قديم 09-03-2010, 03:30 AM
المشاركة 41
أمل محمد
مشرفة سابقة من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
زمن الذئاب




وبعثت تعتب يا أبي..!

وغضبت مني بعدما

تاهت خطاي.. عن الحسين

أنا يا أبي في الدرب مصلوب اليدين

وزوابع الأيام تحملني و لا أدري.. لأين

والناس تعبر فوق أشلائي

ودمعي.. بين.. بين

وبعثت تعتب يا أبي

لم لا تجئ لكي ترى

كيف الضمير يموت في قلب الرجل؟

كيف الأمان يضيع أو يفنى الأمل؟

لم لا تجئ لكي ترى

أن الطريق يضيق حزنا بالبشر؟

أن الظلام اليوم يغتال القمر؟

أن الربيع يجئ.. من غير الزهر؟

لم لا تجئ لكي ترى..

الأرض تأكل زرعها؟

و الأم تقتل طفلها؟

أترى تصدق يا أبي

أن السماء الآن.. تذبح بدرها؟!

و الأرض يا أبتاه تأكل.. نفسها..

* * *

وغضبت يا أبتاه مني بعدما

تاهت خطاي عن الحسين..

أتراه عاش زماننا

أتراه ذاق.. كؤوسنا؟

هل كان في أيامه دجل.. و إذلال.. وقهر؟

هل كان في أيامه دنس يضيق.. بكل طهر؟

فبيوتنا صارت مقابر للبشر

في كل مقبرة إله

يعطي.. و يمنع ما يشاء

ما أكثر العباد.. في زمن الشقاء

أبتاه لا تعتب علي..

يوما ستلقاني أصلي في الحسين

سترى دموع الحزن تحملها بقايا.. مقلتين..

فأنا أحن إلى الحسين..

ويشدني قلبي إليه فلا أرى.. قدمي تسير

القلب يا أبتاه أصبح كالضرير

أنا حائر في الدرب.. لا أدري المصير!!

* * *

أنا في المدينة يا أبي مثل السحاب..

يوما تداعبني الحياة بسحرها..

يوما.. يمزقني العذاب

ورأيت أحلام السنين كأنها

وهم جحود.. أو سراب

وعرفت أن العمر حلم زائف

فغدا يصير.. إلى التراب

زمن حزين يا أبي زمن الذئاب

* * *

أبتاه لا تغضب إذا

ما قلت شيئا.. من عتاب

أبتاه قد علمتني حب التراب

كيف الحياة أعيشها رغم الصعاب

كيف الشباب يشدني نحو السحاب

حاسبت نفسي عمرها

حتى يئست من الحساب

وضميري المسكين مات من العذاب

أبتاه..

ما زال في قلبي عتاب

لم لم تعلمني الحياة مع الذئاب؟!!



//

قديم 09-03-2010, 03:31 AM
المشاركة 42
أمل محمد
مشرفة سابقة من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
ما زلت أذكرها



ونظرت نحوك والحنين يشدني

والذكريات الحائرات.. تهزني

ودموع ماضينا تعود.. تلومني

أتراك تذكرها و تعرف صوتها

قد كان أعذب ما سمعت من الحياة..

قد كان أول خيط صبح أشرقت

في عمرك الحيران دنيا من ضياه

آه من العمر الذي يمضي بنا

ويظل تحملنا خطاه

ونعيش نحفر في الرمال عهودنا

حتى يجئ الموج.. تصرعها يداه..

* * *

أتراك لا تدرين حقا.. من أنا؟

الناس تنظر في ذهول.. نحونا

كل الذي في البيت يذكر حبنا..

أم أن طول البعد-يا دنياي- غير حالنا؟

أنا يا حبيبة كل أيامي.. و قلبي و المنى

ما زلت أشعر كل نبض كان يوما.. بيننا

ومددت قلبي في الزحام لكي يعانق.. قلبها

أنا لا أصدق أن في الأعماق شوقا.. مثل أشواقي لها

وتصافحت أشواقنا

وتعانقت خفقاتنا

كل الذي في البيت يعرف أننا

يوما وهبنا.. للوفاء حياتنا..

يسري و يفعل في الجوانح ما يشاء

يوما نزفنا في الوداع دموعنا

لو كانت الأيام تعود في صمت.. إلى الوراء

* * *

الآن تجمعنا الليالي بعدما

أخذت من الأزهار كل رحيقها..

الآن تجمعنا الليالي بعدما

سلبت من النظرات كل بريقها..

اليوم تلقاني كما تلقى الغريب

بيني و بينك قلعة قالوا لنا..

شيئا نسميه النصيب

ونظرت حولك في ألم

ورأيت في عينيك شيئا عله

حزن.. حنين.. أو بقايا من ندم

وعلى قميصي نام منديلي على وجه القلم

هذي هداياها تحدق نحونا

منديلها كم بات يسألني

متى الأيام تجمع.. شملنا

ورأيت قلبي تائها بين الزحام

لا شيء يسمع لا حديث.. ولا سلام

أنا لا أرى شيئا أمامي غير ذكرى.. أو لقاء

رجل توقف بالزمان.. وقد بنى

قصرا كبيرا. .في الفضاء

فلتعذريني أنني.. ما زلت أنظر للوراء

* * *

و سمعت صوتك في زحام الناس

يسري.. كالضياء..

((زوجي فلان))..

((هذا فلان))..

قد كان يوما.. من أعز الأصدقاء

نظرت إلي وحدقت

هيا.. لنذهب للعشاء.



//

قديم 09-03-2010, 03:32 AM
المشاركة 43
أمل محمد
مشرفة سابقة من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
وجئت إليك



و جئت إليك و في راحتي جراح السنين

و أحزان عمر.. وطيف اغتراب

وبين الليالي.. بقايا أماني

تلاشت كما يتلاشى السراب

شعيرات رأسي تصارعن يوما

بياض الشيوخ و سحر الشباب

تراني أحب و قد صار عمري

ثقيلا.. ثقيلا كليل العذاب

وجئت إليك وفرحة قلبي تفوق السحاب

وبيني وبينك سد منيع

وعشرون عاما.. تجر الثياب

وجدت الأماني قلاعا توارت

وحلما تمزق بين الحراب

لقد كنت في العمر يوما جميلا

وقطرة ماء.. طواها التراب

وقد كنت لحنا توارى بقلبي

ومر على العمر مثل السحاب

بكينا-وبالحزن- بعض الليالي

فكيف سنبكي ضياع الشباب؟!



//

قديم 09-03-2010, 03:32 AM
المشاركة 44
أمل محمد
مشرفة سابقة من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
عندما يرحل الرفاق



تاهت خطاي عن الطريق

لا ضوء فيه.. ولا حياة.. ولا رفيق

والبيت.. أين البيت؟!

قد صار كالأمل الغريق

و عواصف الأيام تقتلع الجوانح

بالأسى الدامي.. العميق

وتلعثمت شفتاي قلت لعلني

أخطأت.. في الليل الطريق

وسمعت صوت الليل يسري.. في شجن:

قدماك خاصمتا الطريق

رحل الرفاق أيا صديقي من زمن

* * *

يا ليل..

يا من قد جمعت على جفونك شملنا

يا من نثرت رياض دفئك حولنا

وحملت أنسام الربيع رقيقة

سكرى لترقص.. بيننا

أتراك تذكر من أنا؟

أنا صاحب البيت القديم

يوما تركت لديك حبا عاش مفتون.. المنى

و سمعت صوت الليل يسري.. في شجن

رحل الرفاق أيا صديقي من زمن

* * *

ودخلت بيتي و السنين تشدني

وروائح الماضي القديم.. تضمني

البيت يعرف خطوتي

في مدخل البيت الحزين رأيت كل حكايتي

الأرض تبتلع الزهور

وأزهار النوار في تابوتها

أطلال عطر.. أو قشور

فوق القاعد كانت الحشرات تجري.. أو تدور

والهمس يسري بينها

جمع التراب رفاقه حولي و حدق.. في غرور:

أتراك جئت لكي تحطم بيتنا

وسألته في دهشة:

أتراك تعرف من أنا؟

أنا صاحب البيت القديم

نهض التراب وقال في غضب:

شيء عجيب ما أرى..

ماذا تريد؟

كل الذي في البيت يعرف أنني

أصبحت صاحبه الجديد

وعلى جدار الصمت نامت صورتي

تاهت ملامحها مع الأيام مثل.. حكايتي..

ودموعها تنساب كالماضي وتروي قصتي..

بجوار مقعدنا رأيت جريدة

فيها مواعيد السفر..

ومتى تعود الطائرة..

وشريط أغنية لعل رنينها

قد ظل يسرع.. ثم يسرع

خلف ذكرى.. حائرة

فتوقفت نبضاتها..

وسمعتها:

(أيها الساهر تغفو..

تذكر العهد.. و تصحو..

و إذا ما التأم جرح جد بالتذكار.. جرح

فتعلم كيف تنسى و تعلم.. كيف تمحو)

* * *

وعلى سريري ماتت الأحلام وانتهت.. المنى

يا حجرتي.. يا صورتي..

يا كل ما أحببت من هذا الوجود

يا وردتي يا أعذب الألحان في دنيا الورود

أنا صاحب البيت القديم!!

لا شيء ينطق في السكون

لا شيء يعرف.. من أكون؟!!

وسمعت صوتا يقتل الصمت الرهيب:

أنت الذي ترك الزهور..

لكي تموت من الصقيع..

كل الذي في البيت عاش و ظل يحلم بالربيع..

كل الذي في البيت مات

كل الذي في البيت مات

* * *

ومضيت نحو الصوت تنهرني الخطى..

فوجدته قلمي ينام على كتاب

ودماؤه الحيرى تئن على التراب

ومضى يحدثني بحزن.. و اكتئاب:

لم يا صديقي قد هجرتم بيتنا

وتركتم الحب الصغير يموت حزنا.. بيننا

في كل يوم كان يسأل: أين أمي؟؟ أين راح أبي؟!

تراني.. من أنا؟!

ما زلت أذكر يا رفيقي ساعة الأمس الحزين

أنا لا أصدق أن قلبك جرب الأشواق

أو ذاق الحنين

ما كنت أحسب أن مثلك قد يخون

أو أن طيف الحب في دنياك يوما.. قد يهون

* * *

أمسكت بالقلم الذي يبكي أمامي في جنون..

هيا إلي فربما نجد الطريق

هيا إلي فربما نجد الرفيق

ماذا أقول؟!

تاهت خطاي عن الطريق..!



//

قديم 09-03-2010, 03:34 AM
المشاركة 45
أمل محمد
مشرفة سابقة من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
ويمضي العمر..


ويمضي العمر.. يا عمري

وأشعر أن في الأيام يوما.. سوف يجمعنا

وأن الحب رغم البعد سوف يزور مضجعنا

وأن الدهر بعد الصد سوف يعود يسمعنا

ويمسح في ظلام العمر شكوانا.. وأدمعنا

* * *

غدا ألقاك أغنية

يحن لشدوها.. قلبي

وكم سكرت حنايانا

وتاه البعد.. في القرب

فلم نعرف سوى النجوى

لنحيا الحب.. للحب

* * *

غدا يا منية الأيام تجمعنا ليالينا

سنبني للهوى بيتا و نلقي فيه ماضينا

ونكتب فيه ملحمة و نودعها أمانينا

تركت لديك أشعاري فضميها إلى صدرك

وقولي إنها عمري وما عمري سوى عمرك

عرفت الحب أمطارا.. وزهرا في سنا ثغرك

* * *

غدا في الشط تجمعنا

ليالي الصيف والنجوى

وفوق رماله الفرحى

سننسى الحزن والشكوى

نعانق فيه أحلاما

تركناها بلا مأوى

وقد ألقاك في سفر

وقد ألقاك في غربة

كلانا عاش مشتاقا

وعاند في الهوى قلبه

* * *

ويمضي العمر يا عمري

وأشعر أن في الأيام يوما سوف يجمعنا

وأن الدهر بعد الصد سوف يعود يسمعنا

لأن هواك في قلبي سيبقى خالد المعنى



//

قديم 09-03-2010, 03:35 AM
المشاركة 46
أمل محمد
مشرفة سابقة من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
الزمن الحزين..


وأتيت يا ولدي.. مع الزمن الحزين

فالعطر بالأحزان مات.. على حنايا الياسمين

أطيارنا رحلت.. و أضناها الحنين

أيامنا.. كسحابة الصيف الحزين

ودماؤنا صارت شراب العابثين

تتبعثر الأحلام في أعمارنا

تتساقط الأفراح من أيامنا

صرنا عرايا..؟!

كل من في الأرض جاء

حتى يمزق.. جرحنا

صرنا عرايا..؟!

كل من في الأرض جاء

حتى يمزق.. عرضنا..

قالوا لنا:

أنتم حصون المجد.. أنتم عزنا

قتلوا الصباح بأرضنا.. قتلوا المنى

* * *

من أجل من يقتات أبنائي التراب؟

من أجل من نحيا عبيدا للعذاب؟

حزن.. وإذلال.. وشكوى واغتراب

يا سادتي.. قلبي يموت من العذاب

لمن العتاب؟

لمن الحساب؟

من أجل من تتغرب الأطيار في بلدي وتنتحر الزهور؟

من أجل من تتحطم الكلمات في صدري وتختنق السطور؟

من أجل من يغتالنا قدر جسور

يا سادتي.. عندي سؤال واحد

من أجل من يتمزق الغد في بلادي؟

من أجل من يجني الأسى أولادي؟

* * *

قد علموني الخوف يا ولدي

وقالوا.. إن في الخوف النجاة

إن الصلاة.. هي الصلاة

إن السؤال جريمة لا تعصي يا ولدي((الإله))

عشرون عاما يا بني دفنتها

وكأنها شبح توارى في المساء

ضاعت سنين العمر يا ولدي هباء

والعمر علمني الكثير

أن أدفن الآهات في صدري و أمضي.. كالضرير..

ألا أفكر في المصير

قل ما بدا لك يا بني و لا تخف

فالخوف مقبرة الحياة..

من أجل صبح تشرق الأيام في أرجائه

من أجل عمر ماتت الأحلام في أحشائه

قل ما بدا لك يا بني

حتى يعود الحب يملأ بيتنا

حتى نلملم بالأمان جراحنا

لا تتركوا الغد في فؤادي يحترق

لا تجعلوا صوت الأماني يختنق



//

قديم 09-03-2010, 03:36 AM
المشاركة 47
أمل محمد
مشرفة سابقة من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
حتى الحجارة .. أعلنت عصيانها ..



حجر عتيق فوق صدر النيلِ

يصرخُ في العراء ..

يبكي في أسى

ويدور في فزع

ويشكو حزنهُ للماء ..

كانت رياح العري تلفحهُ فيحني رأسهُ

ويئنُ في ألمٍ وينظرُ للوراء ..

يتذكرُ المسكينُ أمجادَ السنينِ العابراتِ

على ضفافٍ من ضياء ..

يبكي على زمنٍ تولَّى

كانت الأحجارُ تيجاناً وأوسمةً

تزيِّنُ قامةَ الشرفاء ..

يدنو قليلاً من مياهِ النهرِ يلمَسُها

تعانقُ بؤسَهُ

يترنَّحُ المسكينُ بين الخوفِ والإعياء ..

ويعودُ يسألُ

فالسماءُ الآن في عينيهِ ما عادت سماء ..

أين العصافيرُ التي رحلَت

وكانت كلما هاجت بها الذكرى

تحِنُّ الى الغناء ..

أين النخيلُ يعانقُ السُّحبَ البعيدةَ

كلما عبَرتْ على وجهِ الفضاء ..

أين الشراعُ على جناحِ الضوءِ

والسفر الطويل .. ووحشة الغرَباء ..

أين الدموعُ تطلُّ من بين المآقي

والربيعُ يودع الأزهارَ

يتركها لأحزانِ الشتاء ..

أين المواويلُ الجميلةُ

فوق وجهِ النيلِ تشهد عُرسَهُ

والكون يرسمُ للضفاف ثيابها الخضراء ..

حجرٌ عتيقٌ فوق صدر النيلِ يبكي في العراء ..

حجرٌ ولكن من جمودِ الصَّخرِ ينبتُ كبرياء ..

حجرٌ ولكن في سوادِ الصَّخرِ قنديلٌ أضاء ..

حجرٌ يعلمنا مع الأيامِ درساً في الوفاء ..

النهرُ يعرفُ حزنَ هذا الصامت المهموم

في زمنِ البلادةِ .. والتنطُّعِ .. والغباء ..

* * *

حجرٌ عتيقٌ فوق صدر النيلِ يصرخُ في العراء ..

قد جاءَ من أسوان يوماً

كان يحملُ سرَّها

كالنورِ يمشي فوق شطِّ النيلِ

يحكي قصَّةَ الآباءِ للأبناء ..

في قلبهِ وهجٌ وفي جنبيهِ حلمٌ واثقٌ

وعلى الضفافِ يسيرُ في خُيلاء ..

ما زالَ يذكرُ لونهُ الطيني

في ركبِ الملوكِ وخلفَهُ

يجري الزمانُ وتركعُ الأشياء ..

حجرٌ من الزَّمنِ القديم

على ضفافِ النيلِ يجلسُ في بهاء ..

لمحوهُ عندَ السدِّ يحرسُ ماءهُ

وجدوهُ في الهرمِ الكبيرِ

يطلُّ في شممٍ وينظرُ في إباء ..

لمحوهُ يوماً

كان يدعو للصلاةِ على قبابِ القدسِ

كان يُقيمُ مئذنةً تُكَبِّرُ

فوقَ سد الأولياء ..

لمحوهُ في القدس ِ السجينةِ

يرجُمُ السفهاء ..

قد كانَ يركضُ خلفَهم مثل الجوادِ

يطاردُ الزمن الردئَ يصيحُ فوق القدسِ

يا اللهُ .. أنتَ الحقُّ .. أنتَ العدلُ

أنتَ الأمنُ فينا والرجاء ..

لا شئَ غيركَ يوقفُ الطوفان

هانت في أيادي الرجسِ أرضُ الأنبياء ..

حجرٌ عتيقٌ في زمانِ النُّبلِ

يلعنُ كلَّ من باعوا شموخَ النهرِ

في سوقِ البغاء ..

وقفَ الحزينُ على ضفافِ النهرِ يرقُبُ ماءَهُ

فرأى على النهرِ المُعذَّبِ

لوعةً .. ودموعَ ماء ..

وتساءَلَ الحجرُ العتيقُ

وقالَ للنهرِ الحزينِ أراكَ تبكي

كيفَ للنهرِ البكاء ..

فأجابهُ النهرُ الكسيرُ

على ضفافي يصرخُ البؤساء ..

وفوقَ صدري يعبثُ الجهلاء ..

والآن ألعَنُ كلَّ من شربوا دماءَ الأبرياء ..

حتى الدموعُ تحجَّرت فوقَ المآقي

صارت الأحزانُ خبزَ الأشقياء ..

صوتُ المَعاولِ يشطُرُ الحجرَ العنيدَ

فيرتمي في الطينِ تنزفُ من مآقيهِ الدماء ..

ويظلُّ يصرُخُ والمعاولُ فوقَهُ

والنيلُ يكتمُ صرخةً خرساء ..

* * *

حجرٌ عتيقٌ فوق صدرِ النيلِ يبكي في ألمْ ..

قد عاشَ يحفظُ كلَّ تاريخِ الجدودِ وكم رأى

مجدَ الليالي فوقَ هاماتِ الهرمْ ..

يبكي من الزَّمنِ القبيحِ

ويشتكي عجزَ الهِمَم ..

يترنَّحُ المسكينُ والأطلالُ تدمي حولَهُ

ويغوصُ في صمتِ الترابِ

وفي جوانحهِ سأم ..

زمن بنى منهُ الخلود وآخَرٌ

لم يبْقَ منهُ سوى المهانةُ والندم ..

كيفَ انتهَى الزَّمنُ الجميلُ

الى فراغٍ .. كالعَدَمْ ..

* * *

حجرٌ عتيقٌ فوق صدر النيلِ يصرخُ

بعدَ أنْ سَئِمَ السكوتْ ..

حتى الحجارةُ أعلنَت عِصيانَها

قامَت على الطرُقاتِ وانتفضَت

ودارت فوقَ أشلاءِ البيوت ..

في نبضِنا شئٌ يموت ..

في عزمِنا شئٌ يموت ..

في كلِّ حجَرٍ على ضفافِ النهرِ

يرتَعُ عنكبوت ..

في كلِّ يومٍ في الرُّ بوعِ

الخُضرِ يولَدُ ألفُ حوت ..

في كلِّ عُشٍّ فوقَ صدرِ النيلِ

عصفورٌ يموت ..

* * *

حجرٌ عتيقٌ

لم يزلْ في الليلِ يبكي كالصغارِ

على ضفافِ النيلْ ..

ما زالَ يسألُ عن رفاق ٍ

شاركوهُ العمرَ والزَّمنَ الجميل ..

قد كانت الشطآنُ في يوم ٍ

تُداوي الجرحَ تشدو أغنياتِ الطيرِ

يطربُها من الخيلِ الصهيل ..

كانت مياهُ النيلِ تَعشقُ

عطرَ أنفاسِ النخيل ..

هذي الضفافُ الخُضرُ

كم عاشَت تُغَنّي للهوى شمسَ الأصيل ..

النهرُ يمشي خائراً

يتسكَّعُ المسكينُ في الطُرُقاتِ

بالجسَدِ العليل ..

قد علَّموهُ الصَّمتَ والنسيانَ

في الزمنِ الذّليل ..

قد علَّموا النهرَ المُكابرَ

كيفَ يأنسُ للخُنوعِ

وكيفَ يركَعُ بين أيدي المستحيلْ ..

* * *

حجرٌ عتيقٌ فوق صدر النيلِ يصرخُ في المدى ..

الآن يلقيني السماسرةُ الكبارُ الى الرَّدى ..

فأموتُ حزناً

لا وداعَ .. ولا دُموعَ .. ولا صَدى ..

فلتسألوا التاريخَ عنِّي

كلُّ مجدٍ تحت أقدامي ابتدا ..

أنا صانعُ المجدِ العريقِ ولم أزل

في كلِّ رُكنٍ في الوجودِ مُخلَّدا ..

أنا صحوةُ الانسانِ في ركبِ الخُلودِ

فكيفَ ضاعَت كلُّ أمجادي سُدَى ..

زالت شعوبٌ وانطوَتْ أخبارُها

وبقيتُ في الزَّمنِ المكابِرِ سيِّدا ..

كم طافَ هذا الكونُ حولي

كنتُ قُدّاساً .. وكنتُ المَعبدا ..

حتى أطَلَّ ضياءُ خيرِ الخَلقِ

فانتفَضَت ربوعي خشيةً

وغدوتُ للحقِّ المثابرِ مسجدا ..

يا أيُّها الزَّمنُ المشوَّهُ

لن تراني بعدَ هذا اليومِ وجهاً جامِدا ..

قولوا لهُم

إنَّ الحجارةَ أعلنَت عِصيانَها

والصامِتُ المهمومُ

في القيدِ الثقيلِ تمرَّدا ..

سأعودُ فوقَ مياهِ هذا النَّهرِ طيراً مُنشِدا ..

سأعودُ يوماً حينَ يغتسلُ الصباحُ

البكرُ في عينِ النَّدى ..

قولوا لهُم

بينَ الحجارةِ عاشقٌ

عرِفَ اليقينَ على ضفافِ النيلِ يوماً فاهتدى ..

وأحبَّهُ حتى تَلاشَى فيهِ

لم يعرِف لهذا الحبِّ عُمراً أو مدى ..

فأحبَّهُ في كلِّ شئ ٍ

في ليالي الفرحِ في طعمِ الرَّدَى ..

مَن كانَ مثلي لا يموتُ وإنْ تغيَّرَ حالُهُ

وبدا عليهِ .. ما بدا ..

بعضُ الحجارةِ كالشموس ِ

يَغيبُ حيناً ضوؤُها

حتى إذا سَقَطَت قِلاعُ الليلِ وانكسرَ الدُّجى

جاءَ الضياءُ مغرِّدا ..

سيظلُّ شئٌ في ضميرِ الكونِ يُشعِرُني

بأنَّ الصُّبحَ آتٍ .. أنَّ موعِدهُ غدا ..

ليَعودَ فجرُ النيلِ من حيثُ ابتدا ..

ليَعودَ فجرُ النيلِ من حيثُ ابتدا ..

* * * * *



//

قديم 09-03-2010, 03:37 AM
المشاركة 48
أمل محمد
مشرفة سابقة من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
موعد بلا لقاء



ووقفت أنظر في العيون

الحائرات على بحار من دموع

والليل يفرش بالظلام طريقنا

والخوف يعبث بامتهان في الضلوع

تتبعثر الأحلام في الأعماق

تهوى فوق أشلاء الشموع

تتعثر الخطوات في قدمي

وتسألني.. الرجوع

ما زلت أمضي خلف أوهام

قضيت العمر تخدعني

على هذي الربوع

* * *

وأخذت أنظر في الطريق

وكاد يغلبني البكاء

كنا هنا بالأمس

كان الحب يحملنا بعيدا للسماء

ما أتعس الدنيا

إذا احترقت زهور العمر

في ليل الجفاء

الآن أبحث عنك في كل الوجوه

وكأنني طفل على الأحزان يوما عودوه

وكأنني شيخ يموت و بالأماني كبلوه

وكأنني طير بلا عش و عاش ليصلبوه

ووقفت أنظر في الطريق..

أترى أراك على رحيقك تعبرين؟

ووراء ظلك

تلهث الأحلام سكرى بالحنين؟

وعلى جبينك بسمة الأيام غفران السنين؟

* * *

ووقفت أنظر في الطريق

طفل وعاشقة وكهل

شاخ حزنا في الدروب

ودماء أحلام يثور أنينها بين القلوب

وهناك شيخ

في الطريق يطوف تحمله الذنوب

وصغيرة حملت كتابا بين نهديها

لتلحق بالغروب

والوقت كالضيف الثقيل

يسير مكتئب القدم

واليأس يحملني ويلقيني

بقايا.. للألم

* * *

أترى سترجع مثلما قالت

على همس الغروب؟

الشمس تشطرها السماء و خلفها

يبكي السحاب على الرحيل

والليل من خلف الضياء

يطل في خبث على وجه النخيل

والوقت كالسجان

يصفعني و يتركني

على أمل.. عليل

ستعود في همس الغروب

قلبي يذوب مع المغيب

ما أبطأ النبضات في قلب يذوب

ما أطول الأحزان لو عادت..

لتعصف بالقلوب

الليل يظهر من بعيد

ويصول خلف ردائه

وكأنه حزن.. يطارد يوم عيد

وأتى يداعبني و قال:

رجعت تحزن من جديد

الدرب أصبح خاليا

وأنا أحدق في الطريق

لا شيء غير الصمت

كل الناس يلقيها

طريق في طريق

وبقيت وحدي

أرقب الخطوات تسألني:

متى قلبي.. يفيق؟

ما زال ينظر في الطريق



//

قديم 09-03-2010, 03:38 AM
المشاركة 49
أمل محمد
مشرفة سابقة من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
ونشقى بالأمل



ويحملني الحنين إليك طفلا

وقد سلب الزمانُ الصبرَ مني

وألقى فوق صدرك أمنياتي

وقد شقيَ الفؤادُ مع التمني

غرست الدرب أزهارا بعمري

فخيّبت السنون اليومَ ظني

وأسلمت الزمان زمام أمري

وعشتُ العمرَ بالشكوى أغني..

وكان العمر في عينيك أمناً

وضاعً الأمن حين رحلتِ عني...


//

قديم 09-03-2010, 03:38 AM
المشاركة 50
أمل محمد
مشرفة سابقة من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
المدينة تحترق


الدار يا أماه طفل يحترق

هذي ذئاب النار بالأحزان تسرع

خلف حلم يختنق

شرفات منزلنا الصغير

على نحيبك لم تزل

تنشق حزنا.. وألم

والدار يعصرها اللهيب

وصارت الأنفاس فيها كالعدم...

* * *

النار تسري في مدينتنا وليس لنا مجير

أكلت حدائقنا مزارعنا

وعصفوري الصغير

أكلت جوانحنا مدامعنا..

وأحرقت الغدير

النار يا أماه أحرقت الغدير!!

* * *

النار يا أمي تحوم على مشارف بيتنا

وأنا أموت على مكاني كل شيء..

صار نارا حولنا

أترى سنتركها

لتأكل بسمة الأيام والأمل الوليد؟!

النار تنهش في الدماء وفي النساء وفي الحديد

النار تسكر في الزحام

على بقايا.. من شهيد

* * *

النار يا أمي على الباب الكبير

والناس تصرخ والكبير يدوس على أشلاء الصغير

والمسجد الخالي يذوب مع المآذن يحترق

وعليه صورة طفلة

ركعت على أنفاسها

من ذا يصدق أنها..

ذهبت هناك لتختنق؟

صلواتها تبكي يتوه نحيبها بين الحريق

والمنبر المسكين في وسط الحريق

كأنه طفل.. غريق

* * *

الناس تلقي نفسها بين اللهب

وصراخ أطفال وحزن أرامل

والكل يسأل.. ما السبب؟؟

النار منا تقترب

النار يا أمي تدمر دارنا..

هذي دماء الدار تسقط

من ثنايا.. ثغرها

أكلت عيون الدار

ألقت في اللهيب بسحرها

ذبحت شجيرتنا التي

عشت الحياة بعطرها

* * *

الدار يا أماه طفل يحترق..

صدري من الدخان

يصرخ.. كاد صدري يختنق

أماه..

النار مني تقترب

أماه إني أختنق

أماه...

أماه...


//


مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: قصائد مختارة للشاعر فاروق جويدة ~
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
في زمن الردة والبهتان / الشاعر فاروق جويدة هند طاهر منبر مختارات من الشتات. 3 02-06-2021 08:22 AM
اِغضبْ / الشاعر فاروق جويدة هند طاهر منبر مختارات من الشتات. 3 02-06-2021 12:03 AM
فاروق جويدة .. شاعر العذوبة ..! ميرفت علي منبر ديوان العرب 3 11-21-2011 12:46 AM
عينيكِ عنواني ( فاروق جويدة ) أحمد صالح منبر ديوان العرب 6 08-30-2010 10:02 PM

الساعة الآن 06:29 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.