ففي مدينة سانت أوغسطين - أقدم مدينة في الولايات المتحدة - هناك معلم سياحي يعود إلى قرن من الزمان , والذي يُعتقد أنه ينبوع الشباب الذي اكتشفه "بونس دي ليون" بعد وصوله بقليل إلى فلوريدا في عام 1513 .
ولكن يؤسفني عزيزي القاريء أن تعلم أن مياه ذلك الينبوع لا تحّول المسنين إلى مراهقين .. ولا أدري بحق من أين جاء الناس بمثل هذا الكلام عن مكان الينبوع الأسطوري , فلا توجد وثائق أصلية بقيت على قيد الحياة تتعلق برحلة " بونس دي ليون " إلى فلوريدا , بيد أن هناك نظرية واحدة مفادها أن المؤرخين الأسبان الذين كتبوا السجلات التاريخية بعد فترة طويلة من وفاة " بونس دي ليون " عام 1521 , قد يكونوا خلقوا تلك القصة عن تلك النافورة التي عثر عليها " بونس دي ليون " .
ومع ذلك فإن بضع قطرات من الحقيقة حافظت على بقاء الأسطورة على قيد الحياة , حيث عثر علماء الآثار على مقبرة , وبقايا لبعثة أسبانية يعود تاريخها إلى وقت تأسيس كنيسة القديس أوغسطين في عام 1565 بالقرب من ذلك المعلم المسمى بـ نافورة الشباب.
واستناداً إلى هذه الأساطير الكثيرة ، ظل المستكشفون والمغامرون يبحثون منذ فترة طويلة عن نافورة الشباب المراوغة ، أو على الأقل ، بعض العلاجات لأمراض الشيخوخة ،وغالباً ما كان هذا العلاج يرتبط بمياهٍ سحرية, ولم تكن هذه المياه بالضرورة نافورة ، بل ربما كانت عبارة عن نهر أو نبع أو أي مصدر آخر للمياه قيل إنه يعكس عملية الشيخوخة ويعالج المرض عند شربه أو الإستحمام فيه.
- ومنذ ذلك الحين , اصبح موضوع النافورة السحرية التي تعيد سنوات الشباب والقوة , الشغل الشاغل في الأدب الكلاسيكي , ومحور العديد من القصص التي جالت في عالم الأسطورة الشعبية في ثقافات عدة حديثة كانت أو قديمة , فضلاً عن التليفزيون والسينما , مثل The Pirates of the Caribbean: On Tranger Tides
في النهاية .. فإن جميع المعلومات التي لدينا عن " ينبوع الشباب " تُشير إلى كونها أسطورة - لا أكثر ولا أقل ! - ولكن كأي أسطورة هناك دائماً احتمال ضئيل لوجودها على الرغم من أن ذلك مستبعد للغاية , فلا توجد أية روايات حقيقية في السجلات التاريخية تُشير إلى اشخاص عادوا من مرحلة الشيخوخة لعمر الشباب , لذا يبدو أن الجنس البشري سيظل معتمداً على عمليات التجميل ومستحضرات البشرة لاقتناص أي شيء من جمال عمرٍ مضى .. ولن يعود !