احصائيات

الردود
1

المشاهدات
3358
 
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي


ايوب صابر is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
12,766

+التقييم
2.41

تاريخ التسجيل
Sep 2009

الاقامة

رقم العضوية
7857
10-23-2014, 10:07 AM
المشاركة 1
10-23-2014, 10:07 AM
المشاركة 1
افتراضي قراءة في رواية (366) لأمير تاج السر: بقلم إياد شماسنة
قراءة في رواية (366) لأمير تاج السر: اللعب في قوالب فنية محكمة البناء الزمني والمكاني
إياد شماسنة
october 22, 2014
عن القدس العربي

في قراءة لرواية الروائي السوداني، أمير تاج السر، شعرت أني خسرت شيئا ثمينا بمجرد إنهاء الصفحة الأخيرة ، فلا زال بي شغف لمتابعة مصائر بقية الشخصيات، وبي تعاطف مع السياق رغم النهج السردي الواضح الذي قامت فيه الشخصيات بجر كاتبها فيه، كما قررت هي واختار مصيرها.
تحتل الرواية اسم (366) في صيغة مختلفة عن النسق المعهود في تسمية الروايات لدلالة يكتشفها القارئ في الرواية الجميلة الصادرة عن الدار العربية للعلوم ناشرون، والمختارة ضمن القائمة الطويلة للنسخة العربية من البوكر عام 2014.
في رواية (366) التي تمثل «سنة كبيسة» لأيام حب من نوع جديد يخترعه أمير تاج السر توليدا من قصة حقيقية كانت «في الأصل» تختصرها مجموعة من الرسائل المكتوبة بالحبر الأخضر، بتوقيع»المرحوم» عثر عليها الروائي تاج السر وهو في المرحلة الثانوية من الدراسة، برفقة مجموعة من الطلبة، تحت سور المدرسة في بورتسودان، وقد خطها عاشق مجهول إلى «أسماء»، لكن أمير تاج السر يصنع من الحدث رواية موازية تأخذ من الواقع شيئا ومن الخيال أشياء، بحيث تتكرر معادلته الروائية الثرية والمدهشة، بشكل يسمح لنا بالقول أنها هذه المعادلة التي يكونها تاج السر هي قريبة الشبه بالواقعية السحرية، لكني أؤكد أن هناك واقعية سحرية عرفناها من أمريكا اللاتينية وهناك واقعية أمير تاج السر السحرية الخالصة.
هذا الروائي، من عائلة حكاءة، وعند سؤاله عن دلالة أن يكون الكاتب من عائلة حكاءة أجاب: «أزعم أن الحكي وراثة، يرثه البعض من الأجيال، وطبعا؛ هو دائما مقترن بسعة الخيال، وهذا ما يستفيده الكاتب حين يرث الحكي، أي يرثه كاملا بكل ما فيه من تخيل ومتعة»
يعتبر أمير تاج السر من الروائيين الذين استطاعوا تكوين أسلوب خاص بمهارة وحرفية، وفي رواية 366، يتجلى تاج السر في دور الساحر الأسمر الذي يبتكر ويكوِّن ويلعب بقوالب فنية محكمة البناء، تستلهم خيال الشاعر لدى الكاتب، فيستدعي المخيلة الرحبة الثرية، الباذخة التي تختزن أدق التفاصيل، مما يأخذ القارئ في مسارات مدهشة وجميلة، مع إصرار دائم على الاحتفاظ بالسلاسة والعذوبة الفنية، دون مغادرة منطقة السرد الروائي المدهش والعذب، وهو بهذه المعادلة الخاصة لا يتخلى،عما اعتاد، وعود القارئ، من مهارة الطرح، إلى فن الدهشة، ثم الإيهام الممتع للقارئ، ثم إيقاظه العذب من الخداع الجميل أو التوهم اللذيذ.
الشخصيات في رواية «366» تتمرد على كاتبها فيخضع لها، وتملي عليه ضمائرها وطباعها وأحلامها ومخاوفها، ويتضح ذلك في شخصية «المرحوم» التي تنساق في اتجاه الفناء الكامل في المحبوب لدرجة الموت النفسي ثم البيولوجي، هذا «المرحوم» الذي جعله تاج السر كيميائيا، وعندما تحققنا عبر سؤاله ما إذا كان المرحوم الأصلي كيميائيا فعلا؛ فأجاب الروائي انه من كوّن الوظيفة والمهارة وصياغة التفاصيل «بشياطينها وملائكتها» بما تداعت عنه الشخصية لتكون مرحوما موازيا للمرحوم الحقيقي، لكن ضمن شروط الفن الروائي، وبذلك تفوقت شخصيات تاج السر من خلال براعته في كيمياء التفاصيل والمشاعر والعواطف والخيال الخصب الذي كان موازيا في مناطق، معينا أو متفوقا على خيال باتريك زوسكيند في «العطر- قصة قاتل» وهو يتحدث عن «جان باتيست غرنوي» في الجبل، مما مكن الشخصية، وبالتالي الرواية «366»من أن تكون عالمية بامتياز دون أن تكرر أحدا
الشخصيات الثانوية في رواية (366) تتساوى بجدارة في أهميتها للعمل مع الشخصية الرئيسة؛ ولذلك غابت الشخصيات الكرتونية، نتيجة نضوج الشخصيات الثانوية واستمرار نموها، وقد بدا واضحا أنها تساهم في تحريك الحدث وتخلق تشابك العلاقات داخل فضاء واسع ومترامي من الحيز المكاني الذي يحتوي الأحداث، مما ساعد في خلق ردود أفعال وصياغة أحداث وتداعيات والكشف عن توترات، تولت الرواية التنوير وهي تشد اليها القارئ المصاب بالدهشة
العلاقات بين الشخصيات متناغمة رغم ظاهرها المتوتر أحيانا، وكذلك علاقتها مع كاتبها رغم الصراع الاجتماعي مع البؤس والضيق والحرمان ، والأحلام المنهكة، ورغم انهماك كل شخصية في عالمها الذي لا تستطيع منه خلاصا ولا يحاول راويها التدخل في مصيرها أو توجيهها
ويستعين تاج السر بمفردات الحياة اليومية، وهمومها، واشكالياتها؛ من اجل إكمال الصورة الروائية؛ وجعل المشاهد مرنة، تصور التفاعل الحقيقي بين الشخصيات وقضاياها، من خلال الحياة العامة والخاصة والاجتماعية والصراعات النفسية، والبحث عن الخلاص في مكان ما في الرواية
إجمالا؛ فان القارئ يلاحظ التكثيف العالي للشخصيات التي تنتمي إلى القاع دون اعتزالها للطبقات العليا، وكذلك يجد أن الشخصيات الآتية من القاع رغم انسياق عدد منها إلى مصيره؛ فان بعضها قد صعد إلى طبقات أخرى، وآخر قد انزلق إلى قاع بديل مواز، كما ويبدو أن انتماء هذه الشخصيات إلى بيئة افريقية- سودانية خاصة جدا، وتحرر أمير تاج السر من الكتابة الأيديولوجية، جعله يقدم مزيجا من السياسي والاجتماعي والعاطفي في الرواية «الواقعية السحرية الرومانسية»، ويرسم الشخصيات بوضوح آت من خبرة واطلاع ومهارة، ثم يترك الكاتب شخصياته تنمو وتتفاعل إلى نهاية العمل عبر منحنى الصراع السردي-الدرامي، من غير أن تترك القارئ في أي حيرة أو إحساس بالضياع.
ثم إن الكاتب يميّز عمله الإجمالي وأسماء شخصياته وأماكنه بأسماء منتقاة بعناية من البيئة الحقيقية، وذلك سواء في رواية (366) أو غيرها، وربما يعود ذلك إلى أن الراوي خبير، وبارع في اصطياد التميز، وانه يريد أن يقدّم لهذه الشخصيات عبر أسمائها المتميزة منبرا تتحدث عبره؛ لأنها لا تجد إلا الرواية عند «أمير تاج السر» منبرا حرا تتداعى أوجاعها من خلاله، فتبوح بواقعها الكابوسي.
البعد الزماني، والبعد المكاني متميزان، لأن تاج السر ابن بيئته، التي نبش تحت سور مدرستها تلميذا، وتجول في إحيائها شابا، ثم خرج منها طبيبا بارعا، ولا زال ينتمي إليها، ويعبّر عن ذلك الانتماء بأسلوبه الموضوعي، بالرغم من صدقة وإخلاصه في تناولها، ذلك لأنه محايد وواضح، بل ناصر لها في كونها مظلومة، وظالمة لنفسها في سكوتها على واقعها.
الزمان «366 يوم» والذي يشكل أيام سنة كبيسة كاملة، عبرت في الرواية بين دفتيها دورة عمر معلم المدرسة الكيميائي الطامح بصياغة مقرر كيمياء جديد، كما فعل من قبل رفيقه الكيميائي السيكوباثي «شمس العلا- عاصم»، وهذه وان كانت تبدو عادية إلا أنها تحمل رمزا دلاليا واضحا لحياة الإنسان ودورة وجوده التي ترمز السنة إليها، وربما كانت كبيسة لأنها لا تكتمل إلا كل أربع سنوات، وقلما ما اكتملت للمسحوقين.
البؤس، والقاع، والحب السامي، ثيمات يكتبها أمير تاج السر عبر لغة سلسة ممتعة، وسرد متتابع متدفق، في واقعيته السحرية الخاصة، مما يمنحه تميزا خاصا على مستوى السرد والقضية، وتفردا بين الأدباء عبر إعادة صياغة، وخلق تفاصيل المعاناة، بخصوصية القلم السوداني الأميري، والتجربة الإبداعية التراكمية في السودان ضمن رحابة التنوع الثقافي، والألم الإنساني السوداني.

كاتب فلسطيني

إياد شماسنة


قديم 11-04-2014, 08:29 AM
المشاركة 2
مها مطر مطر
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي
جميل ما سطرت هنا ودي واحترامي


مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: قراءة في رواية (366) لأمير تاج السر: بقلم إياد شماسنة
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
قانون الجذب .. من السر إلى السحر (بقلم د.فيصل الكاملي) عمرو مصطفى منبر الحوارات الثقافية العامة 2 05-09-2015 02:22 PM
قراءة في رواية «كنداكيس» للكاتب أحمد مصطفى الحاج بقلم صلاح الدين مصطفى ايوب صابر منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 1 11-11-2014 05:30 PM
قراءة متأنية في رواية «الأسود يليق بك» : بقلم الجيلاني شرادة ايوب صابر منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 0 10-09-2014 06:35 AM
قراءة في رواية «ارتياب» للسعودي بدر السماري : بقلم سعاد العنزي ايوب صابر منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 0 10-03-2014 10:36 PM
قراءة في رواية 'الآن... هنا' لعبد الرحمن منيف بقلم عبد الحفيظ بن جلولي ايوب صابر منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 0 02-16-2014 11:02 AM

الساعة الآن 07:23 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.