قديم 09-07-2017, 04:16 PM
المشاركة 21
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
مرحباً استاذ ياسر

شكرا على الإفادة . واضح ان عقل الانسان رهينة لكل ما قيل ضمن هذه المداخلة الاخيرة ، وصحيح انه لا يمكن معرفة مقدار حصول العقل على الموقف "الصحيح" لعدم القدرة على رصد اثر المؤثرات الخارجية، سواء تعلق الأمر بالميول أو المنفعة أو الأخلاق أو المعرفة ...كما تقول وانا أؤيد ذلك. لكن أظن ان البشرية قد وصلت الى مرحلة اصبح لديها برامج وادوات قادرة على ايقاع مزيد من التأثير على الدماغ من خلال فهم الشخصية الانسانية وفهم دور الغرائز في التأثير على قرارات الانسان مثلا في الإعلانات التجارية فالأغلبية العظمى اصبحت تقاد باتجاهات معينة بواسطة برمجته تعتمد على تحريك الغرائز والميول الجنسية ولو ان ذلك يمثل احدى وسائل جذب العقل واسر قراره بينما مثل تطور وسائل الاتصال وأعقدها خطرا اخر .
اذا يبدو انه كلما تقدمت المعرفة وفهم السلوك الانساني والشخصية الانسانية كلما تعقد المشهد لان هناك من يستغل هذه المعرفة ويستثمر ادواتها في برمجة العقول والسيطرة على خيارات الناس وقراراتهم.
قد يتعلم البعض من خلال التجربة كيف يبعد نفسه عن تأثير البرمجيات لكن الماكنات الدعائية أقوى من العقل الفردي وحتى العقل الجماعي ولذلك يمكن القول بان اسقلالية اتخاذ قرارات صحيحة اصبحت محصورة الى ابعد الحدود. فلم يعد العقل يعاني من قصور وانما غياب شبه تام .
*

قديم 09-08-2017, 01:15 AM
المشاركة 22
ياسر علي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
قد تكون آلة الدعاية تشتغل بشكل رهيب و البرمجة لا تتوقف، لكن هذا كله أيضا ناجم عن قدرات عقلية إنسانية في الأساس مستندة على رغبة في التفوق، وهنا العقل يشكل مجموعة من الأساليب و الطرق لتحقيق هذه الرغبة، فالعقل السياسي المستند على غريزة القيادة والسيطرة يستغل بشكل واضح العقل العلمي تحديدا و يوظف مخرجاته.
أنا شخصيا أثق في العقل الإنساني و قدرته على إيجاد الكثير من الحلول للكثير من الأزمات ومنها أزمة اليوم المتمثلة في فقدان الثقة في العقل تحديدا.
لا يوجد الكثير من الحلول أمام الإنسان إلا التوظيف الأمثل لقدراته العقلية، وهذا تحديدا ما خلص إليه الجابري عند دراسته للعقل العربي، عندما وجد أن بنيته المعرفية تتنازعها ثلاثة أسس العقل البياني المستند على اللغة العربية و آليات اشتغال اللغة العربية و العقل العربي القديم المؤسس على نظرية الجوهر و الذرية، مما يجعله يستقيل بأريحية و ينتج في الوقت ذاته " الشعر" لما يتيحه الشعر من التجويز و ساد هذا النمط المجازي حتى عند فقهاء اللغة و البيان عموما فتسمع على سبيل الذكر يجوز الوجهان في كثير من الموضوعات. وهي نفسها العقلية العربية التي لا تميل إلى التعمق وتحب المعالجة المظهرية " السطحية"
والأساس الثاني هو العرفانية التي سادت بشكل من الأشكال بعد العقل البياني، والمستندة أساسا على أن المعرفة تأتي بواسطة إشراق أو حلول و غيرها من الأشكال اللا تجربية أو إن شئت اللاعقلية، وكانت نظرية الفيض سواء عند الفرابي أو ابن سينا أحد أوجه هذا المزج بين الثقافة الهرمسية و البيان العربي وبعض من العقلانية اليونانية، ويمثل أفلوطين عصب هذه الفلسفة ويعتبر في الأخير أبو حامد الغزالي أكثر من أصل لهذه الثقافة عربيا.
في حين الأساس الثالث هو العقل البرهاني الذي وجد الكثير من الصعوبات ليندمج مع المنظومة الثقافية العربية، ويعد ابن رشد من وصل إلى حقيقته الفعلية لكن هذه النهضة المتأخرة لم يكتب لها النجاح، ولم توفق في إنجاز ما هو مطلوب أي المرور إلى مرحلة العقلانية. بل انتشر التصوف بشكل رهيب في البنية العقلية العربية، أكثر حتى من البيان نفسه.

وشكرا

قديم 10-09-2017, 01:56 PM
المشاركة 23
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
مرحبا استاذ ياسر

اقتباس " أنا شخصيا أثق في العقل الإنساني و قدرته على إيجاد الكثير من الحلول للكثير من الأزمات ومنها أزمة اليوم المتمثلة في فقدان الثقة في العقل تحديدا.
لا يوجد الكثير من الحلول أمام الإنسان إلا التوظيف الأمثل لقدراته العقلية، وهذا تحديدا ما خلص إليه الجابري عند دراسته للعقل العربي، عندما وجد أن بنيته المعرفية تتنازعها ثلاثة أسس العقل البياني المستند على اللغة العربية و آليات اشتغال اللغة العربية و العقل العربي القديم المؤسس على نظرية الجوهر و الذرية، مما يجعله يستقيل بأريحية و ينتج في الوقت ذاته " الشعر" لما يتيحه الشعر من التجويز و ساد هذا النمط المجازي حتى عند فقهاء اللغة و البيان عموما فتسمع على سبيل الذكر يجوز الوجهان في كثير من الموضوعات. وهي نفسها العقلية العربية التي لا تميل إلى التعمق وتحب المعالجة المظهرية " السطحية"

والأساس الثاني هو العرفانية التي سادت بشكل من الأشكال بعد العقل البياني، والمستندة أساسا على أن المعرفة تأتي بواسطة إشراق أو حلول و غيرها من الأشكال اللا تجربية أو إن شئت اللاعقلية، وكانت نظرية الفيض سواء عند الفرابي أو ابن سينا أحد أوجه هذا المزج بين الثقافة الهرمسية و البيان العربي وبعض من العقلانية اليونانية، ويمثل أفلوطين عصب هذه الفلسفة ويعتبر في الأخير أبو حامد الغزالي أكثر من أصل لهذه الثقافة عربيا.

في حين الأساس الثالث هو العقل البرهاني الذي وجد الكثير من الصعوبات ليندمج مع المنظومة الثقافية العربية، ويعد ابن رشد من وصل إلى حقيقته الفعلية لكن هذه النهضة المتأخرة لم يكتب لها النجاح، ولم توفق في إنجاز ما هو مطلوب أي المرور إلى مرحلة العقلانية. بل انتشر التصوف بشكل رهيب في البنية العقلية العربية، أكثر حتى من البيان نفسه."

استاذ ياسر

لا اعرف مدى دقة هذه التصنيفات التي اوردتها وهل كان لدى الجابري او غيره ممن اجتهدوا لتنميط العقل العربي وتصنيفة ضمن هذه الاطر. لكني حتما اؤيد بقوة صحة ذلك الضرر التي اوقعته العقلية العرفانية والتي هاجمت العقل وقدمت عليه النقل ممثلة بالامام الغزالي.

ارى بأن الامام الغزالي بفكره الصوفي او تلك الاسس التي ادت الى ظهور التصوف وانتشاره كما تقول هي وللاسف تكرار لسيطرة العقلية اللاهوتية التي جعلت الكنيسة تسيطر على الامور بعد الميلاد بثلاث مائة عام تقريبا والتي حاربت الكنسية اثناهئا العقل فغرقت العالم بما اصطلح عليه ظلام العصور الوسطى، ولو قدر للتيار الذي قاده ابن رشد في الاستمرار واخذ دوره في المجتمع الاسلامي ولم يحارب لظلت شعلة النهضة بيد الامة العربية والاسلامية.

ولكن تاريخنا يقول ان الاسلام العقلاني الذي يرفع من شأن العقل انتهى بسيطرة المتصوفة مع مطلع القرن الحادي عشر ميلادي ونحن منذ ذلك الحين نراوح مكاننا ان لم نكن مستمرين في الانحدار نحو مزيد من الظلام.

لا بد من العقلانية حتى نهزم الظلام وننهض ولو ان مبطلات العقل اصبحت عديدة وقوية لكن كما تقول "لا يوجد الكثير من الحلول أمام الإنسان إلا التوظيف الأمثل لقدراته العقلية"...ولا بد ان يجعلنا هذا التوظيف نسأل باستمرار اين كان عقلي ؟ لعلنا نتمكن من الاستفادة القصوى من العقل والعقلانية.




قديم 11-03-2017, 08:45 AM
المشاركة 24
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
ابو صالح والسجائر

عرفت ابو صالح منذ سنوات. قابلته اول مرة في احد الأعراس في الكويت في ثمانينيات القرن الماضي رغم انه ابن قريتي لانه كان قد سافر للعمل في الكويت منذ ستينيات القرن الماضي وكنت حينها ما ازال طفلا صغيرا.
وجدته منذ لقائي الاول مولع بالتدخين لا يكاد يطفيء سيجارة حتى يشعل اخرى. واحيانا يشعل الجديدة من عقب التي انقضت. واحيانا يجمع بين الاختين . واحدة بين اصابعه والاخرى على طرف المكتة امام ناظريه. اظنه كان يتجاوز حرق محتويات اربع علب سجاير كل اربعة وعشرين ساعة فقط، وحتما لم يكن يعي انه كان يحرق نفسه.

تكررت لقاءاتي معه في المناسبات، وما لبثت حتى بدات محاولة إقناعه بترك التدخين. بذلت في ذلك جهدا مهولا. لم اترك وسيله ولا حيلة ولا اسلوب ولا طريقة ولا معلومة الا وحاولت تسخيرها لإقناعه بترك التدخين.

حاولت اللعب على وتر التخويف والحقائق العلمية . اخبرته ان كل سيجاره تحتوي 518 نوع سموم أخطرها القطران والنيكوتين. قرات له بصوت عالي منبها ومحذرا ما دون على علب سجائره التي يلتهمها وكانها اصابع من الشوكلاته الفاخره .

وحاولت تصوير كيف سيكون عليه حاله بعد سنوات . كررت تحذيره واللعب على وتر الخوف. اخبرته بان المدخن انسان يتحكم في عقله النيكوتين، فهو عبد. لكن كما يقال " لا حياة لمن تنادي".

كان مدمنا على حرق نفسه وتعطل بفعل ذلك تفكيره المنطقي. وكان يزين لنفسه عملية الانتحار البطيء تلك.

طور مثل كل المدخنين فلسفة تبريرية لكي يقنع نفسه ومحاوره بايجابيات وهمية للتدخين. كان عبدا لسيده السيجارة. وكان يظن خطا انه هو السيد في معركته مع النيكوتين.

هزمني في معركتي لإقناعه في هجر التدخين وهجرته لسنوات لانشغالي بأعمالي واختلاف طباعنا ومشاربنا واعمارنا ولم نلتق الا قليلا في المناسبات.

الى ان وصلني ذات يوم خبر انه يرقد في المستشفى الاميري على الدائري الرابع. زرته هناك مطمئنا على حالته. فوجدته مكسور الخاطر ، مسلوب الإرادة ، مريضا، مهزوما، مستلقيا على سريره لا يكاد يتحرك. ولم يكن ذلك أسوأ ما فيه!؟!؟

سالته عن حاله فأخبرني انهم حفروا في اماكن عدة من جسده لازالة الجلطات من شراينه التي تشكلت بفعل التدخين الذي استمر يحرقه وينتخر به زهاء أربعون عاما....

سالته ان كان سيتوقف عن التدخين اذا ؟؟؟!!! فأكد وجزم ووعد واقسم انه لن يعود للتدخين مرة اخرى أبدا ابد ... قالها بمرارة وحسرة والم وندم ، وكأن لسان حاله يقول : اين كان عقلي؟؟؟!!!



*

قديم 11-11-2017, 03:38 PM
المشاركة 25
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
سلام وصدمة الرسوب

سلام صبية جميلة أمضت طفولتها ودراستها في بيئة محافظة تقدر التعليم وتعلي من شانه. وكانت سلام فتاة مجتهدة في سنوات المدرسة، لا تكاد تفارق الكتاب ، حريصة على النجاح ونيل علامات مرتفعة في الامتحانات ، وقد لاقت من أسرتها كل الدعم والمساندة. وما ان وصلت الى الصف التوجيهي حتى ضاعفت جهدها وعينيها على الجامعة والدراسة الجامعية وقد أنهت التوجيهي بنجاح وتفوق.

عاشت حياتها قبل الجامعة مثل قطة عمياء. لا تكاد تلتفت لشئ سوى لدراستها. حتى انها لم تحصل على جهاز جوال الا بعد ان أنهت دراستها المدرسية.

ظلت بعيدة عن وسائل الاتصال الجماهيري وعن كل امر يمكن ان يشوش على أفكارها ويوثر سلبا على علاماتها، وساهم الاسلوب التربوي المحافظ المتبع في مدرستها الخاصة في ابقاءها في الظل. فظلت غضة ساذجة منقطعة عن التفاعل مع اي بيئة خارج اطار الاسرة والمدرسة.

تلقت في سنتها الاخيرة في المدرسة إرشادات حول الحياة الجامعية، وكيف يجدر بالفتاة ان تتصرف في بيئة منفتحة ومختلطة، من خلال مجموعة نشاطات أقامتها المدرسة لهذا الغرض من بينها مسرحية هادفة ، دعيت اليها حتى بعد ان اعلنت نتائج التوجيهي وتبين انها واحدة من الناجحات في ذلك العام.

ولكونها حصلت على معدل عالي سارعت للتسجيل في الجامعة. والتحقت بعد مخاض عسير حول مجال التخصص في كلية إدارة الاعمال.

بدات سلام عامها الجامعي الاول بفرح عارم، على الرغم انها كانت في ايامها الاولى تشعر بغربة في ظل هذه الأجواء المختلفة عما الفته في المدرسة والبيت. كانت تذهب مباشرة الى المحاضرة الاولى وما تكاد تنهي سلسلة محاضراتها حتى تغادر ارض الجامعه. ظلت علاقتها محصورة بصديقتها الوحيدة سميرة زميلتها في المدرسة ذات النهج المحافظ. ولم تكد تتعرف على صديقات اخريات جدد، ناهيك عن الالتزام بالابتعاد عن الزملاء من الجنس الاخر بشكل شبه مطلق.

لكن هذا الحال لم يطل كثيرا. حيث بدات تزور الكفتيريا بإلحاح من صديقتها سميرة . وهناك صارت تمضي وقتا طويلا وهي تتبادل اطراف الحديث مع شلة من البنات أخذت تتسع شيئا فشئيا تجمعهم الطاولة رقم خمسة في زاوية الكفتيريا الخلفية.

ولم يطل الوقت حتى جربت سلام السجائر وغرقت حتى أذنيها في اللهو واللعب والاجواء الشبابية الحانعية ، وكادت تنسى تماماً متطلباتها الدراسية . كانت تتعمق في الانخراط في الحياة الجامعية وتبتعد اكثر فاكثر عن الكتب. مرت الايام سريعه وهي تكاد تكون في غيبوبة. انقطعت عن متابعة المراجعة اليومية. تراكمت المواد عليها وهي لا تدرك ان ساعة الزمن تدور بسرعة فائقة. جاءت نتيجة الفصل الاول مخيبة للامال وحصلت على انذار لتقصيرها. كان ذلك جرس إنذار صم أوذنيها، لكنها لم تصح من غفلتها. واستمر بها الحال على ما اصبحت عليه في الفصل الثاني. ومع نهاية الفصل قررت الجامعه فصلها نهائيا من الدراسة لتقصيرها.

لم تصدق سلام ما حل بها. أخذت تقلب كتاب الفصل الذي أستلمته من عمادة الكلية. وفجأة دار شريط سنتها الجامعية في ذهنها. تذكرت كم من الوقت أمضت وهي تلهو وتلعب. تذكرت حياة اللهو في الجامعة التي اختطفتها من الكتب. كانت صدمتها مزلزلة لما حل بها.
وضعت راسها بين يديها وشريط ما سبق من حياتها ماثل امام ناظريها وسالت نفسها اين كان عقلي؟
*


مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 3 ( الأعضاء 0 والزوار 3)
 
أدوات الموضوع

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: اين كان عقلي ؟!؟!
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
هل هو استعارة أم مجاز عقلي ؟ ماجد جابر منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 6 05-20-2011 09:11 AM

الساعة الآن 03:22 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.