قديم 03-10-2011, 01:05 PM
المشاركة 11
سحر الناجي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
10 - بائعة الياسمين / سهى العلي

..بائعة الياسمين..

كُنت في طريقي للسوق بهدف شراء بعض الحاجيات.. عندما رأيتها, ولا أدري كيف أصفها..
فتاة صغيرة مُقعدة.. لم تتعدى ربيعها السابع.. تبيعُ أطواقَ الياسمين للمارة..
لا أردي ما الذي أصابني حينها.. لقد لامستْ نظراتُها فُؤادي.. فيها شيء سحري.. ربما هي البراءة التي تكبر قبل أوانها.
كانتْ شاردة.. عيونها كالمرآة تعكسُ ما بقلبها.. مظهرها يدلُ على طفلة لم تلمس الماء مدة طويلة..
اقتربتُ منها لأشتري الياسمين.. وأنا أتمتمُ لبؤس حال هؤلاء الأطفال.. ما ذنبهم في ما يحدث بين الكبار.. على مسرح الحياة الدرامي..
رمقتني بنظرة غريبة.. لم أفهمها.. وكأنها تريد قول شيء ما.. ولكن حدثي القوي الذي يعود كوني مُدرسة أطفال.. أفهمني أنها تشكو بطريقة غير مباشرة عن سُخطها وغضبها لحالها.. أتصور أنها تتمنى في صميمها أن تلهو مع بنات جيلها, داخل بيتها, أو في ساحة المدرسة.
سألتها عن السعر.. لم تُجبني.. أمسكت عُملة معدنية بيديها الصغيرتين.. ثمّ نظرت إليّ وكأنها تقول: هذا هو سعرها..

يا الله.. إنها خرساء!

صدقاً لا أدري كيف أصفُ شعوري حينها..
انقبض قلبي.. شعرتُ برغبة عارمة بضمها.. لكن خفتُ أن أزيدها حسرة وألمْ.. فأنا مُجرد زائرة سريعة.. وسأغادر في الحال.
أعطيتها ضعف المبلغ.. أمسكتها بقبضتها وضمتها لصدرها.. نظرت لي وابتسمتْ.. بعدها عاودت الشرود..
غادرتُ المكان وعقلي ظلّ سارحاً في تِلكَ الصغيرة.. أين هي عائلتها؟ أول سؤال خطر على بالي.. رغبتُ بمحادثتها ومعرفة كُل شيء عنها.. لكن كيف سأحدثها ولا أعرفُ لغة الإشارة..
فجأة عادتْ ذاكرتي للوراء..
تذكرتُ صديقة طفولتي "ندى".. الفتاة التي حُرمت من السير.. سببه ثُقب في القلب منذُ الولادة.. يمنعها من بذل أي مجهود..
كيف كانت ندى تُحب الحياة.. دوماً تُغني لنا بصوتها الذي يُشبهُ عذوبة الناي..
كانت تجعلنا نبكي بأغانيها التي تحملُ بين طياتها الأمل.. لم نكن حينها نتعدى ربيعنا العاشر.. ننظر لأنفسنا.. كيف أننا نتأففُ من كُل شيء.. وهي غارقة ببحرٍ من الأمل والسعادة..
أذكر في صباح يوم مشئوم استيقظتُ فيه مذعورة. لم يكن هُناك سبب وجيه لخوفي..غادرتُ منزلي بسرعة.. وقصدتُ منزلها..
فجأة توقفتُ أما باب بيتها الخشبي الكبير.. سرتْ قشعريرة خوف في بدني كله. بقيتُ واقفة ومشدوهة لأكثر من نصف ساعة.. بلا سبب وجيه وملموس..
كانت أفكاري حينها تسرقني للحظات المرح واللعب مع ندى.. وكأنني لن أراها أبداً.
أذكُر كيفَ فُتِحَ البابُ فجأة على مصراعيه.. وأنا مغمضة العينين.. أغرقُ في بحر من الذكريات.. والهواء البارد يلفني غضباً.. وكأنهُ يسألني.. لِمَ أقِفُ هُنا..
فجأة علا صوتُ الأم من الداخل وهي تصرخ.. " ندى "..
عرفتُ أنها فارقت الحياة.. رحلت وتركتني وحيدة.. أبحثُ عن فُتات الأمل المُتناثر في بقاع الأرض..
كانت هي الوحيدة القادرة على بَثْ الأمل وحُب الحياة في روحنا.. قلبها الصغير المثقوب لمْ يحتملْ قسوة الحياة.. قرر الإضراب عن العمل..
أذكرُ حينها كيف أنني أضربتُ عن الطعام لثلاثة أيام.. كنتُ أريد اللحاق بـ ندى.. حتى نلعب سوياً.. يااه.. كم أفتقدها..

******
بعد تلكَ الذاكرة.. عرفتُ أنني أحببتُ تِلكَ الفتاة.. بائعة الياسمين.. من كُل قلبي..


عدتُ للسوق مرة أخرى بهدف العثور على الفتاة الصغيرة..
توقفتُ في نفس المكان.. أطلقتُ نظري في كُل الاتجاهات.. لا أثر لها.. بدأ قلبي يخفقُ بشدة.. وعيناي تستعدان للسباحة في بحر دموعي..
وجدتُ صبياً صغيراً يبيع العلكة.. قريب من المكان الذي تواجدت فيه الفتاة بالأمس..
هرولتُ إليه سائلة.. أين بائعة الياسمين!.. نظر إلي بسذاجة بريئة.. قال بصوتٍ لا يحملُ أي معالم..
-ندى؟
جحُظتْ عيناي لجوابه..
هل قال ندى؟
سألته مجدداً عن اسمها..
"أجابني مُتعجباً..
- اسمها ندى..
ثُمّ استطرد بصوتٍ خفيض:
-لقد تركتني ورحلتْ..
قلبُها لم يحتمل قسوة الحياة.. فقرر الإضراب عن العمل.

***************
سهى العلي
هي كائن مزروع في تفاصيل أيامنا المتمطية على أسوار الزمن ..
على حين غرة تأخذيننا إلى عطر النهار الموشوم بوجه الصغيرة ..
وبين أزقة الحياة وتحت تحليق الحمائم يأتينا صوتكِ على جبين هذه الحكاية ..
ورغم حشرجة الحقيقة على حنجرة اليراع .. إلا أن الصغيرة أمطرتنا بالدهشة ..
تماما كما فعل حرفكِ الذي تظلل بحفنة وامضة من البهاء
سلام على روحك




قديم 03-10-2011, 02:00 PM
المشاركة 12
سحر الناجي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
11 - قلادة من شعر الحبيب / أحمد القلعاوي


قـلادة من شعر الحبيب ... !

رغم شدة البرد .. وحدة النسيم .. لكنه كان يفتح نافذة غرفته المجاورة لغرفتها .. ويتكئ بيده على دكة النافذة ليظهر رأسه والجزء الأكبر من جذعه .. وهو يمسك بسجارته وينفث الدخان بقلق بدى واضحا بطريقة تدخينه وحتى في حركة الدخان .. يتشظى بنظره نحو السماء .. صافية .. والنجوم ساطعة .. وينظر إلى حديقة المشفى التي كانت تضج بالمصابيح الملونة المنتشرة بين الواح الزهور المحيطة بالمدخل .. وكأنه يناجي الرب وينحني خجلا مرة وخوفا مرة أخرى .. ويعود وهو ينفخ زفيره بين كفيه بحثا عن الدفء وكأنه شعر الآن بشدة البرد خارج المكان بعد أن يرمي عقب سجارته من النافذة بطريقة لم يعتد عليها من قبل .. يعود ويفتح باب غرفته .. ويقترب من باب غرفتها ويهم بالدخول ويحاول أن يفتح الباب بهدوء وتفاجئه الممرضة الخاصة عند الباب وتمنعه من الدخول ويرجع وهو يشبك أصابع يديه على رأسه ألما وشوقا وندما قاتلاً على ما قاله لها فيتكئ بظهره إلى الجدار ويخر كالماء المنساب من أعلى ليقرفص على الأرض ويشعل سجارة أخرى .. وتمنعه الممرضة بعد عودتها وهي تركض طالبة منه أن لا يدخن في الممر فيهز رأسه أعتذارا وموافقة على ذلك .. يعود إلى نافذة غرفته ويلتحف البرد ليشبع رغبته من الدخان معاتباً نفسه ولكن بصوت عال ٍ بعض الشيء .. ما الذي فعلته كيف قلت لها ذلك وأنا أعي مدى رقتها وبياض قلبها الطفولي ..؟؟ بماذا أعتذر لها ؟ هل أقول لها أني كنت مخموراً ؟ لا لا لأني وعدتها أن لا أشرب الخمر ثانية .. نعم أقول لها أني كنت أختبرها .. وووووآآآآآه .. ما أغباني اليوم .. أختبر من أنجحتني بكل اختبارات الحياة والحب والجوع .. لالا .. أقول لها أني كنت أمزح معها ولم أكن أتصور أن يحدث هذا .. لا أدري .. وبصوت أعلى لا أدري .. وأعلى .. ويده ترتجف ليضرب بها زجاج النافذة .. صوته .. صراخه .. دعا بعض العاملين إلى الدخول عليه منهم من أمسك به والآخر يمسح الدم عن يده وينادي للممرضة القريبة أن تأتي بسرعة لضماده .. وينشغلون بضماد يده إصابة عميقة ربما تحتاج الى زرار أو أكثر .. وهو يرفض وبكاؤه يشتد .. فيدخل الطبيب ويقوله إهدأ رجاءً ما هكذا تعالج الأمور يجب أن تكون صبورا أنت رجل ومؤمن .. ويلتفت الطبيب بغضب الى الممرضة والعاملين ويصرخ بوجوههم بنبرة العتب وعدم الرضى .. من قال له .. ؟ من نقل له الخبر بهذه السرعة ..؟ الممرضة تحاول أن تصدر أي صوت أو تتكلم بأي كلام مع الدكتور حتى لا يكمل جملته وتريد أن تفهمه أنه لا يعلم بأي خبر .. ولكنه أنتبه لكل ما قاله الطبيب .. فتحدث مع نفسه .. أنا قتلتها ولا بد أن أعتذر لها لا بد أن أخبرها حقيقة الأمر كيف أتركها تذهب وهي غاضبة مني غاضبة عليّ .. كيف ..؟ لا .. لا .. أتبعها .. اتبعها حيث هي الآن .. وسأقسم لها ببسمتها الربيعة المورقة سأقسم لها بنعاس عينيها وهي تغفو على كتفي سأقسم لها بغصنية أصابعها النرجسية البضة .. سأذكرها بذلك الكأس الذي جمعنا به قطرات المطر وبكينا سوية عليه وأنزلنا دموعنا فيه وارتشفناه عند أول فجر ليلة لقائنا .. نعم أتبعها .. وينهض ويـُخرج من محفظته قلادة منسوجة من خصلة شعر ٍ أسود حريري ملتفتا لمن حوله .. هل شاهدتم من قبل قلادة من شعر أنثى .. ؟ ها هي .. ! قلادتي نسجتها .. وهو يشير لغرفتها .. نسجتها لي من شعرها سأعلقها على عنقي وأدخل غيابها عني من باب لن تـُسد بوجهي .. الكل في ذهول لا يعون ما يقصد ولا يدركون ما ينوي ويقترب من النافذة ويصرخ باسمها بصوت تقشعر منه أوراق الشجر كخريف شرس يدب بربيع بهي .. وصل لإذن الحبيبة الراقدة في الغرفة المجاورة لغرفته ودخل صوته جوف مسامعها .. شعر الطبيب به أكثر وأدرك نيته وصاح بمن حوله أنه يريد أن ينتحر أمسكوه .. وتعلقوا به .. الكل اتجه مسرعا عليه فوضى الغرفة التي سببها هو حين ضرب زجاجة نافذة أعاقتهم بعض الشيء وقربه من النافذة منحه فرصة كان يعتبرها أمله الوحيد كي يكون مع من يحب .. يرمي بنفسه ليسقط من نافذة المشفى العالية .. الضجة تملأ المكان البعض يطيل النظر بالآخر والطبيب يعصر يمناه بقوة ويعض شفته ندما على ما حصل والآخر ينظر من النافذة له وهو لا زال يمسك قلادة الشعر المعلقة بعنقه وعينه تنزف أكثر من فمه .. والممرضة بين صراخ مخنوق وبكاء متقطع وذهول من المنظر تتجه نحو باب الغرفة مسرعة لتخرج من هذا المكان المرعب .. ويركض معها أحد العاملين يهم وهو يصرخ بوجه الباقين أن انزلوا له لنراه لننقذه بسرعة فتحت الممرضة الباب .. وإذا بحبيبته تخرج من غرفتها .. بألمها وبقايا غيبوبتها التي انقطعت حين سماع صوته وهو يصرخ باسمها .. دفعها حبها له وخوفها عليه أن تخرج هي له .. كانت تريد أن تعتذر منه وتعاتب الطبيب والممرضة لأنهم قالو له بأنها لا ترغب بلقائك ولن تسمح لك بالدخول عليها .. الدهشة تسمر الممرضة .. وتنشر الصمت بالمكان .. وهي تسألهم أين هو ؟ لماذا أخبرتموه بما قلته لكم ..؟ لماذا .. ؟ تبكي تتلفت بحثا عنه وألم صدرها يشتد وأزمتها القلبية تتفاقم .. تلتف تصرخ بوجه الجميع أين هو ..؟ خذوني اليه .. يموت إن لم ألتقيه الآن الكل في حيرة .. ماذا يقولون لها ..؟ هل يخبرونها أن الطبيب .. عاتبهم بشدة حين شاهده بأزمة عصبية حادة ويمينه تنزف دما لأنه ضرب زجاج النافذة لأننا أخبرناه أنك لا تريدين لقاءه مثلما تصور الطبيب .. فتقترب الممرضة من الطبيب وهي ترتجف وتبلع ريقها مختنقة بعبرة البكاء لتهمس في أذن الطبيب .. لا سواي وأنت يعرف ما قالته لنا وأنا لم أخبره ولا أنت .. العاملون دخلوا عليه بعد أن سمعوا صراخه وصوت الزجاج المتكسر .. وسقوطه واسقاطه لكل ما حوله من أغراض .. دخول عليه وهو يضرب كل ما حوله وكما تشاهد هذه الفوضى لا حاجة في مكانها .. أنت تصورت أننا أخبرناه ويبدو أنه سمع ما قلت .. بل سمع .. تصور أنها ماتت .. ألم تنتبه لما قاله .. سأعلق قلادة شعرها على عنقي وأدخل الى غيابها .. وهنا أرتفع صوت الممرضة بعض الشيء كي تـُسمع الطبيب بوضوح ما تنطق به ممتزجا ببكاءه المتقطع وحشرجة صدرها وأنينه .. لاسيما .. وصرخة أين هو خذوني اليه ؟ أرتفعت أكثر .. وكثر الحاضرون في غرفة المأساة .. فبدت الحيرة صفراء عاصفة بوجه الجميع .. ماذا يقولون لها ؟ وكيف يخبرونها بذلك .. فيشتد ألمها .. ويعلو النداء منها اليه .. حتى سقطت كنيزك أحمر ينزل من السماء غاضبا على من في الأرض وما يصنعون .. مغشية عليها .. وقوة سقوطها وما أحدثه من صوت .. أيقظه من نومته اللذيذة التي كان ينعم بها .. بعد سهرته الطويلة التي جمعته بها بعيد ميلاد لقائهما الأول .. ينهض مرعوبا مرتبكا .. يقفز من السرير كالضوء ليحملها برقتها المعهودة له وخفتها الزهرية الغضة .. ويمسح عرق وجهها بخديه بلسانه كما عودها أن يسمح دموعها من شدة الشوق له حين كانت تلتقيه .. فتستنشق زفيره .. وتنتبه أنها بين أحضانه .. وهو يبتسم بوجهها الباسم ويمرر إبهامه بشفتيها .. كمرور الندى بالورد .. ويقول لها .. أكابوس حب ثاني .. أي قلب تملكين وأي قلب تشغلين ..
*****************


أحمد القلعاوي ..
هنا الأبجديات .. الحروف .. وحتى المعاني تلاحمت بنسيج غير مرئي الوضوح .. لكنه وامض ..
هنا .. اكتنزت الحكاية بفيض من المشاعر والخلجات التي تسللت إلى حنايانا وخلفت أحاسيس شتى ..
كانت أنفاسنا تتقافز على متن السطور لتصل إلى حافة الأحداث التي صغتها ببراعة المبدع ..
وعلى كرسي الذهول وقف الوعي منا يطالع آخر سطر بأنفاس مكتومة ..
عهدتك شاعرا أيها الملثم بتمتمة الحرف .. فأجدت أيضآ دور القاص الذي يدثرنا بحكايا الشتاء
سلام على روحك ..


قديم 03-15-2011, 11:59 AM
المشاركة 13
سحر الناجي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
12 - غروب / ابتسام الدمشاوي

غـــروب



انتهت لتوها من صنع التابوت ..جمعـت زهرات البنفسـج

ونثرتها حول جثتها وقالت سيروا ..
ترفع رأسها بين الحين والآخر..تتأمل وجوه من يحملون
التابوت .. إنهم مبتسمون ومازالوا يسيرون بجد ملحــوظ
تشير إلى المشيعين إشارة تحية فيبادلونها نفس الاشـــاره ولكن ليس بنفس الدرجة من الحرارة ... تجلس تحاول أن تحدثهم .. تصيـح هـل تســـمعون
لا أحد يجيب .. تنزل من التابوت .. تنادى من فوهــة القبر أبى. . أمى . . إخوتى .. ولدى أنا قادمة.. هل تسمعون.. تأتيها الأصـوات متداخلة ولكن تسمعها بوضوح .. تعالى نحن فى الانتظار..
هذا عالمك الرائـــع .. اهبطى لا تترددى .. لا تنتظرى
من يدفعك .. تنظر وراءها
يأتيها صــوت أخيها الأكبر .. تعالــى يا رابعــة لنبـدأ من جديد .. تحمل زهرات البنفســــج وتنزل درج القـبر .
ولم تنس أن تنظر إلى المشيعين وتشير إليهم إشـارة الـوداع
تدخل وتغلق عليها باب القبر......وتغرب الشمس .

***********

ابتسام الدمشاوي
ونثرتها هنا زهور متوهجة بالهلع لذلك اللحد الذي ينتظرنا مليا ..
وكأنكِ اجتحت بتمتمة النهاية كل الأمكنة التي تسكننا وشرعت أبواب الزمن الغافية ..
وما رأفتِ بنا ولا ينبغي أن تفعلي .. والحقيقة مغروسة في مآقينا ..
أجدتِ يا بارعة في مخاطبة الغفلة فينا حتى هب القلب فزعا ..
شكرآ بحجم الشمس كما تسطع بالحقيقة في حكايتك الرائعة ..
سلام على روحك


قديم 03-15-2011, 12:03 PM
المشاركة 14
سحر الناجي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
13 - أحزان إمرأةٍ شقراء ... / عمر مسلط


أحزان إمرأةٍ شقراء ...


يَنتهي عرض الفلم ، تَصفيق حاد في الصالة ، كل العيون تتجه إليها ، الكاميرات تُلاحقها ، والأضواء تُحاصرها ...
تَنطلق إلى مؤتمرها الصحفي ، تقف بكبرياءٍ أنثوي ، بَريقُ شَعرها الأشقر يَطغى على المكان ، سِحر إبتسامتها يُلغي كل الأسئلة ،
ونظراتُ عينيها تَختزل كل الإجابات ...
تُودع الحضور، حُشود تنتظرها في الخارج ، تَستقل سيارتها السوداء ، تنطلق مُسرعة ، مطر بدأ يتساقط ، يَتبلل ثوبها الخَمري، تتأمل وردةً آخذةً بالذبول، تدخل بيتها الأنيق ، تُشعل الأضواء ، تُغمض عينيها ، تفتح الماء الساخن ، ينساب الماء على وجهها ،

فَتفقد نصف جَمالها ، تنظر في المرآة ، يَعتريها شيء من الحزن ، فَيختفي نصف جمالها الآخر ، تُطفئ الأضواء ،
تَستلقي على فراشها الوثير ، تتأمل ضوء القمر المُتسلل إلى غرفتها ، غَيمة شقية تداعب إحدى النجمات ،
برد يَسري في كيانها ، دمعة ساخنة تُبلل وجهها ...
ينامُ الحالمون على وَقع جمالها الأسطوري ...وتَغفوهي على واقع جمال ليس له وجود ...

*********

عمر مسلط ..
أمام المرآة .. تلوح في العادة أشياء لا تراها سوى الروح المطلية بكوم من الأصباغ ..
تبدو الحياة سرابآ من وراء الظل المعكوس والذي لا يمثل سوى تفاصيل الأقنعة ..
وبعيدآ عن حماقة بعض النساء اللائي يتشبثن بالتبرج وارتداء الوجوه المزركشة ..
أظن للرجل دور رئيس فيما يحدث , حين تشرأب أحداقه إلى كل امرأة زائفة الجمال ..
سواء على شاشات التلفاز أو في أدق التفاصيل اليومية ..
فلو أنه لم يصر على الانبهار بالألوان والقسمات الكاذبة .. واللهاث خلف البهرجة والقشور ..
لما دفع بإمرأته إلى تقليد المائلات المميلات كي يحُزن على رضاه ..
ولعلي لا أنفي المسألة عن عاتق المرأة ..
حيث عليها أن تبرز جمالها الروحي والأخلاقي وتقنع رجلها به قبل أن تفتنه بمظهرها الخلاب ..
قصة واقعية تسري بعمق في خلايا حياتنا اليومية المتعاقبة ..
شكرآ لهذا القلم البارع
تقديري


قديم 03-15-2011, 12:12 PM
المشاركة 15
سحر الناجي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
14 - أبو رجل مسلوخة / روان عبد الكريم


على خلفية أبورجل مسلوخة"اخينا"
أعود للبلدة القديمة كل حين.. لشجرة الصفاف الحنون الرؤوم ...أخبرتنى جدتى أنها زرعت يوم زفافها ..ذهبت الجدة ... وبقيت الشجرة تظل الإستراحة وتلقى ببعض أغصانها بدلال على أمواج النهر العاشق, وتحفظ على جذعها أسمائنا التى نقشت منذ ثلاثين عاماً ...حيث أعتدنا كل صيف أن نمكث فى الإستراحة بصحبة الجدة الحبيبة... تشعل التنور على العشب الأخضر ونلتف حولها لتروى لنا كل ليلة حكاية جديدة.. تقول بصوتها الرخيم :-
العهد ..إلا العهد...وتلفنا بسحر الحكاية
مسعد ومرجان ..أصحاب شقاء .. تعاهدا على رى الأرض قبيل الفجر.
.تصمت الجدة وتنظر إلينا فى وجل:-
-هل تدرون من سمع حديثهما
.-نهز رؤسنا خائفين ونتمتم بالبسملة وصوتها العميق ردد :-
( أخينا), الذى يسكنن المقابر الشرقية المهجورة
وقد التفت أجسادنا الصغيرة مرتعشة بجانب البعض وهى تكمل ونظرتها تغرق فى النهرالغافى :-
-الخائب مسعد ..غرق فى النوم ونسى عهده وموعده ..نسى رفيقه مرجان ..الذى ذهب عند الساعة الثانية بعد منتصف الليل فى ليلة حالكة السواد تجوبها رياح باردة تهز الزرع البكر بقسوة وتثير الغبار ...و فوق الجسر تربص به "أخينا" فى صورة مسعد وهو يقول له فرحاً بفريسته:-
نتسابق فى الرى , فضحك المسكين وهرع لحقله الناعس بكل نشاط بينما أخينا خلفه كتلة من سواد دامس ,ثم يعود فى صورة مسعد ويروى فدان مقابل قيراط لمرجان ...الذى شد عزمه وغرق فى العمل حتى إرتواء الأرض و.تلاشت طاقته فألقى بجسده المكدود على الأرض الرطبة المرتجفة قرب الفجر ...تكرر جدتى قرب الفجر ...أحذروا من ليل ما قبل الفجر ..تتلاشى أصوات الليل ..كل الأصوات ..عدا صوت الرياح الهائجة تجوب الوديان بجنون..وتهمد الأبدان ..تماماً كما همد مرجان الذى أيقظه أخينا ليعطيه كوباً من الشاى الأسود الساخن ..وقف فوق رأسه ينتظر
هتف فيه مرجان
-ألن تشرب!!!؟
-يضحك "أخينا" فى غل.. والنار تتراقص فى عينيه الحمراوتين وفمه يتسع كبئر عميق .. أنا لا آكل ولا أشرب فقط مسعد يفعل
فضحك مرجان هازئا وقد ظنها دعابة
مسعد:- ..دعك من هزر العفريت..أنا لا أخاف ويكمل شرب شايه الأثير ...فيصرخ "أخينا" العفريت وجسده يتموج فى قلب الرياح كألسنة النار ثم يعود مرة أخرى لصورة مسعد
ألا تصدقنى ...ألا تصدقنى...يسقط كوب الشاى من يد مرجان الذى الجمه الذهول واخينا يدور حوله ويدور.. الا تصدقنى ثم يجلس جانبه فى وداعة ضاحكا ..هل فزعت يا صديقى .. فيتنهد مرجان المسكين وكأنه مر بحلم ويشتاط غيظا من مسعد
..دعابتك سمجة ..ويلقى نفسه مرة اخرى على العشب الرطب ثم يقوم متتماً حان وقت الرحيل ...بينما أخينا يجلس مستكيناً يمد له يده فلا يتأخر مرجان عن مساعدته فى النهوض ..ولكن مهلاً فاليد ليست بشرية على الآطلاق .بل أشبه بحافر حمار أشهب .لم يصدق مرجان فى البداية ..يشده أخينا نحوه وهو يضحك ملئ فمه الأسودالعميق كفوهة بئر مهجور وعينه البيضاوتين تدوران فى محجريهما.. ثم يفلته ...طار مرجان يسابق الريح ..الأرض تتسع أسفله وتتسع ..وتتسع… والعفريت يطير فوق رأسه و يصرخ ليطرب الليل الصامت:-
أنا لا آكل ولا أشرب...مسعد يأكل ويشرب..مازال مرجان ينهب الأرض جرياً..حتى توقف قلبه عن الخفقان..وبعدها أذن الفجر..وأستقيظ الليل للرحيل ...فتلاشى العفريت كالضباب الثقيل. لتنقطع معه أنفاسنا....تحكى جدتى وهى تلفنا بذراعيها العحوزتين:-
وفى الصباح وجدوه..مرجان جثة هامدة يحتضن أرضه الجبارة..ومن يومها وقرب الفجر وعفريت مرجان يخبط على بيت مسعد ويزعق بصوت سحيق :-
مسعد .......مسعد..مسعد الذى عاش عمره خائفاً خلف الأبواب الموصدة .. يرقب من شرفة منزله القريبة من الحقل إثنان يرويان حقله كل يوم قرب الفجر .. "أخينا" ورفيقه الجديد.

************

روان عبد الكريم
هذا هو ما يعترينا يا ماطرة حين يذهب الجسد وتحيق بنا الأرواح والذكرى ..
في المهد وحتى نبعث أحياء .. سيبقى لقسمات الجدة شطر الذاكرة الأعظم ..
قالت لي جدتي يومآ بينما المطر يغسل المدينة من شوائب النهار :
" أغمضي إليكِ حكاياتي بقلبك , سيأتي يوم وتحتاجين إلى تفاصيلها "
وربما أورثتني شئ من رائحة العفريت أو الغول الملبدة بالفزع ..
ولكنها بلا ريب منحتنا حكمة توارت بين أبجديات الخيال الشهي ..
رائعة هذه البيضاء المبللة بعطور الذكرى ..
سلام على روحك ..

قديم 03-15-2011, 12:16 PM
المشاركة 16
سحر الناجي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
15 - سقط سهوآ / محمد نديم


سقط سهوا


كان عليه أن يشد كل تفاصيل وجهه اليابس ليرسم شبه ابتسامة خافتة ، كي يثبت للعالم أجمع أنه متفائل وسعيد.
كثيرا ما يصب الآخرون زيت نصائحهم المتسخ، في آذاننا أن نتحمل مشاق الحياة وهمومها ، لم يكلف أحد من الحكماء نفسه أن يهمس للحياة في أذنها ،أن تتحملنا قليلا وترأف بنا ، نحن الفقراء، عيال الله ، كُتـَلُ الطين والهم والحزن ، كوابيس الحكام ، وعفاريت الأغنياء ، والدمى على طاولات الشاهبندر وقوجة التجار ، في ليالي سمرهم الحمراء ، ومؤتمرات صفقاتهم السوداء، واتفاقياتهم الشيطانية ، التي يحددون فيها سعر و حجم ولون وقوة الحزام الذي سنربطه على بطوننا في كل عام مالي جديد
.
الجو نار ... نار ... نار
...
حملته أمه سهوا ، ووضعته كرها ، فكان القادم غير المرغوب فيه ، التاسع في الترتيب لأبوين فاقا البشر و الحجر في تحمل ذل الحاجة وضربات العوز ، فاتته كل القطارات :قوائم المواليد ، التعليم ، بطاقة التموين ، الإسكان الشعبي ، فاسمه قد سقط سهوا من كل السجلات ، لم يأخذ رقما في تقرير وزير العدل
.
رقم مطموس إلا من سجل واحد ،( التهرب من التجنيد الإجباري ) ، كان عليه الآن أن يثبت أولا وجوده ، وثانيا براءته وثالثا حقه في أن يكون له مكان في طوابير الخبز اليابس ، المخلوط بأشياء لا نعلمها نحن الجهلاء
.
الشمس تتحدى الجميع في صيف لا يرحم سوى من يملك أجهزة التكييف ، الشارع مختنق بطوق أمني جبار
.
الأرصفة منتفخة بالبشر والبضائع والعربات المدفوعة باليد والوجوه الكالحة، والأجساد التي يجب وعن جدارة ، أن تمثل الوطن في مؤتمر سوء التغذية الدولي . من ها هنا يمر الزعيم ، فليـُنتزع حقٌ الجميع في أن يذهب في الاتجاه الذي يريد ، لابد لنا جميعا أن نتوجه توجها عاما ، لأسباب قومية ودواعي أمنية
.
يداه المعروقتان تمسك بتلابيب أوراق عديدة ، ملوثة بحبر، وعرق وغبار ، وفي عينيه حسرة ولهفة بين الحزن على موظف لم يدركه ، ومدير لم يلحق به
.
·
اسمك مطموس ،

·
الختم غير واضح ،
·
أين شهادة ميلادك ؟
·
الصورة غير لامعة
·
المسئول في المصيف ،
·
الختم مقفول عليه ،
·
المدير مشغول.
·
خرج المدير لتوه
.
السكرتيرة تحتسي الشاي وتتطلع لأسطر الأخبار في جريدتها اليومية دونما اكتراث ، تتوجه بالحديث لزميلتها دون أن تدرك أن صاحبنا يقف بينهما.تتوجه بالكلام عبر جسده وكأنه هواء
!!!
لا نعلم من في خدمة من؟

الجو نار ... والأسعار أيضا ... عجوز تموت تحت أقدام المتصارعين في طابور الخبز اليومي ....
(
من معالم شوارعنا وصورتها الثابتة في الأذهان) : ( طابور العيش
) .
بالروح بالدم نفديك يا هذا
....
هتاف ، حول مواكب المماليك ، انقطع من شوارعنا منذ عقد أو يزيد...إذ انكشف المستور وترك معظم الزعماء بلادهم عارية مكشوفة العورة أمام قطاع الطرق الدوليين ، دون مكتسبات سوى المقابر الجماعية
.
********
الطوق الأمني يزداد ضيقا ، جميع الاتجاهات مغلقة ، نصال الأسلحة تلمع تحت الشمس الحارقة ، الجنود كالتماثيل دون دم في العروق أو اهتزازات في الملامح ، بلغت القلوب الحناجر، المحشورون في الحافلات الحديدية الساخنة ، المحشودون فوق الأرصفة ،في الأزقة الجانبية ، تحت الجسور ،خلف الحوائط ،تحت أعمدة الكهرباء البارزة أسلاكها استعدادا لصعق ما تيسر لها من المساكين
.
راح الجميع يتنفسون الهواء الأسود بصعوبة بالغة.بدا الميدان وكأنه قنبلة قابلة للتفجر في أي ثانية
.
لابد لنا أن نتحمل من أجل المصلحة العامة، ، نحن فقط جموع الحرافيش علينا أن نتحمل من أجل المصلحة العامة ، في سبيل أن يمر الزعيم بسلام ، علينا أن نذوب، نموت ، نذهب إلى الجحيم ، لدواع أمنية
.
لا نعلم من في خدمة من ؟

الجو نار ..... والقلوب أيضا
·
لا عليك من رؤيته.
·
أمر محال
.
·
سيمر حتما من شارع ما
.
·
يمكنك أن تلمح جانب وجهه خلف زجاج السيارة الأسود
.
·
لالا ليس هو ....إنه البديل المستنسخ
.
·
هل يأكل مثلنا؟

·
الجو نار ... والأسعار أيضا .
طوى دفتر أوراقة الرطبة بين أصابعه المتسخة.تحسس مكان حافظة نقوده الفارغة إلا من بطاقة الهوية ، الأمر لا يسلم في هذا اليوم النكد ، من مخبر سري يقبض على ذراعك ويسألك : بطاقتك؟

ذاب الموظفون – اجتماع هام للمدراء العوام والمساعدون ووكلاء الوزارة ، بمناسبة زيارة الزعيم للمؤسسة .
اسمك ليس هنا
..
·
لا رقم لك
....
·
مر الأسبوع القادم
..
· .
الأسبوع القادم؟

·
عليه أن يسلم نفسه للمخفر المجاور ...
·
خائن متهرب من الخدمة الإلزامية للوطن العزيز
...
الوطن العزيز ... شجر وماء ومتاجر وشوارع ومخافر... ليس لنا فيها نصيب ... سوى مساحة من زنزانة رطبة قاسية الحوائط.وموقع قدم ، تموت فيه بحرية تحت أقدام المتصارعين على كسرة خبز أسود
.
إقالة وزير العدل صباح اليوم. وتعيين مدرب جديد للمنتخب الوطني
.
الطوق الأمني كثعبان يزحف مضيقا الدائرة حول المساكين ، الملايين تحتضر بين فكي كماشة
.
·
أنتم السبب ... يا فرعون من فرعنك؟

·
جبناء .
·
خانعون
.
·
زبالة
.
·
والله ولي النعم رجل طيب
.
·
هل يأكل مثلنا؟

·
الحاشية هم السبب.لعنهم الله في كل كتاب.
على من يعرض أوراقه ، وهمومه ، وانكسار قلبه؟ كلهم في اجتماعاتهم الهامة بمناسبة زيارة الزعيم للمؤسسة الرسمية
.
الطوق الأمني يزداد خنقا لعنق الشارع وعروق الحارات ، وشرايين الأزقة
.
صرخة (سيارة الزعيم) تخترق المكان وتملأ القلوب رهبة والأجساد ارتعاشا، ، الأعناق تمتد لرؤية أي شيء ـ الزحام يضيق حول الموكب ، النكد والتعطيل ، والذل ، والإهانات ،و الركلات والهراوات ، وقنابل مسيلة للدموع ، ورصاص حي ،هي الهدايا الدائمة المصاحبة لمواكب مماليك العصر
.
الهرج والرعب تسيدا المكان
.
غطوه بأوراقه التي اجتهد شهورا في جمعها وختمها وتأشيرها .... لم تكف سوى لتغطية جزء من وجهه الذي كان داميا مطموس الملامح
.
وقف الضابط يسجل ملاحظاته ببرود
:
أنه في ساعته وحينه ، وعند مرور موكب ولي النعم ، حاول موتور مجهول الهوية الإمساك بيد الزعيم ، لولا يقظة الجهات الأمنية.


***********

محمد نديم ..
وسقط حلولي على الجدار الأيسر من الحكاية لأنزع من التفاصيل دهشة ..
ولو كانت الحياة تصغي سيدي لحكمة العابرين فيها لما برح في الدنيا شقيا ولا محروما ..
وأفئدتنا وحدها المنوط بها السمع والوعي كي نتكيف مع كل طوارئ القدر ..
لن تبقى الأرصفة منتفخة بالبشر طويلا .. فهناك موعد مع الأبدية بات محتوم ..
تسلسل رائع في سكب التفاصيل التي تلجم الوعي ..
سلام على روحك

قديم 03-15-2011, 12:26 PM
المشاركة 17
سحر الناجي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
16 - جوقة نفاق / سهام الببايضة



جوقة نفاق
بقلم: سهام البيايضة

وقف أبو شرف أمام المرآة يملس شعره الأجعد المتبقي فوق أذنيه وأعلى رقبته، الذي انحسر عن مساحة كبيره من رأسه ، يضع الكثير من ماء الكولونيا فوق أوداجه المنتفخة وعلى رقبته، وهو يدندن لحن أغنية قديمه لام كلثوم ،يتذكر بعض الكلمات وينسى البعض الآخر مستمرا بدندنة ألحن المشهور الذي حفظه بالتقادم والتكرار عن ظهر قلب .
دخلت ام شرف بهدوء تراقب زوجها الذي اعتاد، أن تزفه حتى باب البيت وهو يستعرض نفسه أمامها بمشيته ،بعطره وهندامه المستورد المختوم بالماركات العالمية .
سألته مستفسرة:"الى أين يا أبو شرف..يظهر أن مهمتكم اليوم على مستوى كبير ..من هو سعيد الحظ – هذا- الذي سيتشرف بزيارتكم؟"
أبو شرف: "مسؤول ..مسؤول كبير ..أتوقع أن يستلم وزاره بالتعديل القادم..لا بد أن أبادر الى زيارته حتى لا يعتقد أني أنافق له بعد أن يستلم مهام وزارته..يعني ..تمهيد.. ..لن اخسر شيئا..لا بل من الممكن أن اكسب غداء على مستوى عالي.. ادعٍ لي..المهمة صعبه قليلاَ!"
ام شرف:" لا يا عزيزي ..إنها ليست بصعبة عليك ..خذ معك جوقتك المفضلة وأنا متأكدة أنه لن يترككم ابدآ ..انتم خير جليس لأي مسؤول يحب ال ن.. ف.. ا...اقصد المنادمة ..الله يقطع لساني ..كدت أن أغلط فيكم!!"
نظر إليها أبو شرف نظرة عدم ارتياح قائلا:"أنت تعيشين في عالم آخر..تسيطر عليه مبادئ وأفكار والدك المعلم السابق، التي لا تزال راسخة فيك..أيامكم عفا عليها الزمان..الحياة تغيرت يا "مدام" ..انظري الى كل هذا العز الذي تعيشين فيه ...من أين جاء برأيك؟.. هكذا مسؤولين يحتاجون الى هكذا نفخ ...أو سميه كما تشائين !..أنهم يحتاجون إلينا كحاجتهم الى المستشارين والعلماء وأصحاب العقول في السياسة والاقتصاد ..نملأهم بالغرور.. ونطربهم بالمدح والإطراء،ونرفه عنهم من مشاكل الناس وطلباتهم ،ونرفع من قيمتهم في الأوقات التي يتقاعسون فيها عن تأدية واجباتهم،وندعم مسيرتهم الفاشلة في العمل والخدمة ..ونصفق لهم عندما تشتد المعارضة حولهم،ونجعل منهم أبطال يدخلون سجل الوطن التاريخي !!
صمتت ام شرف وقد غلبها حديثه ، وشعرت أن هناك مسافات تمتد بينهما اتسعت وهوت الى أعماق سحيقة، من اختلاف المبادئ وطرق التعامل وكسب الرزق ..واكتفت في لجة التغيير وصراع المناصب وتبدلها، على رعاية بيتها وتربية أولادها،وكتمان غيظها ،عندما تتسع مدارات علاقاته لتصل الى من يستطيع الاستفادة منهم بكل الوسائل والمهارات التي اكتسبها على مدار سنوات حياته المهنية ،التي جعلته دائماً في صدارة المجالس يتقدم العزائم، ينال الهدايا والهبات، ويقدم بالمقابل مخزونة ألقيمي من خدمات، دون أي اعتبار أو حد، لصون كرامته ..فكم هي المرات التي شهدت فيها أوقات محرجة كان فيها فوق محك تقليل الشأن!! وسمعت ما يقوله الآخرون عنه ، ونعته بنعوت الرياء والنفاق ..لكن عزمه وإصراره ، أذاب ماء وجهه، في سبيل الوصول والبقاء قريبا من كل ما هو كبير ومسؤول، والصمود أمام اكبر إهانه،مبرراًً لها ، انه يفعل ما سيفعله الآخرون ، وان الشتائم مهما كانت لن تلتصق به،والمواقف نتائجها مضمونة لصالحه، طالما أن اذرع الشياطين تنشط في تلك الأجواء المحمومة بالغيرة والصراع،وعندما يستبعد في حالة الإطاحة بوزير أو صاحب قرار كان المقرباً له ومحسوب من حاشيته ، لا يلبث أن يجد لنفسه مكانا مناسباً في سلسلة توارث عائلي لمراكز القوى !
قال لها يوما يشرح فلسفته ليقطع عليها انتقاداتها وخوفها من عاقبة الأمور:"إنها لعبة متعددة الجوانب في أجواء الصراع على المكاسب والامتيازات الحكومية، أتجاوز فيها أي مبدأ أو خلق إنساني محترم ،كل يوم ازداد قوة ، رغباتي حاضرة، مكانتي محفوظة في الصدارة ، أمتع أصحاب العطوفة، المعالي والسعادة، بكلمات الثناء والتفخيم ، الذي لا ينقطع طالما هناك مواطن يطالب بحقوقه ومسؤول لا يعمل على تلبيتها ،منشغلاَ ،يبحث عن السلطة والمال، ولا يحظى برضا الناس ..أنا - يا سيدتي - أمارس معهم علم نفس وفن إدارة الصراع والاسترضاء، واعلمي أن الحال إذا بقي على ما هو، ستحتاج البلد الى الكثير من المصفقين ،المطبلين والعازفين على كافة الأوتار،كتاب ،صحفيين ،مرتزقة ،سماسرة ووكلاء أمن وحماية ، لإشباع هذا الكم الهائل من الغرور والشعور بالسلطة والأهمية !
فكرت ام شرف كثيرا بكلام زوجها الذي كانت تجده قوياً مزدهراً يوم بعد يوم،لا شيء يكسره، في أعماقها كانت تعلم أن ما يقوم به غير صحيح لكن الواقع يثبت لها العكس دائماً ..انه رجل المرحلة بكل معنى الكلمة!!،محاط بالأصدقاء دائما ،مشغول معظم الوقت ،يحمل فوق حزامه أربعة هواتف متنقلة ، أموره ميسره ،مجرد هاتف بسيط يتخطى صفوف الانتظار ،وتصرف له أفضل الأدوية وتوقع له أصعب المعاملات ،وإذا ارتفع ضغطه قليلا تداعى عليه الكثير من معارفه وخلانه ،يمطرونه بالهدايا والعطايا،علهم يصلون بواسطته الى من يتمسح بهم ،وأحيانا خشية من شكواه عليهم في حالة غضبه أو عدم رضاه لسبب ما!! وإذا احتاجه احد، قصرت ! وضاعت حيلته ،وضاقت عليه السبل.. متعذرا بالسفر وكثرة الانشغال!! فلا يهون عليه.. أبدا.. أن يرى أحدا قد نال مكسب من مسؤول أو خدمه دون نفسه!! .
أما شرف الصغير ،فلقد كان له أداة للنفاق والنصب الاجتماعي ، يصطحبه في الأعياد والمناسبات، ويدربه على استلام ولاية عهدة،يدفعه بصوته الجهوري الضحَاك:"مد يدك يا بني ..سلم على أعمامك !!" ...فلا يترك احد من الحضور .. يسلم بيده ويتبادل معهم الأحضان والقبلات ، حاصداًً ما في جيوبهم من نقود ، تعتمد قيمتها على كرمهم وحبهم للظهور، ليخرج الولد وقد امتلأت جيوبه بالدنانير ويداه محملتان بالهدايا!!..حتى أتقن أساليب وفنون والده صغيراً ،وتفوق عليه شاباً!!
أثناء انشغالهما بالحديث رن جرس البيت، توجه أبو شرف ليفتح الباب، مرحباً بصديقيه:" أهلا وسهلا..تفضل أبو صادق ..تفضل أبو نزيه ..!!".. ثم ادخلهما الى صالة الجلوس، لحين اقتراب موعدهم المبرم مع الوزير الموعود ،في هذا الأثناء سمع أبو شرف ابنه شرف قادما يناديه !
نظر إليه مستفسراًً،وقبل ان يتفوه بكلمة.. انهال الشاب عليه واخذ يقبل يديه ورأسه..وهو يكيل له عبارات المدح والتفخيم :"والدي العزيز ..سيدي..بركة هذا البيت العامر بوجودكم وحضوركم..اسمح. لي..!!."
قاطعه والده زاجراًً إياه أمام ضيوفه:"خفف يا ولد من هرجك وهات من الآخر..كم تريد ؟"
اشرف بكل انكسار ومسكنه :"من خيركم ..مئة دينار فقط لا غير!!"... غص أبو شرف في ريقه واخذ يسعل بشده ،حينها انتفض صديقاه يحاولان التخفيف عنه وهما يربتان على ظهره ويصرخان :صحة.. صحة .. يا أبو شرف..أعدائك وحسادك عنك ..عين وأصابتك!!!
استعاد أبو شرف صوته الذي ضاع بالسعال ،واضعاً يده داخل معطفه مخرجاًً محفظته، ليؤكد عدم انزعاجه من طلب ابنه الذي اختار الوقت المناسب والحرج، ليطلب والده هذا المبلغ !!
ناول أبو شرف ولده ورقتي نقد من فئة الخمسين دينار قائلا: خذ..يكفيك هذا المبلغ؟؟!!
اخذ شرف ورقتي النقد قائلا:"منك يا والدي العزيز كل شيء فيه بركة"..وبسرعة هم الى يده يريد تقبيلها ..لكن والده أسرع وسحب يده من قبضة قائلا :"لم يأت أوانك بعد..لا زلت صغيرا يا ولد !!"
رد شرف، عين على والده وأخرى تصطنع الخجل:" تربيتك وعضدك الأيمن يا والدي العزيز!!"
نظر أبو صادق الى أبو نزيه وقد أدهشهما،سلوك شرف الشاب وما وصل إليه من حرفيه وإقناع ،وقد استوعبا أهدافه وغاياته !
قال أبو صادق وهو يحاول إخفاء ضحكة مكتومة :"ما شاء الله نعم التربية!!"
قال أبو نزيه :"سبحان الله ..من شابه أباه ما ظلم ...الولد مستقبله واعد !!"
قال أبو صادق مقترحاًً:"ما رأيكم أن يرافقنا شرف ؟..اعتقد أننا نحتاج الى دماء جديدة ترافقنا في جولاتنا!!"
نظر أبو شرف الى الرجلين بعينين باردتين وكأنه لم يسمعهما..وبكل هدوء توجه الى باب البيت ليفتحه قائلا :تفضلوا .. هيا يا شرف ..لا نريد أن نتأخر..أمامنا مهمة جديدة لك!!!
خلف ستائر غرفة نومها وقفت ام شرف تراقبهم وهم يستقلون مركبة أبو نزيه الذي جلس بجانبه أبو صادق في المقعد الأمامي،وإثناء سير المركبة مبتعدةَ، شاهدت ابنها شرف من خلف الزجاج .. جالساً متصدراً المقعد الخلفي بجانب والده !! ..معلنةً الساعة، ولادة فرخ جديد!!

**********

سهام الببايضة ..
تماما .. كنصع الوقائع خلف وهج الشمس ينسكب الجوهر ها هنا ..
كنت أفتش عن سردك بين ثنيات الحرف الذي سكبتيه فبرعت ,,
ووجدته على وجه أبي شريف وشرود المرأة التي أجهدها الحدث ..
وكأن ندبة قد اختلجت القلب الحزين وتأبى النزف إلا في حضرة وعينا ..
هذه الحكاية المشوقة تقضم رتابة الوقت وتغرس في الأحداق دهشة ..
أمتعتني قراءة حرفك .. حتى احتفظت ببعضه في ذاكرتي ..
سلام على روحك ..

قديم 03-15-2011, 12:39 PM
المشاركة 18
سحر الناجي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
17 - صك الخذلان / خالد عبد اللطيف


قصة " صـك الخذلان"


اقترب من الباب،حاول أن يدق،خانته أنامله،أحس أن الأرض تميد تحت قدميه ،حتى قدميه الصلبتين اللتان خاض بهما معارك برية كثيرة،لم تعد قادرة على الثبات.
أصابه دوار وصداع في الرأس،ولم يعد قادرا على الوقوف .كل هذه الأعراض المفاجئة كان بإمكانه تحملها،والصبر على أوجاعها ومكارهها،لكن الشيء الوحيد الذي هد كيانه من الداخل،إخبار الزوجة والابن لما جرى له في هذا اليوم الأكلب.
كاد أن يطرق الباب مرة ثانية،لكن شيئا خفيا جره للخلف،تراجع والعرق يتصبب من جبينه،وأحس بضيق في صدره،دقات قلبه تتعالى،ويداه ترتعشان،شلت جميع أعضائه،حاول أن يصرخ،لكن وخزا كالإبر تسلل إلى حنجرته وأوقف نبرات صوته.
الزوجة والابن بالداخل ينتظران قدوم الزوج،منتظرين البشرى،فقد أعدا المائدة،ووسط الصحن تربعت دجاجة محمرة ثخينة.
عاد أدراجه لايلوي على شيء،لم يعرف أي وجهة يختار،ضاقت به السبل،ودون وعي منه،وجد نفسه دالفا أول مقهى،مسندا ظهره لأول كرسي.
لم يعرف كيف مرت الأمور بهذه السرعة على موقع الوزارة، كان يبحث عن اسمه بين الذين تم انتقاؤهم لكن دون جدوى.كانت اللائحة قاسية وجافة تحمل أجسادا غريبة لم يسمع بها من قبل.تساءل في حيرة كيف لم يختاروه من بين المرشحين،وهو الحاصل على شواهد عليا بميزة:حسن جدا.
كيف تخلوا عنه بسهولة، أليس المجال مجاله؟ والتدريس غايته وأمله.ألم يحصل على شواهد مهنية في مجال التعليم بميزات مشرفة، أمثاله هم المؤهلون لخدمة الدولة ونظامها التعليمي.
اعتبر الأمر مجرد خطأ،حاول النهوض من على كرسيه،ليعيد النظر في موقع الوزارة ولائحتها،لكن من جاء من يخبره من أصدقائه بأنه قد قضي الأمر،وأن باب الأمل قد أغلق والى الأبد.
طفرت دمعة حارة من عينيه،شعر بجفاف في حلقه،أحس أن هذا الكون بدأ يصغر ويصغر حتى تلاشى وتبخر،اصطكت أسنانه،وجحظت عيناه،ماذا يقول لزوجته ولابنه وبأي وجه سيلقاهما.
طيلة حياته لم يكن متخاذلا ولا متهاونا،فبعد حصوله على شهادات عليا من الجامعة،وشهادة من معاهد للصحافة،قرر أن يعمل في أي مهنة،فقد عمل صباغا،ودافعا للعربات المجرورة،ومساعدا للخياط،ومراسلا لجرائد وطنية،وفي آخر المطاق استقر به المطاف أستاذا بالتعليم الثانوي الخصوصي والابتدائي،كانت كل تقارير المفتشين تنوه بكفاياته وقدراته ومهارته وسعة معارفه.
واليوم حين أتيحت له الفرصة لإبراز مهاراته وقدراته،أهملوا كل تجاربه وخبراته،ولم يفسر له أحد كيف تم إسقاطه،والعهدة على الحاسوب الخالي من المشاعر،أثناء الترشيح لمنصب معلم قدم لهم سيرته الذاتية والعلمية الحافلة بالكفاءة .
حار في كل ماجرى ،كل شيء مر كلمح البصر،تلك الشاشة العقيمة التي لم تفرز اسمه.نظر مجددا لعله يبصر حرف" الميم" فرك عينيه أكثر من مرة دون جدوى،تذكر تلك الرزمانة من المراجع والمصادر والمجلات في مجال التربية والبيداغوجيا والتي حفظها عن ظهر قلب،تبخر كل شيء دفعة واحدة.
حتى السن محسوم في الوظيفة،كانت هذه فرصته وأمله،نظر حواليه،كان كل شيء أسودا قاتما.
هبطت أشرعة الظلام دون أن يدري،سمع دقات قلبه تصم أذنيه،تشنجت عضلات وجهه،انتظرته الزوجة والولد،لكنه لم يعد.

خالد عبد اللطيف.


***************

خالد عبد اللطيف ..
دون أي تباعد انساب النص سيدي متدحرجآ إلى الخاتمة بحبات من التشويق التي استقرت على وعينا ..
كأننا نعاين معاناة منطوقة نقشت على الباب وعلى الطريق وفي الزقاق , حيث الحرف البارع كان سيد الموقف ..
أخفضت لنا جناح الألم , فانسل إلينا دون استئذان .. من خلال تعاقب الإنفعال ..
ورغم أكوام الحزن المتراصة هنا , إلا أن الدهشة كانت جائزتنا الكبرى ..
شكرآ سيدي كبراعتك

قديم 03-15-2011, 12:44 PM
المشاركة 19
سحر الناجي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
18 - باب توبة !! / دارين عزوز


في المحطة الثانية، قبل وصوله إلى مقصده بساعات، أفاق من نومه العميق على صوت صفير القطار المزعج، والضجيج الذي رافق حقائب المسافر الذي جلس بجانبه..
بادله التحية بابتسامة مصطنعة، وبإيماءة طلب منه إعارته أحد الكتب التي كان يحملها وكأنه بذلك يقفل باب الحديث معه !!!
ظل يتأمل صفحات الكتاب بذهنٍ شاردٍ حتى شده عنوانٌ عريض معاصي أهل القبور: الشركُ بالله ، النفاق ، تحليل ما حرم الله ،النميمة ،الكذب ، الزنا .... واسترسل في قراءة أنواع العذاب ويداه ترتجفان ،والعرق يتصبب بارداً من كل جسمه.. ترك الكتاب جانبا وشرد في تفكير عميق وقد صُبغ وجهه بلون الموتى .
عند توقف القطار نزل مسرعاً في ذهنه حلا لوضع حدٍ لاضطرابه بعد الذي قراءه !!
فاتجه إلى ملهى ليلي لينسى ويرتاح ..!!

*************

دارين عزوز ..
أنظرني هنا وقد جلبت حفنة من الإدراك كي أتشرب دقائق الحكاية ..
سأذكر أنني عبرت واحة الضمير وسراجي أيقظ وهجه ضوء حرفكِ الباهر ..
حتى صوت الملائكة في الفؤاد بدا أكثر حكمة في مكث التفاصيل ..
وما ظننته غفلة قد اجتاحت العمر بوابل من الخطايا المتراكمة ..
قد أزاحته أقصوصتك الرائعة وغرست بدلا منه حفنة من الرجاء ..
أسأل العظيم أن يجنبنا الشيطان ويطهرنا بالماء والثلج والبرد ..
سلام على روحك

 

مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:30 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.