احصائيات

الردود
0

المشاهدات
3156
 
عبد الرحمن محمد الخضر
من آل منابر ثقافية

عبد الرحمن محمد الخضر is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
10

+التقييم
0.00

تاريخ التسجيل
Oct 2011

الاقامة

رقم العضوية
10495
10-13-2011, 08:50 PM
المشاركة 1
10-13-2011, 08:50 PM
المشاركة 1
افتراضي الذاكرة
الذاكرة
على الشاطئ عيناي هاتان الفقاعتان اللتان تسكنان على جانبي أنفي , الجزء المفتوح من الخد في الخدين مفتوحتان على قطرتين زرقاوتين تناظران عيني كالبعد بين زجاجتي نظارتي أصغرمنهما كعيني تماما 0
عيناي ؟ ... لاأرى لي عينين . تلكما في المرآة .
بحران ؟ هذا الذي أراه بحرا . ليسا بحرين على جانبي أنفي 0
السماء تغسل ألوان البرتقال القادمة من المدينة 0
الساحل لاينتهي . يستريح هنيهة ويمضي . يتمطى بعيد بعيدا
يترجرج البحرفي هذا الإناء العظيم 0
الموج يأتي ابدا إلى الشاطئ . لاارى موجايذهب . لاأرى شواطئ -غيرشاطئي - أخرى تنتظرموجا يأتي إليها 0
الكلب الصغيرالذي للتو اعتمد على نفسه تركته أمه على الشاطئ 0
الكلب الصغيرتركته أمه على الشاطئ ودخلت المدينة دونه . تخلت عنه 0
نسيت منذاللحظة دونه منذ الخطوة دونه أنه كان ابنها 0
ستأتي غدا إلى الشاطئ تأكل مما يقذفه البحروجيران البحرعلى الشاطئ . لن تذكرأنها تركت هنا ذلك الكلب الصغيرالذي إلى لحظة مضت كانت تكشر- حنانا عليه – أنيابها للريح وتعتدي – شغفا به – على الآخرين 0
لن تذكرشيئاعن ذلك الصغير0
كيف تموت الأمومة في الحيوان ؟ كيف تتألف الأمومة في الحيوان ؟
ستراه على الشاطئ لايعني لها شيئا , كلبا كأي كلب . كلبا ككل الكلاب 0
سيركبها يوما وستحبل له وتلد . هكذاتتكون قبيلة الكلاب 0
يسألني طفلي : مامعنى إبن الحرام ؟
" حينما نتعلم الكلام فإننا نتعلم أن نترجم . فالطفل حين يسأل أمه عن معنى كلمة فهوفي الواقع يطلب منها ان تترجم له المصطلح الذي لم يألفه إلى كلمات بسيطة يعرفها " *
الكلب الصغيرينبح ويأكل شيئا على الشاطئ
هل وعت أمه هذا الأمرودربته حتى استوى عوده ؟ كيف تعي هذا ؟ وتتركه على الشاطئ وترحل عنه ؟ أهي التي تتخلى عن أمومتها ؟ كيف ومتى تأتي تلك اللحظة التي تموت عندها الأمومة ؟
السيارة بعيدة تأتي من المدينة وتقف على شاطئ البحر
خيط أبيض أم أسود ينسل منها, يقترب من الماء , ينحني . طرح شيئا أوالتقط شيئا . إنتصب . إنتظرقليلا قبل أن يعود وينزرق في السيارة 0
عادت السيارة إلى الخلف . إستدارت . تحولت نحوي . ضبطني ضوؤها . إنطلقت . جاءتني . كادت تدهسني
رايت في نافذة من السيارة مفتوحة عينين تبحلقان في وجهي تتوتران في وجهي تندمجان في وجهي تلتقط وجهي وتطبعه في الذاكرة وتنحرف وتنطلق عائدة إلى المدينة 0
الكلاب لاتسوق المركبات إلى الشاطئ لتتخلى عن أمومتها وتترك صغارها وتدخل المدينة 0
القمرالمغربل يتناثربعيدا حتى مطلع البحر. والمدينة تزدرد السيارة 0
السماء تغسل ألوان البرتقال تنثر رذاذها على الشاطئ0
سمعت بكاءا0
أسمينا صوت الكلب نباحا لكنه يبكي 0
لم يستوعوده 0
أي نسيان عظيم جعل تلك الكلبة تنفرد عن بقية الكلبات وتتخلى عن صغيرها قبل أن يستوي عوده 0
أي أمومة تلك التي دون غيرها تموت قبل الأجل0
كل الكلبات يتركنهم عندما يرشدون 0
الصغيربين أحجارالشاطئ يبكي 0
الساحل لاينتهي يستريح هنيهة ويسيرلاينتهي وأناأسيرولاأنتهي وبكاؤه هذا الصغيريتبعني ولاينتهي 0
الساحل يتمطى بعيدا بعيدا وبكاؤه يتمطى معي لايفارق قلبي 0
لماذا هذا الصغيربكاؤه لا يبرح قلبي ؟
سأعود 0
أيتبنون الكلاب ؟
سأتبناه حتى يكبر . سأقول لزوجتي أننا لن نكون أبوين لهذا الكلب 0
سنعطف عليه حتى يكبرويستوي عوده يعتمد على نفسه 0
الكلاب لاذاكرة لهم – سأقول لها – لقد نسيت أمه أنه ابنها وإلى الأبد 0
حين يبلغ رشده – سأطمئنها – نأتي به إلى الشاطئ نتخلى عنه ونقفل راجعين 0
أننوب عن تلك الكلاب التي تترك صغارها على الشاطئ وتعود تدخل المدينة 0
الكلب الصغيريبكي . أعود . أوتارقلبي تعزف رأفة الرب 0
رذاذ ألوان البرتقال يتناثرعلى الشاطئ
أمد يدي إليه : رائحة الفل . البحرالليلة يتنفس فلا
أتحسسه : جسد رغو ناعم وفم شفاف وأصابع خمس ممتدة . لاذيل في مؤخرته . وهذا البكاء ليس ذلك نباحا
إنه إنسان طري بدأ حياته للتوهذا الذي بين يدي 0
تلك السيارة ؟
شيئ خامرني وأنا ألمس رذاذ الموج على جسده الرضيع . لاأدري لماذا رفعته وتذوقت رذاذه
حملت طفلي . الكلاب لايحملون أبناءهم . الكلاب لايعرفون أباءهم 0
بعد ثمانية عشرعاما أعني قبل ثمانية عشرعاما تمكن هذا الانسان بين يدي من أن يكتب وينادى باسم ثلاثي محوره أنا 0
في مرة من مرات البكاء التي تتحفنا بها زوجتي طعمت الدمع في خدها كطعم تلك الدمعا ت التي تخلفت مع إبني على الشاطئ حين تركته تلك السيارة وعادت إلى المدينة 0
الكلاب لاتذكرأبناءها . تتركهم على الشاطئ وتنساهم إلى الأبد 0
ليست كلبة تلك التي لازالت تذكرأنها منذ ثمانية عشرعاما لفت رضيعها في خرقة بيضاء وأتت به إلى الشاطئ وحين رأت رجلا يمشي على الشاطئ نحوها قبلته . بللته بدموعها وتركته على الشاطئ . جاءتني . كادت تدهسني . رأيت في نافذة في السيارة مفتوحة عينين تبحلقان في وجهي تتوتران في وجهي تندمجان في وجهي تلتقط وجهي وتطبعه في الذاكرة 0
راحت السيارة تغيب عن هذا الذي بين يديَ وتتماهى في السراب البرتقالي
----------------------
أكتافوبياث " في موضوع عن الترجمة



مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: الذاكرة
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الذاكرة المفقودة .. صبا حبوش منبر القصص والروايات والمسرح . 6 08-20-2017 05:00 AM
خمشٌ في الذاكرة يزن السقار منبر البوح الهادئ 5 11-09-2013 10:15 AM
رذاذ الذاكرة محمد مهيم منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 2 04-07-2012 12:09 PM
نحيب على شرف الذاكرة منير عليمي منبر شعر التفعيلة 1 11-16-2011 02:08 PM

الساعة الآن 05:40 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.