بين الذنب ... والتوبة ...رجاء مذنب
---------------------------------
حسام الدين بهى الدين ريشو
---------------------------

يكفي المذنبين كرما بعد الندم والتوبة والعزم على عدم الرجوع اليها ...
مع رد المظالم لأهلها قول الحق سبحانه وتعالى:

(قل ياعبادي الذين أسرفوا على أنفسهم
لا تقنطوا من رحمة الله
ان الله يغفر الذنوب جميعا
انه هو الغفور الرحيم ) 53 الزمر
وهنا يجب أن نلاحظ :
أن قوله ياعبادي ... يختص بالمؤمنين وهو تفضيل بالاضافة
رغم الذنوب والاسراف على النفس
كما أن الآية تنبيه على ان العاصي لا يجوز أن يظن انه لا مخلص له
من العذاب البتة ؛ لأنه اذا اعتقد ذلك
فهو قانط من رحمة الله
لأن الله يغفر الذنوب بالتوبة والانابة
وواضح هنا ان الله سبحانه وتعالي أضاف هؤلاء الى نفسه بياء الاضافة ...
ولا شك ان شرف الاضافة اليه
يفيد الأمن من العذاب
ما داموا تابوا وأنابوا اليه
كما أنه وصف نفسه بكونه غفورا ؛ ولفظ الغفور يفيد المبالغة
فضلا عن أن قوله تعالي ( انه هو الغفور الرحيم ) تفيد الحصر
ومعنى ذلك انه لاغفور ولا رحيم الاهو سبحانه وتعالى

وجاء في الحديث الشريف :
( رُب ذنب أدخل صاحبه الجنة ؟
قالوا كيف ذلك يارسول الله ؟
قال : لايزال تائبا فارا منه خائفا من ربه حتى يموت فيدخل الجنة )
وقد سُئِل الامام الجنيد رضي الله عنه :
أيذنب العارف ؟ فقال :
" وكان أمر الله قدرا مقدورا " !1
واذا كان الذنب هو الأثم والجرم والمعصية
فأن التوبة تتطلب الندم بالقلب والاستغفار باللسان والترك بالجوارح
والاضمار على الا يعود

لذلك يقول الامام فخر الدين :
عفا الله عمن قارف الذنب جاهلا ... فلما استبان النور عاد بتوبة
كما قال
فربك وهاب وربك واسع ... وربك غفار لمن آب ثانيا
ويقول ابن عطاء السكندري :
( اذا وقع منك ذنب
فلا يكن سببا يؤيسك
من حصول الاستقامة مع ربك
فقد يكون ذلك آخر ذنب قُدِرَ عليك )
وقد جاء في " نزهة المجالس "
لامام الشافعية " عبد الرحمن الصفوري " :
(قال موسى عليه السلام ...
يارب اذا سألك الطائع ماذا تقول ؟
قال : أقول لبيك ..... قال
واذا سألك الزاهد ؟ ..
قال : أقول لبيك !! قال : فالصائم ؟
قال أقول لبيك قال فالخاطئ ؟
قال : أقول لبيك .... لبيك .... لبيك
ياموسى كل واحد من هؤلاء اتكل على عمله
والخاطئ العاصي اتكل عليَّ
لأني قلت :
( ومن توكل على الله فهو حسبه )
وقد قيل ان الفرق بين معصية المؤمن ومعصية الفاسق
يكون من ثلاثة أوجه :
ان المؤمن لا يقصدها ولا يفرح بها
ولا يصر عليها
بينما الفاسق عكس ذلك ...
يقصدها ويفرح بها
ويصر عليها .
أعاذنا الله من المعاصي والذنوب والآثام

ومن أجمل ماقرأت
لمولانا القطب " عبد القادر الجيلاني " في مكاشفاته
انه قال :
( قال لي : ياغوث ...
مابعُدَ عني أحد بالمعاصي
ولا قرب مني أحد بالطاعات
ياغوث ...
لو قرُبَ أحد لكان أهل المعاصي
لأنهم أصحاب العجز والندم
ياغوث ...
العجز منبع الأنوار والعجب منبع الظلمة
ياغوث ..
اهل المعاصي محجوبون بالمعاصي
وأهل الطاعات محجوبون بالطاعات
ولي وراءهم قوم
ليس لهم غم المعاصي
ولا هم الطاعات
ياغوث ...
بشر المذنبين بالفضل والكرم
وانذر المعجَبين بالعدل والنقم
ياغوث ...
أهل الطاعة يذكرون النعيم
وأهل العصيان يذكرون الرحيم
ياغوث ...
أنا قريب الى العاصي
بعدما فرغ من العصيان
وأنا بعيد عن المطيع
بعدما فرغ من الطاعات)

أقول لعله هنا يقصد
أن على الطائع
عدم الالتفات الى الطاعات
حتى لا يأخذه العجب ...
وأن العاصي يجب أن يأمل في كرم الله وعفوه

أيضا مما قاله مولانا النفري
في " المواقف والمخاطبات " :
( أوقفني في العهد وقال لي ...
اطرح ذنبك على عفوي
وألق حسنتك على فضلي
وقال لي ...
اعلن توبتك لكل شيئ ..
يستغفر لك كل شيئ
وقال لي ...
اعلن توبتك في النهار بالصيام ...
واعلن توبت في الليل بالقيام
وقال لي :
قم ياتائب الى طهورك ..
أفتح لك بابا الى حبورك
قم يا تائب الى قرآنك ...
افتح لك بابا الى أمانك
قم ياتائب الى دعائك ...
أفتح لك بابا الى كشف غطائك
وقال لى :
ياعبد لا تأيس منى ...
فتبرئ منك ذمتي
ياعبد ..
أنا كهف التائبين
واِلَيَّ ملجأ الخاطئين
ياعبد ...
ابغض ما أبغضتُ
وان تحبب اليك وتزين لك ......
ألا تبغض دارا .. أحبائي فيها تحت التراب
ياعبد ..
أصل المعصية لِمَ ...... وأصل الطاعة سقوط لِمَ
ياعبد ....
تب اِليَّ مما أكره .... أقدر لك ماتحب
أخيرا جاء في الخبر
عن مولانا رسول الله صلى الله عليه وسلم
أنه قال للامام على :
(ياعلي ألا أعلمك دعاء
تدعو به لو كان عليك
عدد المدر ذنوبا غُفِرَتْ لك ؟ ....
قل :
اللهم لا اله الا أنت الحليم الكبير .....
تباركت سبحانك رب العرش العظيم )

اللهم اغفر لنا الذنوب التى تهتك العصم
اللهم اغفر لنا الذنوب التي تُنْزِل النقم
اللهم اغفر لنا الذنوب التى تُغَيِر النعم
اللهم اغفر لنا الذنوب التى تحبس الدعاء
اللهم اغفر لنا الذنوب التي تُنْزِل البلاء
اللهم اغفر لنا الذنوب التى تقطع الرجاء
اللهم اغفر لنا كل ذنب أذنبناه
وكل خطيئة أخطأناها
اللهم انا لا نجد لذنوبنا غافرا
ولا لقبائحنا ساترا
ولا لشيئ من أعمالنا القبيحة بالحسنة مُبَدِلا غيرك
لا اله الا أنت سبحانك ....
يا أرحم الراحمين
اللهم آمين

---------------------------------------------------------------------------------------