيينَ لا تعدلْ به أحَدا
في جنَّةِ الخُلدِ صِديقٌ مَعَ ابنتهِ
واللهِ قَدْ خَلَدتْ واللهِ قَدْ خَلَدَا

قديم 10-21-2013, 10:06 AM
المشاركة 29
عبده فايز الزبيدي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
حمزة شحاته(1)
ذكرت موسوعة البابطين أن اسمه:محمد بن حمزة شحاتة.
و من شامل ما وجدت عن حياة شاعر الحجاز هذا المقال في موقع (الاثنينة) لمالكه الأديب عبدالمقصود خوجة:
(حياة الشاعر حمزة شحاتة (1) مجهولة وغامضة.. ولا نستطيع الوقوف عليها، وعلى تفاصيلها بسهولة.
إن الشاعر حمزة شحاتة لم يخلف لنا شيئاً يعدُّ بصيص نور يساعدنا على الكشف عن غموض هذه الحياة المجهولة..
كل ما نعرفه عن حياة حمزة شحاتة هو أنه وُلد بمكة المكرمة عام 1328هـ ونزح إلى جدة صغيراً، وبها نشأ وترعرع، وتلقى تعليمه بمدرسة الفلاح بجدة، وفي الفلاح تفتق ذهنه بالشعر، وأخذ ينظمه وهو في العقد الثاني من عمره.
وبعد تخرجه من الفلاح سافر إلى الهند وتوظف هناك في بيت زينل للأعمال التجارية حيث مكث 10 سنوات.. وبعد عودته من الهند عيّن سكرتيراً للمجلس التجاري بجدة، ثم مديراً لإدارة سيارات الحكومة للنقل العام، ثم ترفع إلى وظيفة مساعد رئيس ديوان المحاسبات العامة بوزارة المالية، ثم استقال وعمل في الأعمال التجارية مع شقيقه التاجر المعروف الشيخ محمد نور شحاتة، ثم نزح إلى مصر وتعين هناك محامياً لدار البعثات السعودية ثم عاد إلى المملكة وتعين رئيساً لنقابة السيارات العامة.
وفي سنة 1391هـ (2) اختطفته المنية ومات مأسوفاً عليه وعلى أدبه الرائع المنقطع النظير.. وقد كانت لوفاته رنة حزن وأسف في الأوساط الأدبية في المملكة، وقد شارك الأدباء والشعراء في رثائه والتحدث عنه.. وقد كان من بين من نوهوا به كبار الأدباء والشعراء، أمثال الأساتذة: محمد حسن عواد، حسين سرحان، أحمد قنديل، محمد حسن فقي، ضياء الدين رجب، محمود عارف، عبد العزيز الرفاعي.. وغيرهم من الأدباء الشعراء الذين عرفوا حمزة شحاتة أديباً عملاقاً، وشاعراً فذاً.
تاريخ الميلاد:
- جميع المصادر تشير إلى عام 1328هـ-1910م (3) تاريخاً لمولد الشاعر، ولكن في كتاب "إلى ابنتي شيرين" (4) -تحت صورة لحمزة شحاتة أنها له في شرخ الشباب عام 1347هـ، وأن عمره حينئذ كان خمسة وعشرين عاماً، وعلى هذا يكون مولده عام 1322هـ أي عام 1904م وأرجح ذلك الرأي -لأنه هو رأي بنته شيرين ناشرة الكتاب، وهي مصدر وثيق عن الشاعر.
وفي الصفحة الأولى من كتاب "حمار حمزة شحاتة" أن ميلاده عام 1330هـ-1910م، وأن وفاته عام 1393هـ-1973م.
وبالرجوع إلى جريدة المدينة المنورة عدد 16 من ذي الحجة 1391هـ-1971م نجدها تنعي الشاعر، وتذكر أنه توفي في القاهرة، ونقل جثمانه إلى المملكة حيث شيع إلى مثواه الأخير في مكة المكرمة يوم 15 من ذي الحجة 1391هـ. وليس بعد ذلك كلام.
حياته الزوجية:
تزوج شحاتة زوجتين، ورزق خمس بنات، منهن: سهام، ليلى، زلفى، شيرين.. التي تزوجت من غازي عبد المجيد، ولم ينجب ولداً (5) .
* * *
وقد عمل الشاعر مع أخيه محمد نور شحاتة في التجارة في جدة:
اعتقال:
وقد اعتقل الشاعر مع عدد من الشباب على إثر الفتنة -التي شغب بها "حامد بن سالم بن رفادة" وانتهت بقتله وابنيه، على مقربة من ضبا في الشمال من ساحل البحر الأحمر في عام 1351هـ، وكان من هؤلاء الشباب:
- عبد الوهاب آشي أول رئيس لتحرير جريدة "صوت الحجاز" التي صدر العدد الأول منها في يوم الاثنين 27 من ذي القعدة عام 1350هـ.
- محمد حسن عواد الشاعر المعروف، وكان مديراً لتحرير هذه الجريدة.
حمزة شحاتة الشاعر المشهور (6) .
معركة الشاعر مع العواد:
وهذه المعركة قد لفتت إليها كل الناس، وبعض فصولها نشر في صحيفة "صوت الحجاز".
وقد شارك فيها أحمد قنديل نصيراً لحمزة شحاتة، ومحمود عارف نصيراً للعواد.
وفي كتاب "الشعراء الثلاثة" للساسي ملحمة لحمزة شحاتة، وكانت واحدة مما نشر في "صوت الحجاز" وفي ختامها يقول حمزة شحاتة:
ومضى الدهر لا ينقل رجلاً
تستوي عنده صبا ودبور
هازئاً بالغرور والصحف والبا
طل والدهر بالحياة بصير
وأخذ الشاعران يهجو كل منهما الآخر بشعره، ويروي هذا الشعر، وينشره المنشدون والرواة في كل مكان.
لقد كان من أهم المعارك الأدبية في الحجاز معركة العواد مع الأستاذ حمزة شحاتة، رحمهما الله.. وقد استمرت شهوراً طويلة، وكانت معركة شعرية رمزية انتهت نهاية سيئة مؤسفة.
كان العواد محققاً بالقسم العدلي بإدارة الأمن العام في مكة المكرمة وكان المرحوم الأستاذ طلعت وفا رئيس القسم العدلي صديقاً حميماً للأستاذ حمزة شحاتة، وكان حمزة شحاتة دائم الشكوى من العواد ينتقد تصرفاته وأعماله، وأحب طلعت وفا أن يجمع بين الأديبين الكبيرين لإصلاح ذات البين وتصفية النفوس، فاجتمعا بمنزل طلعت وفا في أجياد، وطال النقاش، وكان الموجودون يودون أن ينتهي الاجتماع بالوفاق، خاصة وأن العواد وحمزة شحاتة شاعران كبيران، وهاجم حمزة شحاتة العواد مهاجمة شديدة جارحة وانتهى الاجتماع بالقطيعة، بل أسفر عن خصام شديد.. وبدأت المعركة بقصيدة أو على الأصح بقصائد شعرية ينظمها حمزة ويرد عليها العواد، وكانت قصائد طويلة تنشر جميعها في جريدة صوت الحجاز، وكان الناس يترقبونها كل أسبوع، وكانت الجريدة أسبوعية في ذلك الوقت، وكان حمزة قد اتخذ اسم الليل رمزاً له في هذه المعركة، ثم تحول فيما بعد إلى العاصفة، أما العواد فكان الساحر العظيم هو الرمز الذي اختاره لنفسه، من الناحية الفنية كانت هذه القصائد كسباً للأدب، لأنها جاءت في أسلوب فني لشاعرين من أكبر الشعراء في ذلك الزمان في البلاد، كما كانت مجالاً للنقاش المستمر بين الأدباء والقارئين، ولو أن المعركة اقتصرت على هذا الحد لكان ذلك حسناً، ولكنها تطورت للأسف الشديد إلى مهاجمة تناول فيها كل "صاحبه" تناولاً سيئاً، وكانت هذه المهاجاة لا تنشر في صوت الحجاز، لأنها لم تكن صالحة للنشر، ولكن هذه القصائد كانت تكتب باليد على نسخ متعددة، وتوزع في أماكن تجمعات الناس في مكة، وقد جرَّت المهاجاة بين حمزة والعواد إلى دخول شاعرين آخرين فيها، وهما الأستاذ الشاعر أحمد قنديل رحمه الله انتصاراً لصديقه حمزة شحاتة، ودفاعاً عنه، والأستاذ الشاعر محمود عارف مساعداً ومدافعاً عن أستاذه محمد حسن عواد، ولم يكف كلاهما عن هذه المهاجاة إلاّ بعد أن اتسع نطاق توزيع هذه القصائد الهجائية، وخشي الطرفان أن تجر عليهما الجرائر، فطويا تلك الصفحة السوداء، وحسناً فعلا.
وقد نظم العواد قصيدته الكبرى "الساحر العظيم" في أكثر من خمسمائة بيت وأفرد لها جزءاً خاصاً من ديوانه، وهي تمثل الخصومة الشعرية الكبرى التي نشبت بينه وبين الأديب الراحل الأستاذ حمزة شحاتة، ولم يكتف العواد في "الساحر العظيم" بحمزة، وإنما تعرض لكل من جرت بينه وبينهم معارك أدبية، مثل المرحومين أحمد قنديل والشيخ حسين باسلامة مؤلف كتاب سيد العرب، والأستاذ عبد القدوس الأنصاري، وغيرهم، وقد رمز العواد لكل منهم رمزاً معيناً، وحسناً فعل.. مطلع هذه القصيدة أو الملحمة هو:
عشق الخلد طامحاً نزاعا
فامتطى فنه إليه طماعا
شاعر فنه يحلق بالفكـ
ـر إلى عالم أشد ارتفاعا
ويتحدث الأستاذ الأديب السعودي إبراهيم فودة عن معركة حمزة شحاتة والعواد فيقول:
"تعتبر معارك العواد مع أقرانه وزملائه الأدباء والشعراء في وقت مبكر من ظهور بوادر النهضة الأدبية في الجزيرة من أشد المعارك الأدبية التي شهدتها بلادنا.. وللعواد معارك أدبية كبرى وصغرى. أما الكبرى فهي تلك التي نشبت بينه وبين الأدباء العمالقة أمثاله. وأشهر تلك المعارك المعركة الأولى التي نشبت بينه وبين الأديب حمزة شحاتة. كان العواد وشحاتة يدرسان في مدرسة الفلاح بجدة، وكان حمزة شحاتة يعتد بنفسه كشاعر موهوب، والعواد يكره ذلك، فتولدت بين الأديبين اللامعين غيرة شديدة، ووجدت إدارة المدرسة في خلاف الأديبين النابغين فرصة للتنافس الأدبي الشريف الذي يستفيد منه الطلبة. وكان العواد ينتقد بشعره، بين الحين والآخر، إدارة المدرسة، وكان المدافع عنها حمزة شحاتة.
وبالرغم من الخصومة الأدبية التي كانت تسود جو الأديبين العملاقين "العواد وشحاتة"، فإن الصلة بينهما كانت قوية متشابكة، لأنهما تعلما في مدرسة واحدة، وارتبطت صداقة كل منهما بالآخر كشاعر حديث السن.. وكان الشعور بالود يسود جوهما، والحب والوفاق يضفيان عليها ألقاً من شعاع الأدب ووهج الفكر. كانت بداية المعركة بينهما في سنة 1355هـ على صفحات جريدة (صوت الحجاز)، التي نشرت قصيدة بتوقيع "الشاعر العجوز" دون أن يذكر عليها اسم الشاعر، وقد تأكد لدى العواد أن صاحب القصيدة هو حمزة شحاتة، ذلك لأن هذا اللقب سبق أن أطلقه العواد على شحاتة، وهما صبيان في المدرسة. ويبدو أن حمزة شحاتة كان يريد أن ينتقم من العواد بصورة معاكسة ظنًّا منه أن اللقب قد نسي. فانبرى العواد للهجوم عليه بقصيدته المعروفة بعنوان "هجو الليل" وبتوقيع "أبولون" والعواد عندما عنون قصيدته بهذا العنوان يعني به حمزة شحاتة الذي كان ينشر قصائده ومقالاته بتوقيع "هول الليل".
احتدم النقاش والصراع بين الأديبين وحمي وطيس العراك بينهما، وحمل كل منهما على الآخر حملة كان لها أعمق الأثر في الأوساط الأدبية.. وكانت الصحف تشهد المعركة حيث تنشر القصائد في صفحاتها.. وكان العواد يرسل ملاحمه إلى الجريدة فتنشر أولاً بأول. ويرد شحاتة عليه بالمثل.. وهكذا... حتى أسفر الصراع عن خروج رائعة العواد "الساحر العظيم".. وقد كانت من أهم نتائج هذا العراك.. وكان من أبرز ما تأثر به الأدب من هذه المعارك أن شهد دبيباً وطحناً لم يشهده الوسط الأدبي من قبل. ومن أبرز النتائج كما ذكر الأستاذ الساسي: أن تلك المعارك بعثت في نفس الشباب روح الأدب والتعلق به ومتابعته. وكانت "صوت الحجاز" مسرحاً للأدب والشعر، يتلقفها الناس، ويتهافتون عليها، بشعور الإيمان بفكرة الأدب والثورة الأدبية التي تفتقت عنها الأذهان. ولقحت الأفكار والآراء.. أما العواد فقد قال عن قصائد عراكه: "ما كنت أرغب في نشر هذه القصائد على الناس بل كنت أفضل أن تدفن إلى الأبد وأن تمزق، أو تلتهمها النار، لا بسبب فني، ولا بسبب أدبي، ولا للدعوى أو التواضع، ولكن لشيء إنساني ثمين، وهو مراعاة الود بيني وبين الإخوان والأدباء الذين وجهت إليهم هذه القصائد نقداً أو تقريعاً، بعد أن ساد بيننا الود وذهبت أسباب الجفاء، واستقرت الضمائر على المحبة، ووطنت النفوس على الإخاء والتعاون.
وقد اعتذر العواد فيما بعد لحمزة شحاتة بقصيدة عنوانها "عتاب" نشرها في ديوانه "نحو كيان جديد" صفحة 175.
ويقول الأديب السعودي محمد حسين زيدان:
"محمد حسن عواد أنكر على حمزة شحاتة أن يبرز في جدة هذا البروز، وأن يكون كأحد شبابها البارزين، لأن كثيراً من الناس لا يعرفون أن حمزة مكي المولد والمنشأ، وما جاء جدة إلاّ مؤخراً ولكن كبر في (جدة) وعظم، فاستحوذ على الشباب، وهذا من الحوافز التي جعلت العواد ينكر على "حمزة" ذلك.
وحمزة صريح التحدي.. مصارع.. لأن حمزة ذو فكر كبير جداً، ولهذا كان الصراع شخصياً وليس فكرياً. على أي فكر اختلفا.. على أي مبدأ اختلفا، لا أريد أن أرتفع بهما إلى القول بأن ما كان بينهما كان صراعاً فكرياً (7) .
ويقول عزيز ضياء (8) :
الحياة الفكرية في مصر كانت تختلف كلياً عن الحياة الفكرية في المملكة العربية السعودية، فحياتنا الفكرية في جدة أو مكة كانت عبارة عن اجتماعاتنا وقراءاتنا الكتب الحديثة و "صوت الحجاز" التي كانت تصدر أسبوعياً وبها بعض المقالات -كنا نباهي بها خطأ أو صواباً. والأهاجي بين حمزة وبين عواد أو بين فريق حمزة وفريق عواد، كانت تحدث كثيراً جداً من الضجة والضجيج. وأذكر بهذه المناسبة عبد السلام الساسي، الذي كتب موسوعات عن الأدب في المملكة العربية السعودية.. هذا الرجل عجيب جداً في قدرته على الحفظ. كان إذا كتب حمزة شحاتة قصيدة شعر يهجو بها عواداً تجد الأستاذ الساسي قد حفظها، فإذا كتب العواد قصيدة يهجو بها حمزة شحاتة يكون عبد السلام قد حفظها أيضاً، وكنا نجتمع في (المسفلة) في حفل كانت به بعض مزارع البرسيم وكنا نطلق عليها (الأولمب) وكان "عبد السلام الساسي" يأتي إلى تلك الاجتماعات ويلقي علينا ما حفظ من شعر حمزة أو ما حفظه من شعر العواد فتبدأ المناقشة أن هذا البيت أجمل وأن هذا البيت ألطف، أو هذا البيت أوقع.
وأعجب شيء في حمزة شحاتة أنك لا تدري كيف استطاع في سنه، ويومها أنا كنت في الثانية والعشرين وكان هو في الخامسة والعشرين فكيف في الخامسة والعشرين سنة من عمره قد استطاع أن يستوعب كل ما أستوعبه وكل ما تلمسه في ثقافته من آراء وأفكار، يكاد يكون هذا شيئاً نادراً وغريباً.. تشعر أن النبض الفكري عنده يختلف كلية عن النبض الفكري الذي كان في الساحة في ذلك الوقت، سواء في المملكة أو حتى في مصر أو في سوريا وفي لبنان. ولا يتهم حمزة بأنه كان يقلد الرافعي أو طه حسين، أنا اتهمت بتقليد طه، ولا أنكر في بداية نشأتي كان لا بد أن أقلد.
ويقول العواد نفسه (9) :
إن أدباء الحجاز أخذوا يتراشقون السهام مع بعضهم فأخذوا ينقدون كتابات بعضهم، ويحتدم النقاش وأحياناً يكون مفتعلاً، أو فيه شيء من الهجاء، أو شيء من الدعاية، مثل ما كان يدور شعرياً بين محمد حسن عواد وحمزة شحاتة، رحمهما الله. وأحياناً يكون فيه شيء من الحدة والنقد الشخصي مثل ذلك النقد الذي دار بين العواد وعبد القدوس الأنصاري. ولا أسميها معارك، ولكنها كانت عبارة عن مناوشات، أو عبارة عن نقاش أدبي.
وقد نقد حمزة شحاتة كتاب العواد "خواطر مصرحة" نقداً فنياً وكان يضرب المثل بشوقي على اعتبار أن شوقي هو المثل الأعلى. وخلاصة القول إن مقصده، كان أن ينال الكتاب فنياً وليس فكرياً على ما أعتقد. وقد أستشهد في نقده بقصيدة شوقي في "أنس الوجود" وقال: إنها قصيدة عظيمة، وكتب هذا النقد في أوراق، وصار ينشرها، ومن هنا صارت حركة أشبه بالعدائية، وكنا أطفالاً أو شباناً أصحاب دماء حارة ويؤثر عليهم النقد. ولم يألفوا أن يهاجمهم أحد أو ينقدهم أحد، فلم نتمالك أنفسنا من الغضب فثارت بعض مواقف الاحتكاك. كنت في مكة فكتبت قصيدة في "هجو الليل" وكنت أقصد الليل الحقيقي بدليل أنني أتيت بصفات الليل. وهذه القصيدة منشورة على ما أذكر في "صوت الحجاز" (10) فدخل بعض الواشين بيني وبين حمزة فقالوا له إنه يقصدك أنت لأنك أنت الذي كتبت مقالات بتوقيع "هول الليل" (11) وأنا كتبت قصيدة بعنوان "هجو لليل" فمن هنا دخلوا فقالوا له إنني أقصده هو، فتأثر وكتب قصيدة يهجوني بها بعنوان: "إلى أبولون" وأنا كنت أوقع باسم (أبولون) رددت عليها بمثلها، وتوالت الردود بيني وبينه.. قصائد شعرية.
ويقول عزيز ضياء في ذلك:
جاء حمزة شحاتة بصحبة أخويه إلى جدة، وانضم إلى مدرسة الفلاح، وكان العواد تلميذاً فيها، وصارا أصدقاء، فضلاً عن كونهما زملاء..
ولما أخرج العواد كتابه "خواطر مصرحة" عام 1345هـ.. نقد حمزة شحاتة الكتاب، فكان ذلك مما أثار الشر بين الشاعرين (12) .
وقد اعتذر العواد للشاعر حمزة شحاتة أخيراً عن هذه الخصومة، وذلك بقصيدة من شعره.
ففي قصيدة العواد "عتاب" (ص175 -من الجزء الأول من ديوان العواد "نحو كيان جديد" -الطبعة الأولى 1978م بمطبعة نهضة مصر بالفجالة بالقاهرة)، ويقول العواد منها:
أخي حمزة كيف الوشاة تغلبوا
وكيف تحرانا السخيف المذبذب
أما منك إن زادت عليك حماقة
تحمل من أن شاء يرضى ويغضب
لك الحب موفوراً بنفسي، كامناً
تباعده أسبابه وتقرب
فلا تشدد الحبل الذي مد بيننا
ولا تعتبرني في الصداقة أكذب
وسامح، وأنت المرتجى من تواصلت
أوامره، واصفح فإني مذنب

وسائلٍ عَنْ أبي بكرٍ فقلتُ لهُ:
بعدَ النَّبيينَ لا تعدلْ به أحَدا
في جنَّةِ الخُلدِ صِديقٌ مَعَ ابنتهِ
واللهِ قَدْ خَلَدتْ واللهِ قَدْ خَلَدَا

قديم 10-21-2013, 10:13 AM
المشاركة 30
عبده فايز الزبيدي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي

حمزة شحاتة (2)

في القاهرة:
وفي القاهرة قرب ميدان الجيزة، عاش حمزة شحاتة، طويلاً، يذهب إلى المكتب التعليمي السعودي، ويلتقي بأصدقائه السعوديين في القاهرة: عبد الله عبد الجبار -إبراهيم هاشم الفلالي -محمد خليل عناني -محمد سعيد بابصيل -وسواهم.
ويذهب إلى "ندوة رابطة الأدب الحديث" في دارها في ندوتها الأسبوعية مساء يوم الثلاثاء فيلتقي بالعديد من الأدباء والشعراء، ويجلس في (كازينو) في الصباح مع أصدقائه من السعوديين، وفي المنزل يجلس مع الكتاب، يقرأ وينظم الشعر.
ويقول الأستاذ عبد الله عبد الجبار في مقدمة كتاب "حمار حمزة شحاتة " (13) .
"حينما كان -حمزة شحاتة- محاسباً للبعثات السعودية بمصر كان يقضي وقته على الدوام وهو يناقش طلاب الجامعة في شؤون الحياة والفكر والأدب فيستهويهم حديثه، ويشعرون أنهم إزاء مفكر غير عادي، ويظل معهم على هذا النحو إلى أن يحين وقت انصراف الموظفين إلى دورهم فيبدأ في عمله الرسمي، ويحبس نفسه وموظفيه المساكين إلى الليل".
وفاة الشاعر:
وفي 12/12/1391هـ -أكتوبر 1971م- وافى الشاعر الأجل في القاهرة، ونقل جثمانه إلى المملكة العربية السعودية ليشيع إلى مثواه الأخير في مكة المكرمة حيث دفن في 15/12/1391هـ، وأقيمت مراسم العزاء في اليوم التالي بدار السيد غازي عبد المجيد زوج ابنته شيرين (14) وقالت الجريدة عنه: كان شاعراً من الرعيل الأول، ورائداً من روّاد الأدب القلائل ومن طلائع الأدباء والشعراء، وقد نشر من إنتاجه الممتاز الكثير في الصحف والمجلات، وما بقي حبيس مكتبته الخاصة أكثر مما نشر.
وكتبت جريدة عكاظ في عددها الصادر في 22/12/1391هـ تنعاه هو والشيخ محمد سرور الصبان، الذي توفي قبل الشاعر بنحو عشرة أيام، وذلك في 3/12/1391هـ، من كلمة بقلم عبد السلام الساسي بعنوان: "فقيدان عظيمان" محمد سرور الصبان وحمزة شحاتة.. يقول فيها:
"ليس غريباً الحديث عن علمين من أعلام الفكر والأدب، والفضل والنبل والشهامة.. بل وليس غريباً الإشادة بالسمات والسجايا التي يمتاز بها كل من هذين القطبين اللذين اهتزت بفقدهما جوانب البلاد شعوراً وإحساساً بكيانهما ومواهبهما العالية في ميزان القيم الفكرية والاجتماعية.
محمد سرور الصبان.. فقيد عظيم لأنه كان -يرحمه الله- علماً من أعلام الفكر والأدب، والشعور والإحساس بموحيات الحياة على النحو الذي تتطلبه الحياة.
حمزة شحاتة.. فقيد عظيم لأنه كان -يرحمه الله- ركناً من أركان الأدب وخاصة الشعر الذي جرى فيه إلى أشواط شاسعة أسفرت عن ملاحم في دنيا الشعر العربي الأصيل.. وكان عملاقاً في الأدب، وقطباً في الشعر في شتى المجالات الفكرية والاجتماعية. وخطيباً مفوهاً إذا قال بذَّ القائلين وحلق، وإذا حدث استفز العواطف وأيقظ الأحاسيس.
محمد سرور الصبان.. بكت عليه أسر كان يغدق عليها من فيض إحسانه..
وقد قال عنه صديقه الراحل حمزة شحاتة:
روينا به يا ليل والدهر غافل
كريم دواعي النفس أعطى فأغدقا
يعز ولا يضنيه بعد إرادة
فإن كان قد أظمأ فيا طالما سقى
حمزة شحاتة نجم لامع في سماء الأدب، وشاعر فحل من فحول شعراء العرب، شاعر لا يجاريه إلاّ النزر من أدباء العصر وشعرائه الذين يعدونه من الشعراء القلائل.. وعلى سبيل الاستئناس نذكر هنا بعض الأبيات الشعرية التي تشير إلى اعتداد الشاعر الفقيد بنفسه في مجال الكرامة والفضيلة.
قال يرحمه الله:
حاضري، حاضري، وماضي، ماضي سمواً وعفة وضياء
وصلتني قربى الفضائل بالغر، فسل عن مودتي الشرفاء
أنا والليل مذ كنت شبيهان جلالاً وقوة، وحياء
محمد سرور الصبان.. فقيد عظيم، كان من أبرز رجالات البلاد صدقاً ووفاء، وكان من أقوم الشيوخ أمانة وإخلاصاً.
حمزة شحاتة.. فقيد عظيم كان من أبرز شعراء العصر وأرقهم شعوراً وإحساساً، وأشدهم حباً واستئناساً بالأدباء والشعراء، وهو في الواقع فقيد الحرف والكلمة، وفقيد الشعور والإحساس والعواطف، وكل موحيات الحياة الفنية الزاخرة بالمعرفة والإدراك.. ويؤكد لنا هذا ما نظمه قبل سنوات مضت، والذي يقول فيه -يرحمه الله:
يا أنت، يا نبع أحلامي، وملهمتي
سر الجمال تجلى في مزاياك
يا هاتفاً من ضمير الغيب أشرق في
قلبي بدعوته شمساً، فلباك
ما النهر؟ ما عبده؟ ما الشط مزدهياً
بهن إلاّ إطار حول مغناك
لو يسأل الدهر عن فنانة بلغت
حد الكمال لما أستئنى وسماك
يا فجر يا بدر يا زهر المنى ابتسمت
يا جمر في إحساسي الذاكي
ما كنت قبلك إلاّ صادحاً صمتت
به الهموم فلما لحت غناك
أريته الشعر لحظاً رائعاً وفماً
سقاهما من معين السحر خداك
ففاض بالشعر أن يبدع به صوراً
فإنما هو بالتعبير حاكاك
ثم يختتم هذه القصيدة الفنية بقوله:
يا شمس دنياي ما أضناك مطفئة
غليل عاطفتي الحرى وأنداك
أنرت ليل حياتي واطلعت على
قلب تفجر نوراً مذ تلقاك
فإن وهبتك روحي كنت واهبتي
سعادتي فهما من فيض جدواك
وحسب صنعك إجلالاً لروعته
أن لا يثيبك من بالروح عداك
هذه قطرات من بعض أغاريد حمزة شحاتة الذي ندر أن يسمح الزمن بمثله شاعراً فناناً مبدعاً يستثير هوى النفوس، ويستفز عواطف الناس، بكثير من الأفكار والسوانح التي كان يطفي بها على الوجود جمالاً وحلالاً.. وهكذا شاء الله أن تختفي تلك العبقرية، ويذوي زهر الشباب الذي كان يرحمه الله يتغنى به ويشيد بمعالمه، كما في قوله الذي مضى عليه أكثر من أربعين عاماً.
يا ليل حلت، وغاص بشـ
ـرك واستحال إلى قطوب
هيهات لست كما عرفـ
ـتك تستنير هوى القلوب
برواء بدرك، أو نسيـ
ـم عليلك المترقق
وجمال نورك أو رسيـ
ـل خيالك المتدفق
يروي به زهر الشباب
فلقد ذوى زهر الشباب
وكتب الشاعر السعودي محمد حسن فقي في جريدة "المدينة المنورة" عدد 15/12/1391هـ كلمة بعنوان "وغربت الشمس" يقول فيها:
فوجئت بنبأ وفاة الصديق الكبير الأستاذ حمزة شحاتة منشوراً بجريدة البلاد الغراء.. وأذهلني النبأ الفاجع. فلقد كان الفقيد -يرحمه الله- فلتة من فلتات الطبيعة بحق.
وكان مفخرة أدبية من مفاخر هذا البلد الثاكل بفقده.. كان إذا تحدث.. أو نظم أو نثر.. نسيج وحده.. وأكاد أقول إنني لم أستمع ولم أقرأ كمثله إلاّ في القليل النادر.
وما غبطت أحداً قط على ما أوتي من بديهة حاضرة، وأدب معجز، وطلاقة مذهلة.. وتفكير عميق.. ومنطق خلاب.. كغبطتي إياه.. كان عزوفاً عن الشهرة، لأنه كان أكبر من الشهرة.. وما كان ليحفل بها، بل كان بها وبمعظم أصحابها من الساخرين..
لقد آتاه الله من فضله الكثير الطيب.. وما زال به حتى أقعده على مقام المجد الأول.. وعلى قمة الفخر اللباب.
وبرغم اعتزاله في أخريات أيامه الناس، وإيثاره الغربة على بلده الذي كان يحبه كما لم يحبه إلاّ القليل القليل.
وبرغم هذا الاعتزال الذي اصطلحت عوامل شتى على فرضه عليه وتمكينه من نفسه حتى أصبح كجزء منها لا يكاد معه يظهر بين الناس إلاّ الغرض من أغراض الحياة تقهره به على الظهور. فإنه كان لا يكاد يظهر حتى يختفي ويدع محبيه في شوق لاهف إلى لقائه.
وما كان -يرحمه الله- ليفعل هذا عن جفوة في الطبع وغلاظة في الكبد.. ولكنه كان قد أصبح لا يطيق الاختلاط إلاّ قليلاً.. وإلاّ ما اضطر إليه فاستجاب له كارهاً.
واشهد أنني كنت أحس منه في لقاءاتي القليلة به.. شوقاً إلى مثل هذه اللقاءات من إخوانه الذين صرم معهم رونق شيبته.. لولا أن طبعه كان ينزع به إلى مغالبة هذا الشوق بحكم طول الاعتزال الذي فرضه على نفسه ثم أطمأن إليه.
وما عرف عن حمزة رغم صلاته الأدبية المكينة، وقوته الفكرية الخارقة وشعوره المرهف المتحفز.. ما أعرف عنه إلاّ إيثار الصدق والصراحة وإنصاف الناس أدباء وغير أدباء.. فلقد كان يقدم على نفسه الكثير من إخوانه البارزين، وإن كان هو أحق وأولى بهذا التقديم.. وكان أولئك يعرفون هذا عنه وعن أنفسهم.
وما أعرف عنه إلاّ أدباً رفيعاً وخلقاً عظيماً لا يتبدل.. ولا يترخص ولا يتدنى.. ولا يتملق وإنما يحرص الحرص كله على الكرامة والسمو والترفع والإعتداد.
يرحم الله حمزة، فلقد كان علماً بارزاً من أعلام الفكر والأدب.. وكان ذخراً من الذخائر النفيسة.. وركيزة عتيدة من أمتن الركائز وأقواها.. ولو أتيح له، أو بكلمة أدق وأصدق، لو أنه مكّن أصدقاءه ومريديه من نشر آثاره وتداولها.. ليعرفها ويتذوقها الناس في العالم العربي كله.. لكان له -لا جرم- من بعد الصيت وذيوع الذكر ما لم يكن إلاّ لقلة قليلة من الأعلام.. وما أقل الأعلام اليوم في أدبنا بشطريه.
وبعد.. فإن للفقيد الغالي آثاراً أدبية هي من أروع ما تمخض عنه فكر وجادت به قريحة.. وهي بحق مفخرة من مفاخرنا التي نباهي بها ونعتز ونطاول، وله -إلى جانب هذه الآثار الخالدة- رسائل هي من أمتع ما خطه قلم وجاد به ذهن، وتنفست به مشاعر وأحاسيس.. وكثير منها ما يزال محفوظاً لدى أصدقائه الذين كانوا يراسلونه ويراسلهم.. كتراث من أغلى وأنفس التراثات المذخورة.
كل هذه الكنوز الأدبية يجب أن يحرص على جمعها ثم طبعها ونشرها الناس هنا وفي الخارج لنؤدي له ما يستحقه من تقدير.. ولنرد له بعض أياديه البيض علينا وعلى أدبنا.. وهيهات.
لقد فرض حمزة نفسه على الأدب.. وفرضها على الفكر.. وفرضها على المنطق والفلسفة.. وفرضها على الرجولة والكرامة.. بعض هذا مما يخلد به الرجال.
ولقد أصبح حمزة -بعد أن غدا في رحمة الله وفي ذمة التاريخ- من الخالدين ولا ريب بكل هذا الذي تتطاول إليه الهمم.. وتتقاصر دونه الأعماق، ثم لا يظفر به إلاّ الأفذاذ المعدودون.
يرحم الله حمزة -ذلك الطود الهاوي- وفاء ما أسدى إلى الفكر العربي.. وإلى الأدب العربي كله من إياد غر ومنن جسام.. وألهم ذويه وأحبابه ومريديه.. وما أكثرهم.. ألهمهم الصبر، وجاد عليهم بحسن العزاء.. إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (البقرة: 156).
وفي جريدة "المدينة المنورة" عدد الثلاثاء 16 من ذي الحجة 1391هـ نشرت قصيدة بعنوان "وغربت الشمس" أيضاً في رثاء حمزة شحاتة، وهي من نظم الشاعر السعودي محمد حسن فقي.. وهذه القصيدة هي:
ماذا لقيت هناك بعد تأمل
جمّ هنا.. في الكون.. في أسراره!
قد كنت موفور النشاط كسابح
يجري، ويجري الناس خلف غباره!
ما يلحقون.. ولا يكف ضجيجهم
حتى بروا حتفاً كلال الفاره!
واللَّه جنبك العثار، فواقف
نصباً.. ومرتج الخطا بعثاره!
قسم، فهذا يرتوي بنسيمه
أبداً وهذا يكتوي بأواره!
* * *
يا من تأمل في الوجود فراعه
هذا الوجود بنفعه وضراره!
جزت الوجود إلى سواه فقل لنا
ماذا رأت عيناك خلف ستاره!
ماذا رأت من بؤسه ونعيمه؟
ماذا رأت من ربحه وخساره؟!
فلأنت ألمع من عرفت بصيرة
تطوي الزمان بليله ونهاره!
نفذت وما أسطعنا النفاذ كمثلها
عجزاً إلى المكنون خلف جداره!
وتغلغلت، فتطلعت أبصارنا
عجباً إلى الموهوب من أقداره!
فإذا به.. سخرية وترفعاً
يعلو بكل جلاله وفخاره!
ويروح مغتبطاً بليل شجونه
يطويه.. ملتفاً بحبل إساره!
يا للنقائض في الدنى فمرزؤ
بغلوه.. ومنعم بصغاره!
ما حط من أوزاره إلاّ الذي
يسمو بشقوته على أوزاره!
* * *
يا صاحب الفكر الحصيف تجسدت
فيه الرؤى.. ونعمن في أغواره!
ألقى إليك الروض كل زهوره
رغباً، وألقى الحقل كل ثماره!
ورنا الغني إليك في أطلاسه
ورنا الفقير إليك في أطماره!
يجدون فيك الألمعي مناضلاً
دنياه.. منطوياً على أوتاره!
قد لازم الدار العتيقة.. واجتوى
من كان.. أو ما كان.. خارج داره!
فإذا بها، والكون في جنباتها
بسعوده، ونحوسه، ومداره!
وإذا به يجلو الدجى بيمينه
فنرى الحقيقة جهرة.. بيساره!
بعض الفرار من الثبات، وربما
نال المجاهد أجره بفراره!
إن الذي خلق الحياة حفيلة
بالشر أنقذنا ببعض خياره!
* * *
قد كنت بالأمس القريب أجله
لنبوغه.. وألومه لحذاره!
واليوم أحمده على علاته
وأرى زكانته.. وبعد قراره!
إن شذ في أطواره فلأنه
عرف الأنام فشذ في أطواره!
لم يحمدوه على المقام.. ولا السرى
فلوى العنان، ولج في إصراره!
ما شام عارفه على إقراره
أو شام عارفه على إنكاره!
شقي النبوغ.. فليس في إيراده
ما يشتهيه. وليس في إصداره!
* * *
يا من ترحل هيكلاً متحللاً
عنا. وأبقى الخلد في آثاره!
إني لألمح بالخيال جواره
فأروح مغتبطاً بحسن جواره!
وكتب الأستاذ أحمد قنديل أروع ما توهجت به مشاعره أو مشاعر الراثين من الشعراء في القصيدة التي رثى بها حمزة، وكتب الشاعر الأستاذ السيد محمد حسن فقي، ولا نتردد في التقدير والإعجاب بما كتبه الأستاذ محمد عمر توفيق، أو الأستاذ حسين بن سرحان، أو الأستاذ ضياء الدين رجب.. ولا وجه للدهشة والاستغراب، لأن هؤلاء مع غيرهم من زملائه، هم الذين عايشوا الشاعر الفقيد، وعاشوا تفتح عبقريته وازدهار عطائه، وامتلأت نفوسهم انفعالاً وتأثراً بإشعاع تلك العبقرية ونفحات ذلك العطاء.. بل هم الذين عايشوا مرحه وروحه الآسر، وصراعه الفكري، وغوصه على الحقائق، أو ما يريد هو أن يجعله حقائق بمنطقه القوي المكتسح، وبنياته التي يعجزون عن تفسيرها وله فيها ألف تفسير وتفسير.
ثم كان هذا الفيض الذي ظل يتدفق من أقلام الشداة الشبان الذين لا أشك في أن بينهم من لم ير الشاعر إلاّ في الصور التي نشرت له، ولم يقرأ له إلاّ ما نشر في: (الشعراء الثلاثة) وفي: (شعراء الحجاز في العصر الحديث) وهما المؤلفان المعروفان للأستاذ عبد السلام الساسي (15) .
مؤلفاته:
1- حمار حمزة شحاتة:
طبع دار المريخ بالسعودية -الطبعة الأولى عام 1397هـ/1977م وقد قدم مادته للنشر الأستاذ عبد الحميد مشخص، ويقع في أكثر من 90 صفحة وهو بتقديم الأستاذ عبد الله عبد الجبار، ويحتوي على قسمين أو جزءين.
الأول: حنفشعيات، وهذه الكلمة منحوتة من كلمتي حنفي، وشافعي، وتقال لمن يخلط بين المتناقضات، وفيها يتحدث عن فلسفة حماره، كما تحدث توفيق الحكيم عن فلسفة حماره في كتابه "حمار الحكيم".
والثاني: بين النقد والجمال، وفيه ألوان من الأدب والنقد والحياة.
وحمزة شحاتة حين كتبها قبل أكثر من ثلاثين عاماً لم يكن الأديب الكبير توفيق الحكيم قد أصدر كتابيه "حمار الحكيم" و "حماري قال لي" ولم يترجم كذلك رائعة خيمئيز "أنا وحماري"، وإذا رجحنا أنه قرأ كتاب "خواطر حمار" للكونتيس دوسيجور، فإننا نلاحظ أنه لم يأخذ من ذلك الكتاب، ولم يتأثر بتلك الخواطر أو المذكرات التي قد يكون توفيق الحكيم قد تأثر بها واقتبس منها.. ولما شرع حمزة شحاتة في كتابة سلسلة مقالاته الأدبية تحت عنوان "حنفشعيات" بجريدة "صوت الحجاز" حرص على أن ينوّه في تمهيده لها بما يتوخاه من الجدة والابتكار (16) .
ويقول عبد الله عبد الجبار عن الجزء الأول من الكتاب، كما جاء في مقدمته للكتاب:
هذه المقالة يتبين فيها شيئان:
الأول: مرافعة عامة من الحمير ضد بني آدم المستبدين المعتدين.
والثاني: وصف الكتاب لحماره الصغير ورحلته عليه مع صحبه في نزهة قصيرة (17) .
2- إلى ابنتي شيرين:
وهو نشر دار تهامة بجدة عام 1400هـ/1980م في نحو 220 صفحة، ويحتوي على رسائل حمزة شحاتة إلى ابنته شيرين، وهي ستون رسالة، وفي آخرها نموذج من رسائل ابنته شيرين إلى والدها الشاعر، وهذه الرسائل توضح لنا أفكار الشاعر وثقافته وشخصيته، وأسلوبها مزيج من العربية الفصحى، وبعض الأساليب العامية أو الشعبية الطريفة. وقد كتب الشاعر عزيز ضياء مقدمة للكتاب، كما كتبت أيضاً ابنة الشاعر شيرين مقدمة ثانية للكتاب.
ويقول عزيز ضياء في مقدمته:
ليس جديداً أن نقول إن حمزة كان فناناً أصيلاً، ومتنوع المواهب والقدرات، وعلى الأخص كشاعر وكاتب وموسيقار.
3- ديوان حمزة شحاتة:
يحتوي على عدد من القصائد لحمزة شحاتة، وهذه القصائد هي أغلب ما احتوت عليه المجموعة الشعرية "شجون لا تنتهي" لحمزة شحاتة، التي نشرها الأديب السعودي عبد الحميد مشخص، والتي تقع في نحو التسعين صفحة، وهي بتقديم الدكتور محمد عبد المنعم خفاجي، ونشر بعد المقدمة جزءاً من محاضرته "الخلق الفاضل عماد الرجولة" وهي المحاضرة التي ألقاها في مقر "جمعية الإسعاف الخيري" المحاذي لباب الوداع من المسجد الحرام بمكة المكرمة في يوم الخميس من ذي الحجة عام 1358هـ/1939م بعد صلاة العشاء مباشرة، والتي استغرقت أكثر من خمس ساعات، وأحدثت بما تضمنته ضجة كبيرة، وكانت "جمعية الإسعاف الخيرية" قد دعت لفيفاً من الأدباء ورجال الفكر لإلقاء سلسلة من المحاضرات، ومن أبرز المحاضرين حمزة شحاتة، وكان العنوان الذي أقترحته عليه "جمعية الإسعاف" هو "الخلق الفاضل عماد الرجولة"، إلاّ أن المحاضر لم يكتب عليها عنوانها المقترح بل عكسه، وهو "الرجولة عماد الخلق الفاضل" ولم تُلق بعدها إلاّ محاضرة واحدة، ألقاها الشاعر إبراهيم هاشم فلالي، وعنوانها "كيف نحتفظ بعروبتنا؟".
ثم يلي المقتطفات التي وردت من هذه المحاضرة رسالة للشاعر حمزة شحاتة بعث بها إلى صديقه محمد عمر توفيق وزير المواصلات السعودية وهي إحدى رسائل الشاعر الفلسفية، وعنوانها "در بالدولاب يدر بك" وتحتوي مجموعة "شجون لا تنتهي" على خمس عشرة قصيدة.
4- غادة بولاق:
وقد طبع هذا الديوان في القاهرة في اثنتين وثلاثين صفحة:
وقد كتب الشاعر هذه الملحمة الشعرية، كما كتب الشاعر صالح جودت قصيدة تغزل فيها بفتاة من سكان حي الزمالك.
ومن قبيل الشواهد الدالة على ثقافة الشاعر الواسعة، ما ذكره الشاعر من أن غادة بولاق هي نفسها بنت آمون إله الفراعنة الأقدمين، ثم لا يلبث أن يخلع على "غادة بولاق" صفة "شمس بولاق" وفي هذا جمع رومانسي بين الحب والطبيعة المحيطة بالحسناء، من نهر وشمس وقمر ونسيم عليل.
والمقدمة التي صدرت بها هذه الملحمة لم يذكر كاتبها، وقافية الملحمة الكاف، ووزنها بحر البسيط.
وفي مطلع الملحمة يقول الشاعر:
ألهمت والحب وحي يوم لقياك
رسالة الحسن فاضت من محياك
ويختمها ببيته:
ما كنت يا قدري العاتي سوى امرأة
ممن مررن بقلبي، لو توقاك
وهي مطبوعة عام 1982.
5- الرجولة عماد الخلق الفاضل:
وهي محاضرته الشهيرة التي ألقاها في جمعية الإسعاف الخيرية في مكة المكرمة عام 1939م/1359هـ (ذي الحجة 1359هـ)..
وقد صدرت عن دار تهامة بجدة في طبعتها الأولى عام 1401هـ/1981م في 121 صفحة.
وهي مصدرة بمقدمة للأستاذ عزيز ضياء مأخوذة من كتابه "حمزة شحاتة قمة عرفت ولم تكتشف" الصادر في سلسلة المكتبة الصغيرة الرقم 21 عام 1397هـ، وهذه السلسلة يصدرها الأستاذ عبد العزيز الرفاعي.
يذكر محمد حسين زيدان أن حمزة شحاتة قد أسند عناصر محاضرته من كتاب "علم الاجتماع" لنقولا حداد. ويذكر عزيز ضياء أن عمل حمزة شحاتة ليس تأثراً واقتباساً ولا أخذاً واحتذاء، إنما هو تمثيل وهضم لثقافات كثيرة (18) .
6- رفات عقل:
صدر هذا الكتاب في سلسلة الكتاب العربي السعودي التي تصدرها دار تهامة بجدة وذلك في عام 1400هـ/1980 -وقد قام بجمعه الأديب السعودي عبد الحميد مشخص، وصدر في 104 صفحات، وكتب مقدمته الأستاذ عبد الحميد مشخص، وهو يجمع آراء مختلفة للشاعر حمزة شحاتة، وهذه الآراء مهمة جداً في دراسة الشاعر.
وحمزة شحاتة يصدر في كل رأي له عن عقل نافذ، وفكر عميق.
دراسات وكتب صدرت عن الشاعر:
1- في مقدمات الكتب التي نشرت للشاعر، عرض أصحاب هذه المقدمات لجوانب متعددة من حياة الشاعر وشخصيته وثقافته.
2- وفي كتاب "الشعر والتجديد" دراسة عن الشاعر (19) وقصائد عديدة من شعره وهو من مطبوعات القاهرة عام 1958.
3- "حمزة شحاتة قمة عرفت ولم تكتشف" للأستاذ عزيز ضياء، وهو من سلسلة المكتبة الصغيرة التي يصدرها الأستاذ عبد العزيز الرفاعي في الرياض وقد صدر عام 1397هـ/1977م في نحو مائة صفحة من القطع الصغير.
وفي هذا الكتاب يذكر عزيز ضياء كيف عرف الشاعر، ومعركة الشاعر مع العواد، ومسيرته الثقافية، ومولده وتعليمه، ومحاضرته الشهيرة، ويتحدث عن شعره في ثلاث صفحات من القطع الصغير، وشوارد من حكمه، وعن حمزة شحاتة الكاتب والخطيب والفنان في نحو ثمان صفحات.. وعنه فارس الحوار والرسائل في نحو خمس صفحات.
4- كتاب "شعراء العصر الحديث" -تأليف عبد الكريم الحفيل -الجزء الأول 140 صفحة -الطبعة الأولى 1399-1979، حيث ذكر عنه أربعة سطور، واختار ستة أبيات من قصيدته في (جدة).
5- "المرصاد" -3 أجزاء -للشاعر الناقد إبراهيم هاشم فلالي طبعة القاهرة -المطبعة المنيرية -1956.
6- وفي كتاب "الشعراء الثلاثة" وكتاب "شعراء الحجاز في العصر الحديث"، وهما للأستاذ عبد السلام الساسي، والجزء الثاني من كتاب "الموسوعة الأدبية" للساسي أيضاً، بعض المختارات والإشارات عن الشاعر. والأول طبع في القاهرة عام 1368هـ، والثاني طبع فيها عام 1370هـ، والاثنان مطبوعان بدار الكتاب العربي في القاهرة والكتاب الثالث طبع في مكة عام 1388هـ، وفيه ترجمة للشاعر موجزة جداً في صفحة 134.
7- وفي كتاب "أعلام الحجاز في القرن الرابع عشر للهجرة" الصادر عن دار تهامة للأستاذ محمد علي مغربي، في الطبعة الأولى منه 1401هـ/1981م، ذكر لحمزة شحاتة في مواضع عديدة:
(أ) ذكره في الكلام عن أحمد قنديل وأنه عمل رئيساً لتحرير "صوت الحجاز" عام 1355هـ بترشيح من صديقه حمزة شحاتة لدى المرحوم الشيخ محمد سرور الصبان رئيس الشركة العربية للطبع والنشر (20) وكان حمزة شحاتة قد استرعى نظره شعر قنديل الذي ينشر له في "صوت الحجاز"، ويقول المؤلف: إن صلة القنديل بحمزة شحاتة قد استمرت منذ ذلك الحين حتى توفي حمزة شحاتة باستثناء فترة حدثت بينهما من الجفوة ما أوقف هذه الصلة، ثم عادت صلتهما إلى ما كانت عليه من قبل (21) .
(ب) ويذكر المؤلف لقاءاته مع قنديل وحمزة شحاتة في مكة المكرمة، وبدء نظم قنديل للشعر العامي تقليداً لحسين شفيق المصري ونظم حمزة شحاتة من هذا الشعر ثم انصرافه عنه (22) .
(جـ) ويذكر معركة حمزة مع العواد (23) ، وملحمة العواد "الساحر العظيم" في خصوماته مع حمزة وغيره (24) .
ثقافة الشاعر:
ويقص علينا عزيز ضياء في كتابه عن حمزة شحاتة قراءات الشباب الحجازي آنذاك، التي كان منها:
- جمهورية أفلاطون -ترجمة حنا خباز.
- أصل الأنواع لداروين -ترجمة إسماعيل مظهر.
- السياسة الأسبوعية -التي كان يصدرها د. هيكل.
- كتاب الأغاني للأصفهاني.
- الشعر الجاهلي لطه حسين.
- حديث الأربعاء لطه حسين، وكذلك "الأيام".
- فقه السياسة لأحمد وفيق.
- يتيمة الدهر، وفقه اللغة للثعالبي.
- العمدة لابن رشيق (25) .
- كتاب السياسة لأرسطو ترجمة أحمد لطفي السيد.
- قصص المازني.
- أناتول فرانس في مباذله لشكيب أرسلان.
- الحرب والسلام لتولستوي.
- كتب المنفلوطي.
- كتب ودواوين شعراء وأدباء المهجر.
وسواها، وحول هذه الكتب وغيرها كانت قراءات الشاعر.
وكان حمزة شحاتة يقرأ لبرنار شو وتولستوي، وغيرهما من الترجمات إلى العربية.
وحول تلك الآفاق الثقافية كان يحلق حمزة شحاتة في شعره وفي نثره على السواء، ولم يكن يرجع إلاّ إلى المراجع والكتب العربية، فلم يكن يعرف غير اللغة العربية، ولم يكن يجيد الإنجليزية أو سواها.. وإقامته في الهند لم تتح له أن يتعلم الأوردية، فضلاً عن السنسكريتية.
لقد كان حمزة شحاتة (26) مشهوراً بشاعريته الأصيلة، كما اشتهر برسائله التي كان يرسلها إلى أصدقائه، وهي رسائل جديرة بأن تعد نموذجاً للنشر الرفيع في الأدب العربي الحديث. كذلك اشتهر بمحاضراته العامة، ولا سيما محاضرته التي ألقاها في "جمعية الإسعاف الخيري" بمكة المكرمة. فقد كان حظها من الشهرة والذيوع عظيماً. وقد استمع إليها جمع غفير من محبيه ومن روّاد الأدب وشداته وكان انتشارها وذيوعها أن الإذاعة لم تكن قد انتشرت بعد في ربوع المملكة السعودية، وأن فن الإلقاء الإذاعي الحديث لم يكن معروفاً.
ويبدو أن حمزة شحاتة العبقري المبدع كان رجلاً متعدد الجوانب، إذ لم يقف عند الشعر والنثر والفلسفة وعلوم اللغة العربية وتاريخها القديم والحديث، بل تعدى ذلك كله إلى عشق الموسيقى والشغف بالعزف على العود، ولم يكتف بأن يكون أحد العازفين المعدودين في الحجاز، كما قال صديقه الأستاذ عزيز ضياء في دراسته الممتعة (حمزة شحاتة -قمة عرفت ولم تكتشف) (27) (وإنما عكف على دراسة الموسيقى العربية، مقامات وأنغاماً ومصادر لهذه المقامات والأنغام وتاريخها عند الفرس وفي الأندلس، وعند الأتراك وفي حلب، وما تولد من هذه المقامات وكيف تتعاشق وأين تتنافر.
وكان حمزة شحاتة جديراً بأن يسلك في عداد كبار الملحنين في مصر لو رغب في ذلك، ولكنه كان ينشد الكمال، ولذلك كان أميل إلى النقد في الموسيقى منه إلى الإبداع). رحمه الله.
* * *
وكان من المثقفين الموسوعيين الذين قرأوا التراث العربي قراءة استيعاب ونقد ودراسة عميقة، كما طالعوا كتب الأدب والفلسفة واللغة العربية، واستوعبوا الدراسات الأدبية العميقة التي ظهرت في مختلف ربوع العالم العربي، ولا سيما في مصر.
وهو وإن فاته الاطلاع على الآداب والعلوم الأجنبية في مظانها ولغاتها الأصلية، فقد طالع في نباهة ونهم أهم تلك المؤلفات منقولة إلى لغتنا العربية بأقلام أعلام الفكر والفلسفة والترجمة في مصر والعالم العربي.

شخصيته:
كان حمزة شحاتة فارع الطول ممتلئ الجسم أسمر اللون فاحم الشعر، مع ظهور الشعر الأبيض في شعره قليلاً وكان نافذ البصر، حاد الذهن قوي الجدل، شديد الحجاج، حاضر البديهة، لاذع اللدد والخصومة وكان يحب العزلة، وينفر من الاختلاط، يكره الشهرة، ويبتعد عن الأضواء، حتى شعره نظمه لنفسه، ولم ينشر منه إلاّ القليل.
يصفه في شبابه صديقه عزيز ضياء كما في كتابه "حمزة شحاتة " فيقول:
"فارع القامة وثيق البيان، عالي الجبهة، أسمر اللون، وعلى رأسه تلك الكوفية، التي كان شبان جدة يتأنقون، ليس فقط في طريقة وضعها مائلة أو مستقيمة ومنحدرة إلى الوراء، أو متوثبة إلى الأمام، وإنما في معالجتها بالنشا والكي والتكوين الخاص.. وعلى العنق، قطعة من القماش (شال).. وقد تختلف هذه القطعة أو هذا الشال مادة ونسيجاً كما تختلف ألواناً وأثماناً.. ولكنها دائماً حول العنق، يتدلى طرفاها على الصدر، يحيط به المعطف -وكانوا يسمونه كوتا -الذي يغلب أن يكون من لون الثوب- وهذا لا بد أن يكون ناصع البياض -كما هو الحال الآن- ولكن لا بد بالنسبة للمتأنقين المترفين من شباب جدة، أن يكون أقصر، أو قصيراً، يسمح بظهور السروال (الذي لا يختلف عن البنطلون في شيء).
يقول عنه عزيز ضياء في تقديمه لكتاب "إلى ابنتي شيرين" (28) : كان فناناً أصيلاً، متنوع المواهب، والقدرات، وعلى الأخص كشاعر وكاتب وموسيقار.
وتقول ابنته شيرين في مقدمتها لهذا الكتاب (29) :
كان يحب البعد كل البعد عن الشهرة (30) : وتسليط الأضواء على أي عمل يقوم به، وأبسط ذلك أن صحيفة قاهرية نشرت عنه (ريبورتاجاً) مصوراً، عن شخصيته، وأدبه وشعره، وأذكر يومها، وكنت في حوالي الثانية عشرة من عمري، أن صعد أحد الجيران في العمارة التي كنا نسكنها، وجاء بكل شغف وإعجاب ليقول لأبي وهو ممسك بالجريدة: أنت هذا الأديب العظيم، والشاعر العملاق، تسكن بيننا كل هذه الأعوام ولا نعلم عنك أي شيء من هذا؟.. فرد عليه أبي بمنتهى الأدب والتواضع: لست أنا يا سيدي المقصود بهذا الكلام المذكور في هذه الجريدة، لشد ما كان يسعدني ذلك، ولكنه مجرد تشابه في الأسماء، فهناك أديب مشهور حقاً في المملكة العربية السعودية اسمه حمزة شحاتة، أما حمزة شحاتة الذي أمامك فهو إنسان عادي يعمل مربية لخمس بنات، وانصرف الجار بعد أن تأسف لوالدي عن اللبس الذي حدث.
ويقول حمزة شحاتة في رسالة إلى ابنته (31) بعث بها من القاهرة: تسألين عن أخبارنا، ليست لنا خادمة منذ شهور، ونحن لا نحصل على مطالب المعيشة اليومية من السوق المجاور إلاّ بشق الأنفس، وصار من النادر أن يمشي يوم في الأسبوع أرتاح فيه من عمل الشيال أكثر من مرة أو مرتين وأحياناً ثلاثة.
ويقول في رسالة أخرى (32) معبراً عن خطته في الحياة المخالفة لخطط حياة الناس: إنها النهاية الطبيعية لإنسان لم يسر على الطريقة التي يسير عليها الآخرون، بل ظل يحلم بأن يعلو عن مستوى الطين، والتراب، ويخالف معرفته للحقيقة التي فهمها الجهلاء والأغبياء، على الوجه السليم.
ويقول في رسالة أخرى (33) : أنا الأب الذي لم يحقق ذاته في كل مجال طرقه في طريق حياته، قد رأيتني أرفض كل ثناء علي، لأني أعرف الناس بتجرد، من مصوغات استحقاقه.
وفي رسالة أخرى يقول (34) إني أصارع الذين ينشرون لي أو عني أي شيء.
وفي كتابه "حمار حمزة شحاتة" (35) يقول:
ومن يظن أن المتشائمين ثائرون على الحياة ومسراتها، أو كارهون لمباهجها؟ إنما هي ثورة الراغب المستزيد، لا ثورة الكاره المحتوى.
ويقول الناقد السعودي عبد الله عبد الجبار (36) في تقديمه لكتاب "حمار حمزة شحاتة": حمزة شحاتة ساخر مغرم بجمال الطبيعة ومرائيها الجميلة، وكم تمنى لو قضى حياة في كوخ صغير على شاطئ نهر يستمتع بالماء والهواء والشمس والقمر والنجوم والازدهار والأشجار وموسيقى البلابل ونوح الحمائم. ولوحات الطبيعة البارعة التي رسمتها يد الله.
لقد كان حمزة شحاتة شخصية فريدة بين أقرانه.. هو إنسان عميق الفكر، كثير التأمل، لا يجد الصديق الذي يتحدث إليه إلاّ في القليل عاش بعيداً عن وطنه منذ عام 1946 حتى نهاية حياته، أي نحو ربع قرن، آثر العزلة، وزهد في الشهرة، وعكف على نفسه، وجعل الكتاب صديقه، قرأ الكثير من آثار الأدباء المعاصرين، والقدماء أيضاً كما قرأ الكثير مما ترجم من الآداب العالمية.. وعاش لنفسه وبناته ولصديقه الكتاب.
* * *
كيف "ولماذا.. أحب الشاعر الأدب"؟ (37)
أحب حمزة شحاتة منذ حياته طالباً في مدرسة الفلاح بجدة الأدب، يتذوقه، ويقرأ مصادره القديمة، ويبحث عن الصحف والمجلات يطالعها، وعن آثار الأدباء المعاصرين، يقرأ لهم، ويتثقف بروائع فكرهم.
قرأ لابن المقفع والجاحظ، كما قرأ للمنفلوطي، وجبران، والرافعي والزيات، وطه حسين، والعقاد، وتوفيق الحكيم، وقرأ لمحمد حسين هيكل وسواه من الأدباء المعاصرين.
والأدب فطرة في نفسه، وموهبة كامنة في أعماق مشاعره، ولم تلبث قراءاته الأدبية أن نمت في نفس هذه الموهبة..
وكان الشباب الحجازي يتهافت على مجلة السياسة الأسبوعية التي يصدرها ويرأس تحريرها د. محمد حسين هيكل، ومن محرريها: المازني وطه حسين، وعبد العزيز البشري، وعباس حافظ (38) .. ثم أقبل على قراءة مجلة أبولو ومجلة الرسالة.. وعلى ما كان يظهر في القاهرة من كتب التراث العربي، ومن كتب الأدباء والشعراء المعاصرين.
وكان حمزة شحاتة لا يفتأ يبحث عن كل كتاب يمكن أن يقرأه ويفيد منه..
ثم عاش في القاهرة نحو ربع قرن من حياته كانت هي خاتمة عمره، وفي القاهرة شاهد مختلف التيارات الدينية والسياسية والفكرية والأدبية والشعرية التي ظهرت في هذه الحقبة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية حتى آخر يوم في حياته، وأفاد من كل ذلك ثراء في الفكر، وسعة في الخيال، ونمواً في الموهبة الأدبية، وبلاغة في الأسلوب.. ومن كتب التراث التي قرأها الشاعر: كتب الجاحظ والتوحيدي، ومقدمة ابن خلدون (39) .
ويذكر عزيز ضياء في كتابه (40) . حمزة شحاتة "قراءات الأدباء الحجازيين لمترجمات أحمد لطفي السيد عن أرسطو، وإعجابهم بقصص إبراهيم عبد القادر المازني، ومما ترجم من أدب أناتول فرانس، على جهلهم باللغة الفرنسية، ومن قصص تولستوي، ومن أدب المهجر، ومن أدب المنفلوطي..
ويقول عزيز ضياء (41) : كان -حمزة شحاتة- يقرأ ما نقرأ، وصحيح أن ما كان يصل إلى أيدينا من الكتب، كان يصل إليه أيضاً، ولكن كيف تأتى ذلك النضج العقلي والفني وهو بين مرحلة الصبا الغض والشباب في فجره دون ضحاه.!..
وكانت مواهب حمزة شحاتة الأدبية في بدء شبابه قد بلغت نضجها واكتمالها، فأخذ يكتب ويحاضر ويتحدث ويحاور، واستوت لغته الأدبية استواء كاملاً، ظهرت ملامحه في محاضرته "الرجولة عماد الخلق الفاضل".
وكان حمزة شحاتة أديباً بارزاً من أدباء المملكة العربية السعودية.. وشاعراً مجدداً من فحول الشعراء المبرزين الذين عرفوا قدر الحياة فنظروا إليها نظرة فنية تتسم بطابع الفكر والشعور والخيال.. وهو أحد زعماء المدرسة الابتداعية التي تعنى بالجوهر، وتأتي بكل جديد مبتكر.

وسائلٍ عَنْ أبي بكرٍ فقلتُ لهُ:
بعدَ النَّبيينَ لا تعدلْ به أحَدا
في جنَّةِ الخُلدِ صِديقٌ مَعَ ابنتهِ
واللهِ قَدْ خَلَدتْ واللهِ قَدْ خَلَدَا


مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: مرآة العصر لسير أهل الشعرو النثر!
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
فهرس مرآة العصر لسير أهل الشعر و النثر عبده فايز الزبيدي منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 13 08-12-2015 05:13 PM
نقد النثر في تراث العرب النقدي حتى نهاية العصر العباسي - نبيل خالد أبو علي د. عبد الفتاح أفكوح منبر رواق الكُتب. 0 05-22-2014 08:56 PM
ألف ليلة وليلة مرآة الحضارة والمجتمع في العصر الاسلامي - ميخائيل عوّاد د. عبد الفتاح أفكوح منبر رواق الكُتب. 0 05-04-2014 12:36 PM
مرآة فتحية الحمد منبر البوح الهادئ 3 02-10-2011 02:27 PM

الساعة الآن 09:01 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.