احصائيات

الردود
5

المشاهدات
1811
 
أنين أحمد
من آل منابر ثقافية

اوسمتي


أنين أحمد is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
302

+التقييم
0.07

تاريخ التسجيل
Feb 2012

الاقامة
السعودية

رقم العضوية
10907
10-12-2020, 02:53 PM
المشاركة 1
10-12-2020, 02:53 PM
المشاركة 1
افتراضي زوجُ البلابل ..
زوجُ البَلابِل



وضعت الطفلةُ رنا أدواتَ الرسمِ في حديقةِ المنزل .. لوح الرسم و الأوراق .. و بعض الفرش و الألوان ، و حينَ تجهزت للرسم ، نظرت حولها .. كانت قد عزمت على رسم عصفور .. فأخذت تجول بناظريها في الأنحاء ؛ علها تجدُ عصفوراً لترسمه .
وقعتْ عيناها على عصفورٍ قد حط على سياج المنزل
فابتسمت ابتسامةً واسعة .. و دبّ بها الحماس الشديد .. و ما أنْ همّت بالرسمِ حتى طار العصفور .
استاءت الطفلة .. و لكن لم يطل بها الاستياء ؛ فقد حلّ عصفوران هذه المرة .. فأسرعت و بدأت ترسم .
لم يكن العصفورين ساكنين الحركة .. بل كانا يتحركان بسرعةٍ و رشاقة .. و يتنططانِ بخفة ، مما أزعجَ رنا و جعلها تصرخ مخاطبةً العصفور :

- آه .. ألا يمكنكَ أن تقفَ ثابتاً لدقيقة ؟!

جاءها صوتُ والدتها قائلاً :

- ما بالكِ تصرخينَ يا رنا ؟

التفتت الطفلةُ إلى حيث والدتها و أجابت بحزن :

- أرغب في رسم عصفورٍ يا أمي ، و لكنّ العصافيرَ لا تبقى .. سرعان ما تطير .

جلست الأم بالقرب من رنا ضاحكةً ، و قالت :

- ليسَ من السهلِ أن ترسمي شيئاً يتحرك باستمرار ، لمَ لا ترسمي النخلة ؟

نظرت رنا للنخلةِ مفكرة ، و يبدو أنها لم تقتنع بالفكرة .
في هذه اللحظةِ حطّ بلبلٌ على سعفِ النخلة ، فصرخت رنا بسعادة :

- جاء عصفورٌ جديد !

ابتسمت الأم و قالت :

- إنه بلبل ، البلابلُ تختلفُ عن العصافير .. إنّ لها تغريدٌ عذبٌ و جميل .

و سرعانَ ما غادر البلبل أيضاً .
فقالت رنا بيأس و هي تنظر للنخلة :

- يبدو أني سأرسم النخلةَ في النهاية ، كنتُ عازمةً على رسمِ عصفورٍ جميل .
- هل تحبينَ العصافيرَ كثيراً يا رنا ؟

ابتسمت الطفلة و أجابت و هي تنظر لوالدتها :

- نعم كثيراً .

ابتسمت والدتها و قالت :

- يجبُ إذاً أن اشتري لكِ قفصاً و زوجاً من البلابل لتستمتعي بهما .
- لا يا أمي ، أريدُ زوجاً من العصافير !

ضحكت الأم و قالت :

- سآخذكِ لمحل الطيور .. و اختاري ما تحبين و سأشتريه لك .. لقد كنتُ منذ زمنٍ أمتلكُ قفصاً و أنثى بلبلٍ جميلة .
- حقاً !؟
- نعم .
- و أينَ هي الآن ؟.. هل ماتت ؟
- لقد أطلقتُ سراحها .. و طارت بعيداً .

صمتت رنا و الدهشةُ ارتسمت على محياها .. ابتسمت الأم و قالت :

- لقد أطلقتُ سراحها لتجدَ سعادتها .
- ماذا ؟!
- نعم .. لم تكن تغرّد كثيراً تلك البلبلة .. و لكن عندما أخرجها للحديقةِ في الصباح .. كانت تغرد بعذوبة ، كنت استمتعُ بتغريدها الذي ينفذ إلى مسامعي من خلال النافذة .. فقد كنت أتركها هنا و أعود للداخل لاستكمال اعمال المنزل .. صرتُ آخذها للحديقةِ كل صباح ، و حينَ أدخل إلى الداخل أسمعها تتبادلُ التغريد مع البلابل الأخرى .. بعد فترةٍ ليست بطويلة ، توقفتُ عن أخذها للحديقة .. و لاحظتُ كم تغيرت البلبلة .
- تغيرت !؟
- نعم .. لقد أصابها الحزن ، لم تكن تتحرك كالسابق ، كانت تجلسُ في صمتٍ مطبق و الحزنُ ظاهرٌ عليها .

حزنت رنا و قالت :

- المسكينة ..
- قدْ تنبهتُ بعدها أنّ التغيّر قد طرأ عليها حينَ توقفتُ عن أخذها للحديقة .. فقررتُ أنْ أعود بها كل صباحٍ للحديقة .
- و هل تحسنت ؟!

ابتسمت الأم و أجابت :

- نعم .. في الواقع كانت تفتقدُ صديقها .
- صديقها ؟!
- نعم .. لاحظتُ أنّ بلبلاً كان يقتربُ منها كل صباحٍ و يتبادلانِ التغريد .. كان تغريدهما عذباً جداً يا رنا .. لذلك أطلقتُ سراحها لتسعد مع صديقها البلبل .

ثم نظرت الأم إلى السماء و قالت بصوتٍ هادئٍ عميق :

- لقد أحبته ، كان يجبُ أن تلحقَ به لأجل أن تعيش بسعادة .. و إلا كانت ستموت حزناً بوحدتها .

لمحت رنا دموعاً تلمع في أحداق والدتها .. فتساءلت بقلق :

- ما يبكيكِ يا أمي ؟

نظرت الأم إلى رنا و أخذت نفساً و قالت و هي تقاوم دموعها بابتسامة :

- تذكرتُ أباكِ الراحل يا صغيرتي .
- أبي ؟!..

أومأت الأم بهدوء .. ثم أصدرت تنهيدةً عميقة و نهضت لتعود إلى الداخل .. بينما ظلّت رنا تحدق في صمتٍ و حيرة في لوحتها البيضاء .


بقلم أنين أحمد


شكراً لقلبكِ يا أمي

شكراً لكِ يا قرة عيني و مستقري الأولي
قديم 10-12-2020, 05:53 PM
المشاركة 2
ياسَمِين الْحُمود
(الواعية الصغيرة)
عضو مجلس الإدارة سابقا

اوسمتي
الحضور المميز الألفية الثانية الإداري المميز الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الأولى وسام الإدارة التكريم الكاتب المميز 
مجموع الاوسمة: 9

  • غير موجود
افتراضي رد: زوجُ البلابل ..
الغالية أنين..
رائعة تلك القصص..
وأروعها قصتك..
وأعدت القراءة أكثر من مرة..
ليتهم يعلمون مابقلب هذه الطفلة..
فالعمق،لا يدري بسره..
والأسرار إلا الله..
لربما خاب مبتغاها
ولكن الجمال أثره موجود

تحيتي والـنقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

قديم 10-13-2020, 09:56 AM
المشاركة 3
أنين أحمد
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي رد: زوجُ البلابل ..
شكراً جزيلاً عزيزتي ياسمين
عذوبة المرور و الرد الأنيق و الرقيق
مع خالص امتناني و تقديري و احترامي

لقلبك الورد

شكراً لقلبكِ يا أمي

شكراً لكِ يا قرة عيني و مستقري الأولي
قديم 10-15-2020, 02:54 AM
المشاركة 4
محمد عبد الحفيظ القصاب
الشعراء العرب

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي رد: زوجُ البلابل ..
حوارية ممتعة وهادفة
للقصة من يراعك تراجيديا مبهرة
وقد لفها رداء حزن ووفاء

دام إبداعك أختاه أنين

تحياتي والمحبة

---------------------------
اللهم لك الحمد حتى ترضى ,ولك الحمد إذا رضيت , ولك الحمد بعد الرضا

إلهي دلّـني كيفَ الوصولُ؟
إلهي دلّـني مــاذا أقـــــولُ؟

محمد عبد الحفيظ القصّاب
قديم 10-19-2020, 09:27 AM
المشاركة 5
أنين أحمد
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي رد: زوجُ البلابل ..
شكراً أستاذ محمد لمرورك العطر
ممتنة جداً
لك خالص التقدير و الاحترام
دمتَ بعافية

شكراً لقلبكِ يا أمي

شكراً لكِ يا قرة عيني و مستقري الأولي
قديم 10-20-2020, 07:31 PM
المشاركة 6
هنوف الأحمد
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي رد: زوجُ البلابل ..


ممتنة لإبداعك سيدتي

هنوف الأحمد


مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: زوجُ البلابل ..
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
التماثل و الظلال في مجموعة(أحزان أم الناس) للقـــاص:مبـــــــــــــارك الصـــــــ طارق أحمد منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 8 04-23-2018 02:17 PM
التماثل و الظلال في مجموعة(أحزان أم الناس) طارق أحمد منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 2 02-25-2017 06:11 PM
تغريد البلابل في دوحة الفطاحل غادة قويدر منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 4 11-21-2011 07:33 PM
إلى البلابل نصري عاهد منبر شعر التفعيلة 10 10-12-2011 08:10 PM
لحن البلابل,,,(ذكرى رحيل أمي) غادة الشيباني منبر البوح الهادئ 10 09-27-2010 08:24 PM

الساعة الآن 12:37 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.