احصائيات

الردود
3

المشاهدات
13166
 
عبده فايز الزبيدي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي


عبده فايز الزبيدي is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
1,927

+التقييم
0.30

تاريخ التسجيل
May 2007

الاقامة

رقم العضوية
3512
06-30-2013, 07:37 PM
المشاركة 1
06-30-2013, 07:37 PM
المشاركة 1
افتراضي كشف الغطاء عن حال ابن عطاء السكندري و حكمه !
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدالله القائل (اليوم أكملت لكم دينكم و أتممت عليكم نعمتي و رضيت لكم الإسلام دينا) ، و صلى الله و سلم على النبي المرسل خاتما للنبوة بأعظم الرسائل الإلهية القائل( كل بدعة ضلالة و كلّ ضلالة في النار)، ومن البدع المستحدثة فيما بعد القرون المفضلة بدعة التصوف، التي حاربها أئمة السلف كالشافعي و ابن حنبل و سواهم من المعتبرين من أهل الدين المقتدين بالوحيين و بما كان عليه الصحابة البررة و السلف الصالح، و يمكن أن أوجز حال التصوف في ثلاث مراحل لا غير:
1. مرحلة الزهاد : و هي ما كان عليه بعض الصالحين من سلف الأمة و لا علاقة لهم ببدع المتصوفة و فلسفتهم.
2. مرحلة التصوف الفلسفي: و هي بداية التصوف المعروف بالتصوف الإسلامي و فيه الترويج لعقيدة وحدة الوجود و هي بأوجز عبارة(أن الخالق و المخلوقات شيء واحد و أن الكون وهم) ومن أساطين المؤسسين لهذه الضلالة:االحلاج وا بن عربي و السهرودي,و غيرهم.
3.مرحلة التصوفي الطُّرقي: و هي ما نعيشهم اليوم من كثرة المشائخ و طرقهم الصوفية و ما فيها من كفر و شرك و شعوذة و شطح و رقص و صد عن سبيل الله.

_ و ما يهمني هُنا هو تجلية حال أحد أعلام المتصوفة الكلامية القائلين بوحدة الوجود الذي يحتفي به المتصوفة في قديم و حديث ألا وهو ابن عطاء السكندري صاحب كتاب(حكم ابن عطاء السكندر) ، و منهجي هو إيراد كلام أهل العلم في عقيدة ابن عطاء السكندري و منهجه في هيئة دراسات لكل دراسة طابعها الخاص بها حتى يتكون للقارئ الحصيف و المنصف رأياً حقَّاً حول هذه الشخصية الصوفية الوجودية.والله ولي التوفيق!


وسائلٍ عَنْ أبي بكرٍ فقلتُ لهُ:
بعدَ النَّبيينَ لا تعدلْ به أحَدا
في جنَّةِ الخُلدِ صِديقٌ مَعَ ابنتهِ
واللهِ قَدْ خَلَدتْ واللهِ قَدْ خَلَدَا

قديم 06-30-2013, 08:07 PM
المشاركة 2
عبده فايز الزبيدي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
الدراسة الأولى:
ابن عطاء الله السكندري ومنهجه في التصوف
د. أحمد محمود السيد
المصدر:http://www.soufia-h.net/showthread.php?p=68575
ابن عطاء الله السكندري فقيه مالكي وصوفي شاذلي الطريقة، بل أحد أركان الطريقة الشاذلية الصوفية، ولد في عام (658هـ) وتوفي في عام (709هـ)، لقب بـ"قطب العارفين" و"ترجمان الواصلين" و"مرشد السالكين"، من غلاة الصوفية[1].

نسبه: هو تاج الدين أبو الفضل أحمد بن محمد بن عبد الكريم بن عبد الرحمن بن عبد الله بن أحمد بن عيسى بن الحسين ابن عطاء الله الجذامي نسبًا، وفد أجداده المنسوبون إلى قبيلة جذام إلى مصر بعد الفتح الإسلامي، واستوطنوا الإسكندرية حيث ولد ابن عطاء الله حوالي سنة 658هـ الموافق 1260م ونشأ كجده لوالده الشيخ أبي محمد عبد الكريم ابن عطاء الله فَقيهًا يَشتغل بالعلوم الشَرعية، حيث تلقي منذ صباه العلوم الدينية والشرعية واللغوية[2].
وكان ابن عطاء الله في أول حاله منكرًا على أهل التصوف, فما أن صحب شيخه أبو العباس المرسي واستمع إليه بالإسكندرية حتى أعجب به إعجابًا شديدًا وأخذ عنه طريق الصوفية وأصبح من أوائل مريديه.

شيوخه في الصوفية: أبو الحسن الشاذلي، وأبو العباس المرسي، وتلاميذه: ابن المبلق السكندري، وتقي الدين السبكي شيخ الشافعية، وأحمد زروق[3].
مصنفاته: ترك ابن عطاء الكثير من المصنفات والكتب منها المفقود ومنها الموجود، لكن أبرز ما بقي له:
· لطائف المنن في مناقبِ الشيخ أبي العباس وشيخه أبي الحسن.
· القصد المجرَّد في معرفة الاسم المفرد.
· أصول مقدمات الوصول.
· الطريق الجادة في نيل السعادة.
· عنوان التوفيق في آداب الطريق، شرح بها قصيدة الشيخ أبو مدين (ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا).
· تاج العروس الحاوي لتهذيب النفوس.
· مفتاح الفلاح ومصباح الأرواح في ذكر الله الكريم الفتاح.
· الحكم العطائية على لسان أهل الطريقة، وهي أهم ما كتبه وقد حظيت بانتشار كبير، ولا يزال بعضها يُدرس في بعض كُليات جامعة الأزهر، كما تَرجم المستشرق الإنجليزى "آرثر اربري" الكثير منها إلى الإنجليزية، وترجم الأسباني "ميجيل بلاسيوس" فقرات كثيرة منها مع شرح الرندى عليها.

منهجه في التصوف:
اعتمد منهجه على منهج الطريقة الشاذلية التي ينتمي إليها والتي تتركز في النقاط التالية:
1) الاعتقاد بوحدة الوجود على النحو الذي يعتقد بها عموم الصوفية(*)، إذ نقل الشاذلية عن شيخهم قوله: (من أطاع الله في كل شيء، بهجرانه لكل شيء، أطاعه الله في كل شيء، بأن يتجلى له في كل شيء)،
وقوله: (قيل لي ـ أي أوحى الله إليَّ ـ: يا علي، بي قل، وعليَّ دُل، وأنا الكل)[4].
كما نقل الصوفية عن ابن مشيش، شيخ الشاذلي، قوله: (اللهم زج بي في بحار الأحدية، وانشلني من أوحال التوحيد، وأغرقني في عين بحر الوحدة، حتى لا أرى ولا أسمع ولا أحس إلَّا بها)[5].

2) تأويل آيات القرآن تأويلًا باطنيًّا، يصرف الآيات عن مرادها، على طريقة الفرق الباطنية التي ادَّعت أن للإسلام والقرآن ظاهرًا وباطنًا.
يقول ابن عطاء الله السكندري: (لكل آية ظاهر وباطن، وحدّ ومطلع)[6] ، كما نقل ابن عطاء عن بعض شيوخه، أنه فسر الآية {يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا} الحسنات، {وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ} العلوم، {أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا} علومًا وحسنات، {وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا} [الشورى: 49-50] لا علم ولا حسنة[7].
وقد نقل شيخ الأزهر السابق عبد الحليم محمود عن أبي الحسن الشاذلي تفسير قول الله تعالى على لسان موسى عليه السلام: {هِيَ عَصَايَ} معرفتي بك، {أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا} أعتمد عليها، {وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي} أولادي في التربية، {وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى} [طه: 18] من باب لي وقعت مع ربِّي لا تسعني فيه أرض ولا سماء[8].

3) الغلو في شيوخهم بوجه عام وفي الشاذلي بوجه خاص، فقد قالوا إن مقام الشاذلي عند العرش، وإن الله كلمه في جبل زغوان الذي اعتكف فيه، وزعموا أنه ما من كائن أو ولي لله إلا وأطلع الله شيخهم أبا العباس المرسي عليه وعلى اسمه ونسبه وكم حظه من الله، وكان الشاذلي يقول مفتخرًا بتلميذه أبو العباس المرسي: (يأتي الأعرابي إليه يبول على ساقيه فيخرج من عنده عارفًا بالله)[9].
وتزعم الصوفية أن المرسي كان يتكلم في سائر العلوم وكل اللغات والألسن، ويقول: (شاركنا الفقهاء فيما هم فيه ولم يشاركونا فيما نحن فيه)، وكان يقول وهو يمسك بلحيته: (لو علم علماء العراق والشام ما تحت هذه الشعرات لأتوها ولو على وجوههم)[10].

4) الاعتقاد في الكرامات: زعم أتباع هذه الطريقة لشيخهم الشاذلي وشيوخهم الآخرين كرامات تفوق الخيال، كما هي عادة جميع فرق التصوف:
فقد زعموا أن الذين يتبعون هذه الطريقة لا يدخلون النار، مستندين إلى قول الشاذلي: (أعطيت سجلًّا مدَّ البصر، فيه أصحابي وأصحاب أصحابي إلى يوم القيامة عتقاء من النار)[11].
ومما نسبوه لشيخهم من الكرامات، أن كبير قضاة تونس ابن البراء كان مخالفًا للشاذلي، وقد شكاه إلى حاكمها، لكن الحاكم لم يمس الشاذلي بسوء، إلَّا أنه منعه من الخروج، وما أن منعه إلَّا وماتت جاريته في ذاك الوقت، ثم احترق البيت دون أن يشعروا، فعلم الحاكم أنه أصيب من قبل هذا الولي المزعوم[12].
وبعد أن أورد القصة السابقة، يبدي الشيخ إحسان إلهي ظهير استغرابه لأن القاضي ابن البراء لم يصب بسوء، رغم أنه هو الذي عادى الشاذلي[13]!
كما زعموا أنهم أعطوا ثلاثًا لم تحصل لمن قبلهم، ولا لمن بعدهم:
الأول: أنهم مختارون في اللوح المحفوظ.
الثاني: إن المجذوب منهم يرجع إلى الصحو.
الثالث: إن القطب منهم إلى يوم القيامة[14]، وهذه تشترك بها جميع الطرق الصوفية.
وزعم أبو العباس المرسي أن الله عز وجل أطلعه على الملائكة ساجدة لآدم عليه السلام فأخذ قسطه من ذلك ثم أنشد يقول [15] :

ذاب رسمي وصح صدق فنائي ... و تجلت للسر شمس سمائي
وتنزَّلْتُ في العوالم أبدي ... ما انطوى في الصفات بعـد صفائي

ومن القصص المنسوبة للسكندري أن رجلًا من تلامذته حج فرأى الشيخ في المطاف وخلف المقام وفي المسعى وفي عرفة، فلما رجع سأل عن الشيخ هل خرج من البلد في غيبته في الحج فقالوا: لا، فدخل وسلم على الشيخ فقال له: من رأيت في الحج في سفرتك هذه من الرجال؟ فقال الرجل: يا سيدي رأيتك، فتبسم وقال: الرجل الكبير يملأ الكون [16] .
ومن كراماته المزعومة: أن الكمال بن الهمام زار قبره فقرأ عنده سورة هود حتى وصل إلى قوله تعالى: {فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ} [هود: 105]، فأجابه من القبر ابن عطاء الله بصوت عال: (يا كمال ليس فينا شقي)، فأوصى الكمال بن الهمام أن يدفن هناك [17] .
تطبيقات ابن عطاء للمنهج السابق في كتابه الحكم:
يعتبر كتاب الحكم العطائية من أشهر المؤلفات في توحيد الصوفية، وبيان أحوالهم ومسالكهم ...
وقد احتفل به الصوفية بالشرح والتعقيب، وأشهر شروحه: شرح ابن عبَّاد النفزي الرندي، المسمى: غيث المواهب العلية في شرح الحكم العطائية.
والكتاب في الجملة يدور على عقائد المتصوفة، وفيه كلام يكاد يصرِّح فيه مؤلفة بما تظافر المتصوفة على تسميتها بالحقيقة، وهي عقيدة وحدة الوجود التي ترى أن كل موجود هو الله، ولا وجود لسواه على الحقيقة، وفيها من الكفر ما هو أكفر من عقائد اليهود والنصارى، كما صرح بذلك علماء أهل السنة والجماعة [18] .

ومن أهم ما يؤخذ عليه من مخالفات شرعية النقاط الآتية:

1) عقيدة وحدة الوجود التي ترى أن كل موجود هو الله ولا وجود لسواه على الحقيقة وأن الخالق والمخلوق واحد، ومثلها نظرية الاتحاد والحلول.
من هذه الأقوال:
- (أنت مع الأكوان ما لم تشهد المكوَّن، فإذا شهدته: كانت الأكوان معك).
- (ما العارف مَن إذا أشار وجد الحق أقرب إليه من إشارته، بل العارف مَن لا إشارة له لفنائه في وجوده، وانطوائه في شهوده).
- ومن ذلك قوله: (ما حجبك عن الله وجود موجود، ولكن حجبك عنه توهم موجود معه)، وقال شارحه ابن عباد: (تقدم أن لا موجود سوى الله تعالى على التحقيق، وأن وجود ما سواه إنما هو وهم مجرد).
- وقوله: (سبحان من ستر سر الخصوصية بظهور البشرية ...)، قال شارحه ابن عباد: (سر الخصوصية هو: حقيقة المعرفة التي اختص بها أهل ولاية الله تعالى بحيث لا يبقى معها وجود لغير ولا كون، فمن لطيف حكمة الله تعالى أن ستر ذلك بما أظهره من البشرية التي من لوازمها وجود الغير والكون، ولولا هذا الستر لكان سر الله مبتذلًا غير مضمون)[19].

2) اعتباره للدعاء والطلب من الله اتهامًا له سبحانه وتعالى خلاًفا لقيمة الدعاء الذي هو مخ العبادة وخلافًا لما جاء في القرآن عن حث الحق تبارك وتعالى إليه.
ومن هذه الأقوال:
- (سؤالك منه اتهام له).
- ويستدلُّ ابن عطاء الله على ذلك بحديث باطل على لسان إبراهيم عليه الصلاة والسلام: (حسبي من سؤالي علمه بحالي)، وهو مخالف للآيات والأحاديث الكثيرة التي تحض على دعاء الله كقوله تعالى: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي} أي: عن دعائي {سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} [غافر: 60][20].
- ويقول أيضًا: (من عبده لشيء يرجوه منه، أو ليدفع عنه ورود العقوبة منه: فما قام بحق أوصافه)، (هذا الكلام هو كقول رابعة العدوية المنحرف ـ إن صح عنها ـ: (ما عبدتك خوفًا من نارك، ولا رغبة في جنتك، ولكني عبدتك لأنك أهل للعبادة)، وهذا مخالف لعبادة الملائكة الذين يخافون ربهم من فوقهم، وعبادة الأنبياء الذين يعبدون الله سبحانه رغبًا ورهبًا[21].

- ومن أقواله في هذا السياق: (ربما دلهم الأدب إلى ترك الطلب)، ويقول الشيخ مهدي الاستانبولي: ليت هذا الجاهل علم أن الأمر بالعكس، فإن ترك الطلب هو "العصيان"[22].
- ومن أقواله أيضًا: (إنما يُذَكَّر مَن يجوز عليه الإغفال، وإنما ينبه من يمكن منه الإهمال)، تُرى لماذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم يُكثر من الدعاء ويأمر به إلى درجة الإلحاح([23])، يقول شارح الحكم العطائية: (فطلبه من الله تهمة له؛ إذ لو وثق في إيصال منافعه إليه من غير سؤال لما طلب منه شيئًا ...)، فسؤال العبد الله ربه ودعاؤه له مذموم عند هؤلاء الصوفية؛ لأنه بزعمهم صادر عن عدم ثقة بالله، مع أن أنبياء الله ورسله صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين قد سألوا ربهم وطلبوا منه أمورًا، والكتاب العزيز مليء بذلك[24].

3) ذمه للتمتع بالطيبات والرزق الحلال، وترك الزواج والتناسل مخالفة لسنة الله في الأرض الداعية إلى إعمار الكون[25].

4) التشنيع على من يأخذ بالأسباب باعتباره - فيما يرى - يتنافى مع الإخلاص في التوكل على الله، خلافًا لسنة سيد الخلق عليه الصلاة والسلام[26].

5) غلو من جاءوا بعد ابن عطاء في قيمة ما في كتاب الحكم، واعتبارهم أنه يساوي في مكانته القرآن الكريم، كما جاء في أقوال بعضهم: (أنه لو صحت الصلاة بغير القرآن لصحت بهذه الحكم العطائية)[27].

6) التقليل من قيمة الطاعة عند الله، ومن تقديره سبحانه ومكافئته عليها، مما يستدعي التشجيع على ارتكاب الذنوب.
كما جاء في أقواله:
(أنت إلى حلمه إذا أطعته، أحوج منك إلى حلمه إذا عصيته)[28] ، هذا الكلام تشجيع على ارتكاب الذنوب، فما فتح سبحانه باب الطاعة إلا ليكافئ عليها، جاء في القرآن العظيم: {إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ} [الأنبياء: 101][29].

7) – تشجيع الخمول وتعطيل المواهب والعزائم والدعوة إلى التماوت وترك التدبير.
من أقواله في هذا:
- (أرح نفسك من التدبير، فما قام به غيرك عنك: لا تقم به لنفسك)
- (سوابق الهمم لا تخرق أسوار الأقدار)[30].
فما أدرانا بهذه الأقدار؟! وقد علَّمنا الخليفة الراشد عمر بن الخطاب أن نفِرَّ من قضاء الله إلى قضاء الله، وقد حضنا الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله: (احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز)[31].
فتنة الأخذ من كتابات ابن عطاء الله في باب الرقائق وأعمال القلوب:
لا تخلو كتب ابن عطاء الله السكندري من حكم نافعة ووصايا جامعة، وترقيق للقلوب وتأصيل وعلاج لأمراض القلوب المختلفة ـ بوجه عام وكتاب الحكم بوجه خاص ـ لكن يفسد ذلك أمور[32]:
1) تداخل العبارات الباطلة والكلمات الموهمة مع العبارات الواضحة، مما يلبس على القارئ ويدخله في دوامات ومزالق تمس العقيدة وتخالف صحيح السنة.
2) إفساده النافع من هذه الكتابات مِن قِبَل مَن تولوا شرح هذه الأعمال من المتصوفة، بإغراقه في لجج خرافات الصوفية وأحوالهم غير الشرعية.
3) الغموض الذي يلف عباراته وألفاظه وجمله، والذي ينطلق من اعتقاد بأن التصوف هو دين الخاصة من الناس وليس دين العوام، وبالتالي يلزم تعلم هذه الفئة من الخواص لرموز وإشارات وأدوات الصوفية على يد شيوخ الصوفية لشرح هذه الأعمال وتحديد المقصود منها، وهي مضامين باطنية لا يقف على مفهومها ـ في رأيهم ـ إلا من كابد وعايش وترقى في المقامات الروحية الصوفية المزعومة، ومن أمثال هذه العبارات قوله: (الفكرة فكرتان: فكرة تصديق وإيمان وفكرة شهود وعيان، فالأولى لأرباب الاعتبار، والثانية لأرباب الشهود والاستبصار)[33].


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] د.محمد محمود القاضي، تحفة التصوف من كتاب ابن عطاء الله السكندري، الكشاف للتنوير اللغوي والثقافي، القاهرة، ط2006م، ص(18).
[2] المرجع السابق.
[3] د.عبد الحليم محمود، لطائف المنن في مناقب الشيخ أبي العباس وشيخه أبي الحسن، دار المعارف، القاهرة، ط 1983م، ص(37).
* انظر رد شيخ الإسلام ابن تميمة على غلاة الصوفية في عقيدة وحدة الوجود، د. مصطفى حلمي، ابن تيمية والتصوف، دار الدعوة، الإسكندرية، ط1986م.
[4] أحمد بن عبد العزيز القصير، عقيدة الصوفية وحدة الوجود الخفية، مكتبة الرشد، السعودية، 1424هـ، ص(194).
[5] المرجع السابق.
[6] المرجع السابق.
[7] المرجع السابق.
[8] د.عبد الحليم محمود، قضية التصوف (الطريقة الشاذلية)، دار المعارف، القاهرة، ط1976م، ص(122).
[9] إحسان إلهي ظهير، دراسات في التصوف، دار الإمام المجدد، ط2005م، 1426هـ، ص(245).
[10] المرجع السابق.
[11] المرجع السابق.
[12] المرجع السابق.
[13] المرجع السابق.
[14] المرجع السابق.
[15] عامر النجار، الطرق الصوفية في مصر نشأتها ونظمها وروادها، دار المعارف، القاهرة، ط1985م، ص(363).
[16] المرجع السابق.
[17] المرجع السابق.
[18] د.على بن بخيت الزهراني، تعليق على قيمة كتاب الحكم العطائية في ضوء الشرع.
موقع أهل الحديث http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=219743
وموقع الملتقى السلفي http://www.alsalfy.com/vb/showthread.php?t=226.
[19] د.على بن بخيت الزهراني، تعليق على قيمة كتاب الحكم العطائية في ضوء الشرع.
موقع أهل الحديث http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=219743
وموقع الملتقى السلفي http://www.alsalfy.com/vb/showthread.php?t=226.
[20] محمود مهدي الاستانبولي، كتب ليست من الإسلام، المكتب الإسلامي، بيروت، ط1995م، ص(123).
[21] المرجع السابق.
[22] المرجع السابق.
[23] المرجع السابق.
[24] د.على بن بخيت الزهراني، تعليق على قيمة كتاب الحكم العطائية في ضوء الشرع.
موقع أهل الحديث http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=219743
وموقع الملتقى السلفي http://www.alsalfy.com/vb/showthread.php?t=226.
[25] المرجع السابق.
[26] المرجع السابق.
[27] المرجع السابق.
[28] محمود مهدي الاستانبولي، كتب ليست من الإسلام، المكتب الإسلامي، بيروت، ط1995م، ص(123).
[29] المرجع السابق.
[30] المرجع السابق.
[31] رواه مسلم، كتاب القدر، باب في الأمر بالقوة وترك العجز والاستعانة بالله وتفويض المقادير لله، (6945).
[32] د.على بن بخيت الزهراني، تعليق على قيمة كتاب الحكم العطائية في ضوء الشرع.
موقع أهل الحديث http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=219743
وموقع الملتقى السلفي http://www.alsalfy.com/vb/showthread.php?t=226.
[33] الحكمة رقم 264 من حكم ابن عطاء السكندري.

وسائلٍ عَنْ أبي بكرٍ فقلتُ لهُ:
بعدَ النَّبيينَ لا تعدلْ به أحَدا
في جنَّةِ الخُلدِ صِديقٌ مَعَ ابنتهِ
واللهِ قَدْ خَلَدتْ واللهِ قَدْ خَلَدَا

قديم 07-01-2013, 11:29 PM
المشاركة 3
عبده فايز الزبيدي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
الدراسة الثانية:
موقف بن عطاء الله السكندري من عقيدة وحدة الوجود
المصدر:http://www.alsoufia.com/main/1614-1-...%88%D8%AF.html
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد الأمين، وعلى آله وصحابته أجمعين.
أما بعد:
فهذه بعض عبارات عطاء الله السكندري في وحدة الوجود، نبينها للقارئ ليكون على بصيرة مما يدعو إليه هذا الرجل وأمثاله.
يقول ابن عطاء الله السكندري في حِكَمِه:
لا ترحل من كون إلى كون، فتكون كحمار الرحى يسير، والذي ارتحل إليه هو الذي ارتحل عنه، ولكن ارحل من الأكوان إلى المكون، ((وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ المُنْتَهَى)) [النجم:42]([1]).
- قوله: (لا ترحل من كون إلى كون...ولكن ارحل من الأكوان إلى المكون). هو تماماً مثل قول عبد القادر الجيلاني: ..إلى متى الدنيا؟ إلى متى الآخرة؟ إلى متى سوى المولى؟.. إذ المعنى واحد تماماً، وكذلك هو مثل قوله: اخلع نعليك: دنياك وآخرتك..، لكن يزيد عليه إن الذي يبتغي الآخرة يكون كحمار الرحى (كانت الطواحين تدار بالحمير)، إذ إن حمار الرحى يدور، يدور ثم يرجع إلى مكانه، وهكذا طالب الآخرة عند السكندري؟!
ويقول: لا تترك الذكر لعدم حضور قلبك مع الله فيه، لأن غفلتك عن وجود ذكره أشد من غفلتك في وجود ذكره، فعسى أن يرفعك من ذكر مع وجود غفلة إلى ذكر مع وجود يقظة، ومن ذكر مع وجود يقظة إلى ذكر مع وجود حضور، ومن ذكر مع وجود حضور إلى ذكر مع غيبة عن ما سوى المذكور، وما ذلك على الله بعزيز([2]).
- في هذا النص يتضح لنا معنى المصطلح (حضور) ومعنى العبارة (غيبة عن ما سوى المذكور..)، وسنشاهدهما كثيراً في كتبهم.
ويقول: إنما أورد عليك الوارد لتكون به عليه وارداً([3]).
أورد عليك الوارد ليتسلمك من يد الأغيار وليحررك من رق الآثار([4]).
أورد عليك الوارد ليخرجك من سجن وجودك إلى فضاء شهودك([5]).
- في هذه النصوص، يتبين لنا معنى (الوارد). وبدهياً، أننا الآن نعرف بدقة معنى العبارات (لتكون به عليه وارداً، ليتسلمك من يد الأغيار وليحررك من رق الآثار، ليخرجك من سجن وجودك إلى فضاء شهودك). فهي كلها تعني (شهود وحدة الوجود)، ويعني بالآثار شهود الخلق.
ويقول: فمن رأى الكون ولم يشهده فيه أو عنده أو قبله أو بعده، فقد أعوزه وجود الأنوار، وحُجبت عنه شموس المعارف بسحب الآثار([6]). مما يدلك على وجود قهره سبحانه أن حجبك عنه بما ليس بموجود معه([7]).
كيف يتصور أن يحجبه شيء وهو الذي ظهر بكل شيء([8])!
كيف يتصور أن يحجبه شيء وهو الذي ظهر في كل شيء([9])! كيف يتصور أن يحجبه شيء وهو الظاهر لكل شيء([10]). كيف يتصور أن يحجبه شيء وهو أظهر من كل شيء([11])! كيف يتصور أن يحجبه شيء وهو الذي ليس معه شيء([12])!
- لنركيف يقدم ابن عجيبة (الذي يشرح حكم ابن عطاء الله) هذه التعجبات! إنه يقول: ...ثم استدل (أي: ابن عطاء الله) على بطلان وجود الحجاب في حقه تعالى بعشرة أمور، متعجباً من كل واحد، لظهوره مع خفائه، أي لشدة ظهوره عند العارفين، وشدة خفائه عند الغافلين الجاهلين، فأشار إلى الأول بقوله: كيف نتصور أن يحجبه شيء...، ومعنى هذا الكلام، أن الحجاب الذي يحجب الحق تعالى عن الغافلين الجاهلين هو الوهم فقط، لأن الحق ظاهر شديد الظهور، لكنه اختفى عن الغافلين بسبب غفلتهم وجهلهم. فهم يظنون أن المخلوقات هي غير الله. وهذا باطل عند العارفين.
- ويعلق ابن عجبية على قول ابن عطاء الله: وهو الذي أظهركل شيء، شارحاً فيقول: والظاهر هو الباطن، ما بطن في عالم الغيب هو الذي ظهر في عالم الشهادة، فحياض الجبروت متدفقة بأنوار الملكوت:
انظر جمالي شاهداً في كل إنسان
الماء يجري نافداً في أس الأغصان
تجده ماءً واحداً والزهر ألوان
يا عجباً كيف يعرف بالمعارف من به عرفت المعارف([13])...
- ويشرح قوله:..وهو الذي ظهر بكل شيء، فيقول: بباء الجر، أي تجلى بكل شيء، فلا وجود لشيء مع وجوده، فكيف يحجبه شيء، والفرض أن لا شيء. قال صاحب العينية رضي الله عنه:
تجليت في الأشياء حين خلقتها فها هي ميطت عنك فيها البراقع([14])
- ويشرح قوله: ...وهو الظاهر قبل وجود كل شيء، فيقول: فكل ما ظهر فمنه وإليه، فكان في أوله ظاهراً بنفسه، ثم تجلى لنفسه بنفسه، فهو الغني بذاته عن أن يظهر بغيره، أو يحتاج إلى من يعرفه غيره، فالكون كله مجموع، والغير عندنا ممنوع([15]).
- ويشرح قوله: ...وهو الواحد الذي ليس معه شيء، فيقول: لتحقق وحدانيته أزلاً وأبداً، كان الله ولا شيء معه، وهو الآن على ما عليه كان، أإله مع الله، تعالى الله عما يشركون، أفي الله شك، فكل ما ظهر للعيان فإنما هو مظاهر الرحمن، قال صاحب العينية:
تجلى حبيبي في مرائي جماله ففي كل مرأى للحبيب طلائع
فلما تجلى حسنه متنوعاً تسمى بأسماء فهن مطالع
فالحق تعالى واحد في ذاته وفي صفاته وفي أفعاله، فلا شيء قبله ولا شيء بعده ولا شيء معه([16]).
- هذا النص الأخير يبين مرادهم من قولهم: توحيد الذات وتوحيد الصفات وتوحيد الأفعال التي تعني كلها وحدة الوجود.
ويقول ابن عطاء الله:
ما حجبك عن الله وجود موجود معه، إذ لا شيء معه، ولكن حجبك عنه توهم موجود معه([17]).
من عرف الحق شهده في كل شيء، ومن فني به غاب عن كل شيء، ومن أحبه لم يؤثر عليه شيئاً([18]). إنما حجب الحق عنك شدة قربه منك، إنما احتجب بشدة ظهوره، وخفي عن الأبصار لعظيم نوره([19]).
قبل الانتقال من حكم (بل نقم) ابن عطاء إلى غيرها يجب أن نعرف قيمتها عند القوم.
يقول ابن عجيبة: سمع شيخ شيخنا مولاي العربي (أي: الدرقاوي) رضي الله عنه يقول: سمعت الفقيه البناني يقول: كادت حكم ابن عطاء الله أن تكون وحياً، ولو كانت الصلاة تجوز بغير القرآن لجازت بكلام الحكم أو كما قال([20]).
كما أنها تدرس في مساجد المسلمين، يدرسها علماء لهم شهرة، ويحمل بعضهم ألقاباً علمية.
ويقول ابن عطاء الله أيضاً:
..((قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَّا تَدْعُوا فَلَهُ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى)) [الإسراء:110]، وإن تعددت الأسماء، فالمقصود منها واحد، وهو الله، وكل الأسماء هي صفته ونعته، وهو أولها وأصلها، والأسماء كلها سرت في العالم سريان الأرواح في الأجساد، وحفت منه محل الأمر من الخلق، ولزمته لزوم الأعراض للجواهر، فإنه ما من موجود دق أو جل، علا أو سفل، كثف أو لطف، كثر أو قل، إلا وأسماء الله جل وعز ذكره محيطة به عيناً ومعنى، ومقتضى اسم الألوهية جامع لجميعها([21])...
* الملحوظة:
قوله: (فإنه ما من موجود دق أو جل، علا أو سفل...) إلى آخر النص، هو مثل قولهم: وما الكلب والخنزير إلا إلهنا...وبقية العبارات.

والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحابته أجمعين.

اقتبس هذا المقال من كتاب: (الكشف عن حقيقة الصوفية لأول مرة في التاريخ) للمؤلف: (محمود عبد الرؤوف القاسم).


وسائلٍ عَنْ أبي بكرٍ فقلتُ لهُ:
بعدَ النَّبيينَ لا تعدلْ به أحَدا
في جنَّةِ الخُلدِ صِديقٌ مَعَ ابنتهِ
واللهِ قَدْ خَلَدتْ واللهِ قَدْ خَلَدَا

قديم 07-08-2013, 03:50 AM
المشاركة 4
عبده فايز الزبيدي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
قصة مناظرة ابن عطاء الله السكندري لشيخ الإسلام ابن تيمية

مما يتناقله بعض مَن يُخاصِم السلفية، خاصة الصوفية الطرُقية، ويتكاثر الحديث بينهم، رواية مناظرة حصلت بين ابن عطاء الله السكَندري وابن تيمية، ويَحكونها من قبيل التفاخر أن ابن عطاء الله ألزم ابن تيمية الحُجَّة، وأظهر عليه المحجَّة، واعترف ابن تيمية بتفوق ابن عطاء الله السكندري عليه وولايته.

ومَن يَخبُر أهل الفِرَق يَعلم أن لذَّة الانتماء لجماعة أو مذهب تكسب الفرد نشوةَ هُويَّة الجماعة، ويَستشعِر دفءَ القوة مِن داخلها، فيفرح ويطرَب لانتصارات أفرادها، كأنما هو الفاعل، مما يَخلق لدَيه ميلاً فِطريًّا لتقبُّل ما يُروى عن فضائلها، وأحيانًا بلا تمحيص؛ لأن فيه تنغيصًا للذَّة السماع بها، ففيها رفْعٌ للمعنويات، وشحذٌ لهمَّة الانتماء، كذا تجده يَستنكِر ما يكون قدحًا فيها أو في بعض أفرادها مِن الأعلام قبل أن ينظر في أصل الكلام.

كل ذلك حاصل مع أيِّ فرد في أيِّ مِلَّة أو نِحلة، غير أن المسائل التي يُبنى عليها تصورات أو تتكاثر بين قوم ما، إن أسهبوا فيها بلا سنَد ولا توثيق إنما يكشف ذلك عوارهم، ويفضح كُبراءهم، فيكونون هزؤًا بين الناس.

شخصية القصة:
هو ابن عطاء الله الإسكندري، أحمد بن محمد بن عبدالكريم، أبو الفضل تاج الدِّين، ابن عطاء الله الإسكندري (ت 709هـ/ 1309م): متصوِّف، شاذلي، من العلماء، كان مِن أشدِّ خصوم شيخ الإسلام ابن تيمية، له تصانيف منها:
• "الحِكم العطائية"، في التصوُّف.
• "تاج العروس"، في الوصايا والعِظات.
• "لطائف المِنَن في مناقب المرسي وأبي الحسن".
• ويُنسَب إليه كتاب: "مفتاح الفلاح"، وليس مِن تأليفه[1].

صحب الشيخ أبا العباس المرسي صاحب الشاذلية، وصنَّف مناقبه ومناقب شيخه، وكان المتكلِّم على لسان الصوفية في زمانه.

وهو ممَّن قام على الشيخ تقيِّ الدِّين ابن تيمية فبالغ في ذلك، وكان يتكلم على الناس، وله في ذلك تصانيف[2].

قال الذهبي: كانت له جلالة عجيبة، ووقْع في النفوس، ومُشارَكة في الفضائل، ورأيتُ الشيخ تاج الدين الفارقي لما رجع مِن مصر مُعظمًا لوعظه وإشارته، وكان يتكلم بالجامع الأزهر، يمزج كلام القوم بآثار عن السلف وفنون من العلم، فكَثُر أتباعه، وكان عليه سيما الخير، ومن جملة من أخذ عنه الشيخ تقيُّ الدِّين السُّبكي.

وقال الكمال جعفر: سمع مِن الأَبرقُوهي، وقرأ النحو على المُحيي، وشارك في الفقه والأدب، وصحب المرسي فتكلَّم على الناس، فسارعت إليه العامة وكثير مِن المُتفقِّهة، وكَثُر أتباعه، ومات في نصف جمادى الآخرة سنة 709هـ بالمدرسة المنصورية كَهلاً، وكانت جنازته حافلة - رحمه الله تعالى[3].

وكان أعجوبة زمانه في كلام التصوُّف، وله نظْم حسَن في الوعظ[4].

وله ترجمة في:
• "حسن المحاضرة"؛ للسيوطي، (1: 524).
• "خطط مبارك" (7: 69).
• "دائرة المعارف الإسلامية"، (1: 240).
• "الدرر الكامنة"؛ لابن حجر، (1: 291).
• "الديباج المذهب"؛ لابن فرحون، (70).
• "شذرات الذهب في أخبار مَن ذهب"؛ لابن العماد، (6: 18).
• "طبقات الشافعية"؛ للسبكي (5: 176).
• "طبقات المفسرين للداوودي"؛ (1: 77).
• "العِبر في خبر من غبر"؛ للذهبي، (271).
• "الرحلة العياشية"، (1: 357).
• "كشف الظنون"، (675).
• "معجم المطبوعات"، (184).
• "المنهل الصافي والمستوفى بعد الوافي"؛ لابن تغري بردي، (1: 38).
• "النجوم الزاهرة"؛ لابن تغري بردي، (8: 280).

أما من ترجموا لابن تيمية فخلقٌ كثير، منهم:
• ابن عبدالهادي في "العقود الدرية في مناقب ابن تيمية".
• ابن كثير في تاريخه.
• أبو المظفر ابن الوردي في تاريخه.
• الذهبي في: "تذكرة الحفاظ"، "المعجم المختص بالمحدثين"، "سير أعلام النبلاء"، "ذيل تاريخ الإسلام".. إلخ.
• الحافظ أبو حفص البزار في: "الأعلام العلية في مناقب ابن تيمية".
• المقريزي.
• ابن رجب في "الذيل على طبقات الحنابلة".
• مرعي الكرمي في "الكواكب الدرية في مناقب ابن تيمية".
• الشهادة الزكية في ثناء الأئمة على ابن تيمية.
• السخاوي في: "الإعلان بالتوبيخ لمن ذم التاريخ".

وغالب مَن ترجمَ لابن عطاء الله السكندري ترجم لابن تيمية، وذكَر الخصومة بينهما.

رواية القصة:
وردَت في شريط للدكتور علي جمعة - مفتي مصر (سابقًا) - يقول فيه وهو يتكلم عن ابن عطاء الله السكَندري: "وكان ابن تيمية - رحمه الله - يُجلُّه ويُقدِّره، ويناديه: "يا وليَّ الله".

شهد على ابن تيمية في عِدة مسائل فكان سببًا في دخوله السجن، فلما خرَج قال: "لا ألومك؛ لأنك ما قلت إلا حق".

يعني: "مالناش دعوة، يسجنوني ولا ما يسجنوني، لكن أنت قلت الحق، وأعلم أنك ما قلت ذلك إلا لله".

موجودة على موقع "الطريقة الشاذلية الدرقاوية" ما يلي:
"نقَل ابن كثير وابن الأثير من أصحاب الطبقات والسيَر الصحيحة هذه المناظرة التاريخية العظيمة بحق".
http://www.shazellia.com/tasawouf/ch...Elskanderi.htm

مع العلم أن ابن الأثير قد توفي قبل أن يولد ابن تيمية بأكثرَ من ثلاثين سنة، وبين وفاته وبين زمن المناظرة المفترضة قريبٌ من ثمانين سنة!!

وأما ابن كثير فلم يَذكُر هذه المناظَرة قطُّ.

• مجلة "جريدة المسلم" الصادرة عن العشيرة المحمدية بالقاهرة، والتي بدَورها نقلتْها عن أحد "المُحدِّثين" - هكذا قالوا - وهو "عبدالرحمن الشرقاوي"!!

• وكان قد نشرها الطبيب الجميلي في كتابه: "مناظرات ابن تيمية مع فقهاء عصره"، وذكر أنه نقَلها عن تلك المجلَّة، وأنها نقلتها عن أحد "المحدثين"، وهو "عبدالرحمن الشرقاوي".

قصة المناظرة مِن كتاب عبدالرحمن الشرقاوي:
• الكتاب بعنوان: "ابن تيمية الفقيه المعذب"؛ عبدالرحمن الشرقاوي، دار الشروق: القاهرة، ط (1)، 1990، الفصل السابع، ص (201 - 210).

النص:
"بلغ ابن تيمية القاهرة بعد صلاة العصر، وحوله الأمراء الذين اصطحَبوه مِن الإسكندرية، كأنهم حرس شرف..، ثم خرج إلى الأزهر في انتظار أذان المغرب، وقال ابن عطاء الله: "ألفْتُ أن أُصلِّي المغرب في جامع مولانا الحسين، وأصلي العشاء هنا، فانظر تقدير الله، قدَّر لي أن أكون أول مَن يَلقاك، أعاتِبٌ أنت عليَّ يا فقيه؟".

فقال ابن تيمية: "أَعرِف أنك ما تعمَّدت إيذائي، ولكنه الخلاف في الرأي، على أن كل مَن آذاني فهو منذ اليوم في حلٍّ منِّي"، (لاحِظ أن ما حكاه مفتي الديار المصرية لم يَرِد).

قال ابن عطاء الله: "ماذا تَعرِف عني يا شيخ ابن تيمية؟".
قال: "أعرف عنك الورع، وغزارة العلم، وحِدَّة الذِّهن، وصِدقَ القول، وأشهد أني ما رأيتُ مثلكَ في مصر ولا في الشام حبًّا لله، أو فناءً فيه، أو انصياعًا لأوامره ونواهيه، ولكنه الخلاف في الرأي، فماذا تعرف عني أنت، وتَحكم عليَّ بالضلال إذ أُنكِر استغاثة غير الله؟".

قال ابن عطاء الله: "إني أعجب لك يا فقيه، فأنت نَصير السنَّة، تَستوعِب الآثار حِفظًا وفهمًا، كامل الفِكر، سريع الإدراك.
ولكنك تُطلِق عبارات أحجَم عنها الأولون والآخِرون، وتَخرُج فيها عن مذهب إمامك أحمد، ومذاهب سائر الأئمة".
فقال ابن تيمية: "مَن تعصَّب لمذهب بعَينه، فقد أشبه أهل الأهواء..."، (يتابع الشرح).

قال ابن عطاء الله: "أما آن لك يا فقيه أن تَعرِف أن الاستغاثة هي الوسيلة والشفاعة، وأن رسول الله يُستغاث ويتوسَّل به، ويُستشفع به؟".
قال ابن تيمية: " أنا في هذا أتبَع السنَّة الشريفة..."، (يُتابِع الشرح).
أما الاستغاثة ففيها شبهة الشرك بالله - تعالى - ولهذا منعها سدًّا للذرائع، قال - تعالى -: ﴿ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا ﴾ [الجن: 18] صدق الله العظيم..."، (لاحظ العبارة).

قال ابن عطاء: " أصلحكَ الله يا فقيه، أما (تفصيل).. وأما فهمك أن الاستغاثة بغير الله فهي شرك، فمَن مِن المسلمين الذين يؤمنون بالله ورسوله يَحسب أن غيره - تعالى - يَقضي ويُقدِّر ويُثيب ويُعاقِب؟
إنما هي ألفاظ لا تؤخذ على ظاهرها، ولا خوف مِن الشرك لنسدَّ إليه الذريعة، فكل مَن استغاث الرسول فهو إنما يَستشفِع به عند الله مثلما تقول أنت: أشبعَني الطعام، فهل الطعام هو الذي أشبعك أم أن الله - تعالى - هو الذي أشبعك؟

أما تحريمك الاستغاثة لأنها ذريعة إلى الشرك، فإنك كمَن أفتى بتحريم العِنَب لأنه ذريعة إلى الخمر، ويخصي الذكور غير المتزوِّجين سدًّا للذريعة إلى الزنا.

ثم عاتبه على كلامه في ابن عربي "إنَّ الأخذ بظاهر المعنى يوقِع في الغلَط أحيانًا يا فقيه، ومِن هذا رأيُك في ابن عربي؛ فقد فهمتَ ما كتبَه على ظاهره، والصوفية أصحاب إشارات وشطحات روحية، ولكلماتهم أسرار، فكان يتعيَّن على مَن هو في مثل حذقك، وحِدَّة ذهنك وعلمك باللغة أن يبحث عن المعاني المكنونة الخفية وراء الكلمات؛ فالمعنى الصوفيُّ روح، والكلمة جسد، ثم إنك اعتمدت في حُكمِك على ابن عربي على نصوص قد دسَّها عليه خصومه" (يُتابِع الكلام).

ثم سأله عن الإمام أحمد، فأجاب، ثم عن الإمام عليٍّ، فأجاب، فقال ابن عطاء ما معناه: هل يُحاسَبون بما فعَل المُتعصِّبون لهم والغالون فيهم؟

فاقتنع ابن تيمية أن ابن عربي بريءٌ مما يفعله أتباعه، فسأله عن لبس الخِرَق، وما يُروى من الكلام فيها، فتبرَّأ ابن عطاء منها، وقال: "نحن نُعلِّم الصوفية أن القذارة ليست مِن الدِّين، وأن النظافة من الإيمان... (تأمل الأسلوب).

لقد ظهر بين الصوفية منذ قرنَين من الزمان أشياء كالتي تُنكِرها الآن، واستخفُّوا بأداء العبادات، واستهانوا بالصوم والصلاة، وركضوا في ميدان الغفلات، وادَّعوا أنَّهم تحرَّروا من رقِّ الأغلال، ثم لم يرضوا بما تعاطوه مِن سوء هذه الأفعال، حتى أشاروا إلى أعلى الحقائق والأحوال.."، (يُتابِع الكلام).

قال ابن تيمية: "هذا الكلام عليك لا لك، فالقُشيريُّ لما رأى أتباعه يَضلون الطريق قام عليهم ليُصلحهم، فماذا فعل شيوخ الصوفية في زماننا؟
إنما أريد مِن الصوفية أن يَسيروا على سنَّة هذا السلف العظيم مِن زُهاد الصحابة والتابعين وتابعيهم بإحسان.."، (يُتابِع الكلام).

(التصرف بالحذف غير مخلٍّ بمعنى القصة، فقد كان لبعض ما هو مفهوم مِن سياق الكلام، فقط للاختصار، وليس بالشيء الكثير، والقصة لا تتعدى بعض الصفحات، إلا أن كتابتها بأسلوب الفقرات المتباعدة يزيد مِن الأَسطُر).

من هو الشرقاوي:
هنا لا أعلم هل القوم بهم هوس، أم أن الغيظ يجعل مُفتي الديار المصرية في حكم العامي؟ والله قد سمعته بأذني، وشاهدته حينما كان بجامعتنا "جامعة الأمير عبدالقادر للعلوم الإسلامية" بقسنطينة الجزائر يَحكي كلامًا بطريق السخرية عن الشيخ ابن باز، ويتهكَّم مِن اللجنة الدائمة، بل وصرَّح بالعبارة أن الشيخ ابن باز ليس بعالِم، وعلى ذلك شهودٌ مِن الطلبة السلفيين والإخوان المسلمين وغيرهم.

فوصل به الأمر أن يَحكي كلامًا كنتُ أسمعه من بعض السفهاء - ممَّن لا علم له حتى يُناقَش - مِن أتباع الطرقية القبوريَّة، أو بعض المثقَّفين المُتفكِّهين بفتات العلوم، فوالله الحرَج يُسيل العرَق مِن ذي مروءة، ولكن لا علينا.

فالغرض مِن مناقشة القصة ليس المفتي ولا مَن سلك شعابه، بل الغرض أن تُفضَح هذه، لئلا يأتي زمان علينا فتَكثُر روايتها استنقاصًا لشيخ الإسلام أولاً، وغمزًا في أتباعه ثانيًا، وتهكُّمًا على السلفية ثالثًا، ثم لا يكون مَن يردُّ، حتى تدور الليالي، وتتداول الأيام، ويصير بعض طلبة العلم يَعتقِدون صحَّة القصة، فيكونون بين متوقِّف ومؤول يبالغ.

ولا يَستنكر أحدٌ ذا؛ فقد حدث معي مرارًا أن بعض الإخوة من طلبة العلم وحملة الشهادات العُليا يَظنُّون، وقد ينسبون أقوالاً لابن تيمية أو ابن باز أو الألباني أو الإمام محمد بن عبدالوهاب أو حتى غيره، لكثرة ما أوردت عليهم مِن الأساتذة أو طلبة آخَرين حتى استأنسوا لصحَّتها لكثرة تردادها على أسماعهم.

وكان أن سألني بعضهم عن أدلة ابن تيمية في قوله بقِدَم العالم، فاستغربتُ القول منه، وهو من حملة الشهادة العليا! غير أنه ما قرأ شيئًا، إنما تلقاها مِن بعض مَن يُحسِن بهم الظنَّ، وهذا الأخ مِن طلبة العلم، وهو يُدَرِّس في الثانوية، فتصور معي أنه نقلها للتلاميذ، فمَن يَنزعِها منهم بعد؟!

وإن تعجب فعجب قول القوم: إن الشرقاوي محدِّث، والله إنها لفاقرة.

قال الأستاذ محمد خير رمضان يوسف في كتابه: "تتمة الأعلام للزركلي" (1: 277 - 279) مُعرِّفًا بالشرقاوي: "شاعر، روائي، كاتب مسرحي، مفكِّر.
ولد في قرية الدلاتون في دلتا مصر عام 1339هـ، وأتمَّ دراسته للحقوق في جامعة فؤاد الأول، وتولى بعد قيام ثورة يوليو عددًا مِن المناصب والمراكز القيادية في مجالات الثقافة والنشر".

فهل هو صاحب توجه "إسلامي" أصلاً؟
يقول رجاء النقاش في حديث عنه: "الشرقاوي كان صاحب فكر يساريٍّ، يدعو إلى التغيير، ويؤمن به؛ فقد اصطدم أيضًا بمشكلة أخرى خطيرة، هي مشكلة التوفيق بين الفكر اليساري والتراث العربي والإسلامي، وقد جاءته هذه الفكرة منذ وقت مبكِّر في أواخر الخمسينيات.

كان يدرك بهذه المواهب كلها أن الفكر اليساري إذا انعزلَ عن التراث فسوف يَبقى فكرًا جافًّا غريبًا ضعيف التأثير.

ولم يكن الشرقاوي يُطيق لفنِّه وفِكره أن يكون قطعة باردة معروضة في متحف يتفرَّج عليها الزائرون والسائحون.

وما كان شيء من ذلك يمكن أن يتحقق إلا بالدخول القوي في عالم التراث، وأهمُّ ما في هذا التراث هو التاريخ الإسلامي والفِكر الإسلامي، وهنا دخل بأفكاره الجديدة إلى التاريخ الإسلامي والفِكر الإسلامي.

ولكن محاولته "التوفيقية" بين فكره اليساري والتراث الإسلامي جرَّت عليه الكثير من المعارك العنيفة؛ لقد ثار عليه الكثيرون، ولم يتقبَّلوا منهجه في دراسة الإسلام وتراثه، وكان من مظاهر هذه المعارك أن كتابه "محمد رسول الحرية" ما زال مُصادَرًا في عدد كبير من بلدان العالمَين العربي والإسلامي، وكان مِن مظاهر هذه المعركة العنيفة ما دبَّ بينه وبين الشيخ عبدالحليم محمود في السبعينيات من خلاف بالغ العنف والحِدَّة، وكان من ذلك أيضًا ما دبَّ بينه وبين الشيخ محمد الغزالي مِن خلاف صاخب عندما كان الشرقاوي يَكتب دراسته الواسعة عن "عليّ إمام المتقين"[5].

وذكره الأستاذ أنور الجندي في كتابه "جيل العمالقة والقمم الشوامخ في ضوء الإسلام"، (ص: 223 - 252): "ثم نجد تلك الصفحات التي وُسمَت باسم "الإمام علي" في جريدة الأهرام، والتي كتبها عبدالرحمن الشرقاوي، وكيف جدَّد خصومته القديمة للإسلام تحت أسلوب براق مِن الانتماء للإسلام، وغفل عن أن تاريخه لا يزال معروفًا ومذكورًا، وأن كتابه (محمد رسول الحرية) وتقرير الإمام "أبي زهرة" ما يزال بين أيدي الناس.

فإذا تجاوزه قليلاً فرواية: (الحسين شهيدًا) قد دُمغت أيضًا مِن جماعة مِن العلماء، مِن بينهم الدكتور الطيب النجار بالظلم الشديد للمجتمع الإسلامي، على الذي افترى به طه حسين، على العصر الثاني للهجرة في كتابه: (حديث الأربعاء) حين وصفه بأنه عصر شكٍّ ومُجون.

وهو ما ذهب إليه عبدالرحمن الشرقاوي في رواية: (الحسين شهيدًا)، الذي كشف عن أن كاتب الرواية كان حريصًا على تصوير المجتمع الإسلامي بعد وفاة الرسول - صلى الله عليه وسلم - بنصف قرن فقط في صورة بشعة، وكأن هذا المجتمع قد تداعى وتهاوى، وصار مجتمع عربدة وفجور، ومجتمع شِقاق ونفاق، ومجتمع جبْن وضعف، ومجتمع خيانة ونكث للعهود!

وقد وسم علماء الأزهر المسرحية بأنها تُشهِّر بجماعة من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهم قدوة لنا، وقد تردَّدت في المسرحية عبارات الاتهام بالكفر والخروج عن الإسلام، وعبارات اللعن والتعريض والتشنيع بالحرمان، كما تناثرت في المسرحية عبارات مأخوذة من جوٍّ غير إسلامي".

يقول سليمان الخراشي:
"فإذا أضفنا هذا التقرير إلى تقرير الشيخ "أبي زهرة" حول كتاب (محمد رسول الحرية) أمكن أن تتكون لنا صورة ذات هدف واضح من كتابات عبدالرحمن الشرقاوي، الذي قدم صلاح الدين الأيوبي في قصة "النسر الأحمر" في قالب غير كريم، ومُجافٍ لحقائق التاريخ.

وهكذا تترابط أعمال عبدالرحمن الشرقاوي على طريق واحد، وهدف واحد، وهو يتابع مخطَّط طه حسين حول بشرية الرسول - صلى الله عليه وسلم - وكان كتابه: (محمد رسول الحرية) حلقة رابعة لكتاب: "على هامش السيرة"، كذلك فقد كان كتابه عن: (عليّ) هو الحلقة الثالثة من كتاب: "الفتنة الكبرى".

إنها نفس الأفكار والطريقة والغاية التي رسَمها الاستشراق لإعادة كتابة التاريخ الإسلامي بمفاهيمه الباطنية والوثنية، اعتمادًا على مصدر غير مصادر أهل السنة والجماعة، والتوسُّع في الأساطير والخيال القصصي، والاعتماد على كتاب "الأغاني"، ومتابعة خصوم الشيخَين أبي بكر وعمر، كل هذا لا يقدِّم عملاً تاريخيًّا أو أدبيًّا له قيمة ذاتية.

وكتاب "محمد رسول الحرية"، في المناقشة التي قام بها الشيخ أبو زهرة، ركزت على السموم الناقعة في الكتاب، قال: "لم يسلم الكاتب مِن الخطأ، أو بالأحرى كان له اتجاه غير إسلامي من البداية؛ فهو ما درس محمدًا - صلى الله عليه وسلم - على أنه رسول يوحى إليه، بل على أنه رجل عظيم له آراء اجتماعية فسَّرها الكاتب على هوى ما يريد، مدعيًا أنه قصاص أديب يَصوغ التاريخ في قالَبٍ قصصي فنِّيٍّ.

وفي كتابه له مزاعم، هي:
• أن النبي لم يلقَ جبريل، بل كان حلمًا في المنام.

• يذكر الهمهمة ثم يَقرنها بآية على أنها مِن همهمتِه، ثم يتلو آية أخرى غيرها دون أن ينسبها إلى الله تعالى، ولا لأحد؛ فهي بمنطقه من همهمة النبي أيضًا.

• ادعاء خروج النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى اليمن.

• ادعاء أن محمدًا - صلى الله عليه وسلم - كان رحَّالة مَعنيًّا بما عند الرومان والفُرس.

• يذكر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - تعلم الكتابة مِن ملاحظته الحروف.

• هناك نزعة نصرانية نجدها في مواضيع كثيرة، نذكر منها أن النبي - صلى الله عليه وسلم - يُنادَى مِن السماء: "يا ولدي".

قال الخراشي:
هذا التقرير الذي كتبه الشيخ محمد أبو زهرة عام 1962، وقد حصل عليه منه قبل وفاته الأستاذ محمد نعيم الصحفي الإسلامي، وقد احتفظ به حتى أتيحَت له فرصة نشره عام 1975م.

ولقد صدق الشيخ محمد الغزالي حين وصف الشرقاوي بأنه يَجمع القمامات مِن كتُب التاريخ.

وقال الأستاذ إسماعيل الكيلاني في كتابه "لماذا يزيِّفون التاريخ؟"، (ص: 117 - 119):
"والشرقاوي هذا؛ كاتب تدثَّر بدثار التقدُّمية الماركسية، فلما وجد أن بضاعته مزجاة، وكتبه كاسدة لجأ إلى التاريخ الإسلامي ليقرأ حوادثه مِن خلال المادية التاريخية".

هذا هو المحدِّث الشرقاوي، راوي القصة!!

فهل الشرقاوي مجرَّد أديب يَحيك الخيال، وهو يتبرَّأ مِن التُّهم مِن بداية القصة؛ إذ هو يصرِّح أنها رواية، أي فيها الغثُّ والسمين، فيها نسج الخيال ونسيج العنكبوت، وبين دفات الورق محض خرافة مُمتعة، فالصدق لا يُشترط فيها، فما الذنب إن جاء جاهل وصدَّق كلَّ ما فيها، والفَطِن يعلم أن العلوم تؤخذ مِن مظانها.

قال أنور الجندي:
"أما أسلوب تفسير التراث فإن هناك محاولات لإخضاعه لغير مذهب من المذاهب المطروحة في أفق البحث العلمي، وكلها غريبة عنه، ومنها المنهج المادي، والمنهج الاقتصادي، والمنهج الماركسي، والصِّهيَوني، وكلها مذاهب تقف من تاريخ الإسلام ومِن تراثه موقف خصومة، وتهدف إلى تزييفه والإدالة منه (تفسيرات عبدالرحمن الشرقاوي وأحمد عباس صالح ومحمد عمارة)[6].

وذكر الأستاذ محمد عبدالله السمان أن مجلة (روز اليوسف):
"شنَّت حملةً شيوعيَّة محمومة، على فضيلة الدكتور عبدالحليم محمود، والهدف من هذه الحملة المحمومة التي تولَّى كبرها الكاتب الأستاذ عبدالرحمن الشرقاوي - رئيس مجلس إدارة روز اليوسف- هو القِصاص من شيخ الأزهر؛ لأن فضيلته ذكر في تحقيق صحفي أجرته مع فضيلته مجلة "آخر ساعة"، فقال كلمة الحق معبِّرًا عن رأي الإسلام في الشيوعية.

أقول:
عندما تصدَّى بعض العلماء والكتَّاب للرد على تطاولات الشرقاوي، جنَّ جُنون الأقلام العاملة في فلك "روز اليوسف"، والتي رأت أن واجب الولاء للسيد رئيس مجلس الإدارة يفرض عليها أن تتقيَّأ هي الأخرى أحقادها دفاعًا عنه.

والعجيب أن مهاترات أهل اليسار ليست إلا مغالطات جريئة، وادعاءات ليس فيها بصيص من الحقيقة، ليس هذا وحسب؛ بل إن هذه المهاترات يتخلَّلها أحيانًا ألوان من الدس الرخيص، والاستعداء الرخيص المكشوف"[7].

فلا يأتين أحد يزعم أن الشرقاوي مجرَّد أديب بريء حامَ حول القصص، وهامَ به الخيال في السرد، بل هو صاحب فكْر ودعوة ونشاط، يعلم ما يصنع بحُنكة وخِبرة لقَّنته أن القصص بريد المكْر، ومنفَذ النجدة مِن طائلة القانون، وأنعمُ أسلوب لتمرير الأفكار الشيوعية في قالب المُدافع عن شخصيات إسلامية.

مناقشة قصَّة المُناظرة:
سمَّيتها قصة منذ البداية؛ لأنها فعلاً قصة أدبية، بها خيال الأديب الجامح الذي يَروي شيئًا مِن مُقتَطفات التاريخ، ثم يُحاول الربط بين السلاسل الزمنية، فيبتدع شخصيات وحوارات وأحداثًا.

غير أن هذا الأديب الذي نَجزم أن لا أدب معه، ليس يَروي غَرامًا ولا مغامرات، بل يَحكي عن أصول في الدِّين جرى الجدال فيها، ولكلِّ طرف أتباعه وقومه.

وهذا الأديب يحمل خبثًا قديمًا تفنَّن فيه الزنادقة ثم الباطنية، ثم طلع أفراخهم مِن العَلْمانيِّين والشيوعيين واليساريين، ممن يريد مزج أصول الإسلام بتلك المذاهب، فكان أسلوبهم السهل هو الروايات الأدبية، فإن قرأ الجاهل بتاريخ المسلمين وخلافات الإسلاميِّين، ودقائق المسائل، وثوابت السيَر - علق بذهنِه ذلك الإفك، وإن قرأها أهل الاختصاص زعَم الكاتب أنه كان يَحكي رواية، وخصائص الرواية الخيال و"الكذب"، وهو بريء مِن سوء الفهم، وذا تراه في الأفلام والمسلسلات التاريخية، وما يُسمى بالدينية.

ومثلهم على سبيل المثال سلمان رشدي في كتابه: "آيات شيطانية"، فقد زعم أحد المُدافِعين عنه، وهو مِن المثقفين - ولا نحسبه إلا مِن المُشقفين - أنه كما يجوز للفرد أن ينام ويحلم أنه يأتي أمه، فلا عيب أن يتخيَّل أشياء ويُعبِّر عنها في رواية أدبية، (لا داعي للرد؛ فالسخيف مَفضوح بلسانه).

والقصة لم ترد في كل الكتب التي ترجمَت لابن عطاء الله السكندري ولابن تيمية، لا عند الصوفية ولا غيرهم؛ فهي نسيج خيال، بل مَن حكاها يُقرُّ بذلك، بل حتى أتباع ابن عطاء الله السكندري ممن كانوا مِن أشدِّ الخصوم، بل والفرية على ابن تيمية؛ كالسُّبكيِّ وغيره لم يَحكوا تلك القصة، ولو ثبتَت لتطايروا بها فرحًا.

وكتاب الشرقاوي ليس كتاب علم ولا تاريخ ولا ترجمة، بل هو رواية أدبية، ليس فيه تهميش

ولا توثيق واحد، وكثير مما فيها مِن اللقاءات والحوارات لم تقع أصلاً.

أما القصة - كما أوردَها - فليس فيها شيء يُبيِّن تراجع شيخ الإسلام عن معتقده فيما اتهموه، ولا أنه بهت أمام ابن عطاء الله، ولا أن ابن عطاء الله تفوَّق عليه.

بل طالب العلم الحاذق يَتنبه لضعف اللغة والعبارات وأسلوب المجادلة من ابن عطاء الله - لو فرضْنا صحَّتها.

ففي القصة ما يُزري بابن عطاء الله، ومَن لا يعلم قدر ابن عطاء الله السكندري وملكته اللغوية سيَظنُّ به الظنون، ويحسبه مُبتدئًا في العلم؛ فكلام ابن عطاء الله أرفع مقامًا وبلاغة ونظمًا مما في القصة، فبها طعَن فيه قبل الطعن في شيخ الإسلام.

ومَن حوى جملة مِن العلم وعرف لسان القوم يَعِ كلامي، ويَسترعِ سمعُه عبارات القصة، فيستيقِن أن لا هذا مستوى ابن عطاء الله ولا شيخ الإسلام.

ختامًا:
فبأيِّ كتاب تَحكمون؟! هل هذا دِين مؤمن أم مروءة رجل أن يُجادل بالخرافات؟! بل هل يُصبح قول الصوفية الطرقية القبورية حقًّا إن غلب شيخ الإسلام زعمًا؟

أيصل الكره والغيظ ضدَّ أعلام الناس دينًا وعلمًا أن يُلزمَهم جمع زبالة الكلام مِن قمامة اليساريين، فيتلقفون الكذبة ويُكِّورونها بينهم حتى تَرنو حقيقة؟

وأُنبِّه طلبة العلم ألا يتساهلوا في مثل هذا، فكثير مِن العامة قد يُحسن الظنَّ في أناس، فيتلقَّفون معتقدات باطلة، والأَولى البحث في كل شبهة تشتهر لتُوأَد في مهدها.

[1] الأعلام؛ الزركلي، (1: 221).
[2] البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع، (1/ 100).
[3] الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة، (1/ 92).
[4] الديباج المذهب في معرفة أعيان علماء المذهب؛ ابن فرحون، (1: 39).
[5] مجلة المصور: حوار مع الشرقاوي، ع 3293 - 28/ 3/1408هـ، (ص: 37 - 38).
[6] محاذير وأخطاء في مواجهة إحياء التراث والترجمة؛ أنور الجندي، (ص: 1).
[7] مجلة الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة: الوجود الشيوعي الكريه في مصر؛ العدد11، (ص: 76).


رابط الموضوع: http://www.alukah.net/Sharia/0/51069/#ixzz2YPVl3oy1

وسائلٍ عَنْ أبي بكرٍ فقلتُ لهُ:
بعدَ النَّبيينَ لا تعدلْ به أحَدا
في جنَّةِ الخُلدِ صِديقٌ مَعَ ابنتهِ
واللهِ قَدْ خَلَدتْ واللهِ قَدْ خَلَدَا


مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 3 ( الأعضاء 0 والزوار 3)
 

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: كشف الغطاء عن كفر ابن عطاء السكندري و حكمه !
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
حكمه للشاعر الدكتور عبد الولى الشميرى رنيا الحارثى منبر مختارات من الشتات. 0 01-26-2015 04:25 PM
كل عام ونحن معك يا رمز العطاء مها مطر مطر منبر البوح الهادئ 1 11-19-2014 09:29 PM
مختارات من حكم ابن عطاء الله السكندري عبدالله باسودان منبر الحوارات الثقافية العامة 3 07-12-2013 05:55 PM
ابن عطاء الله السكندري رحمه الله عبدالله باسودان منبر الحوارات الثقافية العامة 1 07-03-2013 03:58 AM
بهجة العطاء محمد عبدالرازق عمران منبر مختارات من الشتات. 4 06-10-2012 04:17 AM

الساعة الآن 03:17 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.