قديم 07-01-2014, 04:28 PM
المشاركة 1181
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
تابع ....والان مع العناصر التي صنعت الروعة في رواية 56- اعترافات كاتم صوت مؤنس الرزاز الأردن



-أفي رواية "اعترافات كاتم صوت سنجد أن مؤنس الرزاز يستخدم تقنية مألوفة في الرواية المعاصرة، أي تلك التقنية التي يوزع فيها المؤلف الكلام على المتكلمين بطريقة غير منظمة دون أن يعمد على إدارة الحوار بينهم.
- فعندما يتكلم الأب في الرواية يكتفي بالحوار مع نفسه، وكذلك تفعل الأم والابنة الصغيرة في الإقامة الجبرية حيث تعيد الشخصيات أنتاج إحساسها بالعزلة والصمت.
- ومن هنا يأخذ عنوان القسم الأول من الرواية "مدارات الصدى" دلالته المحورية، إذ أن الصدى يحل محل الصوت في غياب أي تبادل حواري بين الشخصيات.
- من جهة أخرى يمكن القول إن هذا القسم من الرواية مبني استنادا إلى أسلوب زوايا النظر، ولكنها هنا زوايا نظر تخص أحداثا متعددة لا حدثا أو موقفا روائيا بعينه.
- وهو أسلوب يفيد في تقليب معنى الفعل أو الحدث على وجوه متعددة بتمريرها في منشور تكون وجوهه شخصيات عديدة.
- وهكذا يتحلل الفعل إلى زوايا نظر تمثل الأب والأم والابنة الصغيرة والملازم والراوي.
- تقوم الابنة بتدشين النص إذ تصف مشهد العزلة.
- إن الأبطال التراجيديين الثلاثة (الأب والأم والابنة) يغرقون في العزلة والصمت رغم وجودهم معا في بيت الاقامة الجبرية.
- ولا تتواصل العائلة المسجونة مع العالم الخارجي إلا عندما يتصل الابن من الخارج في يوم محدد من أيام الأسبوع.
- ويشكل التواصل المتقطع مع العالم الخارجي تمهيدا لانتقال الرواية من الحديث عن شخصيات الاقامة الجبرية إلى الحديث عن اعترافات يوسف/ كاتم الصوت.
- وما كان ممكنا لولا حركة الانتقال الذكية (من بيت العزلة إلى العالم الخارجي) تشريح أعماق القاتل/ كاتم الصوت الذي يحتل بؤرة العمل الروائي.
- تبدأ "اعترافات كاتم صوت" بمونولوج الابن، ويلخص هذا المونولوج ظروف الاقامة الجبرية، ثم يقوم الأب والأم بجلاء شروط هذه الاقامة ويوضحان قسمات المكان المستباح بأعين الحرس.
- كما نتبين من سياق الحوارات الداخلية للشخصيات أن الأب كان مسؤولا كبيرا في السلطة التي اعتقلته.
- وتتوضح في هذه الحوارات بعض خيوط حياة هذه الشخصيات حيث يتعرف القارئ على تاريخ الأب المناضل الذي وصل حزبه إلى السلطة ثم اختلف معه فزج به في الاقامة الجبرية، وعلى تاريخ الأم التي أحبت الأب وتزوجته إعجابا به وبأفكاره السياسية.
- القسم الخاص بـ"اعترافات كاتم الصوت" يشكل المادة الأساسية في العمل، وليست الأقسام الأخرى سوى وسائل لايضاح الظروف المحيطة والانتقال إلى لحظة الاعتراف.
- ومن هنا يستخدم الكاتب في هذا القسم ضمير المتكلم موحيا بالبعد الحميم من أبعاد الاعتراف والبوح الداخلي.
- إن الصفحات (51-70) هي جملة اعتراف متصلة يقوم يوسف من خلالها بتحليل وظيفته ككاتم للأصوات شارحا لنا الأسباب التي جعلته يمتهن هذه الوظيفة.
- ويبدو المؤلف وكأنه يفرد الفضاء السردي لاعتراف كاتم الصوت عبر مونولوج طويل يتحدث فيه يوسف لسيلفيا التي استأجرها ليسرد لها اعترافاته. لكن سيلفيا لا تسمع بل تقرأ حركات الشفاه، وبما أن شارب يوسف عريض يغطي شفتيه فإنها لا تعرف عم يتحدث!
- نقبض في لحظة الاعتراف إذا على المفارقة الساخرة التي تغلف فضاء النص.
- ونحن في البداية نظن أن كاتم الصوت وحده هو الذي يجهر بصوته، وعندما نتقدم في النص نكتشف أن الطرف الذي يفترض أن يسمع الاعتراف يعاني من الصمم.
- لكن المفارقة الكبرى تتمثل في كون كاتم الصوت نفسه لا يدرك أن سيلفيا لا تسمعه.
- بهذا المعنى تطابق اللعبة السردية، التي يتوسلها الكاتب، بين صوت يوسف ومسدسه الكاتم للصوت.
- وهكذا فان الإيهام السردي، من خلال الإيحاء بالحميمية وتحقق لحظة الاعتراف وتحويل ما نسميه بالسامع الضمني إلى صورته المادية الملموسة في النص الروائي، هو وسيلة لتقليص الفعالية التي يحققها بروز ضمير المتكلم في النص لأن يوسف/ كاتم الصوت، مثله مثل العائلة المقيمة في الإقامة الجبرية، محكوم بالعزلة والصمت.
- ولعل اصطناع شخصية كاتم الصوت ووضعية الاعتراف كذلك تكشف عن نية الكاتب الاختفاء وراء الشخصية للتشديد على منظوره للعالم بأن يجعل كاتم الصوت يمارس اعترافا كاريكاتوريا أمام فتاة صماء دون أن يكتشف للحظة واحدة أنه يعري ذاته لذاته لا تسمعه الفتاة التي استأجرها لتحقيق فعل الاعتراف والتطهر من أدران ما فعله.

- إذا كانت "اعترافات كاتم صوت" تمثل في عمل الرزاز رواية الأصوات وزوايا النظر التي تجلو في حكاياتها وتأملاتها الشخصية فكرة التحلل وسقوط القيم والمشاريع القومية الكبرى عبر تآكل الحزب والفكرة التي يقوم عليها، فإن "متاهة الأعراف في ناطحات السراب"(3) هي رواية الطبقات المتراكبة واللاوعي الجمعي الغائر حيث يستخدم الكاتب نظرية كارل يونغ عن طبقات اللاوعي وأسلوب ألف ليلة وليلة السردي ليقيم معماره الروائي.
- إن الليل الذي تحكي فيه شهرزاد يقابل النهار الذي تتحقق فيه حكايات الليل حيث يدرك القارئ من سياق السرد أن الحاضر يكرر الماضي كما يكرر النهار الليل.

- إن بناء العمل شديد التركيب لكن ما يهمنا في هذا السياق هو أطروحة العمل الأساسية، أي كيف يصبح التراث وسيلة لتفسير ما يعرضه العمل الروائي، وكيف يصبح حكي شهرزاد رمزا للعلاقة بين الحاضر والماضي، بين الوعي الفردي والوعي الجمعي، الشعور واللاشعور، وبين طبقات اللاوعي المتراكمة الغائرة داخل الإنسان العربي المعاصر.
- ويعمل الرزاز في هذا الإطار على تقديم تصور مركب للواقع العربي المعاصر ملمحا إلى كون الراهن يتشكل من طبقات متراكمة من وعي العصور الماضية تؤثر لا شعوريا في استجابات الإنسان العربي المعاصر وتكبله وتكبح أفعاله ورغباته، ومن ثم يكون التراث لا قناعا يؤدي وظيفة شكلية في العمل بل جزءا من تكوين الوعي. إن استعارة صوت شهرزاد الحكي عن الماضي، والحديث عن طبقات اللاوعي الراسخة في وجدان الشخصية العربية، ما يجعلها تتصرف دون أن تعلم بوحي من رواسب هذا اللاوعي،
-كل ذلك يكشف اطروحة العمل وتفسيره اليونغي (نسبة إلى كارل يونغ) للعلاقة بين الفرد وتراثه الجمعي

قديم 08-21-2014, 03:10 PM
المشاركة 1182
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي

تابع ....والان مع العناصر التي صنعت الروعة في رواية 56- اعترافات كاتم صوت مؤنس الرزاز الأردن

- عن مجلة أفكار الأردنية : " إن مشهد اعتقال الأب البعثي سيبقى ماثلاً لسنوات طويلة في ذاكرة الطفل ذي الحساسيةالمفرطة كما أن نهاية الأب في أقامته الجبرية ثم موته الدراماتيكي سيشكل ناظما أساسياً لوجدان الكتابة وضميرها عند مؤنس الرزاز .
- ولهذا كانت كتاباته تتأرجح بين ماهو مأساوي وفانتازي وبين ماهو خارجي وداخلي وسياسي ووجودي وبين الكآبة الشخصية والهجاء السياسي حتى بدا انه يعاني العالم كقضية شخصية .

- فنجد مثلاً أن روايته (اعترفات كاتم صوت ) كأنها قصيدة عن سجن ابية ووثيقة للعذاب الشخصي

- ذلك انه جعل من جرحه الخاص موضوعاً عاماً وفناً روائياً
- وفي رواياته الأخرى اللاحقة ينشطر البناء الروائي موضوعياً ونفسياً كشكل آخر من أشكال إعادة بناء النفس أو محاولة التخفيف من تمزقها وكوابيسها ,
- ربما لم تكن شخصياته الروائية نسخاً عنه وبالتأكيد هي ليست كذلك لكنها على الأقل عاشت الإيقاع ذاته والانشطارات ذاتها ,
- من هنا تصدعت البنيةالروائية كمحيط حاضن لها تماماً كما تصدعت الأحلام والأحوال العامة فتركها تنحو منحنى غرائبياً هذيانياً ."

- يمثل الروائي الأردني مؤنس الرزاز صوتًا متميزًا في الرواية العربية الحديثة منذ الثمانينيات.
- وينبع هذا التميز من التكوين المركّب للكاتب, الذي جمع بين ثقافة دارس الفلسفة والكاتب الصحفي والمترجم, وبين خبرات المسافر وراء الحلم القومي في عواصمه الكبرى, وتجربة المقاتل.
- يضاف إلى هذا كله ممارسة مرّةللعمل السياسي والحزبي. .
- مثّلت رواية الرزّاز الأولى (أحياء في البحر الميت) انتقالاً في رؤية الواقع العربي, ونضجًا في التشكيل الروائي. وشكّل الرزاز الضلعالثالث للمثلث الذي دخل بالرواية الأردنية فضاء الرواية العربية الجديدة والحداثية.
- تناولت رواية الرزاز الثانية (اعترافات كاتم صوت) (1986) موضوع القمع.
- بينما كانت ثالثته (متاهة الأعراب في ناطحات السحاب) (1986) بناءً فنيًّا يبعث على الدهشة, ويوغل في عالم اللاشعوروالثنائيات المتضادة, ويحكي عن المدن العربية وعن فلسطين, وعن الرمال والبداوة والعمل الحزبي.
- وجرّب الكاتب - في تلك الرواية - إمكانات اللغة المتصلة بالتراث والمنفتحة على العصر. واستعاد الماضي, وقرأ الحاضر, في محاولة للتحرر من سلطة السائد. .
- واصل مؤنس عطاءه, وعكست رواياته في التسعينيات تحولاً جديدًا في الشكل, وتركيزًا على واقع بلاده: (جمعة القفاري), (قبعتان لرأس واحد), (الذاكرةالمستباحة), (الشظايا والفسيفساء), (عصابة الوردة الدامية), وقد رسّخت هذه الأعمال موقع الرزاز بين الروائيين العرب, وأظهرته كاتبًا ماضيًا في التجريب والبحث, ومحيطًا بفن المعمار الروائي, ومناضلاً في الدفاع عن الحرية والعدل وكرامة الإنسان. ."

- من يقارب عالم مؤنس الرزّاز الروائي، يخيّل إليه للوهلة الأولى، أنّه يحاذي بعض "أشراك" الأدب المُسيّس. لكنّه سرعان ما يكتشف، أنّ السياسة هُنا، ليست غاية بذاتها أو هدفاً بذاته، بل هي وسيلة من وسائل المعرفة،وطريقة من طرق الوعي والتحليل.
- وعلى الرغم من انغماس مؤنس الرزّاز، في الحياةالسياسيّة، بل والنضال السياسيّ، فهو استطاع أن يفصل بين النضال والأدب، موظِّفاً السياسة في سبيل الأدب، لا العكس.
- ورواياته الكثيرة، تشهد على هذه الخصيصة.
- فالسياسة تحاذي الفنّ الروائيّ، ولكنّها لا تلقي بظلّها عليه، بل هو الذي يلقي بظلّه عليها.
- وقد تمكّن الرزّاز، أن يبتعد أيضاً، عن مزلق الآيديولوجيا والإلتزام المباشر، منصرفاً إلى الفنّ الروائي، في كلّ ما يعني، من بناء عالم وشخصيّات، ومن تخطٍّ للمعايير الثابتة، وترسيخ للحداثة، ومن سخريّة وهجائيّة."

قديم 08-22-2014, 10:29 AM
المشاركة 1183
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
Post
·تابع .تابع ....والان مع العناصر التي صنعت الروعة في رواية 56- اعترافات كاتم صوت مؤنس الرزاز الأردن.

- مؤنس كان يخاف أن يدهمه شبح الموت قبل أن يكمل مشروعه الذي زاوج فيه بين حرفة الكاتب المتملك لناصية النوع الروائي وحرارة التجربة الشخصية التي وزعها الكاتب على أعماله كلها.

- أدرك مؤنس أن عليه أن يبدأ كتابته مما انتهت إليه الكتابة الروائية العربية في السبعينات وما حققه جيل الستينات من تطوير للكتابة الروائية المحفوظية.

- ولعل «أحياء في البحر الميت» ترجّع صدى «أنت منذ اليوم» لتيسير سبول و «المتشائل» لإميل حبيبي، إذ يقيم الكاتب تناصاً مع هذين العملين ويخبر القارئ أن روايته تطمح إلى كتابة الواقع بطريقة قريبة من شكل تمثيل الواقع العربي المعاصر في هذين العملين الروائيين الأثيرين إلى نفسه.
- وتقيم رواية مؤنس الأولى، في الوقت نفسه، جسور نسب مع الرواية الحديثة في العالم ممثلة في «البحث عن الزمن الضائع» لمارسيل بروست و «عوليس» لجيمس جويس وغيرهما من كلاسيكيات الرواية الحداثية في العالم.
- في تلك الرواية، التي تحكي عن انهيار القيم والمؤسسات القومية، وتشير بصورة غير مباشرة إلى تجربة مؤنس ووالده منيف الرزاز السياسية المرة، يؤسس مؤنس لشكل من الكتابة الروائية تعبر فيه التقنيات والشكل وزوايا النظر وأنواع الرواة عن أطروحة الانهيار التي تسكن أعماله الروائية التالية حيث يعمد إلى العناية بالشكل الروائي والمعمار المعقد للسرد، وتصبح تقنية تعدد الرواة وزوايا النظر حجر الأساس في أسلوب كتابته الروائية.
- في «أحياء في البحر الميت» ينسحب الكاتب من عمله مختفياً وراء إحدى شخصياته مضاعفاً فعل الاختفاء بجعله شخصية مثقال طحيمر الزعل تختفي وراء عناد الشاهد.
- وتكمن فرادة «أحياء في البحر الميت» في هذه اللعبة السردية، حيث يصبح البناء الروائي شديد التركيب، وتصبح الشخصيات الروائية شبحية، وتنسب فعل الكتابة الروائية إلى بعضها بعضاً، فيكتب عناد الشاهد ويعيد مثقال تنظيم أوراقه.
- ويبدو هذا المدخل الذي تتوسله الرواية تبريراً للعبة الشكل الروائي الجديد وإيهاماً للقارئ (في لعبة تغريب بريختية معكوسة) أن العمل ليس سوى هلوسات غائب عن الوعي والعالم، ويتوسل الروائي هذا الشكل للفت انتباه القارئ إلى بؤرة التجربة وأعماقها الغائرة، أي إلى التجربة السياسية الفاشلة التي خاضها عناد الشاهد.
- ليسـت «أحـياء في البحر الميت» مجرد باكورة روائية بل هي عمل تأسيسي نـجـد فـيه بــذور أعـمـال الرزاز التـالـيـة التي وسعت من أفق أطروحة الانـهيار وأقـامت من الشخصيات والأحداث والأفكار والـتأمـلات برهاناً على صحتها في الرواية والواقع.
- كان مؤنـس مـسكوناً بهذه الأطروحة يحاول تجسيدها في عمله الـروائي والتعبير عنها في مقالاته الصـحافية حتى تمكنت منه وأصبحت هاجسه وديدنه في الحياة والكتابة.
- في روايته «اعترافات كاتم صوت» يعيد مؤنس الرزاز تركيب أطروحة الانهيار من خلال تحليل واقع المؤسسة الحزبية القومية التي تحولت إلى مؤسسة توتاليتارية مرعبة تأكل أبناءها، وتستبدل الحزب القائد بالقائد الأوحد، مؤدية إلى تبخر فكرة الثورة وعلاقتها بالجماهير التي ادعت أنها قامت من أجلها.
- وقد استعمل مؤنس، للتعرف الى تحولات السلطة وتوالد القمع وازدياد سطوته، تقنية الأصوات وزوايا النظر المتعددة من خلال إعطاء الكلام للقامع والمقموع والشخصيات المراقبة في الآن نفسه.
- وتجلو هذه الشخصيات في حكاياتها وتأملاتها فكرة التحلل وسقوط القيم والمشاريع القومية الكبرى عبر تآكل الحزب والفكرة التي يقوم عليها.
- وعلى رغم تخلل سيرة مؤنس الشخصية لـ «اعترافات كاتم صوت»، إذ إن أسرته حاضرة بوضوح في هذا العمل كما هي حاضرة في «أحياء في البحر الميت» وفي أعماله التالية، فإن تقنية زوايا النظر تتيح المجال للكاتب لكي يخفي، ما أمكنه، بعد السيرة الذاتية في العمل، معمقاً هذا البعد الأساسي في أعمال مؤنس الروائية كلها.
- ينبغي أن نتنبه في هذا السياق الى أن روايات مؤنس تستند إلى نتف من حياته الشخصية، والأمكنة التي عايشها، والأشخاص الذين التقاهم أو أقام معهم صداقات عميقة طوال حياته. لكن هذا البعد الشخصي في تجربته الروائية يجري تغريبه، وتذويبه في مادة الرواية التجريبية التي تقوم لديه على اختبار السرد وقدرته على تصوير الواقع في رواية تشكك بمادتها على الدوام، ما يجعل القارئ في «اعترافات كاتم صوت» (التي تستند في مادتها الروائية إلى حكاية إقامة منيف الرزاز الجبرية في ظل حكم الرئيس العراقي السابق صدام حسين ووفاته وهو رهن تلك الإقامة وعودته إلى الأردن في تابوت) يحار في طبيعة العلاقة بين شخصية كاتم الصوت والرجل الذي يفكر في قتله.
- إن غاية هذا العمل الروائي هي سبر غور الشخصيات، والتعرف إلى آليات تفكير مثل هذه الشخصيات العصابية التي يستخدمها الحاكم المستبد للقتل والتخلص من مناوئيه في السلطة.
- في «متاهة الأعراب في ناطحات السراب» يبني مؤنس الرزاز رواية الطبقات المتراكبة واللاوعي الجمعي الغائر، حيث يستخدم الكاتب نظرية عالم النفس السويسري كارل غوستاف يونغ عن طبقات اللاوعي الجمعي، المتراصفة طبقة وراء طبقة والتي تكرر نفسها في لاوعي الأفراد، لبحث كيفية تفكير العرب المعاصرين، والتمثيل روائياً (من خلال توالد الشخصيات من بعضها بعضاً، وحلول الواحدة منها محل الأخرى، والاعتماد في ذلك على عقيدة التناسخ) على شدة تأثير الماضي وأزماته في حياة العرب في الزمان الحاضر.
- ولكي يستطيع الروائي إقامة بنائه السردي الذي يستند إلى فكرة مستلة من علم نفس الجماعات، ويجعل في الإمكان تمثيل هذه الفكرة روائياً، من دون أن تتحول الشخصيات إلى مشاجب للأفكار وترجمة للقراءة النظرية للتاريخ، فإن الرزاز يستخدم أسلوب «ألف ليلة وليلة» السردي، حيث تتوالد الحكايات من الحكايات، ويتشابك السرد، وينشق وعي الشخصيات الآتية من الماضي السحيق والمقيمة في الحاضر في الآن نفسه، مؤسساً بذلك معماراً روائياً مركباً يسبر أغوار النفسية العربية في اصطدامها بزمان التكنولوجيا المعاصرة والهيمنة الغربية.
- نعثر على هذه العلاقة التناقضية بين مادة الحكاية الواقعية والحكاية نفسها في «جمعة القفاري» و «مذكرات ديناصور» حيث تتميز الشخصيتان الرئيستان في هذين العملين بانفصالهما عن الواقع المحيط بهما، واغترابهما عن البيئة الاجتماعية وعدم قدرتهما على معايشة الواقع من حولهما.
- ومن هنا تنشأ المفارقة والباروديا (المحاكاة الساخرة) والسخرية المرة الجارحة في النص الروائي. ويكتشف القارئ أنه بإزاء عالم انكشف خواؤه الداخلي.
- كما تذكرنا الشخصيات التي يقوم الرزاز بتخليقها (جمعة القفاري في رواية «جمعة القفاري»، والديناصور في رواية «مذكرات ديناصور»، وبئر الأسرار في روايتي «سلطان النوم وزرقاء اليمامة» و «حين تستيقظ الأحلام») بـ «متشائل» إميل حبيبي و «الجندي الطيب شفايك» للكاتب التشيكي ياروسلاف هاشيك، وبالطبيعة المعقدة لهذه الشخصيات التي يكشف هؤلاء الروائيون من خلالها عن المستور والمحجوب من مادة الواقع اليومي، مبرزين بذلك التناقض الحاد بين المثال والواقع.
- أن الأعمال الأخيرة، بدءاً من «جمعة القفاري: يوميات نكرة» (1990) وانتهاء بـ «ليلة عسل» (2000)، قد كتبت تحت ضغط التعبير عن موضوعة جديدة تطورت في كتابات مؤنس، وهي تدور حول فكرة الإنسان الهامشي، أو أبله العائلة (بتعبير جان بول سارتر في كتابه عن الروائي الفرنسي غوستاف فلوبير) أو ما يقع في دائرة الظل تطحنه الحياة اليومية الحديثة اللاهثة.
- سيطرت الرغبة في فهم التحولات الاجتماعية والتكوينية التي ضربت قرية كبيرة كالعاصمة الأردنية عمان في ثمانينات القرن الماضي، إلى درجة حولتها إلى مدينة استهلاكية تشوهت فـيها الـقيم، على روايات مؤنس الأخيرة.

قديم 08-23-2014, 01:31 PM
المشاركة 1184
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
تابع ....والان مع العناصر التي صنعت
الروعة في رواية 56- اعترافات كاتم صوت مؤنس الرزاز الأردن

- جمع في شخصيته ميزات استثنائيه جعلته بحق شخصيه تحوز الاجماع الوطني العام بشقية الرسمي والشعبي مثلما كان في حياتة يحوز على رضاء الجميع.

- لعل تجربة مؤنس الرزاز الابداعية تعتبر واحدة من أشد تجارب المتابه وضوحاً في انحيازها وطواعيتها لسياقات المحطات الحياتيه والتاريخيه وانعكاساً وتأثيراً , حتى بدا ان المعمار الروائي الذي شاده الراحل مؤنس انما استمد مادته الأساسية من هول الأيام وهواجس الذات وتجاربها المرة , ليس رصيداً عيانياً بقدر ماهو تفاعل مع مشهدياتها وأبجدياتها سواء بالتعبير عنها أو بمحاولات الخلاص وطئ قسوتها وشدتها .
- فذلك الطفل الذي سيولد لأب مناضل سيقضي طفولة مختلفه عن أقرانه فوالده الطبيب منيف الرزاز كان سياسياً معروفاً في فتره حفلت بكل عناصر الاندفاع حيث سيشهد الأبن مع ابية دورات متناقضة من التردد بين علو السلطة وإمتيازاتها وبين فداحة السجون والمعتقلات مقابل أحلام الأمه .
- ان مشهد أعتقال الأب البعثي سيبقى ماثلاً لسنوات طويله في ذاكرة الطفل ذي الحساسيه المفرطه كما أن نهاية الأب في أقامته الجبرية ثم موته الدراماتيكي سيشكل ناظما أساسياً لوجان الكتابة وضميرها عند مؤنس الرزاز .
- ولهذا كانت كتاباته تتأرجح بين ما هو مأساوي وفانتازي وبين ماهو خارجي وداخلي وسياسي ووجودي وبين الكآبة الشخصية والهجاء السياسي حتى بدا انه يعاني العالم كقضية شخصية .
- فنجد مثلاً أن روايته (أعترفات كاتم صوت ) كأنها قصيدة عن سجن ابية ووثيقة للعذاب الشخصي ذلك انه جعل من جرحه الخاص موضوعاً عاماً وفناً روائياً
- وفي رواياته الاخرى اللاحقه ينشطر البناء الروائي موضوعياً ونفسياً كشكل آخر من اشكال إعادة بناء النفس أو محاولة التخفيف من تمزقها وكوابيسها ,
- ربما لم تكن شخصياته الروائيه نسخاً عنه وبالتأكيد هي ليست كذلك لكنها على الأقل عاشت الإيقاع ذاته والانشطارات ذاتها , من هنا تصدعت البنيه الروائيه كمحيط حاضن لها تماماً كما تصدعت الأحلام والأحوال العامه فتركها تنحو منحنى غرائبياً هذيانياً.

. عن أعترافات كاتم صوت يقول الاستاذ حسين جلعاد " تجلى طموحي في أن أموت موتاً طبيعياً مبكراً لا منتحراً "...لعل هذه المقوله واحدة من أفجع مشاهد الاعترافات التي أنكب الراحل مؤنس الرزاز على كتابتها قبل رحيله , حين كان يؤشر على سيرة جوانبه لم ننتبه الى فداحتها إلا حين فاجأنا برحيله .


قديم 08-25-2014, 02:00 PM
المشاركة 1185
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
والان مع العناصر التي صنعت الروعة في رواية - 57- رباعية بحري محمد جبريل مصر
- من واقع الدراسات النقدية التي قام بها مجموعة من النقاد.

- يقول الأستاذ صلاح فضل عن هذا الكتاب: هاهو محمد جبريل يمعن مرة أخرى_على طريقته التي تزاوج بين عوالم الغيب والشهادة_ في كتابة الحياة البحرية من داخلها، وهي تعبق برائحة البحر حين تفوح منها رائحة الإنسان المطحون المستلب، بكل أشواقه الروحية وانتفاضاته البشرية..

- على أن ما تمتاز به هذه الرواية لا يتمثل في كمية المعلومات التي تقدمها عن البحر والبشر، وإنما بطريقة انقداحها في أعماق الروح، لتشكل وعي الإنسان ومذاق الحياة في فمه. عندئذ نختبر توهج التجربة وهي تصنع حساسية الإنسان، وتصهر شخصيته، في لحظات الوجود المحتدمة.

- يرى البعض ان روايات محمد جبريل تظل ـ بعد الانتهاء من قراءتها ـ مفتوحة للتأويل؟ ولا تكون نهاياتها حاسمة ومحددة .

-يرى جبريل إن إنهاء العمل الإبداعي عند نقطة معينة محددة ينطوي على تعسف مطلق في التعامل مع حيوات كان يجب أن تظل مستمرة، وهي تلك التي كانت لشخصيات الرواية قبل أن تختفي بالنهاية المغلقة.

- ويرى إن القصة قد تنتهي عند نقطة ما تختارها، لكنها ليست النقطة التي تنتهي عندها حياة الشخصية ـ أو الشخصيات ـ في الرواية.

- ويقول جبريل - إذا كان تشيكوف يرفض أن يكون الكاتب قاضيا يحكم على شخصيات عمله الإبداعي ويُطالب بأن يكون شاهدا غير متحيز فإني أجد أن انحياز الكاتب لقضية ما ـ أو وجهة نظر معينة لموقف أو مجموع ـ مسألة مهمة ومطلوبة، بل إني أتصورها بالنسبة للمبدع الحقيقي مسألة بديهية.

- لجأ في كتاباتة إلى التراث في بعض أعماله في الرواية والقصة القصيرة ، وذلك لانه يرى بأنه جِماع خبرة الشعب في توالي عصوره وأجياله بكل ما تحمله من قيم وعادات وثقافات وسلوكيات.

- ويقول جبريل "من الصعب أن نُعيد الماضي بكامله، ومن الصعب كذلك أن نبني نهضة حقيقية، أن نضيف ونطور ونثري ما لم يكن ذلك كله مستنداً إلى تراث يأخذ منه، ويتصل به.

- ويقول "من الخطأ أن نرتمي في حضن التراث، كما أنه من الخطأ أن نرتمي في حضن الثقافة الغربية. نحن نفيد من التراث في تحقيق التواصل، ونفيد من الثقافة الغربية في تحقيق المعاصرة. الصواب أن نفيد من التراث ومن الثقافة الغربية المعاصرة في تحقيق شخصيتنا المنفردة، في صياغة ملامح متميزة لإبداعنا وفكرنا وثقافتنا الخاصة.

-ويقول جبريل في فن الكتابة الابداعية : " نصيحتي للأدباء الشبان ـ دائما ـ أن يحذفوا كل ما لا يحتاجه العمل الإبداعي، لا يشفقوا على عبارة جميلة، فيبقون عليها، حتى لو كانت نابية عن السياق. أذكرهم بما فعله تولستوي في "الحرب والسلام"، لقد بلغت أصولها ـ عقب الكتابة الأولى ـ أكثر من أربعين ألف صفحة فحذف الفنان تسعة أعشارها.


قديم 08-26-2014, 12:38 PM
المشاركة 1186
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
تابع...
والان مع العناصر التي صنعت الروعة في رواية - 57- رباعية بحري محمد جبريل مصر
- ملخص من واقع الدراسات النقدية التي قام بها مجموعة من النقاد.

- الولوج الي عالم محمد جبريل الانساني نوعا من الإبحار الممتع.
- يقول جبريل "اذا كان لبيئة البحر وما يتصل بها، انعكاسها في العديد من اعمالي الابداعية، فان البيئة الروحية لها انعكاسها كذلك في تلك الاعمال، مثل جوامع ابو العباس وياقوت العرش والبوصيري ونصر الدين وعبد الرحمن بن هرمز وعلي تمراز وثمة أضرحة كظمان والسيدة رقية وكشك وعشرات غيرها من جوامع اولياء الله الصالحين ومساجدهم وزواياهم واضرحتهم.

- في »رباعية بحري« يشعر الكاتب الكبير محمد جبريل أنه كتب كل ما في مخزونه الروحي ووصف طفولته وصباه متنقلا بين الجوامع الاربعة

- ويقول : رباعية بحري عملي روائي من اربعة اجزاء: أبو العباس، ياقوت العرش البوصيري، علي تمراز، تعرض للحياة في حي بحري منذ اواخر الحرب العالمية الثانية الي مطالع ثورة يوليو 1952

- وتتكون من :
- لوحات منفصلة
- تكامل اللحظة القصصيةز
- متصلة من حيث اتصال الاحداث
- تناغم المواقف
- تكرار الشخصيات ف (انسية) التي طالعتنا في بداية الجزء الاول من الرباعية، هي انسية التي انتهت بها احداث الجزء الرابع والاخير.
- وما بين البداية والنهاية نتعرف الي دورة الحياة من ميلاد وطفولة وختان وخطبة وزواج وانجاب وشيخوخة ووفاة، فضلاً عن الحياة في المعهد الديني بالمسافر خانة، وحلقة السمك وحياة الفتوات والعوالم وما يتسم به ذلك كله من اختلاف وتميز، بقدر اختلاف البيئة وتميزها.
- علي سبيل المثال فإن الحياة في البحر وصلة البحر واليابسة، والمؤمنين بطهارة الماء وقدرة البحر علي اعمال السحر، والحكايات والمعتقدات عن عرائس البحر والعوالم الغريبة وكنوز الاعماق، والخرافة، والاسطورة والزي التقليدي، والمواويل، والاغنيات، والامثال، والحكايات، وخاتم سليمان، والمهن المتصلة بمهنة الصيد كالصيد بالسنارة والطراحة والجرافة، واسرار الغوص في اعماق البحر، وغزل الشباك وصناعة البلانسات والفلايك والدناجل وغيره وركوب البحر، وبيع الجملة في حلقة السمك وبائعي الشروات..
- ذلك كله يتضح في الشخصيات التي كانت الحياة في البحر مورد الرزق الاهم - او الوحيد - لها.
- ويقول جبريل" في قصصي القصار تتناثر لمحات من الموروث الشعبي، متمثلة في العديد من سلوكيات الحياة والمفردات والتعبيرات، وغيرها مما يعبر عن التميز الذي تتسم به منطقة بحري في حدودها الجغرافية المحددة والمحدودة: الزي الوطني، الطب الشعبي، العاب الاطفال وأغنياتهم، نداءات الباعة، الكناية، التكية المعايره، القسم، الطرفة، المثل، الحلم، وغيرها..
- ويقول " الحق انني حين اراجع ابداعاتي التي وظفت - او استلهمت الموروث الشعبي اجد انها وليدة العفوية - ومحاولة التعبير عن الواقع، هذا هو ما افرزته تجربة الحياة والمشاهدة والقراءة والتعرف الي الخبرات، لم أتعمد الافادة من الموروث الشعبي بل هو الذي فرض معطياته في مجموع ما كتبت مثل روايتي القصيرة: »الصهبة« وروايتي: »بوح الاسرار«، و»زهرة الصباح« وغيرها.

- علي الرغم من نشأة الكاتب محمد جبريل يتيم الام - لقد ماتت والدته وهو دون العاشرة من عمره - الا انه يتحدث عن اثرها البالغ في تكوينه الابداعي قائلا: وعدت القارئ في سيرتي الذاتية » حكايات عن جزيرة فاروس« بأن يقتصر ما اذكره من الاعوام القليلة التي أمضتها امي في حياتنا علي بعض الصور او الومضات السريعة، رحلت امي قبل ان أبلغ العاشرة فتصورت ان ما اذكره لن يجاوز تلك الفترة الباكرة من حياتي فضلاً عن غياب الوعي بصورة كاملة او جزئية في الاعوام الاولي منها، لكن الذكريات التي كانت مطمورة ما لبثت ان استردتها الكتابة وهو ما سجلته في »مد الموج« و»الحياة ثانية« و»اغنيات« في العديد من اعمالي الروائية والقصصية.

- ولعل رصيد امي هو اول ما اذكره من أيامها بيننا، أشرت اليه في العديد من لوحات السيرة الذاتية، والقصص القصيرة وفي فصول سيرتي الذاتية،

قالت الجدة في شقة الطابق الرابع انها كانت تجلس بجوار امي تعودها لما انتفضت امي - فجأة - واشارت الي ما لم تتبينه العجوز وهتفت: ابعدوه من هنا! ثم سكت صوتها وجسدها امرني ابي بالنزول الي الطبيب الارمني في الطابق الاول، صعد الطبيب السلم بخطوات متباطئة وكان يقف في كل طابق، امام النافذة المطلة علي الشارع الخلفي، ربما ليأخذ انفاسه وكنت ادعوه - بيني وبين نفسي - الي الاسراع في الصعود كي ينقذ امي، أطال الطبيب تأمل الجسد الساكن، كانت العينان جاحظتين، والبطن منتفخا بصورة ملحوظة والجسد بكامله متصلبا، كأنه وضع في قالب، مال الرجل علي صدر امي وباعد بأصبعيه بين الجفنين، وضغط بقبضة يده علي البطن المنتفخة ثم هز رأسه في اسي: ماتت!
كانت امي مثلاً للحنان والقسوة في آن تثيب للفعل الطيب وتعاقب للخطأ التافه او الذي اتصوره تافها - كانت كما رويت في »مد الموج« تصر علي ان نذاكر حتي موعد النوم وترفض نزولنا للعب في الشارع الخلفي، لكنها كانت تحرص علي ان نجلس بحوار الراديو لسماع بابا صادق ثم بابا شارو في موعد برنامج الاطفال، ووافقت علي اقتراح اخي الاكبر بأن نشتري قطعة جاتوه بنقود العيدية التي اعطاها لنا خالي ووضعتها امي في درج الكومودينو وقالت امي: هل اذنت لكم قال اخي انها فلوسنا، ألقت علي الارض ما كانت تحمله، وسحبت من فوق الدولاب حبلا كانت تخصصه لعقابنا، لفته حول اقدامنا وتوالت ضرباتها بالشماعة حتي اجهدها التعب.
ماتت امي وكبرت انا وتزوجت وانجبت وكان من الطبيعي ان تعود الذكريات وتنشأ المقارنة وتتوضح معان كانت غائبة، من بينها اشفاق الابوين علي مستقبل ابنائهما والفارق بين التدليل والافساد والتعويد علي الحياة السهلة او تلك التي تحرص علي القيم كان الاشفاق والحنان والخشية من الانحراف هو الباعث وراء الايذاء المتواصل من امي.. ادركت ذلك متأخرا وبعد فوات الاوان.


- يقول الكاتب الكبير محمد جبريل محدثا نفسه: قد تهبني هامشية من الخبرات اضعاف ما احصل عليه من شخصية اختزنت المعرفة فظلت ساكنة في داخل الذهن والوجدان دون تأثير حقيقي عليها، وعلي من يخالطونها

- ويقول " فإن التأثير والتأثير، لا صلة لهما بمعرفة ولا ثقافة ولا مرحلة سنية.
- ويزعم كما يقول "انني افدت من رحلة امي القصيرة في حياتي ومن رفعة زوجتي زينب العسال الناصحة المشفقة المتدبرة ومن تمازج الطفولة والوعي في ابنتي امل لما لم تبدله الاعوام، ولعلني اذكر زواج خادمتنا »دهب« واستقلالها بحياتها لكنها ظلت علي صلتها الاسرية بنا، تزورنا وتسأل عن احوالنا - بالذات بعد ان رحلت امي - واضطر ابي - بتأثير المرض - الي لزوم البيت والاعتذار عن غالبية الاعمال التي عرضت عليه وكان مترجما! وعانينا ظروفا بالغة القسوة وصارحنا ابي - ذات يوم - ان »دهب« عرضت عليه مبلعا نجاوز به ظروفنا، وارفق ابي شكره باعتذار مؤدب فقد كان - كما قال لنا - يعرف ظروف دهب جيداً.
اذكر ايضا زوجة عم احمد الفكهاني في الشارع الخلفي الواصل بين بيتنا وجامع سيدي علي تمراز كانت اشد منا حرصا علي »الغديوه« التي نقيمها كل بضعة ايام، ابنها فتحي واخي وانا، نفسح لها اسفل عربة الفاكهة الصندوقية الشكل، تضيف الي ما نأتي به ثمار الفكاهة وطبق سلطة خضراء وخبز ساخن من الفرن القريب، تظل طيلة جلوسنا في ظل العربة توصينا بأنفسنا، وبالمذاكرة، وتدعو الله ان يفتح لنا ابواب المستقبل بشخصية الام المصرية في مثالها المكتمل!

قديم 08-29-2014, 03:54 PM
المشاركة 1187
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
تابع .. العناصر التي صنعت الروعة في رواية رقم -57- رباعية بحري ل محمد جبريل

من عرض كتاب بقلم أحمد شبلول

-اذا كانت ثلاثية نجيب محفوظ -بين القصرين، قصر الشوق، السكرية- قد كتب لها الخلود في أدبنا العربي المعاصر، فإن رباعية محمد جبريل ـ التي اتخذ من أولياء الإسكندرية في منطقة بحري عناوين لأجزائها الأربعة –أبو العباس، ياقوت العرش، البوصيري، علي تمراز ـ ستخلِّدُ بلا شك كاتبها.

- فهذه الرباعية الروائية، أو هذا العمل الملحمي الكبير الذي يربو ـ في أجزائه الأربعة ـ على ألف صفحة، سيكون مثارا للحديث الطويل على مائدة النقد الأدبي الروائي لعقود طويلة قادمة.

- وربما تعقد مقارنات طويلة بينه وبين أعمال أخرى مهمة كتبت عن مدينة الإسكندرية مثل: رباعية الإسكندرية للورانس داريل من الأجانب، وأعمال مصطفى نصر وسعيد بكر ومحمد الصاوي وعبد الفتاح رزق وإبراهيم عبد المجيد وإدوار الخراط، وعبد الفتاح مرسي ومجدي عبد النبي، وغيرهم من أدبائنا المصريين الذين اتخذوا من الإسكندرية مكانا ومناخا وشخصيات تؤدي دورها في حقب مختلفة من عمر المدينة الذي تجاوز الألفين وثلاثمائة عام.

- رباعية محمد جبريل عمل ليس سهلا، ولم يكتب للتسلية والمزاح، ولكنه عمل صعب، يحتاج إلى أكثر من قراءة،


- فهو يجمع بين خبرات طويلة ومتعددة في الحياة وفي الأدب وفي الفن وفي الفكر، وأيضا في التصوف وفي الجنس


- وأعتقد أنهما ـ أي التصوف والجنس ـ في هذه الرباعية وجهان لعملة واحدة، هي الحياة البشرية في سموها وانجذابها نحو فك الأسر ومحاولة الانطلاق خارج حدود الزمان والمكان، وهذه الحياة في انحطاطها ودناوتها وسعيها إلى إشباع الغرائز السفلية بشتى الطرق

- وأحيانا يجنح الخيال بالكاتب في عالم التصوف فيقدم لنا العالم السري لشخصيات تسعى إلى الدخول في عالم المجاذيب مثل شخصية علي الراكشي،

- وأحيانا يسوق الكاتب قلمه لتصوير أحط أنواع الغرائز من خلال شخصية مثل شخصية أنسية،

- وأحيانا يقوده هذا القلم إلى التعرض لأنواع من الشذوذ الجنسي المتمثل في شخصية حمادة بك.

- وعندما يتعرض الكاتب لهذين الوجهين فإنه ينقدهما أو يرفضهما، ومن أجل هذا فهو يغوص في هذين العالمين المتناقضين بطريقة إما تدعو إلى الإعجاب والدهشة، أو بطريقة تدعو إلى اللوم والمؤاخذة.

- وفي كلتا الحالتين يُجيد الكاتب تصويرهما وتقديمهما متوسلا بذاكرة حديدية،ومَلَكَةٍ تصويرية يحسد عليها. ولعلي أكون من أصحاب الاتجاه الأول-الإعجاب والدهشة- فقد كنت أثناء قراءة هذه الرباعية شديد الانبهار بالعالم الذي يقدمه لنا محمد جبريل بشقيه ـ فضلا عن الجانب الأسطوري ـ لأنه في الواقع أضاف إلى خبراتي وثقافتي ـ وبالذات في عالم التصوف الذي تحول في هذه الرواية إلى عالم فني شديد الخصوبة والجمال ـ الكثير في هذا المجال.

- وبين شخصيتي الراكشي، وأنسية أبدع محمد جبريل في نسج مئات الشخصيات في رباعيته -التي قد تحتاج إلى معجم لرصدها بدقة- بعضها شخصيات رئيسية أو فاعلة مثل الجد السخاوي صاحب الخبرة الطويلة في عالم البحر والصيد-والذي حزنتُ كثيرا عندما مات قرب نهاية الرباعية، وكانت جنازته جنازة أسطورية أجاد الكاتب تصويرها بما يشعر القارئ بحزن المدينة كلها على وفاة هذا الجد الذي عمَّرَ في البحر طويلا-

-ولعل شخصية الجد السخاوي تقترب في بعض ملامحها من عجوز بحر أرنست هيمنجواي،

- وهناك أيضا سيد الفران الذي تزوج من أنسية رغم معرفته بأنها كانت تمارس البغاء قبل الزواج، ولكنه القلب وما يهوى.

-أيضا هناك عبد الله الكاشف الذي يبدأ ظهوره في الجزء الثالث من الرباعية –البوصيري- وهو ذلك الموظف الذي كان يعمل بسراي الحقانية ثم أحيل على المعاش القانوني لبلوغه سن الستين دون أن يتزوج، واكتفى بأن زوَّج أختيه، وظل يعاني الوحدة والقلق، ومن ثم يبدأ في خوض التجربة الروحية،

- لكنه لا يرقى إلى مرتبة علي الراكشي الذي اعتقد البعض أنه ولي من أولياء الله الصالحين، غير أنه غير ذلك في نظر أولاده وخاصة ابنه محمد الذي اتـهم أباه بأنه كان يتركهم نـهب الجوع والقلق، ويمضي في خزعبلاته، وتجاربه الروحية، ويتوهم أنه يستطيع أن يمد يده ويأتي لهم بالطعام من الهواء.

-وموقف محمد الراكشي هذا هو موقف الإدانة لعالم التصوف الذي أراد المؤلف أن يبثه من خلال إحدى الشخصيات غير الأساسية في الرباعية.

-وهناك الشيخ عبد الحفيظ، وأمين عزب، وغيرهما من أصحاب النظرة الإسلامية المعتدلة في الدين وفي الحياة.

- عشرات الشخصيات الحية والفاعلة على امتداد الرباعية، ومئات الشخصيات التي تظهر وتختفي، وتطفو على السطح مرة ثم تنمحي من الذاكرة، سواء من ذاكرة الكاتب أو ذاكرةالقارئ.

- ولعل الأسطى مواهب العالمة، وزوجها القواد، ومهجة وهشام من هذه الشخصيات التي ظهرت ثم اختفت، ولكنَّ ظهورَها أثار الحيوية في بعض أجزاء الرباعية،

-ولعل الكاتب قد توسَّل باسم مهجة ابنة سلطان الإسكندرية المرسي أبي العباس، وزوجة ياقوت العرش، لتكون امتدادا روحيا للأولياء والأقطاب السكندريين، ولكننا نفاجأ بأنه يقدم لنا مهجة أخرى تذهب إلى المدرسة، ثم تتزوج وتطلق في الليلة نفسها، ويحكم عليها أبوها بعدم الخروج من البيت، ثم تصل إلى مرحلة من مراحل اللامبالاة وعدم الاهتمام بالآخرين، ثم تغشى الشقق للحصول على المتعة، وترفض هشام الذي أحبها، والذي يموت ميتة بائسة بسببها.

- من ناحية أخرى نستطيع القول إن محمد جبريل خبر الحياة في حي بحري خبرة العارف بدقائقها وأسرارها وعوالمها السرية أو التحتية وأيضا أساطيرها -كرامات أولياء الله الصالحين بالمنطقة، شرب دم الترسة وما ينتج عنه، عروسة البحر وخطفها لرجال البحر أو الصيادين، مصارعة الكائنات البحرية العملاقة في عرض البحر والتغلب عليها .. الخ- ويمكن الرجوع للمزيد من هذه الناحية إلى سيرته الذاتية "حكايات عن جزيرة فاروس"

- تجول بنا الكاتب في عشرات الشوارع والأزقة والحواري، من أول سراي رأس التين وحتىالمنشية واللبان وكوم بكير (مركز الدعارة في الإسكندريةفي ذلك الوقت) وأجلسنا على عشرات المقاهي في الكثير من الأحياء، وأدخلنا في البيوت والشقق فعرفنا الكثير من أسرار العائلات السكندرية التي تقطن هذه الأحياء المجاورة لبعضها البعض، في تلك الحقبة التي كتبت فيها هذه الرباعية، وهي فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية وحتى يوم 26 يوليو 1952، يوم خروج الملك فاروق من الإسكندرية.

- وبالمناسبة فإن التركيز لم يكن في هذه الرباعية على أحوال السياسة المصرية في تلك الحقبة، ولكن الحديث عن السياسة كان حديثا عارضا تَفرضه التجمعات أو جلسات الأصدقاء في المقاهي، أو التفكير في ترشيح حمادة بك لنفسه في انتخابات البرلمان. لذا فإنه عندما قامت ثورة 23 يوليو 1952 لم يكن هناك فهم دقيق للأمور من جانب بعض تلك الشخصيات البسيطة، بل مجرد عبارات متناثرة هنا وهناك، كأي مصري بسيط يلتقط خبرا من هنا وخبرا من هناك.

- وقد جاءت فكرة عدم التعمق في الأمور السياسية مواكبة تماما لتركيب معظم شخصيات هذه الرباعية التي أغلبها من الصيادين وصانعي القوارب وناسجي الشباك، وأصحاب الحرف البسيطة والمجاذيب والعاملين في الميناء وفي المساجد وغيرها. وعلى الرغم من ذلك قد الاحظ بعض التعليقات البسيطة التي يطلقها أحدهم فتعبر عن نظرة صائبة ودقيقة للأمور

- اعتمدت الرباعية في هيكلها البنائي على الفصول القصيرة، والقريبة في عدد صفحاتها من بعضها البعض ـ في معظم الأحيان ـ، واتخذ كل فصل عنوانا مستقلا، واقترب عدد الفصول من 150 فصلا روائيا.

-واقترب بعض هذه الفصول من تكنيك القصة القصيرة، التي تصلح لأن تنزع من السياق الروائي لتشكل عالما قصصيا قائما بذاته، ولكنه متى وضع مرة أخرى في هذا السياق فإنه يأخذ مساره الطبيعي ضمن العمل ككل.

-وأعتقد أن السبب من وراء ذلك ربما يعود إلى كتابة هذه الرباعية على فترات متقطعة ينشغل فيها الكاتب بأعمال أخرى، ثم يعود إلى الكتابة، ثم ينفصل، ثم يعود إلى الرباعية، وهكذا يشكل كل فصل عملا مستقلا، لكنه يقع ضمن الإطار العام للرباعية.

- وأحسب أن هذه ميزةٌ كبرى لهذا العمل الضخم فلا يشعر القارئ معه بالملل أو الإطالة غير المستحبة، أو التكرار والإعادة دون مبرر فني،

- ولكني على الرغم من هذا شعرت أحيانا أن الكاتب يكرر بعض المواقف وخاصة عند حديثه عن أهل الجذبة الصوفية.

- أيضا من الأشكال البنائية للرباعية لجوء الكاتب ـ في افتتاحية بعض الفصول ـ إلى الاستشهاد ببعض الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة وكلماتٍ وأورادٍ لأقطاب التصوف: أبو الحسن الشاذلي وابن عطاء الله السكندري والمرسي أبو العباس والبوصيري وغيرهم، وهو بذلك يؤكد على الجو الصوفي الذي تدور في فلكه أجزاء كثيرة من العمل، ويعطي إشارات للأحوال التي يمر بها

- ولا تخلو الرباعية بالإضافة إلى ذلك، من أزجال وأغاني الصيادين وأغاني الأفراح الشعبية والموالد والطهور في مدينة الإسكندرية خلال تلك الحقبة التي تتحدث عنها الرباعية، فضلا عن الأناشيد الدينية وما يُتلى من أذكار وأوراد في حلقات الذكر والخلوة، وغيرها من طقوس الصوفية وأحوالهم،

- وأعتقد أن المؤلف بذل جهدا مضنيا في سبيل جمع أو تذكر هذه الأزجال والأغاني، وأعتقد أننا لو عكفنا على استخراج هذه الأغاني والأزجال والأذكار والأوراد .. الخ من الرباعية، لتوافرت لنا مادة فنية غنية، تصلح للدرس الأدبي فيما بعد.

-وعن بناء الجملة عند محمد جبريل في هذه الرواية، فقد اعتمد على الجملة القصيرة التلغرافية في أغلب الأحوال، ذات الإيحاء الدال،

- وفي كثير من الأحيان يكون التقديم والتأخير للاسم والفعل، وإدخال جملة قصيرة في سياق جملة أخرى دون أن ينتهي من الجملة الأساسية، من أهم سمات تركيب الجملة، مثل قوله: "حين انتقلت علية إلى بيت زوجها، أغمض عينيه، وتنهد"، ونحن في الأحوال العادية نقول: "أغمض عينيه، وتنهد، حين انتقلت علية إلى بيت زوجها"البوصيري، ص 177أو قوله: "ألفت توقفه ـ لا تناقشه ـ أمام باعة الصنف" (علي تمراز، ص 10) فهو يضع جملة إضافية، وهي هنا "لا تناقشه" بين شرطتين أمام جملة لم ينته من قولها بعد.

- ولعل من أهم ما يحسب للكاتب في هذا المقام استخدامه لعلامات الترقيم (مثل النقطة والفاصلة وعلامات التنصيص، والاقتباس وبداية القول ونهايته .. الخ) في مكانها المناسب تماما، ولعل السبب في ذلك يعود إلى تمرس الكاتب بالكتابة الصحفية والأدبية لعقود طويلة، واستخدامه جهاز الحاسوب (الكمبيوتر) لكتابة أعماله وتنضيدها وتنسيقها بمعرفته، ليس عن طريق المطبعةأو الناشر، إذ أنه من الملاحظ أن معظم الناشرين ـ في هذه الأيام ـ لم يهتموا بقواعد الكتابة، وبخاصة علامات الترقيم. وقد لوحظ بعض الأخطاء النحوية القليلة في بعض الصفحات، ولكنها لا تذكر بالقياس إلى حجم هذه الرباعية، وربما جاءت هذه الأخطاء نتيجة عدم المراجعة الدقيقة لبعض صفحات الرواية.

- هناك مقولة شاعت في حياتنا الأدبية والثقافية في الفترة الأخيرة، وهي "الروايةُ أصبحت الآن ديوان العرب"، وأتفق مع هذه المقولة تماما، إذا كانت الرواية التي تصلح لإطلاق هذه المقولة عليها مثل رواية "رباعية بحري" لمحمد جبريل.

- ونعني بأن الرواية هي ديوان العرب ـ في هذه الحالة ـ أن الرواية هي ديوان الحياة العربية المعاصرة بكل ما فيها من عبق الحياة المعاصرة بتياراتها واتجاهاتها وآراء من يعيشون فيها، إنها تحمل الإنسان والمجتمع والسياسة والاقتصاد والطب والفلسفة والعلوم، إنها تحمل الشعر، والقصة، واللغة المكثفة والمركزة والمقطرة والمتفجرة والشفافة، وتحمل أيضا الوصف فضلا عن السرد والحوار.

قديم 08-31-2014, 02:29 AM
المشاركة 1188
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
والان مع العناصر التي صنعت الروعة في رواية رقم - 58- صنعاء مدينة مفتوحة محمد عبد الولي اليمن

- أشعلت هذه الرواية حرائق كبيرة في فضاء الساحة الثقافية اليمنية لا لتميزها وإبداعها عندالنزر اليسير من المعترضين, وإنما لوجود بعض الفلتات اللفظية على لسان بطل الرواية (نعمان), والذي أدى إلى تلاسنات لفظية ومنازلات فكرية وعراكات مريرة امتدت إلى إشهار سيوف الحسبة والتكفير والدخول إلى دهاليز المحاكم.

- الرواية لوحة فنية وأدبية لمجتمع ما قبل الثورة اليمنية, فالظلم هو الظلم في الشمال (الإمامة), والجنوب (الاستعمار).

- فالرواية تعبير عن الإرهاصات الأولى لقيام الثورة اليمنية (26 سبتمبرفي الشمال, 14 أكتوبر في الجنوب).

- فالميزة الرئيسية لأبطال الرواية الغربة, تتقاط عأنفاسهم وأرواحهم مع الواقع, وتدخل في تناقضات رهيبة للخلاص من الواقع الكئيب. فشخوص الرواية (أبطالها), (نعمان - محمد مقبل - الصنعاني - البحار (علي الصغير..), قد احترقت أناملهم بالواقع, واكتووا بنيران الظلم والعذاب, ولم يبق أمامهم من مفر سوى مواجهة الواقع بموضوعية وحذر, وإحداث انقلاب حياتي في المجتمع, لأن الظلم واحد في اليمن وأن تعددت أطيافه, ولابد من لحظة خلاص منه.

- إن بطل الرواية (نعمان), عاش في غربة ومكابدات نفسية وروحية وضياع افتقد فيها الهدف لحياته وفي أحايين كثيرة كسرالواقع أجنحة أحلامه, وظل أسيرا لحياة الغربة والانهزام حينا من الزمن حاول نسيان الواقع ومداواة جراح الغربة الروحية والنفسية, ولكن دون جدوى, فالضبابية والضياع صارت عنوانا لحياته السقيمة.

-وفي نهاية المطاف تستيقظ روح التمرد في نفوس أبطال الرواية, ويقتنعون من أن لا سبيل لإصلاح المجتمع إلا بمواجهة الذات, والابتعاد عن حياة الزيف ومواجهة الفساد والظلم وتغيير الواقع إلى الأفضل.

قديم 08-31-2014, 02:01 PM
المشاركة 1189
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
تابع ....والان مع العناصر التي صنعت الروعة في رواية رقم - 58- صنعاء مدينة مفتوحة محمد عبد الولي اليمن



- عمل واقعي ، مكتمل النضج ، وقطعة أدبية زاخرة بالمشاعر ، جسدت بعمق ونفاد طابع الصراع الاجتماعي والسياسي في المجتمع اليمني في الحقبة الأولى من حقب النضال السياسي المنظم ضد الامامة ، كما جسدت بامتلاء شخصياتها وتنوع مصائرها ، توق الشعب اليمني عامة إلى كسر سجن الطغاة وبناء عالم أفضل ....

- وقد تفنن عبد الولي في تصوير غشم السلطة الامامية وعدائها للمجتمع وعبر عن سخطه لشخص الحاكم من خلال شخصية البحار الذي يدخل قلاع الامامة الظالمة ـ بيت عامل زبيد – وقد كان البحار في السادسة عشرة انذاك ونجح في معاشرة بعض حريم البيت في انتقام اخلاقي.. قصورهم تفضح نفسها بانحلال نسائها ، لقد اخذ البحار في النهاية ما أراد ثم ولي هاربا عبر البحر منتصرا برجولته على تسلط الامامة ..

- ونجد أن إحدى شخصيات رواية محمد أحمد عبد الولي "صنعاء مدينة مفتوحة" التي هاجرت في عمر الشباب إلى شرق أفريقيا تقدم تجربتها للأجيال التالية من أبناء وطنها، وتنصحهم من خلال الكلام الموجه إلى نعمان بطل الرواية بأن يواجهوا مصير بلدهم.

- وتعبر الرواية عن التطلع إلى حياة المدينة عن طريق وصفها لحياة القرية القاسية واللهفة لترك تلك الحياة والعودة إلى عدن.

من قراءة علي السقاف جده

قديم 09-01-2014, 01:38 PM
المشاركة 1190
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
تابع ....والان مع العناصر التي صنعت الروعة في رواية رقم - 58- صنعاء مدينة مفتوحة محمد عبد الولي اليمن



- لقد عاش القاص اليمني محمد عبدالولي في القسط الأكبر من حياته تعيسا , كان يجد متعته في الكتابة, فالكتابة على حدتعبير كاترين أن بوتر:- ليست قضاء وقت فراغ جميل, هي ليست شيئا يحدث بلاألم, إنها مهنة مرهقة وجادة.


- إن القاص محمد عبد الولي قاص وروائي على قدر كبير من الموهبة, وصاحب قدرة عالية في عكس الواقع بلغة شعرية شفافة.

- ولقد تأثركثيرا باللغة والتكنيك القصصي للقاص الروسي تشيكوف, وبحنا مينا, ويوسف ادريس.

- فلم يكن مترعا بالرومانتيكية, بل كان واقعيا ينتمي إلى المدرسة الواقعية, وهو ليس كمن:- (يمسك ورقة وقلما ويرسم إلها وبرتقالة).

- فهويمسك ورقة وقلما ليرسم واقعا حيا بتفاعلاته, وديناميكيته وبتقاطعاته وبألوانه الطيفية الحياتية>

- إنه كاتب متمرد على الواقع, واقع الفساد والرذيلة, والسكون والجمود, يمسك القلم لتصوير الواقع بفن وإبداع,

- ويشير بسبابته إلى موطن الضعف والجبن في المجتمع, يكره العادات الرتيبة والتقوقع,

- وتمرده ليس موضة, أو عبارة عن عنفوان شباب, وإنما هو التمرد الواقعي والسليم, ليخلق مجتمعا أكثر إنسانية واستقامة.

- لقد أدرك عبد الولي ضرورة تغيير الواقع, والخروج عن الجمود والرتابة, فبطل الرواية نعمان يقول:"أنا.. شاب مندفع لا يحب مطلقا أن تعيش بلا عجل.. بلا حركة.. بلا خفة.. وشعرت بالسأم بعد أيام من وجودي فيها (القرية)...".

- محمد عبد الولي في رواياته وقصصه, لا يريد من الجمهور أني تعاطفوا مع أبطاله, ولا يقصد إلى إثارة المشاعر والأحاسيس العاطفية الشكلية, يريد منهم أن يشاركوا في الحدث, أن يتحولوا إلى عمليين, يدفعهم إلى التغيير والثورة على الظلم والأوضاع البائسة.

- لم يقع كغيره من الناشئين في شبكة التقليد والمحاكاة.

-وظل يكتب على سجيته, دون التفات إلى حصيلته الثقافية.. فلقد كانت مرارة التجربة التي عاشها والصبا هي المسيطر الأول على إنتاجه...

- شهدت القصة اليمنية في حياة محمد عبد الولي ازدهارا لم يسبق له مثيل. ويعود في ذلك إلىتنوع تجربته الثقافية وموهبته الفنية التي صقلها بدراسته فن القصة.

- شخصية القصة والرواية عند محمد عبد الولي, اتسعت رؤيتها وانتقلت من الحالة الفردية إلى ؛النموذج« أي اليمن وأيا ما كان إزاء ظروف لا تشبه المأساة الكونية التي يتعرض لها البطل القديم, بل هي ظروف إنسانية وفي متناول يدنا, وفي مقدورنا تغييرها, أو ينبغي ذلك,

-من هنا لم تعد القصة تثير العطف أو الإشفاق أوالإعجاب, بقدر ما تثير روح التغيير للظروف الخارجية وإنقاذ الضحايا, ولم يعد المجهود الفردي كافيا , فلن يغير من الأمر شيئا.

- لقد حبك الكاتب خيوط نصه بمهارة الصانع الملم بأسرار صناعة السرد,

- وترك للقارئ مناسبة ملاحقة بناء النص وتتبع عوامله, وهودائم التساؤل عن سر الحكي الذي ضبط مساره, ويحدد وجهته, إذ لا يمكن تكوين فكرة عامة عن هذا النص إلا بعد الانتهاء منه..

- إن كل ذلك يجعلنا أمام نص متكامل العناصروالبناء, فهو كتلة واحدة, متراصة العناصر والأجزاء, وأي إهمال لأي منها لا يمكن إلا أن يسهم في تشويش الرؤية, كما أن أي إغفال لأبسط علاقة فيه لا يتولد عنه إلا اختزال النص, عدم النفاذ إلى جوهره, أو الكشف عن باطنه, والوقوف عند أهم ملامحه وخصائصه .

- الرواية لوحة فنية وأدبية لمجتمع ما قبل الثورة اليمنية, فالظلم هو الظلم في الشمال (الإمامة), والجنوب (الاستعمار).

- الرواية تعبير عن الإرهاصات الأولى لقيام الثورة اليمنية.

- فالميزة الرئيسية لأبطال الرواية الغربة, تتقاطع أنفاسهم وأرواحهم مع الواقع, وتدخل في تناقضات رهيبة للخلاص من الواقع الكئيب.

- فشخوص الرواية (أبطالها), (نعمان - محمد مقبل - الصنعاني - البحار (علي الصغير..), قد احترقت أناملهم بالواقع, واكتووا بنيران الظلم والعذاب, ولم يبق أمامهم من مفر سوى مواجهة الواقع بموضوعية وحذر, وإحداث انقلاب حياتي في المجتمع, لأن الظلم واحد في اليمن وأن تعددت أطيافه, ولابد من لحظة خلاص منه.

- إن بطل الرواية (نعمان), عاش في غ ربة ومكابدات نفسية وروحية وضياع افتقد فيها الهدف لحياته وفي أحايين كثيرة كسر الواقع أجنحة أحلامه, وظل أسيرا لحياة الغربة والانهزام حينا من الزمن حاول نسيان الواقع ومداواة جراح الغ ربة الروحية والنفسية, ولكن دون جدوى, فالضبابية والضياع صارت عنوانا لحياته السقيمة:-

- وفي نهاية المطاف تستيقظ روح التمرد في نفوس أبطال الرواية, ويقتنعون من أن لا سبيل لإصلاح المجتمع إلا بمواجهة الذات, والابتعاد عن حياة الزيفومواجهة الفساد والظلم وتغيير الواقع إلى الأفضل, وقبل قليل من تكشف الحقيقة ومعرفة الهدف, تموت زوجة نعمان (هند) وطفلها لعسر في الولادة.

- فبموت ؛هند« تتملك بطل الرواية (نعمان), كآبة وهوس وتشنجات لا حدود لها, فيقع فريسة للمرض والهذيان, ويكاد لا يصدق أنها ماتت, ولماذا ماتت?!! وكيف ماتت?!! لقد شعر بالذنب والمأساة, لأنه أحبها دون اكتراث وبعبثية.
-أما في لحظة الصاعقة, الموت أنبجست مشاعر الحب الحقيقية من كل مسامات جسمه, وتحول قلبه إلى كتلة من اللهب والتشوق لهند... وتقوده الكآبة والاضطرابات والتشنجات إلى حالة من الهيستيريا والانفعالات اللاشعورية, وتتساقط من لسانه بعصبية غير مألوفة كلمات ليست مستساغة, لقد فقد توازنه وغابت أحاسيسه الحية إلى حالة من الهذيا.

- رواية »صنعاء مدينة مفتوحة« صدرت قبل ما يربو على عشرين سنة ومن الصعب على القارئ أن يجد اليوم نسخة في المكتبة أو الأسواق, ودرست في الجامعات, ومثلت في مسلسل إذاعي, وقراء الرواية نزر يسير من المثقفين, لم تلفت انتباههم الفلتات اللفظية, بل كانوا يركزون على مضمون العمل الروائي.

- إن الرواية تبدو نقدا اجتماعيا للواقع, من خلال تصوير مأساته, وتبدو محاولة لإعادة ترتيب الماضي, ومحاكمته, وتبدو تبريرا للحاضر معا .
- إنها تبدو كل الأشياء, وتبدو ضباب الأشياء من خلال الدموع والمآسي, وتبدو لا شيء غيرغيبوبة واهية تحملنا إلى أول الطريق كي نموت مرتين. أو نزهر من خلال الموت ورداء حمراء هي الحياة. لذا كان الموت ليس دلالة اجتماعية وسياسية فحسب, ولكن قضية وجودية ونفسية أيضا, هذا ما يختاره المؤلف منذ لحظة الولادة .

==
سمير عبدالرحمن الشميري كاتب واكاديمي من اليمن
المصدر : مجلة نزوى






مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 118 ( الأعضاء 0 والزوار 118)
 

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: أفضل مئة رواية عربية – سر الروعة فيها؟؟؟!!!- دراسة بحثية.
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
أعظم 50 عبقري عبر التاريخ : ما سر هذه العبقرية؟ دراسة بحثية ايوب صابر منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 62 05-16-2021 01:36 PM
هل تولد الحياة من رحم الموت؟؟؟ دراسة بحثية ايوب صابر منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 2483 09-23-2019 02:12 PM
ما سر "الروعة" في افضل مائة رواية عالمية؟ دراسة بحثية ايوب صابر منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 523 09-09-2018 03:59 PM
اعظم 100 كتاب في التاريخ: ما سر هذه العظمة؟- دراسة بحثية ايوب صابر منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 413 12-09-2015 01:15 PM
القديسون واليتم: ما نسبة الايتام من بين القديسين؟ دراسة بحثية ايوب صابر منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 18 08-22-2012 12:25 PM

الساعة الآن 06:47 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.