احصائيات

الردود
0

المشاهدات
1015
 
محمد فتحي المقداد
كاتب سـوري مُتألــق

اوسمتي


محمد فتحي المقداد is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
650

+التقييم
0.12

تاريخ التسجيل
Sep 2009

الاقامة

رقم العضوية
7788
03-27-2020, 11:44 PM
المشاركة 1
03-27-2020, 11:44 PM
المشاركة 1
افتراضي شركاء الكورونا (قصة قصيرة)
[justify]
(أدب العزلة في زمن الكورونا)


شركاء الكورونا
قصة قصيرة


بقلم الروائي – محمد فتحي المقداد

"إنّها للطمأنينة فحسب" بهذه الكلمات أنهى صديقي مكالمته غير المنتظرة بعد انقطاع لأكثر من سنتين، لا أدري ما الذي ذكّره بي في هذه اللّحظة العصيبة. ضيق فُسحة الزّمان والمكان، قلّصت مساحة الدّنيا بعينيّ إلى خُرم إبرة.
تنبيهات الواتساب على مدار السّاعة لا تتوقّف، مقاطع فيديو عديدة لا أستطيع رؤية غالبيّتها، سيلٌ جارفٌ من النّكات.. التحليلات.. كلام الهمبكة. أشياء تأتيني خارج دائرة اهتمامي لا تعنيني لا بكثير ولا بقليل.
ما إن انتهى المؤتمر الصحفيّ على التلفزيون الأردنيّ لخليّة الأزمة، بإعلان عزل مدينة إربد القصبة عن محيطها من القرى المجاورة، حتّى انهالت عليّ الاتّصالات مُستفسرةً عن أحوالنا، وهل ما زلنا على قيد الحياة؟.
الأزمة مُلك الجميع شركاء فاعلين فيها، الشّركاء تجاريًّا يَدْأبون على تنمية شراكتهم للمزيد من الانتشار والأرباح. سُئلت من صديق مُستغربًا فيما ذهبتُ إليه في معرض حديث هاتفيّ معه:
- "كيف هذا؟."
- "في الحقيقة أنّها جمعتنا أوّلًا على هدف واحد، مقاومة الفيروس مهمّة كلّ فرد فينا بالمحافظة على التعليمات، وأساليب الوقاية بعدم الاقتراب والمصافحة والتّقبيل في اللّقاءات والتجمّعات، ولبس الكمّامات والقفّازّات المطاطيّة، والمسح الدّائم بسوائل المُعقّمات".
تنهّدّتُ من تعب داخليّ مُفاجىء، أنفاسي الحرّى سخونتها أحرقت الأثير المُتباعد مع صديقي المنصتُ لجوابي باهتمام؛ أحسستُ أنّه مُبالِغٌ فيه، وتابعتُ بعد استرخاء أعضائي بارتياح:
- " هذا على صعيد، أمّا الخوف أعادنا لطبيعتنا البشريّة المغامرة اللّامبالية، والقلق على مصائر أولادنا وعائلاتنا، والحجر داخل البيوت والتزامنا فيها، أتى طوْعًا بدافع الخوف من العدوى".
- الآن فهمت قصدك يا صديقي..!! رغم أنّي أعرف هذه الأشياء البسيطة، لكنّها كانت غائبة عن ذهني، كما أنّي لا أستطيع ترتيب أفكاري بطريقة عرضك لتكون موضوعًا يحمل فكرة، أرى أنّها توجيهيّة".
- "أشكرك.. كما أنّ العالم تقارب في مُستويات الخوف التي لم تَعُد نصيبنا نحن العرب فقط، بل الهلع في الدول المُتقدّمة لأوّل مرّة بهذه الطّريقة، رغم إمكانيّاتهم الماديّة التي تفوقنا بآلاف المرّات، شعوري الآن أنّ قدراتهم النوويّة والعسكريّة وقفت عاجزة، كما نحن لم نقف متفرّجين مُظهرين عجزّا أبدًا، انظر للمبادرات هنا على مستوى المملكة، وقوّة زخمها بجديّة وحزم على تنفيذ العزل ولو كان ذلك بالقوّة، وهذا كان سبقًا لا مثيل له منذ بداية اكتشاف أوّل حالة كورونا في البلاد من القادمين الذين كانوا على سفر في الخارج".
داخلني شعور بتراخي اهتمام صديقي على الجانب الآخر.. تنحنحتُ كأنّ حازوقة غصّ بها حلقي، لإشعاره بتعبي، من فوره بادرني:
- "سلامات.. سلامات.. يبدو أنّي سبّبتُ لك التّعب سامحني.. إلى اللّقاء".
- " بأمان الله.. إلى اللّقاء".
سأكمل كلامي ولو لنفسي..!! لأبرئها أمام التّاريخ فيما لو عادت المرحلة لا سمح الله:
- "حالتنا الآن كأصحاب السّفينة التي خرقها الخضر في رحلته بصحبة نبيّ الله موسى المُتعجّل بالتوقّف عند ظاهر فعل الخضر عليهما السّلام، رغم تنبيهه المُشدّد لموسى بعدم استطاعته، وتأكيد من نبيّ الله بالصّبر مهما كلّف الأمر.. تعجّل استخلاص الحكمة من أفعال الخضر، يبدو أنّها كانت درسًا بالصّبر والتأنّي.. اليوم نتلقّاه كما نبيّ الله موسى. لكن بالتزامنا بالأوامر بُغية صحّتنا..!!".
إنّها للطمأنينة فحسب..!! خاتمة أوّل اتّصال وردني، ربّما كان لتذكيري أنّني مَدينٌ له بمبلغ ماليّ صغير، أعتقدُ أنّ خوفه هذه المرّة مُبرّر، ظنًّا منه بموتي.. وإنّ أكثر الظنّ ليس بإثم.. على خلاف حالة الخوف العامّ على كلّ المُستويات.
كثيرون تتوقّف مصالحهم الصّغيرة أمام معركة الحياة الكُبرى، كمن يُحاول وضع العُصْيِ في العجلة مَنعًا لتحرّكها وتوقيفها من جديد عند أنانيّة مُفرطة. التّعامي عن التضحيات العظيمة للشّعوب أمام الخطر الدّاهم.
بعفويّة بسيطة أغلقتُ الهاتف، هذا القدّر يكفيني هذ اليوم.. أتْخِمتُ كلامًا مُكرّرًا بلا طائل سوى إضاعة الوقت، رجوعي إلى قراءتي رواية (رسمتُ خطًّا في الرّمال – هاني الرّاهب) هو الحلّ الدّائم.

عمّان – الأردنّ
27 \ 3 \ 2020

[/justify]



مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: شركاء الكورونا (قصة قصيرة)
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
يوتوب / في زمن الكورونا (قصص قصيرة جدا) بختي ضيف الله منبر القصص والروايات والمسرح . 0 01-02-2021 05:53 PM
عن الكورونا جاسم الخزرجي منبر الشعر العمودي 6 12-04-2020 04:15 AM
زمن الكورونا نورالدين الشهاب منبر البوح الهادئ 0 11-25-2020 08:45 PM
فوائد الكورونا (قصة قصيرة) محمد فتحي المقداد منبر القصص والروايات والمسرح . 2 04-02-2020 01:34 PM
الحب في زمن الكورونا مصطفى الطاهري منبر القصص والروايات والمسرح . 2 03-31-2020 05:05 PM

الساعة الآن 04:29 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.