احصائيات

الردود
3

المشاهدات
16184
 
عبدالله باسودان
أديـب وشاعـر

اوسمتي


عبدالله باسودان is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
324

+التقييم
0.07

تاريخ التسجيل
Jul 2011

الاقامة

رقم العضوية
10158
07-12-2011, 06:28 PM
المشاركة 1
07-12-2011, 06:28 PM
المشاركة 1
افتراضي شعر ما قبل الإسلام
عبدالله علي باسودان

بحث مطروح للنقاش

شعر ما قبل الإسلام وليس الشعرالجاهلي

الجاهلية وصف ملازم للعرب ما قبل الإسلام، نقول العصر الجاهلي وشعراء الجاهلية وحكماء العرب في الجاهلية، والشعرالجاهلي، وهذه التسمية وإن كانت صحيحة في جانب إلا أن فيها من الظلم الكبير للعرب في ذلك العصر، فهي تجـرّد كل العرب في ذلك العصر عن كل فضيلة وخُلق وتصف المجتمع في ذلك العصر بأنه مجموعة من السلبيات والفوضى. وحتى ننصف العرب في ذلك العصر علينا أن نعـِّرف معنى كلمة الجاهلية.
كلمة الجاهلية ليست مشتقة من الجهل الذي هو ضد العلم ونقيضه، وإنما مشتقة من الجهل بمعنى السفه والغضب والنزق والحمِّية والطيش، ومما يؤكد ذلك المعنى قوله تعالى (قالوا أتتخذنا هزواً قال أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين)" البقرة 67 " وقوله تعالى (خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين)" الأعراف 199"
بهذا المعنى يكون وصف العرب بالجاهلية في مكانه. فقد كان العرب وثنيين، إلا قلة من بقايا أهل الكتاب، وكانت أخلاقهم قوامها الطيش والغضب والأخذ بالثأر واقتراف ما حرمه الله عز وجل من موبقات، إلا أنه من الإنصاف لا يصح هذا التعميم على كل المجتمع في ذلك العصر، حيث أن في كل مجتمع وفي كل عصر إيجابيات وسلبيات، فهناك في ذلك العصر من الحكماء والعقلاء والمصلحين ممن شهدت لهم أشعارهم وخطبهم ووصاياهم ومآثرهم بتمسكهم بالفضائل التي جاء ونادى بها الإسلام فيما بعد.
وأما الجهل الذي هو نقيض العلم، فقد كان العرب في عصر ما قبل الإسلام بعيدين عن هذا الوصف. ولقد كان أحمد حسن الزيات محقاً في قوله: ..." ولو ساغ لنا أن نحكم على العرب بمقتضى لغتهم وآدابهم لوجدنا لهم نفوساً كبيرة وأذهاناً بصيرة وحنكة خبيرة ومعارف واسعة، كوّنوا أكثرها من نتائج قرائحهم وثمار تجاربهم فإن لغتهم وهي صورة اجتماعهم لم تدع معنى من المعاني التي تتصل بالروح والفكر والجسم والجماعة والأرض والسماء وما بينهما إلا استوعبت أسماءه و رتبت أجزاءه ... ولعمري ما يكون التمدن اللغوي إلا بعد تمدن اجتماعي راق في حقيقته.
و يقول جرجي زيدان في بحثه عن العرب في ذلك العصر " لم يتصد أحد للبحث في آداب اللغة العربية قبل زمن التاريخ لقلة المواد المساعدة على ذلك ولاعتقاد أن العرب ـ حتى في الجاهلية الثانية ـ كانوا غارقين في الفوضى والجهالة، ولا عمل لهم إلا الغزو والنهب والحرب في بادية الحجاز والشام وفي نجد وفي غيرها من بلاد العرب، على أننا إذا نظرنا إلى لغتهم كما كانت في عصرالجاهلية نستدل على أن هذه الأمة كانت من أعرق الأمم في المدنية، لأنها من أرقى لغات العالم في أساليبها ومعانيها وتراكيبها .... واللغة مرآة عقول أصحابها ومستودع آدابهم ".
إن العرب في ذلك العصر كغيرهم من الأمم كانت لهم جوانب إيجابية وجوانب سلبية، فالجوانب الإيجابية كثيرة منها سعة الخيال وسرعة الخاطرة ودقة الإحساس كما أكسبتهم البيئة براعة في الأنساب والأخبار والأشعار. وكما مهروا في الفراسة والقيافة ووصف الأرض لكشف العي فيهم وطلب الهارب منهم. أما في الجانب الخلقي والتربوي فقد كان للعرب الحظ الأوفر، فأكثم بن صيفي كان من خيرة حكماء العرب وقضاتها وكان مثالاً في الرصافة والتعقل والحكمة ومما يروى عنه أنه سار إلى كسرى أنو شروان في وفد من العرب لإظهار فضل العرب وتفوقهم وكان الخطيب المفوّه فقال له كسرى: "لو لم يكن للعرب غيرك لكفى" فقال أكثم كلمته المشهورة: "رب قول أنفذ من صول".
والمتتبع لخطب أكثم بن صيفي يرى أنها تتصل بالمواعظ وتكثر فيها الحكم التي تصدر عن نفس راقية متأملة واعية لأحوال المجتمع كما تعالج شخصية الإنسان في ذلك المجتمع،

ومن الثابت أن مؤرخي ورواة الشعر قديماً وحديثاً اعتادوا على أن يوسموا الشعر العربي قبل الإسلام بالشعر الجاهلي واستُعمل هذا في مؤلفاتنا ومناهجنا الدراسية إلى يومنا هذا. وفي تصورنا أن هذة التسمية لا تليق بالشعر العربي قبل الإسلام أن يوسم بالجهل، ذلك لأنه يمتاز عن غيره من الشعر الذي قيل بعد الإسلام إلى يومنا هذا، ولأنه يعبّر عن مكارم الأخلاق والشهامة والمروءة والشرف والشجاعة والفروسية والوفاء بالعهد في ذلك العصر عند العرب كما أسلفنا سابقاً، وكذلك اللغة العربية السليمة النقية التي يعتز بها كل عربي فهي تعتبر من أرقى اللغات قلما نجد مثيلها في أمة من الأمم في ذلك الزمن. كما أنه أرسى لنا بناء القصيدة وأوزانها وقواعد اللغة العربية وبلاغتها. إنه تأريخنا يجب علينا أن نعتزبه، فليس من الوفاء أن نوصمه بالجهل .
إن هذا الشعرفي ذلك العصر مرجعنا في مختلف قضايانا الشعريه والأدبية واللغوية، وهو ديوان العرب في تلك الحقبة من الزمن، وكذلك مرجعنا في تفسير كثير من معاني كلمات القرآن الكريم، فقد روي عن ابن عباس رضي الله عنهما لما سئُل عن معنى الأية الكريمة:
"يوم يكشف عن ساق ويُدعون إلى السجود فلا يستطيعون" (القلم 42)
قال: إذا خفي عليكم شيء من القرآن فابتغوه في الشعر فإنه ديوان العرب أما سمعتم قول الراجز:
صـــبراً عنا ق إنه شـر بــاق
قد سن لي قومك ضرب الأعناق
وقــامـة الحرب بنا على ســاق

وفي التفسير: كشف الساق يراد به الشدة في البلاء، وقد كانوا إذا ابتلوا بشدة كشفوا عن الساق.
وعن محمد بن سلاَّم الجمحي صاحب طبقات فحول الشعراء قال: "ما عُرض لابن الخطاب أمر إلا واستشهد فيه بالشعر." وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال " أفضل صناعات الرجل الأبيات من الشعر يقدمها في حاجته، يستعطف بها قلب الكريم، ويستميل فؤاد اللئيم"
وقال أيضاً " الشعر جزل من كلام العرب تسكن به ثائرتهم، ويطفأ غيظهم ويبلغ بها القوم
في ناديهم، ويعطى به السائل" .
وقال أبوهلال العسكري:"لا تعرف أنساب العرب وتواريخها وأيامها ووقائعها إلا من جملة أشعارها، فالشعر ديوان العرب وخزانة حكمتها ومستنبط آدابها ومستودع علومها."
إذا لم نعرف هؤلاء الشعراء الذين كانوا قبلنا لما عرفنا مثل هذا الشعر الراقي في معناه لغة ً وأدباً، وحكماً وأمثالاً، لذلك ليس من الإنصاف والوفاء أن نوسم هذا الشعرالعظيم الذي حفظ لنا تاريخنا في ذلك الزمن بالجهل، وإذا كان في نظر البعض أن هذه التسمية تليق به فلماذا نتعلم الطيش والنزق ونكتبه في كتبنا وندرسه لطلابنا في مدارسنا وجامعاتنا. وإذا كان لابد لنا من هذا النعت فهل ننعت الكرم في ذلك العصر و نقول الكرم الجاهلي والوفاء بالعهد الوفاء الجاهلي وما شابه ذلك من الشجاعة والمروءة والأمانة. وقد قرأتُ لأحد الكتاب قوله "لابد لنا أن نستمر على هذه التسمية فقد اقتدى عليها آباؤنا السلف والخلف" ، فنقول فهل يا ترى نكون مثل ما قال الأولون "إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون."
يقول أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه: " كان الشعر علم قوم ولم يكن لهم علم أصح منه "
هناك في ذلك العصر مكارم أخلاق ووفاء بالعهد و شهامة وشجاعة كما سجلها لنا التاريخ وسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" إنما بُعثتُ لأتمم مكارم الأخلاق". ومما يروى عنه صلى الله عليه وسلم أن سفانة بنت حاتم الطائي وقد وقعت في الأسر في إحدى الغزوات وعندما عرفتّه بأبيها أنه كان كريماًً في ذلك العصر قال لها يا جارية هذه صفات المؤمن حقاً لو كان أبوك مسلماً لترحمنا عليه، فقال لأصحابه خلوا عنها فإن أباها كان يحب مكارم الأخلاق والله يحب مكارم الأخلاق.
ومن أهمية اللغة العربية في ذلك العصر أن القرآن الكريم لم ينزل بلغة قريش وحدها وإنما نزل بلغة أكثر القبائل العربية ليتحداهم بما لديهم من قوة البلاغة في اللغة و الخطابة والشعر وبأن يأتوا بآية من مثله، حتى قال قائلهم كلمته المشهورة بما رواه ابن عباس رضي الله عنهما أن الوليد بن المغيرة جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال اقرأ عليّ، فقرأ عليه :
إن الله يأمر بالعدل والإحسان و إيتاء ذي القربى ... إلى آخر الأية، فقال أعد فأعاد، فقال الوليد: والله إن له لحلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإن أعلاه لمثمر، وإن أسفله لمغدق، وإنه ليعلو ولا يعلى عليه، وإنه ليحطم ما تحته، وما يقول هذا بشر.
وكلامنا هذا بصدد الشعر واللغة العربية ومكارم الأخلاق في ذلك العصر شعراً كان أم خطابة أم نثراً وليس بصدد الديانات والحكم بغير ما شرعه الله ورسوله والتقاليد الوثنية السائدة في ذلك العصر. ونؤكد ذلك بما قاله سيد قطب – رحمه الله – في كتابه في ظلال القرآن " فالجاهلية كما يصفها الله و يحدد قرآنه هي حكم البشر للبشر لأنها هي عبودية البشر للبشر والخروج من عبودية الله ورفض ألوهية الله والاعتراف في مقابل هذا الرفض بالوهية البشر وبالعبودية لهم من دون الله.
ويتابع قوله: إن الجاهلية ليست فترة من الزمان ولكنها وضع من الأوضاع هذا الوضع يوجد بالأمس، ويوجد اليوم، ويوجد غداً، فيأخذ صفة الجاهلية المقابلة للإسلام، مناقضة للإسلام....فالعبودية لغير الله جرّتهم الى كل الضلالات السابقة وتحكيم الأهواء والعادات والتقاليد، وهي بناءً على ذلك تعني مفهوم الضلالات والسفه والطيش وتحكيم العادات والتقاليد بعيداً عن منهج الله في السياسة والاقتصاد والعقائد والحياة الاجتماعية .. وعدم تحكيم شرع الله."
ويقول الدكتور شوقي ضيف في كتابه: تاريخ الأدب العربي: "... وقد أخذت (يعني كلمة الجاهلية) تطلق على العصر القريب من الإسلام أو بعبارة أدق على العصر السابق له مباشرة وكل ما فيه من وثنية وأخلاق قوامها الحمية والأخذ بالثأرواقتراف ماحرمه الدين الحنيف من موبقات."
إذن لم يكن العرب بتلك السلبية التي تتبادر إلى الذهن بمجرد ذكر الجاهلية ويظهر ذلك جلياً في خطب أكثم بن صيفي وعمرو بن كلثوم، وعامر بن الضرب وغيرهم، وفي كثير من أشعار شعراء تلك الحقبة من الزمن حيث تؤكد هذه الخطب وهذه الأشعار بأن للعرب نفوساً كبيرة وأذهاناً بصيرة وحنكة خبيرة ومعارف واسعة أكثرها من نتاج قرائحهم وثمار تجاربهم كما تشهد هذه الآراء والحكم على عمق نظرتهم السياسية والاجتماعية والإنسانية.
ويُروى أن أول من أظهر التوحيد بمكة قس بن ساعدة الأيادي الذي يكفيه فخراً أن الرسول صلى الله عليه وسلم روى عنه، فقد قدم وفد من أياد على النبي صلى الله عليه وسلم فقال:" ما فعل قس بن ساعدة ؟ قالوا: هلك يا رسول الله، فقال كأني أنظر إليه بسوق عكاظ يخطب الناس على جمل أحمر يقول: أيها الناس اسمعوا وعوا، من عاش مات، ومن مات فات، وكل ماهو آت أت، ليل داج، ونهار ساج، وسماء ذات أبراج، ونجوم تزهر، وبحار تزخر، وجبال مرساة، وأرض مدحاة، وأنهار مجراة، إن في السماء لخبرا، وإن في الأرض لعبرا،
ما بال الناس يذهبون فلا يرجعون ؟ أرضوا بالمقام فأقاموا ؟ أم تركوا فناموا ؟ يا معشر إياد أين الآباء والأجداد ؟ وأين الفراعنة الشداد ؟ الم يكونوا أكثر منكم مالا وأطول آجالا ؟ طحنهم الدهر بكلكله ومزقهم بتطاوله ثم أنشد ( وكان يقوله ولا يقيم وزنه) :

في الذاهبين الأولين
من القرون لنا بصائر
لما رأيت موارداً للموت
ليس لهـا مصـادر
ورأيت قومي نحوها
يمضي الأكابر والأصاغر
لا يرجع الماضي إليَ
ولا من الباقين غابر
أيقنت أني لا محالة
حيث صار القوم صائر

يُروى عنه أنه صلى الله عليه وسلم قال: ( يُعرض هذا الكلام يوم القيامة على قس بن ساعدة فإن كان قاله لله فهو من أهل الجنة ) .
إننا عندما نقرأ كثيراً من شعر ذلك العصر نجد فيه من الوصف للشهامة و المروءة والأمانة والعفة ومكارم الأخلاق والوفاء بالعهد بالإضافة الى الحكمة والشجاعة وقوة بلاغة وإتقان اللغة العربية مما نعتز به أكثر مما نجده في كثير من أشعارنا وفي مؤلفاتنا في هذه الأيام والأمثلة على ذلك كثيرة لا حصر لها. فمن الأشعار التي تُعبِّر عن مظاهر الإيمان والأخلاق الحميدة التي أمرنا بها الإسلام قول عمرو بن كلثوم في إحدى قصائده:

فلا العزِّى أدين ولا ابنتيها ولا صنمي بني طسم أديرُ
أربّاً واحد اً أم ألف رب أدين إذا تقسمت الأمـور
ولكن أعـبد الرحمن ربي ليغفر ذنبي الرب الغفور
فتقوى الله ربكم احفظوها متى ما تحفظوها لا تبورا
ويقول أوس بن حُجر:
وباللأت والعزى ومن دان دينها وبالله إن الله منهن أكبرُ
ويقول ورقة بن نوفل:
بدينـك ربـاً ليس رباً كمثله وتركك جنات الجمال كما هيا
وإدراكك الدين الذي قد طلبته ولم تــك توحــيد ربك ساهيا
أدين لرب يستجيب ولا أرى أدين لم لا يسمع الدهر داعيا
أقول إذا صليت في كل بيعة تباركت قد أكثر باسمك داعيا
ويقول النابغة الذبياني:
ولما وقاها الله ضربة فأسه وللـبّر عـين لا تغمَّض ناظره
فقال تعالي نجعل الله بيننا على ما لنا أو تنجزي ليَ آخره
فقالت معاذ الله أفـعل إنـني رأيتك مسحورا يمينك فاجره

وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه لوفد غطفان الذين قدموا عليه من الذي يقول:
حلفت فلم أترك لنفسك ريبة ً وليس وراء الله للمرء مذهبُ
قالوا: نابغة بني ذبيان، فقال لهم:
فمن قائل هذه الأبيات:
أتيتك عارياً خلقاً ثيابي على وجلٍ تظن بي الظنونُ
فألفيت الأمانة لم تخنـها كذلك كان نوحٌ لا يخونُ
قالوا: هو النابغة، قال: هو أشعر شعرائكم.
وقال لبيد بن ربيعة العامري:
ألا كل شىء ما خلا الله باطل وكل نعيم لا محالة زائلُ
وكل امرىء يوماً سيعلم سعيه إذا كشفت عند الإله الخصائل
وقال أيضاً:
ما عاتب المرءَ الكريم كنفسه والمرءُ يصلحه الجليس الصالح

وقال عدي بن زيد العبادي:
كفى واعظاً للمرء أيام دهـره تروح به الواعظات و تغتذي
عن المرء لا تسأل وسل عن قرينه فكـلُ قرين بالمقارن يقــتدي
فإن كان ذا شرٍ فجــانبه سرعةً وإن كان ذا خير ٍ فقاربه تهــتدي
إذا ما رأيت الشر ينعت أهـله و قام جناة الشر بالشر فأقــعد

وكذلك نرى عنترة يعطينا دروساً أخلاقية تربوية في الشجاعة والعفة والمروءة، نرى من
خلالها شخصية المعلم المربي، فيقول:
أغشى فتاة الحي عند حلـيـلـها وإذا غزا في الحرب لا أغشاها
وأغض طرفي ما بدت لي جارتي حتى يواري جـارتي مأواها
إني أمـرؤ سمح الخلـيقة ماجدٌ لا أتبع النفس اللجـوج هواها
ويقول:
• أبصرتُ ثمُّ هويتُ ثم كتمتُ ما ألقى ولم يعلم بذاك مـناجـي
فوصلتُ ثم قدرتُ ثم عففتُ من شرفٍ تناهى بي إلى الانصاج
ويقول أيضاً:
لئن أك أسوداً فالمسك لوني وما لسواد جلـدي من دواءٍ
ولكنْ تبعـد الفحشا ء عـنـي كبعد الأرض عن جو السماء

ويقول الشنفرى هذه الأبيات الرائعة التي تنم عن منتهى العفة واحترام المرأة لا كما ينا دي به شعراء المرأة هذه الأيام:

لِقَدْ أَعْجَبَتْنِي لا سُقُوطاً قِناعُها إذا ما مَشَتْ ولا بِذاتِ تلفتِ
تبِيتُ بُعَيْدَ النَّومِ تُهْدي غُبُوقَها لجارا تها إذا الهد ية قلـت كأ ن لها في الأرضِ نَسْياَ تَقُصَّهُ على أمِّهـا وإ ن تُكلمك تبْلُتِ
أُميمَةُ لا يُخْزي نثاها حَليْلَها إذا ذُكر النِّسوانُ عفََّّتْْ وجَلَّتِ
تبيتُ بمنجا ة عن اللوم بيتها إذا ما بيوت بالملامة حلت
إذا هو أمسى آب قرة عينه فآب السعيد لم يسل أين ظلت
فدّقَّت وجَلَّت واسبكرَّت وأُكْمِلت فلَوْ جُنَّ إنْسانٌ من الحُسْنِ جنت

إن هذا الشعر الرائع العفيف بعيد كل البعد عن معنى كلمة " الجاهلية "
و نعجب عند ما نرى امرئ القيس في ذلك العصر يأتي في شعره من أحوال أهل الجنة
وما فيها من نعيم مخلّد فيقول في إحدى قصائده:
الأعم صباحاُ أيها الطلل البالى
وهل يعمن من كان في العصر الخالي
وهل يعـمن إلا ســعـيد ٌ مخــلدٌ
قليل الهموم ما يبيت بأوجال
ويقول:
الله أنجح ما طلبت به والبر خير حقيبة الرجل
ويقول الأعشى:
فلا تحسبنّي كافراً لك نِعمةً على شاهدي ، يا شاهد الله فأشهد
ويقول حاتم الطائي في الكرم والجود:
أماوِىَّ إِنَّ المالَ غادٍ ورائِحٌ ويَبْقَى من المالِ الأَحادِيثُ والذّكْرُ
أَماوِىّ إني لا أَقُولُ لسائِلٍ إِذَا جاءَ يَوْماً حَلَّ في مالِنا نَذْرُ
أَماوِىَّ إِمَّا مانِعٌ فمُبَيِّنُ وإِمَّا عَطاءٌ لا يُنَهْنِهُهُ الزَّجْرُ
أَماوِىَّ ما يُغْني الثَّرَاءُ عن الفَتَى أِذا حَشْرَجَتْ يَوْماً وضاقَ بها الصَّدْرُ
أَماوِىَّ إنْ يُصْبِحْ صَدايَ بِقفرَةٍ من الأَرضِ لا ماءٌ لَدَيَّ ولا خَمْرُ
تَرَىْ أَنَّ ما أَنفقتُ لم يَكُ ضَرَّنِي وأَنَّ يَدِي ممَّا بَخلْتُ به صِفْرُ
وقد عَلِمَ الأَقْوَامُ لَو أَنَّ حاتِماً أَرَادَ ثَرَاءَ المالِ كان له وَفْرُ
ويقول امرؤ القيس مؤكدا على العهد والمواثيق وحفظ الجوار وهو ذاهب الى القيصر مع صاحبه بعد مقتل والده:
هو المنزل الآلاف من جو ناعط بني أسد حزنا من الأرض أوعرا ولو شاء كان الغزو من أرض حمير ولكنه عمدا إلى الروم أ نفرا
بكى صا حبي لما رأى الدرب دونه و أيقن أنا لا حقان بقيصرا
فقلت له: لا تبك عينك إنما نحاول ملكا أو نموت فنعذرا
وإني زعيم إن رجعت مملكا بسير ترى منه الفرانق أزورا
على لاحب لا يهتدي بمناره إذا سافه العود النباطي جرجرا
عليها فتىً لم تحمل الأرضُ مثله أبـرَّا بمـيثاقٍ و أوف وأصــبرا

ويقول عروة بن الورد العبسى، أمير الصعاليك في ذلك العصر يخاطب رجلاً ثريا بخيلاً فخر عليه بماله وضخامة جسده:
إني امرؤ عافي إنائي شركة وأنت امرؤ عافي إناؤك واحـدُ
أقسِّم جسمي في جسوم كثيرة و أحسو قراح الماء والماء بارد
أتهزأُ مني أن سمنتَ و أن ترى بجسمي مسَّ الحق والحق جاهد

عن عبدالملك بن مروان قال من أجل هذه الأبيات: ما سرّني أن أحداً من العرب ممن ولدني
لم يلدني إلا عروة بن الورد لقوله هذه الأبيات.
والامثلة حول ذلك لا تحصى.


قديم 07-12-2011, 10:20 PM
المشاركة 2
عبده فايز الزبيدي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
بخصوص مصطلح الجاهلية:
فأرتاح لتعريف الشاعر الأموي الأخطل و هو أحد فحول الشعر في زمن الفصاحة حين عرَّفَ الجاهلية و أهلها في معرض تغنيه بالخمرة في قوله:
شَرِبْنا فمتنا ميتةً جاهليهةً = مضى أهلُها , لم يعرفوا ما محمدُ
ثلاثةَ أيامٍ , فلمَّا تنبهت =حُشاشاتُ أنفاسٍ , أتتنا ترددُ
حيينا حياةً, لم تكن من قيامةٍ=علينا , و لا حشرٌ أتاناه موْعِدُ
حياةَ مراضٍ , حوْلَهُمْ بعدَ ما صحوا =مِنَ النَّاسِ شتى: عاذِلونَ و عُوَّدُ *

بأنها الفترة التى ماتت فيها أممٌ لم تعرف من محمد _ صلى الله عليه و سلم _ و ما دين محمد.


و شكرا لجميل الطرح و إتاحة الفرصة للنقاش.
*ديوان الأخطل -دار الكتاب العربي2004 ص 400

وسائلٍ عَنْ أبي بكرٍ فقلتُ لهُ:
بعدَ النَّبيينَ لا تعدلْ به أحَدا
في جنَّةِ الخُلدِ صِديقٌ مَعَ ابنتهِ
واللهِ قَدْ خَلَدتْ واللهِ قَدْ خَلَدَا

قديم 07-13-2011, 12:53 AM
المشاركة 3
ماجد جابر
مشرف منابر علوم اللغة العربية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
تحيّّّّاتي
أشكرك أستاذ عبدة فايز الزبيدي على موضوعك الماتع ، و على هذا الشعر الرصين.
بوركت ، وبورك المداد.

قديم 07-13-2011, 06:52 PM
المشاركة 4
عبده فايز الزبيدي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
تحيّّّّاتي
أشكرك أستاذ عبدة فايز الزبيدي على موضوعك الماتع ، و على هذا الشعر الرصين.
بوركت ، وبورك المداد.
أخي الكريم
و الأستاذ المبدع / ماجد جابر
تواصلك يسعد النفس و يفيد العقل
فلا حرمنا الله أمثالكم.

وسائلٍ عَنْ أبي بكرٍ فقلتُ لهُ:
بعدَ النَّبيينَ لا تعدلْ به أحَدا
في جنَّةِ الخُلدِ صِديقٌ مَعَ ابنتهِ
واللهِ قَدْ خَلَدتْ واللهِ قَدْ خَلَدَا


مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: شعر ما قبل الإسلام
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الجمال في الإسلام سعد عطية حسون منبر الحوارات الثقافية العامة 1 09-27-2015 09:28 PM
نعمة الإسلام د محمد رأفت عثمان منبر الحوارات الثقافية العامة 3 04-16-2015 08:07 AM
كيف نفهم الإسلام ؟ عبدالسلام حمزة منبر الحوارات الثقافية العامة 6 04-12-2011 09:58 AM
الإسلام عبدالسلام حمزة منبر الحوارات الثقافية العامة 4 09-19-2010 04:48 PM

الساعة الآن 08:34 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.