احصائيات

الردود
1

المشاهدات
4163
 
عزت فائق ابوالرُب
من آل منابر ثقافية

عزت فائق ابوالرُب is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
38

+التقييم
0.01

تاريخ التسجيل
Sep 2011

الاقامة
فلسطين - جنين

رقم العضوية
10453
05-16-2012, 10:32 PM
المشاركة 1
05-16-2012, 10:32 PM
المشاركة 1
افتراضي قصص وحكايا من التراث الفلسطيني (8) صيد الضباع
[justify]صيد الضباع
[/justify]
ما إن لاحت تباشير الفجر الأولى ، وانتشرت رسله في الكون ،حتى أخذت الديوك تصيح وتزقو في أقنانها، فنهض أبو أحمد وتأهب للذهاب إلى غوْر بيْسان ، وجهّزكذلك القطاريز والحرّاثون دوابهم وأمتعتهم، فيما تباطأ الرعاة والحطابات قليلا. حمل (أبو أحمد ) الطورية (المجراف) واتجه شرقاً إلى السقي القبلي في المجدّعة.
ازدحم طريق الغوْر بالمبكّرين من المزارعين والمسافرين والبائعين المتجولين ، ومع بزوغ شمس تموز المتوقدة وصل إلى حقل الذرة التشرينية البيضاء ،فحوّل مجرى الماء المتدفق من الحاووز إلى الحقل،وأخذ يتعهد المداخل والقنوات الفرعية طيلة اليوم ،حتى تغلغل الماء إلى كل شبر، ووصل إلى كل فسيلة. وعند غروب شمس ذلك النهار الصيفي الطويل ، كان قد استوفى نصيبه من الري ، فغيّر مجرى الماء باتجاه حقل جاره أبي الرفيق.
لملمت شمس الأصيل خيوطها الذهبية ، وارتحلت باستحياء، فارتدى الأفق الوشاح الأحمر ، وأخذت الرؤية تتضاءل وتتلاشى،تأكيداً على طيِّ صفحة النهار. ارتحل هو الآخر، غادر المكان،ترك خلفه التل و بيت علي الفارس،سلك طريق واد المضابع المزدحم ببيوت الشعر ، وعند ابن سعدون الصقري تناول القهوة وتابع سيره دون استبطاء. ابتلع الظلام ملامح الأُنس وبقايا الحركة ، فلم تعد تسمع إلا خشخشة الهشير(2) وصدى صوت البوم وصرير الجنادب .سار وسط الشِّعب ، تجاوز عراق السمسم ،وتحت الخروبة التي طالما تفيأ ظلها في عراق الهوى قام يصلي العشاء الآخرة،سلَّم عن يمينه ، رأى زوالاً ، أنهى صلاته بالسلام عن شماله ،وقام،تحرك الزوال، وقف على قائمتيه الأماميتين. بدأ بأولى الحركات والمناورات..تثاءب .. فتح فمه أوسع ما يكون، لم يقلق أبو أحمد كثيراً، نفض التراب عن جبهته وتابع المسير بيقظةٍ وانتباه.اندفع أمامه كالسهم يهدر ويحرك الحجارة والقش بقوة ليعيق حركته. وقف رابط الجأش، وردّه بزخاتٍ من الحجارة الموجعة ،فتراجع قليلاً،وما لبث أن عاود الهجوم بأسلوبٍ آخر ، فأخذ يصرخ ويصفِّق بذيله ، فتصدى له بوابل من الحجارة،فنكص على عقبيه مرةً أُخرى.طالت المواجهة،أخذت جزءاً من الليل بين كرٍّ وفرّ.
تعب أبو أحمد وفترت عزيمته، فلم تعد الحجارة سلاحاً فعّالاً.... هجم بشراسة ، استوحش ،اقترب منه أكثر فأكثر، نفض ذيله المبلل في وجهه ،وعوى عواءً مفزعاً وقبيحاً، ارتعش أبو أحمد ، تسلل الخوف إلى قلبه، فقد هدّه التعب والإعياء، وخاف أن ينال منه ، فاندفع للاختباء في أحد الشقوق، قفز بسرعةٍ وقوةٍ أمامه،صار أسفل منه ، تمكَّن منه ، انهال عليه بالحجارة ، دحره للأسفل ، وانطلق هو إلى الأعلى باتجاه القرية ، وكلما لحق به صدّه من جديد ، إلى أن وصل أطراف البلد الشرقية.
دخل البيت منهكاً،آوى إلى فراشه، ودونما حراكٍ أو أحلام ، أسلم نفسه لسباتٍ عميق ، لم يفق منه إلا بعد طلوع الشمس. أخذ يسترجع مشهد ليلة أمس ، وكيف كاد أن يقع فريسةً لتلك الضبع التي يلهو باصطيادها في النهار كما تلهو الصغار باصطياد فراخ العصافير.تناول لقيماتٍ من فطوره،وامتشق بندقيته ،وذهب إلى صديقه خليل واخبره بما حدث معه .فقال خليل:هو لي وحدي إذا عثرنا عليه. فقال: نعم.
انطلقا إلى المكان ، وصلا حيث كانت شدة العراك ، فالآثار تشهد وتكاد تنطق، تتبعا الأثر، انحدر إلى الشِّعب مع واد المضابع ، ارتفع إلى عراق السمسم ، إلى السِّلَّمي، ضاع الأثر ، دققوا النظر، هبط بهم مرةً أخرى مع تلك السلسلة الجبلية الشاسعة العملاقة ،دار ، لفّ، انحنى،صعد إلى باب (الموكرة)الجحر في عراق الهوى . خلع خليل ملابسه الخارجية، دخل الموكرة، تجرَّد تماماً، أوغل في الداخل،لم يجد شيئاً، دخل نافع، استغرب من سعة المكان ، وتداخل الفتحات والشقوق، سلَّط (اللوكس)(1) الضوْء على الشقوق في الأسفل والأعلى ، على الحشرات التي تحوم ،لم يكن بعيداً عن تلك الحشرات ، وفي أحد الشقوق العلوية كان رابضاً يرنو إليهم ، خرج نافع، وتقدم خليل نحوه، أخذ يدفعه إلى الخارج ، وعند اقترابه من الباب صاح خليل (جاهز ) ودفعه بقوة، فانطلق سريعا،فدوّى صوت البندقية ،تدحرج قليلاً،وبعد خروج خليل اقترب منه وأطلق عليه فشكةً أخرى. بادر خليل وذبحه وسلخه وقطعه، وعاد بصيد ثمين سمين. وفي طريق عودتهما ، جلسا يستريحان في ظل خروبة القهاقير الشهيرة ،على مرأى من الرعاة في (أبو دهماز) وبكلماتٍ ونداءات هرولت الكلاب التي مع الرعاة إليهما، فقطع نافع أذن الضبع وألقاها نحوها ، فرجعت مذعورة تنبح نباحاً شديداً، وتشنج الكلب الذي أصابته الإذن ، وأخذ يزبد ويرغي ، ولم يفق إلا بعد أن رشَّ عليه الماء، ثم أردف قائلاً: وتلك حكايتي مع الضبع في غوْر جلبون.
--------------------------------
1-اللوكس: مصباح اليد
2- الهشير :العشب اليابس


قديم 05-20-2012, 09:51 PM
المشاركة 2
فاطمة جلال
مراقبة سابقة

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
حكايا عنوان للتميز والرقي والابداع

اهلا بك وبحرفك الراقي

احترامي

تَعَـالَ ...
نَعْـجِن مِـن الحِـرَفِ رَغِيفًـا عَـلَى مَوَائِـدِ الـكَلَامِ ...
وَنَـكْتُب رَسَائِـلَ الحَـنِينِ إِلَى اليَـاسمِينِ ....

تعـالَ...
فمن تشتاق الـروحُ اليـهم ؛ قـــد أوغلـوا فـي الغيـاب !

فاطمة جلال

.....

مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: قصص وحكايا من التراث الفلسطيني (8) صيد الضباع
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
قصص وحكايا من التراث الفلسطيني (7) زريقان عزت فائق ابوالرُب منبر القصص والروايات والمسرح . 0 04-04-2012 10:46 PM
قصص و حكايا من التراث الفلسطيني - 4 - عزت فائق ابوالرُب منبر القصص والروايات والمسرح . 1 12-16-2011 03:02 PM
قصص وحكايا من التراث الفلسطيني - 2 عزت فائق ابوالرُب منبر القصص والروايات والمسرح . 3 12-10-2011 02:50 PM
قصص و حكايا من التراث الفلسطيني ( 1 ) عزت فائق ابوالرُب منبر القصص والروايات والمسرح . 7 12-05-2011 01:33 PM
بعض أغاني الأطفال من التراث الفلسطيني ماجد جابر منبر الشعر الشعبي والمحاورات الشعرية. 3 11-07-2011 08:31 PM

الساعة الآن 06:22 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.