احصائيات

الردود
5

المشاهدات
4028
 
عدنان عبد النبي البلداوي
من آل منابر ثقافية

عدنان عبد النبي البلداوي is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
44

+التقييم
0.01

تاريخ التسجيل
Oct 2012

الاقامة

رقم العضوية
11599
12-20-2016, 08:48 AM
المشاركة 1
12-20-2016, 08:48 AM
المشاركة 1
افتراضي متى تصبح الصورة الشعرية معيارا لغويا وبلاغيا ..؟
متى تصبح الصورة الشعرية معيارا لغويا وبلاغيا ..؟
عدنان عبد النبي البلداوي
تتهيأ عند الشاعر الموهوب منذ ولادة النص استعدادات متنوعة لاستيعاب ما تقتضيه الصورة الشعرية من مستلزمات الجمال والصياغة والتجسيد ، سواء أكان جمال الطبيعة أم جمال الأجناس . وبعد تجاوز مرحلة النضوج وعندما يصبح الأمر طبيعيا دون تكلف أو تصنع ، لم يبق إلا توظيف تلك المستلزمات ، لكي تؤدي مهامها تجاه أي مظهر من مظاهر ذلك الجمال ، ولاشك في أن وراء تنفيذ عملية التوظيف هذه دوافع كثيرة تسهم في خلقها عدة عوامل أهمها المظاهر الطبيعية والأحداث الاجتماعية . ولايعني ذلك ان الموهبة وحدها هي الكفيلة بالتهيئة والإعداد والتنفيذ ،مالم تكن هناك عوامل أخرى تعمل لتثوير القدرات ، وإيقاظ القابليات الكامنة في تلك المواهب ، ولعل أهمها ما في حقيبة الشاعر من رصيد لغوي ومن تجارب مستقاة من الحياة..
صحيح ان مناظر الطبيعة وما فيها من أحداث ، سواء كانت في الصحراء او في الجنائن تعد من مستلزمات رسم الصورة الشعرية ، ويستطيع كل شاعر متمكن ان يحقق شيئا من هذا، ولكن رغم ذلك تبقى في العمل الأدبي صورتان : الأولى متميزة تتحقق عندما تولد في الجو الطبيعي لذلك المنظر او ذلك الحدث .. أي انها ترسم بالكلمات المناسبة بعد الإحساس المباشر بالمنظر المرئي او التفاعل مع الحدث تفاعلا حقيقيا ، والثانية مقبولة ولكنها غير متميزة ، وتتحقق عندما يتخيل الشاعر منظرا او يرى حالة ما رؤية قلبية فيكتفي بألفاظ معينة قد تفتقر الى صفة من صفات الإثارة والتشويق المجسد ، ومهما تعددت الأجواء واختلفت المناظر ، فان المفردات اللغوية تبقى عماد النص ، وعليها يتوقف معيار الصورة وتقييم ثقافة الشاعر ،هذا مع مراعاة كون العبرة ليست في زيادة عدد المفردات فحسب ، وإنما الشأن كما يقول الجاحظ ( في إقامة الوزن وتخير اللفظ وسهولة المخرج وفي صحة الطبع وجودة السبك ، فإنما الشعر صناعة وضرب من النسيج وجنس من التصوير..) .
إن توجيهات ونصائح النقاد السلف بهذا الخصوص لاينفر منها أي عصر من العصور الأدبية ،لعدم إلزامهم الشاعر بمفردات معينة في رسم صورة ما ، لذا فما على الشاعر الموهوب إلا أن يراعي أجواء عصره وما تحتاجه الصورة المعاصرة من ألفاظ ومعان كفيلة في تحقيق جمالية اكثر، فنحن حين نقرأ الأبيات الآتية على سبيل المثال لاالحصر ، نحس بالمتعة وكأن الصورة قد ولدت الآن خصبة ذات أجواء شاعرية على الرغم من ابتعاد زمانها كقول أبي صخر الهذلي :
أما والذي أبكى واضحك والذي
أمات واحيا والذي أمره الأمر
لقد تركتني احسد الوحش أن أرى
أليفين منها لايروعهما الزجر
عجبت لسعي الدهر بيني وبينها
فلما انقضى مابيننا سكن الدهر
واني لتعروني لذكرك هزة
كما انتفض العصفور بلله القطر
وقول حمدونة الأندلسية:
وقانا لفحة الرمضاء وادٍ
سقاه مضاعف الغيث العميم
نزلنا دوحه فحنا علينا
حنوّ المرضعات على الفطيم
يصدّ الشمس أنى واجهتنا
فيحجبها ويأذن للنسيم
إن سعة أفق الشاعر وقدرته التصويرية قد مكنته دون تكلف أن يخلق صورة ما ، ليس في مجموعة أبيات ، بل حتى في البيت الواحد كقول الشاعر:
لمست بكفي كفه اطلب الغنى
وما كنت ادري الجود من كفه يعدي
وحين ننتقل الى صور من العصر الحديث نحس بالمتعة نفسها ولكن في جمالية أخرى وصياغة لفظية ملائمة لأجواء العصر وأحواله الاجتماعية والثقافية ومايتبع ذلك من نظرة الشاعر الخاصة الى الحياة ، كقول إيليا أبي ماضي مثلا في تصوير لحظة الغروب:
السحب تركض في الفضاء الرحب ركض الخائفين
والشمس تبدو خلفها صفراء عاصبة الجبين
والبحر ساج صامت فيه خشوع الزاهدين
لكنما عيناك باهتتان في الأفق البعيد
سلمى ..! بماذا تفكرين ..؟
سلمى ..! بماذا تحلمين..؟
وقول بدر شاكر السياب من قصيدته ( أنشودة المطر ):
عيناك غابتا نخيل ساعة السحر
او شرفتان راح ينأى عنهما القمر
عيناك حين تبسمان تورق الكروم
وترقص الأضواء كالأقمار في نهر
ان التفات الشاعر الى أساليب البلاغة وفنونها ، ومستلزمات تطبيقها ، يفتح أمامه طريقا واسعة وميسرة ، ليستكمل عناصر الجودة والإبداع في النص ، لاسيما التفاتته الى فن التشبيه ، الفن الذي وجد فيه أهل البيان والفصاحة خير ملاذ لتحقيق مايهز النفوس ويحلق بالخيال صوب التجسيد الممتع ، حتى استحق عندهم اشرف مرتبة من مراتب البيان.
ورغم إشارات النقاد الى أهمية التشبيه في رسم الصورة ، فان نسبة توظيفه في نصوص كل عصر من العصور الأدبية ، تختلف مدا وجزرا وقوة وضعفا تبعا لمدى قابلية الشاعر ومقدار تواصله مع تراث أمته ، وتواصله أيضا مع ما يستجد من تطور ، ولما كانت النتيجة الفنية متوقفة بنسبة اكبر على مايبذل الشاعر من جهود تثقيفية ، فان هذا الوجه البلاغي الجميل يعد خير معيار لمعرفة نسبة رصيد الشاعر الثقافي ، ومدى تجاوب ذلك الرصيد مع موهبته وذوقه الفطري ،على ان لايكون الاستخدام اللفظي والمعنوي مستعارا ، لرسم صورة مماثلة بدافع التقليد او الإعجاب مثلا ، لان الفنان الحق والشاعر الحق كما يقول بودلير( هو الذي لايصور على حسب مايرى وما يشعر ، فعليه ان يكون وفيا حقا لطبيعته هو ..) .


قديم 12-20-2016, 09:28 AM
المشاركة 2
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
اهلا وسهلا بك استاذ وشكرا على تلبيتك لدعوتي لادراج مزيد من الدراسات.

لا شك اننا سنستفيد غاية الفائدة من هذه الدراسات الجادة والتي تنم عن ثقافة واسعة وقدرة بالغة على النقد والتذوق الادبي..

قديم 12-24-2016, 04:03 PM
المشاركة 3
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
الاستاذ عدنان

تقول " ان التفات الشاعر الى أساليب البلاغة وفنونها ، ومستلزمات تطبيقها ، يفتح أمامه طريقا واسعة وميسرة ، ليستكمل عناصر الجودة والإبداع في النص ، لاسيما التفاتته الى فن التشبيه ، الفن الذي وجد فيه أهل البيان والفصاحة خير ملاذ لتحقيق مايهز النفوس ويحلق بالخيال صوب التجسيد الممتع ، حتى استحق عندهم اشرف مرتبة من مراتب البيان" .

ليس هناك شك في ان التشبيه له تلك الأهمية التي تصف لكني اجد بان اللجوء آلي استخدام الألوان والحواس والنقائض والأرقام والتشخيص لا تقل اهمية في رسم الصورة الشعرية.
فالالوان تجعل الصورة الشعرية وكانها رسمة ملونة.
والحواس توقظ في المتلقي الحواس فيتلقى النص بكل حواسه او بعضها فيتضخم الأثر.
والنقائض العنصر الابلغ في التأثير على الدماغ وكذلك الحركة.
والارقام لغة الكون وتجعل الصورة كونية .
والتشخيص يجعل النص حيويا وكذلك الحركة التي تبعث الحياة في النصوص.

وقد ابدع المتنبي في تسخير بعض هذه المحسنات البديعية ومنها النقائض والحركة. ومن أشعاره

ومالجمع بين الماء والنار فى يدي .. باصعب من ان اجمع الجد والفهما
واذا اتتك مذمتى من ناقص .. فهى الشهادة لى بانى كامل
فحب الجبان النفس اورده البقى . وحب الشجاع النفس اورده الحربا
اذا انت اكرمت الكريم ملكته . وان انت اكرمت اللئيم تمردا
يخفى العداوة وهى غير خفية .. نظر العدو بما اسر يبوح
فان قليل الحب بالعقل صالح .. وان كثير الحب بالجهل فاسد
ذو العقل يشقى فى النعيم بعقله .. واخو الجهالة فى الشقاوة ينعم
ومالجمع بين الماء والنار فى يدي .. باصعب من ان اجمع الجد والفهما

الرأى قبل شجاعة الشجعان .. هو اول وهى المحل الثانى

كما ابدع امرؤ القيس فمثلا تخيل مدى الأثر الذي تتركه الحركه في هذا البيتةعلى المتلقي :
مِكَـرٍّ مِفَـرٍّ مُقْبِلٍ مُدْبِـرٍ مَعــاً............كَجُلْمُوْدِ صَخْرٍ حَطَّهُ السَّيْلُ مِنْ عَلِ

قديم 01-12-2020, 01:56 PM
المشاركة 4
مالك عدي الشمري
فولتير
  • غير موجود
افتراضي رد: متى تصبح الصورة الشعرية معيارا لغويا وبلاغيا ..؟
سيدي عدنان حقيقة أبدعت بحق في دراستك النقدية هذه
تشكراتي لفكرك النير

وردة لكِ
قديم 12-16-2020, 07:46 AM
المشاركة 5
ماجد جابر
مشرف منابر علوم اللغة العربية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي رد: متى تصبح الصورة الشعرية معيارا لغويا وبلاغيا ..؟
بارك الله فيك وفي موضوعك النقدي المفيد الجميل أستاذ عدنان عبد النبي، ومنابر علوم اللغة ترحب بك وبقلمك الجميل...باقات ورد وتحاياي.

قديم 12-16-2020, 02:49 PM
المشاركة 6
ناريمان الشريف
مستشارة إعلامية

اوسمتي
التميز الألفية الثانية الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الأولى الوسام الذهبي 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي رد: متى تصبح الصورة الشعرية معيارا لغويا وبلاغيا ..؟
أستاذ عدنان
سلام الله عليك حيث أنت
مزيد من هذه الدرسات نحن بحاجة إليها
أبدعت والله
وأسعدتني الاقتباسات الشعرية التي تعج بالصور الأدبية الجميلة
أهلاً بك في منابر
وحياك الله


مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: متى تصبح الصورة الشعرية معيارا لغويا وبلاغيا ..؟
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
كيف تصبح كاتبا..!! هيثم المري منبر مختارات من الشتات. 10 05-19-2020 05:32 AM
الصورة الشعرية في النقد العربي الحديث - بشرى موسى صالح د. عبد الفتاح أفكوح منبر رواق الكُتب. 0 05-22-2014 02:27 PM
الصورة الشعرية في النقد العربي الحديث - بشرى صالح موسى د. عبد الفتاح أفكوح منبر رواق الكُتب. 0 05-04-2014 12:46 PM

الساعة الآن 06:48 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.