احصائيات

الردود
23

المشاهدات
7966
 
محمد جاد الزغبي
مستشار ثقافي

اوسمتي


محمد جاد الزغبي is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
1,179

+التقييم
0.18

تاريخ التسجيل
Jan 2006

الاقامة

رقم العضوية
780
02-10-2012, 11:00 PM
المشاركة 1
02-10-2012, 11:00 PM
المشاركة 1
افتراضي المجلس العسكري وضياع فرصة دخول التاريخ
مصادر الثورة المضادة ( 3)
المصدر الثالث : المجلس العسكري وضياع فرصة دخول التاريخ


البروز فى مكانة معينة من التاريخ ..
لا شك أنه يحتاج الإخلاص المطلق حيث أن الأمر توفيق فى المبتدأ والمنتهى , وليس الأمر براعة أو إبداعا , وكثير ما تقصر البراعة والإبداع فى هذا الشأن
وكم من عقول فاقت الخيال فى إبداعها وأعمالها ومع ذلك لفظتها صفحات التاريخ وأدخلتها عبر البوابة الخلفية لأسباب تتخلص كلها فى غياب الإخلاص
والإخلاص هنا بمعنى العمل المُجد والحقيقي دون النظر إلى تحقيق مجد شخصي أو الحفاظ على مكتسبات شخصية , بل ودون النظر عمدا إلى مسألة البروز التاريخى ..
فالظهور التاريخى الإيجابي كالدنيا إذا نظرت إليه .. أهملك .. وإذا غفلت عنه أكرمك ..
أو مثل شكر الناس وتقديرهم ..
إن أنت عملت جهدك للحصول عليه فاتك .. وإن أخلصت فى عملك بغض النظر عن قول الناس انبهروا بك

والمجلس الأعلى للقوات المسلحة فى لحظة تاريخية فارقة تسلم السلطة فى مصر على غير إنتظار ..
وفى إطار ظرف استثنائي شديد الخصوصية نجح فى الإمتحان الأول له ببراعة يُحسد عليها حيث تمكن من مناصرة الثورة والإنحياز للشعب من يوم نزوله الأول لميادين مصر ..
وقد كان النجاح فى الامتحان الأول للقوات المسلحة تلقائيا ومعبرا بحق عن إحساس المسئولية الذى استشعره كل مصري فى ظروف الثورة الأولى , على نحو نحى جانبا كل شيئ إلا الإلتفات إلى مصلحة الوطن العليا , وكانت هذه المشاعر هى التى نجحت فى توحيد صفوف الشعب أولا على الثورة , ثم كانت سببا أيضا فى انحياز القوات المسلحة لشعبها ..
وهى لحظة شديدة الشبه بلحظة أكتوبر حيث حفلت بإنكار الذات على مستوى الشعب والجيش والقيادات ,
وجاء يوم 11 فبراير .. يوم التنحى المشهود وتسلم المجلس العسكري سلطة إدارة البلاد وحان وقت الإختبار الأشد صعوبة , ألا وهو إدارة المرحلة الإنتقالية إما إلى الجنة وإما إلى النار ..
ولم يكن هناك اختيارات متعددة فى الواقع أمام المجلس العسكري فالتاريخ لا يطرح أمامه للمستقبل إلا أمرين لا ثالث لهما ..
الأول : استمرار إخلاص النوايا وتسليم السلطة للشعب ومناصرة الثورة حتى الرمق الأخير كما فى تجربة سوار الذهب ..
الثانى : وهو السيناريو الأصعب وقيادة الثورة المضادة على نحو ما حدث فى رومانيا عام 98 أيام شاوسيسكو , حيث انحازت القوات المسلحة فى البداية لرغبة الشعب وأسقطت الدكتاتور ثم التفت على الثورة وحاربتها وناهضت الثوار وشككت فيهم واتهمتهم بالعمالة وأفسحت المجال للحزب السياسي الفاسد الذى ثار عليه الشعب ليعيد تشكيل نفسه فى ثمانية أحزاب أخرى ـــ وفقا لما يرويه د. علاء الأسوانى عن تلك الحادثة التاريخية ـــ
وكان هدف القوات المسلحة الرومانية إعادة نفس النظام القديم ولكن بوجه أقل فسادا وإن كان استمرار لنظام الدولة البوليسية ثم دعمت مرشحا للرياسة هو أبرز فلول النظام القديم حيث اختار الجيش الرومانى سيلسكو نائب شاوسيسكو القديم وانتخبته لقيادة البلاد رئيسا لمدة عشر سنوات ..
وكان أن ثار الشعب من جديد فى جولة أخرى من جولات الثورة وأسقطوا النظام نهائيا هذه المرة ..

فيا ترى أى سيناريو من الإثنين قد اختار المجلس العسكري فى مصر ؟!
فى الواقع الإجابة على هذا السؤال , وعلى قدر ما تبدو سهلة للكثيرين بإدانة المجلس العسكري مباشرة ــ ولهم كل الحق ــ إلا أن الإجابة الحقيقية ليست بهذه البساطة والخفة التى تبدو عليها اتهامات الثوار للمجلس العسكري بأنهم ومبارك عجينة ملتصقة ,
ولكى ندرك أى موقف اتخذه المجلس العسكري فينبغي أن نعلم أن موقف المجلس العسكري لم يكن واحدا يا سادة , ولم يستمر على نفس الوتيرة , لأنه ببساطة مر بتطورات مرحلية قادته من بداية مشرفة حقيقية , إلى الإنزلاق المباشر والتحالف مع فلول الثورة المضادة .. حتى وصل إلى المحطة الأخيرة فى 19 نوفمبر حيث أصبح قائدا للثورة المضادة وليس راعيا لها وحسب ..
كيف حدث هذا ؟ ومتى ؟! ولأى سبب ..
هذا ما يحتاج لمناقشة وتحليل معتمدا على الحقائق الموضوعية على الأحكام الإنفعالية ..
ليس لأمانة التاريخ وحسب بل للحفاظ على المستقبل أيضا ..

ففي البداية من يقول أن المجلس العسكري هم رجال مبارك وظلوا كذلك بعد الثورة أو أنهم يتآمرون لصالح مبارك , فهذا غير صحيح , هم تربوا فى نظام مبارك ( كنظام ) وأرادوه مستمرا على نفس الوتيرة ولم يكونوا مخلصين لدعوة الدولة الديمقراطية الكاملة للأسف وهى طموح الشعب , لكنهم أبدا لم يكونوا على الولاء لمبارك نفسه والدليل عدة ظواهر تحدثنا عنها تفصيلا قبل ذلك
وسبب عدم الولاء راجع لأن قيادة المجلس الأعلى فقدت ولاءها لمبارك منذ نحو اثنتي عشر عاما عندما بدأ طوفان التوريث وبدأت معه مجموعة جمال مبارك تتحكم فى البلد على نحو أغضب المؤسسة العسكرية بشدة ودفعت المشير طنطاوى إلى اتخاذ ردود أفعال حادة يرسل فيها الرسالة تلو الأخرى لمبارك لكى لا يستمر فى هذا السيناريو ..
ومنها موقف طنطاوى من قضايا الخصخصة وإنشائه مصنع أسمنت تابع للجيش بعد أن قامت الحكومة بخصخصة أسمنت أسيوط بأبخس الأثمان وأيضا زيادة نفوذ حبيب العادلى وزير الداخلية على نحو لم يرق للقيادات العسكرية التى ترى نفسها منبعا فعليا للسلطة فى البلاد .. بالإضافة إلى ضيق القوات المسلحة بمجموعة رجال الأعمال الفاسدين والخراب الذى أشعلوه بمصر .. حتى صار المجلس الأعلى على خصومة فعلية حقيقية مع تلك المجموعة ومع نظام جمال مبارك والقصر الرياسي كله ..
وهذا هو السبب الرئيسي الذى جعل مجموعة جمال مبارك تتخذ المشير طنطاوى هدفا رئيسيا لها قبل حتى عمر سليمان واللذان اعتبرهما جمال مبارك عقبة كئود فى طريق التوريث
ومواقف المجلس العسكري بقيادة طنطاوى ثابتة ضد مبارك وليس هى بالشيئ الكبير والكثير الذى يستدعى أن نشكك فيها طعنا فى المجلس ذاته , لأن ما عند المجلس من مثالب وخطايا تكفيه وزيادة ..
غاية القصد ..
أن المجلس العسكري كان فى أواخر عام 2010على استعداد للتدخل الفعلى والفورى حال نقل السلطة لجمال مبارك , وبدأت كتائبه فى التدريب على العمل الميدانى للنزول إلى الشوارع قبل حدوث ثورة 25 يناير التى فاجأت الجيش نفسه لأنه كان يتوقع النزول لمدن والشوارع للسيطرة على الوضع عقب إضطرابات فترة إعلان التوريث التى كان مخططا لها منتصف عام 2011 م
وعندما حدثت الثورة ونزل الجيش بات واضحا من خلال البيانات الأولى أنه ناصر الثورة وأنه مع كافة مطالبها دون أدنى شك , بل إن المدرعات والآليات العسكرية نزلت من مرابضها وهى مكتوب عليها شعارات الثورة بمنتهى الوضوح ( يسقط مبارك ) وظلت فى مكانها دون أن يقوم أحد برفعها وظهرت فى كافة وسائل الإعلام كرسالة علنية على موقف المجلس بإسقاط مبارك وتنفيذ أهم مطالب الثورة
لكنه اختصر هذه المطالب فى الأشياء التى اتفقت رغبة المجلس فيها مع الثوار وإهمال الطلب الخاص بحياة ديمقراطية سليمة وهو نفس خطأ ضباط يوليو 52 ..
اتفق المجلس مع الثوار على ضرورة خلع مبارك وعلى ضرورة التنكيل بمجموعة جمال مبارك ورفاقه ـــ وليس بالضرورة كل الفلول ـــ بل اكتفي المجلس فى التنكيل على من جمعته معه الخصومة واستبقي بقية الفلول فى إدارة الدولة لاستخدامهم فيما بعد
وساهموا بدور محورى فى ذلك لا سيما موقفهم التاريخى يوم 10 فبراير هذا الموقف الذى كان السبب الرئيسي فى الإصرار البالغ على التنحى دون التفويض رغم أن غالبية فصائل الثورة كانت قابلة بالتفويض قبل البيان بأربع وعشرين ساعة ..
فلما خرج البيان الرهيب وعنوانه ( البيان رقم 1 ) وهى الصيغة التى يعرفها كل من له خبرة بالشئون العسكرية أنها صيغة سحب الشرعية نهائيا عن النظام الحاكم ودعم ذلك التصرف اجتماع المجلس لأول مرة بقيادة طنطاوى ليشرفوا على عملية إخضاع مؤسسة الرياسة وانتهى الأمر ببيان التنحى المقتضب الذى نقل السلطة للجيش ..
ولابد أن نضع بأذهاننا التنكيل الذى لاقاه مبارك سواء فى الخلع أو حتى الخروج المهين دونما ضمانات مستقبلية تمنع عنه المحاكمة وفق أبسط الشروط التى توقعناها إبان تلك الأحداث , ثم تضحية المجلس بمبارك وعائلته وجلبه للحاكمة ـــ بغض النظر عن مهازلها القانونية ـــ إلا أنه يجب أن نكون منصفين فى أن جلب مبارك إلى قفص المحاكمة وحبس ولديه واستجواب زوجته يعد تنكيلا بشعا لا يحتمله أى شخص كان فى مكانه ..
وحتى لو افترضنا أن المحاكمة صورية فالقصة ليست فى الحكم بقدر ما هى فى المنظر الرهيب لمبارك داخل القفص متهما ولنا أن نتخيل معنى هذا المنظر لديكتاتور ..
هذا فضلا على سماح المجلس العسكري للإعلام بأن يقول ما شاء عن مبارك , وهذا وإن كان حقا مكتسبا للمعارضين الحقيقيين من أيام مبارك إلا أن السماح انطبق على فئات أخرى من الكتاب والصحفيين ورجال النظام القدامى ليخرجوا ملفات مبارك السرية وفضائحه وينكلوا بسمعته وسمعة أسرته بالشكل الذى يستحقه تماما ,
وهذا الأمر أبشع من القتل والإعدام فى حد ذاته وما كان لمبارك أن يقبله أبدا لو كان المجلس العسكري ــ كما يقال ــ ظل على ولائه لمبارك ووفاءه له , فلو كان كذلك على الأقل كان يملك المجلس العسكري من البداية أن يفادى مبارك هذا المصير بالإتفاق المبدئي مع الثوار على خروجه دون محاكمة , وهو الأمر الذى كان مطروحا للنقاش بالفعل أيام الثورة
ولو كان هناك أدنى إتصال إيجابي بين مبارك والمجلس لما قبل مبارك على الإطلاق هذه الفضائح العالمية التى تُعرض والتى سيدونها له التاريخ عار عليه وعلى أسرته ليوم الدين

كما يؤيد ما نقول كواليس ما حدث فى قصر الرياسة التى كشفها كبار القادة أو المتابعين من القادة السابقين وكلها أكدت بما لا يدع مجالا للشك أن مبارك أصدر بالفعل قراره بإقالة المشير ومعظم أعضاء المجلس العسكري بعد موقف بيانات المجلس من الثورة التى أوضحت تخليهم النهائي عنه وتركه لمصيره ..
وكان أن سبق طنطاوى والمجلس العسكري إلى اتخاذ القرار بإبعاد مبارك فورا عن السلطة ودون أى ضمانات وقطعوا أى إتصالات فيما بينهم وبينه من يوم 2 فبراير وهو موقعة الجمل وأصبح همزة الوصل بين المجلس ومبارك هو عمر سليمان الذى تم إستعداؤه على عجل وإبلاغه برسالة محددة لمبارك بالتنحى طوعا أو كرها [1]
كل هذه الدلائل تؤكد كما سبق القول أن المجلس على علاقة عداء وفصام مع مبارك وكافة رجاله فى طرة , وأن ما يحدث على الساحة يمكن بالفعل أن نحيله لنظرية المؤامرة ولكن التآمر هنا سيكون من رجال طره منفردين ومن المجلس العسكري نفسه فى إطار آخر وبعيدا تماما عن مخططات طره ,
ولا نقول هذا الكلام لتبرئة المجلس العسكري لسبب بسيط ..
أن كل ما سبق لا يبرر له ولا يعنى عدم مسئوليته عن إجهاض الثورة , ولهذا وضعنا المجلس العسكري على رأس قيادة الثورة المضادة , وليس فى الأمر تناقض , فكل ما هناك أن عداء مبارك والمجلس العسكري قائم أى نعم لكنه لم يمنع المجلس من اتخاذ خطوات إجهاض الثورة لمصلحته الشخصية وليس لمصلحة مبارك الذى نفضوا منه أيديهم منذ خلعوه عن السلطة وانتهى الأمر
وانتهوا إلى اختيار بقية النظام القائم نفسه ليصبح أداتهم فى قيادة البلد على نفس النمط السابق من حيث المبادئ وطريقة الحكم ولكن دون مبارك , وهذا يعنى أنهم لخصوا مطالب وأهداف ثورة يناير فى خلع مبارك وأعوانه المقربين وحسب ورأوا فى هذا إنجازا كافيا ..
أما الحديث عن دعائم دولة ديمقراطية تخضع لها المؤسسة العسكرية على النظام العالمى لرقابة فعلية من السلطة التشريعية , فهذا هو الأمر الذى لم يقبله قيادات المجلس ولا نتصور منهم قبوله على الأقل فيما يخص الإنتقال الفورى من نظام مغلق إلى نظام مفتوح , وهذا مفهوم لدواعى كثيرة أهمها أن مخزن الأسرار فى الصندوق الأسود لعصر مبارك فيه من حجم الفساد المنظم ما لا يمكن المغامرة بكشفه فى هذا التوقيت




الهوامش ..
[1]ــ الأيام الأخيرة لمبارك ـ عبد القادر شهيب ـ دار أخبار اليوم


قديم 02-10-2012, 11:17 PM
المشاركة 2
محمد جاد الزغبي
مستشار ثقافي

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
· كيف تطورت علاقة المجلس العسكري بالثورة من التأييد إلى الخصومة

لابد من نقطة نظام وتأمل .. تفسر لنا التطور الخطير فى مواقف المجلس العسكري من الإحتفاء والترحيب إلى الضيق إلى المحاربة ..
الأسباب متعددة وإن كانت تحتاج تفسيرا جوهريا لتفسر موقف قيادات المجلس , ولا يستقيم الأمر إلا إذا خمنا ــ كتخمين شخصي ــ أن المجلس العسكري ليس على قلب رجل واحد فى الرؤي والأهداف , وإذا وضعنا بأذهاننا أن قرارات المجلس يتم إتخاذها بطريقة التصويت بين أعضائه وانتخاب قرار الأغلبية ..
فإن هذا سيؤكد ما ذهبنا إليه من أن المجلس كان يضم النوعين ..
نوع يؤيد الثورة ذاتها ويعتبرها الحدث الأهم والأحق برعاية القوات المسلحة , ونوع آخر يري الثوار تمادوا فى الإصرار على خلع مبارك دون أن يتم خلعه بطريقة غير مهينة ويتم غلق صفحته إلى الأبد وكفي ..
وفى الأيام الأولى للثورة كانت القرارات تنتصر دوما لصالح الجبهة الأولى المؤيدة للثورة , ولم يرتفع صوت معارضي الثورة كثيرا فى تلك الآونة ,
ولعل بعض الأحداث التى مررنا بها تجعلنا نخمن بعض أعضاء الجبهة المضادة للثورة المتمثلة فى اللواء ممدوح شاهين واللواء إسماعيل عتمان واللواء حمدى بدين واللواء حسن الروينى الذى يعتبر أكبر مجاهر بعدائه للثورة وفصائلها كما كان مدافعا عن مبارك نفسه وكان يري ضرورة خروجه مع ضمان عدم محاكمته وقد عبر عن هذا الرأى صراحة فى الميدان أمام الثوار يوم 10 فبراير عندما نزل إلى الميدان مبشرا المتظاهرين بتحقيق كافة مطالبهم شريطة ترك أمر المحاكمة جانبا ..

ويمكننا أن نرسم صورة تخيلية للمجلس فى أيام الثورة الأولى ووجهة النظر السائدة هى جبهة الثورة ضد جبهة المعارضين , واستمرت كذلك حتى يوم الإستفتاء ليتحول الأمر إلى انحياز المجلس لوجهات نظر معارضي الثورة نوعا ما وقد مرت الكفة متعادلة بين الجبهتين لفترة ما ..
ولم يتأخر الوقت كثيرا حتى نجح أعضاء جبهة رفض الثورة فى استعداء كافة قيادات المجلس على الثوار مستغلين مواقف شباب الثورة نفسها والمليونيات الضاغطة على المجلس التى نجم عنها محاكمة مبارك ونجليه , وكذلك إقالة حكومة شفيق وحل جهاز أمن الدولة وإقالة القيادات الصحفية غصبا وغير ذلك من الأمور التى كانت الثورة تطالب بها فى الميدان وتصر عليها ولا تقبل أن تترك المجلس يري رأيه فيها كما كان يتصور ..
هنا وجد أعضاء جبهة الرفض فرصتهم مواتية للغاية فى استعداء المجلس بأكمله على الثوار والإعلامين البارزين فى صفوف الثورة واعتبارهم مارقين ولا يقدرون الجميل ولا يحترمون المجلس الأعلى وقواتهم المسلحة فضلا على عدة أسباب أخرى لابد أنهم ساقوها كمبررات للمجلس تحثهم على الوقوف ضد أهواء الثوار ونزقهم الثورى كما يتصورون ..
واستغلت جبهة الرفض شيئا هاما للغاية وهى تطاول الألسنة على القادة حيث كان الثوار يأخذون أريحيتهم فى الحديث عن قيادات المجلس فساعد هذا جبهة الرفض على تكريس صورة الشباب النزق قليل الأدب على الثوار وأنه من المستحيل على قيادات المجلس أن تقبل أن يأمرهم ( شوية عيال ) لا يعجبهم شيئ ولا يعجبهم أحد

هذه هى الصورة التى وقع بها تطور الأحداث , فهل كانت مبررات المجلس كافية للإنقلاب على الثوار بهذا الشكل ثم الإنقلاب على الثورة ..
هذا يحتاج إلى بعض التفصيل ..

العلاقات بين المجلس الأعلى والثورة كانت فى شهر العسل فى فترة البدايات , وارجعوا لأرشيف الثورة , وبلغت شعبية الجيش والمجلس حدا خرافيا تكررت معه صورة أكتوبر 1973 م , وانتشي قادة المجلس بما حدث , و كانوا يرغبون بشدة فى الحفاظ على تلك المكاسب وتسليم السلطة والإحتفاظ للجيش بمكانة خاصة ظن المجلس أن الهيئات التشريعية لن تبخل عليه بها فى الدستور الجديد ..
بل إنهم تعاملوا فعليا على أن هذا الوضع الخاص حق مكتسب لهم مقابل مساندة الجيش للثورة , وهى وجهة النظر القاتلة التى وقع فيها أعضاء المجلس ولم يحسنوا أو يدركوا أن الشباب الثائر لن يقبل بهذا الوضع الذى يريده المجلس , ولن يقبل بإعادة إنتاج نظام مبارك مع ديمقراطية أسياد البلد التى أشبعنا نظام مبارك بها طيلة ثلاثين عاما
فالمجلس فعليا ــ وربما للآن ــ لم يقتنع إطلاقا أن هدف الثورة والثائرين هو الحياة الديمقراطية السليمة على غرار الدولة الحديثة وإنهاء عهد الدولة الأبوية وأساطير الرموز فى قيادة الدولة والعودة للمفهوم الصحيح فى النظرة لرجال الحكم على أنهم خُدام الشعب لا أسياده أو كباره ..
ووجهة النظر هذى طبيعية وتقليدية , وعدم استيعاب المجلس العسكري لها يعود إلى أن جيل الآباء كلهم لشباب اليوم ـــ كما سبق الشرح ـــ لم يفهموا طبيعة هذا الجيل الجديد من الشباب الذين يمثلون 60 % من تعداد السكان وخرجوا كافرين بكل شيئ سياسي بعد أن انغلقت أمامهم فرصة التواصل مع أجيال آبائهم وأجدادهم فضلا على ما لاقوه من التحطيم المعنوى على يد السلطة الغاشمة ..
وساهم إطلاع الجيل الجديد على نمو ثقافته وبوسائل عصره فسبق أجيال آبائه بمراحل ,
ولا زال جيل الآباء حتى لحظتنا تلك يستهولون جدا جدا ما حدث لنظام مبارك على يد هؤلاء الشباب , ويستغربون جرأتهم ــ وأحيانا يكرهونها ويعتبرونها إساءة أدب ـــ
تماما كما اعتبر جيل الآباء أن ما نادى به الثوار هو طامة كبري وشيئ أسطورى لم يتمكنوا من استيعابه لأن ثقافة تأليه الحاكم وتعظيمه مشربة فى النفوس منذ عقود , وقد نشأت أجيال الآباء على صفات الزعامة والريادة , وهذه مشكلة نفسية وإجتماعية لا تهدمها إلا الثقافة السياسية المستقلة ليدرك المواطن أن تعامله مع الحاكم ينبغي أن يكون كنظرته إلى موظف حكومى مكلف بخدمة الشعب فى إطار ما يجب على الدولة توفيره لمواطنيها , أما النظر إلي الحاكم باعتباره الزعيم الملهم أو حتى كبير العائلة فهى النظرة السقيمة التى ألقتنا فى ذيل الأمم بعد طول مجد ورفعة

وبنفس الشاكلة تعامل المجلس العسكري ..
فهو من ناحية يؤمن بأنه قدم للشعب خدمة كبري بانحيازه للثورة وهى وجهة نظر أقل ما يقال عنها أنها مغرقة للغاية فى تعظيم الذات حيث أن هذا الموقف ــ وفقا لأى مقياس ــ لم يكن بيد المجلس العسكري أن يخالفه فالجيش من ورائه لن يطيع اوامر القتل , وهذا ما اختبره المشير طنطاوى بنفسه خلال مروره على الضباط والجنود بميدان التحرير
كما أن صاحب الفضل هو الشعب وليس الجيش فهو الذى قام بالثورة وقدم تضحياتها , ولو أن هناك فضلا يُــقاس فهو للشعب على الجيش إذ وفر عليه مغبة الإضطرار لانقلاب عسكري على مبارك للإطاحة بمخطط التوريث ومنحه الشرعية الشعبية التى بمقتضاها تم طرد مبارك
ومن ناحية أخرى هو لا يستوعب طبيعة جيل الثورة وغرق تحت زعمه أن سيتمكن من استيعابهم تحت جناحه وأنهم لن يجرءوا على توجيه النقد له باعتبار أن ( دللهم على الآخر ) ومنحهم فرصة لقاء القيادات بل واستمع لرغباتهم ونفذها , فنشأت هنا وجهة نظر داخل المجلس العسكري تعتبر أى كلام للثوار بعد ذلك وأى اعتصامات هى من قبيل إساءة الأدب !!
فكان أن استهول المجلس العسكري ما حدث من الثوار واستنكر أكثر علو صوتهم وصيغة الأمر التى يتبعونها فى مليونيات ميدان التحرير لإعلان مطالبهم وانكشف للمجلس فجأة أنه كان غارقا فى الوهم عندما تصور أن جيل الثورة سلمه أمانة البلاد وغادر الميادين إلى شاشات التلفاز واكتفي بالثقة فى المجلس وقيادته وطريقته فى إدارة البلد ..
وهنا وقع المجلس الأعلى فى الأزمة النفسية الثانية ..
فالثقة كانت موجودة دون شك فى المجلس العسكري لكن المجلس نسي أن يتعامل فى ميدان السياسة لا ميدان القتال والدفاع عن الوطن , فخلط بين الأمرين ..
ففي حالة ميدان القتال تكون الثقة فى القيادة العسكرية مصحوبة بترك الحرية الكاملة لهم فى إدارة المعارك وعدم التدخل بالنقد أو حتى الاستفسار فى مجريات المعارك والإكتفاء فقط بالنتائج
أما فى حالة ميدان السياسة فالشعب تلقائيا هنا يعطى الثقة ولكن لا يعطيها بشيك على بياض بل يعطيها بعيون مفتوحة تُراجع كل إجراء وتستفسر عن كل خطوة , وهو ما اعتبره المجلس تخوينا له وتشكيكا فى قدرته على أداء مهامه , وبالطبع كان هذا الشعور ثقيلا للغاية على نفوس القيادات ولم يحتملوه , ولم يمنحوا أنفسهم فرصة لفهم الفارق بين ميدان القتال وميدان السياسة ..
ساهم فى ذلك أيضا إلى أن كافة أعضاء المجلس العسكري من ذوى البطولات فى حرب أكتوبر , والمشير نفسه هو المقاتل الوحيد بالجيش الباقي من الجيل القديم الذى خاض كافة حروب مصر وكانت له موقعة شهيرة للغاية فى معركة المزرعة الصينية ــ إحدى معارك حرب أكتوبر ـــ , ومقاتلو الجيش دائما وأبدا يعتبرون احترام الشعب لهذه التضحيات هو المقابل الذى يحصلون عليه تجاه مهنة كمهنة المقاتلين لا تكفيها أموال العالم لتقدرها لأنها مهنة التضحية والفداء
وداخل الجيش لا يمكن للمدنيين تخيل مدى احترام القادة وهيبتهم ــ بالذات مقاتلى أكتوبر ــ فهؤلاء فى الجيش مكانتهم كمكانة من شهد بدرا بين الصحابة
وبالتالى هم لا يتخيلون سقوط هذا الإحترام أيا كانت الأسباب
وكان هذا خلطا كبيرا وقعوا فيه ..
فكل من له تجربة سياسية مهما كان صغرها يدرك تماما أن اللعبة السياسية لا تعرف الإحترام وأنها قائمة أصلا على التشكيك والهجمات , وهذا الأمر هو الذى يدفع بمعظم نجوم المجتمع إلى العزوف عنها لما تحتويه من اعتداءات لفظية واتهامات وإشاعات ونحو ذلك ..
فمثلا عندما قامت سيدة بريطانية بقذف جون ميجور رئيس الوزراء البريطانى الأسبق ببضع بيضات فاسدة , حكم القضاء البريطانى ببراءتها واعتبر فعلتها تعبير حاد عن الرأى تجاه سياسات الحكومة الخاطئة ..
واللهجة العنيفة التى استخدمها الشعب ضد سياسات المجلس العسكري لم تكن موجهة للمجلس بقدر ما هى موجهة لفشل سياساته , وهنا كان الشعب أكثر وعيا من قادته فى إدراك تلك النقطة التى لم يستوعبها القادة ولم يتخيلوا أن ثمن ممارسة السياسة والحكم فادحا إلى هذا الحد , ولم يقبلوا أو يتقبلوا فكرة انهيار مهابتهم الخرافية التى اعتادوها داخل الثكنات أو حتى خارجها من بين جموع الشعب فى فترة ما قبل تسلمهم السلطة ..
وتعامل العسكري مع سياسته الفاشلة تعامل الأب المفرّط مع ابنه الأكثر تفريطا فبدلا من أن يحسن تقويمه ليتفادى العواقب .. دافع عنه بالحق والباطل

وانقلب تقديرهم لشباب للثورة إلى حالة من الهياج والغضب الشديد دفعتهم إلى إخراج نفس طريقة النظام القديمة فى التعامل مع فصائل المعارضة الجادة ألا وهى إتهامات التخوين وزعزعة الإستقرار و .... الخ


قديم 02-10-2012, 11:25 PM
المشاركة 3
محمد جاد الزغبي
مستشار ثقافي

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
وكان أن بدأت الحرب المستعرة .. التى تدرجت من التوافق المبدئي إلى الإختلاف البسيط ثم إلى العناد المتبادل ثم انتقلت إلى العداوة والقطيعة الكاملة
بدأت بمناوشات لطيفة للغاية بين الجيش والثوار والإعلام المستقل , ولم تتخذ المواجهات طبيعة التضاد وإنما اتخذت وجه التكامل فيما قبل تجربة الإستفتاء المشئومة ..
وكانت فترة ما قبل الإستفتاء شاهدة على العلاقات الوثيقة بين قيادات المجلس وفصائل الثورة وشبابها الذين التقاهم المجلس بصفة منتظمة تقريبا واستمع لهم وكان من ضمن هؤلاء بالطبع مندوبين عن حركتى كفاية و6 ابريل , بل إن هؤلاء كانوا أبرز الحاضرين وأكثر من دعاهم المجلس للقائه .. قبل أن ينقلب عليهم ..
والتقي كذلك العديد من القوى السياسية وزعم أنه يناقشهم ويشركهم فى قراراته ثم فجأة بدت سياسة الإنفراد تتضح جلية عند صدور القرارات فعليا ..
وهنا اتضحت صورة أخرى من تأثير الطبيعة العسكرية على المعالجة السياسية للمجلس فى الفترة الإنتقالية , ألا وهى التعامل مع القوى السياسية ومطالب الثورة بأن يمنحهم حق الكلام كما يريدون أما سلطة اتخاذ القرار فى النهاية فتعود له وحده , وهو ما أثار استغراب المجتمع السياسي بالطبع
وكانت أول البروفات فى مسرحية الإستفتاء الشهيرة التى كانت من بنات أفكار ممدوح شاهين , وكان من المصائب والطوام أن المشير طنطاوى وبقية أفراد المجلس يقدسون التخصص للغاية فيما بينهم ويتناسونه تماما إذا تعاملوا مع بقية المفكرين وأساتذة الجامعات والناشطين السياسيين وإعلام الثورة , وهى طبيعة العسكريين أنهم لا يثقون إلا فى أنفسهم حتى لو تعلق الأمر بشأن مدنى وسياسي لا علاقة لهم به عمليا ..
بمعنى أن أى شأن قانونى أو دستورى كان يحال تلقائيا إلى ممدوح شاهين وحده باعتباره مسئول الشئون القانونية فى المجلس , وهذا مفهوم وطبيعى
لكن الكارثة أن تكون سلطة القرار فى يده وحده , وسلطة الصياغة فى يده وحده , واختيار القرار المناسب يكون حصرا بين مقترحات ممدوح شاهين وحده بغض النظر عن آلاف الإشارات والإستشارات التى تقدم بها أكبر خبراء القانون فى مصر والعالم العربي وكانت كلها متاحة فى الإعلام وتحت أمر المجلس , فأزاحها جانبا واكتفي بممدوح شاهين الذى سنثبت للقارئ الكريم أنه لا يفقه شيئا فى القانون الدستورى أصلا ..
وهو ذلك الفرع من القانون الذى كانت تحتاجه الفترة الإنتقالية , واللواء شاهين تخصصه فى غير ذلك وليس معنى أنه حاصل على شهادة حقوقية أن خبرته تتعدى إلى كافة فروع القانون فهذا لا يتأتى لشخص واحد قط وطالما أن تخصص اللواء شاهين فى هذا الفرع ليس متوفرا ــ كما هو واضح من استشاراته ـــ فكان ينبغي على المجلس الإستعانة بفطاحل هذا المجال كالدكتور حسام عيسي والدكتور فتحى فكرى ــ وهو بالمناسبة صاحب كتاب ودراسة عميقة للغاية فى نقد دستور 71 درسناها على يديه فى جامعة القاهرة ــ فضلا على أنه وزير فى حكومة الجنزورى ,
وحتى عندما لجأ المجلس إلى الإستعانة بخبراء من خارجه اختار المفكرين والقانونيين المؤيدين لرغباته والذين أعطوه الشكل القانونى والصياغة الدستورية لتلك الرغبات
ورفض المجلس ــ بناء على آراء شاهين ــ كافة المقترحات الخاصة بإصدار دستور بديل للدستور الساقط أصلا , وكانت حجته عدم توافر المدة الكافية قبل الإنتخابات لإعداد الدستور , فلما احتج خبراء القانون أن هناك نسخة دستور عام 54 التى أصدرتها لجنة من عيون خبراء القانون فى تلك الفترة برياسة قطب القانون المدنى عبد الرازق باشا السنهورى وهو الدستور الأكمل والأمثل الذى رفضه عبد الناصر لما فيه من تقليص لصلاحيات الرئيس وإعلاء لدولة الديمقراطية النيابية , لم يبرر المجلس مع الخبراء وتجاهل آراءهم وأصر على أن يستفتى الشعب على بعض مواد الدستور الذى أعلن هو نفسه سقوطه وإيقافه ..

ولكى يتفهم القارئ أن قصة الإستفتاء كانت قصة لا داعى لها فضلا على أنها أفرزت نتائج سلبية خطيرة وكانت تتميز بانعدام الخبرة فى مجال القانون الدستورى سنشرحها بشكل مبسط
فالدساتير لا يصنعها أهل القانون , بل هم من يصوغونها كتابة فقط , بطريق التعبير عن المجتمع الذى يعتبر هو واضع الدستور ..
ولهذا فإن كل دستور فى العالم له ديباجة تبدأ باسم الشعب باعتباره واضع الدستور كما هو الحال فى الدستور الفرنسي والأمريكى
ولهذا ـ ومع تقديرنا للّواء شاهين مساعد الوزير ـ فإن الأطروحات الدستورية التى يتبناها المجلس العسكري منذ توليه تنبئ عن اضطراب شديد بعمق الفقه الدستورى مما يحتاج معه إلى استشارات كبار فقهاء القانون الدستورى فى مصر ,
خاصة وأنهم لم يقصروا , فتحدث الدكتور فتحى فكرى والدكتور حسام عيسي , وتحدث مستشارو مجلس الدولة وخبراء الفتوى والتشريع به , لكن دون أن توضع أقوالهم موضع التنفيذ رغم أنهم أهل الإختصاص
ومن التناقضات التى وقع فيها المجلس العسكري
تجربة التعديلات الدستورية التى خرج فيها الإستفتاء بـ ( نعم ) ,
وإذا بالمجلس العسكري يتخذ من الإجراءات ما يتناسب مع نتيجة ( لا ) !
وقد كان هذا أول الجهل بأول مبادئ القانون ..
فنعم للتعديلات الدستورية كان معناها ببساطة إعادة الدستور القديم مع التعديلات المطروحة , وهو ما لم يحدث وإذا بالمجلس يصدر إعلانا دستوريا يقضي بانتهاء الدستور القديم الذى تم تجميده مرحليا , ويبدأ العمل بالإعلان الدستورى المؤقت لحين وضع الدستور الجديد كما لو أن نتيجة الإستفتاء جاءت برفض التعديلات !
ولم يقم المجلس بتفسير تصرفه حتى اليوم ولا قام بشرح خطوة التعديلات التى أحيت الدستور القديم قانونا وتدخل المجلس لإماتته فعليا ؟!
ليس هذا فقط ..
بل أضاف المجلس العسكري ــ هكذا من عندياته ــ عددا من المواد ضمها للإعلان الدستورى دون أن تكون ضمن المواد التى تم الإستفتاء عليها .. فبأى وجه قانونى تمت إضافتها .. الله أعلم

وبالمثل ..
طرح المجلس العسكري تصورا للمجالس النيابية القادمة يحافظ على نسبة 50% عمال وفلاحين فى مجلس الشعب , فضلا على الإبقاء على مجلس الشورى ,
وكلا الأمرين هما من صلب بقايا نظام يوليو وتم اختراع الأمرين لفرض سيطرة الفرد على القرار والتكريس للدكتاتورية , لأن نسبة العمال والفلاحين فى مجلس منوط به التشريع ورقابة أعمال الحكومة معناه أن أعضاء البرلمان لديهم المؤهل الكاف لمناقشة أعتى الأمور السياسية التخصصية مثل مناقشة الموازنة والرقابة المالية ومناقشة مشروعات القوانين واقتراحها , وإقرار السياسة العامة للدولة بالتعاون مع الحكومة
فكيف يمكن أن نتصور قدرة البرلمان على ذلك وهو يضم بين أعضائه أكثر من خمسين فى المائة من الأميين ! ومن منعدمى القدرة الثقافية !!
وهو شرط لبرلمان لا يمكن أن تجده فى أى دولة فى العالم
وقد كان مفهوما من النظام السابق حرصه على الحفاظ على تلك النسبة حتى يتسنى له السيطرة عليهم وتوجيههم كيفما يحلو له , ورأينا هذا واضحا فى فضائح موازنات بطرس غالى وعجز الأعضاء عن فهمها , وفى تفويض الأعضاء للرئيس بصفقات السلاح عبر ثلاثين عاما فضلا على استمرار مد العمل بقانون الطوارئ
لكن ما الداعى لهذا الآن , والمفروض أننا فى الطريق إلى نظام ديمقراطى متكامل ؟!
لا سيما وأن المجلس العسكري يريد إحالة أمر الدستور الجديد للبرلمان القادم , فهل نغامر بوضع الدستور المنتظر ـ وهو ثمرة الثورة ـ بين أيدى برلمان لا يعرف بوعه من كرسوعه ؟!
إلا إذا كان مطلوبا ومتعمدا أن يظل معظم أعضاء المجلس التشريعي على نفس شاكلة البرلمان القديم مجرد أشكال للختم على القرارات الهامة والسرية فى الدولة

وأما مسألة مجلس الشورى ..
فقد أفاض فى شرحها فقهاء القانون الدستورى مثل الدكتور فتحى فكرى [1] وشرح الغاية التى من أجلها سن السادات هذا المجلس عام 1971 م , حيث قام السادات بابتكار هذا المجلس ـ بنفس نسبة العمال والفلاحين رغم زعمه أنه مجلس للعلم والإستشارة ! ـ من أجل غاية واحدة وهى أن يحل مجلس الشورى محل ( الإتحاد الإشتراكى ) فى ملكية الصحف القومية , وذلك بعد أن تم إلغاء الإتحاد الإشتراكى والنظام الإشتراكى كله فى أيام السادات ,
ولا يوجد لهذا المجلس أى وظيفة فعلية من أى نوع ولا يملك ولاية تشريعية أو حتى استشارية ملزمة لا للحكومة ولا للبرلمان , وذلك لأن مصر لا تأخذ أصلا بنظام المجلسين المتبع فى بريطانيا والولايات المتحدة , حيث تتوزع الإختصاصات التشريعية والرقابية على مجلسين مختلفين يمثلان معا البرلمان الشعبي
فمجلس الشورى المصري لا موقع ولا محل له من الإعراب , وقد طرحه السادات ـ كما سبق القول ـ لغاية وحيدة وهى مواجهة مأزق عدم وجود هيئة تمثل المالك بالنسبة للصحف القومية التى صادرتها حكومة الثورة ,
ولما كان لا يستطيع أن يجعل الصحف القومية تابعة للحكومة ـ شكلا ـ فقد ابتكر هذا المجلس لهذا الغرض وتحول المجلس منذ إنشائه إلى مكافأة يعطيها النظام لرجاله المخلصين عبر تعيين نصف أعضائه من رئيس الجمهورية !!
فلماذا نصر على بقائه رغم ما يتكلفه من ميزانية الدولة بلا أدنى طائل ويعتبر مركزا لتجميع مراكز القوة ورعاية الفساد عبر حصانة أعضائه التى ليس لها أدنى مبرر تشريعي ,
لهذا لابد من الإستماع لخبراء القانون الدستورى لا سيما إذا أجمعوا على أمر محدد , وقد أجمعوا على ضرورة وضع دستور جديد كخطوة سابقة على الإنتخابات التشريعية , فضلا على تعديل نظام الإنتخاب بما يتناسب مع النظام الديمقراطى , وإلغاء مجلس الفاسدين المسمى بمجلس الشورى ووضع الشروط الملزمة والكافية لمن يرشح نفسه عضوا بالبرلمان حتى يستطيع أداء وظيفته على الوجه الأكمل ,
وهكذا تكلفت إنتخابات الشورى مليار جنيه وفى ظل غياب شبه تام من الناخبين وبلا أى داعى حقيقي إلا العناد !

ولم تقتصر النتائج السلبية على المجال القانونى وحده , بل تعدتها إلى ما هو أفدح ..
أفرز الإستفتاء نتيجة خطيرة للغاية وهى تفرد الإعلام المغرض بمقدرات الناس وتفجير قضية طائفية فى موضع ليس له أى مكان من الإعراب ! , فى نفس الوقت الذى يفتقد فيه المجلس العسكري لأى وسيلة إعلامية حقيقية تدافع عن سياسته وتتبناها بالإيضاح للشعب ,
لا سيما وأن الصحف القومية والإعلام الرسمى الذى ورثه من النظام السابق لا يساوى مقدار خردلة من القيمة بين الناس لافتقاده أدنى قدر من المصداقية واتباعه سياسة ( عاش الملك .. مات الملك )
وهو ما أدى بكل صاحب بوق أن يتفرد بوعى الجماهير وتفجرت الصراعات الإعلامية مدوية لهذا السبب
ففجأة أصبحت التعديلات الدستورية ـ دون أدنى سند من الواقع ـ عبارة عن صراع طائفي على المادة الثانية من الدستور والقاضية بأن الشريعة الإسلامية هى المصدر الرئيسي للتشريع !
ولست أدرى أين هو من تحدث عن تعديل هذه المادة أو حذفها ! وكل التعديلات المقترحة كانت تخص مواد دستورية تنظيمية لا علاقة لها إطلاقا بالمبادئ الدستورية الواردة فى الباب الأول من الدستور والتى تعتبر تعبيرا عن حالة المجتمع وغير وارد إطلاقا تعديلها أو المساس بها سواء فى الدستور القديم أو الدستور الجديد ..
وحتى يستوعب القارئ مدى تفاهة مضمون الصراع الذى دار فى أن التصويت بنعم يعنى الإنحياز للإسلام والتصويت بلا يعنى العكس ..
ينبغي لنا أن نفهم أولا ما هو الدستور ومم يتكون , ولماذا تعتبر المادة الثانية مبدأ دستوريا غير قابل للمساس به وإلا اختل الدستور فى مضمونه ..
فالدستور فى أى دولة فى العالم هو أبو القوانين , ولا يتكون من مواد قانونية تفصيلية كتلك الموجودة فى القوانين العادية بأكواد مرقمة مثل قانون العقوبات أو القانون المدنى , بل يتكون من شقين ..
الشق الأول وهو المبادئ التى تعبر عن المجتمع .. وهى مبادئ شارحة لثقافة المجتمع وتوجهاته وتاريخه وطببعته
والشق الثانى وهو الشأن التنظيمى للنظام الحاكم لتلك البلد والذى وقع عليه اختيار الجمهور سواء كان برلمانيا أو جمهوريا ..

وبالنسبة للشق الأول ..
فهو يحتوى ـ كما سبق القول ـ المبادئ العامة التى تصف حالة المجتمع الذى يوضع له الدستور , ولهذا فهى عبارة عن مبادئ واقعية غير قابلة للتغيير ولا تخضع للتعديل , لأنها وببساطة تصف طبيعة المجتمع الذى يوضع له الدستور ,
وتحتل هذه المبادئ الأبواب الأولى من الدستور ..
وكمثال للإيضاح ..
فإن المادة الثانية مثلا فى الدستور المصري هى توصيف لطبيعة دين الأغلبية فى القطر المصري وهو دين
الإسلام فمن الطبيعى أن تكون الشريعة الإسلامية هى المصدر الأصلي الذى تنبع منه سائر القوانين مع عدم الإخلال بالأقليات , وأى مساس بها يعنى ببساطة أن الدستور غير مطابق لواقع حال هذا المجتمع ومن ثم يعتبر دستورا معيبا .,
بالضبط كما لو كنا بصدد إعداد كتاب عن أحوال مصر أو أى قطر فنحن نضع فى هذا الكتاب ما تعبر عنه الأغلبية ونصفه بغض النظر عن رأينا فيه , فإذا جاء كاتب أوربي مثلا وأعد كتابا عن مصر وقال فيه أن مصر دولة إسلامية فهو هنا لا يضع رأيا بل ينقل واقعا وإذا دس وجهة نظره هنا وقال خلاف ذلك لكان كتابه وقوله وهما فى وهم وخيال فى خيال !!
نخلص من هذا الأمر إلى أن المادة الثانية أو أى مادة من مواد المبادئ الدستورية غير قابلة للنقاش أو الطرح إلا إذا تغيرت أحوال المجتمع نفسه !
فعلام إذا كان الصراع من الأساس ؟!

هذا بخلاف أن الإستفتاء تكلف حوالى 132 مليون جنيه من ميزانية الدولة التى يعلن المجلس العسكري نفسه كل دقيقة أنها تمر بأزمة مالية فادحة !
فكان أن استجاب المجلس العسكري لعبقرية اللواء شاهين التى جعلتنا نشترى فتنة طائفية معبأة وجاهزة بحوالى 132 مليون جنيه دون أن يستفيد الوطن منها شيئا !!

وليت أن الأمر اقتصر على هذا ,
فالمجلس العسكري كان ولا زال دائما متذبذب القرار والإدارة , وعانى فشلا ذريعا على كافة المستويات فى إدارة البلاد , ومن غريب الأمور أنه كان يعلق شماعة فشله على الثورة والثوار وكأن بعض المظاهرات فى ميدان التحرير هى التى جعلت الحالة الأمنية متردية وهى التى منعت الداخلية من أن تؤدى دورها ــ رغم التدليل الذى تعامل به معها المجلس العسكري ـــ وكأن الثورة هى التى منعت المجلس العسكري من الإستعانة بالخبراء للنهوض بالإقتصاد رغم أن تحت يديه أكبر ميزانية فى تاريخ مصر .. وهلم جرا ..
والخبراء من جميع المجالات لم يقصروا وكان يمكن للمجلس العسكري أن يقود مصر إلى أعلى مستوياتها فى تلك الفترة القصيرة نظرا لأن الميزانية تحت يديه خلت من البنود التى كان نظام مبارك ينهب بها البلاد عبر الأجور الفلكية الفاحشة وأموال الصناديق الخاصة التى زادت عن 160 ألف صندوق خارج حسابات الميزانية الرسمية والمشروعات الوهمية ومجاملة رجال الأعمال على حساب المصلحة العامة , وغيرها
لكنه لم يفعل ..
بل إنه عجز عن اتخاذ قرار مفصلي وهو خفض الحد الأقصي من الأجور وظلت الأجور المليونية لرجال النظام قائمة كما هى دون أى مبرر , واحتفظ للدولة بحالة من الجمود الهائل على غرار أيام مبارك , هذا فضلا عن تقاعسه فى مصادرة الأراضي والأموال التى تحت يديه فى داخل مصر والتى نهبها رجال النظام السابق , بل بلغت المهازل أن جمال مبارك نفسه كان يتمتع بالحرية فى ذمته المالية طيلة الشهور الماضية حتى صدر قرار المنع مؤخرا !
فضلا على تقاعسه غير المبرر فى ملف استعادة الأموال المنهوبة التى جفت حلوق الخبراء وهم يقدمون الحلول اللازمة لاستقدامها ولكنه تغاضي عن ذلك وسمح لرجال النظام بستر معظم تلك الأموال رغم استعداد الدول الغربية المعلن عن إمكانية إعادة تلك الأموال التى تم تجميدها لصالح مصر وتكاسلت الحكومة عن استعادتها !
بخلاف الملف الأهم وهو الملف الأمنى الذى يحار فيه اللبيب ويعجز عن تفسيره كل الناس لأنه لا يوجد أدنى مبرر يسمح للمجلس العسكري أن يدلل وزارة الداخلية ويسمح لها بالإستهتار فى الملف الأمنى بهذا الشكل المكشوف والمفضوح كأنه يقود خطة عقاب المصريين على القيام بالثورة ..
ثم كان أخيرا ملف القصاص من قتلة الشهداء الذى شهد تراخيا رهيبا سواء فى التحريات اللازمة عن القضايا والتى تركها المجلس العسكري للشرطة نفسها التى جاملت ضباطها بالطبع فجاءت التحريات منقوصة ومشوهة , أو حتى فى تحقيقات النيابة العامة التى سمحت للمتهمين من الضباط بأن يظلوا بحريتهم دون أى حبس احتياطى وتركتهم ليقتلوا سيل الأدلة ضدهم وهم يمارسون عملهم الخدمى فى جهاز الشرطة وهذا معناه ببساطة أن أى قضية ذهبت للمحكمة بخصوص قتل الشهداء مآلها البراءة نتيجة للعبث فى الأدلة !
كل هذا الفشل فى كل تلك الملفات لم يعترف به المجلس العسكري رغم السلطات الرهيبة التى يتمتع بها فى الدولة والتى وضعت تحت يديه سلطة مجلس الشعب وسلطة رئيس الجمهورية معا بخلاف وجود أجهزة الأمن المدنية والعسكرية تحت يده والتى تتيح له السيطرة على كافة الأوضاع لكنه لم يفعل !


الهوامش :
[1]ـ القانون الدستورى ـ د. فتحى فكرى ـ مكتبة النهضة العربية ـ مقرر الدراسات العليا للقانون العام بجامعة القاهرة عام 2001

قديم 02-10-2012, 11:33 PM
المشاركة 4
محمد جاد الزغبي
مستشار ثقافي

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
وبتجربة الإستفتاء , وما تبعها ..
اتضح الأمر أن النية ليست خالصة كما كنا نتصور يوم مساندة الجيش للثورة , أن عملية الإنتقال الديمقراطى التى سيقودها المجلس العسكري ستكون من نوعية ديمقراطية صفوت الشريف , وإلا ما معنى الإصرار على إبقاء نسبة العمال والفلاحين والعمل بضراوة للتحالف مع التيارات المعادية لتيار شباب الثورة سواء من الإخوان والسلفيين أو حتى من فلول الوطنى وجماعة أبناء مبارك وجماعة ( آسفين يا ريس )
وهكذا انقلب مخطط المجلس العسكري من مجرد محاولة احتواء الثورة وأقطابها وإعلامها إلى استراتيجية المواجهة , واعتمادا ــ كما يتوهمون ـــ أن معهم الجانب الأكبر من الشعب الذى سينحاز إليهم لعدة أسباب وهى :
أولها : أنه ضمن ورقة السلفيين والإخوان المسلمين فى جيبه وبات هذا واضحا فى النفاق الغير مستغرب من الجهتين تجاه المجلس العسكري , واتضح هذا بشدة فى المواجهات التى قامت بين الثورة وبين المجلس وتخلى عنها الإخوان والسلفيين علانية , وبلغ تأييد السلفيين للمجلس العسكري أن بعضهم أفتى مشددا على أن من خرجوا يهتفون ضد المجلس العسكري معتدون يستحقون القتل وهم قتلى وليسوا شهداء !
ثانيها : اعتمد المجلس على فلول النظام التى كانت تناصر مبارك علانية وتعتذر له فضمها إلى صفوفه فى تصرف مثير للغرابة حيث أن المجلس العسكري من المفروض أنه نكّل بمبارك فكيف يسانده أبناء مبارك والباكين عليه , وتفسير هذا التصرف هو داء النفاق ـــ أعاذنا الله وإياكم ــ فأبناء مبارك بغريزة النفاق لا يمكنهم الحياة بغير هذا الأسلوب ,
كما جند المجلس العسكري التليفزيون المصري والجرائد القومية لتقوم معه بنفس الدور الذى لعبته مع مبارك نصا دون أدنى تغيير وأصبح جهاز الإعلام الرسمى مجندا للشئون المعنوية وتحت سيطرتها
ثالثها : مراهنته على الشعب المصري فى أنه لابد أن الناس قد ملت الحالة الثورية وتطمح إلى الإستقرار فلعب على هذا الوتر فى كافة بياناته كما أنه استغل المظاهرات التى قامت ضده ليلقي عليها شماعة فشله الذريع فى إدارة البلاد سواء من الناحية الأمنية أو الإقتصادية ..
رابعها : خرجت جبهة الرفض من المجلس العسكري للإعلام وبقيادة اللواء حسن الروينى قائد المنطقة المركزية لتصب كافة الإتهامات على الثوار وبالذات شباب 6 إبريل وحركة كفاية وكافة فصائل الثورة وردد عنها ما كانت تردده أجهزة إعلام مبارك تماما دون أدنى تغيير !

والواقع أن مراهنة المجلس على الأسباب السابقة فشلت جميعها معه ,
فلم ينفعه فلول النظام الذين صارت مظاهراتهم فى ميدان العباسية مثارا للتندر عند مقارنتها بمظاهرات ميدان التحرير الحاشدة والتى تميزت بالإصرار الذى يشي بأن من يقف خلفها أناس ذوو عقيدة مستعدون للموت فى سبيلها ودفعوا الثمن من أرواحهم ودمائهم فعليا ,
بينما متظاهرو العباسية لم يصب أحدهم حتى بزكام فى سبيل حبه للمجلس العسكري أو لمبارك ..
والإعلام المصري الذى راهن عليه المجلس تردى من هاوية إلى أخرى حتى أصبحت شاشات التليفزيون المصري لا يشاهدها تقريبا إلا أبناء مبارك مع أعضاء المجلس العسكري بالطبع ..
أما الإخوان فإن المواجهة بينهم وبين المجلس لا شك أنها قادمة فى الأيام الآتية فدرس وعبرة التاريخ تؤكد ذلك بما لا يدع مجالا للشك ..

ومع المواجهات الدموية التى حدثت بين متظاهرى التحرير وبين المجلس العسكري وبسقوط أكثر من مائة شهيد وآلاف المصابين من جراء تلك المواجهات على مدار فترة عشرة أشهر من حكم المجلس العسكري نشأت حالة من الثأر المتبادل بين الجانبين واحتدم بينهما الصراع وأصبحت المظاهرات تغلى تحت الرماد كل يوم انتظارا للمواجهة الحاسمة ,
بالذات بعد الأحداث المؤسفة التى حدثت فى نوفمبر والتى أوضحت تماما أن هناك خطة منظمة اتبعها المجلس منذ شهر إبريل لإسقاط الثورة والثوار اعتمادا على السيناريو الأصعب وهو سيناريو رومانيا السابق الحديث عنه والذى حذر منه كبار المفكرين مثل علاء الأسوانى وتمثلت خطوات السيناريو فيما يلي :
أولا : الهجمة العنيفة بنفس نظام هجمات مبارك السابقة والتى ملخصها تخوين الحركات الثورية البارزة وتقديمها على أنها مدعومة بالخارج , وقد سبق لنا شرح مدى تهافت تلك الإتهامات , ونضيف إليها أسبابا أخرى خاصة بالمجلس العسكري نفسه عندما يكون مصدرا لتلك الاتهامات حيث أنه مصدر السلطة الفعلية فى البلاد وطالما ألقي هذه الإتهامات الخطيرة بالعمالة والتخوين فلماذا لم يتخذ إجراءات تقديمهم للمحاكمة ونعنى بالذات حركة 6 إبريل وحركة كفاية واللتان قامتا طوعا بالتقدم ببلاغات للنائب العام ضد اللواء حسن الروينى الذى صرح بهذه الإتهامات واتضح أنها مجرد كلام مرسل ولغو لا دليل عليه !
وكتب أحمد ماهر منسق حركة 6 إبريل مقالا متحديا للمجلس فى جريدة التحرير يطالبهم فيها بدليل أو حتى شبهة تثبت هذه الإتهامات .. فلم يتلق ردا وكذلك فعل الكاتب الكبير عبد الحليم قنديل أحد مؤسسي حركة كفاية واستمرت الحركات فى أداء مهامها السياسية وانتقاد سياسة المجلس العسكري دون أن تبدو لمحة واحدة من اتهامات المجلس على أرض الواقع تثبت كلام اللواء الروينى
وجاءت لجنة تقصي الحقائق التى شكلتها الحكومة لفحص ملفات المنظمات الممولة من الخارج لتزيد موقف المجلس العسكري حرجا عندما برأت حركتى إبريل وكفاية تماما من تهمة تلقي الأموال ..
هذا فضلا على تساؤل منطقي طرح نفسه مع إتهامات الروينى وهى كيف قبل المجلس أن يجتمع برموز حركة 6 إبريل لشهور طويلة ويستشيرها فى سياسة الدولة ويشيد بهم قبل تلك الإتهامات بأيام قليلة , وقد سبق أن التقي مندوبين عن الحركة ببعض قيادات المجلس العسكري قبل ثلاثة أيام من اتهامات الروينى ..
فهل كان المجلس يعلم ــ وهو يجتمع بهم ــ أنه يجتمع مع عملاء ؟!
وعندما جاء موسم انتخابات مجلس الشعب ترددت أنباء عن عرض بعض مقاعد مجلس الشعب من المعينين على رموز حركة 6 إبريل وهو ما ردت عليه الحركة بالرفض والإستهجان إذ كيف يتفق إتهام الحركة بالعمالة مع هذا العرض
وبعد تصريحات اللواء الروينى بيوم واحد اجتمع اللواء مراد موافي مدير المخابرات العامة ــ وفى مقر الجهاز بكوبري القبة ـــ بعدد من رموز 6 إبريل لمناقشة بعض الأوضاع بالبلاد فى إشارة لا تخطئها عين أن الجهاز الأمنى الأول فى مصر والمنوط به مكافحة التجسس والعمالة يجتمع علانية مع رموز الحركة التى اتهمها المجلس العسكري ويصفهم بالوطنية ويناقشهم فى أوضاع البلاد ويستمع لمطالبهم على نحو يجعلنا نتساءل حقيقة عن طبيعة العلاقة جهاز المخابرات العامة بعد الثورة بالمجلس العسكري .. إذ أن تلك الإشارة وتلك المقابلة فى ذلك التوقيت ليس لها مبرر إلا الرد على اتهامات الروينى وتبرئة حركة 6 إبريل بشكل عملى وملحوظ ..
هذا فضلا على التناقض الأكبر الذى وقع فيه المجلس العسكري عندما اعتبر مجرد تلقي المعونات لمنظمات المجتمع المدنى تهمة , فإنه غفل عن أن هذه التمويلات كانت ــ ولا زالت ــ تتم تحت رقابة الحكومة وموافقتها بل وسائر المنظمات ــ حتى الأجنبي منها ــ يعمل فى مقرات علنية بالقاهرة ويتقاضي من المعونة الأمريكية سنويا نصيبا معلومات وشرعيا تماما !
وبتفجير المجلس العسكري لهذه القضية فتح الباب عن آخره أمام ملفات كان المجلس نفسه آخر من يرغب فى فتحها ..
فإذا كانت التمويلات الخارجية تهمة وتدفعها الأنظمة الغربية لتنفيذ رغباتها فإن هذا أول ما ينطبق .. ينطبق على المجلس العسكري نفسه الذى يتقاضي سنويا معونة عسكرية قدرها 1.3 مليار دولار من الولايات المتحدة , ومن المعلوم أن المعونات الخارجية الأمريكية ولأى دولة أخرى فى العالم لا يتم دفعها بلا مقابل بل حتما يتم دفعها لتقوم الأنظمة متلقية المعونة بردها على هيئة دعم السياسة الأمريكية للشرق الأوسط ..
فكيف أصبحت المعونات العسكرية عملا شرعيا معلنا بينما المعونات المدنية رجس من عمل الشيطان !
فالخاسر الأكبر من فتح ملف المعونات كان المجلس العسكري نفسه الذى لا يمكنه التخلى عن تلك المعونة الأمريكية المقيدة للسياسة الخارجية المصرية والتى تسببت فى عصر مبارك فى تحويل مصر إلى مجرد تابع فى المنطقة , وفى عصر الثورة الجديد ــ ووفقا لتصريحات العسكري ــ فإن الحكومة المصرية سترفض أى تدخل أمريكى فى السياسة المصرية وهو ما يناقض تماما قبول النظام المصري للمعونة حتى اليوم فإن أول دلائل الإستقلال هى الخلاص من ربقة الإستبعاد التى تمثلها تلك المعونة المذلة والتى يدور الجدل عنها وعن وقفها أو تخفيضها سنويا فى الكونجرس تحت تأثير اللوبي اليهودى ..
وهكذا خسر المجلس العسكري فرصة فصل الثورة عن الشعب وعن فصائل الثوار عن طريق تشويهها ..

ثانيا : بعد أن اكتشف المجلس العسكري أن الفصائل الشبابية للثورة لن تهمد حركتها عن متابعة سياسة المجلس فى إدارة البلاد ولن تكف إطلاقا عن سعيها لتطبيق كامل مطالب الثورة عبر التظاهر السلمى لجأ المجلس فى البداية إلى مقاومة التظاهرات بطريق غير مباشر عن طريق وصم الثوار والمتظاهرين بالإتهامات السياسية والأخلاقية فضلا على أسلوب جديد استخدمه المجلس فى شهر مارس عام 2011 ألا وهو محاولة كسر إرادة الثوار نفسيا وتخويفهم بطريق غير مباشر من بعض ممارسات الشرطة العسكرية وكانت أشهر الطرق هى فضيحة كشوف العذرية التى تم تطبيقها على فتيات المتظاهرين فى ميدان التحرير ,
وهى الفضيحة التى لم تأت بنتيجة فعلية وارتدت على المجلس العسكري نفسه سلبيا واضطر للاعتذار عنها وتحويل قضيتها للمحكمة العسكرية تحت ضغط الناشطات اللواتى تعرضن لتلك الكشوف فلم تنكسر إرادتهن أو على الأقل لم تنكسر الإرادة عندهن جميعا , وظهرت أحد الفتيات المحجبات اللواتى خضعن للكشف وهى سميرة ابراهيم ورفعت قضيتها أمام القضاء الإدارى لوقف تلك المهزلة ..
ثم استمرت الحرب عن طريق استغلال المجلس للإعلام الرسمى والإعلام المتواطئ معه فى تصوير فتيان وفتيات التحرير على أنهم مجموعة من الشواذ جنسيا والمنحرفات أخلاقيا , وهى اتهامات حتى لو صدقت مع بعض الشباب فهى لا تعنى وصم كامل المتظاهرين والمعتصمين بذلك , لا سيما وأن أبرز مميزات الميدان فى الثورة كان صلاة الجماعة من ميدان التحرير ..
وجاء الرد من الشباب كان قويا وواضحا ووقف الإعلام المستقل وقفة جادة أمام محاولات تشويه السمعة التى اتبعها المجلس ..
فلما فشلت تلك الأمور لجأ المجلس إلى الضرب فى سويداء القلب على طريقة نظام مبارك , ووقع الشهداء فى عدة مواقع وبأيدى الشرطة العسكرية والمدنية وبأوامر المجلس الذى حاول التنصل من الأمر بإدعاءات وجود طرف ثالث من البلطجية , ولكن الأمور كانت واضحة تماما للعيان عن طريق التأمل فى نوعية الشهداء من جهة وفى عدم سقوط ضحايا إلا من جانب المتظاهرين , وكان استشهاد طالب الطب علاء عبد الهادى والشيخ عماد عفت أمين الفتوى بالأزهر سببا فى انفجار الغضب من جديد على المجلس العسكري هذا فضلا على ما نجم من ممارسات الشرطة العسكرية تجاه جثث الشهداء والتنكيل بها والإعتداء البدنى على السيدات والفتيات وهى الصور التى طيرتها وكالات الأنباء للعالم واعترف بها المجلس العسكري واضطر إلى القول أنها أفعال فردية رهن التحقيق !
ولم تكن الإعتداءات الحاصلة اعتداءات فردية بل تمت كلها بأوامر وبشحن معنوى هائل للجنود والضباط ضد المتظاهرين اتضح من خلال قيام اللواء عبد المنعم كاطو مستشار الشئون المعنوية إلى التصريح فى الإعلام أن الضجة المثارة حول سقوط القتلى ليس لها ما يبررها وأن هؤلاء الشباب يستحقون الحرق فى أفران غاز هتلر !!
فإذا كانت هذه الكلمات صادرة عمن بيده أمر الشئون المعنوية فلنا أن نتخيل ونتفهم لماذا تعامل الجنود والضباط مع شباب المتظاهرين بهذه القسوة البالغة !!
إذ أنه من الطبيعى أنهم متشربون حتى أعناقهم بقناعات أمثال اللواء كاطو من أن هؤلاء الشباب هم من يعطل حركة الإنتاج وهم مجموعة من الخونة والشواذ يستحقون الحرق فكان من الطبيعى أن يتعامل الجندى مع المتظاهرين على هذا الأساس !
ورغم ذلك فشل المجلس العسكري أيضا وانقلب الغضب عليه مدمرا وعاتيا وظهر ذلك فى مظاهرات الميادين التى هزت أرجاء مصر فى ذكرى الثورة ورفضت الجماهير الخضوع أو الإحتفال بذكرى الثورة واعتبرتها غير مكتملة ..

ثالثا : كانت المحاولة الثالثة من المجلس هى محاولة إعلان الحرب على الفضائيات والجرائد المستقلة لا سيما قناة التحرير وجريدة التحرير وجريدة صوت الأمة وغيرهم من قنوات الإعلام الغير خاضع لرقابة المجلس العسكري وفشل فى ذلك أيضا ..
فقد حاول تطويع الإعلاميين الكبار أو تشويه صورتهم وتسميتهم بقنوات الفتنة وحاول أن يجد للإعلام الرسمى مكانا فى قلوب الناس فانقلب الناس أكثر وأكثر على القنوات الرسمية وأصبح من المألوف فى مظاهرات ماسبيرو أو يمر المتظاهرون حاملين نعوت وصفات الكذب وهى ملتصقة بالتليفزيون المصري الذى يغير جلده ويتلون تبعا لتنبيهات السلطة ..
ولجأ المجلس العسكري إلى نفس رجال النظام السابق من الصحفيين الرسميين أو شبه الرسميين أو هؤلاء الذين اعتادوا النفاق دون أن ينتبه إلى أن تلك النوعية من الإعلامية هى نوعية ساقطة الأهلية عند الجماهير وزادت الفجوة بين المجلس العسكري وبين الشعب رغم ما بذله هؤلاء الإعلاميون المضللون من محاولات الصب فى تشويه الثورة أو تصوير المتظاهرين على أنهم حفنة من المخربين ..
وفى إجراء متأخر للغاية أقال المشير طنطاوى اللواء اسماعيل عتمان مسئول الشئون المعنوية فى المجلس الأعلى للقوات المسلحة ورفض التجديد له بعد سن التقاعد لأن الشئون المعنوية تحت قيادة عتمان فشلت فشلا ذريعا فى المعركة الإعلامية بين المجلس وقوى الثورة المختلفة ..

رابعا : لجأ المجلس أخيرا إلى القوى المؤيدة له وهى بقايا الفلول والتيارات الإسلامية المتمثلة فى الإخوان والسلفيين أصحاب الأغلبية فى البرلمان , وهى الطبقات التى لا تجتمع على وجهة نظر واحدة والصدام قادم دون شك كما قلنا من قبل لأن الإخوان وجدوا أنفسهم أمام خيارين لا ثالث لهما إما الإنحياز لوجهة نظر الثوار والشعب وإما الوقوف صفا مع المجلس العسكري لحين استلام السلطة استلاما مشوها يخضع لرقابة المجلس الأعلى ,
وهم الآن فى حالة مائعة هواهم مع مهادنة العسكري , وعقلهم على الشعب الرافض لأسلوب المهادنة وضعف اتخاذ القرار
ولا زالت الساحة الآن حافلة بالصراعات حيث أن شباب الإخوان وشباب السلفيين وحتى بعض أعضاء مجلس الشعب من المنتمين للتيارين لا يرون فى كثير من الأحيان أن المجلس العسكري جاد فى تخليه عن السلطة بشكل كامل أو كما أنهم يرفضون أوامر قياداتهم وتفريطهم فى حقوق الشهداء ولهذا فإن البرلمان اليوم فى وضع لا يحسد عليه حيث أن قيادة الإخوان من الصعب أن تسيطر عليه كما كانت تتوقع بالذات فى القضايا المعلقة التى لا يستطيعون التفريط فيها علنا أمام الشعب الذى منحهم الثقة ..
بالإضافة إلى تحول البرلمان تحت قيادتهم إلى مجرد مكلمة سياسية لم تنجز شيئا ولا يُتوقع أن تنجز قريبا ,

وهكذا ..
وكنتيجة طبيعية لعدم استيعاب المجلس العسكري طبيعة وأهداف الثورة وأهداف الشباب فى وجود دولة ديمقراطية حديثة تنعم بالحرية الحقيقية ويكون فيها كافة القوى تحت مظلة الشريعة والقانون , وظل على ظنه حتى اليوم أنه قام بواجبه تجاه الثورة التى حدد أهدافها هو من وجهة نظره ـــ من وجهة نظر المجلس ــ وهى إسقاط رءوس النظام دون العصف بالنظام الكامل وإقامة حياة سياسية جديدة ..
ولا تفسير لذلك إلا أن المجلس أراد طى الثورة وقصرها على ذلك الهدف والعبور بمصر إلى مجرد إصلاح لا نتائج ثورة , لأن المجلس من داخله غير مؤمن حتى اليوم أن الشعب يملك الحق فى الديمقراطية الكاملة , وحتى لو آمن بذلك فهو غير مستعد ــ على الأقل فى وجود الجيل الحالى من القيادات ــ أنه بوسعه المخاطرة بوضع نفسه والقوات المسلحة تحت مظلة حكم ديمقراطى ينزع عنهم غطاء النفوذ الهائل الذى تمتعت به القوات المسلحة طيلة ستين عاما فضلا على أنه ينزع الحجب عن أسرار يفترض أن تظل كذلك دائما ..
فشل المجلس فى طى صفحة الثورة ــ كما كان يتخيل ــ تحت جناحه , ولم يستوعب أيضا أن يقظة الشعب الحقيقية التى قامت فى 25 يناير 2011 كانت يقظة شعبية حقيقية فيها الشعب هو القائد الحقيقي وهى النموذج الثورى الكامل الذى كانت مصر حبلى به عام 1952 م وكانت الجماهير مؤهلة بالفعل للقيام به لولا أن أخذ الجيش زمام المبادرة إليه وانطلق فى انقلاب عسكري أخّر انتقال السلطة إلى الحياة الديمقراطية السليمة قرابة ستين عاما ..
فى حين أن المجلس العسكري كان يملك الفرصة الذهبية لدخول التاريخ لو أنه قاد المرحلة الإنتقالية بالفعل إلى مرحلة التحول الديمقراطى العميق ـــ لا الشكلى ـــ وكان الشعب بكل فصائله على استعداد كامل للعفو ما سلف ومنح أعضاء المجلس حصانة ضد المساءلة لو أنهم التزموا بتحقيق أهداف الثورة
لكن هذا لم يحدث ببساطة لأن المجلس لا يتصور أصلا نفسه فى موضع اتهام حتى يمكن أن يتصور نفسه فى موضع عفو .. وهو ما عبرت عنه بعض التصريحات العصبية لبعض أعضاء المجلس العسكري مثل الفريق سامى عنان الذى صرح إزاء انتشار الدعوات بمنح المجلس حصانة ضد المحاكمة لو سلم السلطة سريعا ..
قائلا : من يطالب بمحاكمتنا سنحاكمه نحن , ولا أحد يستطيع فرض إرادته على الجيش ![1]
كذلك اللواء اسماعيل عتمان صرح على التليفزيون المصري فى الذكرى الأولى للثورة أن طرح مسألة الحصانة ضد المحاكمة تبدو له إساءة أدب مع المجلس العسكري الذى حمى الثورة وأضاف نصا ..
( يعنى ايه عفو وحصانة كأن اعضاء المجلس عاملين عملة ) !
وهذه التصريحات مضافا إليها ما سبق تثبت أن المجلس العسكري كان يتعامل من البداية على أنه هو مصدر السلطات ومصدر الشرعية وأن المكانة المتميزة للقوات المسلحة حق مكتسب لا تتعدى عليه مطالبات الديمقراطية , وهذا الشعور وتلك الأساليب كانت المرجع الحقيقي الذى تسبب فى انقلاب المجلس العسكري على الثورة فور اكتشافه حقيقة مطالب الشعب !


الهوامش :
[1]ـ نقلت جريدة صوت الأمة هذه التصريحات فى مقال رئيس التحرير عبد الحليم قنديل فى ذكرى الثورة

قديم 02-22-2012, 02:16 AM
المشاركة 5
حنان آدم
مداد فكر

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
كالعادة ,
أتخيل عندما أقرألك إنى ما قرات أي شيء قبلها يخص الموضوع ولا مر ّ على أي تحليل أو اخذت بأى وجهة نظر سابقة
قلمك ساحر
أعتقد لو عرضنا المقالات دى على أصحاب الميادين لوحّدوا المنصّات عندك والهتافات بعدك
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
سؤال عارض من بين القراءة الأولى :
والإحتفاظ للجيش بمكانة خاصة ظن المجلس أن الهيئات التشريعية لن تبخل عليه بها فى الدستور الجديد ..
بل إنهم تعاملوا فعليا على أن هذا الوضع الخاص حق مكتسب لهم مقابل مساندة الجيش للثورة , وهى وجهة النظر القاتلة التى وقع فيها أعضاء المجلس ولم يحسنوا أو يدركوا أن الشباب الثائر لن يقبل بهذا الوضع الذى يريده المجلس , ولن يقبل بإعادة إنتاج نظام مبارك مع ديمقراطية أسياد البلد التى أشبعنا نظام مبارك بها طيلة ثلاثين عاما
ما توضّح لى جيداً , ما هدفهم الرئيسى أن تكون لهم مكانة خاصة ؟
يعنى يصبحوا سلطة خاصة لا تتعرض للمساءلة أو التدقيق خلفها أم ماذا ؟
وأليس الجيش في الأساس مؤسسة منفردة من مؤسسات الدولة
يعنى نظام تكوينها ومحاسبتها وكله يكون بشكل مختلف أم كيف


تقديري الشديد لك في نقطتين كانتا المحور لحدّ الآن ,
أولاهما معالجتك الدقيقة لموقف الجيش بشكل متسلسل ومنطقى وإبطالك لكثير من الآراء المختلطة حوله , مثل انهم تبع لمبارك فيكف ممكن أن يتخلوا عنه , وأنهم كمؤسسة كانت في عهد مبارك طالها الفساد مثلما طال غيرها فلم تعد مأمونة الجانب وغير ذلك
وتوضيحك للب الموضوع بتجرّد كامل وانحياز واضح للكلمة الفصل فيه وأنت كنت من اكبر مؤيديه وأنصاره وداع للتشبث به كجهة مرفوض فيها التشكيك

والأخرى كلامك عمّا يعتمر في نفوسنا جميعا كشباب من هذا الجيل كفر بكلّ اتباع لغير الحق وحده وطرح كل ما عداه
ودفاعك المستميت عن حقنا في ذلك بأسلوب وتعبير معضد لنا جداً جداً وزاد من إيماننا بموقفنا ورغبتنا في الاستقلال من أي سلطة تحكمية
سياسية فكرية ... كل ّ شيء إلا الحق ّ الذي نؤمن به ونتبنّاه

أتابعك .. وسأتابع دوماً
ومازلت عند رأيي بقوة أن كتابك عن الثورة سيختلف جداً جداً عن الكتب المطروحة من بداية الأحداث وللآن

سوسنة الكنانة
قديم 02-24-2012, 07:20 PM
المشاركة 6
محمد جاد الزغبي
مستشار ثقافي

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
بارك الله فيك
والموضوع ابسط مما تصفينه , فهو لا يعدو كونه موضوعا شاملا وتحليلا للاحداث فى مجملها ,
وقد تعرض الكثيرون لذلك على نحو منفصل ..
وبالنسبة لسؤالك ..

فالجيش مؤسسة مستقلة أى نعم ..
ونظامها المالى والادارى مستقل , ولكنه تابع فى نفس الوقت لميزانية الدولة وله إلى جوار الميزانية الهائلة ميزانية أخرى ليست هناك رقابة عليها وهى الاموال الناتجبة عن النشاط التجارى لمؤسسات الجيش الاقتصادية والتى تمثل تقريبا 20 فى المائة من الاقتصاد المصري وهى نسبة هائلة غير معقولة وعدم خضوعها للرقابة هو من مواريث النظام السابق وكان المجلس العسكري ولا يزال يطمح فى المحافظة على سرية تلك المصادر وهى بلا شك مصادر دخل مهولة
أتابعك .. وسأتابع دوماً
ومازلت عند رأيي بقوة أن كتابك عن الثورة سيختلف جداً جداً عن الكتب المطروحة من بداية الأحداث وللآن
شكرا جزيلا ونسال الله ذلك

قديم 02-28-2012, 10:12 AM
المشاركة 7
حنان آدم
مداد فكر

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
والموضوع ابسط مما تصفينه , فهو لا يعدو كونه موضوعا شاملا وتحليلا للاحداث فى مجملها ,
وقد تعرض الكثيرون لذلك على نحو منفصل
.
.

أنا مش ممكن أجاملك في فكرك
ويكفى أننا نرى تحليلك أقوى من غيرك ومنطقى اكثر
وعليه .. فمثلك ( حرام عليه ميكتبش ويتكلم برأيه )

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة


بالنسبة لـ :
أما الإخوان فإن المواجهة بينهم وبين المجلس لا شك أنها قادمة فى الأيام الآتية فدرس وعبرة التاريخ تؤكد ذلك بما لا يدع مجالا للشك .
.
ما فهمت المواجهة التى تعنيها
وقد وضحت لنا موقفهم الحقيقي انهم ضد الثورة وممالئين للمجلس
فأي مواجهة يحتاجها معهم ؟!

وبالنسبة للبرلمان :
فهل يعوّل عليه حقا ً بمجرّد أنه لا تحكمه قيادات الاخوان ولا غيرهم
وهل دوره يمكن أن يكون فعّالا في توجيه الأحداث بشكل أكبر
رغم أن له بعض المواقف غير المعتبرة أصلا !

شكرا ً دائما ً وفى إنتظار القادم وليتك لا تطل

سوسنة الكنانة
قديم 02-28-2012, 06:10 PM
المشاركة 8
أسامة المهدي
ابـن النيـل
  • غير موجود
افتراضي
في البدء أقدم لكم التحية والتقدير والإعجاب الصادق لتحليلكم وأسلوبكم
وبعد ، فلي تساؤل وحيد أرجو أن أجد له إجابة لديكم

ما هو موقف وأثر المصالح الاقتصادية المختلفة التي تجمع بين المجلس العسكري (كممثل لما يمكن أن نسمية تجاوزا الارستقراطية العسكرية) وبين طبقة المنتفعين من نظام مبارك ، وبين ما يمثلة الاخوان (وربما السلفيون) من مصالح اقتصادية وتجارية ، ما هو أثر هذا على التوافق السياسي بين هؤلاء على مجمل الصورة السياسية بما يحقق لهم جميعا أهداف محددة ، وبالتالي على الصراع من كافة الأطراف والفئات والكيانات السياسية (والاجتماعية والاقتصادية) الأخري ، على تباينها واختلافها)

أو بتعبير آخر ، هل تجمع المصالح المالية والاقتصادية بين العسكري والإخوان وفلول نظام مبارك في وحدة تتعارض مع الثورة وأهدافها والملايين من جماهيرها العريضة؟



ولي بين الضلوع دم ولحم . . . هما الواهي الذي ثكل الشبابا


يشرفني زيارتكم مدونتي الموسيقية
www.sama3eyat.blogspot.com
قديم 02-29-2012, 02:51 AM
المشاركة 9
محمد جاد الزغبي
مستشار ثقافي

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
أنا مش ممكن أجاملك في فكرك
ويكفى أننا نرى تحليلك أقوى من غيرك ومنطقى اكثر
وعليه .. فمثلك ( حرام عليه ميكتبش ويتكلم برأيه )

بارك الله فيك

ما فهمت المواجهة التى تعنيها
وقد وضحت لنا موقفهم الحقيقي انهم ضد الثورة وممالئين للمجلس
فأي مواجهة يحتاجها معهم ؟!

ستحدث المواجهة حتما فى قادم الأيام عندما يشكل الإخوان الحكومة ويبدأ الإخوان نوعا بالشعور بالقوة
هنا سينقلبون إلى طمع السلطة وإلى الإحتواء مع المجلس العسكري وهو ما سيصادم رغبة المجلس بالطبع ومن ثم تقوم المواجهة

وبالنسبة للبرلمان :
فهل يعوّل عليه حقا ً بمجرّد أنه لا تحكمه قيادات الاخوان ولا غيرهم
وهل دوره يمكن أن يكون فعّالا في توجيه الأحداث بشكل أكبر
رغم أن له بعض المواقف غير المعتبرة أصلا !

البرلمان خيب الأمال ..
وما ظهر منه حتى الآن لا يوحى بخير أبدا مع تركهم المعضلات الجسام وانشغالهم بالشو الإعلامى وسفاسف الأمور ..
وعامة كان هذا متوقعا من التركيبة الموجودة بداخله ..
ولكن عزاءنا أن الحياة السياسية الحرة ستفرز المصلحين حتما فى مرحلة قادمة

قديم 02-29-2012, 02:59 AM
المشاركة 10
محمد جاد الزغبي
مستشار ثقافي

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
في البدء أقدم لكم التحية والتقدير والإعجاب الصادق لتحليلكم وأسلوبكم
وبعد ، فلي تساؤل وحيد أرجو أن أجد له إجابة لديكم

ما هو موقف وأثر المصالح الاقتصادية المختلفة التي تجمع بين المجلس العسكري (كممثل لما يمكن أن نسمية تجاوزا الارستقراطية العسكرية) وبين طبقة المنتفعين من نظام مبارك ، وبين ما يمثلة الاخوان (وربما السلفيون) من مصالح اقتصادية وتجارية ، ما هو أثر هذا على التوافق السياسي بين هؤلاء على مجمل الصورة السياسية بما يحقق لهم جميعا أهداف محددة ، وبالتالي على الصراع من كافة الأطراف والفئات والكيانات السياسية (والاجتماعية والاقتصادية) الأخري ، على تباينها واختلافها)

أو بتعبير آخر ، هل تجمع المصالح المالية والاقتصادية بين العسكري والإخوان وفلول نظام مبارك في وحدة تتعارض مع الثورة وأهدافها والملايين من جماهيرها العريضة؟
بارك الله فيك أخى الحبيب أسامة المهدى ..
وشكرا جزيلا لحضورك ..

بالنسبة لسؤالك ..
لا يوجد رابط مشترك بالطبع ين المصالح الإقتصادية للجهات الثلاث وليس الإقتصاد هو من يوصف العلاقة بين السلفين والإخوان والمجلس
المجلس العسكري له اقتصاده المستقل غير المعلوم ..
وهو باقتصاده ليس له علاقة بالإقتصاد فى القطاع الخاص كله بل هو يهمن على جزء مستقل بالجيش وحده ..
واقتصاد الإخوان داخل ضمن القطاع الخاص ولهم تنظيمهم وشركاتهم المستقلة أيضا التى حاربها النظام لكنها لا زالت قائمة
أما السلفيون فليس لهم تنظيم اقتصادى فى شركات مستقلة كالإخوان , بل إن تمويلهم عبارة عن مجموعات منفصلة من الفضائيات والتبرعات والمجلات والجمعيات
بمعنى أن السلفيين لهم تمويل لكن ليس لهم اقتصاد بالمعنى السوقي للكلمة ..

وعلى كل حال لا يمثل الإقتصاد عاملا مشتركا فى العلاقة بين الأطراف الثلاثة ..
أما توصيف العلاقة بينهم وببساطة ..
فالعلاقة بين المجلس والسلفيين قائمة على السيطرة والإحتواء وقد ورثوا هذه السيطرة على السلفيين من أجهزة النظام السابق التى كانت تستخدم السلفيين فى مقابل سماحها لهم بالنشاط الدعوى ..
أما العلاقة بين المجلس والإخوان فقائمة على تبادل المنافع والصفقات ..
هذا ابسط توصيف للعلاقات الثلاثية بين الأطراف الثلاثة

لك الشكر أخى الحبيب


مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:59 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.