احصائيات

الردود
92

المشاهدات
12252
 
منى شوقى غنيم
انتقلت إلى أرحم الراحمين إن شاء الله

منى شوقى غنيم is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
1,313

+التقييم
0.25

تاريخ التسجيل
Jan 2010

الاقامة

رقم العضوية
8605
11-27-2011, 07:06 PM
المشاركة 1
11-27-2011, 07:06 PM
المشاركة 1
افتراضي المُهَذَّبُ في الآدابِ الإسلاميَّةِ
المُهَذَّبُ
في الآدابِ الإسلاميَّةِ


جمعه وأعده
الباحث في القرآن والسنَّةِ
علي بن نايف الشحود




الطبعة الأولى
1430 هـ - 2009 م
ماليزيا
(( بهانج -دار المعمور ))



(( حقوق الطبع لكل مسلم ))
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين،والصلاة والسلام على سيد الأنبياء والمرسلين،وعلى آله وصحبه أجمعين،ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
أما بعد :
فإن الإسلام دين يهتم بشؤون الإنسان الخاصة،كما يهتم بشؤونه العامة. ويتتبع الإرشاد والتقويم تفاصيل حياته الصغيرة،كما يوجهه في كبيرها. ويتدخل في دقائق أموره الشخصية تهذيبا وتجميلا،كما يهتم بأمور الإنسانية عموما وشمولا.. سواء بسواء.. ويقينه في ذلك أن المجتمع الفاضل أساسه الفرد الفاضل. والأمة الراقية أفرادها ـ لا شك ـ هم الذين أقاموها على الرقي والحضارة والازدهار.
وقد اشتمل هذا الدين على العقائد والعبادات والمعاملات والأخلاق والآداب .
وباب الآداب يشمل جميع جزئيات الدين،وهي إما أوامر أو نواهي،وقد وردت في القرآن الكريم في أمكنة كثيرة،وكذلك في السنة النبوية المطهرة،وقد أولاها العلماء قديما وحديثا بالبحث والتفصيل،ففي جل كتب الحديث المرتبة على الأبواب نجد باباً أو كتاباً للأدب،بل أفرده بعض العلماء بكتب مستقلة أشهرها كتاب الأدب المفرد للإمام البخاري رحمه الله،وكذلك الآداب للإمام البيهقي رحمه الله.
ومن الكتب المعاصرة التي اهتمت بهذا الجانب كتاب (( الآداب الإسلامية للناشئة )) تأليف الشيخ محمد خير فاطمة،وهو مطبوع ومتداول وموجود على النت
وهذا الكتاب شامل ونافع،فقد حوى خمسة وثلاثين أدباً من أهم آداب الإسلام،ولكن النسخة التي على النت كثيرة الأخطاء المطبعية،كما أن المؤلف – عفا الله عنه- لم يقم بتخريج حديث واحد من مصدره الأساسي،فكثرت فيها الأخطاء والأوهام،ولم يذكر الحكم على الأحاديث التي ليست بالصحيحين،ولذا فقد اشتمل كتابه على الصحيح والحسن والضعيف والواهي،بل والموضوع أحياناً،وذكر كثيراً من الحكايات والقصص ولم يذكر مصدرها،ولم يقم بشرح غريب الآيات ولا الأحاديث أيضاً،كما أنه لم يذكر جميع الآداب ففاتته آداب أخرى،ومع هذا فكتابه قيم في بابه،وقد أفدت منه كثيراً .
وذكر بعضها الشيخ أبو بكر الجزائري – حفظه الله- في كتابه القيم (( منهاج المسلم )) . والتي ذكرها منها شرحها بشكل جيد مع أدلتها .
وكذلك ذكر بعضها الشيخ محمد إبراهيم التويجري عفا الله عنه في كتابيه القيِّمين مختصر الفقه الإسلامي وموسوعة الفقه الإسلامي وفي الثاني أوسع بكثير .. لكنه لم يذكرها جميعا،وأحاديثه جلها مدققة وصحيحة ومعزوة لمصادرها .. ولكنه لم يقم بالشرح فاقتصر على العناوين والنصوص فقط.
وقد ذكرت معظمها في كتابي (( موسوعة الأسرة المسلمة )) في باب خاص بها،ولكنها غير محررة
ونجدها منثورة في مواقع كثيرة على النت ..
وقد رأيت أن أجمع وأدقق جل ما ورد في هذه الآداب، التي بلغت خمسا وخمسين أدبا رئيساً وفيها فروع.
وفي كل أدب ذكرت الآيات القرآنية التي تدل عليه مع القيام بشرها في الأغلب بشكل مختصر،وذكرت الأحاديث النبوية المفصلة لها،من مصادرها الأساسية،وقمت بتخريجها والحكم عليها بما يناسبها،ومعظمها تدور بين الصحيح والحسن بشقيه،وذكرت غريبها،وشرحت بعضها،ونقلت كثيرا من أقوال العلماء المتعلقة بذلك ومن مصادرها الرئيسة.وقد فصلت القول ببعض المسائل التي تحتاج لذلك حسب مقتضى الحال .
وجاء كتابي هذا على الشكل التالي:
مقدمة عن الأدب وأهميته في الإسلام
-1- آداب النية
-2- الأدب مع الله سبحانه وتعالى
-3- الأدب مع رسول الله – r-
-4- الأدب مع النفس
-5-آدابُ الاستيقاظ
-6-آدابُ قضاء الحاجة
-7-آداب الوضوء
-8-آداب الصلاة
-8-آداب الصلاة
-9-آداب الطعام
-10-آداب الشرب
-11-آداب اللباس
-12-آداب الكلام
-13-آداب بيتية
-14- آداب الابن مع الوالدين
-15- آداب الأخ مع إخوته
-16- الأدب مع الأولاد
- 17-آداب الطريق
-18-آداب الدراسة والمدرسة
-19-آداب شخصية
-20-آداب النوم
-21-آداب الغسل ودخول الحمام
-22-آداب المسجد
-23-آداب صلاة الجماعة
-24-آداب العالِم
-25-آداب المتعلم
-26-آداب تلاوة القرآن الكريم
-27-آداب ذكر الله تعالى
-28-آداب الدعاء
-29-آداب الجمعة
-30-آداب العيدين
-31-آداب الصيام
-32-آداب الزكاة والصدقات
-33-آداب الحج والزيارة
-34-آداب العمل والمعاش والبيع والشعار
-35-آداب الصلة
ا-آداب صلة الرحم
ب -آداب الجار
جـ -آداب عيادة المريض
د-آداب الصلة بالميت "التعزية"
هـ- الأدب مع الكافر
-36-آداب الصحبة
-37-آداب السلام
-38-آداب الاستئذان
-39-آداب المجلس
-40-آداب النزهات
-41- آداب اللقاء
-42- آداب الزيارة
-43- آداب الضيافة
-44- آداب المعاشرات
-45- آداب الرؤيا
-46- آداب عشرة النساء
-47- آداب الكلام
-48- آداب الدعاء
-49- آداب الشورى
-50- آداب النصيحة
-51- آداب الدعوة
-52- آداب العمل
-53- آداب الحزن في الإسلام
-54- آداب معاملة الحيوان
-55- أدب الحوار
ويمكن أن يضاف لها بعض الآداب الأخرى،فالباب مفتوح لمن شاء.
هذا وأسال الله تعالى أن يجعله خالصاً لوجهه الكريم،وأن ينفع به جامعه وقارئه وناشره والدال عليه في الدارين .
قال تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} (1) سورة الحجرات.
جمع وإعداد
الباحث في القرآن والسنة
علي بن نايف الشحود
في 17 شعبان 1430 هـ الموافق ل 8/8/2009 م

!!!!!!!!!!!!!






هنا بين الحروف أسكن
http://monaaya7.blogspot.com/
من القلب سلامًٌ لمن زارني
قديم 11-27-2011, 07:08 PM
المشاركة 2
منى شوقى غنيم
انتقلت إلى أرحم الراحمين إن شاء الله
  • غير موجود
افتراضي
مقدمة عن الأدب وأهميته في الإسلام

إنّ من نعمة الله علينا أن أكمل لنا الدين وأتم لنا النعمة،وأرسل إلينا رسولاً رحيماً بأمّته،فما من خير إلا ودلنا عليه،وما من شرٍ إلا وحذرنا منه r،ولقد كان من جملة الخير الذي دلنا عليه آداب شملت كثيراً من أمور الدين والدنيا،فالعبادات لها آداب ومخالطة الناس لها آداب والتعامل مع النفس له آداب،والأدب هو الدِّينُ كله .
*والآداب منها ما هو مستحب أو مكروه،ومنها ما هو واجبٌ أو محرَّم،ومنها ما هو مُباح.ولذلك اعتنى الإسلام بهذا الجانب وصنّف أهل العلم كثيراً من الكتب والمصنفات،وفي كتب السنة والحديث كتب وأبواب للأدب بل وقد أفرد البخاري رحمه الله كتاباً في الأدب سماه ( الأدب المفرد ) جمع فيه الأحاديث والآثار المتعلقة بالأدب .
*ولا شك أن الأدب في الإسلام مهم جداً وينبغي للمسلم أن يعتني بالآداب الشرعية في جميع الأمور.ونظراً لجهل كثير من المسلمين منزلة الأدب ومراتبه وأنواعه وطرق اكتسابه وغير ذلك من الأمور،ولأن الآداب الشرعية تشمل العالم والمتعلم والرجل والمرأة والكبير والصغير والغني والفقير وغيرهم،وحثاً وترغيباً لنا في اتباع هدي وآداب النبي rفي أقواله وأفعاله وصفاته وأخلاقه،نتكلم عن هذا الموضوع المهم.
*فما هو تعريف الأدب؟
وما هي منزلته وفضله ؟
وما هي حاجتنا إلى الأدب ؟
وما هي مراتبه وأنواعه ؟
وكيف نكتسب الأدب الشرعي؟وفي هذا البحث الموجز نُجيب على هذه الأسئلة وغيرها إن شاء الله تعالى
1- تعريف الأدب :
الأَدَبُ مُحَرَّكَةً:الذي يَتَأَدَّبُ به الأَديبُ من الناس سُمّيَ به لأَنه يَأْدِبُ الناسَ إلى المَحَامدِ وَيَنْهَاهُم عن المَقَابِحِ. وقال ابن القيم في مدارج السالكين ( الأدب:اجتماع خصال الخير في العبد ومنه المأدبة وهي الطعام الذي يجتمع عليه الناس ) وقال أيضاً: ( وحقيقة الأدب استعمال الخُلق الجميل ) ثم قال ( قال بعض العلماء:الأدب هو استعمال ما يجمل من الأقوال والأعمال والأحوال ) وقال بعضهم ( الأدب هو أن تكون على تعاليم الكتاب والسنة ظاهراً وباطناً ) وقال ابن القيم رحمه الله ( الأدب هو الدين كله فإنّ سِتر العورة من الأدب،والوضوء وغسل الجنابةِ من الأدب،والتطهر من الخبث من الأدب … ).
*والخلاصة أن الأدب هو اجتماع خِصال الخير في العبد وفق الكتاب والسنة ظاهراً وباطناً .فإذا أراد المسلم أن يكون مؤدباً فعليه أن يلتزم بالكتاب والسنة في عقيدته ومنهجه وعبادته وأخلاقه وأفعاله وأقواله وصفاته ظاهراً وباطناً .
2- منزلة الأدب وفضله :
قال ابن القيم رحمه الله: ( الأدب هو الدين كله ) فمنزلة الأدب هي منزلة الدين عند العبد،وقال رحمه الله: ( أدب المرء عنوان سعادته وفلاحه،وقلة أدبه عنوان شقاوته وبواره،فما استُجلب خيرُ الدنيا والآخرة بمثل الأدب،ولا استجلب حرمانها بمثل قلة الأدب،فتأمل أحوال كل شقيٍّ ومُدبِرٍ كيف تجد قلة الأدب هي التي ساقته إلى الحرمان ).
*فمنزلة الأدب عظيمة،فعن الْحَسَنَ بْنِ عَرَفَةَ،قال:سَمِعْتُ ابْنَ الْمُبَارَكِ،يَقُولُ:" مَنْ تَهَاوَنَ بالْأَدَبِ عُوقِبَ بِحِرْمانِ السُّنَنِ،وَمَنْ تَهَاوَنَ بِالسُّنَنِ عُوقِبَ بِحِرْمانِ الْفَرَائِضِ،وَمَنْ تَهَاوَنَ بِالْفَرَائِضِ عُوقِبَ بِحِرْمانِ الْمَعْرِفَةِ " .
3- حاجتنا إلى الأدب:
المجتمع المسلم بحاجة ماسةٍ إلى سلوك الأدب وتحقيقه بين الأفراد للأسباب التالية :
أ – إذا اتصف الناس بمراعاة الأدب بينهم،حصل الاطمئنان والأمن بينهم .فحقوقهم مكفولة وسمعتهم محترمة ومكانتهم محفوظة،فيطمئنون على أنفسهم .
ب – الأدب ينزع الأحقاد من صدور الناس:فإذا التزم الناس بالآداب الشرعية صَفت النفوس فسادت الأخوّة والمحبة والألفة المجتمع .
ج- الأدب طريقُ العلم النافع:فطالب العلم لن ينال العلم وبركته بدون أدب .وقد حذّر السلف كثيراً من طلب العلم بدون أدب.قَالَ أَبُو النَّضْرِ الفَقِيْهُ: سَمِعْتُ البُوْشَنْجِيّ يَقُوْلُ: مَنْ أَرَادَ العِلْم وَالفِقْه بِغَيْر أَدبٍ،فَقَدْ اقتحمَ أَن يكذب عَلَى اللهِ وَرَسُوْله..
قال بكر أبو زيد رحمه الله :( لقد تواردت موجبات الشرع على أن التحلّي بمحاسن الأدب ومكارم الأخلاق سِمةُ أهل الإسلام وأن العلم لا يصل إليه إلا المُتحلي بآدابه المتخلي عن آفاته )
* فالأدب مهم جداً للفرد وللمجتمع وخاصةً طالب العلم .
4- مراتب الأدب :
تتفاوت مراتب الأدب بحسب المتأدَّب معه،فليس الأدب مع الله كالأدب مع أنبيائه،وليس الأدب مع رسول الله r كالأدب مع سائر الناس،وليس للتعامل مع الناس أدب واحد بل للوالدين أدب خاص وللعلماء والكبار أدبٌ خاص،وهكذا. وكذلك للتعامل مع النفس أداب،فمراتب الأدب أربعة هي :
أ) الأدب مع الله
ب) الأدب مع رسول الله r
ج) الأدب مع الناس
د) الأدب مع النفس
×أ) الأدب مع الله عز وجل :
فهو رأس الأمر وعموده وأهم ما يقدمه العبد في دنياه.قال ابن القيم رحمه الله ( الأدب مع الله ثلاثة أنواع:أحدها صيانةُ معاملته أن يشوبها بنقيصةٍ،الثاني:صيانة قلبه أن يلتفت إلى غيره،الثالث:صيانة إرادته أن تتعلق بما يمقتك عليه ) ثم قال ( ومن الأدب مع الله عدم رفع البصر إلى السماء في الصلاة للنهي عن ذلك،ومن الأدب مع الله:أن لا يستقبل بيته ولا يستدبره عند قضاء الحاجة في الفضاء والبنيان،ومن الأدب مع الله:السكون في الصلاة وعدم الالتفات فيها والاستماع للقراءة في الصلاة،والمقصود أن الأدب مع الله تبارك وتعالى هو القيام بدينه والتأدب بآدابه ظاهراً وباطناً،ولا يستقيم لأحدٍ قط الأدب مع الله إلا بثلاثة أشياء:معرفته بأسمائه وصفاته،ومعرفته بدينه وشرعه وما يُحب وما يكره،ونفسٌ مستعدة قابلة متهيئة لقبول الحق علماً وعملاً ).
قلت:ما الذي يُرجى في الآخرة من رجلٍ أساء أدبه مع الله تبارك وتعالى وهل يُرجى من مسيء الأدب مع الله أن يُحسن أدبه مع خلقه؟
×ب) الأدب مع رسول الله r:
قال ابن القيم رحمه الله :( وأما الأدب مع الرسول rفالقرآن مملوء به،فرأس الأدب معه كمال التسليم له،والانقياد لأمره،وتلقي خبرَه بالقبول والتصديق دون معارضته بالعقل أو الشك أو يقدم عليه آراء الرجال،فيوحده بالتحكيم والتسليم والانقياد والإذعان كما وحَّد اللهَ تعالى بالعبادة والخضوع والذل والإنابة والتوكل،ومن الأدب مع الرسول rأن لا يتقدم بين يديه بأمر ولا نهي ولا إذن ولا تصرف،حتى يأمر هو،وينهى ويأذن كما قال تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} (1) سورة الحجرات ( ومن الأدب معه أن لا تُرفع الأصوات فوق صوته فما الظن برفع الآراء على سُنَّته !! ومن الأدب أن لا يُعارض نصه بقياس،ولا يُحرف كلامه عن حقيقته،ولا يوقَفُ قَبول ما جاء به على موافقة أحد ،فكل هذا من قلة الأدب معه rوهو عين الجرأة … )
×ج) الأدب مع الخلق :
فلابد من أن يعامل كل واحد بما يليق به،ومن خلقِ الله الملائكةُ،وعلى المسلم أن يتأدب معهم،ومن الأدب مع الملائكة محبتهم وموالاتهم،ومن الأدب مع الملائكة:البعد عن الذنوب والمعاصي والروائح الكريهة لأنها تتأذى مما يتأذى منه ابن آدم،ومن الأدب معهم الامتناع عن كل ما يمنع قرب الملائكة أو دخولهم بيوتنا أو حضورهم مجالسنا مثل الصورة والتمثال والكلب والجرس وكذلك لا تقرب الملائكة سكرانا أو جنبا إلا أن يتوضأ،ومتشبها بالنساء وغيرهم.
* كذلك لابد أن يعامَل الناس كل واحد بما يليق به،فهناك آداب التعامل مع الوالدين وآداب مع الأرحام وآداب مع الجار المسلم وآداب مع العلماء وآداب مع ولاة الأمر وآداب مع الضيف وآداب مع الأولاد وآداب بين الزوجين وآداب مع عامة المسلمين وآداب مع المخالفين من أهل البدع والفاسقين وكذلك وآداب مع غير المسلمين.قال ابن القيِّم رحمه الله ( أما الأدب مع الخلق فهو معاملتهم بما يليق بهم على اختلاف مراتبهم،فلكل مرتبة أدب،والمراتب فيها آداب خاصة،فمع الوالدين أدب خاص،وللأب منهما أدب هو أخص به،ومع العالم أدب آخر ومع السلطان أدب يليق به ومع الضيف أدب غير أدبه مع أهله،ولكل حالٍ أدب:فللأكل آداب .. .. ) ثم قال ( وأدب المرء عنوان سعادته وفلاحه،وقلة أدبه عنوان شقاوته وبَواره … ) ثم قال ( ومن حقوق الخلق أن لا يفرِّط في القيام بحقوقهم،ولا يستغرق فيها بحيث يشتغل بها عن حقوق الله أو عن تكميلها،أو عن مصلحة دينه وقلبه … ) .
×د) الأدب مع النفس :
وأدب الإنسان مع نفسه متنوع متفاوت كذلك،فمن الأدب مع النفس السعي إلى تزكيتها وإصلاحها ومحاسبتها وتدريبها على الطاعات والأخلاق،ومن الأدب مع النفس حثها على التوبة والإنابة والخشية وغيرها،وكذلك من الأدب مع النفس تدريبها وإلزامها على الآداب الشرعية.قال ابن القيم رحمه الله: ( فللأكل آداب وللشرب آداب وللركوب آداب والدخول والسفر والإقامة والنوم آداب ولقضاء الحاجة آداب وللسكوت والاستماع آداب … )
والخلاصة أن الأدب مع النفس إلزامها والسير بها على هدي النبي rفي جميع سيرته وأقواله وأفعاله وهديه ظاهرا وباطنا .
*إذا عُلم هذا فينبغي للمسلم أن يضع هذه المراتب والأنواع الأربعة للأدب نَصب عينه دوما:الأدب مع الله عز وجل،والأدب مع رسول الله r،والأدب مع الخلق والناس،والأدب مع النفس،ومن ثم يحرص على بلوغ الدرجة العليا في كل هذه المراتب ليسعد في الدنيا والآخرة




هنا بين الحروف أسكن
http://monaaya7.blogspot.com/
من القلب سلامًٌ لمن زارني
قديم 11-27-2011, 07:09 PM
المشاركة 3
منى شوقى غنيم
انتقلت إلى أرحم الراحمين إن شاء الله
  • غير موجود
افتراضي
5- طريق اكتساب الأدب :
بعد أن علمنا حاجتنا إلى الأدب وأهميته وفضله وأنواعه،فكيف السبيل إلى اكتسابه والتخلق به في مجتمعات المسلمين وفي أفرادهم ؟
1- تربية الأولاد على الأدب منذ الصغر :
وهذا واجب الوالدين والأساتذة في البيت والمدرسة،وقال عبد الملك بن مروان لمؤدب ولده - وكان رجلاً من بني زهرة -:علمهم الصدق كما تعلمهم القرآن،واحملهم على الأخلاق الجميلة،وروِّهم الشعر يشجعوا وينجدوا،وجالس بهم أشراف الناس وأهل العلم منهم،فإنهم أحسن الناس رعةً وأحسنهم أدباً،وجنبهم السَّفلة والخدم،فإنهم أسوأ الناس رعة وأسوؤهم أدباً ومرهم فليستاكوا عرضاً،وليمصوا الماء مصًّا ولا يعبوه عبّا،ووقرهم في العلانية،وذللهم في السر،واضربهم على الكذب،إن الكذب يدعو الى الفجور،والفجور يدعو الى النار،وجنبهم شتم أعراض الرجال،فان الحر لا يجد من عرضه عوضاً،وإذا ولوا أمراً فامنعهم من ضرب الأبشار فإنه عار باقٍ ووتر مطلوب،واحملهم على صلة الأرحام،واعلم أن الأدب أولى بالغلام من النسب.
قد ينفعُ الأدبُ الأحداثَ في صغرٍ وليس ينفع عند الشيبةِ الأدبُ
إن الغصونَ إذا قومتها اعتدلـت ولا يلين إذا قومته الخشـب
قال مالك رحمه الله ( كانت أمي تعّممني وتقول لي:اذهب إلى ربيعة فتعلم منه آدابه قبل علمه ). قال أبو حامد الغزالي رحمه الله:( الصبي أمانة عند والديه،فإن عُوِّد بالخير وعُلمه نشأ عليه وسَعِد في الدنيا والآخرة وشاركه في ثوابه أبواه وكل معلم له ومؤدب،فعلى الأب أن يصون ولده بأن يؤدبه ويعلمه محاسن الأخلاق،ويحفظه من قرناء السوء ولا يعوده على التنعم والزينة والرفاهية فيضيع عمره في طلبها،ثم ذكر طرقا في تأديب الصبيان ينبغي لكل والد ومرب الرجوع إليها)
2- ومن طرق اكتساب الأدب،النظر في قصص القرآن وكتب الحديث والسيرة لمعرفة هدي وآداب رسول الله صلى اله عليه وسلم،والالتزام بمجالس ودروس أهل الحديث لأنهم أعلم الناس بآداب رسول الله r،كذلك النظر في ميراث أسلافنا من الصحابة والتابعين والأئمة المشهورين بالأدب والورع والدين ومن أهم الكتب في سيرهم كتاب ( سير أعلام النبلاء ) للإمام الذهبي رحمه الله (25 مجلدا ).
3- تعليم الناس وتذكيرهم دوما بأهمية الأدب في حياتهم وخطورة تركه وإهماله :-ويتحقق ذلك بإقامة الدروس والمحاضرات والخطب في ذكر الآداب الشرعية بالأدلة الصحيحة .
4- قراءة الكتب والمصفات التي أفردت لأبواب الأدب لمعرفة الآداب الإسلامية والعمل بها ونشرها بين الناس،ولاسيما كتابنا هذا .
5- مصاحبة المربِّين والعلماء وطلبة العلم الملتزمين بالأدب .
6- ومن طرق اكتساب الأدب:توقي الآداب المرذولة في الأفراد والمجتمعات .
7- مجاهدة النفس وتربيتها على الآداب الشرعية:فعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ،قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r:"إِنَّمَا الْعِلْمُ بِالتَّعَلُّمِ،وَإِنَّمَا الْحِلْمُ بِالتَّحَلُّمِ،مَنْ يَتَحَرَّى الْخَيْرَ يُعْطَهُ،وَمَنْ يَتَّقِ الشَّرَّ يُوقَهُ " قال أبو حامد الغزالي رحمه الله:( فمن أراد مثلا أن يُحصِّل لنفسه خُلُق الجود فطريقه أن يتكلف تعاطي فعل الجود وهو بذل المال،فلا يزال يطالب نفسه به،ويواظب عليه تكلفا مجاهدا نفسه حتى يصير ذلك طبعا ويتيسر عليه فيصير به جوادا .. وجميع الأخلاق المحمودة شرعا تحصل بهذا الطريق )
فإذا سلك المؤمن طرق اكتساب الأدب مع الإخلاص وفقه الله تعالى .
6- الكتب والمصنفات في الأدب الشرعي :
- أما الكتب التي ذكرت الآداب فهي على أنواع منها ما صُنف كاملا في الأدب مثل :
لباب الآداب لأسامة بن منقذ رحمه الله توفي سنة (584)
الآداب الشرعية لابن مفلح الحنبلي توفي سنة (763 هـ) في ثلاثة مجلدات .
الأدب المفرد للإمام البخاري رحمه الله.
الآداب للإمام البيهقي وهو من أوفاها .
غذاء الألباب لشرح منظومة الآداب للسفاريني توفي (1188هـ) في مجلدين .
أخلاق النبي rوآدابه للحافظ بن حيان الأصبهاني( توفي 369هـ) محقق في أربعة مجلدات
زاد المعاد في هدي خير العباد لابن القيم (توفي 751هـ) في خمسة مجلدات .
ومن الكتب ما أفرد أبوابا وكتبا ضمن الكتاب مثل كتب الأدب في كتب الحديث المشهورة.ومن المصنفات في آدابٍ معينة مثل آداب طلب العلم وهي كثيرة.

_______________





هنا بين الحروف أسكن
http://monaaya7.blogspot.com/
من القلب سلامًٌ لمن زارني
قديم 11-27-2011, 07:10 PM
المشاركة 4
منى شوقى غنيم
انتقلت إلى أرحم الراحمين إن شاء الله
  • غير موجود
افتراضي
-1- آداب النية

المسلم يؤمن بخطر شأن النية،وأهميتها لسائر أعماله الدينية والدنيوية،إذ جميع الأعمال تتكيف بها،وتكون بحسبها فتقوى وتضعف،وتصح وتفسد تبعاً لها،وإيمان المسلم هذا بضرورة النية لكل الأعمال ووجوب إصلاحها،مستمدّ أولاً من قول الله تعالى:{وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ} (5) سورة البينة.
وَقَدْ تَفَرَّقَ هَؤُلاَءِ وَاخْتَلَفُوا بَغْياً وَعُدْوَاناً،وَلَمْ يُؤْمَرُوا بِالتَّفَرُقِ وَالاخْتِلاَفِ،وَإِنَّمَا أُمِرُوا بِمَا يُصْلِحُ دِينَهُمْ وَدُنْيَاهُمْ،وَبِمَا يُحَقِّقُ لَهُمُ السَّعَادَةَ فِي مَعَاشِهِمْ وَمَعَادِهِمْ:مِنْ إِخْلاَصٍ للهِ فِي السِّرِّ وَالعَلَنِ،وَتَطْهِيرِ أَعْمَالِهِمْ مِنَ الشِّرْكِ بِهِ،وَاتِّبَاعِ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ الحَنِيفِيَّةِ السَّمْحَاءِ المُنْحَرِفَةِ عَنِ الشَّرْكِ،وَإِقَامَةِ الصَّلاةِ وَأَدَائِهَا حَقَّ الأَدَاءِ،وَدَفْعِ زَكَاةِ أَمْوَالِهِمْ...وَهَذَا هُوَ الدِّينُ الحَقُّ الذِي جَاءَ فِي الكُتُبِ القَيِّمَةِ المُسْتَقِيمَةِ التِي لا عِوَجَ فِيهَا .
وقوله سبحانه:{قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَّهُ الدِّينَ} (11) سورة الزمر.
وَقُلْ يَا مُحَمَّدُ لِمُشْرِكِي قَوْمِكَ:إِنَّ اللهَ أَمَرَنِي بِأَنْ أَعْبُدَهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ،وَأَنْ أُخْلِصَ لَهُ العِبَادَةَ .
وقال تعالى :{ إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ (2) أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ (3)} [الزمر:2،3]
إِنَّ اللهَ تَعَالَى هُوَ الذِي أَنْزَلَ إِلَيْكَ القُرْآنَ ( الكِتَابَ ) آمِراً بِالحَقِّ وَالعَدْلِ الوَاجِبِ اتِّبَاعُهُمَا،والعَمَلُ بِهِمَا،فَاعْبُدْهُ يَا مُحَمَّدُ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ والعِبَادَةَ،وَادْعُ الخَلْقَ إِلَى ذَلِكَ.أَلاَ للهِ وَحْدَهُ العِبَادَةُ والطَّاعَةُ،وَلاَ شَرِكَةَ لأَحَدٍ مَعَهُ فِيهِمَا،لأَنَّ كُلَّ مَا دُونَهُ هُوَ مُلْكٌ لَهُ،وَعَلَى المَمْلُوكِ طَاعَةُ مَالِكِهِ،وَعَلَى العَبْدِ أَنْ يُخْلِصَ العِبَادَةَ للهِ،والذِينَ يَعْبُدُونَ الأَصْنَامَ مِنَ المُشرِكِينَ يَقُولُونَ إِنَّ الذِي يَحْمِلُهُمْ عَلَى عِبَادَتِهَا هُوَ أَنَّهُمْ مَثَّلُوا بِهَذِهِ الأَصْنَامِ المَلاَئِكَةَ،فَعَبَدُوا تِلْكَ الصُّورَ تُنْزِيلاً لَهَا مَنْزِلَةَ المَلاَئِكَةِ،لِيَشْفُعُوا لَهُمْ عِنْدَ اللهِ فِي حَاجَاتِهِمْ .وَكَانَ المُشْرِكُونَ يُبَرِّرُونَ عِبَادَتَهُمْ لِمَنْ هُمْ دُونَ اللهِ بِأَنَّ الإِلَهَ الأَعْظَمَ أَجَلُّ مِنْ أَنْ يَعْبُدَهُ البَشَرُ مُبَاشَرَةً،فَهُمْ يَعْبُدُونَ هَذِهِ الآلِهَةَ،وَهِيَ تَعْبُدُ الإِلَهَ الأَعْظَمَ.واللهُ تَعَالَى يَحْكُمُ يَوْمَ القِيَامَةِ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ خُصُومِهِمْ،مُتَّبِعِي الحَقِّ وَسُبُلِ الهُدَى،فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ التَّوْحِيدِ وَالشِّرْكِ،وَيُجَازِي كُلَّ وَاحِدٍ بِعَمَلِهِ .وَاللهُ تَعَالَى لاَ يُرْشِدُ إِلَى الحَقِّ مَنْ هُوَ كَاذِبٌ مُفْتَرٍ عَلَيْهِ،فَيْزْعُمُ أَنَّ لَهُ وَلَداً أَوْ صَاحِبَةً.تَعَالَى اللهُ عَنْ ذَلِكَ عُلُوّاً كَبِيراً .
وثانياً من قول المصطفى -r- " إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ،وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى،فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ،وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا،أَوْ إِلَى امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا،فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ " .
ولحديث أَبِي هُرَيْرَةَ،قَالَ:قَالَ رَسُولُ اللهِ r: إِنَّ اللَّهَ لاَ يَنْظُرُ إِلَى صُوَرِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ،وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ. .
فالنظر إلى القلوب نظر إلى النيات،إذ النية هي الباعث على العمل والدافع إليه،فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ،عَنْ رَسُولِ اللهِ r،عَنِ اللهِ جَلَّ وَعَلاَ،قَالَ:مَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا،كَتَبْتُ لَهُ حَسَنَةً،فَإِنْ عَمِلَهَا،كَتَبْتُهَا بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعِ مِائَةٍ وَإِنْ هَمَّ بِسَيِّئَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا،لَمْ أَكْتُبْ عَلَيْهِ،فَإِنْ عَمِلَهَا،كَتَبْتُهَا عَلَيْهِ سَيِّئَةً وَاحِدَةً..
وعَنْ خُرَيْمِ بْنِ فَاتِكٍ الأَسَدِيِّ،قَالَ:قَالَ رَسُولُ اللهِ r: النَّاسُ أَرْبَعَةٌ،وَالأَعْمَالُ سِتَّةٌ:مُوجِبَتَانِ وَمِثْلٌ بِمِثْلٍ،وَحَسَنَةٌ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا،وَحَسَنَةٌ بِسَبْعِ مِائَةِ ضِعْفٍ،وَالنَّاسُ مُوَسَّعٌ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ،وَمُوَسَّعٌ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا،مَقْتُورٌ عَلَيْهِ فِي الآخِرَةِ،وَمَقْتُورٌ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا مُوَسَّعٌ عَلَيْهِ فِي الآخِرَةِ،وَمَقْتُورٌ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ،وَشَقِيٌّ فِي الدُّنْيَا،وَشَقِيٌّ فِي الآخِرَةِ،وَالْمُوجِبَتَانِ مَنْ قَالَ:لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ،أَوْ قَالَ:مُؤْمِنًا بِاللَّهِ دَخَلَ الْجَنَّةَ،وَمَنْ مَاتَ وَهُوَ يُشْرِكُ بِاللَّهِ دَخَلَ النَّارَ،وَمَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ فَعَمِلَهَا كُتِبَتْ لَهُ عَشَرَةُ أَمْثَالِهَا،وَمَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كُتِبَتْ لَهُ حَسَنَةٌ،وَمَنْ هَمَّ بِسَيِّئَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كُتِبَتْ لَهُ حَسَنَةٌ،وَمَنْ هَمَّ بِسَيِّئَةٍ فَعَمِلَهَا كُتِبَتْ لَهُ سَيِّئَةٌ وَاحِدَةٌ غَيْرُ مُضَعَّفَةٍ،وَمَنْ أَنْفَقَ نَفَقَةً فَاضِلَةً فِي سَبِيلِ اللهِ فَبِسَبْعِ مِائَةِ ضِعْفٍ.
فبمجرد الهم الصالح كان العمل صالحاً يثبت به الأجر وتحصل به المثوبة وذلك لفضيلة النية الصالحة،وعَنْ أَبِي كَبْشَةَ الأَنْمَارِيِّ،قَالَ:ضَرَبَ لِي رَسُولُ اللَّهِ r مَثَلُ هَذِهِ الأُمَّةِ أَرْبَعَةُ نَفَرٍ: رَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ عِلْمًا وَمَالا،فَهُوَ يَعْمَلُ بِعِلْمِهِ فِي مَالِهِ وَرَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ عِلْمًا وَلَمْ يُؤْتِهِ مَالا،فَيَقُولُ: لَوْ آتَانِي اللَّهُ مِثْلَ مَا آتَى هَذَا لَعَمِلْتُ فِيهِ كَمَا يَعْمَلُ فَهُمَا فِي الأَجْرِ سَوَاءٌ،وَرَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ مَالا وَلَمْ يُؤْتِهِ عِلْمًا فَسَلَّطَهُ عَلَى هَلَكَتِهِ فِي غَيْرِ الْحَقِّ لا يَتَّقِي فِيهِ رَبًّا وَلا يَصِلُ فِيهِ رَحِمًا،وَرَجُلٌ لَمْ يُؤْتِهِ اللَّهُ عِلْمًا وَلَمْ يُؤْتِهِ مَالا فَهُوَ يَقُولُ: لَوْ آتَانِي اللَّهُ مِثْلَ مَا آتَى هَذَا لَعَمِلْتُ فِيهِ مِثْلَ مَا يَعْمَلُ فَهُمَا فِي الْوِزْرِ سَوَاءٌ ".
فأثيب ذو النية الصالحة بثواب العمل الصالح،ووزر صاحب النية الفاسدة بوزر صاحب العمل الفاسد،وكان مردّ هذا إلى النية وحدها .
وعَنْ أَنَسٍ،قَالَ:لَمَّا رَجَعَ رَسُولُ اللهِ rمِنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ،وَدَنَا مِنَ الْمَدِينَةِ،قَالَ:إِنَّ بِالْمَدِينَةِ أَقْوَامًا مَا سِرْتُمْ مِنْ مَسِيرٍ،وَلاَ قَطَعْتُمْ مِنْ وَادٍ،إِلاَّ كَانُوا مَعَكُمْ فِيهِ،قَالُوا:يَا رَسُولَ اللهِ،وَهُمْ بِالْمَدِينَةِ ؟ قَالَ:نَعَمْ حَبَسَهُمُ الْعُذْرُ."
فحسن النية إذا هو الذي جعل غير الغازي في الأجر كالغازي،وجعل غير المجاهد يحصل على أجر كأجر المجاهد .
وعَنِ الأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ قَالَ ذَهَبْتُ لأَنْصُرَ هَذَا الرَّجُلَ،فَلَقِيَنِى أَبُو بَكْرَةَ فَقَالَ أَيْنَ تُرِيدُ قُلْتُ أَنْصُرُ هَذَا الرَّجُلَ.قَالَ ارْجِعْ فَإِنِّى سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - r- يَقُولُ « إِذَا الْتَقَى الْمُسْلِمَانِ بِسَيْفَيْهِمَا فَالْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ فِى النَّارِ ».فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا الْقَاتِلُ فَمَا بَالُ الْمَقْتُولِ قَالَ « إِنَّهُ كَانَ حَرِيصًا عَلَى قَتْلِ صَاحِبِهِ » .
فسوَّت النية الفاسدة والإرادة السيئة بين قاتل مستحق للنار وبين مقتول لولا نيته الفاسدة لكان من أهل الجنة .
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ،قَالَ:قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r: مَنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى صَدَاقٍ وَهُوَ يَنْوِي أَنْ لا يُؤَدِّيَهُ إِلَيْهَا فَهُوَ زَانٍ،وَمَنِ ادَّانَ دَيْنًا وَهُوَ يَنْوِي أَنْ لا يُؤَدِّيَهُ إِلَى صَاحِبِهِ،أَحْسِبُهُ قَالَ:فَهُوَ سَارِقٌ " .
فبالنية السيئة انقلب المباح حراماً،والجائز ممنوعاً،وما كان خالياً من الحرج أصبح ذا حرج .
كل هذا يؤكد ما يعتقده المسلم في خطر النية،وعظم شأنها،وكبير أهميتها فلذا هو يبني سائر أعماله على صالح النيات،كما يبذل جهده في أن لا يعمل عملاً بدون نية،أو نية غير صالحة،إذ النية روح العمل وقوامه،صحته من صحتها وفساده من فسادها،والعمل بدون نية صاحبه مراء متكلف ممقوت
وكما يعتقد المسلم أن النية ركن الأعمال وشرطها،فإنه يرى أن النية ليست مجرد لفظ باللسان (اللهم نويت كذا ) ولا هي حديث نفس فحسب،بل هي انبعاث القلب نحو العمل الموافق لغرض صحيح من جلب نفع،أو دفع ضر حالا،أو مآلا،كما هي الإرادة المتوجهة تجاه الفعل لابتغاء رضا الله،أو امتثال أمره .
والمسلم إذ يعتقد أن العمل المباح ينقلب بحسن النية طاعة ذات أجر ومثوبة وأن الطاعة إذا خلت من نية صالحة تنقلب معصية ذات وزر وعقوبة،لا يرى أن المعاصي تؤثر فيها النية الحسنة فتنقلب طاعة،فالذي يغتاب شخصاً لتطييب خاطر شخص آخر هو عاص لله تعالى آثم لا تنفعه نيته الحسنة في نظره،والذي يبني مسجداً بمال حرام لا يثاب عليه،والذي يحضر حفلات الرقص والمجون،أو يشتري أوراق اليانصيب بنية تشجيع المشاريع الخيرية،أو لفائدة جهاد ونحوه،هو عاص لله تعالى آثم مأزور غير مأجور،والذي يبني القباب على قبور الصالحين،بنية محبة الصالحين هو عاص لله تعالى آثم على عمله،ولو كانت نيته صالحة كما يراها،إذ لا ينقلب بالنية الصالحة طاعة إلاّ ما كان مباحاً مأذوناً في فعله فقط،أما المحرم فلا ينقلب طاعة بحال من الأحوال .

______________





هنا بين الحروف أسكن
http://monaaya7.blogspot.com/
من القلب سلامًٌ لمن زارني
قديم 11-27-2011, 07:11 PM
المشاركة 5
منى شوقى غنيم
انتقلت إلى أرحم الراحمين إن شاء الله
  • غير موجود
افتراضي
-2- الأدب مع الله سبحانه وتعالى

المسلم إذا نظر إلى ما لله تعالى عليه من منن لا تحصى ونعم لا تعد اكتنفته من ساعة علوقه نطفة في رحم أمه وتسايره إلى أن يلقى ربه سبحانه وتعالى فيشكر الله تعالى عليها بلسانه بالثناء عليه بما هو أهله وبجوارحه بتسخيرها في طاعته فيكون هذا أدبا منه مع الله سبحانه وتعالى،إذ ليس من الأدب في شيء كفران النعم وجحود فضل المعم والتنكر له ولإحسانه وإنعامه والله سبحانه يقول: {وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ} (53) سورة النحل،ويقول سبحانه {وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ اللّهَ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ} (18) سورة النحل،ويقول الحق سبحانه {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُواْ لِي وَلاَ تَكْفُرُونِ} (152) سورة البقرة.
وينظر المسلم إلى علمه تعالى به واطلاعه على جميع إحواله فيمتلئ قلبه منه مهابة ونفسه له وقارا وتعظيما فيخجلُ من معصيته ويستحيى من مخالفته والخروج عن طاعته فيكون هذا أدبا مع الله سبحانه وتعالى،إذ ليس من الأدب فى شيء أن يجاهر العبد سيده بالمعاصي أو يقابله بالقبائح والرذائل وهو يشهده وينظر إليه قال تعالى: {مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا (13) وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا (14)} [نوح:13،14]،وقال تعالى:{وَاللّهُ يَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ} (19) سورة النحل
وقال تعالى:{وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِن قُرْآنٍ وَلاَ تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلاَّ كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَن رَّبِّكَ مِن مِّثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاء وَلاَ أَصْغَرَ مِن ذَلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ} (61) سورة يونس.
يُخْبِرُ اللهَ تَعَالَى بِأَنَّهُ عَالِمٌ بَجِمِيعِ أَحْوَالِ رَسُولِهِ وَأُمُورِهِ،سَوَاءٌ مِنْهَا مَا هُوَ خَاصٌ بِهِ،أَوْ مَا هُوَ مُتَعَلِّقٌ بِشُؤُونِ الدَّعْوَةِ،وَأَنَّهُ لاَ يَتْلُو مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ مِنْ قُرْآنٍ أَنْزَلَهُ عَلَيْهِ اللهُ تَعَبُّداً وَتَهَجُّداً بِهِ،أَوْ تَبْلِيغاً لَهُ لِلنَّاسِ،وَلاَ يَقُومُ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ،مِنَ المُؤْمِنِينَ وَغَيْرِهِمْ،بِعَمَلٍ صَالِحٍ أَوْ غَيْرِ صَالِحٍ،كَبِيرٍ أَوْ صَغِيرٍ،إِلاَّ كَانَ اللهُ تَعَالَى رَقِيباً عَلَيْهِمْ فَيَحْفَظُهُ لَهُمْ،وَيَجْزِيهِمْ بِهِ،وَأَنَّهُ تَعَالَىلاَ يَغِيبُ عَنْ عِلْمِهِ شَيءٌ صَغُرَ أَوْ كَبُرَ حَتَّى وَلَوْ كَانَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ،أَوْ أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ،فَكُلُّ شَيءٍ مُحْصًى عِنْدَهُ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ .
وينظر المسلم إليه تعالى وقد قدر عليه وأخذ بناصيته وأنه لا مفرَّ له ولا مهرب ولا منجا ولا ملجأ منه إلا إليه فيفر إليه تعالى ويطرح بين يديه ويفوض أمره إليه ويتوكل عليه فيكون هذا أدباً منه مع ربه وخالقه إذ ليس من الأدب في شسء الفرار مما لا مفر منه ولا مهرب ولا الاعتماد على مَن لا قدره له ولا الاتكال على مَن لا حول ولا قوة له،قال تعالى: {إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللّهِ رَبِّي وَرَبِّكُم مَّا مِن دَآبَّةٍ إِلاَّ هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } (56) سورة هود
إِنِّي وَكَّلْتُ أُمُورِي إلى اللهِ،وَهُوَ رَبِّي وَرَبُّكُمُ الحَقُّ،خَلَقَ المَخْلُوقَاتِ كُلَّها،وَجَعَلَهَا تَحْتَ قَهْرِهِ وَسُلْطَانِهِ،وَهُوَ الحَاكِمُ العَادِلُ الذِي لاَ يَجُوزُ فِي حُكْمِهِ.وَأَفْعَالُهُ تَعَالى،تَجْرِي عَلَى طَريقِ الحَقِّ وَالعَدْلِ فِي مُلْكِهِ .
أَمَّا الأَصْنَامُ وَالأَوْثَانُ فَهِيَ حِجَارَةٌ لاَ تَضُرُّ وَلاَ تَنْفَعُ وَلاَ تَمْلِكُ لِنَفْسِهَا ضَرّاً وَلاَ نَفْعاً .
وقال: {فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ} (50) سورة الذاريات
فَالجَؤوا إلى اللهِ يَا أَيُّها النَّاسُ،وَأسْرِعُوا إلى طَاعَتِهِ،وَاعتَمِدُوا عَلَيه في جَميعِ أُمُورِكُمْ،فَإني لَكُم مِنْهُ نَذيرٌ،أنذِرُكُم عِقَابَه،وَأخَوِّفُكُمْ مِنْ عَذابِه الذِي أنزَلَهُ بالأمَمِ الخَاليةِ التي كَذَّبَتْ رُسُلَها،وَكَفَرتْ بِرَبِّها،وَإِني مُبَيِّنٌ لَكُم مَا يَجِبُ عَلَيكُمْ أنْ تَحْذُروه .
وقال تعالى:{قَالَ رَجُلاَنِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُواْ عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللّهِ فَتَوَكَّلُواْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ} (23) سورة المائدة.
وينظر المسلم إلى الطاف الله تعالى به في جميع الأمور وإلى رحمته له ولسائر خلقه فيطمع في المزيد من ذلك فيتضرع له بخالص الضراعة والدعاء ويتوسل إليه بطيب القول وصالح العمل فيكون هذا أدبا مع الله مولاه،إذ ليس من الأدب في شيء اليأس من رحمة التي وسعت كل شيء ولا القنوط من إحسانه الذي قد عم البرايا .
قال تعالى: { وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ} (156) سورة الأعراف .
وَأَثْبِتْ لَنَا،بِرَحْمَتِكَ وَفَضْلِكَ { واكتب لَنَا } حَيَاةً طَيِّبَةً فِي هذِهِ الدُّنيا،مِنْ عَافِيةٍ وَبَسْطَةٍ في الرِّزْقِ،وَتَوْفِيقٍ لِطَاعَةِ،وَمَثُوبَةٍ حَسَنَةٍ فِي الآخِرَةِ بِدُخُولِ الجَنَّةِ،وَنَيْلِ رِضْوَانِكَ،إِنَّنَا تُبْنَا إِلَيْكَ { هُدْنَآ إِلَيْكَ } مِمَّا فَرَطَ مِنْ سُفَهَائِنَا مِنْ عِبَادَةِ العِجْلِ،وَمِنْ تَقْصِيرِ العُقَلاءِ مِنّا فِي نَهْيِهِمْ وَالإِنْكَارِ عَلَيهِمْ.وَرَدَّ اللهُ تَعَالَى عَلَى دُعَاءِ مُوسَى قَائِلاً:لَقَدْ أَوْجَبْتُ أَنْ يَكُونَ عَذَابِي خَاصّاً أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ مِنَ الكُفَّارِ وَالعُصَاةِ،الذِينَ لَمْ يَتُوبُوا،أَمَّا رَحْمَتِي فَقَدْ وَسِعْتَ كُلَّ شَيءٍ،وَسَأُثْبِتُ رَحْمَتِي بِمَشِيئَتِي لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ الكُفْرَ وَالمَعَاصِيَ،وَيُؤَدُّونَ الزَّكَاةَ المَفْرُوضَةَ،وَيُؤْتُونَ الصَّدَقَاتِ التِي تَتَزَكَّى بِهَا نُفُوسُهُمْ،وَلِلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ وَيُصَدِّقُونَ بِجَمِيعِ آيَاتِي الدَّالَّةِ عَلَى الوحْدَانِيَّةِ،وَيُصَدِّقُونَ رُسُلِي،وَمَا جَاؤُوهُمْ بِهِ .
وقال تعالى:{اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ يَرْزُقُ مَن يَشَاء وَهُوَ الْقَوِيُّ العَزِيزُ } (19) سورة الشورى.
يُخْبِرُ اللهُ تَعَالَى عَنْ لُطْفِهِ بِعِبَادِهِ سَوَاءٌ مِنْهُمْ فِي ذَلِكَ البَرُّ والفَاجِرُ،فَهُوَ يُوسِّعُ الرِّزْقَ عَلَى مَنْ يَشَاءُ،وَيَدْفَعُ عَمَّنْ يُرِيدُ البَلاَءَ،وَهُوَ القَوِيُّ الذِي لاَ يُغَالَب،العَزِيزُ الذِي لاَ يُقْهَرُ .
وقال تعالى على لسان النبي يعقوب عليه السلام:{يَا بَنِيَّ اذْهَبُواْ فَتَحَسَّسُواْ مِن يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلاَ تَيْأَسُواْ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ } (87) سورة يوسف.
وقال تعالى: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ } (53) سورة الزمر
قل -أيها الرسول- لعبادي الذين تمادَوا في المعاصي،وأسرفوا على أنفسهم بإتيان ما تدعوهم إليه نفوسهم من الذنوب: لا تَيْئسوا من رحمة الله؛ لكثرة ذنوبكم،إن الله يغفر الذنوب جميعًا لمن تاب منها ورجع عنها مهما كانت،إنه هو الغفور لذنوب التائبين من عباده،الرحيم بهم.
وينظر المسلم إلى شدة بطش ربه وإلى قوة انتقامه وإلى سرعة حسابه فيتقيه بطاعته ويتوقاه بعدم معصيته فيكون هذا أدبا منه مع الله تعالى.إذ ليس من الأدب عند ذوي الألباب أن يتعرض بالمعصية والظلم العبدُ الضعيفُ العاجز للرب العزيز القادر والقوي القاهر وهو يقول:{لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللّهِ إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ} (11) سورة الرعد .
لله تعالى ملائكة يتعاقبون على الإنسان من بين يديه ومن خلفه،يحفظونه بأمر الله ويحصون ما يصدر عنه من خير أو شر. إن الله سبحانه وتعالى لا يغيِّر نعمة أنعمها على قوم إلا إذا غيَّروا ما أمرهم به فعصوه. وإذا أراد الله بجماعةٍ بلاءً فلا مفرَّ منه،وليس لهم مِن دون الله مِن وال يتولى أمورهم،فيجلب لهم المحبوب،ويدفع عنهم المكروه.
ويقول:{إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ} (12) سورة البروج،ويقول: { إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِآيَاتِ اللّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَاللّهُ عَزِيزٌ ذُو انتِقَامٍ} (4) سورة آل عمران.
وينظر المسلم إلى الله تعالى عند معصيته والخروج عن طاعته وكأن وعيده قد تناوله وعذابه قد نزل به وعقابه قد حلَّ بساحته كما ينظر إليه تعالى عند طاعته واتباع شرعه وكأن وعده قد صدقه له وكأن حلة رضاه قد خلعها عليه فيكون هذا من المسلم حسن الظن بالله،إذ ليس من الأدب أن يسيء المرء الظن بالله فيعصيه ويخرج عن طاعته ويظن أنه غير مطلع عليه ولامؤاخذه على ذنبه وهو يقول:{ وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ وَلَكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِمَّا تَعْمَلُونَ (22) وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ (23) فَإِنْ يَصْبِرُوا فَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ وَإِنْ يَسْتَعْتِبُوا فَمَا هُمْ مِنَ الْمُعْتَبِينَ (24) } [فصلت:22 - 24]
كما أنه ليس من الأدب مع الله أن يتقيه المرء ويطيعه ويظن أنه غير مجازيه بحسن عمله ولا هو قابل منه عبادته وطاعته وهو الحق يقول: {وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ } (52) سورة النــور،ويقول تعالى: {مَن جَاء بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَن جَاء بِالسَّيِّئَةِ فَلاَ يُجْزَى إِلاَّ مِثْلَهَا وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ} (160) سورة الأنعام،ويقول سبحانه:{مَن جَاء بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِّنْهَا وَمَن جَاء بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى الَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (84) سورة القصص،ويقول سبحانه: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} (97) سورة النحل.
وخلاصة القول إنَّ شكر المسلم ربه على نعمه وحياءه منه تعالى عن الميل إلى معصيته وصدق الأنابة اليه والتوكل عليه ورجاء رحمته والخوف من نقمته وحسن الظن به في إنجاز وعده وإنفاذ وعيده فيمن شاء من عباده هو أدبه مع الله وبقدر تمسكه به ومحافظته عليه تعلو درجته ويرتفع مقامه وتسمو مكانته وتعظم كرامته فيصبح من أهل ولاية الله تعالى ورعايته ومحط رحمته ومنزل نعمته،وهذا أقصى ما يطلبه المسلم ويتمناه طوال حياته.
فالأدب مع الله هو سلوك الأنبياء والصالحين وإذا كان التأدب مع أصحاب الفضل واجباً فإن من أوجب الواجبات التأدب مع الله سبحانه وتعالى ومن صور التأدب مع الله ما يلي :
الإخلاص :
الإخلاص له سبحانه في العمل قال الله تعالى:{ فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا} (110) سورة الكهف
عَنِ الْحَسَنِ،قَالَ:لاَ يَزَالُ الْعَبْدُ بِخَيْرٍ إذَا قَالَ لِلَّهِ وَإِذَا عَمِلَ لِلَّهِ.
وقال أَبُو الأَشْهَبِ:سَمِعْتُ الْحَسَنَ يَقُولُ:يَا ابْنَ آدَمَ،إنَّ لَك سِرًّا،وَإِنَّ لَك عَلاَنِيَةً،فَسِرُّك أَمْلَكُ بِكَ مِنْ عَلاَنِيَتِكَ،وَإِنَّ لَك عَمَلاً وَإِنَّ لَكَ قَوْلاً فَعَمَلُك أَمْلَكُ بِكَ مِنْ قَوْلِك. "
الشرك :
الحذر من الوقوع في الشرك صغيرة وكبيره فهذا مما لا يحبه الله ولا يرضاه قال الله تعالى: ( وَلَوْ أَشْرَكُواْ لَحَبِطَ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ) الأنعام 88
الشكر:
شكر نعمته عليك والاعتراف بها قال الله تعالى:( وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللّهِ ) النحل 88
وقوله تعالى :( وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ ) إبراهيم 7
التعظيم :
تعظيمه وتوقيره وتعظيم شعائره قال الله تعالى: (وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ ) الزمر 67،وقال تعالى: ( مَّا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَاراً ) نوح 103،وقال أيضاً :( ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ ) الحج 32
التقوُّل على الله:
عدم القول على الله بغير علم لقوله تعالى: ( وَلاَ تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَـذَا حَلاَلٌ وَهَـذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُواْ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ ) النحل116
المراقبة :
استشعار مراقبة الله لك في السر والعلانية وأنه مطلع عليك وأنت في ملكه وقبضته قال تعالى:( وَيَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ) التغابن 4
الخشية والإنابة :
الخشية والخوف منه ورجاؤه قال الله تعالى :( فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي ) البقرة 105،وقال سبحانه وتعالى :( فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ) آل عمران 175،وقال :( وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُوراً ) الإسراء 75
الـتـوبة :
التوبة والإنابة إليه وطلب المغفرة منه قال الله تعالى: ( وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَآؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُواْ اللّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُواْ اللّهَ تَوَّاباً رَّحِيماً ) النساء 64
الدعـاء:
دعاؤه والتضرع إليه والانكسار بين يديه قال الله تعالى: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ) البقرة 186.
وقوله عز وجل: ( أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّع َ اللَّهِ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ ) النمل 62

______________





هنا بين الحروف أسكن
http://monaaya7.blogspot.com/
من القلب سلامًٌ لمن زارني
قديم 11-27-2011, 07:12 PM
المشاركة 6
منى شوقى غنيم
انتقلت إلى أرحم الراحمين إن شاء الله
  • غير موجود
افتراضي
-3- الأدب مع رسول الله – r–

إنَّ المسلمَ يشعر في قرارةِ نفسه بوجوبِ الأدب الكامل مع رسول الله- r- الذي أكرمنا الله ببعثته وجعلنا من أتباعه لعدةِ أسباب منها:
1- أن الله تعالى قد أوجب له الأدب عليه الصلاة والسلام على كل مؤمن ومؤمنة؛ وذلك بصريح كلامه عز وجل إذ قال: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ ورَسُولِهِ واتَّقُوا اللَّهَ إنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ (الحجرات: 1).
وقال: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ ولا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وأَنتُمْ لا تَشْعُرُونَ﴾ (الحجرات: 2)
وقال: ﴿إنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِندَ رَسُولِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُم مَّغْفِرَةٌ وأَجْرٌ عَظِيمٌ﴾ (الحجرات: 3).
وقال: ﴿إنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِن ورَاءِ الحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ ولَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إلَيْهِمْ لَكَانَ خَيْرًا﴾ (الحجرات: 4-5).
وقال: ﴿لا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُم بَعْضًا﴾ (النور:63)
وقال:﴿إنَّمَا المُؤْمِنُونَ الَذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ ورَسُولِهِ وإذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَّمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ﴾ (النور: 62).
2- أن الله تعالى قد فرض على المؤمنين طاعته وأوجب محبته فقال: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وأَطِيعُوا الرَّسُولَ﴾ (محمد: 33).
وقال: ﴿فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ (النور: 63).
وقال: ﴿ومَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ ومَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا﴾ (الحشر: 7)
وقال: ﴿قُلْ إن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ ويَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ﴾ (آل عمران:31 )
فمَن وجبت طاعته وحرمت مخالفته لزم التأدب معه في جميع الأحوال.
3- أن الله عز وجل قد حكَّمه فجعله إمامًا وحاكمًا قال تعالى: ﴿إنَّا أنزَلْنَا إلَيْكَ الكِتَابَ بِالحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ﴾ (الأنبياء: 105).
وقال: ﴿وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ عَمَّا جَاءكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاء اللّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَآ آتَاكُم فَاسْتَبِقُوا الخَيْرَاتِ إِلَى الله مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ﴾ (48) سورة المائدة
وقال: {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا} (65) سورة النساء
أقسم الله تعالى بنفسه الكريمة أن هؤلاء لا يؤمنون حقيقة حتى يجعلوك حكمًا فيما وقع بينهم من نزاع في حياتك،ويتحاكموا إلى سنتك بعد مماتك،ثم لا يجدوا في أنفسهم ضيقًا مما انتهى إليه حكمك،وينقادوا مع ذلك انقيادًا تاماً،فالحكم بما جاء به رسول الله rمن الكتاب والسنة في كل شأن من شؤون الحياة من صميم الإيمان مع الرضا والتسليم.
وقال: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} (21) سورة الأحزاب
4 – أن الله تعالى قد فرض محبته على لسانه فعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - r- قَالَ « فَوَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَالِدِهِ وَوَلَدِهِ ».ومن وجبت محبته وجب الأدب إزاءه ولزم التأدب معه .
5 – ما اخنصه به ربه تعالى من جمال الخلق والخلُق وما حباه به من كمال النفس والذات فهو أجمل مخلوق وأكمله على الاطلاق ومَن كان هذا حاله كيف لا يجب التأدب معه .
6- كذلك فإنه بعد الآية الكريمة الأولى التي تحدّثت عن الأصل العام الذي يضبط حياة المسلم (في التلقي عن الله عز وجل ورسوله r).. جاءت الآيات الكريمة التالية تتحدّث عن: الآداب الواجبة على الأمة تجاه نبيّها r،الذي يتلّقون منه منهجهم ودينهم:
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ) (الحجرات 2).. أي:- يا أيها الذين آمنوا:إذا كلّمتم رسول الله rفالتزموا الأدب الكامل،واخفضوا أصواتكم ولا ترفعوها فوق صوته،وحين مخاطبته لا تجهروا بالقول كما يجهر بعضكم لبعض،ولا تخاطبوه باسمه وكنيته،بل خاطبوه بما هو أهل له،وبما يميّز مقامه عن مقامكم.. لأنكم إن فعلتم،أي إن خاطبتموه باسمه وكنيته ورفعتم أصواتكم فوق صوته.. فقد يسوقكم ذلك إلى الاستخفاف بمن يبلّغكم رسالة الله عز وجل،وبالتالي إلى الاستخفاف بالرسالة ذاتها،وهذا قد يؤدي إلى بطلان ثواب أعمالكم وضياعها دون أن تدروا أو تشعروا بهذا المنزلق الخطير،الذي قد يوصلكم إلى الكفر المحبِط للعمل.. إنه تحذيرٌ وتخويفٌ للمؤمنين من اتباع ذلك السلوك.
(إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ) (الحجرات 3).
- أما الذين يغضّون أصواتهم ويخفضونها في حضرة رسول الله r،فقد هيأ الله قلوبهم لتلقي الهبة العظيمة والجائزة الكبيرة منه عز وجل،وهي هبة التقوى،التي ستؤدي في النتيجة إلى الخوف منه سبحانه،وإلى الإنابة إليه،ثم إلى استحقاق مغفرته جل وعلا واستحقاق أجره العظيم الذي يؤدي إلى الجنة.. إنه ترغيبٌ عميقٌ بعد تحذيرٌ مخيف!..
(إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ * وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (الحجرات 3).
- ثم أشارت الآيات الكريمة إلى حادثٍ وقع مع وفد بني تميم (في عام الوفود)،حين قدموا على رسول الله r،وكانوا أعراباً جُفاةً،فنادوا من وراء حجرات النبيّ عليه الصلاة والسلام،المطلّة على المسجد النبويّ الشريف: يا محمد!.. اخرج إلينا!.. فكره رسول الله rهذه الجفوة وهذا الإزعاج: (إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ).. لأنهم لم يبلغوا في صفاتهم العقلية ما يدلّهم على كيفية التعامل مع الذي يبلّغ رسالة الله عز وجل،ولم يتّبعوا أدب العاقلين الناضجين في التعامل مع الناس.
لقد كان الأجدر بهم أن ينتظروا ويصبروا حتى تخرجَ إليهم،فذلك أفضل لهم عند الله وعند الناس،لما فيه من مراعاةٍ للأدب في مقام النبوّة.. ولكن الله عز وجل يقول بعد ذلك: (وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ)،وهو ترغيب بالتوبة والإنابة (الرجوع) إليه،والعودة إلى الأصول في التعامل مع رسول الله r،ثم الترغيب في الرحمة والمغفرة،إذ اقتصر قول الله عز وجل على تحذيرهم وتقريعهم،ولم ينزل العقاب عليهم.. مراعاةً لطبيعتهم القاسية التي تتمتع بالجفاء.
كيف امتثل المؤمنون من صحابة رسول الله rبهذه الآيات؟!..
- منهم مَن أقسم ألا يكلّمه إلا سرّاً (أبو بكر الصدّيق رضي الله عنه).. ومنهم من حرص على خفض صوته حتى يستفهمه رسول الله r.. ومنهم مَن بقي خائفاً وَجِلاً من أن يَحبَطَ عملُهُ لأن صوته جهورياً حاداً (ثابت بن قيس).. ومنهم.. ومنهم.
- في صلح الحديبية،يقول مفاوض قريش (عروة بن مسعود الثقفي): (والله ما تنخّم رسول الله نخامةً إلا وقعت في كفِّ رجلٍ منهم (يقصد الصحابة).. ولا يسقط من شعره شيء إلا أخذوه.. وإذا أمرهم ابتدروا أمره،وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وَضوئه (أي الماء الناتج عن الوضوء).. وإذا تكلموا خفضوا أصواتهم عنده..).. (والله لقد وفدتُ على قيصر في مُلكه.. وعلى كسرى في مُلكه.. وعلى النجاشيّ في مُلكه.. والله ما رأيت مَلِكاً قطّ،يُعظّمه أصحابه مثل ما يعظِّم أصحابُ محمدٍ محمداً)!..
فلنتأمّل،ولنتدبّر،وليكن الصحابة رضوان الله عليهم قدوتنا!..
لنتدبّر في الدروس والعظات المستوحاة من الآيات الكريمة
1- وجوب الأدب مع رسول الله r،في حياته وحضرته.. وبعد مماته،وذلك مع سنّته وأحاديثه وسيرته.
2- الصغائر قد تجرّ إلى الكبائر،والإساءة إلى رسول الله rمن الكبائر التي قد تؤدي إلى الكفر المحبِط للعمل.
3- إنّ مما يُرتَكَب من الذنوب.. ما يذهب بثواب الأعمال،من غير أن يدري المخطئ أحياناً أبعاد عمله المسيء الذي يرتكبه!..
لذلك علينا مراقبة أعمالنا وأقوالنا جيداً،كي لا نقع بالخطأ والذنب الذي يودي بصالحات أعمالنا (وتحسبونَه هيّناً وهو عندَ اللهِ عظيم)!..
4- إنّ الأدب يدلُّ على التمتع بالعقل،فمن كان مؤدّباً فهو عاقل،ومن جُرِحَ أدبه فهو ناقص العقل.
5- الأدب والتأدّب مع رسول الله r.. يقتضي التأدّب مع العلماء المؤمنين المخلصين،الذين يعملون لإقامة شرع الله،وللدفاع عن حُرُماتِه.. فإنهم ورثة الأنبياء.. وكذلك التأدّب مع كل ذي شأنٍ من أصحاب العلم والفكر،الذين يرومون رفعة هذه الأمة الإسلامية،ويعملون على الدفاع عنها وعن دينهم،ويجتهدون في دفع الخبث والشبهات عنها،وفي تعرية أعدائها والدخلاء عليها وعلى منهجها الإسلاميّ القويم.
هذه هى بعض موجبات الأدب معه – r– وغيرها كثير ولكن كيف يكون الأدب ؟ وبماذا يكون ؟ وهذا ما ينبغي أن يعلم !
يكون الأدب معه – r- :
1 – بطاعته واقتفاء أثره وترسم خطاه فى جميع مسالك الدنيا والدين .قال تعالى:{مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللّهَ وَمَن تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا} (80) سورة النساء
2 – ان لا يقدم على حبه وتوقيره وتعظيمه حب مخلوق او توقيره او تعظيمه كائنا من كان.عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ،أَنَّ رَسُولَ اللهِ r،قَالَ:ثَلاَثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلاَوَةَ الإِيمَانِ:أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا،وَأَنْ يُحِبَّ الْمَرْءَ لاَ يُحِبُّهُ إِلاَّ لِلَّهِ،وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِي الْكُفْرِ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ تُوقَدَ لَهُ نَارٌ فَيُقْذَفَ فِيهَا.
3 – موالاة من كان يوالى ومعاداة من كان يعادى والرضا بما كان يرضى به والغضب لما كان يغضب اليه.قال تعالى:{إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ} (55) سورة المائدة
4- إجلال اسمه وتوقيره عند ذكره والصلاة والسلام عليه واستعظامه وتقدير شمائله وفضائله.قال تعالى :{ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (8) لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (9) }[الفتح:8،9]
5 – تصديقه في كل ما أخبر به من أمر الدنيا والدِّين وشأن الغيب في الحياة الدنيا وفي الآخره.قال تعالى:{ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} (7) سورة الحشر
6 – إحياء سنته وإظهار شريعته وإبلاغ دعوته وإنفاذ وصاياه.عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو،قَالَ:قَالَ رَسُولُ اللهِ r: بَلِّغُوا عَنِّي وَلَوْ آيَةً،وَحَدِّثُوا عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلاَ حَرَجَ،وَمَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ.
7 – خفض الصوت عند قبره وفي مسجده لمن أكرمه الله بزيارته وشرفه بالوقوف على قبره r،قال تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِندَ رَسُولِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ} (3) سورة الحجرات
8 – حب الصالحين وموالاتهم بحبه وبغض الفاسقين ومعاداتهم ببغضه .
هذه هى مظاهر الآداب معه – r– عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ،قَالَ:إِنَّ رَسُولَ اللهِ rخَرَجَ إِلَى الْمَقْبُرَةِ،فَقَالَ:السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ دَارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ،وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لاَحِقُونَ،وَدِدْتُ أَنِّي قَدْ رَأَيْتُ إِخْوَانَنَا،قَالُوا:يَا رَسُولَ اللهِ،أَلَسْنَا إِخْوَانَكَ،قَالَ:بَلْ أَنْتُمْ أَصْحَابِي،وَإِخْوَانُنَا الَّذِينَ لَمْ يَأْتُوا بَعْدُ،وَأَنَا فَرَطُهُمْ عَلَى الْحَوْضِ،قَالُوا:يَا رَسُولَ اللهِ،كَيْفَ تَعْرِفُ مَنْ يَأْتِي بَعْدَكَ مِنْ أُمَّتِكَ ؟ قَالَ:أَرَأَيْتَ لَوْ كَانَ لِرَجُلٍ خَيْلٌ غُرٌّ مُحَجَّلَةٌ فِي خَيْلٍ دُهْمٍ بُهْمٍ أَلاَ يَعْرِفُ خَيْلَهُ ؟ قَالُوا:بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ،قَالَ:فَإِنَّهُمْ يَأْتُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ غُرًّا مُحَجَّلِينَ مِنَ الْوُضُوءِ،وَأَنَا فَرَطُهُمْ عَلَى الْحَوْضِ،فَلَيُذَادَنَّ رِجَالٌ عَنْ حَوْضِي كَمَا يُذَادُ الْبَعِيرُ الضَّالُّ،أُنَادِيهِمْ أَلاَ هَلُمَّ أَلاَ هَلُمَّ،فَيُقَالُ:إِنَّهُمْ بَدَّلُوا بَعْدَكَ،فَأَقُولُ:فَسُحْقًا فَسُحْقًا فَسُحْقًا.
وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ،قَالَ:قَالَ رَسُولُ اللهِ r: وَدِدْتُ أَنِّي لَقِيتُ إِخْوَانِي،قَالَ:فَقَالَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ r: أَوَلَيْسَ نَحْنُ إِخْوَانَكَ ؟ قَالَ:أَنْتُمْ أَصْحَابِي،وَلَكِنْ إِخْوَانِي الَّذِينَ آمَنُوا بِي وَلَمْ يَرَوْنِي."
وعَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ:فَقَدَ النَّبِيَّ rلَيْلَةً أَصْحَابُهُ،وَكَانُوا إِذَا نَزَلُوا أَنْزَلُوهُ وَسَطَهُمْ فَفَزِعُوا،وَظَنُّوا أَنَّ اللَّهَ اخْتَارَ لَهُ أَصْحَابًا غَيْرَهُمْ،فَإِذَا هُمْ بِخَيَالِ النَّبِيِّ r،فَكَبَّرُوا حِينَ رَأَوْهُ وَقَالُوا:يَا رَسُولَ اللهِ أَشْفَقْنَا أَنْ يَكُونَ اللَّهُ اخْتَارَ لَكَ أَصْحَابًا غَيْرَنَا.فَقَالَ رَسُولُ اللهِ r: لاَ بَلْ.أَنْتُمْ أَصْحَابِي فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ إِنَّ اللَّهَ أَيْقَظَنِي فَقَالَ:يَا مُحَمَّدُ إِنِّي لَمْ أَبْعَثْ نَبِيًّا وَلاَ رَسُولاً إِلاَّ وَقَدْ سَأَلَنِي مَسْأَلَةً أَعْطَيْتُهَا إِيَّاهُ،فَسَلْ:يَا مُحَمَّدُ تُعْطَ.فَقُلْتُ:مَسْأَلَتِي شَفَاعَةٌ لأُمَّتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ.فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ:يَا رَسُولَ اللهِ،وَمَا الشَّفَاعَةُ ؟ قَالَ:أَقُولُ يَا رَبِّ شَفَاعَتِي الَّتِي اخْتَبَأْتُ عِنْدَكَ،فَيَقُولُ الرَّبُّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى:نَعَمْ.فَيُخْرِجُ رَبِّي بَقِيَّةَ أُمَّتِي مِنَ النَّارِ فَيَنْبِذُهُمْ فِي الْجَنَّةِ."
فالمسلمُ يجتهد دائما في أدائها كاملة والمحافظة عليها تامة،إذ كماله موقوف عليها وسعادته منوطة بها والمسؤول الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا للتأدب مع نبينا r وأن يجعلنا من أتباعه وأنصاره وشيعته وأن يرزقنا طاعته وأن لا يحرمنا شفاعته .. اللهم آمين ...!

______________





هنا بين الحروف أسكن
http://monaaya7.blogspot.com/
من القلب سلامًٌ لمن زارني
قديم 11-27-2011, 07:13 PM
المشاركة 7
منى شوقى غنيم
انتقلت إلى أرحم الراحمين إن شاء الله
  • غير موجود
افتراضي
-4- الأدب مع النفس

الأدب مع النفس وهو عبارة عن التوبة والمراقبة والمجاهدة والمحاسبة
نعلم جيدا أن المسلم يؤمن بأن سعادته في كلتا حياتيه الأولى والثانية موقوفة على مدى تأديب نفسه وتطييبها وتزكيتها وتطهيرها كما أن شقاؤها منوط بفسادها وتدسيتها وخبثها وذلك للأدلة الآتية:قوله تعالى: { قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا (10) } [الشمس:9 - 10]
وقوله تعالى: { إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ (40) لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ (41) وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (42)} [الأعراف:40 - 42]
وقوله جل وعلا :{ وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (3)} العصر
وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - r- قَالَ « كُلُّ أُمَّتِى يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ،إِلاَّ مَنْ أَبَى ».قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَنْ يَأْبَى قَالَ « مَنْ أَطَاعَنِى دَخَلَ الْجَنَّةَ،وَمَنْ عَصَانِى فَقَدْ أَبَى » .
وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ،قَالَ:قَالَ رَسُولُ اللهِ r: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ،لَتَدْخُلُنَّ الْجَنَّةَ كُلُّكُمْ إِلاَّ مَنْ أَبَى وَشَرَدَ عَلَى اللهِ كَشِرَادِ الْبَعِيرِ،قَالُوا:يَا رَسُولَ اللهِ،وَمَنْ يَأْبَى أَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ ؟ قَالَ:مَنْ أَطَاعَنِي دَخَلَ الْجَنَّةَ،وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ أَبَى.
وعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غَنْمٍ،أَنَّ أَبَا مَالِكٍ الأَشْعَرِيَّ حَدَّثَهُ،أَنَّ رَسُولَ اللهِ r،قَالَ:إِسْبَاغُ الْوُضُوءِ شَطْرُ الإِيمَانِ،وَالْحَمْدُ لِلَّهِ تَمْلَأُ الْمِيزَانَ،وَالتَّسْبِيحُ وَالتَّكْبِيرُ مِلْءُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ،وَالصَّلاَةُ نُورٌ،وَالزَّكَاةُ بُرْهَانٌ،وَالصَّدَقَةُ ضِيَاءٌ،وَالْقُرْآنُ حُجَّةٌ لَكَ أَوْ عَلَيْكَ،كُلُّ النَّاسِ يَغْدُو،فَبَائِعٌ نَفْسَهُ فَمُعْتِقُهَا،أَوْ مُوبِقُهَا.
كما يؤمن المسلم بأن ما تطهر عليه النفس وتزكو هو حسنة الإيمان والعمل الصالح وأن ما تتدسى به وتخبث وتفسد هو سيئة الكفر والمعاصى .
قال تعالى: {وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ } (114) سورة هود
وقال تعالى:{كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ} (14) سورة المطففين
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ،أَنَّ رَسُولَ اللهِ rقَالَ: " إِنَّ الْمُؤْمِنَ إِذَا أَذْنَبَ ذَنْبًا كَانَتْ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ فِي قَلْبِهِ،فَإِنْ تَابَ وَنَزَعَ وَاسْتَغْفَرَ صَقُلَ مِنْهَا قَلْبُهُ،وَإِنَّ زَادَ زَادَتْ حَتَّى يُغَلَّفَ بِهَا قَلْبُهُ،فَذَلِكَ الرَّانُ الَّذِي ذَكَرَ اللهُ فِي كِتَابِهِ { كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ } [المطففين: 14] "
وعَنْ مَيْمُونِ بْنِ أَبِي شَبِيبٍ،قَالَ: لَمَّا بَعَثَ رَسُولُ اللهِ rمُعَاذًا إِلَى الْيَمَنِ،قَالَ مُعَاذٌ: فَإِذَا رَكْبُ ابْنِ صَفْوَانَ نَحْوَ النَّبِيِّ r،فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ،مَا أَرَى هَؤُلَاءِ إِلَّا سَائِلُوكَ عَنِّي،فَأَوْصِنِي وَاجْمَعْ،فَقَالَ: " اتَّقِ اللهَ حَيْثُمَا كُنْتَ،وَأَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الْحَسَنَةَ تَمْحُهَا،وَخَالَطِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ "
وعَنْ أَبِي ذَرٍّ،قَالَ:قُلْتُ:يَا رَسُولَ اللهِ،أَوْصِنِي.قَالَ:اتَّقِ اللَّهَ حَيْثُمَا كُنْتَ،وَأَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الْحَسَنَةَ تَمْحُهَا،وَخَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ.
من أجل هذا يعيش المسلم عاملاً على تأديب نفسه وتزكيتها وتطهيرها إذ هي أولى مَن يؤدب فيأخذها بالآداب المزكية لها والمطهرة لأدرانها كما يجنبها كل ما يدسيها ويفسدها من سيء المعتقدات وفاسد الأقوال والأفعال يجاهدها ليل نهار،ويحاسبها في كل ساعة ويحملها على فعل الخيرات ويدفعها إلى الطاعة دفعا كما يصرفها عن الشر والفساد صرفا،ويردها عنهما ردا ويتبع في إصلاحها وتأديبها لتطهر وتزكو الخطوات التالية :
1 - التوبة :
والمراد منها التخلي عن سائر الذنوب والمعاصى والندم على كل ذنب سالف والعزم على عدم العود على الذنب في مقبل العمر وذلك لقول الله تبارك وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (8) سورة التحريم
وقوله تعالى:{.. وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (31) سورة النــور
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ؛أَنّ رَسُولَ اللهِ rجَمَعَ النَّاسَ،فَقَالَ:يَا أَيُّهَا النَّاسُ،تُوبُوا إِلَى اللهِ،فَإِنِّي أَتُوبُ إِلَى اللهِ فِي الْيَوْمِ مِئَةَ مَرَّةٍ.
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ،قَالَ:قَالَ رَسُولُ اللهِ r: مَنْ تَابَ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ.
وعَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ،قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ r: " إِنَّ اللهَ يَبْسُطُ يَدَهُ بِاللَّيْلِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ النَّهَارِ،وَبِالنَّهَارِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ اللَّيْلِ،حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا " رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ
وعَنِ الْحَارِثِ بْنِ سُوَيْدٍ قَالَ دَخَلْتُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ أَعُودُهُ وَهُوَ مَرِيضٌ فَحَدَّثَنَا بِحَدِيثَيْنِ حَدِيثًا عَنْ نَفْسِهِ وَحَدِيثًا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -r- قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -r- يَقُولُ « لَلَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ الْمُؤْمِنِ مِنْ رَجُلٍ فِى أَرْضٍ دَوِيَّةٍ مَهْلَكَةٍ مَعَهُ رَاحِلَتُهُ عَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ فَنَامَ فَاسْتَيْقَظَ وَقَدْ ذَهَبَتْ فَطَلَبَهَا حَتَّى أَدْرَكَهُ الْعَطَشُ ثُمَّ قَالَ أَرْجِعُ إِلَى مَكَانِى الَّذِى كُنْتُ فِيهِ فَأَنَامُ حَتَّى أَمُوتَ. فَوَضَعَ رَأْسَهُ عَلَى سَاعِدِهِ لِيَمُوتَ فَاسْتَيْقَظَ وَعِنْدَهُ رَاحِلَتُهُ وَعَلَيْهَا زَادُهُ وَطَعَامُهُ وَشَرَابُهُ فَاللَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ الْعَبْدِ الْمُؤْمِنِ مِنْ هَذَا بِرَاحِلَتِهِ وَزَادِهِ ».
2 – المراقبة :
وهي أن يأخذ المسلم نفسه بمراقبة الله تبارك وتعالى ويلزمها إياها في كل لحظة من لحظات الحياة حتى يتم لها اليقين بأن الله مطلع عليها عالمٌ بأسرارها رقيب على أعمالها قائمٌ عليها وعلى كل نفس بما كسبت،وبذلك تصبح مستغرقة بجمال الله وكماله شاعرة بالاأنس في ذكره واجدة الراحة في طاعته راغبة في جواره مقبلة عليه معرضة عما سواه .
وهذا معنى إسلام الوجه في قوله تعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِّمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لله وَهُوَ مُحْسِنٌ واتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَاتَّخَذَ اللّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً} (125) سورة النساء
وَمَنْ أَحْسَنَ دِيناً مِمَّنْ جَعَلَ قَلْبَهُ خَالِصاً للهِ وَحْدَهُ،وَأَخْلَصَ العَمَلَ لِرَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ،فَعَمِلَ إِيمَاناً وَاحْتِسَاباً،وَكَانَ فِي عَمَلِهِ مُحْسِناً،وَمُتَّبِعاً مَا شَرَعَهُ اللهُ لَهُ،وَمَا أَرْسَلَ بِهِ رَسُولَهُ مِنَ الهُدَى وَدِينِ الحَقِّ.وَهَذَانِ شَرْطَانِ لاَ يَصِحُّ بِدُونِهِمَا عَمَلٌ صَالِحٌ:
- أنْ يَكُونَ العَمَلُ خَالِصاً للهِ .
- أنْ يَكُونَ صَوَاباً مُوافِقاً لِلْشَرْعِ الذِي شَرَعَهُ اللهُ .
وَعَلى العَامِلِ المُخْلِصِ فِي عَمَلِهِ للهِ أنْ يَكُونَ قَدِ اتَّبَعَ،مَعَ مُحَمَّدٍ وَالمُسْلِمِينَ،مِلَّةَ إِبْراهِيمَ مُخْلِصاً،مُنْحَرِفاً عَنِ الشِّرْكِ ( حَنِيفاً )،وَتَارِكاً لِلْشِّرْكِ عَنْ بَصيرةِ،وَمقْبِلاً عَلَى الحَقِّ وَالهُدَى بِكُلِّيَّتِهِ.ثُمَّ أَرَادَ اللهُ تَعَالَى تَرْغِيبِ المُؤْمِنِينَ بِاتِّبَاعِ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ،الذِي بَلَغَ غَايَةَ مَا يَتَقَرَّبُ بِهِ العِبَادُ إلى اللهِ،فَقَالَ تَعَالَى:إنَّ إِبْرَاهِيمَ انْتَهَى إلى مَنْزِلَةِ الخَلِيلِ لَدَى خَالِقِهِ،وَهِيَ أَرْفَعُ مَقَامَاتِ المَحَبَّةِ،وَمَنْ كَانَتْ لَهُ هَذِهِ المَنْزِلَةُ كَانَ جَدِيراً بِأَنْ يُتَّبَعَ فِي مِلَّتِهِ .
وقوله سبحانه:{وَمَن يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى وَإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ} (22) سورة لقمان
وَمَنْ يُخلْصِ العَمَلَ للهِ،وَيَخْضَعْ لأَمْرِهِ،وَيَتّبِعْ شَرْعَهُ،وَهُوَ مُحْسِنٌ في عَمَلِهِ باتِّبَاعِ مَا أَمَرَ اللهُ بهِ،وَتَرْكِ مَا نَهَى عَنْهُ،فَقَدْ تَعَلَّقَ بأَوْثَقِ الأَسْبَابِ التي تُوصِلُ إٍِلى رِضْوَانِ اللهِ،وَحُسْن جَزَائِهِ،والنَّاسُ راجِعُونَ جَميعاً إٍِلى اللهِ،وأَعْمَالُهُم وأُمُورُهُمْ صَائِرَةٌ إليهِ فيُجَازِي كُلَّ وَاحٍدٍ بِعَمَلِهِ .
وهو عين ما دعا إليه الله تعالى في قوله:{وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُم بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاء أَوْ أَكْنَنتُمْ فِي أَنفُسِكُمْ عَلِمَ اللّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلَكِن لاَّ تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلاَّ أَن تَقُولُواْ قَوْلاً مَّعْرُوفًا وَلاَ تَعْزِمُواْ عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّىَ يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ} (235) سورة البقرة
وَلا جُنَاحَ عَلَيكُمْ أيُّها الرِّجَالُ وَلا حَرَجَ وَلا إثْمَ فِي أنْ تُعَرِّضُوا بِخِطْبَةِ النِّسَاءِ وَهُنَّ في العِدَّةِ،مِنْ غَيرِ تَصْرِيحٍ،كَأنْ يَقُولَ أحَدُكُمْ أريدُ الزَّوَاجَ...وَلا جُنَاحَ عَليكُمْ فِيما أضْمَرْتُمُوهُ فِي أنفُسِكُمْ مِنْ خِطْبَتِهِنَّ.وَاللهُ يَعْلَمُ أنَّكُمْ سَتَذْكُرونَهُنَّ في أنْفُسِكُمْ سِرّاً،فَرَفَعَ عَنْكُمْ هذا الحَرَجَ،وَلَكِنْ لا تُعْطُوهُنَّ وَعْداً بالزَّواجِ،إلا أنْ يَكُونَ ذَلِكَ إشَارَةً لا نُكْرَ فيها وَلا فُحْشَ وَلاَ تَقُولُوا لَهُنَّ إنَّكُمْ عَاشِقون مَثَلاً،وَلا تَطْلُبُوا مِنْهُنَّ الوَعْدَ بِعَدَمِ الزَّوَاجِ مِنْ غَيْرِكُمْ.. إلخ فَذلِكَ مِمَّا نَهَى اللهُ تَعَالَى عَنْهُ
وَلاَ تَعْقدُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى تَنْقَضِيَ العِدَّةَ ( يَبْلُغَ الكِتَابُ أجَلَهُ ) وَإذَا تَزَوَّجَ الرَّجُلُ مِن امْرأَةٍ وَهِيَ في العِدَّةِ،فَقَدْ أجْمَعَ الفُقَهَاءُ عَلَى أنَّ هذا الزَّوَاجَ بَاطِلٌ.وَلكِنَّهُمُ اخْتَلَفُوا حَوْلَ حُرْمَةِ المَرْأةِ عَلَى الرَّجُلِ أبَداً.فَقَالَ بَعْضُ الفُقَهَاءِ:إنَّها تَحْرُمُ عَلَيهِ أبَداً،وَقَالَ آخُرونَ إنَّها لاَ تَحْرُمُ عَلَيهِ أبَدَاً،وَلَهُ أنْ يَتَقَدَّمَ إلى خِطْبَتِها إذا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا،وَيَعْقِدَ عَلَيْهَا بَعْدَ ذَلِكَ .
ويُذَكِّر اللهُ المُؤْمِنينَ بِأنَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي نُفُوسِهِمْ،وَلِذَلِكَ فَإنَّهُ يُرِيدُهُمْ ألاَّ يُضْمِرُوا فِي أنْفُسِهِمْ إلاَّ الخَيْرَ.وَالذي تَخْطُرُ عَلَى بَالِهِ خَوَاطِرُ شِرِّيرَةٌ جَعَلَ اللهُ لَهُ بَاباً لِلتَّوبَةِ وَالاسْتِغْفَارِ مِمَّا خَطَرَ لَهُ،فَاللهُ كَثيرُ الحِلْمِ لاَ يُعَجِّلُ بِالعُقُوبَةِ لِمَنْ قَارَفَ المُحَرَّمَاتِ،لَعَلَّهُ يَتُوبُ وَيَسْتَغْفِرُ رَبَّهُ وَيَرْجِعُ إليهِ .
وقوله تعالى:{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} (1) سورة النساء .
وقوله سبحانه:{وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِن قُرْآنٍ وَلاَ تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلاَّ كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَن رَّبِّكَ مِن مِّثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاء وَلاَ أَصْغَرَ مِن ذَلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ} (61) سورة يونس
يُخْبِرُ اللهَ تَعَالَى بِأَنَّهُ عَالِمٌ بَجِمِيعِ أَحْوَالِ رَسُولِهِ وَأُمُورِهِ،سَوَاءٌ مِنْهَا مَا هُوَ خَاصٌ بِهِ،أَوْ مَا هُوَ مُتَعَلِّقٌ بِشُؤُونِ الدَّعْوَةِ،وَأَنَّهُ لاَ يَتْلُو مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ مِنْ قُرْآنٍ أَنْزَلَهُ عَلَيْهِ اللهُ تَعَبُّداً وَتَهَجُّداً بِهِ،أَوْ تَبْلِيغاً لَهُ لِلنَّاسِ،وَلاَ يَقُومُ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ،مِنَ المُؤْمِنِينَ وَغَيْرِهِمْ،بِعَمَلٍ صَالِحٍ أَوْ غَيْرِ صَالِحٍ،كَبِيرٍ أَوْ صَغِيرٍ،إِلاَّ كَانَ اللهُ تَعَالَى رَقِيباً عَلَيْهِمْ فَيَحْفَظُهُ لَهُمْ،وَيَجْزِيهِمْ بِهِ،وَأَنَّهُ تَعَالَىلاَ يَغِيبُ عَنْ عِلْمِهِ شَيءٌ صَغُرَ أَوْ كَبُرَ حَتَّى وَلَوْ كَانَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ،أَوْ أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ،فَكُلُّ شَيءٍ مُحْصًى عِنْدَهُ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ .
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ،قَالَ:كَانَ رَسُولُ اللهِ rيَوْمًا بَارِزًا لِلنَّاسِ،إِذْ أَتَاهُ رَجُلٌ يَمْشِي،فَقَالَ:يَا مُحَمَّدُ،مَا الإِيمَانُ ؟ قَالَ:أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ،وَمَلاَئِكَتِهِ،وَرُسُلِهِ،وَلِقَائِهِ،و َتُؤْمِنَ بِالْبَعْثِ الآخِرِ،قَالَ:يَا رَسُولَ اللهِ،فَمَا الإِسْلاَمُ ؟ قَالَ:لاَ تُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا،وَتُقِيمُ الصَّلاَةَ الْمَكْتُوبَةَ،وَتُؤَدِّي الزَّكَاةَ الْمَفْرُوضَةَ،وَتَصُومُ رَمَضَانَ،قَالَ:يَا مُحَمَّدُ،مَا الإِحْسَانُ ؟ قَالَ:أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ،فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ .."
وهو نفس ما درج عليه السابقون الأولون من سلف هذه الأمة الصالح إذ أخذوا به أنفسهم حتى تم لهم اليقين وبلغوا درجة المقربين وها هي ذى آثارهم تشهد لهم :
1 - وقَالَ الْجُنَيْدَُ:سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ الْحَارِثَ بْنَ أَسَدٍ،يَقُولُ وَسُئِلَ عَنِ الْمُرَاقَبَةِ لِلَّهِ وَعَنِ الْمُرَاقِبِ،لِرَبِّهِ فَقَالَ:" إِنَّ الْمُرَاقَبَةَ تَكُونُ عَلَى ثَلَاثِ خِلَالٍ عَلَى قَدْرِ عَقْلِ الْعَاقِلِينَ وَمَعْرِفَتِهِمْ بِرَبِّهِمْ يَفْتَرِقُونَ فِي ذَلِكَ فَإِحْدَى الثَّلَاثِ الْخَوْفُ مِنَ اللَّهِ،وَالْخَلَّةُ الثَّانِيَةُ الْحَيَاءُ مِنَ اللَّهِ وَالْخَلَّةُ الثَّالِثَةُ الْحُبُّ لِلَّهِ فَأَمَّا الْخَائِفُ فَمُرَاقِبٌ بِشِدَّةِ حَذَرٍ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى وَغَلَبَةِ فَزَعٍ،وَأَمَّا الْمُسْتَحْيِي مِنَ اللَّهِ فَمُرَاقِبٌ بِشِدَّةِ انِكْسَارٍ وَغَلَبَةِ إِخْبَاتٍ،وَأَمَّا الْمُحِبُّ فَمُرَاقِبٌ بِشِدَّةِ سُرُورٍ وَغَلَبَةِ نَشَاطٍ وَسَخَاءِ نَفْسٍ مَعَ إِشْفَاقٍ لَا يُفَارِقُهُ وَلَنْ تَكَادَ أَنْ تَخْلُوَ قُلُوبُ الْمُرَاقِبِينَ مِنْ ذِكْرِ اطِّلَاعِ الرَّقِيبِ بِشِدَّةِ حَذَرٍ مِنْ قُلُوبِهِمْ أَنْ يَرَاهُمْ غَافِلِينَ عَنْ مُرَاقَبَتِهِ،وَالْمُرَاقَبَةُ ثَلَاثُ خِلَالٍ فِي ثَلَاثَةِ أَحْوَالٍ أَوَّلُهَا التَّثْبِيتُ بِالْحَذَرِقَبْلَ الْعَمَلِ بِمَا أَوْجَبَ اللَّهُ،وَالتَّرْكُ لِمَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ مَخَافَةَ الْخَطَأِ فَإِذَا تَبَيَّنَ لَهُ الصَّوَابُ بِالْمُبَادَرَةِ إِلَى الْعَمَلِ بِمَا أَوْجَبَ اللَّهُ وَالتَّرْكِ لِمَا نَهَى اللَّهُ مَخَافَةَ التَّفْرِيطِ فَإِذَا دَخَلَ فِي الْعَمَلِ فَالتَّكْمِيلُ لِلْعَمَلِ مَخَافَةَ التَّقْصِيرِ فَمَنْ لَمْ يَثْبُتْ قَبْلَ الْعَمَلِ مَخَافَةَ الْخَطَأِ فَغَيْرُ مُرَاقِبٍ لِمَنْ يَعْمَلُ لَهُ إِذْ كَانَ لَا يَأْمَنُ مِنْ أَنْ يَعْمَلَ عَلَى غَيْرِ مَا أَحَبَّ وَأَمَرَ بِهِ،وَمَنْ لَمْ يبَادَرْ وَيُسَارِعْ إِلَى عَمَلِ مَا يُحِبُّ اللَّهُ بَعْدَ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الصَّوَابُ فَمَا رَاقَبَ إِذَا بَطَّأَ عَنِ الْعَمَلِ،لِمَحَبَّةِ مَنْ يُرَاقِبُهُ إِذْ يَرَاهُ مُتَثَبِّطًا عَنِ الْقِيَامِ بِمَا أَمَرَ بِهِ،وَمَنْ لَمْ يَجْتَهِدْ فِي تَكْمِيلِ عَمَلِهِ فَضَعِيفٌ مُقَصِّرٌ فِي مُرَاقَبَةِ مَنْ يُرَاقِبُهُ إِذَا قَصَّرَ عَنْ إِحْكَامِ الْعَمَلِ لِمَنْ يَعْمَلُ وَقَدْ عَلِمَ أَنَّ اللَّهَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ يُحِبُّ تَكْمِيلَهُ وَإِحْكَامَهُ،وَقَالَ:سَبْعُ خِلَالٍ يَكْمُلُ لَهَا عَمَلُ الْمُرِيدِ وَحِكْمَتُهُ:حُضُورُ الْعَقْلِ وَنَفَاذُ الْفِطْنَةِ وَسَعَةُ الْعَمَلِ بِغَيْرِ غَلَطٍ وَقَهْرُ الْعَقْلِ لِلْهَوَى وَعِظَمُ الْهَمِّ كَيْفَ يُرْضِي الرَّبَّ تَعَالَى وَالتَّثَبُّتُ قَبْلَ الْقَوْلِ وَالْعَمَلِ،وَشِدَّةُ الْحَذَرِ لِلْآفَاتِ الَّتِي تَشُوبُ الطَّاعَاتِ،وَأَقَلُّ الْمُرِيدِينَ غَفْلَةً أَدْوَمُهُمْ مُرَاقَبَةً مَعَ تَعْظِيمِ الرَّقِيبِ،وَالدَّلِيلُ عَلَى صِدْقِ الْمُرَاقَبَةِ بِإِجْلَالِ الرَّقِيبِ شِدَّةُ الْعِنَايَةِ بِالْفِطْنَةِ لِدَوَاعِي الْعَقْلِ مِنْ دَوَاعِي الْهَوَى وَالتَّثْبِيتُ بِالنَّظَرِ بِنُورِ الْعِلْمِ وَالتَّمْيِيزُ بَيْنَ الطَّاعَةِ وَمَا شَابَهَهَا مِنَ الْآفَاتِ وَقُوَّةِ الْعَزْمِ عَلَى تَكْمِيلِ الْمُرَاقَبَةِ فِي الْحُظْوَةِ فِي عَيْنِ الْمَلِيكِ الْمُطَّلِعِ،وَشِدَّةُ الْفَزَعِ مِمَّا يَكْرَهُ خَوْفَ الْمَقْتِ،وَالدَّلِيلُ عَلَى قُوَّةِ الْخَوْفِ شِدَّةُ الْإِشْفَاقِ مِمَّا مَضَى مِنَ السَّيِّئَاتِ أَنْ لَا تُغْفَرَ وَمَا تَقَدَّمَ مِنَ الْإِحْسَانِ أَنْ لَا يُقْبَلَ،وَدَوَامُ الْحَذَرِ فِيمَا يُسْتَقْبَلُ أَنْ لَا يَسْلَمَ،وَعِظَمُ الْهَمِّ مِنْ عَظِيمِ الرَّغْبَةِ،وَعَظِيمُ الرَّغْبَةِ مِنْ كِبَرِ الْمَعْرِفَةِ بِعَظِيمِ قَدْرِ الْمَرْغُوبِ فِيهِ وَإِلَيْهِ،وَسُمَوُّ الْهِمَّةِ يُخَفِّفُ التَّعَبَ وَالنَّصَبَ وَيُهَوِّنُ الشَّدَائِدَ فِي طَلَبِ الرِّضْوَانِ،وَيُسْتَقَلُّ مَعَهُ بَذْلُ الْمَجْهُودِ بِعَظِيمِ مَا ارْتَفَعَ إِلَيْهِ الْهَمُّ،وَالنَّشَاطُ بِالدُّءُوبِ دَائِمٌ،وَالسُّرُورُ بِالْمُنَاجَاةِ هَائِجٌ،وَالصَّبْرُ زِمَامُ النَّفْسِ عَنِ الْمَهَالِكِ وَإِمْسَاكٌ،لَهَا عَلَى النَّجَاةِ فَالْيَقِينُ رَاحَةٌ لِلْقُلُوبِ مِنْ هُمُومِ الدُّنْيَا وَكَاسِبٌ لِمَنَافِعِ الدِّينِ كُلِّهَا وَحُسْنُ الْأَدَبِ زَيْنٌ لِلْعَالِمِ وَسَتْرٌ لِلْجَاهِلِ،مَنْ قَصُرَ أَمَلُهُ حَذَرَ الْمَوْتَ وَمَنْ حَذَرَ الْمَوْتَ خَافَ الْفَوْتَ وَمَنْ خَافَ الْفَوْتَ قَطَعَ الشَّوْقَ وَمَنْ قَطَعَ الشَّوْقَ بَادَرَ قَبْلَ زَوَالِ إِمْكَانِ الظَّفَرِ فَاجْعَلِ التَّيَقُّظَ وَاعِظَكَ وَالتَّثَبُّتَ وَكِيلَكَ وَالْحَذَرَ مُنَبِّهَكَ وَالْمَعْرِفَةَ دَلِيلَكَ وَالْعِلْمَ قَائِدَكَ وَالصَّبْرَ زِمَامَكَ وَالْفَزَعَ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عَوْنَكَ وَمَنْ لَمْ تُوسَعْهُ الدُّنْيَا غِنًى وَلَا رِفْعَةَ أَهْلِهَا شَرَفًا وَلَا الْفَقْرُ فِيهَا صِفَةً فَقَدِ ارْتَفَعَتْ هِمَّتُهُ وَعَزَفَتْ عَنِ الدُّنْيَا نَفْسُهُ،مَنْ كَانَتْ نِعْمَتُهُ السَّلَامَةَ مِنَ الْآثَامِ وَرَغِبَ إِلَى اللَّهِ فِي حَوَادِثِ فَوَائِدَ لَمُرِيدٌ نُقِلَ عَنِ الدُّنْيَا بِقَلْبِهِ،وَمَنِ اشْتَدَّ تَفَقُّدُهُ مَا يَضُرَّهُ فِي دِينِهِ وَيَنْفَعُهُ فِي آخِرَتِهِ وَذَكَرَ اطِّلَاعَ اللَّهِ إِلَيْهِ،وَمَثُلَ عَظِيمَ هَوْلِ الْمَطْلَعِ وَأَشْفَقَ مِمَّا يَأْتِي بِهِ الْخَيْرُ فَقَدْ صَدَقَ اللَّهَ فِي مُعَامَلَتِهِ وَحَقَّقَ اسْتِعْمَالَ مَا عَرَّفَهُ رَبُّهُ،وَمَنْ قَدَّمَ الْعَزْمَ لِلَّهِ عَلَى الْعَمَلِ بِمَحَبَّتِهِ وَوَفَّى لِلَّهِ بَعَزْمِهِ وَجَانَبَ مَا يَعْتَرِضُ بِقَلْبِهِ مِنْ خَطَرَاتِ السُّوءِ وَنَوَازِعِ الْفِتَنِ فَقَدْ حَقَّقَ مَا عَلِمَ وَرَاقَبَ اللَّهَ فِي أَحْوَالِهِ،كَهْفُ الْمُرِيدِ وَحِرْزُهُ التَّقْوَى وَالِاسْتِعْدَادُ عَوْنُهُ وَجَنَّتُهُ الَّتِي يَدْفَعَ بِهَا آفَاتِ الْعَوَارِضِ وَصُوَرِ النَّوَازِلِ،وَالْحَذَرُ يوَرِّثُهُ النَّجَاةَ وَالسَّلَامَةَ،وَالصَّبْرُ يوَرِّثُهُ الرَّغْبَةَ وَالرَّهْبَةَ،وَذِكْرُ كَثْرَةِ سَوَالِفِ الذُّنُوبِ يوَرِّثُهُ شِدَّةَ الْغَمِّ وَطُولَ الْحُزْنِ،وَعِظَمُ مَعْرِفَتِهِ بِكَثْرَةِ آفَاتِ الْعَوَارِضِ فِي الطَّاعَاتِ تُوَرِّثُهُ شِدَّةَ الْإِشْفَاقِ مِنْ رَدِّ الْإِحْسَانِ "
2 - وعَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَارِثِ،قَالَ:كَانَ رَجُلٌ كَثِيرَ الْبُكَاءِ فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ:أَبْكَانِي تَذَكُّرِي مَا جَنَيْتُ عَلَى نَفْسِي حِينَ لَمْ أَسْتَحيِ مِمَّنْ شَاهَدَنِي وَهُوَ يَمْلِكُ عُقُوبَتِي،فَأَخَّرَنِي إِلَى يَوْمِ الْعُقُوبَةِ الدَّائِمَةِ،وَأَجَّلَنِي إِلَى يَوْمِ الْحَسْرَةِ الْبَاقِيَةِ،وَاللَّهِ لَوْ خُيِّرْتُ أَيُّهُمَا أَحَبُّ إِلَيْكَ أَنْ تُحَاسَبَ ثُمَّ يُؤْمَرُ بِكَ إِلَى الْجَنَّةِ أَوْ يُقَالُ لَكَ كُنْ تُرَابًا،لَاخْتَرْتُ أَنْ أَكُونَ تُرَابًا " .
3 - عن أَبي عُثْمَانَ الْحناطِ قال:سَمِعْتُ ذَا النُّونِ يَقُولُ:" ثَلَاثَةٌ مِنْ أَعْمَالِ الْمُرَاقَبَةِ:إِيثَارُ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ،وَتَعْظِيمُ مَا عَظَّمَ اللَّهُ،وَتَصْغِيرُ مَا صَغَّرَ اللَّهُ ".قَالَ:" وَثَلَاثَةٌ مِنْ أَعْلَامِ الِاعْتِزَازِ بِاللَّهِ:التَّكَاثُرُ بِالْحِكْمَةِ وَلَيْسَ بِالْعَشِيرَةِ،وَالِاسْتِعَانَةُ بِاللَّهِ وَلَيْسَ بِالْمَخْلُوقِينَ،وَالتَّذَلُّلِ لِأَهْلِ الدِّينِ فِي اللَّهِ وَلَيْسَ لِأَبْنَاءِ الدُّنْيَا " .
4 - وعَنْ نَافِعٍ،قَالَ: خَرَجَ ابْنُ عُمَرَ فِي بَعْضِ نَوَاحِي الْمَدِينَةِ وَمَعَهُ أَصْحَابُ لَهُ،وَوَضَعُوا سَفْرَةً لَهُ،فَمَرَّ بِهِمْ رَاعِي غَنَمٍ،قَالَ: فَسَلَّمَ،فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: " هَلُمَّ يَا رَاعِي،هَلُمَّ "،فَأَصِبْ مِنْ هَذِهِ السُّفْرَةِ،فَقَالَ لَهُ: إِنِّي صَائِمٌ،فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: " أَتَصُومُ فِي مِثْلِ هَذَا الْيَوْمِ الْحَارِّ شَدِيدٍ سُمُومُهُ وَأَنْتَ فِي هَذِهِ الْجِبَالِ تَرْعَى هَذَا الْغَنَمَ ؟ " فَقَالَ لَهُ: أَيْ وَاللهِ أُبَادِرُ أَيَّامِي الْخَالِيَةَ،فَقَالَ لَهُ ابْنُ عُمَرَ وَهُوَ يُرِيدُ يَخْتَبِرُ وَرَعَهُ:" فَهَلْ لَكَ أَنْ تَبِيعَنَا شَاةً مِنْ غَنَمِكَ هَذِهِ فَنُعْطِيكَ ثَمَنَهَا وَنُعْطِيكَ مِنْ لَحْمِهَا فَتُفْطِرَ عَلَيْهِ ؟ " فَقَالَ: إِنَّهَا لَيْسَتْ لِي بِغَنَمٍ،إِنَّهَا غَنَمُ سَيِّدِي،فَقَالَ لَهُ ابْنُ عُمَرَ: " فَمَا عَسَى سَيِّدُكَ فَاعِلًا إِذَا فَقْدَهَا،فَقُلْتَ: أَكْلَهَا الذِّئْبُ " فَوَلَّى الرَّاعِي عَنْهُ وَهُوَ رَافِعٌ أُصْبُعَهُ إِلَى السَّمَاءِ وَهُوَ يَقُولُ: أَيْنَ اللهُ،قَالَ: فَجَعَلَ ابْنُ عُمَرَ يُرَدِّدُ قَوْلَ الرَّاعِي وَهُوَ يَقُولُ: قَالَ الرَّاعِي: فَأَيْنَ اللهُ ؟ قَالَ: فَلَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ بَعَثَ إِلَى مَوْلَاهُ فَاشْتَرَى مِنْهُ الْغَنَمَ وَالرَّاعِي فَأَعْتَقَ الرَّاعِيَ،وَوَهَبَ لَهُ الْغَنَمَ "
وعن زَيْدَ بْنِ أَسْلَمَ،قَالَ: مَرَّ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ بِرَاعٍ،فَقَالَ: " يَا رَاعِيَ الْغَنَمِ،هَلْ مِنْ جِوَرَّةٍ ؟ " قَالَ الرَّاعِي: لَيْسَ ههُنَا رَبُّهَا،فَقَالَ لَهُ ابْنُ عُمَرَ: " تَقُولُ لَهُ: إِنَّهُ أَكْلَهَا الذِّئْبُ "،قَالَ فَرَفَعَ الرَّاعِي رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ،ثُمَّ قَالَ: فَأَيْنَ اللهُ ؟ قَالَ ابْنُ عُمَرَ: " فَأَنَا وَاللهِ أَحَقُّ أَنْ أَقُولَ: أَيْنَ اللهُ،فَاشْتَرَى ابْنُ عُمَرَ الرَّاعِي،وَاشْتَرَى الْغَنَمَ فَأَعْتَقَهُ وَأَعْطَاهُ الْغَنَمَ "
5 - قال بعض السلف: مررت برجل منفرد فقلت له أنت وحدك فقال: معي ربي وملكاي فقلت: أين الطريق؟ فأشار نحو السماء،ثم مضى وهو يقول: أكثر خلقك شاغل عنك .
6 - قال الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ،رَحِمَهُ اللهُ يُنْشِدُ:"
إِذَا مَا خَلَوْتَ الدَّهْرَ يَوْمًا ... فَلَا تَقُلْ خَلَوْتُ وَلَكِنْ قُلْ عَلَيَّ رَقِيبُ
وَلَا تَحْسَبَنَّ اللهَ يَغْفُلُ سَاعَةً ........ وَلَا أَنَّ مَا يَخْفَى عَلَيْهِ يَغِيبُ
غَفَلْنَا الْعُمُرَ وَاللهِ حَتَّى تَدَارَكَتْ ..... عَلَيْنَا ذُنُوبٌ بَعْدَهُنَّ ذُنُوبُ
فَيَا لَيْتَ أَنَّ اللهَ يَغْفِرُ مَا مَضَى ......... وَيَأْذَنُ فِي تَوْبَاتِنَا فَنَتُوبُ





هنا بين الحروف أسكن
http://monaaya7.blogspot.com/
من القلب سلامًٌ لمن زارني
قديم 11-27-2011, 07:14 PM
المشاركة 8
منى شوقى غنيم
انتقلت إلى أرحم الراحمين إن شاء الله
  • غير موجود
افتراضي
3 - المحاسبة :
وهي أنه لما كان المسلم عاملا في هذه الحياة ليل نهار على ما يسعده في الدار الآخرة،ويؤهله لكرامتها،ورضوان الله فيها وكانت الدنيا هي موسم عمله كان عليه اأن ينظر إلى الفرائض الواجبة عليه كنظر التاجر إلى رأس ماله،وينظر إلى النوافل نظر التاجر إلى الأرباح الزائدة على رأس المال وينظر إلى المعاصي والذنوب كالخسارة في التجارة،ثم يخلو بنفسه ساعة من آخر كل يوم يحاسب نفسه فيها على عمل يومه،فإن رأى نقصا في الفرائض لامها ووبخها وقام إلى جبره في الحال،فإن كان مما يقضى قضاه وإن كان مما لا يقضى جبره بالإكثار من النوافل،وإن رأى نقصا في النوافل عوض الناقص وجبره وإن رأى خسارة بارتكاب المنهي استغفر وندم وأناب وعمل من الخير ما يراه مصلحا لما أفسد .
هذا هو المراد بالمحاسبة للنفس وهي إحدى طرق إصلاحها وتأديبها وتزكيتها وتطهيرها وأدلتها ما يأتى :
قال تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ } (18) سورة الحشر
يَأْمُرُ اللهُ تَعَالَى المُؤْمِنِينَ بِتَقْوَاهُ،وَذَلِكَ بِأَنْ يَفْعَلُوا مَا أَمَرَهُمْ بِهِ،وَأَنْ يَتْرُكُوا مَا نَهَاهُم عَنْهُ،وَلْيَنْظُرْ كُلُّ وَاحدٍ مِنْهُمْ مَا قَدَّمَ مِنْ عَمَل صَالِحٍ يَنْفَعُهُ فِي آخِرَتِهِ يَوْمَ الحِسَابِ،ثُمَّ يُؤْكِّدُ تَعَالى الأَمْرَ بِتَقْوَاهُ،مُبَيِّناً أَنَّهُ عَلِيمٌ بِأْحْوالِ العِبَادِ،جَمِيعِهَا،وَسَيُحَاسِبُهُمْ عَلَيْهَا .
فقوله تعالى (( ولتنظر نفس )) هو أمر بالمحاسبة للنفس على ما قدمت لغدها المنتظر .
وقال تعالى: {.. وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (31) سورة النــور
وعَنْ أَبِى بُرْدَةَ قَالَ سَمِعْتُ الأَغَرَّ وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِىِّ -r- يُحَدِّثُ ابْنَ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -r- « يَا أَيُّهَا النَّاسُ تُوبُوا إِلَى اللَّهِ فَإِنِّى أَتُوبُ فِى الْيَوْمِ إِلَيْهِ مِائَةَ مَرَّةٍ ».
وعَنْ أَبِي بُرْدَةَ،عَنْ رَجُلٍ،مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ r،قَالَ:قَالَ رَسُولُ اللهِ r: يَا أَيُّهَا النَّاسُ تُوبُوا إِلَى اللهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ،فَإِنِّي أَتُوبُ إِلَى اللهِ،وَأَسْتَغْفِرُهُ فِي كُلِّ يَوْمٍ مِئَةَ مَرَّةٍ فَقُلْتُ لَهُ:اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَغْفِرُكَ،اللَّهُمَّ إِنِّي أَتُوبُ إِلَيْكَ:اثْنَتَانِ أَمْ وَاحِدَةٌ ؟ فَقَالَ:هُوَ ذَاكَ،أَوْ نَحْوَ هَذَا.
وعَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ،أَنَّهُ قَالَ فِي خُطْبَتِهِ:حاسِبُوا أَنْفُسَكُمْ قَبْلَ أَنْ تُحَاسَبُوا وَزِنُوا أَنْفُسَكُمْ قَبْل أَنْ تُوزَنُوا،وَتَزَيَّنُوا لِلْعَرْضِ الأَكْبَرِ،يَوْمَ تُعْرَضُونَ لاَ تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ."
وكان أبو بكر رجلاً أسيفاً،إذا صلى بالناس لا تُكاد تسمع قراءته من كثرة بكائه وخوفه من ربه جل وعلا.
وكان في وجه عمر خطان أسودان من كثرة البكاء،وكان يُسمع بكاؤه من آخر الصفوف،وسمع قارئاً يقرأ قوله تعالى: إن عذاب ربك لواقع [الطور:7]. فسقط مغشياً عليه،وبقي أياماً مريضاً يزوره الناس،وكان إذا أظلم عليه الليل يضرب قدميه بالدرة،ويقول لنفسه: ماذا عملت اليوم يا عمر؟ وكان ينعس وهو قاعد،فقيل له: ألا تنام يا أمير المؤمنين؟ قال: ((إذا نمت الليل ضيعت حظي من الله،وإذا نمت النهار ضيعت رعيتي)) وحين حضرته الوفاة يقول لابنه: ((ضع خدي على التراب عل الله أن يرى حالي فيرحمني)).
بكى عمر الفاروق خوفاً وخشية……وقد كان في الأرض الإمام المثاليا
وقال بصوت الحزن يا ليت أنني……نجوت كفافاً لا عليّ ولا ليا
وكان عثمان بن عفان - رضي الله عنه أرضاه - يصوم النهار ويقوم الليل، وكَانَ عُثْمَانُ إِذَا وَقَفَ عَلَى قَبْرٍ بَكَى حَتَّى يَبُلَّ لِحْيَتَهُ فَقِيلَ لَهُ تُذْكَرُ الْجَنَّةُ وَالنَّارُ فَلَا تَبْكِي وَتَبْكِي مِنْ هَذَا فَقَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ الْقَبْرَ أَوَّلُ مَنْزِلٍ مِنْ مَنَازِلِ الْآخِرَةِ فَإِنْ نَجَا مِنْهُ فَمَا بَعْدَهُ أَيْسَرُ مِنْهُ وَإِنْ لَمْ يَنْجُ مِنْهُ فَمَا بَعْدَهُ أَشَدُّ مِنْهُ قَالَ وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا رَأَيْتُ مَنْظَرًا قَطُّ إِلَّا الْقَبْرُ أَفْظَعُ مِنْهُ " وقد روي عنه أنه ما اغتسل مرة واحدة واقفاً بل كان يغتسل جالساً حياء من الله جل وعلا،وقد روي عنه أنه كان يختم القرآن في ركعة ثم يوتر بها.
أما علي بن أبي طالب فقد كان صواماً قوماً فارساً بالنهار،راهباً بالليل. صلى صلاة الفجر في يوم من الأيام فجلس حزيناً مطرقا،فلما طلعت الشمس قبض على لحيته،وبدأ يبكي ويبكي ثم قال: لقد رأيت أصحاب النبي فما رأيت شيئاً يشبههم،كانوا يصبحون شعثاً غبراً سفراً بين أعينهم كأمثال ركب المعزى من كثرة السجود،قد باتوا لله سجداً وقياماً يراوحون بين جباههم وأقدامهم،فإذا طلع الفجر ذكروا الله فمادوا كما يميد الشجر في يوم الريح وهطلت أعينهم بالدموع والله لكأنّ القوم باتوا غافلين.
وكان يستأنس بالليل وظلمته،فإذا أرخى الليل سدوله،وغارت نجومه،يميل في محرابه قابضاً على لحيته،ويتململ تململ الملدوغ،ويبكي بكاء الحزين،وينادي: يا ربنا.. يا ربنا.. يا ربنا.
وعَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى قَالَ : " إِنَّ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عِبَادًا كَمَنْ رَأَى أَهْلَ الْجَنَّةِ فِي الْجَنَّةِ مُخَلَّدِينَ وَكَمَنْ رَأَى أَهْلَ النَّارِ فِي النَّارِ مُخَلَّدِينَ قُلُوبُهُمْ مَحْزُونَةٌ وَشُرُورُهُمْ مَأْمُونَةٌ حَوَائِجُهُمْ خَفِيفَةٌ وَأَنْفُسُهُمْ عَفِيفَةٌ صَبَرُوا أَيَّامًا قِصَارًا تُعْقَبَ رَاحَةً طَوِيلَةً، أَمَّا اللَّيْلُ فَمُصَافَّةٌ أَقْدَامُهُمْ تَسِيلُ دُمُوعُهُمْ عَلَى خُدُودِهِمْ يَجْأَرُونَ إِلَى رَبِّهِمْ رَبَّنَا رَبَّنَا، وَأَمَّا النَّهَارُ فَحُلَمَاءُ عُلَمَاءُ بَرَرَةٌ أَتْقِيَاءُ كَأَنَّهُمُ الْقِدَاحُ، يَنْظُرُ إِلَيْهِمُ النَّاظِرُ فَيَحْسِبُهُمْ مَرْضَى وَمَا بِالْقَوْمِ مِنْ مَرِضٍ، أَوْ خُولِطُوا وَلَقَدْ خَالَطَ الْقَوْمَ مِنْ ذِكْرِ الْآخِرَةِ أَمَرٌ عَظِيمٌ "
أما عبد الرحمن بن عوف فقد كان صائماً ثم أتي بطعام فقال: قتل مصعب بن عمير،وهو خير مني،فلم يوجد له ما يكفن فيه إلا بردة إن غطي بها رأسه بدت رجلاه،وإن غطي بها رجلاه بدا رأسه،ثم بسط لنا من الدنيا ما بسط. قد خشينا أن تكون حسناتنا عجلت لنا ثم جعل يبكي حتى ترك الطعام.
وأُتي له بعشائه في يوم من الأيام،وكان صائماً،فقرأ قول الله تعالى: إن لدينا أنكالاً وجحيماً وطعاماً ذا غصة وعذاباً أليماً [المزمل:13]. فلم يزل يبكي حتى رفع طعامه وما تعشى.
ولما حضرت أبا هريرة الوفاة بكى،فقيل له: ما يبكيك،فقال: والله ما أبكي على دنياكم،ولكن أبكي لبعد المفازة،وقلة الزاد،وعقبة كؤود،وأنني أصبحت في صعود, المهبط منه إما إلى جنة وإما إلى نار.
وهكذا الصالحون من هذه الأمة يحاسبون أنفسهم عن تقريطها،ويلومونها على تقصيرها،ويلزمونها التقوى،ونهونها عن الهوى عملاً بقول الله تعالى:{ وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى (40) فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى (41)} [النازعات:40 - 41]
وَأَمَّا مَنْ عَلِمَ أَنَّهُ سَيَقُومُ بَيْنَ يَدَيْ رَبِّهِ يَوْمَ القِيَامَةِ،وَأَنَّهُ سَيُسْأَلُ عَنْ أَعْمَالِهِ،فَحَاذَرَ ذَلِكَ اليَوْمَ،وَحَسَبَ حِسَابَهُ،وَجَنَّبَ نَفْسَهُ الوُقُوعَ فِي المَحَارِمِ،وَالانْسِيَاقِ وَرَاءَ الهَوَى وَالشَّهَوَاتِ،فَتَكُونُ الجَنَّةُ جَزَاءَهُ،وَفِيهَا مَأْوَاهُ وَمَصِيرُهُ .
4- المجاهدة :
لا بد أن يعلم المسلم أن أعدى أعدائه إليه هو نفسه التي بين جنبيه،وأنها بطبعها ميالة إلى الشر،فَرَّارَة من الخير،أمَّارة بالسوء:قال تعالى:( وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ ) سورة يوسف. تحب الدعة،والخلود إلى الراحة،وترغب في البطالة،وتنجرف مع الهوى،تستهويها الشهوات العاجلة وإن كان فيها حتفها وشقاءها .
فإذا عرف المسلم هذا عبأ نفسه لمجاهدة نفسه،فأعلن عليها الحرب،وشهر ضدها السلاح،وصمم على مكافحة رعوناتها،ومناجزة شهواتها،فإذا أحبت الراحة أتعبها،وإذا رغبت في الشهوة حرمها،وإذا قصرت في طاعة أو خير عاقبها ولامها،ثم ألزمها بفعل ما قصرت فيه،وبقضاء ما فوتته أو تركته .
يأخذها بهذا التأديب حتى تطمئن،وتطهر،وتطيب،وتلك غاية المجاهدة للنفس.قال تعالى:{وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} (69) سورة العنكبوت
والمؤمنون الذين جاهدوا أعداء الله،والنفس،والشيطان،وصبروا على الفتن والأذى في سبيل الله،سيهديهم الله سبل الخير،ويثبتهم على الصراط المستقيم،ومَن هذه صفته فهو محسن إلى نفسه وإلى غيره. وإن الله سبحانه وتعالى لمع مَن أحسن مِن خَلْقِه بالنصرة والتأييد والحفظ والهداية.
والمسلم إذ يجاهد نفسه في ذات الله لتطيب،وتطهر،وتزكو،وتطمئن،وتصبح أهلاً لكرامة الله تعالى ورضاه يعلم أن هذا هو درب الصالحين،وسبيل المؤمنين الصادقين،فيسلكه مقتدياً بهم،ويسير معه مقتفياً آثارهم .
فعَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ نَبِىَّ اللَّهِ - r- كَانَ يَقُومُ مِنَ اللَّيْلِ حَتَّى تَتَفَطَّرَ قَدَمَاهُ فَقَالَتْ عَائِشَةُ لِمَ تَصْنَعُ هَذَا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَقَدْ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ قَالَ « أَفَلاَ أُحِبُّ أَنْ أَكُونَ عَبْدًا شَكُورًا ».فَلَمَّا كَثُرَ لَحْمُهُ صَلَّى جَالِسًا فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَرْكَعَ قَامَ،فَقَرَأَ ثُمَّ رَكَعَ . .
أي مجاهدة أكبر من هذه المجاهدة وايم الله ؟!! .
وعَنْ عَلِيٍّ قَالَ:" لَيْسَ الْخَيْرُ أَنْ يَكْثُرَ مَالُكَ وَوَلَدُكَ وَلَكِنَّ الْخَيْرَ أَنْ يَكْثُرَ عِلْمُكَ وَأَنْ يَعْظُمَ حِلْمُكَ وَأَنْ تُبَاهِيَ النَّاسَ بِعِبَادَةِ رَبِّكَ،فَإِنْ أَحْسَنْتَ حَمِدْتَ اللَّهَ وَإِنْ أَسَأْتَ اسْتَغْفَرْتَ اللَّهَ وَلَا خَيْرَ فِي الدُّنْيَا إِلَّا لِأَحَدِ رَجُلَيْنِ:رَجُلٌ أَذْنَبَ ذَنْبًا فَهُوَ يُدَارِكُ ذَلِكَ الذَّنْبَ بِتَوْبَةٍ أَوْ رَجُلٌ يَسَارِعُ فِي الْخَيْرَاتِ،وَلَا يَقِلُّ عَمَلٌ فِي تَقْوًى وَكَيْفَ يَقِلُّ عَمَلٌ يُتَقَبَّلُ ؟ كَانُوا بِالصَّحَابَةِ مُقْتَدِينَ وَلِسَبِيلِهِمْ مُتَّبِعِينَ يُصْبِحُونَ شُعْثًا غُبْرًا صُفْرًا بَيْنَ أَعْيُنِهِمْ مِثْلُ رَكْبِ الْمَعِزَى بَاتُوا يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ يَمِيدُونَ عِنْدَ ذِكْرِ اللَّهِ كَمَا تَمِيدُ الشَّجَرَةُ فِي يَوْمِ رِيحٍ كَانُوا مَصَابِيحَ الْهُدَى،لَمْ يَكُونُوا بِالْجُفَاةِ الْمُرَائِينَ خَلَقُ الثِّيَابِ جُدُدُ الْقُلُوبِ،فِي الدُّنْيَا زَاهِدِينَ وَفِي الْآخِرَةِ رَاغِبِينَ،وَعَنِ اللَّهِ،فَهِمِينَ وَفِي قِرَاءَةِ كَلَامِهِ مُتَدَبِّرِينَ وَبِمَوَاعِظِهِ مُتَّعِظِينَ وَبِصَنَائِعِهِ مُعْتَبِرِينَ،اتَّخَذُوا الْأَرْضَ بِسَاطًا وَرِمَالَهَا فِرَاشًا وَالْقُرْآنَ وَالدُّعَاءَ دِثَارًا وَشِعَارًا عَبْدُوهُ فِي بُيوتٍ بِالْقُلُوبِ الطَّاهِرَةِ وَالْأَبْصَارِ الِخَاشِعَةِ،هَجَمَ بِهِمُ الْعِلْمُ عَلَى حَقِيقَةِ الْأَمْرِ فَقَامُوا لِلَّهِ بِحُجَّتِهِ وَتِبْيَانِهِ فَاسْتَلَانُوا مَا اسْتَوْعَرَهُ الْمُتْرَفُونَ وَأَنِسُوا بِمَا اسْتَوْحَشَ مِنْهُ الْجَاهِلُونَ،صَحِبُوا الدُّنْيَا بِأَبْدَانٍ أَرْوَاحُهَا مُعَلَّقَةٌ بِالْمَنْظَرِ الْأَعْلَى،فَهَذِهِ نُعُوتُ الْأَصْفِيَاءِ مِنَ الْأَوْلِيَاءِ وَالنُّجَبَاءِ مِنَ الْأَتْقِيَاءِ،مَنْ سَلَكَ مَسْلَكَهُمْ مُقْتَدِيًا بِأَفْعَالِهِمْ مُرَاعِيًا لِأَحْوَالِهِمُ الْمُنْتَفِعُ بِرؤْيَتِهِ وَالْمَغْبُوطُ بِمَحَبَّتِهِ وَصُحْبَتِهِ "
وعَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ،قَالَ:قَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ:لَيْسَ الْخَيْرُ أَنْ يَكثر مَالُك وَوَلَدُك،وَلَكِنَّ الْخَيْرَ أَنْ يَعْظُمَ حِلْمُك،وَأَنْ يَكْثُرَ عَمَلُك،وَأَنْ تُبَارِيَ النَّاسَ فِي عِبَادَةِ اللهِ،فَإِنْ أَحْسَنْت حَمِدْت اللَّهَ،وَإِنْ أَسَأْت اسْتَغْفَرْت اللَّهَ.
وعَنْ سَعْدِ بْنِ مَسْعُودٍ،أَنَّ أَبَا الدَّرْدَاءِ قَالَ:" لَوْلَا ثَلَاثٌ مَا أَحْبَبْتُ أَنْ أَعِيشَ يَوْمًا وَاحِدًا:الظَّمَأُ لِلهِ بِالْهَوَاجِرِ،وَالسُّجُودُ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ،وَمُجَالَسَةُ قَوْمٍ يَنْتَقُونَ مِنْ خِيَارِ الْكَلَامِ،كَمَا يُنْتَقَى أَطَائِبُ التَّمْرِ "





هنا بين الحروف أسكن
http://monaaya7.blogspot.com/
من القلب سلامًٌ لمن زارني
قديم 11-27-2011, 07:15 PM
المشاركة 9
منى شوقى غنيم
انتقلت إلى أرحم الراحمين إن شاء الله
  • غير موجود
افتراضي
وعَنْ مِعْضَدٍ قَالَ:" لَوْلَا ظَمَأُ الْهَوَاجِرِ،وَطُولُ لَيْلِ الشِّتَاءِ،وَلَذَاذَةُ التَّهَجُّدِ بِكِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ،مَا بَالَيْتُ أَنْ أَكُونَ يَعْسُوبَا "
وعَنْ أَبِي رَافِعٍ،قَالَ:وَجَّهَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ جَيْشًا إِلَى الرُّومِ،وَفِيهِمْ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حُذَافَةَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ r،فَأَسَرَهُ الرُّومُ فَذَهَبُوا بِهِ إِلَى مَلِكِهِمْ،فَقَالُوا:إِنَّ هَذَا مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ،فَقَالَ لَهُ الطَّاغِيَةُ:هَلْ لَكَ أَنْ تَتَنَصَّرَ وَأُشِرِكُكَ فِي مُلْكِي وَسُلْطَانِي ؟ فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ:" لَوْ أَعْطَيْتَنِي جَمِيعَ مَا تَمْلِكُ،وَجَمِيعَ مَا مَلَكَتْهُ الْعَرَبُ - وَفِي رِوَايَةِ الْقَطَّانِ:وَجَمِيعَ مَمْلَكَةِ الْعَرَبِ - عَلَى أَنْ أرْجِعَ عَنْ دِينِ مُحَمَّدٍ rطَرْفَةَ عَيْنٍ،مَا فَعَلْتُ "،قَالَ:إِذًا أَقَتُلُكَ،قَالَ:" أَنْتَ وَذَاكَ "،قَالَ:فَأَمَرَ بِهِ فَصُلِبَ،وَقَالَ لِلرُّمَاةِ:ارْمُوهُ قَرِيبًا مِنْ يَدَيْهِ قَرِيبًا مِنْ رِجْلَيْهِ وَهُوَ يَعْرِضُ عَلَيْهِ،وَهُوَ يَأْبَى،ثُمَّ أَمَرَ بِهِ فَأُنْزِلَ،ثُمَّ دَعَا بِقِدْرٍ وَصَبَّ فِيهَا مَاءً حَتَّى احْتَرَقَتْ،ثُمَّ دَعَا بِأَسِيرَيْنِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ،فَأَمَرَ بِأَحَدِهِمَا فَأُلْقِيَ فِيهَا وَهُوَ يَعْرِضُ عَلَيْهِ النَّصْرَانِيَّةَ وَهُوَ يَأْبَى،ثُمَّ أَمَرَ بِهِ أَنْ يُلْقَى فِيهَا،فَلَمَّا ذُهِبَ بِهِ بَكَى،فَقِيلَ لَهُ:إِنَّهُ بَكَى فَظَنَّ أَنَّهُ رَجَعَ،فَقَالَ:رُدُّوهُ فَعَرَضَ عَلَيْهِ النَّصْرَانِيَّةَ فَأَبَى،قَالَ:فَمَا أَبْكَاكَ ؟ قَالَ:" أَبْكَانِي أَنِّي قُلْتُ هي نَفْسٌ وَاحِدَةٌ تُلْقَى هَذِهِ السَّاعَةَ فِي هَذَا الْقِدْرِ فَتَذْهَبُ،فَكُنْتُ أشْتَهِي أَنْ يَكُونَ بِعَدَدِ كُلِّ شَعَرَةٍ فِي جَسَدِي نَفْسٌ تَلْقَى هَذَا فِي اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ "،قَالَ لَهُ الطَّاغِيَةُ:هَلْ لَكَ أَنْ تُقَبِّلَ رَأْسِي وَأُخَلِّيَ عَنْكَ ؟ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ:" وَعَنْ جَمِيعِ أُسَارَى الْمُسْلِمِينَ ؟ " قَالَ:وَعَنْ جَمِيعِ أُسَارَى الْمُسْلِمِينَ،قَالَ عَبْدُ اللَّهِ:" فَقُلْتُ فِي نَفْسِي عَدُوٌّ مِنْ أَعْدَاءِ اللَّهِ أُقَبِّلُ رَأْسَهُ ويُخَلِّي عَنِّي وَعَنْ أُسَارَى الْمُسْلِمِينَ لَا أُبَالِي قال فَدَنَا مِنْهُ وَقَبَّلَ رَأْسَهُ "،فَدَفَعَ إِلَيْهِ الْأُسَارَى،فَقَدِمَ بِهِمْ عَلَى عُمَرَ فَأُخْبِرَ عُمَرُ بِخَبَرِهِ،فَقَالَ:حَقٌّ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ أَنْ يُقَبِّلَ رَأْسَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُذَافَةَ،وَأَنَا أَبْدَأُ فَقَامَ عُمَرُ فَقَبَّلَ رَأْسَهُ "
وعَنِ الْحَسَنِ قَالَ:قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r: " رَحِمَ اللَّهُ قَوْمًا يَحْسَبُهُمُ النَّاسُ مَرْضَى،وَمَا هُمْ بِمَرْضَى ".قَالَ الْحَسَنُ:" جَهَدَتْهُمُ الْعِبَادَةُ "
وعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ بُسْرٍ قَالَ: جَاءَ أَعْرَابِيَّانِ إِلَى رَسُولِ اللهِ rيَسْأَلَانِهِ،فَقَالَ أَحَدُهُمَا: يَا رَسُولَ اللهِ،أَيُّ النَّاسِ خَيْرٌ ؟ قَالَ: " مَنْ طَالَ عُمْرُهُ،وَحَسُنَ عَمَلُهُ ".وَقَالَ الْآخَرُ: يَا رَسُولَ اللهِ،إِنَّ شَرَائِعَ الْإِسْلَامِ قَدْ كَثُرَتْ عَلَيَّ،فَمُرْنِي بِأَمْرٍ أَتَشَبَّثُ بِهِ قَالَ: " لَا يَزَالُ لِسَانُكَ رَطْبًا بِذِكْرِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ "
وعَنْ أَصْبَغَ بْنِ زَيْدٍ،قَالَ:" كَانَ أُوَيْسٌ الْقَرَنِيُّ إِذَا أَمْسَى يَقُولُ:هَذِهِ لَيْلَةُ الرُّكُوعِ فَيَرْكَعُ حَتَّى يُصْبِحَ،وَكَانَ يَقُولُ إِذَا أَمْسَى:هَذِهِ لَيْلَةُ السُّجُودِ فَيَسْجُدُ حَتَّى يُصْبِحَ،وَكَانَ إِذَا أَمْسَى تَصَدَّقَ بِمَا فِي بَيْتِهِ مِنَ الْفَضْلِ مِنَ الطَّعَامِ وَالثِّيَابِ ثُمَّ يَقُولُ:اللَّهُمَّ مَنْ مَاتَ جُوعًا فَلَا تُؤَاخِذْنِي بِهِ وَمَنْ مَاتَ عُرْيَانًا فَلَا تُؤَاخِذْنِي بِهِ "
وعَنْ قَمِيرٍ،امْرَأَةِ مَسْرُوقٍ،قَالَتْ:" مَا كَانَ مَسْرُوقٌ يُوجَدُ إِلَّا وَسَاقَاهُ قَدِ انْتَفَخَتَا مِنْ طُولِ الْقِيَامِ فِي الصَّلَاةِ،قَالَتْ:وَاللَّهِ،إِنْ كُنْتُ لِأَجْلِسُ خَلْفَهُ،فَأَبْكِي رَحْمَةً لَهُ "
وعَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ،قَالَ:انْتَهَى الزُّهْدُ إِلَى ثَمَانِيَةِ مِنَ التَّابِعِينَ،مِنْهُمْ:عَامِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ،وَأُوَيْسٌ الْقَرَنِيُّ،وَهَرِمُ بْنُ حَيَّانَ،وَالرَّبِيعُ بْنُ خُثَيْمٍ،وَأَبُو مُسْلِمٍ الْخَوْلَانِيُّ،وَالْأَسْوَدُ بْنُ يَزِيدَ،وَمَسْرُوقُ بْنُ الْأَجْدَعِ،وَالْحَسَنُ بْنُ أَبِي الْحَسَنِ الْبَصْرِيُّ،رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ.فَأَمَّا عَامِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ،إِنْ كَانَ لِيُصَلِّي،فَيَتَمَثَّلُ لَهُ إِبْلِيسُ فِي صُورَةِ الْحَيَّةِ،فَيَدْخُلُ تَحْتَ قَمِيصِهِ حَتَّى يَخْرُجُ مِنْ جَيْبِهِ فَمَا يَمَسُّهُ،فَقُلْتُ لَهُ:أَلَا تُنَحِّي الْحَيَّةَ عَنْكَ ؟ قَالَ:أَسْتَحِي مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ أَخَافَ سِوَاهُ،فَقِيلَ لَهُ:إِنَّ الْجَنَّةَ تُدْرَكُ بِدُونِ مَا تَصْنَعُ،وَتُتَّقَى النَّارُ بِدُونِ مَا تَصْنَعُ،فَقَالَ:وَاللَّهِ لَأَجْهَدَنَّ،فَإِنْ نَجَوْتُ فَبِرَحْمَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ،وَإِنْ دَخَلْتُ النَّارَ فَلِبُعْدِ جُهْدِي،فَلَمَّا احْتُضِرَ بَكَى،فَقِيلَ لَهُ:أَتَجْزَعُ مِنَ الْمَوْتِ،وَتَبْكِي،قَالَ:مَالِي لَا أَبْكِي،وَمَنْ أَحَقُّ بِذَلِكَ مِنِّي،وَاللَّهِ مَا أَبْكِي جَزَعًا مِنَ الْمَوْتِ وَلَا حِرْصًا عَلَى دُنْيَاكُمْ رَغْبَةً فِيهَا،وَلَكِنِّي أَبْكِى عَلَى ظَمَأِ الْهَوَاجِرِ وَقِيَامِ لَيْلِ الشِّتَاءِ،وَكَانَ يَقُولُ:ألهى فِي الدُّنْيَا الْهُمُومُ وَالْأَحْزَانُ،وَفِي الْآخِرَةِ الْحِسَابُ وَالْعَذَابُ،فَأَيْنَ الرَّوْحُ وَالْفَرَجُ.وَأَمَّا الرَّبِيعُ بْنُ خُثَيْمٍ،فَقِيلَ لَهُ حِينَ أَصَابَهُ الْفَالِجُ:لَوْ تَدَاوَيْتَ،قَالَ:قَدْ عَلِمْتُ أَنَّ الدَّوَاءَ حَقٌّ،وَلَكِنِّي ذَكَرْتُ:وَعَادًا وَثَمُودَ وَأَصْحَابَ الرَّسِّ وَقُرُونًا بَيْنَ ذَلِكَ كَثِيرًا،وَكَانَتْ فِيهِمُ الْأَوْجَاعُ وَكَانَتْ فِيهِمُ الْأَطِبَّاءُ،فَمَا بَقِيَ الْمُدَاوِي وَالْمُدَاوَى،وَقَالَ غَيْرُهُ:لَا النَّاعِتُ وَلَا الْمَنْعُوتُ لَهُ،وَقِيلَ لَهُ:أَلَا تُذَكِّرُ النَّاسَ،قَالَ:مَا أَنَا عَنْ نَفْسِي بِرَاضٍ،فَأَتَفَرَّغَ مِنْ ذَمِّهَا إِلَى ذَمِّ النَّاسِ،إِنَّ النَّاسَ خَافُوا اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ،فِي ذُنُوبِ النَّاسِ وَأَصَرُّوا عَلَى ذُنُوبِهِمْ،قَالَ:فَقِيلَ لَهُ:كَيْفَ أَصْبَحْتَ ؟ قَالَ:أَصْبَحْنَا ضُعَفَاءَ مُذْنِبِينَ،نَأْكُلُ أَرْزَاقَنَا وَنَنْتَظِرُ آجَالَنَا قَالَ:وَكَانَ ابْنُ مَسْعُودٍ إِذَا رَآهُ قَالَ:وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ.أَمَا لَوْ رَآكَ مُحَمَّدٌ rلَأَحَبَّكَ،وَكَانَ الرَّبِيعُ بْنُ خُثَيْمٍ يَقُولُ:أَمَّا بَعْدُ:فَأَعِدَّ زَادَكَ،وَخُذْ فِي جِهَازِكَ،وَكُنْ وَصِيَّ نَفْسِكَ.وَأَمَّا أَبُو مُسْلِمٍ الْخَوْلَانِيُّ،فَلَمْ يُجَالِسْ أَحَدًا قَطُّ فَتَكَلَّمَ فِي شَيْءٍ مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا،إِلَّا تَحَوَّلَ عَنْهُ،فَدَخَلَ ذَاتَ يَوْمٍ الْمَسْجِدَ،فَنَظَرَ إِلَى قَوْمٍ قَدِ اجْتَمَعُوا،فَرْجَى أَنْ يَكُونُوا عَلَى ذِكْرٍ وَخَيْرٍ،فَجَلَسَ إِلَيْهِمْ،فَإِذَا بَعْضُهُمْ يَقُولُ:قَدِمَ غُلَامٌ لِي فَأَصَابَ كَذَا وَكَذَا،وَقَالَ الْآخَرُ:جَهَّزْتُ غُلَامِي،فَنَظَرَ إِلَيْهِمْ فَقَالَ:سُبْحَانَ اللَّهِ أَتَدْرُونَ مَا مَثَلِي وَمَثَلُكُمْ،كَرَجُلٍ أَصَابَهُ مَطَرٌ غَزِيرٌ وَابِلٌ،فَالْتَفَتَ فَإِذَا هُوَ بِمِصْرَاعَيْنِ عَظِيمَيْنِ فَقَالَ:لَوْ دَخَلْتُ هَذَا حَتَّى يَذْهَبَ عَنِّي هَذَا الْمَطَرُ،فَدَخَلَ فَإِذَا الْبَيْتُ لَا سَقْفَ لَهُ،جَلَسْتُ إِلَيْكُمْ وَأَنَا أَرْجُو أَنْ تَكُونُوا عَلَى خَيْرٍ،فَإِذَا أَنْتُمْ أَصْحَابُ دُنْيَا.قَالَ لَهُ قَائِلٌ حِينَ كَبُرَ وَرَقَّ:لَوْ قَصَرْتَ عَنْ بَعْضِ مَا تَصْنَعُ،فَقَالَ:أَرَأَيْتُمْ لَوْ أَرْسَلْتُمُ الْخَيْلَ فِي الْحَلْبَةِ،أَلَسْتُمْ تَقُولُونَ لِفَارِسِهَا:وَدِّعْهَا وَأَرْفَقْ بِهَا حَتَّى إِذَا رَأَيْتَ الْ غَايَةَ،فَلَا تَسْتَبْقِ مِنْهُ شَيْئًا،قَالُوا:بَلَى،قَالَ:فَإِنِّي قَدْ أَبْصَرْتُ الْغَايَةَ،وَإِنَّ لِكُلِّ سَاعٍ غَايَةً،وَغَايَةُ كُلِّ شَيْءٍ الْمَوْتُ،فَسَابِقٌ وَمَسْبُوقٌ.وَأَمَّا الْأَسْوَدُ بْنُ يَزِيدَ،فَكَانَ مُجَاهِدًا فِي الْعِبَادَةِ،وَيَصُومُ حَتَّى يَصْفَرَّ جَسَدُهُ،وَيَخْضَرَّ،فَكَانَ عَلْقَمَةُ بْنُ قَيْسٍ يَقُولُ لَهُ:لِمَ تُعَذِّبُ هَذَا الْجَسَدَ هَذَا الْعَذَابَ،فَيَقُولُ:إِنَّ الْأَمْرَ جِدٌّ،كَرَامَةُ هَذَا الْجَسَدِ أُرِيدُ،فَلَمَّا احْتُضِرَ،بَكَى،فَقِيلَ لَهُ:مَا هَذَا الْجَزَعُ قَالَ:مَالِي لَا أَجْزَعَ،وَمَنْ أَحَقُّ بِذَلِكَ مِنِّي،وَاللَّهِ لَوْ أَتَيْتُ بِالْمَغْفِرَةِ مِنَ اللَّهِ،لَهَمَّنِي الْحَيَاءُ مِنْهُ مِمَّا صَنَعْتُ،إِنَّ الرَّجُلَ لِيَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الرَّجُلِ الذَّنْبُ الصَّغِيرُ،فَيَعْفُو عَنْهُ فَلَا يَزَالُ مُسْتَحِيًا مِنْهُ حَتَّى يَمُوتَ،وَلَقَدْ حَجَّ ثَمَانِينَ حَجَّةً.وَأَمَّا مَسْرُوقُ بْنُ الْأَجْدَعِ،فَإِنَّ امْرَأَتَهُ قَالَتْ:مَا كَانَ يُوجَدُ إِلَّا وَسَاقَيْهِ قَدِ انْتَفَخَتَا مِنْ طُولِ الصَّلَاةِ،قَالَتْ:وَإِنْ كُنْتُ وَاللَّهِ لِأَجْلِسَ خَلْفَهُ فَأَبْكِي رَحْمَةً لَهُ،فَلَمَّا احْتُضِرَ بَكَى،فَقِيلَ لَهُ:مَا هَذَا الْجَزَعُ ؟ فَقَالَ:وَمَالِي لَا أَجْزَعَ وَإِنَّمَا هِيَ سَاعَةٌ،ثُمَّ لَا أَدْرِي أَيْنَ يُسْلَكُ بِي.وَأَمَّا الْحَسَنُ بْنُ أَبِي الْحَسَنِ،فَمَا رَأَيْتُ أَحَدًا مِنَ النَّاسِ كَانَ أَطْوَلَ حُزْنًا مِنْهُ،مَا كُنَّا نَرَى إِلَّا أَنَّهُ حَدِيثُ عَهْدٍ بِمُصِيبَةٍ،ثُمَّ قَالَ:نَضْحَكُ وَلَا نَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ تَعَالَى اطَّلَعَ عَلَى بَعْضِ أَعْمَالِنَا فَقَالَ:لَا أَقْبَلُ مِنْكُمْ شَيْئًا،وَيْحَكَ يَا ابْنَ آدَمَ،هَلْ لَكَ بِمُحَارَبِةِ اللَّهِ مِنْ طَاقَةٍ،إِنَّهُ مَنْ عَصَى اللَّهَ تَعَالَى،فَقَدْ حَارَبَهُ،وَاللَّهِ لَقَدْ أَدْرَكْتُ سَبْعِينَ بَدْرِيًّا أَكْثَرُ لِبَاسِهِمُ الصُّوفُ،وَلَوْ رَأَيْتُمُوهُمْ،لَقُلْتُمْ:مَجَانِينُ،وَلَوْ رَأَوْا خِيَارَكُمْ،لَقَالُوا:مَا لِهَؤُلَاءِ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ خَلَاقٍ،وَلَوْ رَأَوْا شِرَارَكُمْ لَقَالُوا:مَا يُؤْمِنُ هَؤُلَاءِ بِيَوْمِ الْحِسَابِ،وَلَقَدْ رَأَيْتُ إِخْوَانًا كَانَتِ الدُّنْيَا أَهْوَنَ عَلَى أَحَدِهِمْ مِنَ التُّرَابِ تَحْتَ قَدَمِهِ،وَلَقَدْ رَأَيْتُ أَقْوَامًا عَسَى أَنْ لَا يَجِدَ أَحَدُهُمْ عِشَاءً وَلَا قُوتًا،فَيَقُولُ:وَاللَّهِ،لَا أَجْعَلُ هَذَا كُلَّهُ فِي بَطْنِي،لَأَجْعَلَنَّ بَعْضَهُ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ،فَيُتَصَدَّقُ بِبَعْضِهِ،وَإِنْ كَانَ هُوَ أَحْوَجَ مِمَّنْ تَصَدَّقَ بِهِ عَلَيْهِ.قَالَ عَلْقَمَةُ بْنُ مَرْثَدٍ:فَلَمَّا قَدِمَ عُمَرُ بْنُ هُبَيْرَةَ الْعِرَاقَ،أَرْسَلَ إِلَى الْحَسَنِ وَإِلَى الشَّعْبِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا،فَأَمَرَ لَهُمَا بِبَيْتٍ كَانَا فِيهِ شَهْرًا،أَوْ نَحْوَهُ،ثُمَّ إِنَّ الْخَصِيَّ غَدَا عَلَيْهِمَا فَقَالَ:إِنَّ الْأَمِيرَ دَاخِلٌ عَلَيْكُمَا،فَجَاءَ عُمَرُ يَتَوَكَّأُ عَلَى عَصًا لَهُ،فَسَلَّمَ،ثُمَّ جَلَسَ تَعْظِيمًا لَهُمَا فَقَالَ:إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ،يَكْتُبُ إِلَى كُتُبًا،أَعْرِفُ أَنَّ فِيَ إِنْفَاذِهَا الْهَلَكَةَ،فَإِنْ أَطَعْتُهُ عَصَيْتُ اللَّهَ،وَإِنَّ عَصَيْتُهُ أَطَعْتُ اللَّهَ تَعَالَى،فَهَلْ تَرَيَانِ لِي فِي مُتَابَعَتِي إِيَّاهُ فَرَجًا ؟ فَقَالَ الْحَسَنُ:يَا أَبَا عَمْرٍو،أَجِبِ الْأَمِيرَ،فَتَكَلَّمَ الشَّعْبِيُّ،فَانْحَطَّ فِي شَأْنِ ابْنِ هُبَيْرَةَ فَقَالَ:مَا تَقُولُ أَنْتَ يَا أَبَا سَعِيدٍ ؟ قَالَ:فَقَالَ:أَيُّهَا الْأَمِيرُ،قَدْ قَالَ الشَّعْبِيُّ مَا قَدْ سَمِعْتَ،قَالَ:مَا تَقُولُ أَنْتَ ؟ قَالَ:أَقُولُ:يَا عُمَرُ بْنَ هُبَيْرَةَ،يُوشِكُ أَنْ يَنْزِلَ بِكَ مَلَكٌ مِنْ مَلَائِكَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ،فَظًا غَلِيظًا لَا يَعْصِي اللَّهَ مَا أَمَرَهُ،فَيُخْرِجُكَ مِنْ سَعَةِ قَصْرِكَ،فَصِرْتَ فِي ضِيقِ قَبْرِكَ،يَا عُمَرُ بْنُ هُبَيْرَةَ،إِنْ تَتَّقِي اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَعْصِمُكَ مِنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ،وَلَنْ يَعْصِمَكَ يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ مِنَ اللَّهِ،يَا عُمَرُ بْنُ هُبَيْرَةَ،لَا تَأْمَنْ أَنْ يَنْظُرَ اللَّهُ إِلَى قُبْحِ مَا تَعْمَلُ فِي طَاعَةِ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ،نَظْرَةَ مَقْتٍ،فَيُغْلِقَ بِهَا بَابَ الْمَغْفِرَةِ دُونَكَ،يَا عُمَرُ بْنُ هُبَيْرَةَ،لَقَدْ أَدْرَكْتُ نَاسًا مِنْ صَدْرِ هَذِهِ الْأُمَّةِ كَانُوا - وَاللَّهِ - عَلَى الدُّنْيَا وَهِيَ مُقْبِلَةٌ أَشَدَّ إِدْبَارًا مِنْ إِقْبَالِكُمْ عَلَيْهَا وَهِيَ مُدْبِرَةٌ،يَا عُمَرُ بْنُ هُبَيْرَةَ،إِنِّي أُخَوِّفُكَ مَقَامًا خَوَّفَكَهُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فَقَالَ:ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ،يَا عُمَرُ بْنُ هُبَيْرَةَ،إِنَّ تَكُ مَعَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى طَاعَتِهِ،كَفَاكَ اللَّهُ - وَاللَّهِ - يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ،وَإِنَّ تَكُ مَعَ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ عَلَى مَعَاصِي اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ،وَكَلَكَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَيْهِ،فَبَكَى عُمَرُ بْنُ هُبَيْرَةَ،وَقَامَ بِعَبْرَتِهِ،فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ أَرْسَلَ إِلَيْهِمَا بِإِذْنِهِمَا،وَجَوَائِزِهِمَا،فَكَثَّرَ فِيهَا لِلْحَسَنِ،وَكَانَ فِي جَائِزَةِ الشَّعْبِيِّ بَعْضُ الْإِقْتَارِ،فَخَرَجَ الشَّعْبِيُّ إِلَى الْمَسْجِدِ فَقَالَ:يَا مَعْشَرَ النَّاسِ مِنَ اسْتَطَاعَ أَنْ يُؤْثِرَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى خَلْقِهِ فَلْيَفْعَلْ،فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ،مَا عَلِمَ الْحَسَنُ مِنْهُ شَيْئًا فَجَهِلْتُهُ،وَلَكِنِّي أَرَدْتُ وَجْهَ ابْنَ هُبَيْرَةَ،فَأَقْصَانِي اللَّهُ تَعَالَى مِنْهُ،وَكَانَ الْحَسَنُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ،مَعَ اللَّهِ فِي طَاعَتِهِ،فَحَيَّاهُ وَأَدْنَاهُ.قَالَ:فَقَامَ الْمُغِيرَةُ بْنُ مُخَادِشٍ ذَاتَ يَوْمٍ إِلَى الْحَسَنِ فَقَالَ:كَيْفَ نَصْنَعُ بِمُجَالَسَةِ قَوْمٍ يُخَوِّفُونَا حَتَّى تَكَادَ قُلُوبُنَا تَطِيرُ ؟،فَقَالَ الْحَسَنُ:وَاللَّهِ لِأَنْ تَصْحَبَ أَقْوَامًا يُخَوِّفُونَكَ،حَتَّى تُدْرِكَ أَمَّنَا خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ تَصْحَبَ أَقْوَامًا يُؤَمِّنُونَكَ حَتَّى تَلْحَقَكَ الْمَخَاوِفَ،فَقَالَ لَهُ بَعْضُ الْقَوْمِ:أَخْبِرْنَا بِصِفَةِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ r،فَبَكَى،ثُمَّ قَالَ:ظَهَرَتْ مِنْهُمْ عَلَامَاتُ الْخَيْرِ فِي السِّرِّ وَالسَّمْتِ وَالصِّدْقِ،وَحَسُنَتْ عَلَانِيَتُهُمْ بِالِاقْتِصَادِ،وَمَمْشَاهُمْ بِالتَّوَاضُعِ وَمَطْلَعُهُمْ بِالْفَصْلِ،وَطِيبُ مَطْعَمِهِمْ وَمَشْرَبِهِمْ بِالطَّيِّبِ مِنَ الرِّزْقِ،وَبَصَرُهَمْ بِالطَّاعَةِ،وَاسْتِعْدَادُهُمْ لِلْحَقِّ فِيمَا أَحَبُّوا وَكَرِهُوا،وَإِعْطَاؤُهُمُ الْحَقَّ مِنْ أَنْفُسِهِمْ لِلْعَدُوِّ وَالصَّدِيقِ،وَبِحِفْظِهِمْ فِي الْمِنْطَقِ مَخَافَةَ الْوِزْرِ،وَمُسَارَعَتِهِمْ فِي الْخَيْرِ رَجَاءَ الْأَجْرِ،وَالِاجْتِهَادِ لِلَّهِ تَعَالَى،وَمُزَاحَاتِهِمْ،وَكَانُوا أَوْصِيَاءَ أَنْفُسِهِمْ،ظَمِئَتْ هَوَاجِرُهُمْ،وَكَلَّتْ أَجْسَامُهُمْ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ،وَاسْتَحَبُّوا سَخَطَ الْمَخْلُوقِينَ بِرِضَا خَالِقِهِمْ،لَمْ يُفَرِّطُوا فِي غَضِبٍ وَلَمْ يَخُوضُوا فِي جَوْرٍ،وَلَمْ يُجَاوِزُوا حُكْمَ اللَّهِ تَعَالَى فِي الْقُرْآنِ،فَشَغَلُوا الْأَلْسُنَ بِالذِّكْرِ،بَذَلُوا لِلَّهِ تَعَالَى دِمَاءَهُمْ حِينَ اشْتَرَاهُمْ،وَبَذَلُوا لِلَّهِ أَمْوَالَهُمْ حِينَ اسْتَقْرَضَهُمْ،لَمْ يَكُنْ خَوْفُهُمْ مِنَ الْمَخْلُوقِينَ،حَسُنَتْ أَخْلَاقُهُمْ وَهَانَتْ مَؤُنَتُهُمْ،كَفَاهُمُ الْيَسِيرُ مِنْ دُنْيَاهُمْ إِلَى آخِرَتِهِمْ.وَأَمَّا أُوَيْسٌ الْقَرَنِيُّ،وَهَرِمُ بْنُ حَيَّانَ،فَإِنَّ أَهْلَهُ ظَنُّوا أَنَّهُ مَجْنُونٌ،فَبَنَوْا لَهُ بَيْتًا عِنْدَ بَابَ دَارِهِمْ،فَكَانَتْ تَأْتِي عَلَيْهِ السَّنَةُ وَالْسَنَتَانِ لَا يَرَوْنَ لَهُ وَجْهًا،فَكَانَ طَعَامُهُ مَا يَلْتَقِطُ مِنَ النَّوَى،فَإِذَا أَمْسَى بَاعَهُ لِإِفْطَارِهِ،وَإِذَا أَصَابَ حَشَفَةً حَبَسَهَا لِإِفْطَارِهِ،فَلَمَّا وَلِيَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ،رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ،قَالَ:أَيُّهَا النَّاسُ،قُومُوا بِالْمَوْسِمِ،فَقَامُوا فَقَالَ:أَلَا اجْلِسُوا إِلَّا مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ،فَجَلَسُوا فَقَالَ:أَلَا اجْلِسُوا إِلَّا مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ،فَجَلَسُوا فَقَالَ:أَلَا اجْلِسُوا إِلَّا مَنْ كَانَ مِنْ مُرَادٍ،فَجَلَسُوا فَقَالَ:أَلَا اجْلِسُوا إِلَّا مَنْ كَانَ مِنْ قَرَنٍ،فَجَلَسُوا إِلَّا رَجُلٌ،وَكَانَ ابْنُ عَمِّ أُوَيْسِ بْنِ أَنَسٍ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ:أَقَرَنِيٌّ أَنْتَ ؟ قَالَ:نَعَمْ،فَقَالَ:تَعْرِفُ أُوَيْسًا ؟ فَقَالَ:وَمَا تَسْأَلُ عَنْ ذَلِكَ،يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ،فَوَاللَّهِ،مَا فِينَا أَحْمَقُ مِنْهُ،وَلَا أَجَنُّ مِنْهُ،وَلَا أَحْوَجُ مِنْهُ،فَبَكَى عُمَرُ،ثُمَّ قَالَ:سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:" يَدْخُلُ الْجَنَّةَ بِشَفَاعَةِ رَجُلٍ مِنْكُمْ مِثْلُ رَبِيعَةَ وَمُضَرَ ".قَالَ هَرِمُ بْنُ حَيَّانَ:فَلَمَّا بَلَغَنِي ذَلِكَ قَدِمْتُ الْكُوفَةَ،فَلَمْ يَكُنْ لِي هَمٌّ إِلَّا طَلَبَهُ،حَتَّى سَقَطْتُ عَلَيْهِ وَهُوَ جَالِسٌ عَلَى شَاطِئِ الْفُرَاتِ نِصْفَ النَّهَارِ يَتَوَضَّأُ،فَعَرَفْتُهُ بِالنَّعْتِ الَّذِي نُعِتَ لِي،فَإِذَا هُوَ رَجُلٌ لَحِيمٌ آدَمُ شَدِيدُ الْأَدَمَةِ أَشْعُرُ مَحْلُوقُ الرَّأْسِ،مَهِيبٌ الْمَنْظَرِ،وَزَادَ غَيْرُهُ قَالَ:كَانَ رَجُلًا أَشْهَلَ أَصْهَبَ عَرِيضَ مَا بَيْنَ الْمَنْكِبَيْنِ وَفِي عُنُقِهِ الْيُسْرَى وَضَحٌ،وَضَارِبٌ بِلِحْيَتِهِ عَلَى صَدْرِهِ،نَاصِبٌ بَصَرَهُ،فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ،فَرَدَّ عَلَيَّ،فَنَظَرَ إِلَيَّ وَمَدَدْتُ يَدِي لِأُصَافِحَهُ فَأَبَى أَنْ يُصَافِحَنِي،فَقُلْتُ:يَرْحَمُكَ اللَّهُ يَا أُوَيْسُ وَغَفَرَ لَكَ،رَحِمَكَ اللَّهُ،كَيْفَ أَنْتَ،رَحِمَكَ اللَّهُ،ثُمَّ خَنَقَتْنِي الْعَبْرَةُ مِنْ حُبِّي إِيَّاهُ،وَرِقَّتِي عَلَيْهِ،لِمَا رَأَيْتُ مِنَ حَالَتِهِ،حَتَّى بَكَيْتُ وَبَكَى قَالَ:وَأَنْتَ حَيَّاكَ اللَّهُ يَا هَرِمُ بْنُ حَيَّانَ،كَيْفَ أَنْتَ يَا أَخِي مَنْ دَلَّكَ عَلَيَّ ؟ فَقُلْتُ:اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ،فَقَالَ:لَا إِلَهُ إِلَّا اللَّهُ،سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا،فَقُلْتُ لَهُ:مِنْ أَيْنَ عَرَفْتَ اسْمِي وَاسْمَ أَبِي،وَمَا رَأَيْتُكَ قَبْلَ الْيَوْمِ قَالَ:أَنْبَأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ،عَرَفَتْ رُوحِي رُوحَكَ حِينَ كَلَّمَتْ نَفْسِي نَفْسَكَ،إِنَّ الْأَرْوَاحَ لَهَا أَنْفَاسٌ كَأَنْفَاسِ الْأَجْسَادِ،وَإِنَّ الْمُؤْمِنِينَ يَعْرِفُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا،وَيَتَحَابُونَ بِرُوحِ اللَّهِ تَعَالَى،وَلَوْ لَمْ يَلْتَقُوا وَيَتَعَارَفُوا،وَإِنْ نَأَتْ بِهِمُ الدَّارُ،وَتَفَرَّقَتْ بِهِمُ الْمَنَازِلُ،فَقُلْتُ:حَدَّثَنِي،يَرْحَمُكُ اللَّهُ،عَنْ رَسُولِ اللَّهِ rفَقَالَ:إِنِّي لَمْ أَرْ رَسُولَ اللَّهِ،وَلَمْ يَكُنْ لِي مَعَهُ صُحْبَةٌ،بِأَبِي وَأُمِّي رَسُولُ اللَّهِ r،وَلَكِنْ قَدْ رَأَيْتُ رِجَالًا قَدْ أَدْرَكُوهُ،وَلَسْتُ أُحِبُّ أَنْ أَفْتَحَ هَذَا الْبَابَ عَلَى نَفْسِي أَنْ أَكُونَ مُحَدِّثًا،أَوْ قَاصًّا،أَوْ مُفْتِيًا،فِي نَفْسِي شُغْلٌ عَنِ النَّاسِ،فَقُلْتُ:أَيْ أَخِي،اقْرَأْ عَلَيَّ آيَاتٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ،أَسْمَعْهَا مِنْكَ،أَوْ أَوْصِنِي بِوَصِيَّةٍ أَحْفَظْهَا عَنْكَ،فَإِنِّي أُحِبُّكَ فِي اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ،قَالَ:فَأَخَذَ بِيَدِي،ثُمَّ قَالَ:أَعُوذُ بِالسَّمِيعِ الْعَلِيمِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ قَالَ رَبِّي وَأَحَقُّ الْقَوْلِ،قَوْلُ رَبِّي،وَأَصْدَقُ الْحَدِيثِ حَدِيثُ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ،ثُمَّ قَرَأَ:وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ،مَا خَلَقْنَاهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ إِلَى قَوْلِهِ:الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ،فَشَهِقَ شَهْقَةً،فَنَظَرْتُ إِلَيْهِ وَأَنَا أَحْسَبُهُ قَدْ غُشِيَ عَلَيْهِ قَالَ:يَا ابْنَ حَيَّانَ،مَاتَ أَبُوكَ،يَا ابْنَ حَيَّانَ،وَيُوشِكُ أَنْ تَمُوتَ فَإِمَّا إِلَى الْجَنَّةِ،وَإِمَّا إِلَى النَّارِ،وَمَاتَ أَبُوكَ آدَمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ،وَمَاتَتْ أُمُّكَ حَوَّاءُ،يَا ابْنَ حَيَّانَ،وَمَاتَ نُوحُ نَبِيُّ اللَّهِ r،وَمَاتَ إِبْرَاهِيمُ خَلِيلُ اللَّهِ،مَاتَ مُوسَى نَجِيُّ الرَّحْمَنِ،وَمَاتَ دَاوُدُ خَلِيفَةُ الرَّحْمَنِ،وَمَاتَ مُحَمَّدٌ صَلَوَاتُ اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ،وَمَاتَ أَبُو بَكْرٍ خَلِيفَةُ رَسُولِ اللَّهِ r،وَمَاتَ أَخِي وَصَدِيقِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ،رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ،فَقُلْتُ:يَرْحَمُكَ اللَّهُ،إِنَّ عُمَرَ لَمْ يَمُتْ،قَالَ:بَلَى،قَدْ نَعَاهُ رَبِّي إِلَى نَفْسِي،وَأَنَا وَأَنْتَ فِي الْمَوْتَى،ثُمَّ صَلَّى عَلَى النَّبِيِّ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،وَدَعَا بِدَعَوَاتٍ خِفَافٍ،ثُمَّ قَالَ:هَذِهِ وَصِيَّتِي إِيَّاكَ،كِتَابُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ،وَنَعْي الْمُرْسَلِينَ،وَنَعْي صَالِحِ الْمُؤْمِنِينَ،فَعَلَيْكَ بِذِكْرِ الْمَوْتِ،فَلَا يُفَارِقُ قَلْبَكَ طَرَفَةَ عَيْنٍ مَا بَقِيتَ،وَأَنْذِرْ قَوْمَكَ إِذَا رَجَعْتَ إِلَيْهِمْ،وَانْصَحَ الْأُمَّةَ جَمِيعًا،وَإِيَّاكَ أَنْ تُفَارِقَ الْجَمَاعَةَ،فَتُفَارِقَ دِينَكَ وَأَنْتَ لَا تَعْلَمُ،فَتَدْخُلَ النَّارَ،وَادْعُ لِي فِي نَفْسِكِ،ثُمَّ قَالَ:اللَّهُمَّ إِنَّ هَذَا زَعَمَ أَنَّهُ يُحِبُّنِي فِيكَ،وَزَارَنِي فِيكَ،فَعَرِّفْنِي وَجْهَهُ فِي الْجَنَّةِ،وَأَدْخِلْهُ عَلَيَّ فِي دَارِكَ،دَارِ السَّلَامِ،وَاحْفَظْهُ مَا دَامَ فِي الدُّنْيَا حَيًّا،وَأَرْضِهِ مِنَ الدُّنْيَا بِالْيَسِيرِ،وَاجْعَلْهُ لِمَا أَعْطَيْتَهُ مِنْ نِعَمِكَ مِنَ الشَّاكِرِينَ،وَاجْزِهِ عَنِّي خَيْرًا،ثُمَّ قَالَ:السَّلَامُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ،لَا أَرَاكُ بَعْدَ الْيَوْمِ،رَحِمَكَ اللَّهُ،فَإِنِّي أَكْرَهُ الشُّهْرَةَ،وَالْوِحْدَةُ أَعْجَبُ إِلَيَّ لِأَنِّي كَثِيرُ الْغَمِّ مَا دُمْتُ مَعَ هَؤُلَاءِ النَّاسِ حَيًّا،فَلَا تَطْلُبْنِي،وَلَا تَسْأَلْ عَنِّي،وَاعْلَمْ أَنَّكَ مِنِّي عَلَى بَالٍ،وَإِنْ لَمْ أَرَكَ وَتَرَانِي،فَاذْكُرْنِي وَادْعُو لِي،فَإِنِّي سَأَدْعُو لَكَ،وَأَذْكُرُكَ،إِنْ شَاءَ اللَّهُ،انْطَلِقْ أَنْتَ هَاهُنَا حَتَّى آخُذَ أَنَا هَاهُنَا،فَحَرَجْتُ عَلَيْهِ أَنْ أَمْشِيَ مَعَهُ سَاعَةً،فَأَبَى عَلَيَّ،فَفَارَقْتُهُ أَبْكِي وَيَبْكِي،فَجَعَلْتُ أَنْظُرُ فِي قَفَاهُ حَتَّى دَخَلَ فِي بَعْضِ السِّكَكِ،ثُمَّ سَأَلْتُ عَنْهُ بَعْدَ ذَلِكَ،وَطَلَبْتُهُ فَمَا رَأَيْتُ أَحَدًا يُخْبِرُنِي عَنْهُ بِشَيْءٍ،رَحْمَهُ اللَّهُ وَغَفَرَ لَهُ،وَمَا أَتَتْ عَلَيَّ جُمُعَةٌ إِلَّا وَأَنَا أَرَاهُ فِي مَنَامِي مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ "






هنا بين الحروف أسكن
http://monaaya7.blogspot.com/
من القلب سلامًٌ لمن زارني
قديم 11-27-2011, 07:17 PM
المشاركة 10
منى شوقى غنيم
انتقلت إلى أرحم الراحمين إن شاء الله
  • غير موجود
افتراضي
-5-آدابُ الاستيقاظ

الاستيقاظ بعد النوم آية من آيات الله الباهرة الدالة على قدرة الله تعالى،وهي تشبه آيات البعث بعد الموت،وقد سمى الله تعالى النوم وفاة والاستيقاظ من بعده بعثا ونشورا قال تعالى:{ اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إلى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (42)} الزمر.
وقال سبحانه:{ وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِبَاساً وَالنَّوْمَ سُبَاتاً وَجَعَلَ النَّهَارَ نُشُوراً (47)} الفرقان.
والاستيقاظ بعد النوم استئناف للحياة بعد تعطيلها. وفتح صفحة بيضاء جديدة يسطرها المرء خلال نهاره،يبدؤها باستيقاظه ويختمها بمنامه،ويودعها كتاب أعماله لتعرض عليه يوم الحساب قال تعالى:{ وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُم بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُم بِالنَّهَارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ لِيُقْضَى أَجَلٌ مُّسَمًّى ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ ثُمَّ يُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (60)} الأنعام.
وهو سبحانه الذي يقبض أرواحكم بالليل بما يشبه قبضها عند الموت،ويعلم ما اكتسبتم في النهار من الأعمال،ثم يعيد أرواحكم إلى أجسامكم باليقظة من النوم نهارًا بما يشبه الأحياء بعد الموت; لتُقضى آجالكم المحددة في الدنيا،ثم إلى الله تعالى معادكم بعد بعثكم من قبوركم أحياءً،ثم يخبركم بما كنتم تعملون في حياتكم الدنيا،ثم يجازيكم بذلك.
وعَنْ قَتَادَةَ،قَالَ: قَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ: " ابْنَ آدَمَ طَأِ الْأَرْضَ بِقَدَمِكَ،فَإِنَّهَا عَنْ قَلِيلٍ تَكُونُ قَبْرَكَ،ابْنَ آدَمَ إِنَّمَا أَنْتَ أَيَّامٌ فَكُلَّمَا ذَهَبَ يَوْمٌ ذَهَبَ بَعْضُكَ،ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ لَمْ تَزَلْ فِي هَرَمِ عُمُرِكَ مُنْذُ يَوْمَ وَلَدَتْكَ أُمُّكَ "
وعَنِ الْحَسَنِ قَالَ:" ابْنَ آدَمَ إِنَّمَا أَنْتَ أَيَّامٌ وَكُلَّمَا ذَهَبَ يَوْمٌ ذَهَبَ بَعْضُكَ "
وعن الْمُبَارَكِ بْنِ فَضَالَةَ،قَالَ:سَمِعْتُ الْحَسَنَ،يَقُولُ:" ابْنَ آدَمَ طأِ الْأَرْضَ بِقَدَمِكَ فَإِنَّهَا عَنْ قَلِيلٍ،قَبْرُكَ،إِنَّكَ لَمْ تَزَلْ فِي هَدْمِ عُمُرِكَ مُنْذُ سَقَطْتَ مِنْ بَطْنِ أُمِّكَ "
وإذا كان الاستيقاظ ابتداء للحياة اليومية الرتيبة فينبغي على المسلم أن يجعل افتتاح يومه،وابتداء عمله،صلة بخالقه،وذكرا لرازقه،وشكرا لولي نعمته الذي تولى حفظه ورعايته خلال نومه،قال تعالى:{قُلْ مَن يَكْلَؤُكُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مِنَ الرَّحْمَنِ بَلْ هُمْ عَن ذِكْرِ رَبِّهِم مُّعْرِضُونَ} (42) سورة الأنبياء.
وخلال هذه الساعات الأولى من نهاره،والتي يكون فيها ذهنه صافيا،وعقله متوقدا وجسمه نشيطا،يخطط لنهاره وما ينبغي أن يعمله من عمل صالح يرضي الله تعالى،ويعود بالخير والصلاح عليه،وعلى الناس أجمعين.
وهذه جملة من الآداب الإسلامية المتعلقة بهذا الموضوع:
الاجتهاد في أن يكون الاستيقاظ باكرا قبل طلوع الفجر،وذلك لتحصيل الفوائد الروحية،واكتساب العادات الصحية،واعتنام أوقات الصفاء والنقاء للعبادة أو الدراسة.
قال الله تعالى في وصف عباده المتقين:{ كَانُوا قَلِيلاً مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ (17) وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (18)} الذاريات.
عَنْ عَائِشَةَ،قَالَتْ:قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r: بَاكِرُوا طَلَبَ الرِّزْقِ،فَإِنَّ الْغُدُوَّ بَرَكَةٌ وَنَجَاحٌ. ". رواه الطبراني.
أن يكون أول ما يجري على القلب والفكر واللسان ذكر الله تعالى وتوحيده،والدعاء بما ورد عن النبي r.قال تعالى:{ وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلاً (25)} الإنسان.
وعَنْ عَائِشَةَ،رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا،عَنِ النَّبِيِّ rقَالَ:" مَا مِنْ عَبْدٍ يَقُولُ حِينَ رَدَّ اللَّهُ إِلَيْهِ رُوحَهُ:لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ،وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ،لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ،وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ،إِلَّا غَفَرَ اللَّهُ لَهُ ذُنُوبَهُ وَلَوْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ ". رواه ابن السني.
وعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا،أَنَّ النَّبِيَّ r: " كَانَ إِذَا أَوَى إلى فِرَاشِهِ كُلَّ لَيْلَةٍ جَمَعَ يَدَيْهِ ثُمَّ نَفَثَ فِيهِمَا فَقَرَأَ فِيهِمَا قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ،وَقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ،وَقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ ثُمَّ مَسَحَ بِهِمَا مَا اسْتَطَاعَ مِنْ جَسَدِهِ يَبْدَأُ بِهِمَا عَلَى رَأْسِهِ وَوَجْهِهِ،وَمَا أَقْبَلَ مِنْ جَسَدِهِ يَفْعَلُ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ " .
وعَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -r- كَانَ إِذَا أَوَى إلى فِرَاشِهِ قَالَ « الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِى أَطْعَمَنَا وَسَقَانَا وَكَفَانَا وَآوَانَا فَكَمْ مِمَّنْ لاَ كَافِىَ لَهُ وَلاَ مُئْوِىَ ».
وعَنِ الْبَرَاءِ،أَنَّ النَّبِيَّ rكَانَ إِذَا أَوَى إلى فِرَاشِهِ وَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى تَحْتَ خَدِّهِ وَقَالَ:اللَّهُمَّ قِنِي عَذَابَكَ يَوْمَ تَبْعَثُ عِبَادَكَ،أَوْ تَجْمَعُ عِبَادَكَ.
وعَنْ عَبْدِ اللهِ،أَنَّ النَّبِيَّ rكَانَ إِذَا أَوَى إلى فِرَاشِهِ،وَضَعَ يَدَهُ تَحْتَ خَدِّهِ،وَقَالَ:اللَّهُمَّ قِنِي عَذَابَكَ يَوْمَ تَبْعَثُ عِبَادَكَ.
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ:أَنَّ رَسُولَ اللهِ rكَانَ إِذَا أَوَى إلى فِرَاشِهِ قَالَ:اللَّهُمَّ رَبَّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبَّ الأَرَضِينَ،وَرَبَّنَا وَرَبَّ كُلِّ شَيْءٍ،فَالِقَ الْحَبِّ وَالنَّوَى،مُنْزِلَ التَّوْرَاةِ وَالإِِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ،أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ كُلِّ ذِي شَرٍّ أَنْتَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهِ،أَنْتَ الأَوَّلُ فَلَيْسَ قَبْلَكَ شَيْءٌ،وَأَنْتَ الآخِرُ فَلَيْسَ بَعْدَكَ شَيْءٌ،وَأَنْتَ الظَّاهِرُ فَلَيْسَ فَوْقَكَ شَيْءٌ،وَأَنْتَ الْبَاطِنُ فَلَيْسَ دُونَكَ شَيْءٌ،اقْضِ عَنِّي الدَّيْنَ وَأَغْنِنِي مِنَ الْفَقْرِ.
وعَنْ حَفْصَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ r: " أَنَّ رَسُولَ اللهِ rكَانَ إِذَا أَوَى إلى فِرَاشِهِ اضْطَجَعَ عَلَى يَدِهِ الْيُمْنَى،ثُمَّ يَقُولُ: رَبِّ قِنِي عَذَابَكَ يَوْمَ تَبْعَثُ عِبَادَكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ،وَكَانَ يَجْعَلُ يَمِينَهُ لِأَكْلِهِ،وَشُرْبِهِ،وَوُضُوئِهِ،وَثِيَابِهِ،وَيَ جْعَلُ شِمَالَهُ لِسِوَى ذَلِكَ،وَكَانَ يَصُومُ مِنَ الشَّهْرِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ،الِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسَ،وَالِاثْنَيْنِ مِنَ الْجُمُعَةِ الْأُخْرَى "
وعَنْ عَائِشَةَ،أَنَّ رَسُولَ اللهِ rكَانَ إِذَا أَوَى إلى فِرَاشِهِ،قَالَ: " اللهُمَّ مَتِّعْنِي بِسَمْعِي وَبَصرِي وَعَقْلِي وَاجْعَلْهَا الْوَارِثَ مِنِّي،وَانْصرْنِي عَلَى عَدُوِّي،وَأَرِنِي مِنْهُ ثَأْرِي.اللهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ غَلَبَةِ الدَّيْنِ،وَمَنَ الْجُوعِ،فَإِنَّهُ بِئْسَ الضَّجِيعُ ".قَالَت: ثُمَّ يَضْطَجِعُ."
وعَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - r- إِذَا أَوَى إلى فِرَاشِهِ قَالَ « بِاسْمِكَ أَمُوتُ وَأَحْيَا ».وَإِذَا قَامَ قَالَ « الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِى أَحْيَانَا بَعْدَ مَا أَمَاتَنَا وَإِلَيْهِ النُّشُورُ ».رواه البخاري.
المبادرة بعد الاستيقاظ إلى الطهارة والوضوء والصلاة،وجعل هذه الأعمال فاتحة النهار بعد الذكر والدعاء،وتجنّب الانشغال عنها بأي عمل آخر.
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - r- قَالَ « يَعْقِدُ الشَّيْطَانُ عَلَى قَافِيَةِ رَأْسِ أَحَدِكُمْ إِذَا هُوَ نَامَ ثَلاَثَ عُقَدٍ،يَضْرِبُ كُلَّ عُقْدَةٍ عَلَيْكَ لَيْلٌ طَوِيلٌ فَارْقُدْ،فَإِنِ اسْتَيْقَظَ فَذَكَرَ اللَّهَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ،فَإِنْ تَوَضَّأَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ،فَإِنْ صَلَّى انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ فَأَصْبَحَ نَشِيطًا طَيِّبَ النَّفْسِ،وَإِلاَّ أَصْبَحَ خَبِيثَ النَّفْسِ كَسْلاَنَ ».متفق عليه.
تجنّب المكوث في الفراش والتقلب فيه بعد الاستيقاظ،استجلابا للأفكار والأحلام،واستغراقا في الخيال والأوهام.
تجنب التكاسل عن القيام إلى الصلاة لبرد أو تعب أو نعاس،لأن ذلك كله شعور كاذب تسوِّله النفس الأمارة بالسوء،ويزول بمخالفتها.
تجنب العودة إلى النوم بعد طلوع الفجر،أو التسويف في أداء الصلاة لوجود متسع من الوقت،لأن ذلك من وحي الشيطان ليضيع على المسلم صلاة الفجر.
قال تعالى في وصف عباده المؤمنين:{ تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ (16)} السجدة.
غسل الفم وتنظيف الأسنان بالطريقة الصحيحة المفيدة بعد الاستيقاظ من النوم،وتكون إما بالسواك وهو الأفضل،أو بالفرشاة والمعجون،وهي عادة تطيب الفم،وتحافظ على الأسنان.
عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - r- إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ يَشُوصُ فَاهُ بِالسِّوَاكِ.متفق عليه.
التزام الهدوء والسكينة أثناء الحركة بعد القيام،وتجنب إزعاج أحد من الأهل أو الجيران.
الحذر من الخروج المفاجئ من المكان الدافئ إلى المكان البارد،وخاصة بعد الاستيقاظ مباشرة،إلا بعد الاحتياط في اللباس.
التزام الرقة واللطف وخفض الصوت أثناء إيقاظ الآخرين،وذلك بالتذكير بتوحيد الله وأن الصلاة خير من النوم،فإن أبى أحد القيام تركه وأعاد عليه بعد قليل.
فتح الأبواب والنوافذ المغلقة في غرفة النوم بعد الاستيقاظ،لتجديد الهواء وجريانه فيه.
إعادة ترتيب السرير،وطيّ الفراش بعد تهويته وذكر اسم الله عليه،وتجنب ترك السرير ولوازم النوم مبعثرة بشكل غير لائق،إذ ليس من الأدب والمروءة اعتماد المسلم على غيره وخاصة في إنجاز أعماله اليومية،وأموره الشخصية.

____________






هنا بين الحروف أسكن
http://monaaya7.blogspot.com/
من القلب سلامًٌ لمن زارني
 

مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:56 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.