احصائيات

الردود
15

المشاهدات
22879
 
زهراء الامير
فرعونيـة من أرض الكنانـة

زهراء الامير is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
326

+التقييم
0.07

تاريخ التسجيل
Apr 2012

الاقامة
عبـق الكنانة

رقم العضوية
11083
05-02-2012, 03:43 PM
المشاركة 1
05-02-2012, 03:43 PM
المشاركة 1
افتراضي الأدب المـوريتـاني .!.
[TABLETEXT="width:100%;background-color:black;border:3px double red;"]
صباحكم\مسائكم


جوري

طبعا منذ فترة أخذت أقرأ الادب الموريتاني؛ لانى وبكل صراحه لم أعلم عن هذا الأدب شيئا من قبل، فقررت أن اغوص بعالمه، واليوم أحببت أن أضع بين يديكم ما اطلعت عليه ..., في بداية بحثي واهتمامي بالأدب الموريتاني وقعت على مقالة جميلة لكاتبة وصحافية موريتانية كتبت مقالتها في جريدة إيلاف الإلكترونية ، دعونا نقرأها الآن ونرى ماذا يمكن لنا أن نقدم من عمل وتفاعل لهذا الشأن الذي لن يزيدنا إلا تقاربا وتواصلا مع أحد ركائز الأدب المغاربي في العالم العربي موريتانيا «بلد المليون شاعر»
gmt 18:00:00 2005 الإثنين 22 أغسطس
سكينة اصنيب



بين الحقيقة والسراب



جمالية اللقب فرضت نفسها على صحة المقولة


نواكشوط: غالبا ما يأخذ المرء من الاسم الذي يطلق عليه صفته وخاصيته ورغم اختلاف الأشخاص في تبعيتهم لصفة الأسماء ونسبة ولأئهم لها، تظل للأسماء سلطة على أصحابها تطبِّعهم بطباعها وتهذب أخلاقهم بالمعاني الكثيرة التي تحملها. وتزيد الشهرة واللقب على الأسماء‘ لأنها تطلق على المسميات بعد مرور زمن كفيل باستنباط صفات للأشخاص والأماكن والأحداث، من هذه الألقاب «بلاد المليون شاعر» التي أطلقت على موريتانيا.


ولأهمية الشعر ودوره في الحياة الاجتماعية والسياسية والثقافية ارتبطت مقولة
«بلاد المليون شاعر» بموريتانيا منذ ستينات القرن الماضي حيث ظلت ألسنة الجماهير تلهج بها منذ ولادتها، وتناقلتها وسائل الاعلام وتداولتها أقلام الكتّاب حتى التصقت بكل حبة من تراب هذا البد الصحراوي. واعتبارا لأهمية هذا اللقب وسطوته فإنه أورث الشناقطة مسؤولية كبرى يتسبب التخلي عنها أو عدم القدرة على تحملها كما يجب في التشكيك في مدى استحقاق بلادهم لللقب الفريد يصل الى حد التجريد منه، وهو ما يدفعنا الى البحث عن أصل هذه الصفة ومدى انطباقها على موريتانيا.


فهي قد لا تكون صفة متكئة على سند تاريخي ملموس كما في حالة «بلاد المليون شهيد» الجزائرية لكنها بالتأكيد مستندة على إعجاب وانبهار زوار موريتانيا بفصاحة أهلها وعشقهم الشديد للشعر. فقد وردت المقولة لأول مرة في تحقيق أعدته مجلة العربي الكويتية في ابريل (نيسان) سنة 1967 عن موريتانيا تحت عنوان «انواكشوط...أحدث عاصمة في أقصى منطقة من وطننا العربي» حيث أسند كاتب التحقيق هذه الكلمة الى محاوريه من المواطنين الموريتانيين عندما قال: «وسألناهم: كم عدد سكان موريتانيا فأجابوا: مليون شاعر..نعم فكل أهالي موريتانيا شعراء» وقتها كان إحصاء السكان يقارب هذا العدد.
ومع انطلاقة شرارة هذا الشعار شاع اللقب واقترن باسم موريتانيا حيث أخذه بعض المشارقة على أنه واقع حقيقي إعجاباً وتبجيلاً للشناقطة، رغم ادراكهم أنه لم يكن هناك مليون شاعر بالمعنى العددي الصارم في العالم العربي كله في زمن واحد.


كل موريتاني شاعر بالفطرة
وقد عرف هذا اللقب رواجا كبيرا خارج موريتانيا أكثر مما عرفته داخلها وأثار ردود أفعال إيجابية كانت دائما مشحونة بالاعجاب المفرط بالقدرات الشعرية لهذا البلد العربي المنتبذ مكانا قصيا من خريطة العالم العربي على أقصى نقطة من بوابته الجنوبية المطلة على القارة السمراء. وربما يكون لهذا الموقع القصي وطبيعة البداوة السائدة دور في انبهار الإخوة المشارقة حين نزلوا هذه الجزيرة الرملية النائية المترامية الأطراف، بما عاينوه من ثقافة عالية لهذا البلد في جميع مجالات المعرفة التقليدية وفي الشعر خصوصا. وهو اندهاش واعجاب لا يحيد عن نظرة المركز الى الأطراف عبر تاريخ الحضارات الانسانية.
فالمطلع على تاريخ وثقافة هذا البلد يدرك ما يمثله الشعر بالنسبة للنشاقطة حيث أن له سلطة وسيادة اجتماعية وثقافية نادرة الوجود، فالخصال التي تمكن صاحبا –قديما- من احتلال مكانة هامة في محيطه يأتي على رأسها إتقان نظم الشعر، لتتوالى بعدها باقي الخصال كالنسب الرفيع وفنون القتال ودماثة الأخلاق. وهو ما يعني أن الموريتاني أمضى جل حياته في نظم الشعر يتغنى به حاديا وراء قطعانه ومفتخرا بأنساب أبويه في مشاهد التفاخر بين العشائر وحين منازلة الخصوم، ومتغزلا في حبيبته أثناء جلسات المسامرة والمؤانسة وفي المطارحات الشعرية الليلية، فنبت الشعر وتقبله الناس وتعاطوه حفظا ونظما وإنشاءً وإنشاداً.
ودعمت المحاضر (وهي المدارس التقليدية) هذا العشق الكبير للشعر فكان منهجها الدراسي يجبر الطلاب على حفظ عشرات الدواوين الجاهلية والاسلامية، وحكايات الأدب من مقامات وسير وأراجيز. هذه الصورة الواقعية لمكانة الشعر في البلاد اعتبرها الدارسون دليلا قاطعا على عروبة موريتانيا إبان تشكيك البعض فيها.


منطقية المبالغة ومصداقية اللقب
وعليها وجدت مبالغة المليون شاعر أرضية لها، وبغض النظر عن مدى دقة التعبير فإن ظاهرة كثرة الشعراء التي نشأت وترعرعت واستمرت رغم تغير الأحوال، حفظت للشعر مكانته المرموقة، ونبغ فيه المئات ممن كتبوه فصيحا جزلا وحافظوا على سلامة اللغة ونقاوتها من الشوائب. كما هيأت حركة المرابطين لبلاد شنقيط نهضة ثقافية متميزة أنجبت أعلاما جابوا أصقاع الأرض بعلمهم من أمثال محمد محمود بن التلاميذ والشيخ أمين فال الخير ومحمد الأمين الشنقيطي.

ولعل أهم ردود الأفعال الايجابية تجاه هذه المقولة هو ذلك المقال الذي كتبه الدكتور طه الحاجري في عدد 107 أكتوبر (تشرين الأول) سنة 1967 في مجلة العربي نفسها بعنوان «شنقيط أو موريتانيا حلقة مجهولة في تاريخ الأدب العربي»، معتمدا فيه على المدونة الشعرية التي يضمها كتاب «الوسيط في تراجم أدباء شنقيط» لمؤلفه محمد الأمين الشنقيطي، وهو أول ديوان مطبوع عن أدب موريتانيا على درجة عالية من الرصانة وقوة الأسلوب، تضمن مقتطفات لـ 82 شاعرا وطبع في القاهرة سنة 1911م.
وقد توصل الحاجري في مقاله الى أن الشعر الموريتاني يمثل استثناءً في سيادة عصر الضعف التي تواطأ عليها أغلب مؤرخي الأدب العربي، حيث اعتبر أن الصورة التي اتيح له أن يطلع عليها عبر مدونة الكتاب والذي يغطي فترة القرنين 12 و13هـ هي صورة جديرة بأن تُعدل ذلك أن الحكم بسيادة عصر الضعف على الآداب العربية إذ أنها «صورة تمثل الأدب في وضع مختلف يأبى هذا الحكم أشد الإباء فهو في جملته أدب جزل بعيد عن التهافت والفسولة».
وقد عزز الحاجري مقاله بآراء أحد الكتاب المنبهرين بشاعرية «بلاد المليون شاعر» وهو الكاتب اللبناني يوسف مقلد الذي أتيح له هو الآخر أن يطل على هذه النهضة الأدبية والشعرية في موريتانيا من خلال اقامته في بلاد السينغال المجاورة والمتفاعلة مع موريتانيا ثقافيا واقتصاديا، حيث ألف كتاب «شعراء موريتانيا القدماء والمحدثون» المنشور في بيروت عام 1963.
[/TABLETEXT]


قديم 05-02-2012, 03:47 PM
المشاركة 2
زهراء الامير
فرعونيـة من أرض الكنانـة
  • غير موجود
افتراضي
[tabletext="width:100%;background-color:black;border:3px double red;"]
رغم التجاهل والسخرية... للمبالغة ما يبررها

وعلى الطرف الآخر أثارت هذه المقولة ردود فعل سلبية اتسمت بنوع من السخرية خصوصا في السنوات الأخيرة حين لم ترافق الشعر الموريتاني نهضة نشر تسوقه في العالم العربي، فضاع أغلب قديمه تحت وطأة عاديات الزمن وظروف الجفاف والتصحر وقسوة النقلة من البداوة الى التحضر ومن أنساق التعليم الأصلي الى التعليم الحديث. كما تقوقع غالبا في جذاذات أصحابه ولم ينشر منه إلا دواوين قليلة لا تكاد تتجاوز أصابع اليد الواحدة. وهو ما عبر عنه أحدهم بالقول «إن هذا الأدب يظلمه أبناءه إذ لم يجاهدوا في التعريف به ويظلمه العرب إذ أعرضوا عن التعرف عليه».
وهذا هو وجه المفارقة الحادة بين لفظة المليون شاعر من جهة، وحجم الحضور الموريتاني في الساحة الأدبية من جهة ثانية، فكأن القارئ العربي شعر بخيبة أمل في كون العطاء الشعري المعروف للبلد لا ينسجم مع حجم مقولة المليون شاعر ذات الزخم الاعلامي الكبير ومن هنا ظهرت بوادر السخرية من هذه المقولة تتجلى هنا وهناك شفهيا وكتابيا.
واللافت للنظر أن هذه المقولة لم تؤخذ مأخذ الجد من طرف الكتاب الأكاديميين في موريتانيا حيث لم يعرض لها الدكتور محمد المختار ولد أباه في كتابه «الشعر والشعراء»، ولا الدكتور أحمد ولد الحسن في أطروحته عن «الشعر الشنقيطي في القرن 13 هـ» وخصوصا حين توقف عند تسميات موريتانيا القديمة مثل: شنقيط وبلاد السيبة وبلاد التكرور وصحراء الملثمين، ولم يتطرق لاسم «بلاد المليون شاعر». وهذا التجاهل يوحي بعدم النظر لهذه المقولة بعين الجدية، على الرغم من أن أطروحته أعدت في نهاية الثمانينات بعد اطلاق هذه المقولة بحوالي عقدين من الزمن. والأمر ذاته ينطبق على الأديب الخليل النحوي في كتاب «بلاد شنقيط المنارة والرباط». ربما تجاهل أدباء موريتانيا لهذا اللقب هو اعتراف ضمني بعدم استحقاقه، وبالتالي التخلي عنه حتى لا يعلق بالذاكرة ويظل محل جدل دائم.
ومهما كان تنازع الأسطورة والحقيقة داخل فضاء المقولة حتى لو رجحنا جانب الأسطورة، فان مصداقية هذه المقولة تبقى حاضرة بشكل أو بآخر، إذ الأسطورة لا تنبثق إلا من نواة حقيقية فلو لم يكن واقع الشعر في موريتانيا قابلا للبوس الأسطورة لما أطلق عليه هذا التعميم الكبير.
وإذا كانت مرتكزات التشكيك في مصداقية هذه المقولة تنبني على ضياع الكثير من الشعر الموريتاني خارج الذاكرة والتدوين، بالاضافة الى شح المدَوَّن منه وضآلة المنشور منه قديما وحديثا وإذا كان هذا يعزز جهل الموريتانيين أنفسهم بهذا الشعر أحرى غيرهم. فان المرتكزات المدعمة لمصداقية هذه المقولة تنبني هي الأخرى على تفشي تداول الشعر بين ساكنة بلاد موريتانيا انتاجا ورواية وتمثلا واستشهادا.
بالاضافة إلى أن ذلك التعميم واجد مسوغه في كون مفهوم الشعر يتسع للشعر الفصيح والشعبي وحتى النظم أحيانا وإذا أخذنا بهذه السعة فإنك قلما تجد موريتانيا إلا وهو يتعاطاه بهذا الشكل أو ذاك. فالشعراء المبدعون يتعاطونه على مستواهم والعلماء ينظمون به معارفهم المختلفة نحوا وصرف وفقها وعقيدة، والشعراء الأميون يتعاطون الشعر الشعبي تعبيرا وابداع وينظمون به معارفهم الشعبية البسيطة. وأما على مستوى تعاطيه رواية فهو شائع لدرجة تتداخل فيها مختلف المستويات المثقفة وغير المثقفة. حتى ان أحد تقارير المستعمرين الفرنسيين عام 1937 اكد انه «لا يوجد أي مجتمع بدوي بلغ مبلغ البيظان (وهم الموريتانيون) في العلم بالعقيدة والتاريخ والأدب والفقه وعلوم العربية...انهم يتحدثون العربية الفصحى بطلاقة ويسر افضل مما يتحدث بها سكان تونس والقاهرة ولا ينذر ان تجد بينهم راعي ابل من ابسط الرعاة يتغنى بالشعر الجاهلي».
وان مجتمعا يتغنى أبسط رعاته بالشعر الجاهلي، أصعب أنواع الشعر وأعرقه لجدير بلقب المليون شاعر مهما كانت المحاذير المحيطة باطلاق الحكام على عواهنها. وما دمنا في السياق الكمي لمصداقية بلاد المليون شاعر فاننا واجدون ان الشعراء الموريتانيون المحدثين لا يقلون من حيث الكم على الاقل عن اضرابهم في الدول العربية الاخرى. ويكفي لتأكيد هذه الدعوى ان نعود لـ«معجم البابطين للشعراء العرب المعاصرين» الذي أعدته ونشرته مؤسسة عبد العزيز سنة 1995 والذي جاء فيه ان عدد شعراء موريتانيا المعاصرين يبلغ 60 شاعرا متفوقا على مصر وبلاد الخليج.
اما على مستوى مصداقية هذه المقولة من حيث الكيف فان ذلك يعتبر هو التحدي الأصعب، ومع ذلك فان الكاتب العراقي عبد اللطيف الدليشي يعزز القيمة الكمية والكيفية للشعر الموريتاني القديم، حيث يسجل اعجابه لكثرة ما يجده الباحث من الأعداد المتزايدة من هؤلاء الشعراء الفحول المجددين العريقين في الجزالة اللغوية والصور الشعرية الجميلة الرائعة المبتكرة في شتى الأغراض. وهو يقول ان الشعراء الشناقطة «شعراء فحول لا يقلون مستو عن أمثال المتنبي والبحتري وشوقي والرصافي». ومهما يكن فمقولة «بلاد المليون شاعر» ورغم أنها مبالغة إعلامية محظة فهي جديرة بالدراسة والتمحيص وبوقفات اخرى ترصد أبعادها حتى لا تظل في الهواء تتجاذبها أفواه المادحين او القادحين بدون تبصر.



كاتبة المقال صحافية وكاتبة موريتانية
[/tabletext]

قديم 05-02-2012, 03:48 PM
المشاركة 3
زهراء الامير
فرعونيـة من أرض الكنانـة
  • غير موجود
افتراضي
[tabletext="width:100%;background-color:black;border:3px double red;"]
أضواء على الأدب الموريتاني


تمهيد
لا نبالغ إذا قلنا إن الكثرة الكثيرة منا لا تكاد تعرف شيئا عن الأدب الموريتاني؛ قديمه ومُحْدَثه، قصيده ونثره. ولعل هذا ما حدا أحد الباحثين على وسْم هذا الأدب بـ"الحلْقة المجهولة" في سلسلة الأدب العربي. والحق أن لبلاد شنقيط كياناً أدبياً قائماً يشترك مع عموم الأدب العربي في أمور عدة، بقدر ما يستميز منه بخصائصه الأثيلة التي هي نَتاج بيئته ومحيطه الشامل. ومحاولة منا لتقديم صورة – ولو تقريبية وعامة – عن الأدب الموريتاني ونقده، ارتأينا أن ندبّج هذه الورقات التي هي – في الواقع – قراءة واصفة لإحدى الدراسات الموريتانية المعاصرة القيمة التي نهضت بعبء التعريف بأدب الشناقطة قديمه وحديثه، عامّيه وفصيحه، إبداعه ونقده جميعا.
لقد اتجه اهتمام الدرس النقدي العربي ردْحا غير يسير من الزمن إلى آداب المركز (مصر والشام والعراق خاصة)، فتناولها تناولا شاملا، وكتب عنها دراسات وأبحاثا غزيرة ومتنوعة. على حين لم يلتفت إلى آداب الأطراف/ الهوامش إلا لماما وعرضا. ولذا كان نصيب الأقطار المغاربية عامة والقطر الموريتاني خاصة من ذلك الدرس ضئيلا جدا، وذلك لاعتبارات سياسية وجغرافية وثقافية. وهكذا، ظهرت بعض الأصوات في موريتانيا تنحو باللائمة على أدباء المشرق ونقاده وتعيب عليهم تغييبهم أدب موريتانيا وتهميشه وإقصاءه من اهتمامهم. والواجب أن قضية التعريف بالأدب الموريتاني يجب أن ينهض بها أبناء موريتانيا ودارسوها، ولا ينبغي لهم أن يركنوا إلى الراحة والخمول منتظرين قيام الآخرين بالتنقير في تراثهم الفكري والأدبي والتعريف به. وهذا الأمر ينسحب على سائر الأقطار المغاربية، وهكذا ألفينا مثلا الأستاذ عبد الجبار السحيمي يكتب في الأعوام السبعين مقالا في صحيفة (العلم) يتهم فيه النقد المشرقي بالنظرة الشوفينية الضيقة لتعامله مع أدب المشرق دون أدب المغرب.([1])
لا شك في أن ثمة جملة من المثبطات والصعوبات التي تقف في طريق الأدب الموريتاني، وتجعل الاقتراب منه، والتعرف إليه، وتكوين نظرة حقة عنه أمرا عسيرا. ومنها على سبيل المثال أن أغلب أدب موريتانيا ما يزال مخطوطا حبيس الرفوف في الخزائن الخاصة، والمكتبات العمومية، والخزانات التابعة للزوايا والتي يَضِنُّ القائمون عليها على القراء والمثقفين ولا يخرجون كنوزها للناس ولا يسمحون للدارسين بالاطلاع عليها وتحقيقها ونشرها. وإذا لم يبادر المتوفرون على هذه الكنوز بتحقيقها وطبعها وإذاعتها بين الناس، أو تمكين الجهات المختصة من ذلك، فإنهم سيتحملون جريمة اندثارها أمام الأجيال القابلة. بل يجب في مثل هذه الحال أن تتدخل السلطة السياسية لإرغام هؤلاء الذين يحتكرون هذه المخطوطات على تسليمها للدارسين المحققين، أو إغرائهم قصد بيعها للخزانات العمومية. لأن هذه المخطوطات إنما هي ملك للجميع، ولا يجوز الاستحواذ عليها وإخفاؤها. ثم إن من شأن تحقيق هذه الكنوز وطبعها ونشرها أن تؤدي إلى تغيير جملة من الأحكام التي أمست "مسلمات" في دنيا النقد العربي. يضاف إلى هذه الصعوبة صعوبات أخرى؛ منها أن كثيرا من الأدب الموريتاني قد تعرض إلى الإحراق والنهب على يد المستعمرين، وضاع حظ كبير منه نظرا لغياب الحفظ والصيانة وقلة التدوين. أضف إلى هذا الصعوبات القبلية، ونَدرة وسائل النشر...إلخ.
وبالرغم من هذه العراقيل جميعها، وبدافع من الغيرة والعزيمة الأكيدة على التعريف بأدب موريتانيا والبحث عن مكانة تليق به ضمن خارطة الأدب العربي، قام عديد من الدارسين الموريتانيين في العقود الأخيرة وشمروا عن سواعد الجد والاجتهاد والبحث تحدوهم الرغبة في تقديم صورة لائقة بأدب بلدهم، فظهرت – نتيجة لذلك- دراسات وأبحاث ومقالات قيمة تصب في هذا الإطار. وقد لاحظ الأستاذ أحمد ولد حبيب الله في مقدمة كتابه (تاريخ الأدب الموريتاني) أن التعامل مع الأدب الموريتاني أخذ منحيين اثنين، هما:
أ- منحى يعتبر الأدب الموريتاني كتلة من المفاهيم والأحداث والقيم التي ينبغي أن تظل محروسة أو أسرارا قبلية أو مقدسات لا يجوز نبشها وإذاعتها أو مجرد الاقتراب من حرمتها وحرمها، ويجب أن تبقى مستقلة عن الوجود أو الوعي الموريتاني المعاصر. و"هذا منحى موجود بالقوة على حد تعبير المناطقة"([2]).


فريد أمعضشو
[/tabletext]

قديم 05-02-2012, 03:49 PM
المشاركة 4
زهراء الامير
فرعونيـة من أرض الكنانـة
  • غير موجود
افتراضي
[tabletext="width:100%;background-color:black;border:3px double red;"]
ب – منحى يرى أنه يجب التعامل مع الأدب الموريتاني من منظور علمي بحث ومن منظور الوعي بالحاضر والإدراك للوجود الآني. وهذا المنحى هو الذي يجب أن يسير فيه البحث الجاد والرصين، وهو الذي ينبغي أن يسود المشهد الثقافي الموريتاني إذا أريد له الخروج من مآزقه. علاوة على هذا، فهو – كما يقول أحمد ولد حبيب الله – "المنحى الذي يخيل إلينا أنه هو الممكن علميا وعمليا."([3])
ولعل من أهم الدراسات التي شهدتها الساحة النقدية الموريتانية المعاصرة دراسة الأستاذ أحمد بن حبيب الله المعنونة "بتاريخ الأدب الموريتاني." وهي دراسة ضخمة الحجم، إذ تقع في حوالي ثلاث وثمانين وسبعمائة صفحة من القِطْع المتوسط، وقد صدرت في طبعتها الأولى عام 1996 بدمشق ضمن منشورات اتحاد كتاب العرب. وهي عبارة عن خلاصة جامعة للمجهودات التي بذلها الدارسون والباحثون الموريتانيون في سبيل تأريخ الأدب الموريتاني وتأصيله وتصنيفه. وهي الدراسة التي نعتزم في هذه الورقات المحدودات تقديم قراءة مركزة لها.
لقد استهل أحمد ولد حبيب الله دراسته بمقدمة طويلة بعض الشيء (من ص 5 إلى ص 17) خصها بالتعريف بأدب موريتانيا، وأومأ فيها إلى أهمية موضوع بحثه وصعوباته الجمة، واستعرض في ثناياها جهود الدارسين السابقين في هذا المضمار، وذكر مظانه الرئيسة المعتمدة في صوغ مواد بحثه وعناصره مُجْمِلا إياها في أربع دراسات رأى أنها تمثل – بحق – محاولات رائدة وجادة في مجال البحث في أصول الأدب الموريتاني وتطوره؛ ويتعلق الأمر بدراسات ولد أَبَّاهْ وابن احميدة وابن الحسن وابن عبد الحي. وعرض الباحث في هذه المقدمة كذلك المحاور البارزة لدراسته، ودعا الدارسين العرب بعامة والموريتانيين بخاصة إلى مزيد من الجُهد والجَهد وتنسيق أعمالهم بغية النهوض بالأدب الموريتاني ورد الاعتبار إليه بعد مدة طويلة من التهميش والتغييب... إلخ.
وبعد الخطاب المقدماتي، ينتقل الباحث إلى الحديث عن فصول كتابه الستة فصلا فصلا. وفيما يلي سنقف عند هذه الفصول كلها محاولين تقديم خلاصة مركزة لكل واحد منها على حدة، ومناقشة بعض القضايا البارزة فيها. ولتكن البداية بالفصل الأول:
[/tabletext]

قديم 05-02-2012, 03:50 PM
المشاركة 5
زهراء الامير
فرعونيـة من أرض الكنانـة
  • غير موجود
افتراضي
[tabletext="width:100%;background-color:black;border:3px double red;"]
الفصل الأول: الإطار العام للأدب الموريتاني

لقد تحدث الباحث في هذا الفصل – بإفاضة – عن الظروف التاريخية والسياسية والاجتماعية والثقافية التي شكلت الإطار العام الذي نشأ في أحضانه الأدب الموريتاني وتطور انطلاقا منه.
فمن الناحية التاريخية، تكلم الباحث عن موريتانيا قبل دخول الإسلام إليها حين كانت إيالة خاضعة للرومان، وعنها في ظل رحمة الإسلام، وعن وقوعها تحت نير الاستعمار الغاشم، وأخيرا عن استقلالها وظهورها باعتبارها كيانا سياسيا مستقلا منذ 1960م.
اختلف المؤرخون في تحديد تاريخ دخول الملة الإسلامية إلى موريتانيا؛ فذهب بعضهم إلى أنها دخلت المنطقة في عهد الفاتح عقبة بن نافع الفهري (ق 1***65259، وذهب آخرون إلى أن ذلك وقع بعد عهد عقبة، وقال بعض المؤرخين إن الإسلام ولج موريتانيا في زمن المرابطين الملثمين الذين تمكنوا – بفعل جهادهم المتواصل ورباطهم الصادق – من تكوين إمبراطورية مترامية الأطراف تمتد على مساحة شاسعة في شمال أفريقيا وغربها والأندلس. وقد دخلت اللغة العربية موريتانيا مع دخول الإسلام إليها باعتبارها الوعاء الحامل لهذا الدين الحنيف. فتعربت المنطقة تعربا شاملا كما يصرح بذلك أحمد ولد حبيب الله، ورحب العلماء الموريتانيون وغيرهم بلغة العرب، وأقبلوا عليها تعلما وتعليما، وأولوها عناية كبيرة، بل إن العلامة محمد فال بن مُتَالِي آثر تعلم اللغة العربية على التفرغ للنوافل. وفي ارتباط مع هذا الموضوع، وقف الباحث عند تاريخ دخول الصوفية إلى موريتانيا وظروفه، مشيرا إلى أن ذلك تم ابتداء من القرن 11***65259;، وكان على طريقة الجُنَيْد، فظهرت زوايا عدة مارست سلطة روحية بالغة، ودخلت في حروب فيما بينها أو بينها وبين القبائل. والحق أن تحديد تاريخ دخول الإسلام أو العربية أو التصوف إلى بلاد شنقيط (موريتانيا) أمر صعب جدا؛ لأن أقوال المؤرخين والباحثين في هذا الصدد تضاربت وتباينت، ولأن كثيرا من التراث الفكري والأدبي الموريتاني قد تعرض إلى الضياع والتلف أو ما يزال مخطوطا حبيس رفوف الخزانات الخصوصية والقبلية والعمومية. والراجح أن الدين الإسلامي واللسان العربي قد دخلا المنطقة في القرون الإسلامية الأولى بوسيلتين رئيستين، هما: التجارة والدعوة السلمية. ويتأكد لنا هذا الأمر خصوصا إذا علمنا أن موريتانيا كانت تابعة لسلطان المغرب الأقصى وأنها جزءا في كيان منطقة الغرب الإسلامي التي وصلتها الدعوة الإسلامية في القرن الهجري الأول على يد الفاتحين الأُوَّل.
لقد دخلت موريتانيا خلال الفترة الممتدة ما بين ق 6 وق 14***65259; ما يسمى (عهد الإمارات)، حيث كانت موزعة بين عدد من الإمارات والقبائل في ظل غياب حكم مركزي. ويحكي لنا التاريخ كثيرا من الحروب والمعارك المبيرة التي كانت تنشب بين هذه الإمارات من جهة، وبينها وبين الزوايا من جهة أخرى، ولعل من أشد هذه الحروب ضراوة وفتكا الحرب المعروفة "بحرب شُرْبُبَّه" التي انتهت سنة 1678م. ومن أقوى هذه الإمارات بنو حسان ذوو السلطان السياسي والعسكري. والحسانيون إمارات عدة، أبرزها: إمارة أولاد امبارك التي تأسست في ق 9***65259; بزعامة أوديكه الأقرع، وإمارة النزارزة التي أسسها هدي بن أحمد بن دمان سنة 1040 للهجرة، وإمارة آدرار في أطار التي تأسست عام 1158***65259; على يد عثمان ولد لفظيل.
ومن الناحية الاجتماعية، يؤكد أحمد ولد حبيب الله أن المجتمع الموريتاني "تركيبة اجتماعية لا عرقية"، إذ يتشكل من زخم من القبائل والزوايا التي تقاسمت السلطة الزمنية والروحية في موريتانيا التي عانت مرة طويلة انعكاسات غياب السلطة المركزية الرادعة.
وفي الجانب الثقافي والأدبي، استرسل الباحث في الحديث عن المراكز العلمية التي كانت منتشرة في موريتانيا، أمثال: شنقيط التي أسست في القرن الهجري السابع، وولاته، وأوداغست، ووادان... إلخ. وقد كان لها أثر جلي في نشر الثقافة والمعارف التي شهدت ازدهارا ملحوظا في القرون 12 و13 و14 للهجرة. وإذا كان دارسو الأدب العربي يتحدثون عما أسموه (عصر الانحطاط) باعتباره عصر جمود فكري وركود مس الأدب العربي في ظل خضوع جل أمصار الأمة العربية للنفوذ التركي، فإن أدب موريتانيا كان يعيش نهضة ثقافية وأدبية بارزة الصُّوى في هذه المرحلة، وهذا بشهادة عديد من الباحثين. يقول أحمد ولد حبيب الله: "في الوقت الذي كان فيه الأدب العربي يمر بمرحلة ضَعف وجمود في ظل خضوع معظم الوطن العربي للحكم العثماني... كانت بلاد شنقيط أو موريتانيا تشهد نهضة أدبية وثقافية وفي مختلف العلوم العربية والإسلامية، تجلت في كثرة الشعراء والمؤلفات".([4]) ويقول محمد طه الحاجري (ت 1988م): "... على أن الصورة الأدبية التي نراها لشنقيط في هذين القرنين (18-19م) جديرة أن تعدل الحكم الذي اتفق مؤرخو الأدب على إطلاقه على الأدب العربي عامة في هذه الفترة، فهو عندهم – وكما تقتضي آثاره التي بين أيديهم – أدب يمثل الضعف والركاكة والفُسُولة في صياغته وصوره ومعانيه. فهذه الصورة تمثل لنا الأدب الشنقيطي في وضع مختلف يأبى هذا الحكم أشتد الإباء. فهو – في جملته – أدب جزل بعيد عن التهافت والفسولة"([5]).
هذه صورة عامة ومقتضبة عن الإطار العام للأدب الموريتاني الذي يشترك من وجهة مع الأدب العربي عامة في جملة من الأمور لأنه جزء لا يتجزأ من صرحه. ومن وجهة أخرى، فهو سيتميز بجملة من الخصوصيات التي هي نتاج طبيعي لمجموعة من الظروف والعوامل
[/tabletext]

قديم 05-02-2012, 03:51 PM
المشاركة 6
زهراء الامير
فرعونيـة من أرض الكنانـة
  • غير موجود
افتراضي
[tabletext="width:100%;background-color:black;"]
[tabletext="width:100%;border:3px double red;"]
الفصل الثاني: مصادر الأدب الموريتاني وقيمتها التاريخية والعلمية.

لا نبالغ إذا قلنا إن أزيد من 90% من التراث الفكري والأدبي لموريتانيا ما يزال محجوبا عنا، وذلك لاعتبارات عديدة. فكثير منه قد ضاع في الحروب الداخلية المتعددة، ونصيب مهم منه قد تعرض إلى النهب والإحراق من قبل المستعمر الفرنسي، وما هو مخطوط من هذا التراث كثير جدا. ومن العوامل المباشرة التي أسهمت في ضياع كثير من أدب موريتانيا كون الموريتانيين يعتمدون اعتمادا كبيرا، في حفظ تراثهم وصيانته، الذاكرةَ والرواية الشفوية. يقول الشاعر: (البسيط التام)
عليك بالحفظ دون العلم في كتب فإن للكتب آفات تفرقها
اللص يسرقها والفأر يخر مها([6]) والنار تحرقها والماء يغرقها
ويقول أحمد ولد حبيب الله: "على أن الشيء المؤكد هو أن دور الكتابة أو التدوين في المحافظة على التراث الموريتاني ليس دورا رئيسيا، لأن حاجة القوم عامة إلى التدوين والكتابة كانت قليلة إذا ما قورنت بنزعة الحفظ السائدة. وبناء على ذلك، يمكننا أن نتخيل ضياع الكثير من التراث الموريتاني، خاصة ذلك الموغل في القدم. وقد يكون نصيب الشعر من الضياع والاندثار كبيرا، لأنه –من ناحية – كان يخلد تقاليد وصراعات قبلية ومثالب اجتماعية يتورع عن حفظها وعن تدوينها الشعراء إذا كان هجاء فاحشا أو فيه مس بمكانة القبيلة أو الشيخ الصوفي، ولأنه – من ناحية أخرى – كان ذا قيمة سامقة في الثقافة الموريتانية".([7])
أطلقت مجلة (العربي) الكويتية عام 1967 على موريتانيا (أو بلاد شنقيط) مقولة "بلد المليون شاعر". فأين هذا الشعر، وهذا الأدب بعامة؟ قد يجاب بأن معظمه قد ضاع. ولكن الثابت أن منه ما نجا من براثن الضياع؛ وهنا نتساءل: أين يمكن أن نقرأ هذا النصيب الذي وصل إلينا من الميراث الأدبي الموريتاني؟
لقد بذلت موريتانيا بعد حصولها على الاستقلال السياسي بعض المجهودات الرامية إلى تجميع مخطوطات تراثها الفكري والأدبي وتحقيقها ونشرها بغية التعريف بأدبها الذي طالما عانى التهميش والإقصاء. وقد أنشأت لهذا الغرض بعض المؤسسات والمراكز العلمية. وهكذا، ففي سنة 1974 تم إنشاء "المعهد الموريتاني للبحث العلمي". ولكنه ظل مشلولا عن القيام بمهامه العلمية لأساب مادية وإدارية وعلمية، منها:
· ضعف الإمكانات المادية المتاحة لاقتناء المخطوطات وصيانتها.
· انعدام الخبراء في مجال تجميع المخطوطات وحفظها وترميمها وتصنيفها وتحقيقها.
· طبيعة العقلية الموريتانية التي تأبى التنازل عما لديها من مخطوطات بالبيع أو بالإهداء. وتعدها من جملة المقدسات والأسرار التي لا ينبغي للغريب الاطلاع عليها أو تشويهها.
· انعدام الوعي العلمي والحضاري والتجاري بقيمة المخطوط وإحيائه ونشره.
ورغم هذا كله، فقد استطاع هذا المعهد أن يحقق بعض المخطوطات، وأن ينشر بعض الكتب والأبحاث، وأن يصدر مجلة دورية أسماها (الوسيط). كما تمكن المعهد من جمع أزيد من 6000 كتاب مخطوط، وحوالي 2500 ميكرو فيلما، وما يربو عن 600 ملف للشعراء.
إن المصادر والمراجع التي تتناول الأدب الموريتاني قليلة، ولا تقدم – في مجملها- أشياء كثيرة عن أدب موريتانيا شعرا أو نظما أو نثرا. فمن هذه المظانّ كتاب (نيل الابتهاج بتطريز الديباج) لأحمد بابا التمبكتي السوداني الذي حوى شذرات يسيرة عن ذلك الأدب. وهناك بعض المصادر المعروفة على صعيد الأدب العربي أوردت إشارات عن تاريخ موريتانيا الأدبي والثقافي والحضاري. يقول الباحث الموريتاني يحيى ولد محمدن: " فلولا آثار البكري وابن عِذاري المراكشي وابن الأثير والسيوطي وابن خلدون والكعتي والسعدي والسلاوي وعبد الله عنان لما عثرنا على هذه الأشلاء من تاريخنا السياسي والثقافي والحضاري..." أما المراجع التي يمكن أن نقرأ بين دفاتها أدب شنقيط، فإنها تتفاوت في قيمتها العلمية، وتتفاضل في المنهاج ووفرة المادة والأخبار والقدم والقرب من المنابع الأصلية. وقد حاول الباحث أحمد ولد حبيب الله أن يصنف هذه المراجع إلى أنواع، منها:
[/tabletext]
[/tabletext]

قديم 05-02-2012, 03:52 PM
المشاركة 7
زهراء الامير
فرعونيـة من أرض الكنانـة
  • غير موجود
افتراضي
[TABLETEXT="width:100%;background-color:black;border:3px double red;"]
أ- مراجع وطنية عامة: أي الكتب التي ألفها باحثون موريتانيون عن أدب بلدهم العام. ومن هذه الكتابات المطبوعة والمتداولة بين الناس نذكر:
· كتاب (فتح الشكور في معرفة أعيان علماء التكرور([8])) لابن بنان البرتلي: وقد حققه وقدم له الأستاذان محمد إبراهيم الكتاني ومحمد حجي (ت 2003م)، وطبع عام 1981 في بيروت. ويعد أقدم كتب التراجم والسير الموريتانية التي وصلت إلينا، وقد تعرض – بالترجمة والتعريف – إلى مائتي (200) شاعر ومؤلف من القرنين 11 و12 للهجرة.
· كتاب (الوسيط في تراجم أدباء شنقيط) لأحمد بن الأمين الشنقيطي المتوفى بالقاهرة سنة 1913م. وقد طبع هذا الكتاب أربع طبعات؛ الأولى عام 1911، والثانية عام 1958، والثالثة عام 1961، والرابعة عام 1989 (بعناية فؤاد سيد، أمين المخطوطات بدار الكتب المصرية). وترجم الأستاذ مراد تفاحي أجزاء منه إلى الفرنسية. ويضم الوسيط 82 ترجمة لأدباء شناقطة من القرنين 12 و13 هـ. ومما يلفت النظر في هذا الكتاب أن صاحبه قد اعتمد بدرجة كبيرة – صياغة فقرات كتابه وترجماته – ذاكرتَه وحافظتَه.
· كتاب (الشعر والشعراء في موريتانيا) للدكتور محمد المختار ولد أباه: وقد ضمنه حوالي 6000 بيتا من الشعر، وأصدره في تونس عام 1987م. وأوضح في مقدمته منهج تأليفه، وأنه أثبت فيه هذا القدر من الشعر لأكثر من مائة (100) شاعر ينشر لأول مرة ولم يرد منه شيء في وسيط الشنقيطي اتقاء التكرار. كما أورد شعرا لبعض شعراء الوسيط لم يكن معروفا. وحاول أن ينتقي اختياراته الشعرية من مختلف الجهات والقبائل الموريتانية.
-ب- مراجع مرقونة: ويقصد بها الباحث الدراسات والبحوث العلمية والدواوين التي يتم تحقيقها في إطار أعمال ذات طابع أكاديمي سواء داخل موريتانيا أم خارجها. ومن ذلك نذكر ما يلي:
· (نشأة الشعر الفصيح في بلاد شنقيط): هذه الدراسة –في الأصل- رسالة جامعية تقدم بها الأستاذ عبد الله حسن بن احميدة لنيل درجة الماجستير، وقد نوقشت في جامعة القاهرة عام 1986. وتقع في 245 صفحة من الحجم الكبير. وتتكون من مقدمة وخمسة فصول وخاتمة.
· (الشعر الشنقيطي في القرن 13 هـ): هذه الدراسة أعدها الأستاذ أحمد جمال بن الحسن لنيل دكتوراه الدولة في الآداب من جامعة تونس عام 1987. وفيها حوالي ألف (1000) صفحة موزعة بين ثلاثة مجلدات. وقد ترجم فيها صاحبها لثلاثة عشر شاعرا بارزا في القرن الهجري الثالث عشر.
· (التجديد في الأدب العربي بموريتانيا في العصر الحديث): هذه الدراسة رائدة في بابها باعتراف عدد من الباحثين. وهي –في الأصل – أطروحة جامعية تقدم بها الأستاذ محمد ولد عبد الحي لنيل د.د.ع من الجامعة التونسية عام 1989. وتقع في 292 صفحة من القطع الكبير.وتتألف بنيتها من مقدمة وخاتمة وستة فصول.
· ديوان امحمد بن الطلبه: وقد حققه الأستاذ أحمد جمال بن الحسن في إطار أطروحة جامعية ناقشها بتونس عام 1980. وفي هذا الديوان حوالي أربعة أبيات وألف بيت.
· ديوان محمد اليدالي: وقد جمعه وحققه وقدم له الباحث ولد أكاه، ونال به درجة علمية سنة 1980 من المدرسة العليا للأساتذة بموريتانيا.
· ديوان محمد ولد ابْنُ ولد احميدة: وقد جمعه وحققه ووضع حواشيه الأستاذ أحمد ولد حبيب الله، وذلك في إطار عمل جامعي نوقش بجامعة القاهرة عام 1988م.
- جـ - مراجع مغربية: تتحدث بعض المراجع المغربية عن أدب الصحراء أو موريتانيا وبعض أعلامه. ومن هذه المراجع التي ذكرها أحمد ولد حبيب الله نجد:
· ( المعسول) لمحمد المختار السوسي (ت 1383هـ): وهو يقع في عشرين (20) مجلدا.
· (خلال جزولة) للمختار السوسي كذلك: وفيه أربعة أجزاء.
· (الإعلام بمن حل مراكش وأغمات من الأعلام) لعباس بن إبراهيم المراكشي: وفيه عشرة أجزاء.
· (ثقافة الصحراء) للدكتور عباس الجراري... إلخ
- د- مراجع أجنبية: وهي كثيرة وخاصة باللغة الفرنسية والإنجليزية وكذا الإسبانية. وقد تعين على دراسة السياق العام للأدب الموريتاني، وتقف في بعض الأحايين عند بعض الأعلام الشناقطة. ومنها:
· كتاب (مستعمرة آدرار) « Colonie de l’Adrar» للعقيد غورو (Gouraud).
· كتاب (صحراء خصبة) "Désert Fertile : un nouveau Etat, La Mauritanie" للباحثة الفرنسية كريستين غارنييه (Christine Garnier)، وقد صدر في فرنسا سنة 1960م.
-هـ- ما كتبه الرحالة والمؤرخون العرب القدامى والمحدثون الذين زاروا موريتانيا، ودونوا لنا مجموعة من الأخبار والمعلومات عن أوداغست وولاته وشنقيط وآدرار. ومن هؤلاء ابن حوقل (ق 4 ***65259 صاحب كتاب (صورة الأرض)، وأبو عبيد البكري (ق5 هـ) صاحب (المسالك والممالك)، وابن بطوطة (ق 8 هـ) صاحب الرحلة الشهيرة. ومن المؤرخين المعاصرين العرب الذين كتبوا عن موريتانيا يونس بحري الذي ألف كتابا بعنوان (هذه جمهورية موريتانيا الإسلامية)، وقد صدر في طبعته الأولى عام 1961م عن دار الحياة البيروتية. وكذلك أنور زغلول الذي كتب بالاشتراك مع شوقي الكيال دراسة بعنوان (موريتانيا عربية)، وقد صدرت بالقاهرة عام 1960.
-و- المقالات والاستطلاعات: وهي كثيرة، منها ما كتبه موريتانيون، ومنها ما أنجزه دارسون عرب غير موريتانيين. ولعل من أهم هذه المقالات مقال الباحث المصري طه الحاجري الذي صدر ضمن العدد 107 من مجلة (العربي) في أكتوبر 1967، وعنوانه (شنقيط أو موريتانيا: حلْقة مجهولة في تاريخ الأدب العربي).
تلكم هي بعض المظانّ والكتابات التي يمكن أن نقرأ فيها الأدب الموريتاني قديمه وحديثه. وهي قليلة، لأن الإنسان الموريتاني – رغم معرفته بالكتابة على نحو ما – كان يُؤْثر الحفظ والرواية على التدوين. مما أدى إلى ضياع شيء غير قليل من تراثه الشعري والنثري، وخاصة ذلك الضارب بأواخيه في أعماق الماضي. ويتفف الباحثون على أن ما وصل إلينا من الأدب الموريتاني وما هو متداول بين الناس إنما هو قُلٌّ من كُثْر، أو غيض من فيض.
ولا شك في أن للمصادر والمراجع المذكورة قيمة تاريخية وأخرى علمية واضحتين. ذلك بأنها قد حفظت لنا أشياء عن تاريخ موريتانيا وأدبها من جهة، ومن جهة أخراة فإنها قد تضمنت صنوفا من المعارف والعلوم.
[/TABLETEXT]

قديم 05-02-2012, 03:52 PM
المشاركة 8
زهراء الامير
فرعونيـة من أرض الكنانـة
  • غير موجود
افتراضي
[tabletext="width:100%;background-color:black;border:3px double red;"]

المحور الثاني: نشأة الشعر الموريتاني وفنونه
المبحث الأول: نشأة الشعر الحساني وفنونه

تحدث الباحث في هذا المضمار عن اللهجة الحسانية بوصفها البوثقة الحاملة للشعر الحساني، وعن عروض الشعر الحساني المتميز واصطلاحاته الفنية الدقيقة، وعن صلة هذا الشعر بالموسيقى... إلخ. وعرض كذلك بعض الآراء التي قيلت في نشأة الشعر الحساني / العامّي الذي يطلق عليه عادة اسم (لَغْنَا)؛ أي الغناء لعلاقته الوثيقة بالموسيقى.
لقد حاول غير واحد من الدارسين الموريتانيين البحث في أصول الشعر الحساني ونشأته وتطوره... فهذا محمدن ولد سيدي إبراهيم لم يتوصل – في اجتهاده وبحثه – إلى تحديد تاريخ نشأة الشعر الحساني في موريتانيا، ولا إلى معرفة متى دخل إليها بالضبط. ولكنه يرى أنه مر بثلاث مراحل قبل أن يصل إلى الشكل الذي أصبح عليه اليوم، وهي:
· مرحلة (الكاف): أي القافية، وفيها كان الشعر الحساني أقرب إلى الشعر الفصيح.
· مرحلة (الطلعة) أو القصيدة.
· مرحلة (أَتْهَيْدِين) أو الملحمة.
ويقول الدكتور محمد المختار ولد أباه في كتابه (الشعر والشعراء في موريتانيا) إن أقدم صنف من أصناف الشعر الحساني موجود في ذلك الفن الذي يسمى (أتهيدين)، دون أن يحدد بداية نشأة هذا الشعر بداية دقيقة ولا كيف كان إبان دخول بني حسان إلى موريتانيا، وإن كان الباحث نفسه قد أومأ إلى أن الأزجال الشعبية قد دخلت صحراء صناهجة الجنوب مع دخول عرب بني معقل إليها... وهذا قد يكون – في نظر أحمد ولد حبيب الله – أقرب إلى الحقيقة التاريخية، لأن هؤلاء العرب دخلوا المنطقة في القرن الهجري السابع. ويذهب الشيخ ولد مكي إلى أن أول نص حساني وصل إلينا يعود إلى القرن التاسع للهجرة. وهناك من يرى أن أقدم نص حساني ينسب إلى الشيخ سيدي أحمد البكاي الكنتي (ت 934 هـ).
ولعل أشهر المهتمين بالشعر الحساني وأكثرهم اعتناء بالبحث في أصوله وصلته بالموسيقى وتطوره الأستاذ محمد ولد أحظانا الذي نشر في هذا الصدد اثنتي عشرة حلقة طويلة في صحيفة (الشعب) اليومية الرسمية عام 1993. وهو يرى أن نشأة الشعر الحساني قد مرت بثلاث مراحل، هي:
· مرحلة الأدب الشعبي الحساني قبل الالتحام بالموسيقى: وهي – كما يقول أحمد ولد حبيب الله – أقرب إلى الأزجال التي وجدت عند الهلاليين أو الشعر الشعبي أوهو هي. وتنتهي هذه المرحلة بما بعد دخول بني حسان إلى الصحراء الموريتانية وتمثلهم طبيعة حياتها لتبدأ مرحلة جديدة من مراحل النشأة، ويتعلق الأمر بـ:
· مرحلة الالتحام بالموسيقى: وهي تبدأ – نظريا – بالمثاقفة بين القبائل الحسانية والقبائل الخليطة (أو الهجينة ) التي سبقتها.
· المرحلة الأخيرة: وفيها خرج شعر الحسانيين في شكل جديد بعد تزاوجه الطويل مع الموسيقى. وفيها أصبح الشعر الشعبي ظاهرة اجتماعية بارزة ومنتشرة على نطاق واسع.
وبالرغم من هذا كله، فإن مسألة تحديد أولية أو نشأة الشعر الحساني تظل من أعوص الإشكاليات وأكثرها إثارة للجدل والنقاش والاختلاف. ويستوجب الاقتراب منها بذل مزيد من المجهود، والتعاون المثمر بين الباحثين والنقاد.
ومن أهم فنون الشعر الحساني وموضوعاته نذكر: أتهيدين([14])– المديح – النسيب – البكاء على الأطلال – الغزل – الفخر – الرثاء – الهجاء – النقائـض- المساجلات (لَكْطَاعْ) – الوصف – الحكمة – النصائح والإرشاد – الاعتبار بالأيام – التبراع ([15]) – الشعر السياسي – الشعر التعليمي. وقد تعامل الباحث مع هذه الفنون جميعها بمنهاج يقوم على التعريف بها أولا، ثم رصد أنواعها إن وجدت، وأخيرا التمثيل لها بما لديه من نماذج وشواهد دونما التفات إلى شرحها أو تحليلها.
المبحث الثاني: نشأة الشعر الفصيح وفنونه
يقول الشاعر والروائي والناقد الموريتاني المعاصر أحمد ولد عبد القادر في مقابلة أجريت معه – ونشرت في صحيفة (الشعب ) عام 1990 بعنوان (مسيرة الشعر الموريتاني إلى أين ؟) -: "إن نشأة الشعر الموريتاني لا زالت يكتنفها الغموض، ولا يزال السؤال مطروحا: متى ظهر في موريتانيا الشعر العربي الفصيح؟"، وإن أغلب الدارسين قد ردوا هذه النشأة إلى أواخر القرن 11 هـ وبدايات القرن 12 هـ مع عبد الله بن رازكه (ت 1144 هـ) وجيله. فهذه النشأة – إذاً – غير واضحة، وتطرح نفسها في الساحة النقدية الموريتانية باعتبارها إشكالية عويصة، أثير حولها نقاش حاد في القديم كما في الحديث. وفيما يلي نعرض بعض الآراء التي تصب في هذا المجال:
لقد كتب الأستاذ عبد الله حسن بن احميدة دراسة رائدة في هذا الاتجاه أسماها (نشأة الشعر الفصيح في بلاد شنقيط)، وأكد فيها أن هذه النشأة تعود إلى القرن 5 هـ؛ أي إلى العصر المرابطي، ومن أوائل الشعراء الذين يأتي بهم الإمام الحضرمي. وقد سجل الباحث أن شعر النشأة – في مجمله – كان ذا صبغة دينية تعليمية، وأن أكثر الشعراء كانوا فقهاء أو علماء. ويرى عدد من الباحثين أن أدب عصر المرابطين قد غلب عليه التيار الفقهي الذي كان حائلا دون انتشار الشعر وازدهاره في عديد من المناطق الصحراوية. يقول الدكتور جمال أحمد بن الحسن في دراسته الموسومة (بالشعر الشنقيطي في القرن 13 هـ): "... ورغم ظهور الشعر "المقبول" عند الفقهاء في جميع مناطق بلاد شنقيط – تقريبا – فإن هذا الحاجز الفقهي قد حال دون ازدهاره في مراكز متعددة كانت مؤهلة للإسهام فيه بحظ وفير. وهذه حالة مدينة وَلاَّتَهْ على سبيل المثال. وقد ظهر فيها شعر التوسل والمدائح منذ القرن 11***65259;/ 17م على أدنى تقرير" (ص 126 +127+128).
ويرى الدكتور محمد المختار ولد أباه في كتابه (الشعر والشعراء في موريتانيا) أن الشعر الموريتاني الفصيح قد ظهر – بحق – مع سيدي عبد الله بن رازكه. وفي الاتجاه نفسه، يقول الأستاذ أحمد سالم ولد محمدُ في دراسته التي عنوانها (شعر محمد حامد بن آلاَّ: جمع وتحقيق وتقديم)([16]): "فما قبل ابن رازكه (ت 1144***65259 ومحمد اليدالي (ت 1166***65259 والمصطفي بن أبي محمد (ت ق 12***65259 وأضرابهم في تاريخ الشعر الموريتاني غامض. وتدل معلوماتنا القليلة عن تلك المرحلة على قلة الإنتاج الشعري والافتقار إلى ثراء المضمون وإحكام الصياغة" (ص21). فهذا الرأي هو السائد والأكثر ذيوعا داخل موريتانيا وخارجها. إذ يحدد البداية الفعلية للشعر الفصيح في موريتانيا في النصف الثاني من القرن 11***65259; ومطلع القرن 12***65259;. وهو لا ينفي وجود شعر قبل هذه الفترة نفيا تاما، بل يرى أنه موجود ولكنه ضئيل وفقير ويغلب عليه النفَس الفقهي والتعليمي.
ويقسم الناقد الموريتاني المعاصر محمد ولد عبد الحي في كتابه القيم (التجديد في الأدب العربي بموريتانيا في العصر الحديث) مسيرة الشعر الموريتاني الفصيح إلى مراحل مترابطة. يقول: "إن الشعر الموريتاني قديمه وحديثه مر بعدة مراحل: مرحلة بدأت منذ القرن 11***65259; إلى أواسط القرن 14***65259; أو نهاية القرن 19م، ومرحلة بدأت منذ نهاية القرن 19م إلى أواخر الخمسينات – تقريبا-، ومرحلة بدأت مع بداية الاستقلال إلى اليوم". فهذا الرأي شبيه بالرأي السابق من حيث تحديد نشأة الشعر الفصيح في موريتانيا في القرن 11***65259;.
ويرجع الأستاذ يحيى ولد محمدن نشأة الشعر الفصيح بموريتانيا إلى وقت مبكر. يقول: "وأرى أن الشعر الموريتاني – باللغة العربية – موغل في القدم. ويمكن افتراض قدومه مع الفاتحين العرب المسلمين الأوائل في القرن الأول والثاني للهجرة. وإذا كانت المصادر الشعرية تعوزنا إلى الآن، فإن الشعر والعرب صنوان لا يفترقان". ويقول أيضا: "ولكن كثيرا من دارسينا يطيب لهم أن يرجعوا أوائل نشأة الشعر الموريتاني إلى القرون الأخيرة التي هي في الواقع عصور ازدهاره لا عصور نشأته...!! فالذين يرون نشأة الشعر الموريتاني راجعة إلى القرن العاشر فما بعده مع الذيب الكبير وبوفمين وابن رازكه ينسون أو يتناسون أن البلاد في عهد المرابطين (القرن 5و6***65259 كان بها علماء ونَظَّامون وشعراء سواء كان ذلك في آزوكي أو بمراكش أو أغمات أوريكه".
ويندرج أغلب النتاج الشعري الموريتاني الفصيح في المحاور الرئيسة التالية:
· الشعر الديني: ومن أبرز موضوعاته التوسل والتضرع، والمديح النبوي، والزهد والتصوف، والاستسقاء والاستشفاء والتظلم.
· الشعر التعليمي: ومن موضوعاته البارزة نذكر: الوعظ والإرشاد – الإفتاء والنوازل – التأريخ لوفيات الأعيان والكوارث – الألغاز والأحاجي – السيرة النبوية – الأدب والبلاغة.
· الشعر الاجتماعي: وتنضوي تحت لواء هذا المحور عدة فنون، أبرزها: المدح – الهجاء – النقائض – الغزل – الإخوانيات – الرثاء – الوصف – الفخر – العتاب والشكوى – الحنين إلى الأوطان – الفكاهة والمجنون – الحكمة – المساجلات الشعرية – الأمثال – التقاريظ والإطراءات.
· الشعر الإصلاحي السياسي: ويراد به "ذلك الشعر الذي يدعو إلى الإصلاح الاجتماعي والسياسي، ويحارب الفساد والظلم الاجتماعي، ويدعو إلى الجهاد في سبيل الله وتنصيب الإمام العام للمسلمين وإقامة الدولة الإسلامية المركزية، ويقف في وجه العادات المخالفة لكمال التوحيد والتقاليد التي تخالف السنة النبوية، ويدعو إلى نبذ ظاهرة التميم والسدل وغلق باب الاجتهاد والركون إلى التقليد...!"([17]). ومن الشعراء الموريتانيين الذين نظموا في هذا الاتجاه نجد الشيخ محمد ألمامي بن البخاري (ت 1278***65259 الذي دعا إلى الجهاد وتنصيب الإمام العام للقضاء على حالات الفوضى والاضطراب والفساد. وأيضا العلامة ماء العينين بن العتيق (ت 1376***65259;/1957م) الذي حث على مجاهدة المستعمرين وعدم بيع الدين بالدنيا الفانية. ومنهم كذلك المرحوم أجدود بن أكتوشن العلوي الذي دعا إلى المقاطعة الاقتصادية للغرب عامة ولفرنسا خاصة... ويرتبط بهذا النوع الشعري الشعر الوطني الداعي إلى الاستقلال السياسي عن الإدارة الفرنسية، وكذا الشعر القومي الذي يَأْدِب إلى الوحدة العربية... وهناك محاور أخرى قليلة الأهمية، مثل: شعر الدخان، وشعر الأتاي (أو الشاي الأخضر)...إلخ
[/tabletext]

قديم 05-02-2012, 03:53 PM
المشاركة 9
زهراء الامير
فرعونيـة من أرض الكنانـة
  • غير موجود
افتراضي
[tabletext="width:100%;background-color:black;border:3px double red;"]
-جـ- تصنيف ابن اكاه:
صنف ذ. محمد الحافظ بن أكاه في بحثه المعنون "بجولة في أدب شنقيط"([20]) الشعر الموريتاني الفصيح إلى مدارس أربع، هي:
· المدرسة الأولى: ويمثلها ابن رازكه، وتعنى بالتلوين الأدبي والصياغة الأسلوبية. أوهي (مدرسة البلاغة والبديع) كما يسميها ولد أباه.
· المدرس الثانية: وقد تأثر شعراؤها بالقصيدة الجاهلية. ويمثلها امحمد بن الطلبه، وأحمد بن عبد الله المعروف "بالأحول الحسني" (ت 1250***65259، ومحمدُ النّانه بن المعلى.
· المدرس الثالثة: وهي مدرسة ذات نفَس عباسي وأندلسي. وتمتاز بالرقة والعذوبة في الخيال، والصدق في العاطفة. ويمثلها محمدُ بن محمدي (ت 1272***65259، وحرمة بن عبد الجليل.
· المدرسة الأخيرة: وهي مدرسة محلية أصيلة نابعة من البيئة الموريتانية. ويمثلها الشاعر الكبير امحمد بن أحمد يوره.
هذه –إذاً – بعض المحاولات التصنيفية التي اجتهد أصحابها في تصنيف الشعر الموريتاني الفصيح إلى مدارس أو اتجاهات. وهي محاولات لا تخلو من جرأة ومغامرة. وهم يعترفون جميعا بصعوبة ذلك التصنيف لاعتبارات معينة، ويقرون بأن محاولاتهم في التصنيف ليست سوى اجتهادات شخصية.
وقد كان د. جمال أحمد بن الحسن أكثر موضوعية حينما تحدث – بإضافة – في أطروحته الجامعية (الشعر الشنقيطي في القرن 13***65259 عن صعوبة تصنيف الشعر الموريتاني الذي تتعدد مشاربه وتتباين منابعه إلى اتجاهات أو مدارس مستقلة. يقول: " إن شعراءنا – كما درسنا أشعارهم – لم يكونوا ينتمون إلى مدارس أدبية مستقلة ثابتة، بل كانوا متنازعين بين منحيين:
· منحى شعري يخلص الشعر من وظيفته المرجعية (الدينية) ويمحّضه لوظيفته الشعرية عبر الارتباط بالقصيدة الجاهلية. (ابن الطلبه اليعقوبي مثلا)
· منحى يخضع الشعر لمقتضيات الإبلاغ الديني والعلمي دون أن يهمل خصائصه الأسلوبية. (ابن الشيخ سيدي مثلا)
لقد تعرضت التصنيفات المذكورة إلى النقد من قبل بعض الدارسين الذين رأوا أن الشعر الموريتاني لا يمكن أن يصنف إلى اتجاهات أو مدارس أدبية مستقلة بعضها عن بعض. وخاصة التصنيفين الأولين. وهكذا فقد انتقد المرحوم محمدي بن القاضي (ت 1983م) تصنيف ولد أباه، وذهب إلى أن تصنيف الشعر الموريتاني إلى مدارس زمنية أو أدبية خاطئ. وزعم – بالمقابل – أن هذا الشعر إنما هو مدرسة واحدة أو عصر واحد مختلط، ولا يمكن أن يوزع إلى عصور لكل منها ملامح خاصة، ذلك بأن الشاعر الواحد يخلط في إبداعه بين مختلف تلك الملامح. وهذا الرأي – كما ترى – لا يبعد كثيرا عن رأي جمال أحمد بن الحسن المتقدم.
وفي ختام هذا الفصل، يمكن القول إن أقرب الآراء المعروضة إلى الصواب وأكثرها علمية رأي د.جمال ولد الحسن. وفي هذا الصدد، يقول أحمد ولد حبيب الله عقب عرضه لعدد من التصنيفات الداخلية للشعر الموريتاني: "وإذا كان لنا أن نميل مع أحد هذه التصانيف والآراء الآنفة، فإن الأقرب إلى الذوق النقدي هو ما ذهب إليه الدكتور جمال ودعمه ابن محمد سالم."([21])
[/tabletext]

قديم 05-02-2012, 03:54 PM
المشاركة 10
زهراء الامير
فرعونيـة من أرض الكنانـة
  • غير موجود
افتراضي
[tabletext="width:100%;background-color:black;border:3px double red;"]
الفصل الخامس: النقد الأدبي الموريتاني
لقد حاول الباحث أن يقدم لنا في هذا الفصل صورة بانورامية عن النشاط النقدي الأدبي بموريتانيا قديما وحديثا، وذلك من خلال الوقوف عند زخم من الشواهد والأدلة إن على مستوى التنظير أو التطبيق.
من الأسئلة التي تطرح نفسها في هذا الإطار بالذات ما يلي: هل هناك نقد اسمه (النقد الموريتاني)؟. وإن كان موجودا فما طبيعته؟
ظهرت في السنوات الأخيرة مقالات عدة حاولت الإجابة عن السؤال المطروح؛ هذه المقالات احتضنتها – أساسا – الصحف الموريتانية ("الشعب" خاصة) وبعض الصحف والمجلات العربية. كما خصصت الدراسات والأبحاث المنجزة حول أدب موريتانيا حيزا بالحديث عن الحركة النقدية الأدبية الموريتانية. وممن حاول الإجابة عن السؤال السالف طرحه الأستاذ أحمد ولد حبيب الله الذي يقول: "والإجابة على السؤال صعبة أو مستحيلة، لأن النقد الموريتاني – كالأدب- لازال مجهولا لم تتوجه إليه الدراسات تدوينا وجمعا ودراسة وتصنيفا ونشرا. والنظرات النقدية الساذجة التي كانت تمارس ممارسة عفوية ضاعت، ولم يبق منها إلا ما خلده الشعراء أو جاء عرضا وليس مقصودا لذاته في المتاح من الكتب الموريتانية التي جمعت دفتاها أجزاء قليلة من الشعر الموريتاني كالوسيط وفتح الشكور... !!
على أنه تلك النظرات تتفاوت في مستواها التأثيري الانطباعي الذي تحكم به بالقبح أو الحسن أو الجودة- غالبا والرداءة أحيانا على العمل الذي ترك ذلك الانطباع. وتأتي هذه النظرات في منظومة أو قصيدة أو كلمة إطراء فاحش ومجامل، قد يكتفى بهز الرؤوس رقصا أو التمايل طربا أو إعجابا أو الأنين أو التأوه وإطلاق كلمة (أَسْكِ) بمعنى أتعجب أو (آحْ) أو القول للشاعر وهو ينشد شعره: (أباد الله خيام عدوك ما أحسن ما تقول) أو القسم بالسرة، سرة النفس أو الأدب أو أعز الناس أو سرته عن سرة الشاعر أو القسم بالأيمان المغلظة بأن هذا الشاعر (أعجوبة دهره ووحيد زمانه وأوانه) لم يجد الزمان بمثله ولم يتقدم مثله عليه ولن يأتي بعده... وهذه الألفاظ تطلق جزافا دون تعليل وتحليل..."([22])
لقد تعمدنا إدراج هذا النص هنا بالرغم من طوله الواضح، وذلك بالنظر إلى ما يتضمنه من معلومات قيمة فيما يرتبط بالحركة النقدية التي شهدها الأدب الموريتاني القديم بخاصة. ويمكننا أن نستنتج من هذا النص جملة من الأمور كالتالي:
· إن أكثر النقد الموريتاني القديم قد ضاع أو ما يزال قابعا في الكتب المخطوطة ينتظر من ينفض عنه الغبار ويحققه ويخرجه للناس.
· إن النقد الموريتاني القديم نقد ساذج وضئيل. ويغلب عليه الطابع الذوقي التأثري الانطباعي. وهذا الأمر نجده كذلك في النقد الموريتاني الحديث والمعاصر. يقول أحمد ولد حبيب الله: "والواقع أن هذه الوضعية تكاد تكون موجودة حتى في أيامنا هذه، فمازالت الحركة النقدية الموريتانية تكاد تعتمد على المفهوم الانطباعي التأثري الذي يجعل الناقد الموريتاني وإلى الآن يرنو إلى العمل الأدبي من وجهة نظر ذاتية تابعة لميوله الفكري وهواه بغض النظر عن القيمة الفنية الحقيقية لذلك العمل في حد ذاته" ([23]). ويقول الباحث نفسه في تفسير ذلك: "والظاهر أن هذا يعتبر من نظرة الموريتاني إلى الحياة والأشياء، تلك النظرة المفتقرة إلى الموضوعية والجرأة".([24]) وإذا تتبعنا ما هو متاح من النقد الموريتاني الانطباعي بقطع النظر عن قيمته الفنية، فإننا واجدون نقدا شكليا لغويا ونحويا؛ وهو الأكثر، وهو يبرز الحرص الشديد على اللغة وسلامتها والعروض وعافيته. ونقدا مضمونيا دينيا خلقيا يحارب الهجاء والخروج عن الأعراف الراسخة، ويتورع من الغزل المادي المكشوف خاصة. ونقدا فنيا يدعو إلى عدم التقليد، ويطالب بالتجديد والابتكار دون أن يطرح بديلا لما دعا إلى نبذه. ونلفي فيه كذلك بعض الموازنات والمفاضلات والشروح والهوامش اللغوية والأنظام الشعرية.
· إن النقد الموريتاني القديم يفتقر إلى التسويغ والتعليل. بحيث كان الناقد يكتفي بإصدار أحكام عامة تابعة لميوله وذوقه وموقفه الذاتي من النص الأدبي المنقود، دون أن يرفق حكمه النقدي بما يعلله أو يعضده من حجج وشواهد. وهذه الحال تذكرنا بالنقد العربي في بواكيره.
· إن النقد الموريتاني القديم مارسه الشعراء والعلماء واللغويون. وقد ضم كتاب (الوسيط) نماذج منه.
· إن النقد الموريتاني القديم كان ينصب – في الغالب الأعم – على الشعر. لأنه يعد الجنس الأدبي الأثير لدى الشناقطة، والفن الأكثر استهلاكا وسيرورة في البِيئة الموريتانية منذ القدم.
ويمكن أن نقسم البقية المتاحة من النقد الموريتاني القديم قسمين اثنين، كما يلي:
أولا: النقد التطبيقي
وهو الأكثر، وكان يعنى أساسا بجانب الشكل؛ إذ إنه كان ينظر - في المحل الأول – في لغة النص وعروضه. ومن الكتابات التي تمثل هذا النقد (المربي على صلاة ربي) شعرا ونثرا للشيخ محمد سعيد اليدالي (ت 1166***65259.

يتبــع لاحقاً
[/tabletext]


مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: الأدب المـوريتـاني .!.
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
من أرقى كتب الأدب والبلاغة الإنشاء ( جواهر الأدب ) ناريمان الشريف منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 54 01-19-2021 11:23 PM
الجامع في تاريخ الأدب العربي الأدب القديم - حنا الفاخوري د. عبد الفتاح أفكوح منبر رواق الكُتب. 2 07-20-2019 08:05 PM
الليث بن سعد أ محمد احمد منبر ذاكرة الأمكنة والحضارات والأساطير 1 06-22-2019 03:05 PM
الأدب السوفييتـــي رقية صالح منبر الآداب العالمية. 5 08-01-2011 06:57 PM

الساعة الآن 10:48 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.