احصائيات

الردود
0

المشاهدات
2351
 
عبد الرحيم صابر
من آل منابر ثقافية

عبد الرحيم صابر is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
71

+التقييم
0.02

تاريخ التسجيل
Sep 2012

الاقامة

رقم العضوية
11515
11-24-2012, 01:29 PM
المشاركة 1
11-24-2012, 01:29 PM
المشاركة 1
افتراضي عاشوراء بين الترح والفرح
سئل شيخ الإسلام :
عما يفعله الناس في يوم عاشوراء من الكحل والاغتسال والحناء . والمصافحة وطبخ الحبوب وإظهار السرور وغير ذلك إلى الشارع : فهل ورد في ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث صحيح ؟ أم لا ؟ وإذا لم يرد حديث صحيح في شيء من ذلك فهل يكون فعل ذلك بدعة أم لا ؟ وما تفعله الطائفة الأخرى من المأتم والحزن والعطش وغير ذلك من الندب والنياحة وقراءة المصروع وشق الجيوب . هل لذلك أصل ؟ أم لا ؟.
فأجاب :
الحمد لله رب العالمين ، لم يرد في شيء من ذلك حديث صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه ولا استحب ذلك أحد من أئمة المسلمين . لا الأئمة الأربعة ولا غيرهم . ولا روى أهل الكتب المعتمدة في ذلك شيئا لا عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا الصحابة ولا التابعين لا صحيحا ولا ضعيفا لا في كتب الصحيح ولا في السنن ولا المسانيد ولا يعرف شيء من هذه الأحاديث على عهد القرون الفاضلة .
ولكن روى بعض المتأخرين في ذلك أحاديث مثل ما رووا أن من اكتحل يوم عاشوراء لم يرمد من ذلك العام ومن اغتسل يوم عاشوراء لم يمرض ذلك العام وأمثال ذلك . ورووا فضائل في صلاة يوم عاشوراء ورووا أن في يوم عاشوراء توبة آدم واستواء السفينة على الجودي ورد يوسف على يعقوب وإنجاء إبراهيم من النار وفداء الذبيح بالكبش ونحو ذلك . ورووا في حديث موضوع مكذوب على النبي صلى الله عليه وسلم { أنه من وسع على أهله يوم عاشوراء وسع الله عليه سائر السنة } .
ورواية هذا كله عن النبي صلى الله عليه وسلم كذب ولكنه معروف من رواية سفيان بن عيينة عن إبراهيم بن محمد بن المنتشر عن أبيه . قال : { بلغنا أنه من وسع على أهله يوم عاشوراء وسع الله عليه سائر سنته } وإبراهيم بن محمد بن المنتشر من أهل الكوفة وأهل الكوفة كان فيهم طائفتان :
طائفة رافضة يظهرون موالاة أهل البيت وهم في الباطن إما ملاحدة زنادقة وإما جهال وأصحاب هوى .
وطائفة ناصبة تبغض عليا وأصحابه لما جرى من القتال في الفتنة ما جرى ...
وكان في الكوفة بين هؤلاء وهؤلاء فتن وقتال فلما قتل الحسين بن علي رضي الله عنهما يوم عاشوراء قتلته الطائفة الظالمة الباغية ـ وأكرم الله الحسين بالشهادة كما أكرم بها من أكرم من أهل بيته . أكرم بها حمزة وجعفرا وأباه عليا وغيرهم وكانت شهادته مما رفع الله بها منزلته وأعلى درجته فإنه هو وأخوه الحسن سيدا شباب أهل الجنة ـ ... أوجب ذلك شرا بين الناس .
فصارت طائفة جاهلة ظالمة : إما ملحدة منافقة وإما ضالة غاوية تظهر موالاته وموالاة أهل بيته تتخذ يوم عاشوراء يوم مأتم وحزن ونياحة وتظهر فيه شعار الجاهلية من لطم الخدود وشق الجيوب والتعزي بعزاء الجاهلية .
والذي أمر الله به ورسوله في المصيبة - إذا كانت جديدة - إنما هو الصبر والاحتساب والاسترجاع . كما قال تعالى : { وبشر الصابرين } { الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون } { أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون } . وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { ليس منا من لطم الخدود وشق الجيوب ودعا بدعوى الجاهلية } وقال : { أنا بريء من الصالقة والحالقة والشاقة } وقال : { النائحة إذا لم تتب قبل موتها تقام يوم القيامة وعليها سربال من قطران ودرع من جرب } . وفي المسند عن فاطمة بنت الحسين عن أبيها الحسين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { ما من رجل يصاب بمصيبة فيذكر مصيبته وإن قدمت فيحدث لها استرجاعا إلا أعطاه الله من الأجر مثل أجره يوم أصيب بها } . وهذا من كرامة الله للمؤمنين فإن مصيبة الحسين وغيره إذا ذكرت بعد طول العهد فينبغي للمؤمن أن يسترجع فيها كما أمر الله ورسوله ليعطى من الأجر مثل أجر المصاب يوم أصيب بها . وإذا كان الله تعالى قد أمر بالصبر والاحتساب عند حدثان العهد بالمصيبة فكيف مع طول الزمان فكان ما زينه الشيطان لأهل الضلال والغي من اتخاذ يوم عاشوراء مأتما وما يصنعون فيه من الندب والنياحة وإنشاد قصائد الحزن ورواية الأخبار التي فيها كذب كثير والصدق فيها ليس فيه إلا تجديد الحزن والتعصب وإثارة الشحناء والحرب وإلقاء الفتن بين أهل الإسلام ؛ والتوسل بذلك إلى سب السابقين الأولين ...
فعارض هؤلاء قوم إما من النواصب المتعصبين على الحسين وأهل بيته وإما من الجهال الذين قابلوا الفاسد بالفاسد والكذب بالكذب والشر بالشر والبدعة بالبدعة فوضعوا الآثار في شعائر الفرح والسرور يوم عاشوراء كالاكتحال والاختضاب وتوسيع النفقات على العيال وطبخ الأطعمة الخارجة عن العادة ونحو ذلك مما يفعل في الأعياد والمواسم
فصار هؤلاء يتخذون يوم عاشوراء موسما كمواسم الأعياد والأفراح . وأولئك يتخذونه مأتما يقيمون فيه الأحزان والأتراح وكلا الطائفتين مخطئة خارجة عن السنة ...
ولم يسن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا خلفاؤه الراشدون في يوم عاشوراء شيئا من هذه الأمور لا شعائر الحزن والترح ولا شعائر السرور والفرح
ولكنه صلى الله عليه وسلم لما قدم المدينة وجد اليهود تصوم يوم عاشوراء فقال : { ما هذا ؟ فقالوا هذا يوم نجى الله فيه موسى من الغرق فنحن نصومه فقال : نحن أحق بموسى منكم . فصامه وأمر بصيامه } وكانت قريش أيضا تعظمه في الجاهلية . واليوم الذي أمر الناس بصيامه كان يوما واحدا فإنه قدم المدينة في شهر ربيع الأول فلما كان في العام القابل صام يوم عاشوراء وأمر بصيامه ثم فرض شهر رمضان ذلك العام فنسخ صوم عاشوراء . وقد تنازع العلماء : هل كان صوم ذلك اليوم واجبا ؟ أو مستحبا ؟ على قولين مشهورين أصحهما أنه كان واجبا ثم إنه بعد ذلك كان يصومه من يصومه استحبابا ولم يأمر النبي صلى الله عليه وسلم العامة بصيامه بل كان يقول : { هذا يوم عاشوراء وأنا صائم فيه فمن شاء صام } . وقال : { صوم يوم عاشوراء يكفر سنة وصوم يوم عرفة يكفر سنتين } . ولما كان آخر عمره صلى الله عليه وسلم وبلغه أن اليهود يتخذونه عيدا قال : { لئن عشت إلى قابل لأصومن التاسع } ليخالف اليهود ولا يشابههم في اتخاذه عيدا ... والصحيح أنه يستحب لمن صامه أن يصوم معه التاسع ؛ لأن هذا آخر أمر النبي صلى الله عليه وسلم لقوله : { لئن عشت إلى قابل لأصومن التاسع مع العاشر } كما جاء ذلك مفسرا في بعض طرق الحديث فهذا الذي سنه رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وأما سائر الأمور : مثل اتخاذ طعام خارج عن العادة إما حبوب وإما غير حبوب أو في تجديد لباس أو توسيع نفقة أو اشتراء حوائج العام ذلك اليوم أو فعل عبادة مختصة . كصلاة مختصة به أو قصد الذبح أو ادخار لحوم الأضاحي ليطبخ بها الحبوب أو الاكتحال أو الاختضاب أو الاغتسال أو التصافح أو التزاور أو زيارة المساجد والمشاهد ونحو ذلك فهذا من البدع المنكرة التي لم يسنها رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا خلفاؤه الراشدون ولا استحبها أحد من أئمة المسلمين لا مالك ولا الثوري ولا الليث بن سعد ولا أبو حنيفة ولا الأوزاعي ولا الشافعي ولا أحمد بن حنبل ولا إسحاق بن راهويه ولا أمثال هؤلاء من أئمة المسلمين وعلماء المسلمين وإن كان بعض المتأخرين من أتباع الأئمة قد كانوا يأمرون ببعض ذلك ويروون في ذلك أحاديث وآثارا ويقولون : " إن بعض ذلك صحيح فهم مخطئون غالطون بلا ريب عند أهل المعرفة بحقائق الأمور . وقد قال حرب الكرماني في مسائله : سئل أحمد بن حنبل عن هذا الحديث : { من وسع على أهله يوم عاشوراء } فلم يره شيئا . وأعلى ما عندهم أثر يروى عن إبراهيم بن محمد بن المنتشر عن أبيه أنه قال : بلغنا { أنه من وسع على أهله يوم عاشوراء وسع الله عليه سائر سنته } قال سفيان بن عيينة جربناه منذ ستين عاما فوجدناه صحيحا وإبراهيم بن محمد كان من أهل الكوفة ولم يذكر ممن سمع هذا ولا عمن بلغه فلعل الذي قال هذا من أهل البدع الذين يبغضون عليا وأصحابه ويريدون أن يقابلوا الرافضة بالكذب : مقابلة الفاسد بالفاسد والبدعة بالبدعة . وأما قول ابن عيينة . فإنه لا حجة فيه فإن الله سبحانه أنعم عليه برزقه وليس في إنعام الله بذلك ما يدل على أن سبب ذلك كان التوسيع يوم عاشوراء وقد وسع الله على من هم أفضل الخلق من المهاجرين والأنصار ولم يكونوا يقصدون أن يوسعوا على أهليهم يوم عاشوراء بخصوصه ... والناس مأمورون بطاعة الله ورسوله واتباع دينه وسبيله واقتفاء هداه ودليله وعليهم أن يشكروا الله على ما عظمت به النعمة حيث بعث فيهم رسولا من أنفسهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح . { إن خير الكلام كلام الله وخير الهدي هدي محمد ؛ وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة } ... ودين الإسلام مبني على أصلين على ألا نعبد إلا الله وأن نعبده بما شرع لا نعبده بالبدع . قال تعالى : { فمن كان يرجوا لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا } فالعمل الصالح ما أحبه الله ورسوله وهو المشروع المسنون ولهذا كان عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - يقول في دعائه : اللهم اجعل عملي كله صالحا واجعله لوجهك خالصا ولا تجعل لأحد فيه شيئا . ولهذا كانت أصول الإسلام تدور على ثلاثة أحاديث : قول النبي صلى الله عليه وسلم { إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى } وقوله : { من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد } . وقوله : { الحلال بين والحرام بين وبين ذلك أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يواقعه ألا وإن لكل ملك حمى ألا وإن حمى الله محارمه ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب } والحمد لله رب العالمين . وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم

مجموع الفتاوى (25/ 299) بتصرف



مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: عاشوراء بين الترح والفرح
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
السقوط من فوق البرج الدكتور سمير المليجى منبر القصص والروايات والمسرح . 6 03-07-2020 06:33 PM
عاشوراء ! عبده فايز الزبيدي منبر الحوارات الثقافية العامة 4 11-02-2014 09:49 AM
عاشوراء عبدالسلام حمزة منبر الحوارات الثقافية العامة 9 12-05-2011 09:11 PM
حكم ومراحل صيام عاشوراء . عبدالسلام حمزة منبر الحوارات الثقافية العامة 4 12-05-2011 09:05 PM

الساعة الآن 11:20 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.