كانت تركض سريعا .. سريعا ..
تتعب .. تلهث .. تستريح ثوان .. ثم تعاود الركض ..
حتى انتهت إلى محراب عينيه ..
وهي في طريقها إليه .. كانت تخطط ماذا ستحكي له عن أيام خلت ..
وهي في طريقها إليه مرّت على مخيلتها كل الأشياء القابعة في سكن الذكريات ..
وهي في طريقها إليه كانت تحلم باللحظة التي سيضمها فيها إلى قلبه ..
ويتبادلان نظرات الحنين ..
ويهمس لها أحبك .. ويعتذر عن جفاء سنين خلت ..
وهي في طريقها إليه استجمعت كل دمعاتها وذرفتها دفعة واحدة على هبة الرب ..
بعد سنين عذاب ما بارح فيها الغائب روحها لحظة ..
وعندما وصلت إليه ..
تسمرت في مكانها على بعد عدة سنتيمترات تفصلها عنه و لا حدّ يفصل بين روحها و روحه ..
كان ينظر إليها وكأنه يطالع صحيفته الصباحية على عجل من أمره ..
وقال لها بصوت خفيض تشوبه لا مبالاة واضحة ملامحها على وجه الكلمات ..
مَن أنتِ ؟
نزلت كلماته على مسامعها وكأنما حلّت بأوصالها عاصفة ثلجية ..
أواااااااااااااااااه
أنتِ مني وأنا منكِ .. هكذا قال لها ذات مطر ..
الملائكة تتهامس بقصة عشقنا وتغار منّا النجمات .. والقمر يلفه الخجل كلّما أخبرتك بأنّي أحبك ..
فيغيب بنصفه خلف الغيمات .. هكذا أخبرها ذات سهر ..
قلبي يرتجف يرتجف وما أن تدثرني عيناكِ حتى أستكين .. وترتفع حرارة قلبي فيشتعل بالحب والحنين .. حتى يتململ في مكانه ولا تعرف الكلمات لشفتاي طريق ..
ولا أفعل سوى أن يهذي قلبي بإسمكِ بحُبكِ ..
هكذا أخبرها ذاتَ حنين ..
أنا وأنت كلّ واحد والكل لا يتجزأ .. نحن كما نجمين يحتضنهما القمر ..
والنجم لا ينطفىء ولا يتلاشى ..
هكذا أخبرها ذات ليل ..
نحن مخلوقان من نفس الطين .. أنت من ضلعي .. ولا أغفو إلا بقربك وبغير روحك لا أستكين ..
هكذا قال لها ذات موعد ..
لو كنت ذا مقدرة لقطفت لكِ في كل ليلة من أوردتي وريد .. وزرعته بكفيك لتطول حياتك وتزيد ..
هكذا أخبرها ذات همسة
وهو يهديها سلّة ياسمين ..
قالت له بألم يحتضنه الأنين ..
أنا تلك التي تغار من قصة عشقها النجمات .. أنا تلك التي تهزّ قلبك من وقع الحنين ..
أنا التي كان يهذي بها قلبك طوال تلك السنين .. أنا الجزء الذي فصلته عن كلّك الذي لا يتجزأ .. !!
أنا أحد نجمين لا ينطفئان ولا يتلاشيان .. وها هو ذا أمامك ينطفئ ويتلاشى ..
أنا تلك المخلوقة من ضلعك و من ذات الطين ..
انا تلك التي يبعث فيها نبضك الحياة ليطول عمرها ويزيد ..
أنا صرت بنصف حياة .. ونصف قلب ..
وهل ستعين نبضي تلك الأنصاف على مواصلة الحياة لما تبقى لي من زاد السنين ..
أنا لستُ لكَ .. أنتَ لستَ لي ..
ها هنا مات الحب .. ها هنا إنطفأ الحنين ..
يا طيور الحب موتي .. اليوم أعلنتُ وفاتي ..
وهل للحب مأوى بعد قلبي .. وهل للحنين ملاذاً بعد ذاتي !!