قديم 02-17-2012, 06:27 PM
المشاركة 261
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • موجود
افتراضي

تعتبر مرحلة السبعينيات من اهم مراحل حياة غائب طعمة فرمان بموسكو حيث بدأ فجأة وبدون سابق انذار بكتابة روايته " النخلة والجيران". حدث ذلك بعد ان اجريت له عملية استصال الرئة المصابة بالتدرن. وخرج من المستشفى بروح جديدة اذ كان غالبا ما يتذكر والدته واخيه علي واشتد حنينه الى الوطن الذي لم يستطع الرجوع عليه بسبب الظروف السياسية. ولدى كتابة الرواية كان يلح ايامذاك في توجيه الاسئلة على العراقيين المحيطين به حول القضايا المتعلقة بالحياة في بغداد وازقتها ومحلاتها. وكان لصدورها صدى كبير في الاوساط الادبية العراقية والعربية. لأنها اعلنت عن مولد روائي عراقي من المستوى الرفيع. وتعتبر هذه الرواية بحق اول رواية عراقية صميمية ذات بنية ادبية متينة ورسم دقيق للشخصيات وسلوكياتها.واعقبت هذه الرواية الاعمال الروائية الاخرى . اعتمد الكاتب نهج تصوير واقع المجتمع العراقي على حقيقته وكتب بهذا الصدد يقول:" اذكر انني سألت ذات مرة احد القصاصين المصريين الكبار : لماذا لم تعد تكتب يافلان؟ فأدجابني مندهشا : الله .. كيف اكتب عن الفاقة والجهل والحياة البائسة ، كما كنت في الماضي بينما أرى حكومتي الآن تكافح ضده. ذلك سيكون طعنة في صدر حكومتي".ويومها (في عام 1956) جادلته قائلا : "لو اخذ بنظريتك ادباء العالم ، لمحي نصف الادب العالمي". وكتب د.عبدالعظيم انيس عن قصص غائب طعمة فرمان يقول " ان قراءتي لقصص غائب طعمة فرمان مع حوراها العامي قد زادتني فهما للمجمتع العراقي ومستقبله".
مكتبة خالد

==

روايـــــة «النخلــــة والجيــــران» إلــــى التلفزيـــــون






أعلن الكاتب العراقي علي حسين عن تحويل رواية الكاتب غائب طعمةفرمان «النخلة والجيران» الى عمل درامي من ثلاثين حلقة. وأشار الى إن الفنان ساميعبدالحميد سيؤدي دور البطولة في المسلسل الى جانـــب مجموعة من أبرز الممثلينالعراقيين. يذكر أن «النخلة والجيران» قدمتها «فرقة المسرح الفني الحديث» أواخرستينات القرن الماضي، ولعب الأدوار الرئيسة فيها الفنانون يوسف العاني وساميعبدالحميد وخليل شوقي وناهدة الرماح.

وكانت صدرت هذه الرواية منتصف ستينــيات القرن العشرين، وكانت العمل الكبيـر الذي اطلق اسم فرمان في عالم الرواية في العراق. وهي تتناول طرفاً من الحياة في حي شعبي من أحياء بغداد هو الحي ذاته الذي ولد فيه الكاتب وترعرع وعاش حياته الاولى، رابطاً الأحداث فيها بالوضع الاجتماعي والسياسي القائم آنذاك.
والجدير بالذكر ان مؤسسة المدى للثقافة والفنون قد عرضتها في احدى نهاراتها في شارع المتنبي احتفائا بالكاتب غائب طعمه فرمان على شكل مسرحية في فضاء مفتوح وسط جمهرة من المثقفين العراقيين.

قديم 02-17-2012, 06:28 PM
المشاركة 262
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • موجود
افتراضي
غائب طعمه فرمان
بدأ غائب طعمه فرمان سيرتهُ الأدبية بقرض الشعر في مرحلة المتوسطة , فقد تعرف بتلك الفترة بكل من "بدر شاكر السياب وعبد الوهاب البياتي" وفي عام 1947 تعرف بالشاعر الكبير محمد مهدي الجواهري , وهو مازال في الصف الرابع الثانوي .
لقد كان ذو عقل مبدع وخلاق , يزخر دائماً بالأفكار والتطورات الجديدة المبتكرة ذو الحدًس والبصيرة النفاذة, حيث التصورات من الواقع ثم أعاد صياغتها في أعماله الأدبية ضمن وعي حرفي كامل وفن راسخ , إذ تكون انعكاساً لأحداث بدأت منذ الطفولة ومضى عليها عشرات السنين أو أقل أو أكثر , لقد كان هو الوطن بكل ناسه من المسحوقين الذين عربد الزمن بمصائرهم ومقدراتهم وأحلامهم الصغيرة وأنماط حياتهم الصغيرة الرتيبة , فقد صدرت مجموعته القصصية الأولى " حصيد الرحى" سنة 1954 , حيث كانت مرحلة خصبة في تناول الحياة الاجتماعية , في أعمال الكتاًب والشعراء والفنانين , وكانت الحركات السياسية آنذاك قد استقطبت أبرز مبدعي تلك الحقبة , "عبد الملك نوري ومجموعتهُ (نشيد الأرض) وخالد الرحال وبدر شاكر السياب وعبد الرزاق الشيخ علي وعبد الوهاب البياتي وعبد الرزاق عبد الواحد وناظم توفيق وسعدي يوسف ورشيد ياسين وكاظم جواد وزهير القيسي ويوسف العاني وكاظم السماوي ورشدي العامل والفريد سمعان وغيرهم , ومن نقاد تلك الفترة صلاح خالص وجبرا إبراهيم جبرا ونهاد التكرلي ومجيد الونداوي وعلي جواد الطاهر.
لقد كان للرأي النقدي تأثير على كتاب الرواية في تلك الفترة ويؤكد الراحل غائب طعمه فرمان بهذا : ( إن للرأي النقدي تأثير علي ً, وأنا لا أسخر من الآراء النقدية , لكني عندما أكتب رواية لا أفكر برد فعل الجماعات والأحزاب والنقاد , المهم عندي أن أكون صادقاً ) .
يذكر الأستاذ جلال الماشطه في مقالتهِ ( النخلة المرتجاة والمخاض المؤجل) إن : ( غائب فرمان جعل النخلة رمزاً للوطن وللذات في آن , وعاين في رشاقة الحبلى في موسم الخير وبشاعة العذوق الذاوية عندما تدب إلى أصلها عقارب تضيف إلى سقائها سماً أو حينما ينقطع حبل السرًة) , وقد عشق غائب عبارة التوحيدي في حياته وكان يرددها مع بعض أغاني الموسيقار محمد عبد الوهاب: (( إنى للغريب لا سبيل لهُ إلا الأوطان, ولا طاقة به على الأوطان ),لكن التساق غائب بالسياسة فقد كوفيء من قبل الحكومات العراقية المتعاقبة على إسقاط الجنسية العراقية مرتين , فضلً غائب مشدود للوطن, وقد عشق اللهجة العامية العراقية كلغة في قصصه ومنها( النخلة والجيران ) عن قناعة , وهذا ما استخدمهٌ في عملهُ في دار التقدم بموسكو عندما كان يترجم القصص والكتب الأدبية , فقد منح وسام الشرف لقاء ترجماته التي كان يعتز بها ومنها ( بطرس الأول) لألكسي تولستوي.
فقد رأى غائب فرمان هنالك قاسم مشترك بين روسيا القيصرية وعراق صدام مع فارق بسيط هو إن الدكتاتورية في زمن الطاغية حققت ( قفزه حضارية إلى الوراء) . وقد ظلت مؤلفات غائب عراقية رغم إنهُ استند إلى أرضية مركبة جمعت بين التراث العربي والأدب العالمي , فقد كان نهماً في قراءاته.
عمل غائب فرمان منذ بداية الخمسينات من القرن الماضي في الصحافة الأدبية بشكل خاص , وأصبح محرراً أدبياً بارزاً في صحيفة الأهالي للحزب الوطني الديمقراطي , يصفهُ الأدباء والصحفيين بالإنسان الهاديء المتواضع بالفطرة والبعيد عن كل نزعة مشاكسة , وقد كان حتى أيامهُ الأخيرة ينظر إلى العالم بعيني طفل بريء , كان لا يطيق الرياء ولا يحبه , لا لنفسه و لا للآخرين , ميالاً للصمت , حتى عدم الاكتراث لما يدور حوله , فقد كان متميزاً في مجموعته الثانية (مولود آخر) التي صدرت عام1959 , ثم كتب سبع روايات بعد مجموعتيه القصصيتين, ثم قصة" آلام السيد معروف" عام1982 , وقد وضع الحد الفاصل بين الرواية اللارؤية في روايتهُ (النخلة والجيران) عام1966 حيث أرسى اللبنة المتحدية الأولى في صرحها.
إلا إننا لو استرجعنا ماضي غائب طعمه فرمان منذ منتصف الأربعينات , كان غائب أحد الشباب الديمقراطيين الطامحين إلى التغيير في العراق , لأنهُ نشأ في أسره فقيرة أصيب في وقت مبكر من حياته بالسل الرئوي , وأرسل بطريقة من الطرق إلى مصر للاستشفاء ولمواصلة الدراسة , وقد تسنى لهُ الاتصال بالوسط الأدبي المصري وقتذاك, قارئاً وكاتباً , لكنهُ اكتسب النفي السياسي منذ الخمسينات بسبب دافعهٌ السياسي اليساري للتغيير , فقد ساهم في إعداد كتاب ( من أعماق السجون في العراق) وهو كتاب يتحدث عما كان يجري في السجون العراقية آنذاك, كما أن نشاطهُ قبل ثورة تموز 1958 فقد أصدر كتاباً بعنوان ( الحكم الأسود في العراق) وهو كتاب مكرس لوضع الحكم الملكي في العراق , ثم عاد بعد ثورة تموز1958إلى العراق حيث شغل قبل قيام الثورة مترجماً في موسكو والصين , ثم عاد للعمل مترجماً في موسكو بعد تحول العراق إلى تجارب إرهابية من كل صنف ولون ضد الديمقراطيين عام1963 والانقلاب الأسود ,انضم غائب لحركة الدفاع عن الشعب العراقي وهو في الصفوف الأمامية للحركة مطالبه بالحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان .
صدرت لهُ رواية( خمس أصوات) عام 1967 , فقد كرسها لأجواء بغداد للنصف الأول من الخمسينات ودور المثقفين ومكانتهم في الحياة العامة , ثم صدرت رواية ( المخاض) عام1974 وتعقبها ( القربان) عام1975 , ويذكر الدكتور أحمد النعمان في كتابه( غائب طعمة فرمان, أدب المنفى والحنين إلى الوطن) ص81 : ( أراد المنتج كمال العاني أن يحول رواية ( خمسة أصوات ) إلى فلم وذلك بعد النجاح الباهر الذي لعبتهُ ( النخلة والجيران) في وقتها ... وإن يوسف جرجيس هو الذي أخذ على عاتقه إخراج فلم خمسة أصوات ... ولكن المحاولة باءت بالفشل " ثم يعقب د. أحمد نعمان" وهنا شعرت الحكومة العراقية بنقطة الضعف , عدم وجود الأموال الكافية للعرض والضرائب الباهظة , فبدأت تلعب ورقة المساومة ... وبدأت تتبجح بهذا السبب وذاك! وتماطل " لغاية في نفس يعقوب" كما يقال ,أما وزارة الاعلام فقد اعترضت على المخرج - السينارست – الذي أراد إدخال وثبة 1948 كتذكير للناس بأن أحداث ( خمسة أصوات) تمتد جذورها إلى الوثبة , هنا بيت القصيد , ... الوزارة طالبت ( بالمقايضة) فجراء إبقاء الوثبة في الفيلم اشترطت الوزارة أن تعلوا المتظاهرين( متظاهري الوثبة) لافته كبيرة مكتوب عليها ( حزب البعث العربي الاشتراكي) لإثبات انهُ كان يقود الوثبة أو هو متواجد فيها بشكل بارز , إلا إن يوسف جرجيس برهن للوزارة بأن حزب البعث تأسس بعد الوثبة , وهنا استشاطت الوزارة غضباً وأصرت على موقفها , ورفض يوسف جرجيس العمل ) .
لقد كانت ميزة كتابات غائب طعمه فرمان لأحداث التأريخ اليومية الحياتية للناس البسطاء وعلاقاتهم وأفعالهم ودوافعهم وهذه ما تؤكده روايتهُ ( القربان) حين يموت فجأه ملاًك ميسور الحال نسبياً ( صاحب قهوه) ويترك وراءهُ قاصراً هي فتاة صغيرة ؟ وفي ( ظلال على النافذه) حينما تتمرد كنًة شيخ من أهالي بغداد وتهرب من منزل العائلة إلى غير رجعة , فهذه العلاقات بين الأفراد والفئات والطبقات ترتبط بالأفراد وتظهر كأفراد, فالحوار الروائي تلتصق بالأفراد أو تجسد خصائص وسمات وسلوكية الأفراد أنفسهم وأفكارهم , قيمهم ونواياهم , ويؤكد الفنان التشكيلي محمود صبري إن غائب طعمه فرمان طلب منهُ قبل صدور رواية ( خمسة أصوات) برسم غلاف الرواية إلا انهُ : ( أصبحت بعد نشرها إحدى أهم رواياته , غير إن بقي عالقاً في ذهني هو فقرة الإهداء التي يفتتح بها الكتاب , " إلى أصدقائي في صراعهم مع أنفسهم ومع الآخرين" . فهي تلخص حقاً الديالكتيك الأساس لعلاقة الاإنسان مع عالمه الاجتماعي ) .
كانت حياة غائب تمور بالعطاء ومسكونة بذات النبع الصافي الذي التصق وارتوى منه على الدوام ولكن كان الوطن لا يغيب عن رواياته بأناسهُ ومسحوقيه, ويصفهُ المفكر الراحل هادي العلوي بمقالته " قلت لك لا تمت" : ( غايب كتب الفصل المفقود من تاريخ الأدب في العراق . حدث هذا دون ضجيج , لأن غائب لا يحب الطبول وينفرد من ضوضاء المجالس ولم يكن يعنيه أن يكرًم أو يقيًم ما دام جمهوره الذي يصونهُ من ضجيج الإعلام الثقافي والثقافة الإعلامية ويغنيهً عن الأوسمة والجوائز , كانت جائزتهُ أن يكتب رواية يقرأها الناس , وهمهُ الوحيد أن يتواصل مع جمهورهُ , فجمهورهُ هو جائزتهُ ووسامه! ).
بقيت روايات غائب فرمان العراقية رغم أن مؤلفها عاش في المنفى ثلاثين عاماً , فقد استندت هذه الروايات إلى أرضيه مركبه جمعت بين التراث العراقي والعربي , فقد كان همهُ بتحقيق مشروع روائي لتدوين تأريخ العراق , لكنهُ أراد أن يدون انقلاب شباط 1963 ويعتبرها عودة محاكم التفتيش في أوربا القرون الوسطى وهي مشابهه لها التي وقعت على رؤوس العراقيين والكارثة العظمى , إلا إن المرض داهمهُ ولم يتمكن من تحقيق ذلك.
أما رواية المخاض فهي تتحدث عن شخص مغترب أراد أن يعود إلى وطنه فبعث إلى أهله رسالة لكي يكونوا في استقباله في المطار,ولما وصل لم يجد أحداً في استقباله , تمثل هذه الرواية المنفي والفجوع من أهل العراق بوطنه وأهله وهي تمثل عودة غائب فرمان بداية السبعينات وخلال بحثه عن أهله وضعف الأمل في استقرار العراق وفترة حكم عبد الكريم قاسم وما بعدها ورافقتها للمغترب عن الوطن والشيء المؤلم هو أن يحس المغترب بالغربة في وطنه.
كانت شخصيات غائب فرمان في الرواية أغلبها إيجابية عدا رواية ( المرتجى والمؤجل) سلبيون , وذلك لأن المنفى سلبي والسلبي لا يمكن أن يولد إلا سلبياً آخر , فيعتبر البطل الايجابي حسب المدرسة الواقعية الاشتراكية ورائدها الفكري مكسيم غوركي ونجد أسطورة البطل الايجابي والبطل الثوري والطليعي من المصطلحات السياسية البحتة , ولتأكيد ذلك إن جميع من قرأ رواية ( الجريمة والعقاب ) لدستوفسكي كانوا متعاطفين مع البطل راسكوليكوف الذي قتل العجوز المرابية , وهذا يدلل على إن كل القراء المتعاطفين معهُ سلبيون لأنهم مع القاتل وضد القتيلة , وفي (آنا كارنينا )لتولستوي الذي وقع آنا تحت عجلة القطار هكذا فعل ,وانتحار زنوبة في ( القربان) عملاً سلبياً ؟
ونعود لأبطال ( المرتجى والمؤجل) فهل هم سلبيون حقاً ؟ نلاحظ صالح جميل المدمن على الكحول , رغم ثقافته الموسوعية لم يستطع إنهاء معهد واحد من المعاهد الستة التي درس فيها في خمس دول من دول العالم , فهل يمكن اعتبارهُ إيجابي , أما في كل الروايات هو من الخطأ تعطيل المواهب الكثيرة والتقسيم الطبقي الذي يخلق بطل إيجابي وبطل سلبي في الواقع الاجتماعي, فرواية ( المرتجى والمؤجل) هي الرواية الوحيدة التي عكست المنفى والازدواجية التي عاشها فرمان كونهُ عاش في المنفى وهو يرنوا للوطن ومفارقتهُ للمكان والبيئة المحلية , إذ كتب أغلب رواياته خارج الوطن والمكان, ومن هنا بدأ بافتراق المكان الذي استهلك الذاكرة فيها , ولكن برواية ( المخاض) يضيع المكان ليجد كريم الداوود بعد خمس أصوات إن بيتهم قد اختفى ومحلتهُ القديمة ولكن استحضار المكان ينشط الفعل والمخيلة والذاكرة , فالذاكرة الفعلية كالشكل المخروطي يشبههًا برجسون , إذ تنهض لملاقاة الطرف المدبب والحاضر يوجه النداء ليستجيب للذكريات , ويؤكد الناقد زهير الجزائري بمقالتهُ ( ذاكرة المكان عن غائب طعمه فرمان) المنشورة في مجلة البديل العدد 17 لسنة1991 إن : ( غائب يستخدم المخروط بالمقلوب في رواياته .. فرغم إنهُ يغلًب الفعل والحركة على المنلًوج الداخلي في رواياته إلا إن الفعل عنده وسيلة وليس غاية , والهدف هو تنشيط الذاكره), فيندمج المكان مع الحركة والفعل الصالح المكان وأحياناً تسبق الذاكرة عين التحرك ولكن التجربة لغائب خير لقاء بين المكان والزمان وهذه تقاليد القصة الواقعية, ولكن تناول المكان في المنفى ( المرتجى والمؤجل) أماكن افتراضية فيها قيمة الرمز بسبب انفصال غائب عن بيئتهُ التي كان يتجول فيها من أماكن شعبية وأزقة وأحاديث ساكنيها , فغائب يتمتع بذاكرة أدبية وجدانية لكن المنفى والاغتراب عن البيئة قد فقد المثقف رأسهُ والغربة مخالب تنبش الذكريات وتثير الشجون , ذكريات العراق البعيد القريب , لقد عاش غائب أكثر أيام عمرة في المنفى ومات ودفن بعيداً عن الوطن الذي أحبهُ.

قديم 02-17-2012, 06:30 PM
المشاركة 263
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • موجود
افتراضي
غائب طعمة فرمان

من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة

روائي عراقي، ولد في بغداد عام 1927 وتوفي في موسكو في العام 1990.

محتويات



حياته

أصيب غائب طعمة فرمان بالدرن في وقت مبكر، فسافر إلى مصر للعلاج ليكمل دراسته في كلية الآداب، وقد أتاح له وجوده في مصر الاحتكاك المباشر في الواقع الثقافي القاهري فكان يحضر مجالس أشهر الأدباء المصريين، مجلس الزيات ومجلس سلامة موسى ومجلس نجيب محفوظ ظهيرة كل جمعة في مقهى الأوبرا. مارس كتابة الشعر أولا...لكنه أخفق فيه، فعمل منذ منتصف خمسينيات القرن العشرين في الصحافة الأدبية.
  • يلخص غائب طعمة فرمان مراحل حياته الأدبية كالأتي :
1 – مرحلة التراث العربي : الشعر، النثر، الكتب والدواوين الأربعة التي كان ابن خلدون يعدها أصولا وما سواها توابع وفروع : أدب الكاتب، الكامل ، البيان والتبيين، وكتاب النوادر.
2 – حركة الترجمة التي بدأت أثناء الحرب العالمية الثانية الوافدة من مصر أو سوريا تعزف على نغمات من الأدب الفرنسي والإنكليزي والروسي.
3 – الذهاب إلى مصر في فترة أعدها من أنشط ألازمان للحركة الأدبية في هذا البلد.
غائب طعمة فرمان عربيا
حظيت كتابات غائب طعمة فرمان باهتماما وتقديرا عاليين من لدن النقاد والكتاب العرب... فجبرا إبراهيم جبرا يقول عنه (يكاد يكون غائب طعمة فرمان الكاتب العراقي الوحيد الذي يركب أشخاصه وأحداثه في رواياته تركيبا حقيقيا). وقد دافع الدكتور زهير ياسين شليبه عن أطروحة دكتوراه في معهد الاستشراق الروسي عام 1984 مكرسة لنتاجات غائب طعمه فرمان، وقال عن النخلة والجيران (رائعة الأدب العربي الحديث) معتبراً إياها أول عراقية فنية تتوفر فيها مقومات النوع الروائي بمواصفاته الأوروربية الحديثة. صَدرت كتب مكرسة لأعماله مثل كتاب الدكتور زهير ياسين شليبه "غائب طعمه فرمان. دراسه نقديه مقارنه عن الرواية العراقية"، دار الكنوز الأدبية، بيروت 1996 وكتاب الأستاذ أحمد النعمان "غائب طعمه فرمان. أدب المنفى والحنين إلى الوطن".1996، الذي يضم مقالات عدة كتّاب عراقيين معروفين مكرسة للأديب الراحل غائب وذكرياتهم عنه. وقال عنه محمد باروت (كان غائب عراقيا في كل شيء حتى في الرواية التي رآها " برلمان الحياة الحقيقي" إذ كثف في هذه الرواية كل فهمه لطبيعة الرواة ووظيفتها، ففي قاع الحياة الشعبي، وقائعه وأحداثه وعلاقاته وتفاصيله ومشاهده، تنهض رواية غائب وتتكون، وكأنها ترتقي بنثر الحياة اليومي، هذا الذي يبدو معادا ومكرورا وأليفا إلى مستوى الملحمة والتاريخ، أي إلى مستوى الكلية). وقال عبد الرحمن منيف عن غربة غائب (لا أعتقد أن كاتبا عراقيا كتب عنها كما كتب غائب، كتب عنها من الداخل في جميع الفصول وفي كل الأوقات، وربما إذا أردنا أن نعود للتعرف على أواخر الأربعينات والخمسينات لابد أن نعود إلى ما كتبه غائب) وتقول د. يمنى العيد عن رواية المركب (المركب وسيلة عبور وعنوان مرحلة للمدينة التي غادرها غائب ولم يعد إليها، المركب لا تحكي الماضي بل الحاضر المكتظ بالمعاناة التي تدفع راكبيه إلى الالتفات إلى ماضيهم بحسرة). ونشر محمد دكروب ذكرياته مع غائب طعمة فرمان، وكذلك فعل سعد الله ونوس.
الأعمال الروائية والقصصية
- حصاد الرحى ( مجموعة قصص ) 1954
- مولود آخر ( مجموعة قصص ) 1959
- النخلة والجيران ( رواية ) 1966
- خمسة أصوات ( رواية ) 1967
- المخاض ( رواية ) 1973
- القربان ( رواية ) 1975
- ظلال على النافذة ( رواية ) 1979
- آلام السيد معروف ( رواية ) 1980
- المرتجى والمؤجل ( رواية ) 1986
- المركب ( رواية ) 1989
ترجماته
ترجم نحو ثلاثين كتابا ونال جائزة رفيعة على جهده في هذا الجانب ومن ترجماته






خلد أسم غائب طعمة فرمان (1927- 17/8/1990) بما أبدعه وأنتجه، وما تركه عند قرائه ومحبيه من ذكريات وتذكر واستلهام للتاريخ والحنين إلى الوطن من منفاه واعتزازه الواضح بتراث وانتساب ولغة وعلاقات إنسانية تسجل له ولأدبه.
درس عدد من الباحثين والنقاد نتاجه المتنوع والمتعدد المجالات في اطروحات وندوات أكاديمية وأدبية، وتظل الحاجة باستمرار داعية إلى العودة إلى نتاجه الإبداعي والاستزادة منه في قراءة نصه وانعكاساته واقعيا ورؤيته في الواقع العراقي والعربي، روائيا وثقافيا.
ومن بين آخر الاطاريح البارزة عنه، أطروحة الناقدة فاطمة عيسى التي أعدتها في العراق ونشرتها في سلسلة رسائل جامعية ببغداد بعنوان: غائب طعمة فرمان روائيا.
المعروف أن غائب ولد ببغداد عام 1927 في أحد أحيائها الشعبية الفقيرة، من أسرة معدومة كانت تعاني الحرمان وشظف العيش، وأكمل دراسته الابتدائية والثانوية ببغداد وأصيب بمرض السل الرئوي في وقت مبكر، وسافر إلى القاهرة لدراسة اللغة الإنجليزية وآدابها وعاش حياتها الأدبية والثقافية المعروفة، حسب تمهيد الكتاب.
ولخص الكاتب الروائي تجربته هذه بمراحل ثلاث هي: مرحلة التراث العربي، الشعر، النثر، الكتب والدواوين الأربعة التي كان ابن خلدون يعدها أصولا وما سواها توابع وفروع... أدب الكاتب، كتاب الكامل، البيان والتبيين، وكتاب النوادر، وأنا ما أزال ارجع إلى هذا التراث، كلما أحس بضائقة نفسية، وأية متعة في الدنيا تعادل هذه المتعة.
والمرحلة الثانية: حركة الترجمة التي بدأت أثناء الحرب العالمية الثانية الوافدة من مصر وسوريا تعزف على نغمات من الأدب الفرنسي والإنجليزي والروسي.
والمرحلة الثالثة: ذهابي إلى مصر في مدة أعدها من انشط الأزمان للحركة الأدبية في هذا البلد الشقيق، وتصوروا طالبا في السنة الأولى من كلية الآداب في جامعة القاهرة قادما من العراق، يشهد مجلس الزيات في يوم الأربعاء، وفي يوم السبت كنت اشهد مجلس سلامة موسى في جمعية الشباب المسيحيين، وفي ظهيرة كل يوم جمعة كنت اشهد المجلس الطليق الطليعي، مجلس الأدباء الشبان الواعد المبشر بكل خير، مجلس نجيب محفوظ في مقهى الأوبرا.
نقلت الدكتورة فاطمة عيسى عن حوار مع غائب عن موضوع تأثره بالكتاب قوله: نعم أنا أتأثر بما اقرأ وأبحث وأتعايش وأستفيد وأوظف ذلك ضمن اجتهاداتي وأسلوبي والقاسم المشترك الذي أثر في جيلي من الأدباء العرب هم: همنغواي، فوكنر، تولستوي، ديستوفسكي، تورجنيف، وغيرهم. تأثرنا بأساليبهم، وحتى في رسم الشخصيات حسب ما أرادت في أعمالهم وشخصياتهم. وتأثرت بنجيب محفوظ بناحيتي السرد والمعالجة القصصية، ولا زلت مستمرا في قراءة نتاجات الكتاب العرب، كيوسف إدريس، وجبرا إبراهيم جبرا، وحنا مينا وغيرهم. فان جيلنا من الروائيين والقصاصين قد دخل معترك التجريب والتجديد في البناء القصصي والروائي في الخمسينات أيضا.
هذه المقدمة ضرورية للتعريف بالروائي الراحل ومعرفة أساليبه وقدراته ومصادرها الإبداعية وتنوعها وتوزعها وتأثيراتها على نصه وأقرانه والعلاقات الأدبية في زمنه الإبداعي والحياتي من الحركة الأدبية العربية، وفي المنفى حيث عاش ومات


قديم 02-17-2012, 06:32 PM
المشاركة 264
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • موجود
افتراضي
حوار قديم مع الاديب الراحل.....غائب طعمة فرمان



بغداد ـ نهرين نيوز 12/2/2012 منذ نهاية عام 1981 أخذت التقي بكاتبنا العزيز غائب طعمه فرمان باستمرار، وكنت أحاول في هذه اللقاءات "الاصطياد بالماء العكر"كما يقال فاطرح له أسئلة فيها نوع من الاستفزاز رغبة مني في الحصول منه على أجوبة شافيه. وكان من الصعب على أن أحصل على ما في روح هذا الكاتب الصموت لاسيما وأن الأسئلة الموجهة تختلف كثيرا عن أسئلة الصحفيين التي يطرحونها له في المقالات الصحفية الكثيرة جدا. غائب طعمه فرمان يضيق ذرعا من الأحاديث الطويلة، وخاصة الأحاديث التي تتناول أعماله بالذات، ولهذا كنت أعطى لنفسي وقتا قليلا للغاية لتحقيق "مآربي"، واكرس الوقت الأكبر للأحاديث أيضا إن حصلت إجابة على استفسار معين أطرحه على غائب طعمه فرمان "بالاقساط"!!، فكنت أسجل "دفعات"الإجابة وأجمعها لتكون جوابا كاملا يعكس رأي الكاتب فعلا.
قبل فترة قصيرة سجلت بعض هذه الأحاديث مع فرمان، وقررت أن أطلعه على "حصاد" جلساتنا. تركته يقرا الحوار، وعندما رجعت قال لي وهو ينظر إلى بعينين ضاحكين:
- متى كان هذا؟ هل صحيح أنا حدثتك بكل هذه الأمور؟ أنت الظاهر استدرجتني في جلسات السمر.
فقلت له:
- طيب المهم أنا عندى نية نشرها فما هو رأيك؟
- أنا شخصيا لا مانع لدي.
وهكذا قررت نشرها لإطلاع القراء العرب على جوانب من أعمال غائب طعمه فرمان، وسنقوم في مرة أخرى بإعداد مادة أخرى من هذا الطراز.
- أرجو أن تحدثنا عن مطالعتك الأولى
أذكر إني قرأت رواية "في روسيا"أو "في الناس"أو "بين الناس"لمكسيم غوركي. وأنا طبعا لا أذكر بالضبط عناوين هذه الكتب، واعتقد أن مترجمها هو عبد المجيد المويلحي، بل قد يكون اسمه المليجي.كذلك أذكر أني قرأت "أهوال الاستبداد" لالكسى تولستوى، وهي ترجمة لروايته "بطرس الأول".وأنا تأثرت بهذه الكتب، وما زالت انطباعاتي الأولى عنها باقية حتى الآن في ذاكرتي.
- بمناسبة الحديث عن مكسيم غوركي هل لك أن تحدثنا عن تأثيرأعماله عليكم.
اعتقد أن مكسيم غوركي أثر تأثيرا كبيرا عليّ لأسباب ثلاثة:
أولاً أن الكتب التي يقرأها الإنسان في بداية حياته المبكرة تبقى عالقة في الذاكرة، وتصمد الانطباعات المتكونة عنها أمام النسيان. ثانيا:أن مكسيم غوركي طرح عالما جديدا بالنسبة للحياة القديمة التي كنا نألفها. مكسيم غوركي قدم لنا أمثلة نموذجية أخرى من نوع آخر، إضافة إلى عظمته الأسلوبية.أقصد عظمة لغته، وأسلوبه المليء بالتشابية، وتعابيره التي كانت جديدة بالنسبة لنا.كذلك يجب ألا ننسى ذخيرته العميقة، ومعرفته القوية بالحياة، ولهذا يحركك غوركي عندما يتحدث عن شخصية معينة، وتحس بحب كبير لها، وتتعاطف معها، ذلك لأن شخصياته مستمدة من الواقع، يأخذها من المجتمع الذي عرف كل تفصيلاته. غوركي لا يلفق بأعماله وهذا سر نجاحه.
إنه يجمع ماده دقيقة وكبيرة عن المجتمع والناس ويبني على هذه المادة ما يريد أن يقدمه من الشخصيات الاجتماعية في أعماله الأدبية.اعتقد أن التأثير برز من هذا المنطلق.
- لابد أنك أعدت قراءة مكسيم غوركي فما هي الانطباعات الجديدة؟
أعتقد أن مجموعتي الأولى "حصيد الرحى"، تتجسد فيها تأثيرات غوركي، تأثيرات مباشرة من أعمال غوركي..أقصد تأثير غوركي من حيث اختيار الشرائح الاجتماعية والمادة الحياتية.والتأثير واضح من حيث الموضوعات التي تطرقت إليها في قصص هذه المجموعة.حتى أسلوب "حصيد الرحى"في التعبير، والوصف والتشبيهات، فيه الكثير من أسلوب غوركي.. من الممكن ملاحظة تشابيه ومقارنات وعبارات معينه في "حصيد الرحى" تشبه كثيرا مقارنات غوركي. مكسيم غوركي يفرط باستخدام التشابية، ويفرط بالأسلوب، الذي يحاول فيه أن يرتفع إلى مستوى رفيع جدا، مكسيم غوركي متمكن من اللغة الأدبية وأنا الآن أنظر إلى مسألة تأثير مكسيم غوركي بطريقة أخرى، أو بالأحرى من زاوية أخرى.. فأنا الآن – أقصد بعد فترة الشباب المبكرة –أهتم بصنعة غوركي الأدبية الإبداعية، الصنعة بمعناها العربي، أقصد بالصنعة الأستاذية، وفيها نوع من التكلّف والاهتمام والدقة والجديه والحذاقه اللغوية والتشابيه الحياتية التي استنبطها من تجاربه الشخصية الخاصة به، من تجواله في روسيا ومعايشته لأهلها وطبيعتها.
- هناك رأى مفاده أن ثقافة الخمسينات كانت محدودة، وأن تكنيك القصة آنذاك كان ضعيفا. هل يمكن أن تحدثنا عن مدى دقة هذا الرأى باعتبارك واحدا من أبرز كتاب الخمسينات؟
في أوائل الخمسينات، أقصد حتى 1953تقريبا، كانت المعلومات في العراق عن تكنيك القصه بشكل عام والقصة القصيرة بالذات قليلة جدا. وأحب أن أؤكد لك في هذه المناسبة أن سنة واحدة كفترة زمنية كانت تلعب دورا كبيرا في تطور الثقافة والأدب والحياة بشكل عام والقصة بشكل خاص.أقصد أن أعوام ما بعد الـ1953 شهدت تطورات كبيرة في مفاهيمنا الأدبية، وفي الطرق الإبداعية، وأخيرا في تبلور شخصياتنا. فمثلا أن السياب تطور بقفزات كبيرة، فهو يختلف كثيرا عن سياب بداية الخمسينات ومنتصفها. قصيدته "أنشودة المطر" التي كتبها عام 1953، حصل بعد نشرها على شهرة كبيرة، وكانت حالتنا كما لو كنا نتبارى مع بعض. كان يتملكنا شعور الانبهار والدهشة..الانبهار أمام شيء جديد، مثلا "امرأة من روما" اندهشنا بها، لأنها تطرح قضية اجتماعية كبيرة من خلال امرأة مومس.خذ مثلا كتاب "الخبز والنبيذ" للكاتب الإيطالي اينازيو سيلوني، الذي قرأته باللغة الإنكليزية، وهو عمل روائي بطله قس، كنت معجبًا به للغاية، كنت معجبًا بأعمال هذا الكاتب الإيطالي المعادي للفاشيه.
- قرأت في الصفحة الثانية من غلاف مسرحية "موت بائع جوال" للكاتب الأمريكي آرثر ميلر الإعلان التالي:
"فونتمارا: قصة صراع الشعب الإيطالي المرير ضد الفاشية والإرهاب والاستبداد: بقلم اينازى سيلوني – تعريب غائب طعمه فرمان. مقدمه بقلم الدكتور عبد العظيم أنيس". هلا حدثتنا عن "قصة" هذا الإعلان، وعن تأثير هذه الرواية على أعمالك، وبالذات على روايتك الأولى "النخلة والجيران"؟.
فعلا أنا ترجمت رواية "فرنتمارا"إلى العربية، وكان ذلك في عام 1956 في مصر، وأعطيت النسخة المترجمة الأولى والوحيدة لدار "المكتب الدولي للنشر والتوزيع"، الذي نشر الإعلان المذكور، ومن المؤسف حقا أنني فقدت النسخة المترجمة، ولم احتفظ بنسخة أخرى، في الحقيقة لا اذكر كيف فقدتها، وصدرت فيما بعد بترجمة عيسى الناعوري(*)، عن الإيطاليه، بينما أنا ترجمتها عن الإنكليزية. كما سبق وأن ذكرت لك في هذا اللقاء بأني كنت معجبا بأعمال إينازى سيلوني، وتأثرت كثيرا بروايته "فونتمارا"، وقد انعكس هذا التأثير في روايتى الأولى "النخلة والجيران". كتب اينازى سيلوني "فونتمارا" بلغة مليئة بالعبارات الشعبية المحلية. أن أجواء هذه الراية لا تختلف كثيرا عن أجواء رواية "النخلة والجيران"، ما عدا أن الأخيرة كتبت عن أحداث كانت تدور في المدينة وأزقتها، بينما أحداث الأولى مأخوذة من الريف، من قرية إيطالية، أما أنا فقد كتبت عن أحداث دارت في بغداد. واتسمت أعمال اينازى سيلونى بموضوعة العداء للفاشية، وله رواية أخرى غير "فونتمارا"و"الخبز والنبيذ"، لا أذكر عنوانها الآن ولكنها هي ايضاً عن الدكتاتورية.وبالمناسبة أن "فونتمارا"تعتبر من الأعمال الأولى، التي كتبها سيلوني.
أبطال "فونتمارا"بسطاء وأنا أحببتهم وتأثرت بهم، بشكل خاص بشخصية الطالب المزمن، ذلك الإنسان البسيط والطيب ولكنه فاشل، فيه شبه كبير لشخصية حسين بطل "النخلة والجيران" فهوأيضاً طالب مزمن. أنا مازلت حتى الآن أذكر الكثير من تفصيلات مضمون هذه الرواية، وصفات شخصياتها وما عانوه من آلام ومتاعب كثيرة من أجل الحصول على لقمة العيش.أنا لا ارفض تأثير أحد الكتاب على وخاصة إذا كان من أولئك الكتاب الذين أحبهم سواء كانوا من الأجانب، أو من العرب، إلا أني أرفض الآراء التعسفية، التي يطلقها أحيانا بعض النقاد. من ذلك أن أحدهم أخبرني بأن روايتي "ظلال على النافذة"متأثرة "بالصخب والعنف"، فقلت له:أذهلتني برأيك هذا لأنك ذكرت هذا الرأي، عفارم عليك، إلا أنني عندما راجعت نفسي وسألتها:هل من المعقول أن تكون "ظلال على النافذة"الرواية العراقية الصميمة شبيهة بـ"الصخب والعنف"؟.وأخيرا توصلت إلى عدم وجود أوجه شبه بين هاتين الروايتين، لا بالأسلوب ولا بالشخصيات ولا بالأفكار، فـ"ظلال على النافذة" لا تشبه إطلاقا "الصخب والعنف".
أنا قرأت "الصخب والعنف"قبل نقلها إلى العربية، وقرأت كل أعمال فولكنر باللغة الإنكليزية، ولا يعجبني عالمه لأنه ليس قريبا روحيا من شخصيتي، لا أنكر إعجابي بأسلوبه وتكنيكه، ومع ذلك كنت أقرأه على مضض، لمجرد الإطلاع، هذا هو هدفي الوحيد من قرائته.طبعا أنا لا أنفي اللحظات الإنسانية الموجودة في أعمال فولكنر، ولكن أنفي الاستيعاب للجو العام، أنفي معرفته الدقيقة لشخصيات واقعية، حقيقية عاشت في الجنوب. فولكنر ذو أسلوب خاص به، ولهذا يمكن أن نقول: هذا أسلوب فولكنر، وهو واحد من كتاب عديدين قرأت أعمالهم ولم أتأثر بها، لا يعجبني أن أقلد أسلوبهم. قد أكون تأثرت بطريقة فولكنر في بناء الرواية وتكنيكها.
- كيف تنظر إلى الفكرالوجودي؟
في تلك الفترة كان من الصعب الاعتقاد بأن كاتبا عراقيا يكتب عن عوالم الوجودية. كتاب "دروب الحرية" لجان بول سارتر مثلا لم يكن مترجمًا إلى العربية، وأنا قرأته آنذاك بكامل أجزائه الثلاثة باللغة الإنكليزية، وبلا شك أن الكاتب العراقي الموهوب وصديقي فؤاد التكرلي قرأها أيضا، ولكن السؤال الذي فاجأني هو: هل يفكر فؤاد التكرلي بنفس طريقة تفكير سارترو يتأثر به. هذا ما كنت أريد أن أقوله في معرض حديثي عن مجموعة فؤاد التكرلي "الوجه الآخر"، الذي قرأت لي مقطعا منه الآن.
-كثيرا ما نسمع في اللقاءات الشخصية والصحفية معك عن حبك الكبير للكاتب العربي المعروف نجيب محفوظ. أرجو أن تحدثنا عن تأثير محفوظ عليك.
أنا فعلا معجب بنجيب محفوظ شخصًا وصديقًا وكاتبًا، ولاأزال أذكر لقاءاتنا في مقهى الأوبرا في القاهرة، وأنا معجب بأعماله، ولكن ليس بالضرورة أن أكون قد تأثرت به، بل وقلدته كما ذهب بعيدا بعض النقاد العراقيين.كتبت "النخلة والجيران" وكنت أعيش أجوائها العراقية والبغدادية الصميمه، ولم أتذكر عند كتابتي هذه الرواية أي عمل أدبي آخر.حين يأتي ناقد ويطرح رأى مفاده أن "النخلة والجيران" تشبه كثيرا بتفصيلاتها رواية "زقاق المدق" فأنا أرفض هذا الرأى رفضا قاطعا، لأن كل ما في "النخلة والجيران"عراقي أصيل بدون تزوير، لا بسمات الشخصيات، ولا بتصرفاتها، ولا بلغتها.وقد أشار الدكتور علي الراعي في مقالته الأخيرة عن "النخلة والجيران"إلى هذه المسألة، ولم يتطرق حتى إلى موضوع شبهها برواية "زقاق المدق" أو رواية أخرى. الطريف أن أحد المستعربين السوفييت هنا ذكر في إحدى مقالاته بأن نجيب محفوظ كتب "ميرامار"تأثرا منه بروايتي "خمسة أصوات" وهذا غير صحيح إطلاقا لأن "خمسة أصوات" صدرت بنفس العام الذي صدرت فيه "ميرامار" فتصور!!
وهناك رأى آخر مفاده أن روايتي "القربان"متأثرة برواية نجيب محفوظ "أولاد حارتنا"، وهذا الرأى هو أيضا لا يخرج عن دائرة الآراء التعسفية، لأنه يلغي كل التجارب الشخصية للكتاب، ويلغي حضور الشخصيات العراقية البحته والتقاليد. هذا ظلم صارخ، إذ لمجرد لمس أوجه شبه بين هذه الرواية أو تلك ترى النقاد يصرخون:إنها متأثرة برواية فلان بن فلان.كنت أرغب في "القربان"تصوير مرحله معينة من مراحل العراق، أما "أولاد حارتنا"فإن نجيب محفوظ يصور أجيال الأنبياء.الرمز موجود في أي أدب بكثرة.من غير المعقول أن يتخلى الناقد عن كل تفصيلات الحياة العراقية في "القربان"ويقول إنها متأثرة بـ"أولاد حارتنا".أنا شخصيا لا أجد أوجه شبه بينهما، واعتقد أن هذا تجني.في "القربان"يتجسد الشعب العراقي بشخصية مظلومة البطلة الرئيسية للرواية، وأن كل الناس يتحدثون عن هموم الشعب العراقي، ولكنه يبقى مظلوما في كل الفترات، حتى جاء شخص أبله، غبي وقال:إنني أستطيع أن أحل المشكلة المستعصية بتغيير الاسم، فبدلا من مظلومة نسميها مسعودة.
- أنا اعتقد أن الشكل الاليجوري الاستعاري المجازى الذي اتخذته في كتابة "القربان" هو نفس الشكل الذي اعتمد عليه نجيب محفوظ في "ميرامار"، مع ضرورة الأخذ بنظر الاعتبار أن الأولى طرحت الواقع العراقي لا من خلال السياسة فقط، بل من خلال الواقع الاجتماعي المعاش، بينما طرحت الثانية واجهات سياسية تعبر عنها شخصيات الرواية."القربان تطرح الحياة العراقية وهي في الشوارع والمقاهي"، بينما "ميرامار"تعيش حياة الفندق ولهذا فهي تخلو من أهم سمات النوع الروائي ألا وهو كشف الواقع. هل تحدثنا عن سبب اختيارك لهذا الشكل؟
في الحقيقة أنا لا أتذكر "ميرامار"الآن ولا عند كتابتي "القربان"، أما عن سبب اختياري لهذا الشكل الذي اسميته بالاليجوريا، أو الرمز المجازي فهو يكمن بتجنب مشاكل الرقابه.
- هل لك أن تحدثنا عن محمود أحمد السيد وأنور شاؤول وذو النون أيوب؟
اعتقد أني قرأت ذو النون أيوب أكثر من غيره، وهو كان يدرسنا مادة الجبر في المدرسة المتوسطة التي كنت أدرس فيها.ثم تعرفت عليه وعرفني هو ككاتب، وأخذنا نتبادل الآراء عن مختلف المسائل. أما محمود أحمد السيد وأنور شاؤول فلم أقرأ لهما شيئا يذكر لعدم توفر كتب الأول في العراق، أما الثاني فلا أذكر أني احتفظت بكتاب له. لا أذكر له أي عمل. في تلك الفترة تأثرت فقط بأعمال ذو النون أيوب، ثم تخليت عنه قبل إصدار "حصيد الرحى".
- هل لك أن تحدثنا عن البداية؟ هل بدأت بمقال صحفي أم بقصة أو قصيدة شعرية؟
أذكر أني كتبت أول مقالة لي في عام 1942باسم مستعار في باب بعنوان "منبر الشعب" في جريدة "الشعب". مازلت أذكر ذلك اليوم، وكان من أسعد الأيام بالنسبة لي، لا لأنه أحد ايام العيد، بل لأن مقالتي نشرت يومها وفرحت بها فرحا كبيرا، وهي في الحقيقة خاطرة أكثر مما هو مقاله.وأذكر لحد الآن أنني ذهبت إلى زميل لي من محلتنا، وكنت فخورا وسعيدا وأردت أن احتفل بهذه المناسبة رغم أن ملابسي كانت عتيقة.
- كيف انتقلت من المقال إلى القصة؟
أعتقد أن لغة هذه المقالة التي حدثتك عنها كانت قصصية، كنت أفكر بصورة قصصية، أو بلمحة قصصية. ويبدو أن أول قصة كتبتها تعود إلى عام 1946 أو عام 1945، ونشرتها في إحدى المجلات العربية الصادرة آنذاك في القدس، أي قبل ذهابي إلى مصر عام 1947.ولا أعرف فيما إذا سبق وأن نشر قاص عراقي غيري في هذه المجلة أو لا.أما الشعر فلي أيضًا قصه معه، لكنها قصه ليست طويلة.

قديم 02-17-2012, 06:47 PM
المشاركة 265
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • موجود
افتراضي
غائب طعمة فرمان.. المنفى والغربة علّماه أن يحبّ وطنه أكثر؟!..
بصمت لا يليق برجل مثل الأديب والمترجم العراقي غائب طعمة فرمان (1927-1990) مرّت الذكرى العشرون لوفاة مؤسس الرواية العراقية، تماماً كما كان نجيب محفوظ مؤسسها في مصر، وحنا مينة رائدها في سورية..
© "أنباء موسكو"19:25 | 2010 / 09 / 24
"أنباء موسكو" - كريم راشد
وهذا الصمت ربما يكون نتيجةً منطقيةً للإهمال الذي ناله أديبنا الراحل في حياته، وفي مماته، رغم إنجازاته الكبيرة في الرواية والترجمة الأدبية..
ينتمي الراحل إلى جيل من الأدباء العراقيين الذين تفتحت مداركهم على الحياة والأدب إبّان، وبعد، الحرب العالمية الثانية، كبدر شاكر السياب، عبد الوهاب البياتي، فؤاد التكرلي، نازك الملائكة وغيرهم ممن غيروا في بنية الرواية والشعر العربيين بعدما تشربوا بمناهل التراثين العربي والغربي ليقدموا أدباً رفيع المستوى، وقابلاً للصمود أمام مصفاة الزمن التي لا تعترف إلا بما هو نفيس حقاً.. وهذه الفترة التي نتحدث عنها هي زمان العراق الجميل، زمن خمسينيات القرن الماضي، حين كان شعار المثقفين العرب، والناشرين أيضاً، "بيروت والقاهرة تطبعان والعراقيون يقرؤون". وعن هذه الفترة كتب أديبنا قائلاً: "أنا من الجيل الذي فتح عينيه والحرب العالمية قائمة بكل ما تحمله من مدلولات، النضال ضد الفاشية والتطلع إلى جلاء الجيوش من بلاده، والاستفادة من الانفتاح العام وفتح نوافذ ثقافية على كل الاتجاهات للنهل منها".
هجران الشعر
رغم أن بداية حياته الأدبية كانت من خلال كتابة الشعر -وقد نشر فعلاً قصائد متميزة في الدوريات العربية والعراقية- إلا أن لا أحد يعرف بالضبط لماذا اتجه فجأة إلى كتابة القصة القصيرة، وتالياً الرواية التي برع فيها كثيراً.. وبظني أن السبب الرئيس لحدوث هذا الأمر يكمن في ذهابه إلى القاهرة لدراسة الأدب الإنكليزي هناك، ومعلوم أن قاهرة أربعينيات وخمسينيات القرن الماضي أنجبت كتاب رواية ومسرح وقصة قصيرة كثراً لكنها لم تنجب إلا عدداً قليلاً من الشعراء.. ويذهب بعض دارسي أدبه إلى أن اتجاهه إلى القصة والرواية يعود إلى تتلمذه على يد الأديب نجيب محفوظ فترة طويلة عندما كان يدرس في القاهرة خلال سنوات شبابه.. ولعل في مزاولته لمهنة الصحافة في مصر، وتالياً في العراق، يكمن سبب آخر، ذلك أن الصحافة هي عدوة الشعر الذي يتخذ من الخيال والمشاعر أجنحةً له بينما نقيضه الصحافة تعنى بالحقيقة وبالأرقام والتحليلات المنطقية.. وعن سبب دخوله عالم الصحافة صرح أديبنا ذات مرة: "لا بأس في العمل الصحفي في مطلع حياة الأديب كما يقول أرنست همنغواي"، ولكنه يعترف أيضاً أن العمل الصحفي مقتصر على الكتابة ونقطة التقاء بالحياة المعاشة. ورغم ذلك كان يراه محفزاً له شرط إلا ينهمك الأديب ويستنفذ كل طاقاته.
حمل وطنه في منفاه
إذا أضفنا سنوات دراسة أديبنا في مصر (أربع سنوات) إلى 33 سنة قضاها في منفاه الروسي فإننا نرى أنه أمضى أكثر من نصف عمره في المنفى، وأن حياته كانت سفراً بلا نهاية في مدن غريبة عن بغداد التي عشقها وظل محروماً من العودة إليها.. يقول فرمان في وصف غربته: "الغربة بالنسبة لي كانت حباً وشوقاً إلى وطني، وكانت امتحاناً قاسياً للوطنية عندي". وفي مقابلة أخرى يعترف أديبنا (أنا في الغربة يعجبني أن أكتب عن بغداد، وأجواء بغداد، ربما يكون ذلك سلاحاً ضد الذوبان والضياع، نوعاً من الدفاع عن النفس والمغامرة والاتصال الروحي بالوطن.. الوطن الذي كلما أُوغل في البعد عنه أزداد تعلقاً به". وعن هذا كتب صديقه الأديب الراحل سعيد حورانية الذي شاركه منفاه الروسي: "لم يحمل مغترب وطنه كهمٍّ يومي، وحنين دائم، كما حمل غائب وطنه العراق، وإنه لمن المدهش أن يكتب غائب جميع رواياته بدءاً من (النخلة والجيران) وانتهاءً بروايته (المركب) باستثناء (المرتجى والمؤجل) عن مدينته بغداد، كأنه لا يزال يعيش بشوارعها وأزقتها ومحلاتها القديمة، ويتنفس هواءها، وهو في منفاه الروسي البعيد منذ عقود".
ويلاحظ قارئ رواياته أن مناخات الغربة والحنين إلى العراق والعودة إلى الجذور تخيم على رواياته الثماني التي نشرها في حياته.. وعن هذا كتب الأديب الراحل عبد الرحمن منيف الذي عانى كغائب طعمة فرمان من الغربة والحرمان من جواز السفر والجنسية لسنوات طويلة: "هذا البغدادي الذي يحمل بغداده معه أينما ذهب ولا يتعب من النظر إليها كما ينظر الطفل إلى لعبته هو بحاجة إلى رائحة بغداد وشمسها، وكلما أوغل في البعد عن وطنه استحضره في أدبه بقوة لا تضاهى، وهو لا يستطيع منها فراراً، فقد صارت جزءاً من ضميره، وذاكرته ولا مهرب منها ولا منجى وعزاؤه هو أن من لا ذكريات له لا ذاكرة له".
ومن شدة حضور بغداد في رواياته يعتقد بعض النقاد عدم وجود كاتب عراقي كتب عن هذه المدينة كما فعل صاحب "آلام السيد معروف" و"النخلة والجيران"، ويرون أنه كتب من الداخل في جميع الفصول وفي كل الأوقات، كما أنه يكتب تاريخاً لحياة ناسها الذين صاروا ذكريات بالنسبة له، لا يستطيع رؤيتهم إلا من خلال سيرته معهم، سيرة عكست مراحل مضطربة من تاريخ العراق المعاصر، إلى درجة أننا إذا أردنا أن نعود للتعرف على عراق أواخر الأربعينيات والخمسينيات لا بدَّ أن نعود إلى ما كتبه أديبنا..
وعدا عن انشغالاته في كتابة الرواية والقصص القصيرة فقد قام الراحل بترجمة ما يزيد عن مئة كتاب عن اللغة الروسية، ومنها عيون الأدب الروسي، ليصبح واحداً من أساطين العرب الذين ترجموا الأدب الروسي إلى العربية، وصاحب فضل كبير في تعريف القارئ العربي بتجارب أدبية لم تتوفر له بالعربية من قبل..

قديم 02-17-2012, 06:48 PM
المشاركة 266
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • موجود
افتراضي
آلام السيد معروف

للغروب فتنة لدى السيد معروف لا تعادلها فتنة في الدنيا كلها".
هكذا تبدأ رواية "آلام السيد معروف"... بداية بسيطة، ولكن مع تتابع صفحات الرواية وتطوراتها تبدو تلك البداية سطوراً غامضة أو ساذجة، وربما موجعة، وينبغي لنا أن نتابع هذا السيد معروف، غير المعروف إلا عند نفسه، وعند قلة من معارفه غير الموجودين في الرواية، وعلى رأسهم مبدعه غائب طعمة فرمان العارف بال...more</SPAN>للغروب فتنة لدى السيد معروف لا تعادلها فتنة في الدنيا كلها".
هكذا تبدأ رواية "آلام السيد معروف"... بداية بسيطة، ولكن مع تتابع صفحات الرواية وتطوراتها تبدو تلك البداية سطوراً غامضة أو ساذجة، وربما موجعة، وينبغي لنا أن نتابع هذا السيد معروف، غير المعروف إلا عند نفسه، وعند قلة من معارفه غير الموجودين في الرواية، وعلى رأسهم مبدعه غائب طعمة فرمان العارف بالسيد معروف، أكثر من السيد معروف ذاته؟
...
ويتابع (فرمان) غروب السيد معروف، كما يتابعه معروف قائلاً: "... أما هذا الغروب الساجي فيظل يطوي الآماد، ويعانق الآفاق، ويظل يلازمها الى ما لا نهاية، هارباً من ظلامية الليل التي كان السيد معروف يكرهها كرهاً شديداً، فيود لو يلاحقه الى الأبد. معانقاً مثله الآفاق، دون أن يشهد الليل الكئيب" حتى يبلغ به الأمر أن (يردد، أحياناً، مستغفراً الله عن تحريفه لكلامه المنزَّل: "ولكم في الغروب حياة يا أولي الألباب").
عالَم باطني خاص
إن الرواية تقول لنا، من بدايتها، بأن السيد معروف أيقن بأن لا شروق في حياته، ولا راحة، ولا سعادة، فلجأ الى الغروب إكسيراً يتابع به الحياة مع أمه المقعدة بسبب ضعف بصرها، وأختيه: الكبرى العانس، والصغرى التي عنّسوها بسبب عنوس الكبرى، وهو العانس الثالث بسبب وجع معدته الدائم، والتجائه للغروب ولا شيء سوى الغروب.
إن للسيد معرف عالمه الباطني الخاص الذي يشيع في روحه الارتياح مثلما يؤجج الآلام والأوجاع. وحين يفلت من باطنه شيء الى لسانه فإنه يسبب له المتاعب. ذلك أنه ـ وبسبب موهبته في تدبيج الرسائل والكتب الرسمية ـ صار قوالاً أكثر منه فعالاً، وانه ليمارس ذلك بينه وبين نفسه. فهو مع روحه دائم الخوض في الصياغات، وأبيات الشعر والأمثال المشهورة، وما يحيط بها، أو يلامسها من تحريفات، وما يدخله هو عليها من إضافات أو استنتاجات.، وهو دائم الخوض في ذلك، في لاوعيه، وفي وعيه، وفي كلامه الظاهر أحياناً (وسيورده ذلك المهالك بعد حين) ولا فعل له سوى تدبيج الرسائل والكتب الرسمية، ومعالجة أحلامه حول الغروب وانتقاله على كل البلدان دون توقف، ولا تعفن... إنه يناجي نفسه في ذلك فيقول:
"
شيء في الغروب شجي وبهيج وفاتن وعنود فيه سحر الديمومة، وفتنة الأزل ومطال الأجل، لا مثل الشروق الخاطف سرعان ما يسلم زمامه الى شمس لاهبة، وهواء وغر...".


"
للكاتب مهدي محمد علي

قديم 02-17-2012, 06:53 PM
المشاركة 267
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • موجود
افتراضي
مقالات: وائل المرعب: غائب طعمه فرمان.. خمسة أصوات ..خمسة نداءات أستغاثة

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلةحين ألتقيته أوّل مرّة نهاية ستينات القرن الماضي , وكنتُ قد قرأتُ روايتيه (النخلة والجيران) و (خمسة أصوات) , لم أتمالك نفسي فبكيت في سري .. أذن هذا الكائن الأسمر النحيل الذي يختبيء خلف نظـّارته لفرط حياءه ويتحسّس كرسيه قبل الجلوس هو (غائب طعمه فرمان) , الذي أعتصر قلبي وأسرني بسحر كلماته ونقاء سريرته وترفـّعه عن صغائر الأحقاد وصدقه وتصالحه مع نفسه وما فاضت به روايتيه من المشاعر الأنسانية النبيلة التي كان عليها الكاتب وأبطاله ؟!

حينها كان قد عاد من مغتربه حاله حال الكثيرين من أصحاب المباديء الذين أختاروا المهجر هروباً من قساوة الوطن وعسفه , والذين خدعوا بالأجراءات التي أتخذتها حكومة أنقلاب تموز 1968 بأطلاق سراح السجناء السياسيين وأعادة كافة المفصولين منهم الى وظائفهم , كما أنطلت عليهم وعودها التي تؤكد رغبتها في أقامة جبهة وطنية تضم كل القوى التقدمية والديمقراطية , لكنّه بذكائه الفطري وقدرته على رؤية الأشياء بوضوح أكثر من سواه , تأكـّد من خواء وأكاذيب هذه الوعود , فلم يمكث طويلاً وعاد الى منفاه البارد مسرعاً مخلـّفاً حسرة في قلوب محبيه وأصدقائه وقبل أن يناله آذى لا يحتمله فيخسر نفسه وهذا ما كان يخيفه .
(غائب طعمه فرمان) ينتمي الى الجيل الذهبي الذي يمتد من (1920 ــ 1930) الذي شهد ولادة أهم مبدعي العراق على صعيد الشعر والقصة والتشكيل والموسيقى والمسرح , الذين رسموا الملامح الأولى للثقافة العراقية المعاصرة وأسّسوا منهجاً حداثوياً رائداً تجاوز المألوف والنقل الحكائي والمباشر في شتى المجالات المعرفية, فالسياب والملائكة والبياتي والحيدري ومردان ولميعة عمارة والبريكان وعبد الرزاق عبد الواحدوعبد الملك نوري وفؤاد التكرلي ونهاد التكرلي ومهدي عيسى الصقر وعبد المجيد الونداوي وعبد الجبار وهبي وجواد سليم والشيخلي والجادر والرحال وفريد الله ويردي ومنير بشير وجميل بشير وسلمان شكر وسالم حسين ويوسف العاني وخليل شوقي وزينب وبدري حسون فريد وأسعد عبد الرزاق والعشرات غيرهم ينتمون الى نفس الجيل , وهي مفارقة غريبة تستحق التوقف والتأمل والدراسة .
(غائب طعمه فرمان) ولد في أحد أزقـّة بغداد القديمة والمثقلة دفـّتيه بالبيوتات الصغيرة المتلاصقة التي تعلوها (الشناشيل) الملوّنة , والتي توفّر ظلاًّ تتمتع ببرودته النسوة الجميلات اللاتي يتلصّصن من خلف الأبواب الخشبية لعلّهنّ يأسرن أبن الجيران أو أحد المارة فيفزن به ..ظلاً يحتضن شقاوة الأطفال وعبثهم ويتيح لهم كتابة أحلامهم على الجدران التي تآكل بعضها بفعل الهم الأنساني الذي تنفثه صدور العابرين تنفيساً لعذاباتهم .. أذن هو ينتمي الى هذه المحليّة الحميمية وهذا الدفء المجتمعي الذي أفاده كثيراً حين كتب روايته ذائعة الصيت (النخلة والجيران) التي تمثـّل مرحلة طفولته وبداية وعيه وأنتباهاته البكر الأولى , والتي اعتبرت المرآة التي عكست الصورة الحقيقية لقاع المجتمع البغدادي في الأربعينات , وأضاءت النور حتى في الزوايا المعتمة والدهاليز التي يجري فيها الكثير من العلاقات الانسانية التي تخشى العلن..انها بحق دراسة سوسيولوجية لبست رداء الرواية وكشفت طبيعة الأرهاصات الأنسانية في تلك الحقبة التي كانت تمور بالسخط السياسي والمجتمعي .
كان الوعي السياسي ل (غائب طعمة فرمان) في البدأ ديمقراطياً , يهمّه حرية الأنسان ضمن الخيمة الدستورية التي توفـّرها مؤسسّة البرلمان والتي تعطيه الحق في تحديد اختياراته الوطنية , فأنتمى الى صحيفة (الأهالي) صوت الديمقراطيين في العراق كمحرّر في شؤون الناس و وقد تعرّف من خلال عمله بالصحفي المرموق مدير تحرير الصحيفة (عبد المجيد الونداوي) الذي عرّفه بدوره بالقاص الرائد (عبد الملك نوري) والشاعر المتمرّد (حسين مردان) والشاب المصرفي (محمد حسين الهنداوي) , الذين كوّنوا معه الأصوات الخمسة التي نجح غائب في فك صلتها بالواقع المادي ليدلف بها الى باحة الخيال ومضماره الرحب ويخرج بها بروايته الشهيرة (خمسة أصوات) بعد مرور (12) عام على زمن احداثها التي دارت قبل وبعد الفيضان الذي هدّد بغداد عام 1954 .. لقد كانت (خمسة أصوات) هي بمثابة خمسة نداءات أستغاثة أطلقها هؤلاء المبتلون بهمومهم الأنسانية والأبداعية وبشغفهم بالحياة التي تخبو حماسته بسبب العوز المادي أحياناً أو بسبب المثال السياسي الذي لم يحقق ما كانوا يحلمون به أو بسبب حاجات الجسد المأزومة .
أصدر (غائب) روايته (المخاض) بداية السبعينات وهي الجزء الأخير من ثلاثيته التي أجمع النقـّاد على أعتبارها البداية الحقيقية لنشؤ الرواية العراقية المستوفية كامل الشروط الفنية , التي تؤهّلها أن تقارن بثلاثية نجيب محفوظ الشهيرة بالرغم من عمق وقدِم التجربة المصرية في أنتاج المشاريع الروائية الضخمة والخبرات المتراكمة للكتاب المصريين في هذا المجال . تدور أحداث الرواية بعد عودة الكاتب الى العراق بعد أكثر من عام على ثورة 14 تموز 1958 عندما كان الصراع السياسي على أشدّه بين قوى اليسار وتحالف قوى اليمين القومي والرجعي, وكان (غائب) قد حسم أمر أنتمائه فكريّاً الى اليسار الذي طغت مغرياته الأنسانية وتحليلاته الطبقية وشمولية نظريته العلمية والجمالية وتفسيراته المادية للتأريخ ومنطقه الجدلي على عموم الحركات الثورية في العالم أبّان تلك الحقبة , وبالمقابل شهدت تلك الفترة بروز شخصية (عبد الناصر) الذي أستقطب الكثير من القوى والحركات القومية والعروبية الحالمة بنشؤ دولة الوحدة من المحيط الى الخليج .
كشفت رواية (المخاض) تأثيرات التناحر والتصادم السياسي المصحوب بشحنات الكراهية على طبيعة العلاقات الأجتماعية وصولاً الى العلاقات بين أفراد العائلة الواحدة , وبروز نوايا ومشاعر الأنتقام من الضد الفكري لم تكن مألوفة أبان الحكم الملكي , كما أنشغلت بعض فصول الرواية بهموم الكاتب الشخصية وخيباته العاطفية خاصة عندما أشتغل محرّراً في وكالة أنباء الصين , ممّا اكسب الرواية بعداً بكائياً مصحوباً بالمرارة يحمل في أفقه البعيد نبؤة ما آل اليه العراق من كوارث أصطبغت بلون النجيع وما تركه المعادل العنفي من جروح في النفس العراقية التي حلم (غائب) وناضل طيلة حياته في أشاعة الأمل فيها .
أخيراً ..لقد أستمكن الكاتب القدير (غائب طعمه فرمان) من الأمساك حتى باللحظات الهاربة من ذاكرته طيلة عمر السرد الذي أستغرقته أزمان ثلاثيته , اضافة الى نجاحه في تطعيم حوارات أبطاله ببعض المفردات العامّية البغدادية ممّا اكسب هذا السفر الروائي العراقي المهم النكهة المحليّة المحببة , حتى أثار فضول القاريء العربي لمعرفة اسرار ومقاصد هذه المفردات التي تقرّبه من طبيعة الشخصية العراقية المتوتـّرة والمنفعلة حتى في أوقات الضحك والمرح الكذوب .

قديم 02-17-2012, 07:07 PM
المشاركة 268
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • موجود
افتراضي
غائب طعمة فرمان .. بين المرتجى والمؤجل

حملت الاقدار الروائي العراقي الكبير غائب طعمة فرمان الى موسكو عقب فترة اغتراب طويلة تنقل فيها ما بين القاهرة وبيروت ودمشق وبكين لدى اضطراره للنزوح من العراق ونشره كتابه " الحكم الاسود في العراق" في عام 1956 . وعاد اليها في عام 1958 لكنه غادر البلاد مرة اخرى في مطلع الستينيات حيث استقر به المقام في موسكو حين بدأ العمل مترجما في دار النشر السوفيتية"التقدم" ومن ثم في دار " رادوغا".
ويعتبر الابداع الادبي لغائب طعمة فرمان ظاهرة فريدة من نوعها حيث ان الكاتب كتب رواياته الرائعة بعيدا عن الوطن وفي موسكو بالذات، وبالرغم من اجواء الغربة فقد نجح في تصوير المجتمع العراقي بصورة دقيقة وعميقة ربما لم يفلح بتصويرها مثله من عاش في داخل العراق. علما ان الكاتب بدأ مسيرته الابداعية بكتابة القصص القصيرة في الفترة بين عامي 1949 و1960 ، واعترف في حينه بتأثره بأعمال الكاتبين الروسيين مكسيم غوركي وانطون تشيخوف، ونشر مجموعتي قصص هما "حصاد الرحى " و" مولود آخر". وكتب فرمان عن مجموعة القصص الاخيرة: "انني كتبتها بعيدا عن العراق في اعوام 55 و56 و57 .. وفرغت من كتابة احداها على مصطبة في احد شوارع دمشق ..... في يوم من يناير القارس البرد، وانا شبه متشرد. وعملت في قصة " دجاجة وادميون اربعة" وانا عائد الى رومانيا بعد ان توسط خليل كنة(وزير عراقي في ايام حكم نوري السعيد) لمنعي من دخول سورية ثم اكملت القصة في قصر الطلائع في بخارست".
وقد اعتمد الكاتب نهج تصوير واقع المجتمع العراقي على حقيقته وكتب بهذا الصدد يقول:" اذكر انني سألت ذات مرة احد القصاصين المصريين الكبار : لماذا لم تعد تكتب يافلان؟ فأدجابني مندهشا : الله .. كيف اكتب عن الفاقة والجهل والحياة البائسة ، كما كنت في الماضي بينما أرى حكومتي الآن تكافح ضده. ذلك سيكون طعنة في صدر حكومتي".ويومها (في عام 1956) جادلته قائلا : "لو اخذ بنظريتك ادباء العالم ، لمحي نصف الادب العالمي". وكتب د.عبدالعظيم انيس عن قصص غائب طعمة فرمان يقول " ان قراءتي لقصص غائب طعمة فرمان مع حوراها العامي قد زادتني فهما للمجمتع العراقي ومستقبله".
ولم تكن حياة غائب نبضا فحسب له ايقاعاته عن " حياته في العراق" التي بقيت تلازمه حتى النفس الاخير.ولم يكن هذا الكاتب روائيا كبيرا فقط بل كان ايضا انسانا كبيرا . وعرف ذلك كل من خالطه من ابناء جلدته في اللقاءات مع " الخرفان " – حسب تعبيره تحببا لهم ، فقد كان يعتز بكل عراقي يلتقي به في مقهى فندق " موسكفا" بوسط العاصمة العراقية. وكان يصغي بأهتمام الى احاديثهم عن همومهم ومشاكلهم واخبار الوطن. فأن حنينه الى هذا الوطن وحياته هناك كان يزداد كلما امتدت به الغربة. كما كان يتعاطف مع كل من يعاني من المشاكل في هذه الغربة.
ولد غائب طعمة فرمان في بغداد في عام 1927 في اسرة متواضعة في حي المربعة الفقير. وقد اصيب بمرض التدرن الرئوي في سن مبكرة، وسافر فيما بعد الى القاهرة للعلاج . وهناك تأثر كثيرا بالحركة الادبية في مصر وحضر مجالس الزيات وسلامة موسى ونجيب محفوظ في مقهى الاوبرا. ونشر اولى قصصه في العراق(مصرية في العراق) في مجلة " الجزيرة" ، ثم نشر ثلاث قصص في مجلة "الرسالة" المصرية لأحمد الزيات منها (قلب محروم) و( بيت الذكريات). وتخرج غائب من كلية الاداب ببغداد في عام 1954. وعمل في قسم " شكاوي الناس" في جريدة " الاهالي" لسان حال الحزب الوطني الديمقراطي حتى اغلاقها في عام 1954.وقد ساعده ذلك على معرفة احوال بسطاء الناس ومشاكلهم والتي استخدمها في قصصه ورواياته لاحقا. وغادر العراق في العام نفسه الى لبنان حيث عمل مدرسا للغة العربية. وفي فترة وجوده في الصين حيث عمل مترجما في دار للنشر هناك ترجم مجموعة من اعمال الشاعر الصيني لو شين. وبعد قيام ثورة 14 تموز/يوليو 1958 في العراق شارك في نشاط اتحاد الادباء العراقيين وفي اصدار الصفحة الادبية لجريدة " اتحاد الشعب". وفي مطلع الستينيات بدأت حياة غائب في موسكو حيث خصصت له شقة من غرفة واحدة بالقرب من محطة مترو" الجامعة". وكان يقضي صباح كل يوم في ترجمة شتى النصوص من اجل دار النشر " التقدم" واغلبها لم يكن من الاعمال الادبية.
وذكر لأحد اصدقائه مرة وهو يقلب الاوراق على طاولته : انا لا افهم شيئا في تربية الاغنام فكيف اترجم مثل هذا الكلام؟ علما ان لغته الروسية كانت ضعيفة واعتمد كثيرا على المعاجم او المقارنة مع النصوص الانكليزية. وكان يفعل ذلك حتى لدى ترجمة اعمال الادباء الروس مثل بوشكين وتولستوي ودوستويفسكي. وكان يلتقي مع الشخصيات الثقافية الموجودة بموسكو او تزور روسيا ومنها الرسام محمود صبري وعبدالوهاب البياتي وفريدالله ويردي ومحمود درويش وعبدالرحمن الخميسي وسعيد حورانية. كما لم يكن غائب يفوت اية مناسبة يقيمها العراقيون او العرب سواء امسية ثقافية او مجرد لقاء في المناسبات الوطنية.وشارك بنشاط في جمعية الكتاب والفنانين العراقيين في الاتحاد السوفيتي التي تولى رئاستها. وفي تلك الاعوام من الستينيات تعرف غائب على رفيقة حياته في المستقبل اينغا فرمان التي كانت طالبة دراسات عليا متخصصة بالادب الالماني. وتم التعارف في احدى قاعات مكتبة لينين كما روى غائب لأصدقائه. ورزقا فيما بعد بولد هو سمير غائب فرمان . وكان غائب غالبا ما يزور المكتبات بموسكو لمطالعة كتب التراث العربي مثل " الاغاني" و"مقامات الحريري" وغيرها بالاضافة الى الكتب التاريخية والاجتماعية.
وتعتبر مرحلة السبعينيات من اهم مراحل حياة غائب طعمة فرمان بموسكو حيث بدأ فجأة وبدون سابق انذار بكتابة روايته " النخلة والجيران".وحدث ذلك بعد ان اجريت له عملية استصال الرئة المصابة بالتدرن. وخرج من المستشفى بروح جديدة اذ كان غالبا ما يتذكر والدته واخيه علي واشتد حنينه الى الوطن الذي لم يستطع الرجوع عليه بسبب الظروف السياسية. ولدى كتابة الرواية كان يلح ايامذاك في توجيه الاسئلة على العراقيين المحيطين به حول القضايا المتعلقة بالحياة في بغداد وازقتها ومحلاتها. وكان لصدورها صدى كبير في الاوساط الادبية العراقية والعربية.
لأنها اعلنت عن مولد روائي عراقي من المستوى الرفيع. وتعتبر هذه الرواية بحق اول رواية عراقية صميمية ذات بنية ادبية متينة ورسم دقيق للشخصيات وسلوكياتها.واعقبت هذه الرواية الاعمال الروائية الاخرى . علما ان احداث جميع الروايات تجري في العراق وليس في روسيا، وعندما سئل مرة لماذا لا يمكتب رواية او مسرحية عن الحياة في الغربة اجاب بأن السلبيات في مجتمع المغتربين كثيرة ولا يريد استثارة احد. علما ان جميع شخصيات روايات غائب تقريبا مستوحاة من شخصيات واحداث حقيقية عاشها او عرفها الكاتب.
وقد انتقل غائب طعمة فرمان الى جوار ربه في 17 أغسطس/آب عام 1990 ودفن في مقبرة " تريوكوروفا" بضواحي موسكو .
أعمال غائب طعمة فرمان القصصية والروائية :
- حصاد الرحى / مجموعة قصص / 1954
- مولود آخر / مجموعة قصص / 1955
- النخلة والجيران / رواية / 1966
- خمسة أصوات / رواية / 1967
- المخاض / رواية / 1973
- القربان / رواية / 1975
- ظلال على النافذة / رواية / 1979
- آلام السيد معروف / رواية / 1980
- المرتجى والمؤجل / رواية / 1986
- المركب / رواية / 1989

قديم 02-19-2012, 01:03 PM
المشاركة 269
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • موجود
افتراضي
اهم احداث حياته المؤثره:
- المعروفأن غائب ولد ببغداد عام 1927 في أحد أحيائها الشعبية الفقيرة، من أسرة معدومة كانتتعاني الحرمان وشظف العيش.
- أكمل دراسته الابتدائية والثانوية ببغداد.
- نشأ في أسرهفقيرة أصيب في وقت مبكر من حياته بالسل الرئوي , وأرسل بطريقة من الطرق إلى مصرللاستشفاء ولمواصلة الدراسة.
- توفي في موسكو في العام 1990.
- تعتبر مرحلة السبعينيات من اهم مراحل حياة غائب طعمة فرمان بموسكو حيثبدأ فجأة وبدون سابق انذار بكتابة روايته " النخلة والجيران". حدث ذلك بعد ان اجريتله عملية استصال الرئة المصابة بالتدرن.
- وخرج من المستشفى بروح جديدة اذ كان غالباما يتذكر والدته واخيه علي.
- اشتد حنينه الى الوطن الذي لم يستطع الرجوع عليه بسببالظروف السياسية.
- اعتمد الكاتب نهج تصوير واقع المجتمع العراقي على حقيقته وكتببهذا الصدد يقول:" اذكر انني سألت ذات مرة احد القصاصين المصريين الكبار : لماذا لمتعد تكتب يافلان؟ فأدجابني مندهشا : الله .. كيف اكتب عن الفاقة والجهل والحياةالبائسة ، كما كنت في الماضي بينما أرى حكومتي الآن تكافح ضده. ذلك سيكون طعنة فيصدر حكومتي".ويومها (في عام 1956) جادلته قائلا : "لو اخذ بنظريتك ادباء العالم ،لمحي نصف الادب العالمي". وكتب د.عبدالعظيم انيس عن قصص غائب طعمة فرمان يقول " انقراءتي لقصص غائب طعمة فرمان مع حوراها العامي قد زادتني فهما للمجمتع العراقيومستقبله".
- روايته هذه تتناول طرفاً من الحياة في حي شعبي من أحياء بغدادهو الحي ذاته الذي ولد فيه الكاتب وترعرع وعاش حياته الاولى، رابطاً الأحداث فيهابالوضع الاجتماعي والسياسي القائم آنذاك.
- كان حتى أيامهُ الأخيرة ينظر إلىالعالم بعيني طفل بريء , كان لا يطيق الرياء ولا يحبه , لا لنفسه و لا للآخرين , ميالاً للصمت
- لكنهُ اكتسب النفي السياسي منذ الخمسينات بسبب دافعهٌ السياسياليساري للتغيير , فقد ساهم في إعداد كتاب ( من أعماق السجون في العراق) وهو كتابيتحدث عما كان يجري في السجون العراقية آنذاك, كما أن نشاطهُ قبل ثورة تموز 1958فقد أصدر كتاباً بعنوان ( الحكم الأسود في العراق) وهو كتاب مكرس لوضع الحكم الملكيفي
- انضم غائب لحركةالدفاع عن الشعب العراقي وهو في الصفوف الأمامية للحركة مطالبه بالحريةوالديمقراطية والعدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان
- لقد كانت ميزة كتابات غائب طعمه فرمانلأحداث التأريخ اليومية الحياتية للناس البسطاء وعلاقاتهم وأفعالهم ودوافعهم وهذهما تؤكده روايتهُ ( القربان) حين يموت فجأه ملاًك ميسور الحال نسبياً ( صاحب قهوه) ويترك وراءهُ قاصراً هي فتاة صغيرة ؟
- كانت حياة غائب تمور بالعطاء ومسكونة بذات النبع الصافيالذي التصق وارتوى منه على الدوام ولكن كان الوطن لا يغيب عن رواياته بأناسهُومسحوقيه, ويصفهُ المفكر الراحل هادي العلوي بمقالته " قلت لك لا تمت" : ( غايب كتبالفصل المفقود من تاريخ الأدب في العراق .
- عاش في المنفى ثلاثين عاماً
- لقد عاش غائب أكثر أيامعمرة في المنفى ومات ودفن بعيداً عن الوطن الذيأحبهُ.
==
طفولة قاسية ، عانى من الحرمان والفقر وشظف العيش لكنه ايضا مرض بمرض الدرن، تغرب في سن مبكرة وعاش معظم حياته في الغربة ومات فيها. وهناك كان يتذكر امه واخاه وفي ذلك ما يشير الى انه كان قد فقد الاب في سن مبكرة لكن التاريخ غير محدد.

سنعتبره مأزوم بسبب مرض الدرن.

قديم 02-20-2012, 10:08 AM
المشاركة 270
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • موجود
افتراضي
35- عودة الغائب منذر القباني السعودية
رواية عودة الغائب
رواية للمؤلف السعودي منذر القباني صاحب رواية حكومة الظل التي تصدرت في عام ٢٠٠7 قائمة الروايات العربية الأكثر مبيعا.



تعتبر رواية عودة الغائب من أكثر الروايات العربية انتظارا من قبل القراء لما تحتويه من إجابات على بعض التساؤلات التي تركت مفتوحة في رواية حكومة الظل التي لاقت نجاحا مذهلا واهتماما كبيرا من قبل القراء والإعلام العربي.
  • صدرت الرواية في عام ٢٠٠٨ عن الدار العربية للعلوم وهي الرواية الثانية للروائي السعودي منذر القباني الذي يعتبره الكثيرون من أبرز الوجوه الروائية الشابة في المملكة العربية السعودية ومنطقة الخليج.
==
قراءة في رواية عودة الغائب
بقلم مدون : weyer
ذهبت كعادتي إلي معرض الكتاب بالرياض في أول أيامه وأخذت أتجول بين دور النشر حتى وصلت إلى ركن الدار العربية للعلوم. سمعت عددا منالزوار يسألون البائع عن رواية منذر القباني الجديدة عودة الغائب فتوقفت لحظة حيثأني لم أكن أعلم أن روايته هذه التي سمعت أنها على وشك الصدور، قد صدرت بالفعل وجاءت إلى معرض الكتاب. بل ما أدهشني هو عدد الذين أتوا خصيصا إلى الدار العربيةللعلوم قاصدين هذه الرواية و قد علموا بصدورها بالرغم من أني لم أقرأ خبرا واحداعنها في أي من الصحف، و أنا أحسب نفسي متتبعا جيدا للصفحات الثقافية. سألت البائعالشاب عن رواية عودة الغائب و إن كانت في مستوى رواية حكومة الظل فأخبرني صادقابأنه لم يقرأها بعد حيث أنها قد وصلت للتو من بيروت متزامنة مع معرض الكتاب و لكنمما لا شك فيه أن إقبال القراء عليها يفوق باقي الكتب المعروضة و أنه إذا استمر حالالاقبال على الرواية على هذا الحد إلى نهاية المعرض فستنفذ الطبعة الأولى!
طبعةبأكملها تنفذ في أيام! لم أسمع بمثل هذا الأمر لرواية عربية!
إقتنيت طبعتي ثمبدأت قرآتها فورما وصلت إلى بيتي و إليكم قرآتي للرواية:

أزعم أني من أوائلالذين كتبوا عن منذر القباني و روايته حكومة الظل. بل أزعم أني من أوائل الذينتنبؤوا بنجاح تلك الرواية في الوقت الذي لم يكن قد سمع فيه أحد لا بمنذر القباني ولا بروايته حكومة الظل، و مع أني مقل بشكل عام في كتابة القراءات إلا أن حكومة الظلقد إستفزتني لكتابة موضوع عنها وقد نشرته هنا في الموقع
أعترف بأن عودة الغائبقد إستفزتني للكتابة هي الأخرى

الرواية تبدأ أحداثها في عام 1909 حيث يكتشفرجل في غابة جعيتا كهفا يأوي إجتماعا غريبا لجماعة أغرب. تدور أحداث سريعا ( سأحاولأن لا أبوح بكثير من التفاصيل حتى لا أفسد الرواية على من لم يقرأها) في هذا الفصلثم تنتقل بنا الأحداث إلى عام 2006 و رحلة رومانسية على ظهر سفينة في البحر المتوسطبطلتها هي دانيال جولد ( من قرأ رواية حكومة الظل سيكتشف أن أحداث هذا الفصلمتزامنة مع أحداثها) التي تفاجأ بما لم تكن تتوقعه!
تنتقل بنا الأحداث إلى شخصيةشاب سعودي إسمه جمال جداوي و هو يزف إلى حبيبته دلال رحال ثم في أثناء شهر العسل فيمدينة لندن تحدث المفاجأة الكبرى
ثم ينتقل بنا المؤلف إلى العام 2009 أي بعدثلاثة أعوام ( و هي أيضا بالمناسبة بعد ثلاثة أعوام من نهاية أحداث رواية حكومةالظل)
و هنا فحوى الرواية و يعود نعيم الوزان من ماليزايا بتكليف من جماعةالعروة الوثقى ( التي لديها هي أجندتها الخاصة و التي هي على حساب نعيم الوزان دونأن يدري) للبحث في أمر ما يتعلق بذلك الرجل الذي ورد ذكره في بداية الرواية ( 1909)
تتنقل الرواية ما بين عدة شخصيات و عدة أحداث يبدو في البداية أن لا رابطايجمعها جميعا لنكتشف مع مرور الرواية أن هناك أكثر من رابط يجمع بين كل تلك الأحداثو الشخصيات.

منذر القباني في هذه الرواية يستعرض لنا قدرات سردية تجعلني أقفمشدوها. الحقيقة من كان يعتقد بأن حكومة الظل كانت مشوقة فعليه أن يقرأ عودة الغائبلأن كلمة تشويق لا تعطيها حقها. فنحن هنا أمام مرحلة جديدة لا أعلم كيف أصفها! بللا أعلم كيف سيأتي لنا القباني برواية بعد هذه حيث أخشى أن يكون قد إستنفذ كل مالديه في هذه الرواية!

فالرواية كما وصفها لي أحد الأصدقاء تحبسالأنفاس!

الأمر الآخر الذي أدهشني هو كيفية ربط جميع أحداث و شخصيات الروايةببعضها بشكل فيه حرفية ماهرة و بسلاسة و دون تكلف. فمن السهل أن يكتب روائي أحداثعدة في رواية واحدة تربطها المكان كما فعل علاء الأسواني في روايتي عمارة يعقوبيانو شيكاغو، و لكن أن تربط هذه الأحداث ببعضها البعض و تجعلها تتقاطع كما فعل القبانيفي عودة الغائب فهذا أمر آخر لا تشاهده إلى مع روائي محترف و متمكن منأدواته.

كنت قد عبت في قرآتي لحكومة الظل على شخصيات الرواية التي وجدتهاسطحية و لم يكن فيها عمق. و لكن في عودة الغائب قد تدارك المؤلف هذا الأمر و جاءتالشخصيات الرئيسية أكثر عمقا بحيث إستطعت أنا كقارئ أن أتقرب منها أكثر و أتعرف علىدوافعها.

لا أريد أن أطيل فهناك الكثير ما يمكن قوله و لكني أختم بأن فيإعتقادي البسيط أن رواية عودة الغائب تستحق أن يقف أمامها الناقد كعلامة فارقة ليسفقط في الرواية السعودية بل في الرواية العربية. نحن فعلا أمام عمل أكثر من متميزلروائي عربي لم أشهد له مثيلا!

==




الرواية تدور حول حدث دار قبل قرن من الزمان وما تبعه من محاولة فك طلاسم رسالة لنجم الدين غول، والذي قتل بسبب ما توصل إليه؟! بشأن حقيقة “حكومة الظل”، ولكنه مات قبل أن يوصل إلينا التفاصيل!” “حكومة الظل” عنوان للرواية الأولى لنفس كاتب رواية “عودة الغائب” وهي تحكي احداث قد ترتبط جزئياً بعودة الغائب


مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 28 ( الأعضاء 0 والزوار 28)
 
أدوات الموضوع

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: أفضل مئة رواية عربية – سر الروعة فيها؟؟؟!!!- دراسة بحثية.
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
أعظم 50 عبقري عبر التاريخ : ما سر هذه العبقرية؟ دراسة بحثية ايوب صابر منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 62 05-16-2021 01:36 PM
هل تولد الحياة من رحم الموت؟؟؟ دراسة بحثية ايوب صابر منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 2483 09-23-2019 02:12 PM
ما سر "الروعة" في افضل مائة رواية عالمية؟ دراسة بحثية ايوب صابر منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 523 09-09-2018 03:59 PM
اعظم 100 كتاب في التاريخ: ما سر هذه العظمة؟- دراسة بحثية ايوب صابر منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 413 12-09-2015 01:15 PM
القديسون واليتم: ما نسبة الايتام من بين القديسين؟ دراسة بحثية ايوب صابر منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 18 08-22-2012 12:25 PM

الساعة الآن 10:32 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.