احصائيات

الردود
2

المشاهدات
2839
 
نبيل عودة
من آل منابر ثقافية

اوسمتي


نبيل عودة is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
244

+التقييم
0.05

تاريخ التسجيل
Aug 2011

الاقامة

رقم العضوية
10276
04-07-2012, 06:57 AM
المشاركة 1
04-07-2012, 06:57 AM
المشاركة 1
افتراضي رؤية واقعية...؟
رؤية واقعية...؟



من سلسلة قصص فلسفية

نبيــــــل عـــــــودة


إحتد النقاش بين طلاب قسم الفلسفة حول مفهوم الواقعية. أحمد القى شبه محاضرة ادعى فيها ان النقاش عن الواقعية يفتقد لتحديد دقيق لنوع الواقعية التي يقصدها زملاؤه الطلاب . وتابع شارحا وملفتا النظر لمعلوماته الواسعة، ان هناك أشكالاً متنوعة من المفاهيم الفلسفية للواقعية، التي تطورت في اطارها مدارس فلسفية مختلفة. وان النظريات المختلفة في الفلسفة عن الواقعية، بدأت بما يعرف ب "الواقعة" (fact) كمفهوم فلسفي ومنطقي يتعامل مع الأحداث الموضوعية، وروابط الموضوعات، وتفاعلها والتغيرات الحاصلة نتيجة التراكم او التفاعل ، الى جانب حقائق مجربة ومؤكدة علميا.
مرشد قاطع أحمد ، "ليبرز نفسه" كما علقت بسخرية فاتنة ، اذا انه قطع اندماجها مع حديث أحمد الشيق .وقال:" ان الواقعية تعرف نظريات متنوعة منذ الفلسفة الاغريقية وصولا الى العصر الوسيط، والى عصرنا الراهن . ولكنه لم يورد أي نموذج يمكن اعتماده في شرح موقفه، بشكل "فلسفي ومنطقي" ، حسب تعبير محاضرهم عندما كان ينتقد أجوبة الطلاب العامة والتي لا تعتمد على مراجع تؤكد ما ذهب اليه.
أحمد حافظ على صمته، مشغلا فكره كما يبدو، وبعد ان وجد فرصة هدوء مناسبة ، أضاف ، فارضا الصمت لسماعه: مفهوم الواقعية حظي باهتمام الفلاسفة الإغريق مثل أفلاطون وأرسطو..وكان هناك فلاسفة في العصر الوسيط طوروا مختلف النظريات عن الواقعية، حتى وصلنا الى القرن العشرين، لنجد ان فلسفة الواقعية ، أضحت أحد المواضيع البارزة في الفلسفات الحديثة، مثلا، تطورت الواقعية الجديدة التي تدمج بين الموضوعي والذاتي ، والواقعي والذهني، وذلك في اطار نظرية المعرفة. وكان الادعاء الأساسي في هذه النظرية الفلسفية التي عرفت باسم الواقعية الجديدة، تعتمد على التجربة. ثم تطورت نظرية الواقعية النقدية، التي أعتقد انها الأرقى والأكثر تركيبا.. وهذا التيار يؤكد على الخصوصية النوعية للوعي والمعرفة الإنسانية. وحسب طروحاتهم تتشكل هذه المعرفة النوعية من ثلاثة عناصر: الذات، الموضوع والمعطيات.وعلى أساسها تبنى المعرفة ، حسب نظريتهم. وبالطبع لا أنصحكم بقبول أي نظرية قبل الإلمام بكل نظريات المعرفة ودراستها.
وساد الصمت بعد هذا الشرح المفاجئ،والذي نقل الطلاب من أفكار أولية بدائية حول الواقعية، إلى جو يبدو لهم صعبا ومليئا ً بالقفز فوق الحواجز غير السهلة، ولكنهم اعتادوا مصاعب الفلسفة، وإنها مجرد حالة تسبق الفهم الصحيح للموضوع، بعدها يصبحون "منظرين ونقاد فلسفيين"، كما يصفهم بشعور من السعادة أستاذ الفلسفة.
وفجأة ارتفع صوت فاتنة: صفقوا لأحمد. قدم لنا درسا لنفهم ان الفلسفة ليست الأوهام التي نشأنا عليها، وان تفسيرات جدتي وجداتكم، يجب ان نتركها خارج قاعة الفلسفة.
ابتسم أحمد بسعادة ، وعيناهُ تتعلقان بفاتنة ، التي فتنته منذ بداية الفصل الدراسي الأول ، ولكنها تتصرف مثل جنرال في ساحة حرب، جميلة وقاطعة في قراراتها.هذا يجعلها أكثر سحرا وفتنة أنثوية، ويجعل أحمد أكثر ترددا ووجلا قبل ان يتجرأ على طرح إعجابه. ولكنه ، لسبب لا يدريه، قرر ان يضيف ، مقلدا أستاذ الفلسفة في سرد قصة فلسفية تلائم الموضوع ، لتسهيل فهمه ـ او لخلق جو مرح يخفف من ضغط الدراسة، عبر قصة تظهر المفارقة بين موضوع الدرس، والحكاية. وكان يهم أحمد ان يرى ابتسامة فاتنة تشرق، لابتسامتها فعل السحر في قلبه، وربما ليثبت لها ، انه ليس مجرد "ولد شاطر" في دروسه، بل خفيف دم أيضا. قال موجها حديثه لها: لدي يا فاتنة قصة عن الواقعية، ارجو ان تسمحوا لي بقصها . ساد الصمت . قالت فاتنة: كلنا نصغي لك. قال: القصة عن النظرة الواقعية وتتحدث عن
ثلاثة محققين شباب جدد وصلوا لقسم التحقيقات في الشرطة. مدير القسم قرر، قبل ان يوزعهم على مكاتب قسمه، ان يفحص ما تعلموه في مدرسة الشرطة، ومدى جاهزيتهم للعمل في قسمه.. وفحص قدراتهم على التحقق من مميزات هوية الجناة.
أخرج من جارور مكتبه صورة، وقال للمحقق الشاب الأول:
- هذه صورة المتهم الذي تطارده. كيف ستتأكد من شخصيته؟
وأظهر له الصورة لخمسة ثوان فقط.
أجاب المحقق الشاب:
- هذا سهل.. توجد له عين واحدة فقط.
قال مدير القسم:
- ايها المحقق. انا أريتك صورة جانبية لوجه المتهم. وبهذه الحالة لن ترى الا عيناً واحدة.
نفس الأمر جرى مع المحقق الشاب الثاني.. أظهر له الصورة لخمسة ثوان فقط، وقال له:
- هذه صورة المتهم الذي تطارده. كيف ستتأكد من شخصيته
ابتسم المحقق الشاب الثاني وقال بثقة:
- أوه.. من السهل القبض عليه.. لأن له اذناً واحدة.
غضب مدير قسم التحقيقات من الإجابة الثانية أيضاً، وقال بنرفزة:
- ماذا يحدث لكما؟ من الواضح انه في الصورة الجانبية لا نرى الا عينا واحدة وأذناً واحدة.
هل هذا هو أفضل ما لديكما؟
وبغضب بارز طلب من المحقق الشاب الثالث ان يتأمل الصورة. وسأله بنفاذ صبر:
- هذه صورة المتهم الذي تطارده. كيف ستتأكد من شخصيته؟
المحقق الشاب الثالث تركز في تفكيره، ابتسم وأجاب بثقة:
- المتهم يضع عدسات لاصقة..
المدير لم يكن مستعداً لمثل هذا الجواب الجديد، لأنه حقاً لا يعرف اذا كان المتهم يضع عدسات لاصقة. ولكنه سعيد بهذا الجواب الجديد من المحقق الشاب الثالث الذي يشير الى محاولة استعمال الفراسة الشخصية. قال:
- جواب مثير حقاً.. انتظروا قليلاً، سأفحص ملف المتهم صاحب الصورة.
دخل للحاسوب، وبحث عن ملف المتهم. وقرأ مقاطع من الملف. وبانت ابتسامة على شفتيه:
- أمر لا يصدق.. هذا صحيح.. المتهم حقاً يضع عدسات لاصقة. تشخيص ممتاز. قل لنا، كيف استطعت ان تستنتج مسألة بهذه الدقة؟
أجاب المحقق الثالث:
- مسألة بسيطة سيدي القائد.. الشخص في الصورة لا يستطع ان يضع نظارات عادية لأن له عين واحدة وأذن واحدة!!


نبيل عودة – nabiloudeh@gmail.com



التعديل الأخير تم بواسطة حميد درويش عطية ; 04-10-2012 الساعة 09:53 PM
قديم 04-07-2012, 01:51 PM
المشاركة 2
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • موجود
افتراضي
لا شك ان الاسلوب السردي في التعامل مع القضايا الفلسفية يجعلها سهلة الفهم.. وقد اتبع الاستاذ نبيل عودة هنا نفس اسلوب ذلك الكاتب النرويجي الذي لخص التطور الفكري والفلسفي الانساني في كتاب "عالم صوفي"....فجعل فهم القضايا الفلسفية ايسر.

جهد ممتاز ومفيد للغاية...شكرا لك.

قديم 04-10-2012, 07:45 PM
المشاركة 3
نبيل عودة
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
هناك اشكالية ليست سهلة في هذا اللون الذي يحتاج قارئ من نوع مختلف حيث تظهر القصة اقرب للمقال الفكري.. كما كتبت في مقال "القصة كمادة فكرية" هي تجربة وهذه القصة كانت من القصص الأولى وبعدها تيسرت اللغة اكثر.


مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: رؤية واقعية...؟
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
واقعية جداً ... هوازن البدر المقهى 0 12-02-2012 08:28 PM
رؤية منير عليمي منبر شعر التفعيلة 1 06-03-2012 01:20 PM
طعنة من الخلف - أقصوصة واقعية - نزار ب. الزين نزار ب. الزين منبر القصص والروايات والمسرح . 4 11-27-2010 07:25 AM
الشريط - قصة واقعية - نزار ب. الزين نزار ب. الزين منبر القصص والروايات والمسرح . 6 11-23-2010 05:04 PM

الساعة الآن 01:08 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.