![]() |
|
المشاركات 1,467 |
+التقييم 0.49 |
تاريخ التسجيل Dec 2012 |
الاقامة |
رقم العضوية 11770 |
اليوم يصل الذي ملكته قلبها و يملك كل حياتها ، عزلوه عن العالم بعد تلك العملية الجراحية الناجحة ، كانت حياته مهددة بالموت لولا تلك المنة التي هبطت عليه من السماء ، صعد اسمه على شاشات الحواسيب معلنة وجود مضخة قد تلائم جسمه وهيئته وسنه ، يومها طار إلى بلاد بعيدة وهناك أصلحوا ما لحق به من أضرار . أسرته ميسورة هيأت له فترة نقاهة في تلك البلاد . لم تفلح كل جهودها لتربط معه اتصالا واحدا ، تبيت الليالي شارذة الذهن ، تائهة في بحار الشوق ، الخوف ينخر شجاعتها وطول الأمد يبعثر فيها الصمود . عائلته تنبئها أنه سيعود قريبا ، و كلما سألت أفرادها عن أحواله طمأنوها بكلام جميل ، إنه بخير فقط يخضع لبعض الكشوفات ، و عندما يتأكد بما لا يدع مجالا للرهبة أن حالته مستقرة فورها يكون بين يديك كما كان . توسوس لها نفسها أنهم يخفون عنها مكروها أصابه . تنقبض فيها الروح و تستبد بها الغيرة كلما تذكرت أنه منذ غادر تراب البلاد لم يسأل عنها و لم يرسل لها رسالة قصيرة و لا طويلة . منذ الصباح الباكر و هي تهيء نفسها للقائه ، استحمت وتطيبت ولبست جديد ثوبها ، تحمل باقة زهور تعطر قدومها ، تسير بخطوات غير واثقة منذ أن غادرت سيارتها ، أرسلت ابتسامة للحارس الذي فتح الباب فوجدته في الحديقة يسير و يجيء على ممر مبلط بين الأشجار والأزهار قبالة البيت و هو ينفث الدخان في السماء كقاطرة بخارية ، لم يغير و صولها إيقاعه بل واصل مسيره مبتعدا ، فتوقفت رجلاها المرتعشتان و قطرات الدمع تهوي على خديها ، رجع عندما وصل إلى نهاية الممر ، كلما اقترب منها تحاول اقناع نفسها أنه هو ، حبيبها ، خطيبها ، زوجها الذي أصيب بأزمة قلبية مفاجئة أياما قليلة قبل حفل الزفاف . تباطأت حركته و اتخذت ملامحه ثوب الاستكشاف ، رمي بسيجارته و هو على بعد خطوتين منها قائلا : " لماذا تبكين ، أنت جميلة ، قلبي يخبرني أنك امرأة قوية " فردت عليه و هي تستعد لمعانقته : " ألا تزال تحمل قلبا تملأه الدعابة ، ألا تخجل من كل هذه المدة التي لم تصلني فيها أخبارك ، كم أنت شقي يا ..." لم يدعها تكمل وهو يقول : " لا بأس أنا بخير ، وهذا هو الأهم ، أعرف أن بعض المعجبات يصيبهن الانهيار عند اللقاء ..." انهالت عليه تقبيلا فتراجع إلى الوراء : " تحكمي في نفسك أيتها الصبية ، تعرفين أن الصحافة في كل مكان " حال بينهما رجل غريب ، ربما يكون واحدا من معارفه ، فهمس في أذنه هيا ادخل والتزم بما اتفقنا عليه ، في الوقت ذاته خرجت أمه من البيت و هي تصيح في فرحة :" أهلا بحبيبتي ، متى جئت ؟ كنت أنتظر منك اتصالا ، هيا ادخلي ، وامسحي دموعك ، فاليوم نحن نحتفل بعودة ابني . لكن الشاب صاح في وجه الجميع ، " هذا هراء ، لست ابنك أيتها العجوز ، لن أتمادى في تمثيل هذه المسرحية ، أما أنت أيتها الصبية الجميلة فلا تشاركي معهم في هذه التمثيلية الهزلية ، أعرف أنك واحدة من المعجبات ، و قد رسمت لك لوحة جميلة ، فصورتك لم تغادر ذهني رغم أني لا أتذكر متى وأين و كيف ؟ كل هذه الوجوه غريبة عني إلا أنت " ، فردت عليه : " ماذا أسمع ؟ هل أصبت بالجنون ، يا خيبتي ! و يا لسوء حظي ! حبيبي ضاع و حياتي في مهب التيه . " طرق الشاب رأسه قليلا فرد عليها : " ليس بي جنة و ما أضعت رشدي ، فقط أنتم ترغمونني على قبول أشياء غير منطقية ، لست زوجك ، و لا حبيبك و إن كنت لا أخفي أنك قريبة مني " تدخل الغريب قائلا :" اسمعوني قليلا ، أنا من الطاقم الطبي الذي يشرف على الصحة الجسدية والنفسية لابنكم ، بعد إجراء العملية ، اكتشفنا أن القلب الذي تمت زراعته في جوفه سيطر عليه ، فهو أقوى من أجهزته جميعها ، و جسمه يحاول التأقلم معه و جعله ينضبط مع بقية الأعضاء في توازن جديد ، و هي عملية تحتاج بعض الوقت . تتبعنا مسار القلب فوجدناه لفنان تشكيلي ذو شهرة في بلدته و له الكثير من المعجبين عبر العالم ، لذلك فتصرفات ابنكم فيها جزء من شخصيته ، فلابد من التضحية بعض الشيء ." فقال له الشاب : "أيها المخادع ألم تحدثني أننا سنشارك في برنامج هزلي مع بعض الممثلين ؟ " أجابه الطبيب : " عذرا فنحن نخلق بعض العوالم لتجنب الصدمات " وضعت وجهها في يديها وهي ترجع أدراجها دون أن تبوح بلفظة ، وفي نفسها تضطرب الحقائق ، " آه إن استرجع ذلك القلب المشؤوم ذاكرته كاملة . آه إن تذكر أين و متى و كيف ؟ " |
وضعت وجهها في يديها وهي ترجع أدراجها دون أن تبوح بلفظة... وأنا أبحث عن أبجدية تليق بهذا الحرف وهذا التميز أبحث عن رد لفكر ثاقب وقلم نابض صدقا جميع نصوصك التي قرأتها تجعلني في حالة تفكر دائم وتعطينا المزيد من الأفكار فعالمك القصصي مختلف بعض الشي عن الكثير من الكتاب تحلق في الفكر وتسرح في الخيال وعندما يلتقيان ينصهران في بوتقة الأبداع لنجد نصا مكتوبا بماء الذهب القدير ياسر علي كل التقدير لك ولحرفك وأتمنى أن يكون لدي المتسع من الوقت ل أطلع على جميع نصوصك في منابر وخاصة في فترة انقطاعي وغيابي القهري عن منابر . مع التقدير |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | |
|
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
ذاكرة للضياع | محمد بوثران | منبر شعر التفعيلة | 5 | 11-16-2020 03:58 PM |
ذاكرة منسية | خالد العاطفي | منبر النصوص الفلسفية والمقالة الأدبية | 86 | 05-05-2015 11:42 AM |
ذاكرة الدوران | غادة قويدر | منبر شعر التفعيلة | 21 | 07-13-2013 12:05 AM |
ذاكرة الفؤاد | محمود عباس مسعود | منبر بوح المشاعر | 8 | 09-28-2011 02:06 PM |
ذاكرة زمن | عبدالسلام حمزة | منبر بوح المشاعر | 23 | 09-18-2010 05:31 PM |