احصائيات

الردود
7

المشاهدات
2818
 
طارق أحمد
شاعر و قاص و ناقد سوداني

اوسمتي


طارق أحمد is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
261

+التقييم
0.05

تاريخ التسجيل
Dec 2010

الاقامة
الســـــــــــــــــــودان

رقم العضوية
9559
12-24-2018, 02:25 PM
المشاركة 1
12-24-2018, 02:25 PM
المشاركة 1
افتراضي أدب الأديب


أدب الأديب


بقلم : طارق أحمد عبد الله – ودمدني

لا شك أن طريق الأدب شاق، ممعنٌ في عنت البحث و تدقيق النظر، و إجهاد الزهن .وبعد: فهو الطريق لمن أراد بقاء الذكر في الحياةِ الدنيا.
السالك لهذا الطريق يتطلب منه أن يكون وافر الجلد علي القراءة و الإطلاع ، و تتبع تجارب الأخرين ، و البحث عن الكيفية التي تمَّ بها ميلاد تلك الأعمال الناضجة . و لعل الذي دعاني للكتابة في هذا المقال : هو تصرف الدكتور (طه حسين) في كلماتهِ ، حيث أنه يضع الكلمة في موضعها الذي يكسبها رونقاً وجمالاً حتي يخيل للقارئى أنها لا تكون إلا في مثل هذا الموضع . و الدكتور (طه حسين) غنيٌ عن التعريف : فهو لم يولد عميداً للأدب العربي؛ بل نشأ نشأةً أدبية كسائر الأدباء ، و لكنه نابغة زمانهِ ؛ فقد إستقي من المعين القديم للأدب ، و شرب منه حتي الثمالة . و أكثر ما تأثر بهِ و أتي واضحاً في أدبهِ هو القرآن الكريم ، ذلك المعين الذي لا ينضب ، حيث أنك تجده كلما تهيأت له المناسبة للإقتباس من القرآن أو من معانيهِ لا يدعها بل يتصرف فيها خير تصرف .
إذن لا بد لسالك طريق الأدب من الإجتهاد ، و البحث المضنى في تجارب الغير. و مع هذا – أيضاً - لا بد له من أستاذٍ يتلقي عنه ليزلل له الصعاب . و لنا في أديبنا (طه حسين) خير مثالٍ .. فهو قد تلقي علمه علي يدي أستاذين جليلين كما يقول في فصلٍ من فصول كتابهِ القيم : (نقد و إصلاح) . حيث يقول : (أما أنا فقد سجلت غير مرة و أسجل الآن أني مدينٌ بحياتي العقلية لهذين الأستاذين : سيد علي المرصفي الذي كنت أسمع دروسه في وجه النهار، و كارلو نالينو الذي كنت أسمع دروسه آخر النهار) . و لا يكتفي الدكتور بالثناء علي هذين الأستاذين العظيمين فحسب،بل يذكر ماذا تلقي عنهما أيضاً،فهو يقول : ( أحدهما علمني كيف أقرأ النص العربي القديم و كيف أفهمه وكيف أتمثله في نفسي ، وكيف أحاول محاكاته ، و علمني أحدهما الآخر كيف أستنبط الحقائق من ذلك النص و كيف ألائم بينهما و كيف أصوغها آخر الأمر علماً يقرأه الناس فيفهمونه و يجدون فيه شيئاً ذا بال . )
ما ذكرناه يختص بتلقي الأدب ، لنتحدث إذن عن الأدب الذي ينشئه الأديب : الأدب أجناس متعددة ، و يمكن للأديب أن يتناول جنساً أدبياً بعينهِ لكنه في هذه الحال سوف يقيد نفسهِ فلا يتسع أدبه للأجناس الأخرى . فالأدب ما هو إلا بحث عن حياةٍ أفضل ، أو اتجاه أفضل ، فهو إذن تغير للأفضل . و الدكتور(طه حسين) لم يكن من أنصار التخصص : ذلك أنه أبحر في كل ما أتيح له من مجالات الفكر ، و أبدع فيها ؛ حتى مجال العقيدةِ شارك فيه خير مشاركة ، و أنت حينما تقرأ الفصول الأخيرة من كتابهِ : (نقد و إصلاح) ، تجده عالماً من علماء الدين و ليس (طه حسين) الذي قرأت له من قبل . بل و تلمس عليه روحاً من روح الأنبياء في بساطة خلقهِ ؛ ذلك الخلق الذي تجلي في إفتائهِ بمسألة الاجتهاد . حيث يقول في أحد فصول الكتاب : (إذا كان شيوخنا الأجلاء يأبون علي أنفسهم الاجتهاد و يكتفون بتقليد واحد من الأئمة الأربعةِ خوفاً من الزلل ، و إشفاقاً من الخطأ و إيثاراً للعافيةِ ، فذلك حقهم لا ينازعهم فيه أحد و لكنه لا يبيح لهم أن يأخذوا الناس بأن يكونوا مقلدين مثلهم ، هم أحرار في التقليد و غيرهم حرٌّ في الاجتهاد ، و الله غالبٌ علي أمرهم جميعاً ، سيسأل المقلدين عن تقلديهم و سيسأل المجتهدين عن اجتهادهم و سيجزي كلاً منهم بعملهِ..).
في الكلمات السابقة يتحدث الدكتور(طه حسين) إلي شيوخ الأزهر و علمائه و يجادلهم في مسالة الاجتهاد في الدين ، و أنها من حق كلِّ مسلمٍ و ليست حكراً عليهم . و قد رأينا براعة الدكتور في سياق هذه المجادلة . و لمن أراد أن يلمس تلك البراعةِ و يستشعرها الرجوع إليها بكاملها في كتاب : (نقد و إصلاح).
الذي أود قوله في نهاية الأمر: هو أن طريق الأدب جديرٌ بالبحث و التنقيب ، و جديرٌ بأن يسلكه البشر الأخيار ليستشعروا محاسن الحياةِ و مباهجها و يصوغوها لنا علماً ننتفع به و يسعدنا ، و يكون زاداً لنا في مسيرةِ الحياة . و كما قال أديبنا (أحمد حسن الزيات) : ( يا قومنا إذا كان من إعداد الجيش للمعركة أن تكون له موسيقي فإن من إعداد الشعب للحياة أن يكون له أدب ) .


أحمل قطراتٍ من ماء .. أجوب بها الصحراء ..
لا بيت يظلني و لا نماء .. و أظل في شوقٍ و شقاء ..
أظل في شوقٍ للماء .. و أظل من نفاده في شقاء ..
قديم 03-03-2019, 01:36 PM
المشاركة 2
حسام الدين بهي الدين ريشو
مشرف منبر بـــوح المشـاعـر

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
أحسنت
أحسن الادب اليك
على ماقدمت
مع تحياتي

قديم 03-04-2019, 09:11 AM
المشاركة 3
ماجد جابر
مشرف منابر علوم اللغة العربية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي


أدب الأديب


بقلم : طارق أحمد عبد الله – ودمدني

لا شك أن طريق الأدب شاق، ممعنٌ في عنت البحث و تدقيق النظر، و إجهاد الزهن .وبعد: فهو الطريق لمن أراد بقاء الذكر في الحياةِ الدنيا.
السالك لهذا الطريق يتطلب منه أن يكون وافر الجلد علي القراءة و الإطلاع ، و تتبع تجارب الأخرين ، و البحث عن الكيفية التي تمَّ بها ميلاد تلك الأعمال الناضجة . و لعل الذي دعاني للكتابة في هذا المقال : هو تصرف الدكتور (طه حسين) في كلماتهِ ، حيث أنه يضع الكلمة في موضعها الذي يكسبها رونقاً وجمالاً حتي يخيل للقارئى أنها لا تكون إلا في مثل هذا الموضع . و الدكتور (طه حسين) غنيٌ عن التعريف : فهو لم يولد عميداً للأدب العربي؛ بل نشأ نشأةً أدبية كسائر الأدباء ، و لكنه نابغة زمانهِ ؛ فقد إستقي من المعين القديم للأدب ، و شرب منه حتي الثمالة . و أكثر ما تأثر بهِ و أتي واضحاً في أدبهِ هو القرآن الكريم ، ذلك المعين الذي لا ينضب ، حيث أنك تجده كلما تهيأت له المناسبة للإقتباس من القرآن أو من معانيهِ لا يدعها بل يتصرف فيها خير تصرف .
إذن لا بد لسالك طريق الأدب من الإجتهاد ، و البحث المضنى في تجارب الغير. و مع هذا – أيضاً - لا بد له من أستاذٍ يتلقي عنه ليزلل له الصعاب . و لنا في أديبنا (طه حسين) خير مثالٍ .. فهو قد تلقي علمه علي يدي أستاذين جليلين كما يقول في فصلٍ من فصول كتابهِ القيم : (نقد و إصلاح) . حيث يقول : (أما أنا فقد سجلت غير مرة و أسجل الآن أني مدينٌ بحياتي العقلية لهذين الأستاذين : سيد علي المرصفي الذي كنت أسمع دروسه في وجه النهار، و كارلو نالينو الذي كنت أسمع دروسه آخر النهار) . و لا يكتفي الدكتور بالثناء علي هذين الأستاذين العظيمين فحسب،بل يذكر ماذا تلقي عنهما أيضاً،فهو يقول : ( أحدهما علمني كيف أقرأ النص العربي القديم و كيف أفهمه وكيف أتمثله في نفسي ، وكيف أحاول محاكاته ، و علمني أحدهما الآخر كيف أستنبط الحقائق من ذلك النص و كيف ألائم بينهما و كيف أصوغها آخر الأمر علماً يقرأه الناس فيفهمونه و يجدون فيه شيئاً ذا بال . )
ما ذكرناه يختص بتلقي الأدب ، لنتحدث إذن عن الأدب الذي ينشئه الأديب : الأدب أجناس متعددة ، و يمكن للأديب أن يتناول جنساً أدبياً بعينهِ لكنه في هذه الحال سوف يقيد نفسهِ فلا يتسع أدبه للأجناس الأخرى . فالأدب ما هو إلا بحث عن حياةٍ أفضل ، أو اتجاه أفضل ، فهو إذن تغير للأفضل . و الدكتور(طه حسين) لم يكن من أنصار التخصص : ذلك أنه أبحر في كل ما أتيح له من مجالات الفكر ، و أبدع فيها ؛ حتى مجال العقيدةِ شارك فيه خير مشاركة ، و أنت حينما تقرأ الفصول الأخيرة من كتابهِ : (نقد و إصلاح) ، تجده عالماً من علماء الدين و ليس (طه حسين) الذي قرأت له من قبل . بل و تلمس عليه روحاً من روح الأنبياء في بساطة خلقهِ ؛ ذلك الخلق الذي تجلي في إفتائهِ بمسألة الاجتهاد . حيث يقول في أحد فصول الكتاب : (إذا كان شيوخنا الأجلاء يأبون علي أنفسهم الاجتهاد و يكتفون بتقليد واحد من الأئمة الأربعةِ خوفاً من الزلل ، و إشفاقاً من الخطأ و إيثاراً للعافيةِ ، فذلك حقهم لا ينازعهم فيه أحد و لكنه لا يبيح لهم أن يأخذوا الناس بأن يكونوا مقلدين مثلهم ، هم أحرار في التقليد و غيرهم حرٌّ في الاجتهاد ، و الله غالبٌ علي أمرهم جميعاً ، سيسأل المقلدين عن تقلديهم و سيسأل المجتهدين عن اجتهادهم و سيجزي كلاً منهم بعملهِ..).
في الكلمات السابقة يتحدث الدكتور(طه حسين) إلي شيوخ الأزهر و علمائه و يجادلهم في مسالة الاجتهاد في الدين ، و أنها من حق كلِّ مسلمٍ و ليست حكراً عليهم . و قد رأينا براعة الدكتور في سياق هذه المجادلة . و لمن أراد أن يلمس تلك البراعةِ و يستشعرها الرجوع إليها بكاملها في كتاب : (نقد و إصلاح).
الذي أود قوله في نهاية الأمر: هو أن طريق الأدب جديرٌ بالبحث و التنقيب ، و جديرٌ بأن يسلكه البشر الأخيار ليستشعروا محاسن الحياةِ و مباهجها و يصوغوها لنا علماً ننتفع به و يسعدنا ، و يكون زاداً لنا في مسيرةِ الحياة . و كما قال أديبنا (أحمد حسن الزيات) : ( يا قومنا إذا كان من إعداد الجيش للمعركة أن تكون له موسيقي فإن من إعداد الشعب للحياة أن يكون له أدب ) .

أشكر لك أستاذنا الأديب طارق أحمد موضوعك المفيد وأهلا وسهلا بك وبقلمك الجميل في منتديات منابر ثقافية.

قديم 05-09-2019, 06:23 PM
المشاركة 4
ممدوح الرفاعي
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي رد: أدب الأديب
لاأدري ما أقول من جمال ماقرأت ! فعلاً أحسنت بقلمك المتألق.

قديم 05-16-2019, 12:09 PM
المشاركة 5
هنوف السلطان
كاتبة وناقدة أدبية
  • غير موجود
افتراضي رد: أدب الأديب
دراسة وافية أستاذ طارق تشكر كثيراً عليها فقيمتها الثقافية عالية.

عذرا لا أستقبل الرسائل الخاصة
قديم 05-18-2019, 10:54 PM
المشاركة 6
إيلي عماد
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي رد: أدب الأديب
سيدي.... دمت مثقفا عربيا أصيلا

النص الأدبي ....مصنعه عقل الأديب

وملعبه عقل المتلقي ... ومابينهما يكمن الناقد..

قديم 05-19-2019, 01:46 PM
المشاركة 7
سرالختم ميرغنى
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي رد: أدب الأديب
مقال جيد أخانا طارق . صحيح أن طه حسين له أسلوب مميز ذو صبغة خاصة . وهنا أتذكر ما كان يصفه به عادةً أديبنا العالمى "الطيب صالح" (يقول عميد الأدب العربى بأسلوبه الذى يغيظك ...) !
.. وأنا أضيف للدكتور طه حسين عالما وأديبا كبيرا هو د. أحمد زكى - رئيس تحرير مجلة العربى سابقا - ففى القراءة له متعة شيقة بمزجه العلوم بالأدب مزجا لطيفا . ونستزيد ما استطعنا بالقراءة لأدباء أجلاء آخرين يضيق المقام عن ذكرهم هنا .. فهم لعقولنا وأرواحنا كالفيتامينات لأجسادنا كلٌ له نفعه الفريد .

قديم 05-22-2019, 05:46 PM
المشاركة 8
بتول الدخيل
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي رد: أدب الأديب
أشكرك أستاذي على هذا الدرس الجميل
تعلمت منك الكثير في هذا الموقع أستاذ طارق

تدري وش صاب الخفوق!!..فيه بعض آثار شوق..وبه جروح وبه حروق..وبه سوالف لو تروق!!.وبه نزيف بالحنايا ..من فراقك .. يا هوى قلبي الصدوق


مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: أدب الأديب
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الأديب عبد الفتاح كيليطو ومؤلفاته ياسر حباب منبر رواق الكُتب. 2 01-14-2020 11:57 AM
أدب الأديب طارق أحمد منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 2 01-07-2019 10:01 AM
الأديب الإنجليزي وليم سومرست موم عبدالله باسودان منبر الآداب العالمية. 7 03-07-2013 12:37 PM
لماذا الموهبة في صناعة الأديب وليس الموهبة في خلق الأديب ؟ إلهام مصباح منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 5 11-08-2011 12:25 AM

الساعة الآن 06:21 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.