نَامَ الْخَلِّيُ وَ مَلَّنِيَ عُوَّادِي = فِي سَاعَةٍ لَيْسَتْ بِوَقْتِ رُقَادِي
وَكَأَنَّ قَلْبِي وَ الْهُمُومَ تَوَاعَدَا = فَأَعَادَ جُنْحُ الْلَيْلِ حِلَّ سُهَادِي
ذَرْنِي وَحِيداً حَيْثُ أَوْقَفَنِي الأَسَى = وَ دَعَا بِنَائِحَةِ الْفِراقِ مُنَادِ
فَجَلَسْتُ وَ الزَّفَرَاتُ مِلءَ جَوَانِحِي = وَ سَبَقْتُ بِالْعَبَرَاتِ دُونَ مُرَادِي
وَ كَأَنَّهَا الآهَاتُ فِيَّ تَقَلْقَلَتْ = فَاخْلَعْ فُؤَادَكَ قَدْ خَلَعْتُ فُؤَادِي
أَبْكِيهِمَا نَسَبَ السَّمَاءِ وَ رِفْقَةً = بِخَصَائِصِ الأَخْلاَقِ وَ الأَجْنَادِ
فَهُنَاكَ نَلْقَى الْمَوْتَ فِي طَلَبِ الْعُلَى = مِثْلَ النُّسُورِ رَوَائِحٍ وَ غَوَادِي
إِنِّي لأَحْزَنُ عَنْ فِرَاقِ صَحَابَتِي = حَرَّانُ أَرْقَبُ غَفْلَةَ الْهُجَّادِ
إِنَّ السَّمَاءَ بِلاَ نُجُومٍ مِنْهُمُ = لَيْلٌ يَكِرُّ بِلاَ هِدَايَةِ هَادِ
كَشَفَ الْيَرَاعُ قِنَاعَهُ مُتَأَخِراً = أَمْ أَنَّنِي أَنْضَبْتُ مَاءَ مِدَادِي ؟
يَا مَادِحاً شَرْقَ الْبِلاَدِ وَغَرْبَهَا = هَيْهَاتَ مِنْ (دَارِ السَّلاَمِ) بِلاَدِي
فِي (طُبْرُقِ) الْأَمْجَادِ أَوْقَفَنِي النَّدَى = وَ بَلَغْتُ مَسْرَى كَوْكَبٍ وَقَّادِ
أَعْطَاكِ رَبِّي مِنْ سَوَابِغِ أَنْعُمٍ = وَ مُؤَرَّخٍ عَبِقٍ مِنَ الْأَجْدَادِ
وَتَرَى الرَّيَاضَ لَطِيفَةٌ أَنْسَامُهَا = وَ بِكُلِّ نَاحِيَةٍ تَرَنَّمَ شَادِ
فَوَقَفْتُ فِي تِلْكَ الرُّبُوعِ مُسَلِّماً = وَ ذَكَرْتُ مِنْ عِشْقِي الْقَدِيمَ مَعَادِي
يَا (أُمَّ أَحْمَدَ) إِنْ تَعَذَّرَ وَصْلُنَا = قُولِي أُحِبُّكَ كَالْهَوَى الْمُعْتَادِي
فَلَئِنْ كَذَبْتِ فَإِنَّ حُبُّكِ ظَاهِرٌ = وَلَئِنْ صَدَقْتِ فَقَدْ فَكَكْتِ قِيَادِي
لِلَّهِ أَنْتِ إِذَا الأَوَانِسُ أَقْبَلتْ = وَ النَّفْسُ بَيْنَ الْقُرْبِ وَ الْإِبْعَادِ
مَالَتْ نَوَاظِرُهُنَّ مِنْ سَكْرَى الْهَوَى = مَيْلاً أَعَانَ يَرَاعَتِي لَفَسَادِ
مَازِلْتُ وَ الأَحْزَانُ تَقْرَعُ كَأْسَنَا = بَيْنَ الْكَأَبَةِ وَ الْهَوَى الْمَيَّادِ