قديم 12-14-2010, 08:16 PM
المشاركة 111
عبد السلام بركات زريق
مشرف منبر الشعر الفصيح

اوسمتي
الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الثانية المشرف المميز الألفية الأولى الحضور المميز 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي

المصدر
ديوان رماد الهشيم
رقم القصيدة (16)



سيِّدُ العشاق




في رثاء الشاعر الطبيب
وجيه البارودي



في جنَّةِ الخُلدِ أشرقْ بالسَّنا العطِرِ
يا شاعراً وطبيباً خالدَ الأثر


يا صائدَ اللؤلؤِ المكنونِ تنظمه
قلائداً لعذارى الجنِّ والبشرِ


لقد بقيتَ عصيَّاً في مُنازلةٍ
على الفناء تشقُّ الصمتَ في الحُفَرِ


فكيف أبكيكَ ؟ أجفاني مقرَّحةٌ
تحاذرُ الدمعَ تخشى فتكةَ الخطرِ


وكيف أبكيكَ ؟ أقلامي معطلةٌ
ما بين مُنثلمٍ حدَّاً ومنكِسرِ


* * *

يا سورةً فُصِّلتْ آياتُها عجباً
شعراً وطباً أطاحتْ بالدُّجى العَكِرِ


أفقْ.. تلفتْ.. وقمْ .. أقبلْ وخذْ قلما ً
وقلِّدِ الغيدَ أطواقاً من الدُّررِ


وامسحْ بكفَّيكَ جرحَ الشعر ملتمِساً
له الشفاءَ من الإيهامِ والهذَرِ


وانشرْ قصائدَ عشقٍ حيَّرتْ زمناً
شيطانَ شعرك بين البدوِ والحضَرِ


هي المصابيحُ في المِشكاةِ موقدةٌ
تُغري الورى بقيام الليلِ للسَّحَرِ


فليسمعِ الكونُ من تحت الترابِ صدى
عزفِ القوافي على الأزمانِ والعُصُر


* * *

يا مُبدعَ السِّحرِ في طبٍّ وقافيةٍ
في مُعجزيكَ تبارتْ أروعُ السُّوَرِ


كم من مريضٍ أتى يشكو مواجعه
وكاعبٍ من لهيبِ الشوقِ في خَطَرِ


أسَغْتَ بالمُعجزينِ البُرْءَ مقتدِراً
برقَّةِ الشعر أو بالوخزِ من إبرِ


* * *

يا شاعراً غازلَ الدُّنيا وغادرها
مسطِّراً في دُجاها أنصعَ السِّيَرِ


جريتَ تُغدِقُ كالعاصي تشاطرُه
ريَّ العطاش بموروثٍ ومبتَكَرِ


كلٌّ يغازلُ ليلاهُ بصافيةٍ
تضوعُ كالمسك مسكوباً على النَهَرِ


فكنتما كوثرَ الوادي يفيضُ ندىً
وشاعرَ العِشقِ ملءَ السمعِ والبصرِ


* * *

يا سيِّدَ العشق لي عتبٌ عليك أما
أغرتْ دموعكَ ضراءٌ مدى العُمُرِ


أم كنتَ أصبرَ من أيوبَ يوم دعا
قد مسَّني الضُّرُ يا رباهُ فانتصرِ


وعشتَ بين الغواني شاعراً غزِلاً
هل أنتَ من نَسَبٍ يُعزى إلى عُمَرِ ؟


* * *

يا عاشقَ الحسنِ كم سبَّحتَ مُبتهلاً
في هيكل الحُسنِ للأهدابِ والحَوَرِ


راضٍ ببسمةِ محبوبٍ على كبرٍ
لم تشكُ يوماً من الإرهاقِ والكِبَرِ


والناس حولك من طاوٍ ومن بَطِرٍ
ومن دعيٍّ بثوبِ الزيف مستتِِرِ


وبين هذا وهذا أنتَ متَّهمٌ
بقلَّةِ السَّمع أو في دقَّةِ النظرِ


* * *

كم أَرجفوا عنك في رأيٍ ومُعتقدٍ
قولاً يُخلَّدُ فيه المرءُ في سَقَرِ


هجوتَهم تبتغي إصلاحَهم فمتى
كانَ الهجاءُ دواءَ الجوعِ والبطَرِ ؟


ماتَ الذين أشاعوا عنكَ فاندثروا
وقد بقيتَ تراثاً غيرَ مُندثرِ


* * *

يا سيِّدَ العشقِ كم أسرفتَ في ولَهٍ
أكنتَ في حُلُمٍ أم كنتَ في خَدَرِ


أم دغدغتْ نغماتُ السِّحرِ فيكَ هوىً
لفتنةٍ صوتُها كالسَّلْسَلِ الخَضِرِ*


أصفيتَها الودَّ والتسعون ساخرةٌ
وحُمْتَ كالنحلة الظَّمأى على الزَّهَرِ


أم نازعتكَ عروسُ الفنِّ أغنيةً
فرحتَ تشدو بألحانِ الهوى العذُري


وقلتَ لي في غدٍ يشدو الملاكُ لنا
وثغرُ ميادةٍ يفترُّ عن دُرري


* * *

يا سيِّدَ العشقِ والعشَّاقِ أرهقَني
طولُ المسير وما أنفقتُ من عُمُري


علَّمتَني الحبَّ شعراً كيف أكتبُه ؟
وكيف أُرقِصُ من أهوى على وتري ؟


لكَ النسيبُ ولي في الشعرِ شاهدةٌ
تركتُ فيها القوافي البكرَ في سَكَرِ


ولي جناحانِ من شعرٍ كسوتُهُما
حبَّاً وطرتُ فلم أهبطْ بمنحدَرِ


ولم أزلْ دائمَ التحليقِ منطلِقاً
لولاكَ يا سيِّدَ العُشاق لم أَطِرِ


تشدُّني راعداتُ الشعرِ ماطرةً
فينبتُ الحرفُ مُخضَّراً من الحَجَرِ


* * *

يا كوكباً في سماءِ الشعر يا علماً
في عالمِ الطبِّ شقَّ اليأسَ بالظُفُرِ


لك الخلودُ ولي نايٌ يفيضُ أسىً
يُبكي الصِّحابَ ويرجو رحمةَ القدرِ


تجهَّمَ العيشُ مذْ غابتْ كواكبُهم
فصرتُ أَسري بلا ضوءٍ ولا شَرَرِ


وبتُّ أخشى الرَّدى يُبدي نواجذَه
وينطوي في غياباتِ الثَّرى خَبَري


فامنُنْ عليَّ بوحيٍ منكَ يحملُني
إلى الخلودِ ويُغري النفسَ بالسفرِ


فالعيشُ أضحى ذميماً بعدما عصفتْ
بنا السنونُ وجئنا أرذلَ العُمُرِ


مُحمَّلونَ جراحاً كيف نكتبُها
شعراً وفي دمنا نهرٌ من الضَّجَرِ


كنا نهيمُ بدُنيا الشعرِ في سَمَرٍ
واليوم صرنا نخافُ الشِّعر في السَّمرِ


نصبُّ أفكارَنا صِرفاً ويفسدُها
من راحَ يمضغُ ما يُخزي من الفِكَرِ


حتى الأغاني التي كانتْ تُهَدْهِدُنا
قد أصبحتْ صُوراً للخوفِ والكدرِ


يا شاعري وطبيبي يومَ أَنهكَني
طولُ الرُّقادِ حليف السقمِ والسَّهرِ


هذي حياتكَ في أمِّ الفداء لقد
صوَّرتُها بقصيدي أصدقَ الصورِ


فيها نشأتَ .. ولكن ما انطويتَ أجلْ:
هل انطويتَ ؟ أجِبْ يا صاحبَ الغُررِ


أصبحتَ كنزاً بها شعَّتْ جواهرُه
(تيهي حماةُ بهذا الكَنزِ وافتخري)


وانعمْ وجيهُ بجنَّاتِ الخلودِ لقد
(بقيتَ حيَّاً بقاءَ الشمسِ والقمرِ)





1-4-1996


* يذكر هنا علاقة الشاعر بالمطربة ميادة الحناوي

قديم 12-15-2010, 04:08 PM
المشاركة 112
عبد السلام بركات زريق
مشرف منبر الشعر الفصيح

اوسمتي
الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الثانية المشرف المميز الألفية الأولى الحضور المميز 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي

المصدر
ديوان رماد الهشيم
رقم القصيدة (17)



صرخةُ الصمت




أين اخضراري ربيعُ العمر جافاني
وجفَّ من نبضاتِ القلبِ تَحناني


ما عدتُ أُورِقُ أغصانُ المنى يبستْ
مرَّ الخريفُ على روضي فعرَّاني


وأجفلَ الطيرُ فالأعشاشُ خاويةٌ
إلا من البومِ في الأسحارِ يَنعاني


تكسَّرتْ كلُّ أغصانِ الهوى وهوتْ
وبتُّ أغرقُ في يأسي وحرماني


تغتالني أغنياتُ الدوحِ تملؤني
رعباً وعهدي بها تستافُ ألحاني


عهدي بناعورةِ العاصي تبادلني
أنخابَ شوقٍ وأرعاها وترعاني


عهدي بها تُغدقُ الأمواه دائرةً
وقلبُها العاشقُ الولهانُ يهواني


ما بالها أصبحتْ تجري مدامعُها ؟
على الضفافِ بإعوالٍ وإرنانِ


كانت تغنِّي على أنغامِ قافيتي
واليوم تُحرقُ أعصابي وتنساني


كأنَّني لم أكنْ بالأمس أُنشدُها
شعري وأُرهفُ للترجيعِ آذاني


* * *

قلبي الذي سَلسلتْ دقاتُه ولهي
ضنَّتْ شرايينُه الملأى فأضناني


تهمُّ كلُّ غريراتِ الهوى بدمي
تهفو فتوقفُها في الصدرِ أشجاني


أُغازلُ الزهرَ أُغريه بمُرقصةٍ
فينفثُ العطرَ محموماً بوجداني


كأنَّني والأسى وقفٌ على كبدي
طيرٌ وسهمٌ طريُّ القوسِ أرداني


تضرَّجتْ بدمي أزهارُ قافيتي
فكلُّ بيتٍ زها من نَزْفِ شرياني


* * *

هذا جحيمُ حياتي إنَّه قَدَري
مازلتُ أضحكُ منه منذُ أبكاني


فكم أطلَّتْ من الآلامِ بارقةٌ
حرصاً على ومضِها أطبقتُ أجفاني


ورحتُ أحلمُ أعواماً غدتْ مِزَقاً
من دفترِ العمر تدعوني وتَنهاني


تنمُّ عن ذكرياتٍ كم شقيتُ بها
تخيطُ أشباحُها في الليلِ أكفاني


وقد نعمتُ بها حيناً فمزَّقني
من كنتُ أرجوهُ يمحو سِفْرَ أحزاني


أهمُّ أوقظُها بالحبِّ أسفحُه
كيما تجذَّرَ في أعماقِ بستاني


أيامَ كنتُ شباباً زاخراً عَرِماً
واليومَ يربو على الستين ميزاني


تمضي بيَ الراعفاتُ الحمرُ يدفعُها
موجٌ يلاطمُ صخراً عند شطآني


يرتدُّ للبحرِ مدحوراً تعاتبُه
نوارسٌ في دمي تسعى لرُضواني


لكنها أرسلتْ أغصانها نَزَقاً
من الجحيمِ تُغذِّي نارَ بركاني


أَغلي وتعصفُ بي ريحُ السنين فهل
تَقَوى على دحرِ عصفِ الريحِ جُدراني


* * *

كم من ربيعٍ أذابَ اليأسُ بهجتَه
حتى استحالَ هشيماً بين أحضاني


تذروهُ ريحُ الثواني الجارياتِ على
أنقاضِ عمري فيَهوي صرحُ بُنياني


وكم تجرَّعتُ ماءَ الصبرِ من أَنَفٍ
حتى إذا غاضَ صارَ الهمُّ سُلواني


فما كسرتُ يراعاً في مُنازلةٍ
ولا خفضتُ جناحاً عند سلطانِ


لهفيْ عليَّ إذا لملمتُ أمتعتي
ورحتُ أُوغلُ في أعماقِ نسيانِ


أمشي إلى مأتمي مشيَ الغريبِ إلى
حفلٍ تزنِّرُه أحقادُ غيلانِ


* * *

يا صرخةَ الصَّمتِ كم أطلقتُ راعدةً
وقد تساوى بها سِرِّي وإعلاني


كم من غريبٍ بكفِّ الحبِّ صافحَني
ومن قريبٍ بكفِّ الغدرِ حيَّاني


نقشتُ عنوانَ أحبابي على كَبِدي
لكنَّهم ضيَّعوا يا قلبُ عنواني


لو أنَّهم أرهفوا سمعاً لما صدحتْ
به المنابرُ في أعيادِ أوطاني


لتوَّجوا هامتي بالغارِ أو رفعوا
باسمي مناراً و أعلوا في الحمى شاني





20-4-1998







قديم 12-15-2010, 08:28 PM
المشاركة 113
عبد السلام بركات زريق
مشرف منبر الشعر الفصيح

اوسمتي
الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الثانية المشرف المميز الألفية الأولى الحضور المميز 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي

المصدر
ديوان رماد الهشيم
رقم القصيدة (18)



كبرُ الجراح



من شُعلةِ الفكرِ تكوي القلبَ باللهبِ
حملتُ كبرَ جراحي مذ عرفتُ أبي


لم أشكُ يوماً من الجرحِ الذي انفجرتْ
دماؤه وجرتْ حبراً على كُتُبي


خمسين عاماً أصوغُ الشعرَ ما وهنتْ
منِّي الحروفُ ولا زارَ الوَنى أدبي


إذا شدوتُ رأيتَ البسمةَ ارتسمتْ
على شفاهِ ندامى الشعرِ من طربِ


وانْ زأرتُ فأصدائي مدوِّيةٌ
وإن بكيتُ فدمعي آيةُ العجبِ


هتكتُ سترَ وجوه الزيفِ فاحترقتْ
جدائلُ الغدرِ من حمَّالةِ الحطبِ


وخضتُ ملحمةَ الإبداعِ فاحتدمتْ
لمَّا حملتُ على دعوى أبي لهبِ


ورحتُ أُزهقُ بالآياتِ باطلَه
حتى غدا زبداً في العارمِ اللَجِبِ


فاقرأْ مراحلَ عمري بين أسطرها
تسمعْ صدى صوتيَ المرتدّ في غضبِ


تسمعْ نداءاتِ قلبٍ خفقه شرسٌ
تهتزُّ منه جذورُ الصخرِ في رَهَبِ


تراكمتْ فيه أنقاضُ الجراحِ فلم
يحفل بما خلَّفَ الزلزالُ من رُعُبِ


ما لانَ للدهرِ إلا حين رقَّقَه
في موسمِ الحبِّ طرفٌ مُترف الهُدُبِ


ألقى ثلاثينَ عاماً في بحارِ هوىً
أمواجُها اصطخبتْ باللومِ والعَتَبِ


حتى أطلَّ على الستين منفرداً
إلا مع اليأسِ يُذكي النارَ في الحطبِ


عانيتُ منه كما عانى أخو وجعٍ
من مُعضلِ الداءِ في سيَّالةِ العصبِ


وسوف أمضي ويبقى ما تخطُّ يدي
وما تفتَّقَ عنه الفكرُ للحِقَبِ


فإن قضيتُ فلا تأسوا عليَّ ولا
يَحْزَنْ محبٌ لعلَّ القبرَ أرحمُ بي


* * *

قضيتُ عمري ألوكُ اليأسَ أمضغُه
فصرتُ أدرد بين الهمِّ والنَّصَبِ


تغتالُني ذكرياتي إنْ مررتُ بها
مرورَ طيفٍ يزورُ الأمسَ في تعبِ


وتزدري كلَّ أحلامي التي سقطتْ
في بؤرةِ الوهمِ تمحو الصدقَ بالكذبِ


حتى وصلتُ إلى ما ليس يحسدُني
عليه غِرٌّ يُعاديني بلا سببِ


ما زالَ يحملُ أثقالاً يتيهُ بها
من الجهالةِ في جِدٍّ وفي لعبِ


تراهُ كالحيَّةِ الرقطاءِ أقلقَها
سمٌّ بأنيابها تُخفيه للعطبِ


فإن توجَّسَ خوفاً في منازلةٍ
ممن يراوغُ غدراً لاذَ بالهربِ


* * *

حتَّامَ أمضغُ آلامي و أبصقُها
في وجهِ من ظلموا واستنكروا دَأَبي


حتَّامَ أَلأمُ جُرحي ثم ينكؤه
وغدٌ تسوَّرَ بالأرقامِ واللقبِ


إن كان لا بدَّ لي حتى أنالَ رضى
مَنْ أسرجوا الحقدَ من زُلفى لذي رُتَبِ


فلتحترقْ أمنياتُ العمرِ في لهبٍ
من عزَّةِ النفسِ لا من ذِلَّةِ الذهبِ




15-10-1997




قديم 12-20-2010, 12:28 PM
المشاركة 114
عبد السلام بركات زريق
مشرف منبر الشعر الفصيح

اوسمتي
الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الثانية المشرف المميز الألفية الأولى الحضور المميز 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي

المصدر
ديوان رماد الهشيم
رقم القصيدة (19)



أيها القلب




صحوةُ الشوقِ أم سلافُ الدوالي
أشعلتْ في دمي رمادَ الليالي


أم تراني بدَّلتُ قلبي بقلبٍ
يتلظَّى على النوى لا يُبالي


* * *

قلبُ .. يا قلبُ .. يا أسيرَ الأماني
شمسُ محياك آذنتْ بالزوالِ


أنتَ في الصحوِ حاكمٌ مستبدٌّ
ولدى السُكْرِ باذخٌ باختيالِ


يهربُ النورُ من خلاياكَ ليلاً
وتغيبُ النجومُ قبلَ الهلالِ


كم تمنيتَ مُسرِفاً بالأماني
وتفاءلتَ تحت حدِّ النصالِ


تتحدى المنونَ في كلِّ نبضٍ
بسباقٍ على حدودِ المُحالِ


وكأنَّ الدماءَ في كلِّ عرقٍ
جارياتٌ جَرْيَ السنين الخوالي


يسهرُ الشوقُ في خلاياكَ كُرهاً
ويغيبُ الخيالُ خلفَ الخيالِ


ويطولُ السُّهادُ والحلمُ غافٍ
في ضميرِ الأيامِ تحت الظلالِ


وطرحتَ السؤالَ ترجو جواباً
فعبرتَ السنينَ رهنَ السؤالِ


وتمطَّى الجوابُ عريانُ يجلو
ظلمةَ الشكِّ بعد ليلِ الضلالِ


فاستقمْ يا غبيُّ فالعمرُ ولَّى
واسمعِ الشيبَ مُنذراً بارتحالِ


لا تقلْ لي : أهوى الجمالَ وحسبي
من كنوزِ الجمالِ نظمَ اللآلي


أنتَ يا قلبُ عاشقٌ مُستهامٌ
ضيَّعَ العمرَ حالماً بالوصالِ


فصَّلَ الحبَّ أحرفاً من جُمانٍ
فاستدارتْ عِقداً بجيدِ الجمالِ


يستهينُ الخليُّ فيما تعاني
ويقيمُ العشاقُ عرسَ ابتهالِ


فتوسَّدْ شوكَ الظنونِ غريباً
بعدما ضعتَ بين قيلٍ وقالِ


* * *

أيُّها القلبُ يا غريراً تمادى
يا عزيزاً على قلوبِ الغوالي


قد يموتُ السؤالُ حيناً وتصحو
وسراجُ الأحلامِ دونَ اشتعالِ


وتسوق الدلالَ شمسُ الأماني
فالصباحاتُ رهنُ قيدِ الدلالِ


ألسنُ النارِ في الحشا لاهباتٌ
رغمُ طولِ الأسى وطولِ النضالِ


فتمرَّدْ على الحريقِ وأطفئْ
حُرقةَ الصمتِ في عروقِ الدوالي


واقطفِ النورَ من بريقِ سرابٍ
فشهيُّ اليقينِ صعبُ المنالِ


وغداً تذبلُ الزهورُ وتَذوي
وتَغيضُ المياهُ تحتَ الرمالِ


ينقضي العمْرُ بين مدٍّ وجَزْرٍ
وتموتُ الأحلامُ دون اكتمالِ



18-5-1998



قديم 12-20-2010, 05:47 PM
المشاركة 115
عبد السلام بركات زريق
مشرف منبر الشعر الفصيح

اوسمتي
الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الثانية المشرف المميز الألفية الأولى الحضور المميز 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي


المصدر
ديوان رماد الهشيم
رقم القصيدة (20)




عنوان الهوى



اكتُبيني فوقَ الهوى عنوانا
واسحبي الخوفَ وامنحيني الأمانا


واسكبيني في ليلِ عينيكِ نوراً
يطلعُ الفجرُ من ظلامِ هوانا


لا تقولي ولَّى زمانُكَ فاذرفْ
أَدمُعَ اليأسِ لن تنالَ رضانا


لا تقولي ودِّعْ غِراسَ الأماني
أنا ما زلتُ للهوى بُستانا


لا تقولي نسيتُ حبَّكَ فابحثْ
عن محبٍّ في الحبِّ يَفنى سوانا


أنا أدرى بقلبِ منْ يتفادى
خائناتِ العيونِ إذ يتوانى


فأجيبي نداءَ قلبِكِ قولي :
يا حبيباً أضناهُ ما أَضنانا


شفَّنا الوجدُ فاشتعلنا حنيناً
وحنينُ العشاقِ ينسى الهوانا


نحن كنَّا إلفَينِ نغفو ونصحو
نملأُ العيشَ رِقةً وحنانا


يعشقُ الروضُ شدوَنا في الأماسي
وتُنَدِّي فجرَ المنى نَجوانا


ما تَغنَّى في الروضِ طائرُ عشقٍ
بنشيدِ الهيامِ إلا عَنانا


كم تركنا عيونَنا مُصغياتٍ
لحديثٍ لم تحكِه شفتانا


تستحي جوقةُ العَنادلِ منَّا
حين نشدو وتُرهِفُ الآذانا


* * *

كم جلسنا نبني جسورَ وصالٍ
مذْ عشقنا فما انتهتْ بُنيانا


يستبيحُ النسيمُ خلوتَنا البِكـ
ـكرَ فنَنشى إذ يُستباحُ حمانا


* * *

كم لهونا وكم ضحِكنا فلمَّا
أورقَ العمرُ أُدميتْ مُقلتانا


فانكفأْنا وراحَ يسخرُ منَّا
برعمُ الضوءِ لم يفتِّحْ جُمانا


ثم عُدنا أبهى سَنىً وجمالا
زادنا الوجدُ والنوى عُنفوانا


يستريحُ الحنينُ في جانِحينا
ويضوعُ العفافُ من مُبتغانا


أَمرعَ العمرُ فالمُنى مُخصباتٌ
والمواويلُ أزهرتْ أُقحوانا


فاسكبي خمرةَ اللقاءِ حلالاً
واشربي الكأسَ واسكِري إيمانا


يا جحيمي وجنَّتي واشتعالي
وانطفائي في مهرجانِ لقانا


نحنُ شوقُ الطيورِ للأفُقِ الرحْـ
ـبِ وسجنُ السنينَ يمحو الزمانا


نحنُ عطرُ الربيعِ في موسمِ الزهْـ
ـرُ وعطرُ الربيعِ يُغري الحِسانا


نحنُ شمسُ الأصيلِ في روضةِ العمْـ
ـرِ وشمسُ الأصيلِ تَحكي ضُحانا


وغداً يشرقُ الغروبُ ونمضي
ويَحارُ الأصيلُ فيما دهانا


* * *

فتعالي يا زهوَ نارِ احتراقي
نُطفئُ النارَ في جحيمِ دِمانا


نَعتصرْ كلَّ لحظةٍ من لقانا
زادها الصيفُ والخريفُ افتتانا


ولنُعتِّقْ خمراً ألذ وأشهى
من خمورِ الصبا ونَملا دنانا


ولنطرِّزْ بالوصلِ ثوبَ الليالي
ولنزركشْ بالمغرياتِ مُنانا


فتحدَّي بالوصلِ جوعَ الليالي
روعةُ الوصلِ سوف تمحو شقانا


* * *

يا نعيميْ وما نعيميَ إلا
باحتراقيْ على الندى ريَّانا


نَيْسَنَ الحبُّ أحرفي باخضرارٍ
فذوى الشوكُ لم يُطقْ نَيسانا


ربما تولدُ الحياةُ أصيلاً
فتعالَيْ نعقدْ له مِهرجانا


أيُّ ذنبٍ لعاشقٍ مُستهامٍ ؟
ضيَّعَ العمرَ يكتوي حِرمانا


فنَضَا عنه ثوبَ زُهدٍ عقيمٍ
وأتى الماءَ يُطفئُ النيرانا


فاسألي اللهَ أن يتوبَ علينا
إنْ عصيناهُ واطْلُبي غُفرانا





قديم 12-20-2010, 06:28 PM
المشاركة 116
عبد السلام بركات زريق
مشرف منبر الشعر الفصيح

اوسمتي
الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الثانية المشرف المميز الألفية الأولى الحضور المميز 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي

المصدر
ديوان رماد الهشيم
رقم القصيدة (21)




بقايا الحسن




نصبتْ شِباكَ الحسنِ بعد مَشيبي
ورمتْ فُتاتَ جمالِها بدروبي


أنَّى اتَّجهتُ وجدتُ زهرةَ فُلةٍ
حمقاءَ سوَّرَها الظما بشُحوبِ


هي من بقايا الحسنِ ضاعَ أريجُها
ما بين سالفِ طاعتي وذُنوبي


أيامَ كنتُ أشمُّ رثَّ ثيابِها
والشوقُ يَقلبُ ريحَها لطُيوبِ


فلَكمْ سرقتُ من الثيابِ قُصاصةً
نعمتْ بحملِ غريرِها المصلوبِ


ولكمْ وقعتُ على السَّريرِ بغفلةٍ
منها بوضعٍ في الظلامِ مريبِ


وعلى وسادتِها كمِ اشتعلَ الجَّوى
والقلبُ يخفقُ مُمعِناً بوجيبِ


* * *

يا ليتَها علمتْ بما فعلَ النَّوى
والشكُّ يُسْلِمُني لفرطِ نحيبِ


حتى بلغتُ الأربعينَ وهالني
شيبي وروَّعَني دُنوَ غُروبي


فلجأتُ للنسيانِ وابتهلَ الهوى
حتى أعودَ لصبوتي ونَسيبي


لكنَّها الستونَ تصرخُ في دمي
قفْ يا غبيُّ .. أما نهتْكَ عُيوبي


في الأربعينَ غرقتُ في بُؤرِ الأسى
وخرجتُ من حلباتِها بنُدوبِ


وأطلَّتِ الخمسونَ تعقدُ حبلَها
حولَ انتظاركَ للغدِ المرغوبِ


وتقولُ للستينَ دونَ تَحفُّظٍ
أهلاً بثلجكِ بعد حرِّ لهيبي


* * *

ورجعتُ للمرآةِ أخطبُ ودَّها
فبدتْ حقائقُ خَيبتي وهُروبي


شيخٌ أنا .. وتطلُّ ملحمةُ الردى
ويطلُّ من أُفُقِ الشقاءِ مَغيبي


دالَ الزمانُ وغابَ نجمُ مَطامحي
وبدا ظلامُ القبرِ جِدَّ قريبِ


شحَّتْ مواسميَ القديمةُ وانتهى
زمنُ العطاءِ وجاءَ وقتُ نضوبي


ووقفتُ أختصرُ السنينَ مودِّعاً
وحملتُ ذُلَّ هزيمتي بحروبي


وتركتُها ترمي فُتاتَ جمالِها
لتضيعَ بين مُغامرٍ وكَذوبِ



6-8-1997








قديم 12-21-2010, 03:44 PM
المشاركة 117
عبد السلام بركات زريق
مشرف منبر الشعر الفصيح

اوسمتي
الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الثانية المشرف المميز الألفية الأولى الحضور المميز 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي


المصدر
ديوان رماد الهشيم
رقم القصيدة (22)


لقاءٌ مع النفس



خلوتُ بنفسي لم أجدْ ليَ ملجأً
سواها فإنَّ النفسَ خيرُ صديقِ


وقلتُ لها يا نفسُ حسبُك ما مضى
أطعتُك عمراً فالضياعُ طريقي


أطعتُكِ لا أدري إلى أين أنتهي
وقد شبَّ طيشي واستبدَّ عقوقي

تركتُ مقاليدَ الأمورِ لخافقي
وسِرْتُ بليلِ الوهمِ دونَ شروقِ


أحاولُ ما أستطيعُ شدَّ مَفاصلي
لأسبقَ صوتَ الرعدِ قبل بروقي


وأمسكُ أطرافَ السحابِ أقودُه
ليسكبَ أمطارَ المُنى بعروقي


كأنِّي وأحلامُ الشبابِ تصعَّدتْ
طريدٌ سرى في الليلِ دون رفيقِ


وما لي وقد أخفقتُ في العيشِ حيلةً
فكلُّ دروبي أُغْلِقتْ بحريقِ


* * *

فوا أسفاً أَمضي وتمضي مواسمي
زفيري بها عَبْرَ الأسى كشهيقي


ووا عجباً للنفسِ تنسى مواجعي
وقد شابَ في دربِ الشفاءِ وثوقي


ولكنَّني ما زلتُ غُصناً بروضةٍ
تَؤمُّ رفوفُ النحلِ حُلوَ رحيقي


وتعشقُ أسرابُ الطيورِ مواسمي
لتحملَ حبَّاتي لكلِّ طليقِ


يجوبُ فضاءاتِ الحياةِ موشَّحاً
بفجرٍ جديدِ الأُمنياتِ أنيقِ


فإنِّي رهينٌ في الرياضِ يشدُّني
رباطٌ إلى الأفنانِ جِدُّ وَثيقِ


* * *

وتقذفُ بي ريحُ التَّجهُّمِ بغتةً
إلى جُرُفٍ هاري الضفافِ سحيقِ


أغالبُ أمواجَ السقوطِ بأذرعٍ
يحرِّكُها خوفُ الردى كغريقِ


ويغتالُني صوتي فأصرخُ صامتاً
ليرتدَّ صوتُ الصمتِ دون مُعيقِ

فأجمعُ أصدائي بريشةِ شاعرٍ
خبيرٍ بتصويرِ الحياةِ خليقِ


وأملأُ كأسي من حُميَّا قصائدي
فتغدو صَبوحي في الأسى وغَبوقي


فأشربُ آلامَ السقوطِ تَعِلَّةً
وأمضغُ يأسي كافراً بحقوقي


* * *

كذلك نفسُ الحُرِّ إن ضِيْمَ أينعتْ
كغصنٍ على خُضْرِ الضفافِ وريقِ


تُكلِّلهُ الأزهارُ في كلِّ موسمٍ
فيزهو بمسكٍ في الرياضِ فَتيقِ


فغايةُ ما أصبو إليه توافقٌ
مع النفسِ حتى أستعيدَ بَريقي




8-11-1997



قديم 12-21-2010, 07:37 PM
المشاركة 118
ناريمان الشريف
مستشارة إعلامية

اوسمتي
التميز الألفية الثانية الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الأولى الوسام الذهبي 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي

قلبي الذي سَلسلتْ دقاتُه ولهي
ضنَّتْ شرايينُه الملأى فأضناني

تهمُّ كلُّ غريراتِ الهوى بدمي
تهفو فتوقفُها في الصدرِ أشجاني



صورة رائعة في هذين البيتين من ( صرخة الصمت )
يسعدني أن أتابع هذه الدرر
والحقيقة أن الاعلام يظلم كثيراً من الشعراء الذين يستحق شعرهم القراءة والنشر والنقد
ولكن مجموعة قليلة من الشعراء هم الذين يحظون بهذا
بارك الله فيك أخي عبد السلام
جداً أمتعتنا في هذه القصائد الرائعة
فتحية للشاعر محمد الحسن منجد



.... ناريمان

قديم 12-22-2010, 08:51 PM
المشاركة 119
عبد السلام بركات زريق
مشرف منبر الشعر الفصيح

اوسمتي
الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الثانية المشرف المميز الألفية الأولى الحضور المميز 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي
قلبي الذي سَلسلتْ دقاتُه ولهي
ضنَّتْ شرايينُه الملأى فأضناني

تهمُّ كلُّ غريراتِ الهوى بدمي
تهفو فتوقفُها في الصدرِ أشجاني



صورة رائعة في هذين البيتين من ( صرخة الصمت )
يسعدني أن أتابع هذه الدرر
والحقيقة أن الاعلام يظلم كثيراً من الشعراء الذين يستحق شعرهم القراءة والنشر والنقد
ولكن مجموعة قليلة من الشعراء هم الذين يحظون بهذا
بارك الله فيك أخي عبد السلام
جداً أمتعتنا في هذه القصائد الرائعة
فتحية للشاعر محمد الحسن منجد



.... ناريمان

السلام عليك
الأخت الفاضلة ناريمان الشريف
آنس الله وحدتك ...وأعرف أنك تتبعين الجمال
أينما كان ... سنتدارك بإمكانياتنا الفردية
المتواضعة ما تهمله ماكينة الإعلام الصاخبة
ولكن هل من جدوى؟
بحول الله بعد أن أفرغ من تراث الأستاذ حسن
سأنقل تراث صديقه الشاعر علي دمر وهو من الكبار
أيضاً
تقديري واحترامي

قديم 12-23-2010, 11:09 AM
المشاركة 120
عبد السلام بركات زريق
مشرف منبر الشعر الفصيح

اوسمتي
الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الثانية المشرف المميز الألفية الأولى الحضور المميز 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي

المصدر
ديوان رماد الهشيم
رقم القصيدة (23)




صحراء النفس



صحراءَ نفسيْ أَلفتُ الرملَ ملتهبا
فهاتِ صمتَكِ يسكرْ خمرُه العنبا


جفَّتْ ينابيعُ عمري فاستهنتُ بها
ورحتُ أشربُ دمعَ العينِ مُنسكبا


فبعدَ صارخةِ الستينَ لستُ أرى
إلا المواجعَ والعزمَ والذي نَضَبا


تسلَّلَ الحزنُ للقلبِ الذي عرفتْ
دقَّاتُه صحبةَ الآمالِ يومَ صَبا


كانتْ شرايينُه تسابُ في جسدي
نوراً وعطراً وإلهاماً ونهرَ صِبا


وكنتُ أُودِعُه الأسرارَ يحفظُها
حتى أطلَّ على الستينَ فانقلبا


أفشى جميعَ الذي استودعتُه ومضى
يذيعُ من موطنِ الأسرارِ ما رَغِبا


* * *

أسرفتَ يا خافقي بالبوحِ مبتهلاً
إليَّ حتى أُداري كبوتي كَذِبا


وكيفَ أكتمُ ما بيْ من جوىً وأسىً
وكلَّ يومٍ أرى حيني قد اقتربا


لعلَّني باخعٌ نفسي وذا قدري
وكيفُ أهربُ منه بعد ما كُتِبا


فكم حدوتُ رجائي واستبدَّ به
وهمٌ فأفلتَ من أصفادِه وحَبا


حتى إذا اشتدَّ لم أبلغْ به أَرَباً
إذ راحَ يحلُمُ حتى ضيَّعَ الأَربا


واليومَ يصرخُ بالستين يدفعُها
إلى النهوضِ فناءَ القلبُ واضطربا


* * *

تأنقي يا رؤايَ الخُضرَ وانتظري
كيما أردَّ من الألوانِ ما سُلبا


كانتْ غريراتُ أحلامي تراودُني
عن نفسِها يومَ خِلتُ المبتدا لَعِبا


مرَّتْ بساحِ أماني العمرِ مسرجةً
شرخَ الشبابِ لنجمِ السعدِ حين خَبا


حتى وصلتُ إلى ما ليس يحسدُني
عليه غرٌّ أضاعَ العمرَ مُنتحبا


فكم تمنَّيتُ ان أحظى ببارقةٍ
وأحتسي من لَمى الآمالِ ما عَذُبا


* * *

لا تُسرعي يا خُطا عُمْري على مَهَلٍ
لعلَّني أمسكُ الوردَ الذي انسربا


لا تنكري وَلهي يوم امتطيتُ إلى
شعابِ مجدكِ شوقاً رابضاً وَثِبا


تواثَبي يا عزيزاتي فإنَّ دمي
وقفٌ لكلِّ جوادٍ في السباقِ كبا


لا ترجُميني بماضٍ كم سكبتُ له
روحي ليشربَ كأسَ السَّعدِ ما شربا


وراحَ يبحثُ عن لمعِ السرابِ على
وعد ٍمع النفسِ أن يَحظى بما طلبا


لكنَّه عاد ملفوفاً بخيبته
مطوَّقاً بالدَّواهي أينما ذهبا


* * *

واليومَ يا جمرةَ العمرِ التي خَمدتْ
ما كان أغلاكِ لو أحرقتِ ما صَعبا

ما كان أحلاكِ نوراً أستضيءُ به
من غيرِ أنْ تُحرقي الشِّريان والعصبا


حتى غدوتُ رماداً فوق مُتكأٍ
من السنين إذا ما اهتزَّ صرتُ هَبا


* * *

يا جمرةَ العمرِ كم بدَّدتُ عاصفةً
وكم شهرتُ بوجهِ الذلِّ سيفَ إِبا


وكم رأيتُ شياطيني تُطاردني
وكم عدوتُ على شوكِ الضَّنى هربا


* * *

يا غُصَّةً في دمي ما زلتُ أمنحُها
طيبَ المقامِ فراحتْ تنتشي طربا

أرهقتِ كلَّ شراييني و أوردتي
وكنتُ بالأمسِ غرَّاً أجهلُ السببا


واليومَ أستنفرُ الآلامَ تشحذُني
لأكملَ العمرَ منفيَّاً ومغتربا


أدلِّلُ النارَ في قلبي فتُحرقُه
وكم نفختُ بمِزماري فما التهبا


فغازليني بأهدابِ الرمادِ على
وعدٍ تَصوَّفَ في محرابِه رهِبا


وواعديني فما تنفكُّ أوردتي
تغازلُ الهمَّ والأوهامَ والتعبا


لا تصلبيني على جرحِ الهوى ثَمِلا
فأقتلُ الحبَّ ما في جرحهُ صَلبا


وقرِّبيني إلى نهدِ الحياةِ فما
أزالُ أُبعدُ عني نهدَها كَذِبا


وحاذري أن أرى عينيْ تُكذِّبُني
أو أنْ أرى وجهَ من أحببتُ مكتئِبا



13-4-1999






مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 4 ( الأعضاء 0 والزوار 4)
 

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: الشاعر محمد الحسن منجد/ حياته / شعره
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الجامع في العروض والقوافي - أبو الحسن أحمد بن محمد العروضي د. عبد الفتاح أفكوح منبر رواق الكُتب. 0 05-28-2014 12:23 AM
ديوان تقي الدين السَّروجي .. ما تبقى من شعره وموشحاته - نبيل محمد رشاد د. عبد الفتاح أفكوح منبر رواق الكُتب. 0 05-25-2014 10:21 PM
الطُّغرائي .. حياته .. شعره .. لاميته - علي جواد الطاهر د. عبد الفتاح أفكوح منبر رواق الكُتب. 0 05-17-2014 05:52 PM
|| الشاعر فهد العسكر حياته وشعره || ساره الودعاني منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 4 07-19-2011 05:59 AM
ملحمة الدموع - الشاعر محمد الحسن منجد عبد السلام بركات زريق منبر ديوان العرب 5 10-16-2010 05:21 PM

الساعة الآن 07:51 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.