قديم 10-29-2013, 07:14 PM
المشاركة 11
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • موجود
افتراضي
استاذة ريم

اشكرك جداً دائماً مداخلاتك تغني الموضوع . هذه هي القصيدة التي ورد ذكرها في مداخلتك وهي بدون شك تحفة ابداعية ومؤشر على ان الوحي يسكن هناك في السجن :

*
رسالة في ليلة التنفيذ

أبتاه ماذا قد يخطُّ بناني والحبلُ والجلادُ ينتظراني
هذا الكتابُ إليكَ مِنْ زَنْزانَةٍ مَقْرورَةٍ صَخْرِيَّةِ الجُدْرانِ
لَمْ تَبْقَ إلاَّ ليلةٌ أحْيا بِها وأُحِسُّ أنَّ ظلامَها أكفاني
سَتَمُرُّ يا أبتاهُ لستُ أشكُّ في هذا وتَحمِلُ بعدَها جُثماني
الليلُ مِنْ حَولي هُدوءٌ قاتِلٌ والذكرياتُ تَمورُ في وِجْداني
وَيَهُدُّني أَلمي فأنْشُدُ راحَتي في بِضْعِ آياتٍ مِنَ القُرآنِ
والنَّفْسُ بينَ جوانِحي شفَّافةٌ دَبَّ الخُشوعُ بها فَهَزَّ كَياني
قَدْ عِشْتُ أُومِنُ بالإلهِ ولم أَذُقْ إلاَّ أخيراً لذَّةَ الإيمانِ
شكرا لهم أنا لا أريد طعامهم فليرفعوه فلست بالجوعان
هذا الطعام المر ما صنعته لي أمي و لا وضعوه فوق خوان
كلا و لم يشهده يا أبتي معي أخوان جاءاه يستبقان
مدوا إلي به يدا مصبوغة بدمي و هذه غاية الإحسان
والصَّمتُ يقطعُهُ رَنينُ سَلاسِلٍ عَبَثَتْ بِهِنَّ أَصابعُ السَّجَّانِ
ما بَيْنَ آوِنةٍ تَمُرُّ وأختها. يرنو إليَّ بمقلتيْ شيطانِ
مِنْ كُوَّةٍ بِالبابِ يَرْقُبُ صَيْدَهُ وَيَعُودُ في أَمْنٍ إلى الدَّوَرَانِ
أَنا لا أُحِسُّ بِأيِّ حِقْدٍ نَحْوَهُ ماذا جَنَى فَتَمَسُّه أَضْغاني
هُوَ طيِّبُ الأخلاقِ مثلُكَ يا أبي لم يَبْدُ في ظَمَأٍ إلى العُدوانِ
لكنَّهُ إِنْ نامَ عَنِّي لَحظةً ذاقَ العَيالُ مَرارةَ الحِرْمانِ
فلَرُبَّما وهُوَ المُرَوِّعُ سحنةً لو كانَ مِثْلي شاعراً لَرَثاني
أوْ عادَ - مَنْ يدري - إلى أولادِهِ يَوماً تَذكَّرَ صُورتي فَبكاني
وَعلى الجِدارِ الصُّلبِ نافذةٌ بها معنى الحياةِ غليظةُ القُضْبانِ
قَدْ طالَما شارَفْتُها مُتَأَمِّلاً في الثَّائرينَ على الأسى اليَقْظانِ
فَأَرَى وُجوماً كالضَّبابِ مُصَوِّراً ما في قُلوبِ النَّاسِ مِنْ غَلَيانِ
نَفْسُ الشُّعورِ لَدى الجميعِ وَإِنْ هُمُو كَتموا وكانَ المَوْتُ في إِعْلاني
وَيدورُ هَمْسٌ في الجَوانِحِ ما الَّذي بِالثَّوْرَةِ الحَمْقاءِ قَدْ أَغْراني؟
أَوَ لَمْ يَكُنْ خَيْراً لِنفسي أَنْ أُرَى مثلَ الجُموعِ أَسيرُ في إِذْعانِ؟
ما ضَرَّني لَوْ قَدْ سَكَتُّ وَكُلَّما غَلَبَ الأسى بالَغْتُ في الكِتْمانِ؟
هذا دَمِي سَيَسِيلُ يَجْرِي مُطْفِئاً ما ثارَ في جَنْبَيَّ مِنْ نِيرانِ
وَفؤاديَ المَوَّارُ في نَبَضاتِهِ سَيَكُفُّ في غَدِهِ عَنِ الْخَفَقانِ
وَالظُّلْمُ باقٍ لَنْ يُحَطِّمَ قَيْدَهُ. مَوْتي وَلَنْ يُودِي بِهِ قُرْباني
وَيَسيرُ رَكْبُ الْبَغْيِ لَيْسَ يَضِيرُهُ شاةٌ إِذا اْجْتُثَّتْ مِنَ القِطْعانِ
هذا حَديثُ النَّفْسِ حينَ تَشُفُّ عَنْ بَشَرِيَّتي وَتَمُورُ بَعْدَ ثَوانِ
وتقُولُ لي إنَّ الحَياةَ لِغايَةٍ أَسْمَى مِنَ التَّصْفيقِ ِللطُّغْيانِ
أَنْفاسُكَ الحَرَّى وَإِنْ هِيَ أُخمِدَتْ سَتَظَلُّ تَعْمُرُ أُفْقَهُمْ بِدُخانِ
وقُروحُ جِسْمِكَ وَهُوَ تَحْتَ سِياطِهِ مْ قَسَماتُ صُبْحٍ يَتَّقِيهِ الْجاني
دَمْعُ السَّجينِ هُناكَ في أَغْلالِهِ وَدَمُ الشَّهيدِ هُنَا سَيَلْتَقِيانِ
حَتَّى إِذا ما أُفْعِمَتْ بِهِما الرُّبا لم يَبْقَ غَيْرُ تَمَرُّدِ الفَيَضانِ
ومَنِ الْعَواصِفِ مَا يَكُونُ هُبُوبُهَا بَعْدَ الْهُدوءِ وَرَاحَةِ الرُّبَّانِ
إِنَّ اْحْتِدامَ النَّارِ في جَوْفِ الثَّرَى أَمْرٌ يُثيرُ حَفِيظَةَ الْبُرْكانِ
وتتابُعُ القَطَراتِ يَنْزِلُ بَعْدَهُ سَيْلٌ يَليهِ تَدَفُّقُ الطُّوفانِ
فَيَمُوجُ يقتلِعُ الطُّغاةَ مُزَمْجِراً أقْوى مِنَ الْجَبَرُوتِ وَالسُّلْطانِ
أَنا لَستُ أَدْري هَلْ سَتُذْكَرُ قِصَّتي أَمْ سَوْفَ يَعْرُوها دُجَى النِّسْيانِ؟
أمْ أنَّني سَأَكونُ في تارِيخِنا مُتآمِراً أَمْ هَادِمَ الأَوْثانِ؟
كُلُّ الَّذي أَدْرِيهِ أَنَّ تَجَرُّعي كَأْسَ الْمَذَلَّةِ لَيْسَ في إِمْكاني
لَوْ لَمْ أَكُنْ في ثَوْرَتي مُتَطَلِّباً غَيْرَ الضِّياءِ لأُمَّتي لَكَفاني
أَهْوَى الْحَياةَ كَريمَةً لا قَيْدَ لا إِرْهابَ لا اْسْتِخْفافَ بِالإنْسانِ
فَإذا سَقَطْتُ سَقَطْتُ أَحْمِلُ عِزَّتي يَغْلي دَمُ الأَحْرارِ في شِرياني
أَبَتاهُ إِنْ طَلَعَ الصَّباحُ عَلَى الدُّنى وَأَضاءَ نُورُ الشَّمْسِ كُلَّ مَكانِ
وَاسْتَقْبَلُ الْعُصْفُورُ بَيْنَ غُصُونِهِ يَوْماً جَديداً مُشْرِقَ الأَلْوانِ
وَسَمِعْتَ أَنْغامَ التَّفاؤلِ ثَرَّةً تَجْري عَلَى فَمِ بائِعِ الأَلبانِ
وَأتى يَدُقُّ- كما تَعَوَّدَ- بابَنا سَيَدُقُّ بابَ السِّجْنِ جَلاَّدانِ
وَأَكُونُ بَعْدَ هُنَيْهَةٍ مُتَأَرْجِحَاً في الْحَبْلِ مَشْدُوداً إِلى العِيدانِ
لِيَكُنْ عَزاؤكَ أَنَّ هَذا الْحَبْلَ ما صَنَعَتْهُ في هِذي الرُّبوعِ يَدانِ
نَسَجُوهُ في بَلَدٍ يَشُعُّ حَضَارَةً وَتُضاءُ مِنْهُ مَشاعِلُ الْعِرفانِ
أَوْ هَكذا زَعَمُوا! وَجِيءَ بِهِ إلى بَلَدي الْجَريحِ عَلَى يَدِ الأَعْوانِ
أَنا لا أُرِيدُكَ أَنْ تَعيشَ مُحَطَّماً في زَحْمَةِ الآلامِ وَالأَشْجانِ
إِنَّ ابْنَكَ المَصْفُودَ في أَغْلالِهِ قَدْ سِيقَ نَحْوَ الْمَوْتِ غَيْرَ مُدانِ
فَاذْكُرْ حِكاياتٍ بِأَيَّامِ الصِّبا قَدْ قُلْتَها لي عَنْ هَوى الأوْطانِ
وَإذا سَمْعْتَ نَحِيبَ أُمِّيَ في الدُّجى تَبْكي شَباباً ضاعَ في الرَّيْعانِ
وتُكَتِّمُ الحَسراتِ في أَعْماقِها أَلَمَاً تُوارِيهِ عَنِ الجِيرانِ
فَاطْلُبْ إِليها الصَّفْحَ عَنِّي إِنَّني لا أَبْتَغي مِنَها سِوى الغُفْرانِ
مازَالَ في سَمْعي رَنينُ حَديثِها وَمقالِها في رَحْمَةٍ وَحنانِ
أَبُنَيَّ: إنِّي قد غَدَوْتُ عليلةً لم يبقَ لي جَلَدٌ عَلى الأَحْزانِ
فَأَذِقْ فُؤادِيَ فَرْحَةً بِالْبَحْثِ عَنْ بِنْتِ الحَلالِ وَدَعْكَ مِنْ عِصْياني
كانَتْ لها أُمْنِيَةً رَيَّانَةً يا حُسْنَ آمالٍ لَها وَأَماني
وَالآنَ لا أَدْري بِأَيِّ جَوانِحٍ سَتَبيتُ بَعْدي أَمْ بِأَيِّ جِنانِ
هذا الذي سَطَرْتُهُ لكَ يا أبي بَعْضُ الذي يَجْري بِفِكْرٍ عانِ
لكنْ إذا انْتَصَرَ الضِّياءُ وَمُزِّقَتْ بَيَدِ الْجُموعِ شَريعةُ القُرْصانِ
فَلَسَوْفَ يَذْكُرُني وَيُكْبِرُ هِمَّتي مَنْ كانَ في بَلَدي حَليفَ هَوانِ
وَإلى لِقاءٍ تَحْتَ ظِلِّ عَدالَةٍ قُدْسِيَّةِ الأَحْكامِ والمِيزانِ
------
هذا هو صاحب القصية وقد ذاق مرارة السجن لكن هذه القصيدة لم تكن اخر قصائده بل يبدو انه قالها على لسان سيد قطب وقصة حياته تشير الى انه كان يتيما ولما اجتمع اليتم والسجن كان دماغه قادرا على ولادة نص استثنائي
------

شاعر مصري التحق بمعهد الزقازيق الديني التابع للأزهر الشريف سنة 1947م وحصل على الشهادة الابتدائية الأزهرية في عام 1951م، ثم أكمل دراسته في هذا المعهد وحصل على الشهادة الثانوية سنة 1956م ثم التحق بكلية دار العلوم وتوفي قبل أن يتخرج سنة 1959م.
اسم الشاعر الحقيقي : سيد بن جامع بن هاشم بن مصطفى الرفاعي ولكنه اشتهر باسم جده هاشم لشهرته ونبوغه ، وتيمنا بما عرف عنه من فضل وعلم وعرف بهذا الاسم وانطوى الاسم الحقيقي عنه.

قديم 10-30-2013, 03:40 AM
المشاركة 12
ريم بدر الدين
عضو مجلس الإدارة سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
منذ طفولتي كنت ارى هذا الكتاب الصغير الابيض بكلماته الحمراء شكلا و معنى في مكتبة العائلة و عندما سالت عمتي عنه اخبرتني ان هذا الرجل كان محكوما بالاعدام و كتب القصيدة في ليلة تنفيذ الحكم
سالتها : و كيف سمح سجانوه بتسريب القصيدة ؟
لم الق جوابا
اشكرك لتصحيح المعلومة أ. أيوب صابر و شكرا لمواضيعك الابداعية

قديم 11-02-2013, 12:25 PM
المشاركة 13
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • موجود
افتراضي
اشكرك استاذة ريم

هذه معلومات اوفى عن الشاعر هاشم الرفاعي حيث تبين انه يتيم الاب في سن الرابعة عشرة اي فترة المراهقة.

==
• المولد والنشأة
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة الأستاذ هاشم الرفاعي


في قرية "إنشاص الرمل" في محافظة الشرقية بجمهورية مصر العربية كان مولده في منتصف مارس عام 1935م. وهو "السيد بن جامع بن هاشم بن مصطفى الرفاعي"، ينتهي نسبه إلى الإمام أبي العباس أحمد الرفاعي الكبير- مؤسس الطريقة الرفاعية، ووالده هو الشيخ "جامع الرفاعي"، ورث ريادة الطريقة عن أبيه عن جده، وكان شاعرًا متصوفًا، وقد تُوفي عام 1943م، وكان الشاعر في الرابعة عشرة من عمره، وقد اشتهر الشاعر باسم جده- هاشم الرفاعي- تيمنًا به، فقد كان أحد العلماء الفضلاء من أعلام التصوف السني.

حفظ القرآن الكريم في سن مبكرة في مكتب الشيخ "محمد عثمان"، ثم التحق الشاعر في صباه بالتعليم المدرسي، ولكنه تركه وهو على أبواب الشهادة الابتدائية "نظام قديم"، ثم التحق عام 1947 بمعهد الزقازيق الديني، وقد أمضى به الشاعر تسع سنوات كاملة من عام 1947 إلى عام 1956م.

ثم التحق الشاعر بكلية دار العلوم، ولكنه لم يتم الدراسة بها، حيث تُوفي قبل التخرج، وكان ذلك يوم الأربعاء الموافق الأول من شهر يوليو 1959م وهو في سن الرابعة والعشرين، وسط ذهول من أهل قريته وأهله وكل من عرفوه.

===

هاشم الرفاعي

من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة

هاشم الرفاعي (1353 هـ - 1378 هـ = 1935 - 1959م) شاعر مصري اسمه الحقيقي: سيد بن جامع بن هاشم بن مصطفى الرفاعي، ولكنه اشتهر باسم جده هاشم لشهرته ونبوغه، وتيمنا بما عرف عنه من فضل وعلم وعرف بهذا الاسم وانطوى الاسم الحقيقي عنه.
ولد في بلدة أنشاص (أنشاص الرمل) بمحافظة الشرقية بمصر. التحق بمعهد الزقازيق الديني التابع للأزهر الشريف سنة (1366 هـ = 1947م)وحصل على الشهادة الابتدائية الأزهرية في عام 1951م، ثم أكمل دراسته في هذا المعهد وحصل على الشهادة الثانوية سنة (1375 هـ=1956م)ثم التحق بكلية دار العلوم سنة (1374 هـ=1955م)، وقتل قبل أن يتخرج سنة 1959م. له قصائد شعرية في هجاء وشكوى من حكام مصر ومن أجهزتهم الأمنية وكذلك في هجاء جماعة الإخوان المسلمين. من بين أعماله الشعرية قصيدته مخاطبا لعبد الناصر:
أنزلْ بهذا الشعب كل هوانِوأعدْ عهود الرق للأذهانِأطلقْ زبانية الجحيم عليه مِنْبوليسكَ الحربيِّ والأعوان
وكذلك قصيدته (قف في ربوع المجد وابك الأزهرا) في الشكوى من حالة الأزهر:
قف في ربوع المجد وابك الأزهراواندبه روضاً للمكارم أقفراواكتب رثاءَكَ فيهِ نفثةُ موجَعٍواجعل مدادَكَ دمعَك المتحدراالمعهد الفرد الذي بجهادهبلغت بلاد الضاد أعراف الذُّرَىسار الجميع إلى الأمام وإنهفي موكب العلياء سار القهقرَىلهفى على صرحٍ تهاوى ركنهقد كان نبعاً بالفخار تفجَّرامن كان بهجةَ كل طرفٍ ناظرٍعادت به الأطماع أشعث أغْبَرَاما أبقت الأيدي التي عبثت بهمن مجدِه عرضاً له أو جوهرا
نشأته

كان هاشم الرفاعي سليلاً لأسرة متدينة، وقد نشأ في بيت يُعنى بالعلم ويهتم بالتفقه في دين الله ويحرص على التربية الإسلامية، وكان والده جامع شيخا لإحدى الطرق الصوفية المنتشرة في مصر، التحق بمعهد الزقازيق الديني التابع للأزهر الشريف سنة 1947م وحصل على الشهادة الابتدائية الأزهرية في عام 1951م، ثم أكمل دراسته في هذا المعهد وحصل على الشهادة الثانوية سنة 1956م ثم التحق بكلية دار العلوم، ومن زملائه من أبناء الكلية الشاعر خالد محمد سليم، وقتل قبل أن يتخرج سنة 1959م.
يا فتية النيل الممجَّد إننانأبى ونرفض أن نساق قطيعاهذا "ابن نازلي" للهلاك يقودناجهراً ويَلقى في البلاد مطيعافإلى متى هذا الخنوع وإنهجرم أضاع حقوق مصر جميعا
بمثل هذا الحماس المتوقد كانت نفس هاشم الرفاعي تشتعل ثورة ضارية لم يستطع أن يكبتها، وأبت إلا أن تعلن عن نفسها في أكثر من موضع من شعره:

يا ثورة في ضلوعي *** وما لها من هجوعِ
إلام أقضي حياتي *** في ذلة وخضوعِ؟!

ظل الرفاعي هكذا حتى أشعلت ثورته ثورة أخرى عندما أُعلن عن قيام ثورة الضباط الأحرار في مصر بقيادة اللواء محمد نجيب الذي طرد الملك والإنجليز من مصر، واستقبل المصريون والعرب جميعاً هذه الثورة بالفرحة الغامرة، وكان للشاعر الحظ الأوفر من هذه الفرحة، فجاءت قصائده في الإشادة بالثورة وبقائدها نجيب تترى:
أمل تحقق في البلاد عسيرُقد كان في خلد الفقير يدورُلمّا أعيد إلى الكنانة مجدهاوانجاب عنها الليل والديجورُبعث الإله إلى البلاد "نجيبها"فتحطمت للمفسدين صخورلا أرجع الرحمن أياماً مضتكانت علينا بالشقاء تدورمقتله

اغتيل هاشم الرفاعي وهو ابن الرابعة والعشرين من عمره، بعدما ترك ما يَزيد على 187 قصيدة شعريَّة جدَّدت في تناول القضايا الإسلاميَّة التي غابت عن المجال الأدبي في عصره. في أنشاص عام ١٩٥٩، اتُّهِمَتْ بمقتله جهات أمنيَّة، وله قصيده في نقد الإخوان وهذه القصيدة قالها عام 1955 بينما قتل سنة 1959 وقد هجا الاخوان تأثرا بتضليل عبدالناصر ثم عاد واعتذر وقال قصيدة جلاد الكنانةالتى قال فيها قصيدة جلاد الكنانة .
هبني خدعت بكل ما زيفته ***** عن سادة الأحزاب و الإخوان
هل خان قائدنا نجيب عهدنا ** أم راح نهب الأحقاد و الأضغان ؟
لم يرض بالحكم انفرادا غادرا ***** بعد العهود و بيعة الرضوان
أو كل شهم لا يطيق خداعكم ***** أضحى لديكم خائن الأوطان ؟

أما القصائد اللتى قالها واعترف بعد ذلك بأنه كان ضحية خداع وتزييف الطاغية فمنها:
رَهطٌ من الأطفالِ والصبــيانِقالوا عليهم جماعةُ الإخـوانِ
منهم مَنِ احترفَ القيامَ ببدعـةٍعند اشتدادِ الجوعِ والحرمان
ِفتَراهُ جاء بخدعةٍ مفضوحــةٍيَسعى لنيْلِ الأصفرِ الـرنّان
ِجَمعوا لها مالاً وقالوا: للهُـدَىفإذا به قد راحَ للشيطــان
ِشاهَتْ وجوهُ القومِ هذى دعوةٌ" للجَيبِ " لا لله والقرآنِ
هذا هو الحقُّ الذى يُبغَى بهِوجهُ الضلالِ ونُصرةُ البهتانِ
هم عُصبةٌ للشرِّ نَعلمُ أنهاقامت على واهٍ من الأركان
مِنْ كُلٌ مغرورٍ يظُنُّ بأنهمَلِكُ البديعِ وسَيِّدُ الأوزانِ
يبدو إلى النَّشْءِ الصغيرِ مُفَوَّهاًسَلَبَ النُّهَى ببلاغةٍ وبيانِ
وتراه " قِطّاً " في مَقالتِه إذاما قِيسَ يومَ القولِ بالأقرانِ
هو في الفهاهةِ – يا لَقوْمِى – باقِلٌويكادُ يَحسَبُ نفسَهُ " الذُبْيان
يتلك الجماعةُ قد تنبَّأْنا لهابالهدمِ يومَ إقامةِ البنيانِ
إنا وجدنا القائمين بِأمرِهاشَرَّ الدعاةِ وأضْعفَ الأعوانِ
فإذا تَناهَى الضعفُ بين جماعةٍذاقَ الجميعُ مرارةَ الخذلانِ

لكن من الواضح الآن أن قصة مقتله كانت جريمة جنائية بحتة أثناء تحكيمه لمبارة كرة قدم فى قريته فاللهم ارحمه رحمة واسعة أما من يدعى أن الاخوان هم من قتلوه ففى هذه الفترة كان كل من ينتمى لجماعة الاخوان يقبع فى سجون عبدالناصر تفعل بهم الأفاعيل

أشهر قصائد الرفاعي على الإطلاق هي قصيدة "رسالة في ليلة التنفيذ" التي تحدَّث فيها عن مناضل ينتظر إعدامه،ويقال أنه قالها فى الشهيد سيد قطب يمرُّ فيها بمراحل انفعاليَّة مختلفة تصلُ ذروتها حينما يردِّد اسم أبيه في أبيات القصيدة.
ألقى الرفاعي هذه القصيدة في مهرجان الشعر الأول الذي عقد بالعاصمة السورية دمشق سنة 1959م.
أَنا لَستُ أَدْري هَلْ سَتُذْكَرُ قِصَّتي أَمْ سَوْفَ يَعْرُوها دُجَى النِّسْيانِ؟
أمْ أنَّني سَأَكونُ في تارِيخِنامُتآمِراً أَمْ هَادِمَ الأَوْثانِ؟
كُلُّ الَّذي أَدْرِيهِ أَنَّ تَجَرُّعي كَأْسَ الْمَذَلَّةِ لَيْسَ في إِمْكاني
لَوْ لَمْ أَكُنْ في ثَوْرَتي مُتَطَلِّباًغَيْرَ الضِّياءِ لأُمَّتي لَكَفاني
أَهْوَى الْحَياةَ كَريمَةً لا قَيْدَ لاإِرْهابَ لا اْسْتِخْفافَ بِالإنْسان
ِفَإذا سَقَطْتُ سَقَطْتُ أَحْمِلُ عِزَّتييَغْلي دَمُ الأَحْرارِ في شِرياني
أَبَتاهُ إِنْ طَلَعَ الصَّباحُ عَلَى الدُّنى وَأَضاءَ نُورُ الشَّمْسِ كُلَّ مَكان
ِوَاسْتَقْبَلُ الْعُصْفُورُ بَيْنَ غُصُونِه ِيَوْماً جَديداً مُشْرِقَ الأَلْوانِ
وَسَمِعْتَ أَنْغامَ التَّفاؤلِ ثَرَّةًتَجْري عَلَى فَمِ بائِعِ الأَلبانِ
وَأتى يَدُقُّ- كما تَعَوَّدَ- بابَناسَيَدُقُّ بابَ السِّجْنِ جَلاَّدانِ
وَأَكُونُ بَعْدَ هُنَيْهَةٍ مُتَأَرْجِحَاًفي الْحَبْلِ مَشْدُوداً إِلى العِيدانِ
لِيَكُنْ عَزاؤكَ أَنَّ هَذا الْحَبْلَ ماصَنَعَتْهُ في هِذي الرُّبوعِ يَدانِ
نَسَجُوهُ في بَلَدٍ يَشُعُّ حَضَارَةًوَتُضاءُ مِنْهُ مَشاعِلُ الْعِرفانِأَ
وْ هَكذا زَعَمُوا! وَجِيءَ بِهِ إلىبَلَدي الْجَريحِ عَلَى يَدِ الأَعْوان
ِلكنْ إذا انْتَصَرَ الضِّياءُ وَمُزِّقَتْبَيَدِ الْجُموعِ شَريعةُ القُرْصانِ
فَلَسَوْفَ يَذْكُرُني وَيُكْبِرُ هِمَّتيمَنْ كانَ في بَلَدي حَليفَ هَوانِقصائده

١٩٤٨ - البراعم
١٩٤٩ - مجموعة نسيم البحر من ١٣٠ بيتا نسخها الشاعر بخطه، وقال في مقدمتها: هذه أول جولة في عالم الشعر، استلهمت أبياتها من الأحداث والمناسبات فإذا كان هناك بعض الأخطاء، فذلك راجع إلى أنني لم أصل بعد إلى مرتبة الرقي في الشعر والسمو عن الأخطاء." قصائد المجموعة الأولى: صديقي، يوم النصر، ميلاد الرسول، آلام عاشق، أحزان، خيانة، صداقة، فلسطين (يقول عنها أنها باكورة شعره)، اليمن، صور ساخرة، حسرة وندم، إلى بطل قصة مأساة، ملل وضجر، تحية
١٩٥١ - مصر الجريحة، الذكرى العطرة ١٩٥٣ - في ظلال الريف ١٩٥٤ - مصر بين احتلالين ١٩٥٤ - ١٩٥٧ جلاد الكنانة، في الربيع، زفرة، جمال يعود من باندونج مع الثورة في ربقة القيد، سقوط ركن من أركان الطغيان، ذكريات عام ضائع، جمال ... رئيس الجمهورية، نواب الأمة ١٩٥٩ - أغنية أم

قديم 01-25-2014, 01:55 PM
المشاركة 14
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • موجود
افتراضي
ايهما اعظم تأثيرا اليتم ام السجن؟ وهل العزلة هي المحفز على الابداع وليس الم الصدمة؟

هذا الروائي صنعه السجن حتما علما بأننا لا نعرف كيف كانت طفولته؟ ...
تعالوا نتعرف عليه ونتعرف على اثر السجن في خلق العبقرية من وحي ما يقول في هذه المقابلة الصحفية ...

الروائي الاردني هاشم غرايبة: الكتابة تمنحني التوازن الداخلي والعين الناقدة تفضح اللعب وتميز بين الموهبة والصنعة

نضال القاسم
January 24, 2014
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

كان هاشم غرايبة منذ مجموعته القصصية الأولى (هموم صغيرة، رابطة الكتاب الأردنيين 1980م)، يدرك أن الرواية هي ملحمة إنسانية لا تنضب، وهي الشكل الصلد والمتماسك الذي سيدوم في المستقبل، وكان الواقع، وربما الواقع وحده هو الذي سحره وجذبه إليه فدشن مفهوم الواقعية الاجتماعية في الرواية الأردنية، وهكذا نجد أن الغرايبة قد حوّل ذاتية الإنسان إلى واقع في جميع قصصه ورواياته، وأصبحت الطبيعة البشرية في أغلب أعماله رهينة للإلتزام السياسي، ورهينة للإرغام الاقتصادي وللقمع الاجتماعي أيضاً، وهكذا يجد القارئ نفسه مع هاشم غرايبة أمام شخصيات تتحرك مسحوقة بمصيرها، مقتولة بهواها وأخطائها، وهي تحاول جاهدة أن تغير قدرها ومصيرها…
في هذا الحوار الخاص لصحيفة ‘القدس العربي’ أجاب الروائي العربي الكبير هاشم غرايبة عن أسئلتنا المتعلقة بتجربته الإبداعية ورؤيته للواقع الثقافي والكتابة الروائية في الأردن وعن تساؤلات أُخرى تخص قضايا الرواية العربية المعاصرة.

‘ سنة 1980 هو تاريخ صدور أول مؤلفاتك ‘ هموم صغيرة ‘ وهي مجموعة قصصية، هذا زمن النشر فمتى بدأ زمن الكتابة؟ متى أصابتك لعنة الحبر؟ وهل كانت الكتابة قراراً أم قدراً ؟
‘ الكتابة قدر. أما النشر فقرار. قرار واستجابة. استجابة الناشر وتشجيع القارئ.
اعتقد ان النشر هو مفتاح التورط بمهنة الكتابة.
اول قصة نشرت لي في مجلة الثقافة الجديدة العراقية عام 1973 وانا طالب في جامعة بغداد وهي (هموم صغيرة) ثاني قصة نشرت لي في مجلة الاداب اللبنانية 1976 ثم توالى النشر في الصحف المحلية والمجلات العربية خاصة الرأي المحلية ومجلة البيان الكويتية.. عندما سجنت عام 1977 قمت بجمع كتاب هموم صغيرة واصدرته مطبعة شوقي معبدي من منشورات رابطة الكتاب.
‘ هاشم غرايبة، حين تعيد قراءة ما كتبت، ماذا تكتشف؟
‘ قصة هموم صغيرة ما زالت النص الاثير عندي.. عندما اقرا قصصي ورواياتي اتذكر كل تفصيل.. الفكرة الصورة، الحدث.. اتذكر الاماكن والروائح والناس.. كل ما كان معي زمن الكتابة.. واستطيع ان اعيد كل ما في النص الى اصوله في الذاكرة او المخيلة او الواقع.
‘ من الملاحظ أن الصورة في أعمالكم القصصية مكثفة وتهكمية وشديدة الإتصال بالكاريكاتير.ما هي دوافع تركيزكم على هذه الصياغة ؟
‘ ربما ان الصورة هي المحفز الاول للكتابة عندي.. الافكار على قارعة الطريقع. والكلام الكبير والحكمة والناثورات في متناول عابري السبيل. أما الصورة فهي نافذتي وخصوصيتي التي اكتشفها وأُشارك القارئ متعة النظر عبرها الى الحياة.. هي زاوية النطر للفكرة والحادثة والرسالة. الصورة هي الملاط الذي يشد وحدات البناء الى بعضها البعض.. الملاط السمنت الذي بدونه او بفساده يفقد البناء فنيته وخصوصيته ومتانته.
‘ هل أنت استفزازي مشاكس بطبعك؟
‘ استفزازي. مشاكس! أنا معارض يساري. هذا موضوع جانبي هنا. لكن في الكتابة أشعر بأن الصورة الفوتوغرافية المباشرة مسالمة محايدة. الكتابة انحياز.. وبدون توظيف الصورة لتشاكس وتختلف وتستفز فستكون رؤيتي النقدية لهذا الكون مداهنة وسطحية ومحايدة.
‘ هل قدسية كتابة الرواية هي التي تفرض على كاتبها نوعاً من الهيبة، وهل بوسع أي كاتب أن يصبح روائياً ؟
‘ بوسع اي كاتب ان يكتب حكاية طويلة.. او يؤلف رواية! لكن المبدع اذا كان في داخله نواة روائي فسيجدها قد يكتمها وقد يندفع نحوها ويبدع.. الرواية فن ثم لاحقا صنعة.. نجح كثير من الكتاب والمبدعين اتقان صنعة الرواية.. لكن العين الناقدة تستطيع ان تميز الموهبة عن الصنعة وتكشف اللعب.. مثلا من وجهة نظري- ايزابيل الندي روائية. باولو كويلو مؤلف روايات. ابراهيم اصلان روائي. يوسف زيدان مؤلف روايات.
‘ ما هو دافعك لكتابة الرواية ؟
‘ اكتب الرواية لأني اعتنيت بالروائي داخلي فاتسعت مساحة حضوره.. صرت اكتب الروايات لمؤانسته وامتاعه اولا.. ثم لاشارك الناس بجمال ونبل ما اكتشفناه انا الكاتب وانا الروائي. انا الفن وانا الصنعة.
‘ ماهي القيمة المضافة التي تتوخون تحقيقها من خلال مشروعكم الروائي؟ وبمعنى آخر، ما رؤيتك للرواية ؟ وما مشروعك الروائي؟ هل ثمة تصور لديك عن العالم؟ أو فلسفة ما تُدافع عنها أو تدعو إليها؟ وما صلة ذلك بحياتك الشخصية؟
‘ القيمة المضافة ؟.. أحداث الحياة، وحوادث اليوميات، والصور الباهرة، مبذولة على قارعة الانترنت لمن يرغب، ولكنها أبدا لا تشكل عملاً فنياً ذا شخصية متفردة.
هل الرواية بناء فني، وأحداث مترابطة، ونحت للشخصيات، ولغة سليمة، ونسيج متماسك لبساط الزمان والمكان..؟
هل هي جمل متراصة، وأفكار مترابطة، ولغة سليمة؟
هل هي زمان، ومكان، وشخصيات، وعقدة، وحلّ؟
كل هذا أعدّه من بديهيات العمل، ومن أدوات البناء المتاحة، وقواعد الحرفة المتفق عليها، وهي مبذولة لكل صانع، كما في كل صنعة. وهي في الوقت ذاته أدوات النقاد الكسالى.
ليس هنا مربط الفرس.
ما يعنيني أنا الكاتب هو ما الجديد الذي أيقظته هذه الصورة في داخلي! وما الجديد الذي قادتني هذه الرواية لقوله..
إذا لم يكن لكل كتابة عطرها الخاص بها، والمشتق من أجلها، فستتساوى النصوص، وتتشابه كما تتشابه دكاكين العطارين.
أنا اتفق مع الذي قال: نحن نكابد نصف مسيرتنا لاكتساب الثقافة، ونكابد نصفها الثاني لنتحرر من سطوتها، راغبين عنها إلى عفويتنا الأولى، وإلى قدرتنا الفطرية على الانبهار والإدهاش.
بعض النقاد يجهدون أنفسهم في الكشف عن الراوي العليم، أو المتخفي خلف سطور السرد، ويبحث في توازي الشخصيات والأحداث أو تقاطعاتها، ثم يستخلص ما تقوله القصة، أو المجموعة القصصية في سطر أو سطرين! ليقول لنا إن الظلم مرتعه وخيم، أو يؤكد أن الحرية جميلة، أو الاحتلال بغيض، أو الهزيمة مرّة.. إلى غير هذا يذهب النقد الحصيف، إذ يسعى لاكتشاف الرؤيا الكلية للقصة، أو الرواية.
الناقد صاحب رؤيا أولاً، ثم صاحب قلم ثانياً.
أدعي بأني الناقد الأول لفني، فانا الناقد الدائم والمواظب للواقع؛ كيف لا أمتلك رؤيا نقدية للقديم، وفي مقدمة هذا القديم تجاربي السابقة التي كتبتها!.. ولأن كل ما كتبته، أو قرأته، أو شاهدته، أو تأثرت به عما ‘كان’ ‘هناك’، لم يطفئ رغبتي في القول عن ‘الآن’ ‘هنا’؛ فاني أكتب نصي ليحمل في ثناياه رؤيا جديدة.. والا فانه لا يستحق المثول في عالم الأدب.

ادب السجون

‘ من المعروف أنك ذقت مرارة السجن بسبب من رأيك السياسي، وعلى الرغم من المعاناة التي يعانيها السجين – أي سجين إلا أننا لا نلحظ أثراً لمعاناتك الشخصية في كل ما كتبته إلا من خلال روايتك (القط الذي علمني الطيران) والتي صدرت عن دار فضاءات مؤخراً والتي قمت بإهدائها إلى محمد البوعزيزي مفجر ثورة تونس الخضراء، ما سبب هذا الغياب لمعاناة كتلك؟
‘ اعتقد ان اثر المعاناة وانعكاسه على كتاباتي لم يغب؛ لكن التبجح بها غاب تماما. ذلك لان المتاجرة بشيء ثمين مخاطرة تخضعه للمساومة.
السجن لم يكسرني اعرف ممن دفعهم الانكسار لترميم الشظايا والمتاجرة بها في كتابة ما.
خرجت من تجربتي منتصرا مرفوع الراس فاستقرت قيمتها في وجداني فيما وراء النص مكتفية بذاتها وكرامتها..
كتبت عن السجن بعد ابتعادي عن التجربة نيفاً وعشرين عاماً.. وعندما كتبت: انجزت ـ كروائي- للحياة لتيارها الغالب حتى داخل السجن على حساب مرارتها..
‘ هاشم غرايبة، برأيك، ماذا يقدم النقد للأدب ؟ وكيف ترى النقد الأردني اليوم؟ وهل استطاع النقد الأردني أداء مهمته في توطيد العلاقة بين المبدع والجمهور، وبصراحة، هل تحسب للنقد الأدبي حسابه؟ وما هو تقويمك للنقود التي كُتبتْ عن تجربتك الإبداعية التي امتدت لأكثر من ثلاثين عاماً ؟
‘ لا أحب الكتابة النقدية التي يشتم منها التعالي على القارئ، فتلجأ إلى لغة المعاجم، والمقولات النافرة، والاقتباسات المقحمة، والحكم الفخمة.. كما ان بعض النقاد يجهدون أنفسهم في الكشف عن الراوي العليم، أو المتخفي خلف سطور السرد، ويبحث في توازي الشخصيات والأحداث أو تقاطعاتها، ثم يستخلص ما تقوله القصة، أو الرواية في سطر أو سطرين! ليقول لنا إن الظلم مرتعه وخيم، أو يؤكد أن الحرية جميلة، أو الاحتلال بغيض، أو الهزيمة مرّة.. إلى غير هذا يذهب النقد الحصيف، إذ احترم النقد الذي يسعى لاكتشاف الرؤيا الكلية للنص، للقصة، أو الرواية..
أدعي بأني الناقد الأول لقصصي، فانا الناقد الدائم والمواظب للواقع؛ كيف لا أمتلك رؤيا نقدية للقديم، وفي مقدمة هذا القديم تجاربي السابقة التي كتبتها!..
بعض القراءات النقدية الهامة غيرت موقفي كليا من المنتج الإبداعي موضوع النقد، وبعضها فتحت لي نوافذ جديدة على النص، وأضاءت مدى الرؤية أمامي بشكل أوسع أو أشمل، لذا أفترض أن مهمة الناقد لا تكمن في ‘التثاقف على القارئ’.. بل في التواصل معه عبر نص يرى المخفي والكامن والجوهر عبر رؤيا إبداعية وسيطة .
الناقد الجيد، من وجهة نظري، هو الذي يستطيع أن يضيء ‘مكتشفات’ النص الجديد.. وهو الذي يساعدني- سواء كنت منتجا للنص، أو قارئا له ـ كي أقرأ النص بطريقة مختلفة، وأتذوقه بذائقة جديدة، أي أن عليه أن يرقى بذائقتي، ويقنعني بأن مقاربته للنص جديدة ومختلفة عما ألفنا..
‘ من وجهة نظرك كقاص وناقد وروائي وكاتب مسرحي، الى أي حد عبَّر الأدب الأردني الحديث عن التحولات التي تعيشها الأردن منذُ الاستقلال؟ وكيف تقرأ واقع الرواية الأردنية ومستقبلها؟ هل ما زال جيل الثمانينيات مسيطراً على المشهد الروائي؟ هل أنت من المتفائلين بمستقبل الرواية في الأردن، وفي الوطن العربي؟
‘ تاريخ الادب الاردني حظي بمن ابدع في رصد تحولاته في كافة المراحل ونستطيع ان نؤشر بعلامات فارقة على سبيل المثال: مصطفى وهبي التل (عرار) /1899. غالب هلسا / 1932. تيسير سبول 1940. مؤنس الرزاز 1952..
أنا من جيل مؤنس الرزاز .. والرواية الاردنية لجيلي عبّرت عن نفسها ضمن مناخ صعب وقدّمت الممكن وهو افضل بكثير مما ناله من اعتراف وتقدير محلياً وعربياً.
الجيل الجديد من الروائيين الاردنيين اتمنى ان يذهبوا لارض بكر فهم ابناء تغيرات كبرى في التكنولوجيا والعلم والسياسة والديموغرفيا .. انهم امام اخطر تحولات وتحديات تواجهها الشخصية العربية الاسلامية.. فهل سيفطنوا للمستقبل ويستلهموه؟
انا متفائل بطبعي.. الانسان العربي قبل البوعزيزي ليس هو بعده.. وكذلك الرواية العربية اتوقع لها طفرة ما.. هذا المخاض العسير هذا الدم الكثير لا يخيفني.. اذا لم ندفع ثمن تخلفنا فمن سيسدد الفاتورة ؟ ربيعنا قصير النفس لكن صيفنا موسم حصاد طويل.. لا مناص من التفاؤل. ‘اننا محكومون بالامل’ كما قال سعد الله ونوس.
‘ ما هي وظيفة الأدب في رأيكم ؟ وما هي تخوم المحلية والعالمية في النص الروائي؟ وكيف تصف علاقتك بالجماهير؟ وإذا لم يصل الأدب إلى الجمهور، إذن أين يكمن العيب؟
‘ 370 مليون عربي معدل القراءة عندهم 6 دقائق للفرد بالسنة! واذا خصمنا من هذه الحصة المناهج الدراسية وقراءة كتب اهوال يوم القيامة والسحر الاسود وعذاب القبر وكتب الفلك والطبيخ ماذا سيبقى للادب من وظيفة؟!..
بصراحة ادمنت التجاهل من جمهور واسع من القراء وبعض النقاد.. كما ادمنت سوء الفهم وتسطيح المعنى وهبش المبنى من بعض من يقرؤون ومن كثير ممن ينقدون ..
اكتب لان الكتابة تمنحني السعادة والرضا عن الذات والتوازن الداخلي.. هل انفي الجدوى العامة من الكتابة.. واتساءل هل الفن عديم الجدوى، على الأقلّ عند مقارنته، لنقُل، بعمل فني الاسنان (مهنتي)، أو الطبيب، أو المهندس أو سائق الباص..؟
هناك فرق بين الجدوى والغرض والهدف
هل الافتقار للغرض العَمَلي يعني أنَّ الكتب واللوحات الفنيّة والآلات الموسيقيّة هي ببساطة مضيعة لوقتنا؟
أود الردّ بأن الفنون هي التي تمنح القيمة بعيدة المرمى والفائدة لنفسها، انها رافعة خفية للحياة تعزز انسانية الانسان.. لأن فِعْلَ الفن بمعنى إنجازه هو ما يميّزنا عن بقية المخلوقات التي تقطن هذا الكوكب، وهذا هو، تحديداً، ما يجعل منا كائنات إنسانيّة.

خصوصية الادب الاردني

‘ ما هو أثر أدبك خارج الحدود؟ وهل تعتقد أنك قمت بواجبك في هذا المجال؟ وما انطباعاتك عن ترجمة روايتك الأخيرة إلى الانجليزية والتي ستقوم بإنجازها الدكتورة نسرين أختر خاوري؟ وما تقييمك لحركة الترجمة في الأردن من العربية إلى لغات أخرى، وما الذي يمكن أن تحققه من أهداف؟
‘ خارج الحدود: الادب المكتوب في الاردن يحمل خصوصيته الاردنية في اطار الادب العربي عامة.. ويعاني من تصنيفه من نتاج التخوم. تماما كما يجري التعامل مع كتاب المحافظات في العواصم العربية. من يتواجد بالعاصمة هو الحكم حتى ولو كان صحافيا.. ورسميا لا تحفل الدولة بالادب والفن عموما ولا يلمع اعلامها الا الموالين.. فاين المفر؟
بالصدفة ترجمت لي اكاديمية المانية مجموعة قصص (قلب المدينة) الى اللغة الالمانية ونشرتها هناك عام 2005م. ومؤخراً تقوم الصديقة نسرين اختر خاوري بترجمة روايتي الاخيرة (القط الذي علمني الطيران) وهي تنشر ما تترجمه من فصول تباعا في مجلة ادبية متخصصة في امريكا املا بان تجد ناشرا امريكيا يهتم بتبني الكتاب ونشره باللغة الانكليزية.. لان نشره هنا وطباعته هنا مترجما اتفقنا الدكتورة نسرين وانا انه رقص في العتمة ـ بصراحة ادمنت التجاهل من جمهور واسع من القراء وبعض النقاد.. كما ادمنت سوء الفهم وتسطيح المعنى وهبش المبنى من بعض من يقرؤون ومن كثير ممن ينقدون ..
اكتب لان الكتابة تمنحني السعادة والرضا عن الذات والتوازن الداخلي.. هل انفي الجدوى العامة من الكتابة.. واتساءل هل الفن عديم الجدوى، على الأقلّ عند مقارنته، لنقُل، بعمل فني الاسنان (مهنتي)، أو الطبيب، أو المهندس أو سائق الباص..؟
هناك فرق بين الجدوى والغرض و الهدف
هل الافتقار للغرض العَمَلي يعني أنَّ الكتب واللوحات الفنيّة والآلات الموسيقيّة هي ببساطة مضيعة لوقتنا؟
أود الردّ بأن الفنون هي التي تمنح القيمة بعيدة المرمى والفائدة لنفسها، انها رافعة خفية للحياة تعزز انسانية الانسان.. لأن فِعْلَ الفن بمعنى إنجازه هو ما يميّزنا عن بقية المخلوقات التي تقطن هذا الكوكب، وهذا هو، تحديداً، ما يجعل منا كائنات إنسانيّة.

الرواية والايديولوجيا

‘ هل يمكن للرواية أن تعيش بعيداً عن السياسة والأيديولوجيا؟ ما هي حدود الأيديولوجيا والإبداع.. وأين تكمن الخيوط الفارقة بين جمالية النص الابداعي وأخلاقياته، بمعنى آخر ما هو الالتزام عند هاشم غرايبة ؟
‘ عندما اكتب لا افكر بارضاء ايديولجيا ولا محاباة رقيب داخلي او خارجي.. ولا اراعي انحيازي لليسار. لكني يساري ومؤمن بضرورة الوحدة العربية وتحرير فلسطين وتطهيرها من رجس الايديولوجيا العنصرية الصهيونية.. ولحد الان لم تقودني كتابتي الحرة خارج هذه القناعات والا كنت بدلتها.
عندما أقص عليكم أكاذيبي.. أشعر أنى فوق كل التزام، وأقوى من أي إكراه، وأني حرٌ طليق بلا كثافة ولا تكلف.. إنه جدٌّ ممتع أن أقصّ عليكم أحلامي وخيالاتي على أنها حقيقة!
قصتي أصدق مني.. روايتي أذكى مني!
السرّ في الدهشة! فالعقل يستحسن ما وقع في النفس موقعاً منفردا.. لما تعاد مشاهد مباراة كرة القدم على البطيء: يبدو الحكم سخيفاً، وتصير النتائج غير منطقية، ويظهر اللاعبون كممثلين رديئين!.. الأسلوب وحده قادر على بث الدهشة في المشهد.. الأسلوب هو الفن وهو مكمن الجمال. فالبذور نائمة.. حتى تحس إحداها بالفنتازيا فتستيقظ!.. ولكن يا للحيف!.. قليلة هي الأزهار الطالعة في حرش العليق الشائك متباهية بأسرارها.
نص الحياة أوقد ناره بعيداً عن مضارب القبيلة، بعيداً عن، بعيداً عن فسطاط الإيمان وفسطاط الكفر.. قل يا أيها الكافرون لا أعبد ما تعبدون.. لكم حكاياتكم ولي حكايتي!
ما زال البشر يشعلون الحروب، ويتحدثون عن صراع الحضارات، وصراع الطبقات، وصراع الأديان، ويتبارون بالتحليلات المنطقية والتنظيرات الرصينة.. كل هذا؛ ليروج المنتصر قصته الخاصة عن الكون ونمط العيش.. انا معني بقصتي بروايتي عن هذا الكون كما اره من نافذتي.

‘ بعيداً عن الأدب ؟ تشغلنا في الفترة الأخيرة الثورات العربية .. تلك الثورات التي غيرّت من خريطة الأنظمة العربية الممتدة من المحيط إلى الخليج و أخرجت الشعوب العربية من صمتها .. وسؤالي: كيف تراقب الوضع العربي الراهن؟ وما هو دور المثقف العربيّ في التغيرات الجذريّة الحاليّة ؟ وبرأيك،ما هو المعوق الأساسي في أن يكون للمثقف دور مؤثر على حركة الشارع والناس والحياة ؟ ما هو دور المبدع كما يراه الروائي هاشم غرايبة، وبصيغة أخرى، هل استطاع المبدع أن يكون مؤثراً في تلك الثورات قبلها وبعدها ؟
‘ ربيعنا قصير النفس عادة بضع اسابيع من الدفء والخضرة تليها موجات من الحر تسرع نضج المحاصيل.. لكن موسم الحصاد طويل ويحتاج الى الصبر والمثابرة.. ها نحن ندفع ثمن تخلفنا. وثمن اميتنا. وثمن تجريف العقول من قبل الدكتاتوريات المفلسة. وثمن التسليم للنخب الفاسدة المفسدة. وثمن تابيد الحكام وثمن توريث رقاب العباد وثروات البلاد. فكان لا بد من ان يتفجر التغيير بفعل قانون الطبيعة واقانيم الحياة.. لا بقعل الايديولوجيا والبرامج البديلة. فمن الطبيعي ان يتداعى الاكلة الى القصعة ويفرحون بالفوضى ‘الخلاقة’ لكن العتمة ابدا لم تحم الحرامي. ودائما تبلورت البنى الفوقية انعكاسا للبنى التحتية، لكن هذا التبلور والثبات والوقوف مجددا لا يتم بين ليلة وضحاها.
أما دور المثقف .. ‘أي دور للمثقف في صناعة الرأي العام العربي؟’
أسأل نفسي!..
فأجد حالي مثل حال تلك الطفلة تحب اليراعات المضيئة.
وكان حريق.
قالت الطفلة إنها بطيئة سيدركها الحريق.
حاولت الطفلة إنقاذ اليراعات الجميلة.
قال أبوها: لن تستطيعي إنقاذ إلا القليل.. إنها كثيرة جدا.
قالت الطفلة ببراءة: هذا القليل هو طاقتي.
سحبها والدها من يدها بلا اكتراث!’
المجد اليوم للاعلام المرئي وفرسان الفضائيات.. هذا التهافت يدعو للتساؤل عن حصة المثقف في توجيه الاعلام في ظل طاغوتي المال والسلطة؟ .. هنا يبدو لي المثقف ضيفا حائرا ثقيل الظل أمام فسطاطين و (ربما أمام مخيمات).. تقطعوا أمرهم بينهم زبرا كل حزب بما لديهم فرحون..
غربة أبو حيان التوحيدي، وابن رشد بين أهلهم، وأسفار المتنبي وابن خلدون بين الأمصار، عبرت عن معاناة المثقف العربي في معركته مع الواقع المر في مراحل الانحطاط والجمود والتشرذم.. لكن هذه النماذج الفذة تؤكد أن المباراة بين بؤس الواقع، وبين العقول البشرية الفطنة عادة ما يفوز بها مبدعون متميزون يقبلون التحدي ويشتعلون مرسلين ومضات من اللهب يستمدونها من مواقدهم الروحية الثرة.
عبر التاريخ العربي وربما عبر التاريخ عموما دائما كانت الثقافة تنحط إلى أدني سلم الاهتمامات الاجتماعية عندما تنحط الحضارة وتصغر الأحلام وتتسيد العصبيات ..
ودائما كانت ترقى إلى إنسانيتها عندما يجري الاهتمام بها بوصفها منتجا حضاريا يلبي حاجات المجتمع الروحية ويوفر المناخ الجيد للوفرة الاقتصادية ويهذب التعامل مع الحاجات المادية للبشر.
حسب جرامشي لا يمكن أن يكون المثقف العضوي ‘تقليديا’ لأن دور المثقف العضوي هو دور تنويري ونضالي أكثر منه دور تثاقفي بحت، أما تدبيج كتابات مستلبة للذات تسقط في فخ الإبهام والتهويم، تنظر للإنسان العربي بعين عاجية ترى الدم بلون الحبر، عبر كتابات مصابة بفوبيا ورهاب الاقتراب من الواقع كي لا ترى قضايا الإنسان العربي الحقيقية، هي شريكة آثمة في كل ما يحدث للإنسان العربي من قتل مجاني على الهوية، وكل ما يحدث في المجتمع من تحولات سلفية، أو حالات استلاب انعزالية..
اللحظة العربية الراهنة عسيرة ومجيدة وحبلى باحتمالات متناقضة، وهي في ذمة كل مثقف يعي مهمته في أن يدافع بل أن يناضل من أجل حماية إنسانية الإنسان العربي وحقه في ان يكون حرا ومطمئنا بل حرا مطمئنا..
‘ ما رأيكم بعلاقة المثقف بالسلطة ؟
‘ اي سلطة تعني؟!.. لا يوجد جواب بالمطلق. أنا مؤيد للسلطة بالسويد وكوبا مثلاً.. لكن هذا لا يعفيني من نقدهما اذا عشت في كنف واحدة منهما!

‘ دعني أسألك سؤالا أخيراً:- الآن بعد كل هذا الذي تحقق أين أنت، وماذا عن تصورك للمستقبل، هل أنت الآن في حالة صمت أم في حالة كتابة؟ وبماذا تختتم هذا الحوار؟
‘ روايتي التي انجزتها تقريبا عن حوارة.. وانا اكتب عن حواره اكتشف تطور المجتمع الاردني وتقلباته.. اكتشف ان الحياة تسير من البر الى البحر
لحياة والعلاقات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية تمشي من بغداد الى حيفا مرورا بحوارة.. من الشرق الى الغرب .. متقاطعة مع طريق الصحراء الذي وصفه الرحالة الجواسيس ورسموا مخططاتهم على اساسه.
الطريق الصحراوي من سطنبول الى مكة المكرمة.. الذي سلكه العثنانيون والرحالة الغربيون ثم المستعمرون والمستشرقون والساسة العرب كلهم قادتهم المصالح لسلوك هذا الطريق ورغبةا بقصدية ان يفهمونا ويقسمونا من الشمال الى الجنوب.. الصحراء للعرب والساحل للغزاة!
حوارة محور روايتي الحالية؛ اعرف انها ليست مركز الكون.. ولكنها نافذتي لرؤية وقراءة الكون.. بطلي هنا لا يملك فرصة للعيش والبقاء ثم التقدم والمنافسة إلا بعقله ومهاراته، يراهن على عقله، وليس ما تمنحه الطبيعة وأنهارها الهائلة الدائمة كما في مصر والعراق والهند والصين… لم يمكن ثمة مجال للاستقرار والبقاء والخروج من دوامة الترحال وراء الغذاء والدفء سوى إبداع حياة جديدة تلائم الشتاء والبرد والطبيعة وفصولها، وتحويل قسوتها إلى مصدر للعطاء والموارد الجديدة،.. فكان زيت الزيتون والنبيذ والملح،.. تحويل الفائض الذي تمنحه الطبيعة في الصيف والخريف إلى موارد وأطعمة وسلع جديدة تساعد على البقاء والاستقرار في مكان واحد طوال العام، وتحويل فائضا الماء في الشتاء إلى أنظمة ري وتخزين للماء يعين على مواصلة الزراعة والحياة في الصيف، بل وأمكن التبادل مع أبناء الأنهار العظيمة سلعة بسلعة، فكانت المقايضة وأمكن إنتاج فائض من الموارد ينشئ المدن والمؤسسات ويمول العلماء والكهنة المتفرغين للإلهام والتعليم وتنظيم حياة الناس وإدارتها،ثمة أرض أخرى أجمل، وأعتقد أنني لكنتُ فضّلتُها; ولكني في حوارة وُلدت.. رائحة حليب وعشب. رائحة زيتون وخبز. رائحة النعناع والزعتر المخبأة في ثوب أمي..
حوارة هي الوطن: صوت أذان الفجر. وزقزقة العصافير. وتفتح شقائق النعمان، وشقعة المزراب. وصوت جدي: كان ياما كان..
روايتي الجديدة عن ‘سكان كوكب الفيس بوك’.. الكائن الفيسبوكي
يُقلّدُ الصادقَ وليس صادقًا، يقلّدُ المثقف وليس مثقفًا، يقلّدُ الفيلسوف وليس فيلسوفًا، الأديب وليس أديبًا، الفنّان وليس فنّانًا، الحزين وليس حزينًا، المريض وليس مريضًا، النصاب وليس نصابًا، الطبيب وليس طبيبًا، الصحفي وليس صحفيًا
لا نتيقن من خبر. لا ندقق في معلومة. البث مباشر من العين الى الاصابع. لا يمر على العقل
ههههههههههه
البوستات والتعليقات انفعالية ولحظية ع الفيس بوك. ترتيبها في نص ادبي يرسم صورة كاريكاتيرية لاوضاعنا..
‘هذا واقع بما فيه من خيال وواقعية، بما فيه من كذب وصدق من حزن وفرح من ثنائيات يخلو الواقع منها، هنا عبثية سكان بحجم الحقيقة والوهم؟ !!
ستكون رواية بحجم ما نعيش من التخبط والفرح والحزن وإعادة انتاج الامل.

قديم 01-25-2014, 02:05 PM
المشاركة 15
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • موجود
افتراضي
هاشم غرايبة يهدي سيرته لبوعزيزي
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلةغلاف رواية "القط الذي علمني الطيران" لهاشم غرايبة (الجزيرة نت)
محمود منير-عمان
تمثل رواية الكاتب هاشم غرايبة الجديدة "القط الذي علمني الطيران" قصة الحرية التي هي مطلب الشعوب العربية اليوم، ويرى فيها الروائي الأردني زمن أحلام الوحدة العربية وتحرير فلسطين التي سحقت، ليهديها إلى الشباب، الذين ينجزون الحلم من دون أفكار وأيديولوجيات كبرى، كما يظهر الإهداء الذي كتبه: إلى روح محمد بوعزيزي.. وللإرادة الحرة.
ويصف غرايبة روايته، التي صدرت عن دار فضاءات للنشر والتوزيع بقوله "هي رواية السجن كتبتها إثر خروجي من السجن عام 1985، وحتى صدورها بقيت مخبأة خلف جميع نصوصي التي أنتجتها، ربما كانت حاضرة خلف (المقامة الرملية)، وبين سطور (الشهبندر)، وكانت تخاتل (بترا)، لكن الكاتب لا يدرك متى تنضج الثمرة في داخله وتقول له: الآن وقت قطافي".
وبين المخفي والمتجلي، يضيف صاحب (بيت الأسرار) "عندما فتحت دفاتر تاجر عماني في سوق السكر لم أتوقع أن هذا الدفتر سيأخذني إلى عالم عمّان في الثلاثينيات، وحينما وقفت أمام معبد الكتبا في البتراء، لم أعتقد أن هذه الحجارة ستنبت رواية "أوراق معبد الكتبا".
"القط الذي علمني الطيران" هي رواية مدينة إربد وقرية حوارة، مسقط رأسه، ورواية السجن الذي كان دار سرايا عثمانية ثم تحول سجنا ثم صار متحفا اليوم، وفق غرايبة الذي سجن بين العامين 1977 و1985 بسبب انتمائه للحزب الشيوعي الأردني.نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلةغرايبة: روايتي "رسالة جيل إلى جيل آخر" (الجزيرة-أرشيف)
أدب السجون
"عدوى الكلام" لم تنقطع بعدما وسمت إحدى مجموعاته القصصية، إذ يروي تجربته في إحدى حلقات برنامج "أدب السجون"، الذي عرضته قناة الجزيرة، موضحا "وقفت في المكان نفسه الذي كنت فيه مسجونا، فتوجه إلي أحد موظفي المتحف بالقول "أفعل كذا ولا تفعل كذا"، فكان ردي "إن هذا المكان يخصني أكثر مما يخص الحكومة، ومن هذا الموقف تولدت شرارة خلق الرواية التي عشت أحداثها في هذا السجن".
البدايات تعيد صاحب "هموم صغيرة" إليها، بعد رحلة طويلة ابتعد فيها عن مرحلة شبابه وقريته وانخراطه بالعمل السياسي، حوالي ربع قرن من الزمن.
عود إلى حوارة التي ولد فيها غرايبة عام 1953، وهي استرجاع لدفء حالة غابت أو "أضمرت في نصه"، بسبب الانكسارات التي أصابت صاحبها من جهة، أو لخوف مضاعف عليها، فخبأها جيدا، موقنا أن لحظة -مثل التي نعيشها الآن- ستستوعبها.
في الصفحة 139 من روايته يكتب "أنا الراوي هاشم غرايبة، كنت أقلب أوراق كناش مصفرة كتبتها قبل ثلاثة وثلاثين عاما، فطارت من بينها زهرة ياسمين مثل فراشة بلون التبن لتحط على كفي، وتصل روحي بخيط من شذى الياسمين مع زهو الشباب، وزمن الإلهام، ودفء الحلم، وقدسية الكرامة الشخصية.. فسطع حبر الكوبياء موقظا الذكريات الغافية في كف الزمن".
بشذى ياسمين وزهو الشباب وإلهام وحلم وكرامة وأشياء أخرى تنكتب رواية "القط الذي علمني الطيران" في 204 صفحات من القطع المتوسط، لتكشف جانبا هاما من السيرة الذاتية لكاتبها.
"بدأت فكرة الكتابة عن السجن حينما رجعت إلى أوراقي التي كتبتها في السجن، ووجدت فيها أزهار ياسمين جافة، حيث كانت رائحة الياسمين تقاوم العفونة والرائحة النتنة للسجن"، يقول غرايبة في حديث للجزيرة نت.نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلةغرايبة كما ظهر في برنامج "أدب السجون"
(الجزيرة-أرشيف)
لحظة الكتابة
"رائحة الياسمين" واظبت على حضورها وأيقظت "لحظة الكتابة" لديه، وأعادته إلى "زمن الحلم والشباب حيث كان يدهشهم كل ما يصادفونه، كما قادته تلك الرائحة إلى منطقة جديدة تستنطق تلك الدهشة ولا تعقلنها، وربما، تشكل انعطافة بعد مغامرات روائية لإعادة إنتاج التاريخ، ومنها روايات "الشهبندر" و"بترا و"أوراق معبد الكتبا".
"كان الروائي الشاب فيّ يكتب رواية التجربة ضد رواية "الحكمة" التي يرويها الخمسيني الوقور في داخلي"، بهذه العبارة يختزل صاحب "قلب المدينة" اقتراحه الجمالي والمعرفي في "القط الذي علمني الطيران".
ليست محاكمة نقدية لتجربته السياسية، بل "أنسنة" لها. والقط، الذي شكل عنوان الرواية وأحد شخوصها هو حتما إشارة مقصودة لحيوان بري تعايش مع الإنسان 500 ألف سنة، لكنه لم يصبح حيوانا أليفا "مدجنا".
رواية سادسة لهاشم غرايبة أرادها "رسالة جيل إلى جيل آخر"، في مضمونها، لكنها حتما إعادة لمقولة سابقة له "الآن، دائما نحن ذاهبون إلى ذلك العالم الذي لا نعرفه، لكن نحاول أن نكتشفه".
وجاء على غلاف الرواية "الكون كله خصم يستحق المبارزة، بما أننا نعيش مرة واحدة، فلتكن مغامرة إقدام تستنفذ كل قوانا... لنكن مع أقران لنا يشبهوننا في عقولهم وقلوبهم نفتخر بما نعمل.. فعندما يحمل الناس وهم في قمة عنفوانهم قناعات وقيما، عليهم أن يتصرفوا وفقا لها. وينفذوها..".

قديم 10-11-2014, 06:21 AM
المشاركة 16
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • موجود
افتراضي
السجن جامعة الجامعات

قديم 10-14-2014, 04:57 PM
المشاركة 17
خالد البلوشي
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي


أتصور أن السجن بمفهومه كمركز لإعادة التأهيل هو مكان إيجابي لعزل متجاوزي القانون حتى يعاد تأهيلهم للإنخراط بالحياة الإجتماعية من جديد ..

و في إثراءك الممتع نلاحظ أن الأمثلة الناجعة للمعتقلين كانوا غالبا تحت ما يسمى بالمعتقلات .. و تبادر إلى ذهني تساؤل حول الفرق بين المعتقلات و السجون ام إنها تتشابه رغم اختلاف المسميات ..

و هل سجوننا في البقاع العربية مؤهلة لإعادة تأهيل المساجين إنسانيا قبل تأهيلهم علميا و عمليا ..

المعادلة ظالمة في نظري ..

كل الحب أستاذ أيوب





الأَفكارُ مُعْفَاةٌ مِنَ الضّرِيبَة.

" كامدن "

*
twitter : @k4rak

قديم 10-15-2014, 04:58 PM
المشاركة 18
مباركة بشير أحمد
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي
مبدع وُضع قسرا في السجن ،بالتأكيد سيولي اهتماما لميولاته الإبداعية ،بما أنه سيركن إلى عزلة لامخرج منها ،ولايعاني من التشتت الفكري،كما هو الحال وراء القضبان بين الهرج والمرج ،ومطالب الحياة النفسية والإجتماعية.والتعبير عن الحالة بمصداقية طبعا ،يُضمخ المحصول الفكري بماء العواطف ،الدافئة، المؤثرة ،والتي ترسخ في ذاكرة القارئ بعد تمرير الأجفان عليها، لمدة غير محدودة بمكان أوزمان .ولو أن السجن بين الجدران مُلهما ،لماذا نلمس تفوق الذكور المبدعين من حيث التعداد ،على الجنس اللطيف المُبدع،( السجين في البيوت) ؟
الجدران المظلمة وحدها ،لن تكون مُسببا للإبداع ،وخاصة إذا بينها مايبعث الملل والإمتعاض كالتعذيب ،والإزعاج ،أو حتى كثرة زيارات الأقارب.ما يحتاجه المبدع ليستحضر الإلهام ،هو: "تجربة حقيقية " و" الهدوء"،سواء أوجد في السجن، أو حتى في قصر بهيج تحفَه الأزهار ذات اليمين، وذات الشمال.
مجرد رأي ،،،وكل الشكر للأستاذ أيوب صابر
وتحية طيَبة.

قديم 10-16-2014, 03:53 PM
المشاركة 19
فاتحة الخير
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي
السلام عليكم ورحمة الله


الوحي ينطلق من نفس بشرية مبدعة، خلاقة، باحثة، مستكشفة لكل ما هو جديد ومفيد، فلو كانت هذه النفس لديها قدرات إبداعية ستظهر في السلم والحرب والأمان والخوف، في الصحة والمرض وكذا داخل القضبان وخارجها، فليست السجون هي الدافع للتأمل والكتابة والتأليف، بل ما يغوص في أعماق النفس السجينة، والسجن يكون دافعا لمن لهم القابلية للإبداع، مسامهم تتنفس وشرايينهم تنبض بالعلم والأدب والتفكير، يتأقلمون مع جميع الأجواء، سواء كانت صحية أو موبوءة، أما من خلقوا ليأكلوا ويتناسلوا فكما قالت الاستاذة امباركة البشير حتى لو وضعتهم في بروج مشيدة وقصر منيف فلا حياة لمن تنادي .

قديم 10-17-2014, 12:05 PM
المشاركة 20
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • موجود
افتراضي
الاستاذ خالد البلوشي

يقول جبران خليل جبران ان اللؤلؤة " هيكل بناه الالم حول حبة رمل " لذا السجن بمفهومه كمصنع للالم هو الذي يؤدي الى زيادة في نشاط الدماغ ويجعله قادر على توليد النصوص الابداعية ، طبعا توفر عناصر المعرفة الكتابة والقراءة الخ يساهم في بلورة التوجهات الابداعية وصقل ادوات توليد النصوص.
والكلام ينطبق على كل سجين لكن حتما عناصر التأثير تكون اعظم على سجناء الفكر والراي الذين يمتلكون أسس ومقومات القدرة على الإبداع، وهناك في المعتقلات تكون عملية الصقل اسرع تأثيرا لكن ذلك لا ينفي بان بعض السجناء الجنائيين يختبرون تحول ـهايل اثناء تجربة السجن ومنهم صاحب المقولة " الوحي يسكن بين جدران السجن الفرنسي المدعو جان جونيه.


اما سؤالك : " و هل سجوننا في البقاع العربية مؤهلة لإعادة تأهيل المساجين إنسانيا قبل تأهيلهم علميا و عمليا .؟

- اتصور انه كلما زادت وحشية السجان والم القيد و وحشة السجن ومأساويته وعزلته كلما زاد اثر ذلك على عقل السجين ولا اتصور ان سجنا اثقل على سجين مثل ما اثقل سجن التمييز العنصري على مانديلا ولكنه خرج ليقود الامة ويحصل على جائزة نوبل ويلعب دورا مهما في مجال التحرر على مستوى العالم .


مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: هل يسكن الوحي بين جدران السجن؟
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
مِنيِ لي يشكو حسام الدين بهي الدين ريشو منبر البوح الهادئ 6 02-03-2021 12:19 PM
حيث يسكن طارق ريم بدر الدين منبر القصص والروايات والمسرح . 10 09-10-2019 11:18 PM
جدران الخوف خا لد عبد اللطيف منبر القصص والروايات والمسرح . 2 08-16-2013 09:04 PM
جدران الخوف خا لد عبد اللطيف منبر القصص والروايات والمسرح . 0 07-26-2013 06:52 PM
إلى التي يسكن صداها جوف فؤادي المصطفى العمري منبر البوح الهادئ 8 03-16-2013 09:22 PM

الساعة الآن 03:44 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.