قديم 11-27-2011, 08:12 PM
المشاركة 51
منى شوقى غنيم
انتقلت إلى أرحم الراحمين إن شاء الله
  • غير موجود
افتراضي
القيام بحقوق المعلم على أكمل وجه،وقد جمعها الكثير من السلف الصالح نختار منها ما يلي:
وقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ:" مِنْ حَقِّ الْعَالِمِ عَلَيْكَ أَنْ تُسَلِّمَ عَلَى الْقَوْمِ عَامَّةً وَتَخُصَّهُ دُونَهُمْ بِالتَّحِيَّةِ،وَأَنْ تَجْلِسَ أَمَامَهُ،وَلَا تُشِيرَنَّ عِنْدَهُ بِيَدِكَ،وَلَا تَغْمِزَنَّ بِعَيْنَيْكَ،وَلَا تَقُولَنَّ:قَالَ فُلَانٌ خِلَافًا لِقَوْلِهِ،وَلَا تَغْتَابَنَّ عِنْدَهُ أَحَدًا،وَلَا تُسَارَّ فِي مَجْلِسِهِ،وَلَا تَأْخُذَ بِثَوْبِهِ،وَلَا تُلِحَّ عَلَيْهِ إِذَا كَسِلَ،وَلَا تُعْرِضَ مِنْ طُولِ صُحْبَتِهِ ؛ فَإِنَّمَا هُوَ بِمَنْزِلَةِ النَّخْلَةِ تَنْتَظِرُ مَتَى يَسْقُطُ عَلَيْكَ مِنْهَا شَيْءٌ،وَإِنَّ الْمُؤْمِنَ الْعَالِمَ لَأَعْظَمُ أَجْرًا مِنَ الصَّائِمِ الْقَائِمِ الْغَازِي فِي سَبِيلِ اللَّهِ،وَإِذَا مَاتَ الْعَالِمُ انْثَلَمَتْ فِي الْإِسْلَامِ ثُلْمَةٌ لَا يَسُدُّهَا شَيْءٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ".
قال الإمام الغزالي:آداب المتعلم مع العالم
"أن يبدأه بالتحية والسلام،وأن يقلل بين يديه الكلام،ولا يتكلم ما لم يسأله أستاذه،ولا يسأل ما لم يستأذن أولا،ولا يقول في معارضة قوله: قال فلان بخلاف ما قلت،ولا يشير عليه بخلاف رأيه فيرى أنه أعلم بالصواب من أستاذه،ولا يسأل جليسه في مجلسه،ولا يلتفت إلى الجوانب،بل يجلس مطرقا ساكنا متآدبا كأنه في الصلاة،ولا يكثر عليه السؤال عند ملله،وإذا قام قام له،ولا يتبعه بكلامه وسؤاله،ولا يسأله في طريقه إلى أن يبلغ إلى منزله،ولا يسىء الظن به في أفعال ظاهرها منكرة عنده،فهو أعلم بأسراره،وليذكر عند ذلك قول موسى للخضر - عليهما السلام: (أَخَرَقتًها لِتُغرِقَ أَهلَها،لَقَد جِئتَ شَيئاً إمرا)،وكونه مخطئا في إنكاره اعتمادا على الظاهر.".
وقال بعض العلماء: من حق أستاذك عليك أن تتواضع له وتحبه حب الفناء،ولا تخرج عن رأيه وتوجيهه،وأن تشاوره فيما تقصده،وتتحرى رضاه فيما يعتمده،وتنظر اليه بعين الإجلال،وتعتقد فيه درجة الكمال،وأن تعرف حقه،ولا تنسى له فضله،وتحضر إلى درسه قبل أن يأتي،ولا تتنقل أثناء درسه،ولا تتقدم في السير عليه،وأن تدعو له مدة حياته،وأن تصبر على صحبته،وتجلس بين يديه بسكون وتواضع واحترام،وأن تصغي إليه،وتنظر اليه مقبلا بكليتك عليه،غير ملتفت عنه،وأن لا تعبث بيديك أو رجليك أو أنفك أو دفترك أثناء كلامه،وأن تدفع الضحك والقهقهة والتثاؤب في حضرته،وأن تستأذن للدخول عليه وللانصراف من عنده،وأن تدخل عليه كامل الهيئة،متطهر البدن،نظيف الثياب،فارغا من الشواغل،حاضر القلب بذكر الله عز وجل وإرادة وجهه.
وقال الامام الشافعي:
أهين لهم نفسي فهم يكرمونها …ولن تكرم النفس التي لا تهينها
وقال شوقي:
قم للمعلم وفه التبجيلا ……كاد المعلم أن يكون رسولا
أرأيت أعظم أو أجلّ من الذي …يبني وينشئ أنفسا وعقولا
وقال غيره:
أرى فضل أستاذي على فضل والدي وإن …نالني من والدي العزّ والتحف
فهذا مربي العقل والعقل جوهر ……وهذا مربي الجسم والجسم من صدف






هنا بين الحروف أسكن
http://monaaya7.blogspot.com/
من القلب سلامًٌ لمن زارني
قديم 11-27-2011, 08:13 PM
المشاركة 52
منى شوقى غنيم
انتقلت إلى أرحم الراحمين إن شاء الله
  • غير موجود
افتراضي
-26-آداب تلاوة القرآن الكريم

القرآن الكريم كتاب الله الخالد،وكلامه القديم،ومعجزة نبيه الكبرى،وجامعة الإسلام العظمى،وصفه الذي أنزله بالعلم: {لَّكِنِ اللّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنزَلَ إِلَيْكَ أَنزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلآئِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفَى بِاللّهِ شَهِيدًا} (166) سورة النساء.
إن يكفر بك اليهود وغيرهم -أيها الرسول- فالله يشهد لك بأنك رسوله الذي أَنْزَلَ عليه القرآن العظيم،أنزله بعلمه،وكذلك الملائكة يشهدون بصدق ما أوحي إليك،وشهادة الله وحدها كافية.
وبالحكمة:{ يس (1) وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ (2)} يس.
أُقْسِمُ بِالقُرآنِ المُحْكَمِ المُشْتَمِلِ عََلى الحِكْمَةِ والعِلْمِ النَّافِعِ،الذي لا يَأْتِيهِ البَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيهِ وَلاَ مِنْ خَلْفِهِ.
وبالكرم:{ إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ (77)} الواقعة.
أَقْسَمَ تَعَالَى بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ عَلَى أَنَّ القُرْآن الذِي أَنْزَلَهُ عَلَى عَبْدِهِ وَرَسْولِهِ مُحَمَّدٍ rهُوَ قُرْآنٌ كَرِيمٌ جَمُّ المَنَافِعِ،عَظِيمُ الفَوَائِدِ،لِمَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ مِنْ حِكْمٍ وَعِبَرٍ وَخَيْرٍ لِلْعِبَادِ .
وبالمجد:{ ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ (1)} ق.
يُقسِمُ تَعَالى بالقُرآنِ المَجِيدِ،الكَثِير الخَيْرِ والبَرَكَةِ،عَلَى أنَّ مُحَمَّداً هُوَ مِنَ المُرسَلِينَ .
وبالعزة:{ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ (41)} فصلت.
وَالذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللهِ القُرْآنِيَةِ،والقْرآنُ كِتَابٌ عَزِيزٌ قَوِيٌّ مَنِيعُ الجَانِبِ،سَيُلاَقُونَ جَزَاءَ كُفْرِهِمْ يَوْمَ القِيَامَةِ،وَهُمْ لاَ يَخْفَوْنَ عَلَى اللهِ .
وبالعظمة:{ وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعاً مِّنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ (87)} الحجر.
هنا يمتنُّ الحق سبحانه على رسوله rبأنه يكفيه أنْ أنزلَ عليه القرآن الكتاب المعجزة،والمنهج الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خَلْفه. فالقرآن يضمُّ كمالاتِ الحق التي لا تنتهي؛ فإذا كان سبحانه قد أعطاك ذلك،فهو أيضاً يتحمَّل عنك كُلَّ ما يُؤلِمك.
والحق سبحانه هو القائل:{ وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ }[الحجر: 97].ويقول له الحق أيضاً:{ قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ }[الأنعام: 33].
وأزاح الحق سبحانه عنه هموم اتهامهم له بأنه ساحر أو مجنون؛ وقال له سبحانه:{ فَإِنَّهُمْ لاَ يُكَذِّبُونَكَ وَلَـاكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ }[الأنعام: 33].
ويكشف له سبحانه: إنهم يؤمنون أنك يا محمد صادق،ولكنهم يتظاهرون بتكذيبك.
ويتمثَّل امتنانُ الحق سبحانه على رسوله أنه أنزل عليه السَّبْع المثاني،واتفق العلماء على أن كلمة " المثاني " تعني فاتحة الكتاب،فلا يُثنَّى في الصلاة إلا فاتحة الكتاب.
ونجده سبحانه يَصِف القرآنَ بالعظيم؛ وهو سبحانه يحكم بعظمة القرآن على ضَوْء مقاييسه المُطْلقة؛ وهي مقاييس العظمة عنده سبحانه.
والمثَل الآخر على ذلك وَصفْه سبحانه لرسوله r:{ وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ }[القلم: 4].
وهذا حُكْم بالمقاييس العُلْيا للعظمة،وهكذا يصبح كُلّ متاع الدنيا أقلَّ مِمَّا وهبه الحق سبحانه لرسوله r،فلا ينظرَنَّ أحدٌ إلى ما أُعطِىَ غيره؛ فقد وهبه سبحانه لرسوله r.
ونلحظ أن الحق سبحانه قد عطف القرآن على السَّبْع المثاني،وهو عَطْف عام على خَاصٍّ؛ كما قال الحق سبحانه:{ حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلاَةِ الْوُسْطَى }[البقرة: 238].
ونفهم من هذا القول أن الصلاة تضمُّ الصلاة الوُسْطى أيضاً،وكذلك مثل قول الحق ما جاء على لسان رسوله r:{ رَّبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَن دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِناً وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ }[نوح: 28].
وهكذا نرى عَطْف عام على خاص،وعَطْف خاص على عام.
أو: أنْ نقولَ: إن كلمة" قرآن" تُطلَق على الكتاب الكريم المُنزَّل على رسول الله rمن أول آية في القرآن إلى آخر آية فيه،ويُطلق أيضاً على الآية الواحدة من القرآن؛ فقول الحق سبحانه:{ مُدْهَآمَّتَانِ }[الرحمن:64].هي آية من القرآن؛ وتُسمَّى أيضاً قرآناً.ونجده سبحانه يقول:{ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُوداً }[الإسراء: 78].ونحن في الفجر لا نقرأ كل القرآن،بل بعضاً منه،ولكن ما نقرؤه يُسمَّى قرآناً،وكذلك يقول الحق سبحانه:{ وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ حِجَاباً مَّسْتُوراً }[الإسراء: 45].وهو لا يقرأ كُلَّ القرآن بل بعضه،إذن: فكلُّ آية من القرآن قرآن.
وقد أعطى الحق سبحانه رسوله rالسَّبْع المثاني والقرآن العظيم،وتلك هي قِمَّة العطايا؛ فلله عطاءاتٌ متعددة؛ عطاءات تشمل الكافر والمؤمن،وتشمل الطائع والعاصي،وعطاءات خاصة بمَنْ آمن به؛ وتلك عطاءات الألوهية لمَنْ سمع كلام ربِّه في" افعل" و" لا تفعل ".




هنا بين الحروف أسكن
http://monaaya7.blogspot.com/
من القلب سلامًٌ لمن زارني
قديم 11-27-2011, 08:15 PM
المشاركة 53
منى شوقى غنيم
انتقلت إلى أرحم الراحمين إن شاء الله
  • غير موجود
افتراضي
وسبحانه يمتد عطاؤه من الخَلْق إلى شَرْبة الماء،إلى وجبة الطعام،وإلى الملابس،وإلى المَسْكن،وكل عطاء له عُمْر،ويسمو العطاء عند الإنسان بسُمو عمر العطاء،فكل عطاء يمتدُّ عمره يكون هو العطاء السعيد.
فإذا كان عطاء الربوبية يتعلَّق بمُعْطيات المادة وقوام الحياة؛ فإن عطاءات القرآن تشمل الدنيا والآخرة؛ وإذا كان ما يُنغِّص أيَّ عطاء في الدنيا أن الإنسانَ يُفارقه بالموت،أو أن يذوي هذا العطاء في ذاته؛ فعطاء القرآن لا ينفد في الدنيا والآخرة.
ونعلم أن الآخرة لا نهايةَ لها على عكس الدنيا التي لا يطول عمرك فيها بعمرها،بل بالأجل المُحدَّد لك فيها.
وإذا كانت عطاءاتُ القرآن تحرس القيم التي تهبُك عطاءات الحياة التي لا تفنَى وهي الحياة الآخرة؛ فهذا هو أَسْمى عطاء،وإياك أن تتطلعَ إلى نعمة موقوتة عند أحد منهم من نِعَم الدنيا الفانية؛ لأن مَنْ أُعطِي القرآن وظنَّ أن غيره قد أُعْطِي خيراً منه؛ فقد حقر ما عَظَّم الله.
وبالبركة: {كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ} (29) سورة ص
وَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى إلَيْكَ،يَا مُحَمَّدُ،هَذَا القُرْآنِ،وَفِيهِ خَيرٌ وَبَرَكَةٌ،وَنَفْعٌ وَهُدىً لِلنَّاسِ،لِيُرْشدَهُمْ إِلَى مَا فِيهِ خَيْرُهُمْ وَسَعَادَتُهُمْ،وَلِيَتَدَبَّرَهُ أُولُو الأَفْهَامِ والعُقُولِ والأَلْبَابِ.وَتَدَبُّرُ القُرْآنِ لاَ يَكُونُ بِحُسْنِ تِلاَوَتِهِ،وَإِنَّما يَكُونَ بِالعَمَلِ بِمَا فِيهِ،واتِّبَاعِ مَا جَاءَ فِيهِ مِنْ أَوَامِرَ،وَالانْتِهَاءِ عَمَّا نَهَى عَنْهُ .
وبالتذكير:{ ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ (1)} ص.
أَقْسَمَ اللهُ تَعَالَى بِالقُرْآنِ ذِي الشَّرَفِ وَالرِّفْعَةِ،المُشْتَمِلِ عَلَى مَا فِيهِ ذِكْرٌ لِلعِبَادِ،وَنَفْعٌ لَهُمْ فِي حَيَاتِهِمْ وَمَعَادِهِمْ .
وبالوضوح والتبيين:{ حم (1) وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ (2)} الدخان.
يُقْسِمُ اللهُ تَعَالَى،جَلَّتْ قُدْرَتُهُ،بِكِتَابِهِ المَجِيدِ،المُبَيِّنِ للنَّاسِ مَا يُصْلِحُ حَالَهُمْ فِي دُنْيَاهُمْ وَآخِرَتِهِمْ .
وبين آثاره في الهداية والبشرى {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً (9)} الإسراء.
هل عند نزول هذه الآية كان القرآن كله قد نزل،ليقول: إن هذا القرآن؟
نقول: لم يكن القرآن كله قد نزل،ولكن كل آية في القرآن تُسمّى قرآناً،كما قال تعالى:{ فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ }[القيامة: 18]
فليس المراد القرآن كله،بل الآية من القرآن قرآن. ثم لما اكتمل نزول القرآن،واكتملتْ كل المسائل التي تضمن لنا استقامة الحياة،قال تعالى:{ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِيناً.. }[المائدة: 3]
فإن استشرف مُسْتشرف أنْ يستزيد على كتاب الله،أو يأتي بجديد فليعلم أن منهج الله مُنزَّه عن النقص،وفي غِنىً عن زيادتك،وما عليك إلا أن تبحث في كتاب الله،وسوف تجد فيه ما تصبو إليه من الخير.
قوله: { يَِهْدِي.. } [الإسراء: 9] الهداية هي الطريق الموصِّل للغاية من أقرب وَجْه،وبأقل تكلفة وهي الطريق المستقيم الذي لا التواءَ فيه،وقلنا: إن الحق سبحانه يهدي الجميع ويرسم لهم الطريق،فمن اهتدى زاده هُدى،كما قال سبحانه:{ وَالَّذِينَ اهْتَدَوْاْ زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقُوَاهُمْ }[محمد: 17]
ومعنى: { أَقْوَمُ.. } [الإسراء: 9] أي: أكثر استقامة وسلاماً. هذه الصيغة تُسمّى أفعل التفضيل،إذن: فعندنا (أقوم) وعندنا أقل منه منزلة (قَيّم) كأن نقول: عالم وأعلم. فقوله سبحانه: { إِنَّ هَـاذَا الْقُرْآنَ يَِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ.. } [الإسراء: 9] يدل على وجود (القيّم) في نُظم الناس وقوانينهم الوضعية،فالحق سبحانه لا يحرم البشر من أن يكون لهم قوانين وشرائع حينما تعضُّهم المظالم ويشْقُون بها،فيُقنّنون تقنيات تمنع هذا الظلم.
ولا مانع من ذلك إذا لم ينزل لهم منهج من السماء،فما وضعوه وإنْ كان قَيّماً فما وضعه الله أقوم،وأنت لا تضع القيم إلا بعد أن تُعضَّ بشيء مُعوج غير قيّم،وإلا فماذا يلفتُك للقيم؟
أما منهج السماء فإنه يضع الوقاية،ويمنع المرض من أساسه،فهناك فَرْق بين الوقاية من المرض وبين العلاج للمرض،فأصحاب القوانين الوضعية يُعدّلون نُظمهم لعلاج الأمراض التي يَشْقَون بها.
أما الإسلام فيضع لنا الوقاية،فإن حَدثْت غفلة من المسلمين،وأصابتهم بعض الداءات نتيجة انصرافهم عن منهج ربهم نقول لهم: عودوا إلى المنهج: { إِنَّ هَـاذَا الْقُرْآنَ يَِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ.. } [الإسراء: 9]
فنظام الطلاق في الإسلام الذي كثيراً ما هاجموه وانتقدوه،ورأوا فيه ما لا يليق بالعلاقة الزوجية،ولكن بمرور الزمن تكشفت لهم حقائق مؤلمة،وشقي الكثيرون منهم لعدم وجود هذا الحل في قوانينهم،وهكذا ألجاتهم مشاكل الحياة الزوجية لأنْ يُقنِّنوا للطلاق.
ومعلوم أن تقنينهم للطلاق ليس حُباً في الإسلام أو اقتناعاً به،بل لأن لديهم مشاكل لا حََّل لها إلا بالطلاق،وهذا هو الظهور المراد في الآيتين الكريمتين،وهو ظهور بشهادتكم أنتم؛ لأنكم ستلجأون في حل قضاياكم لقوانين الإسلام،أو قريباً منها.
ومن هذه القضايا أيضاً قضية تحريم الربا في الإسلام،فعارضوه وأنكروا هذا التحريم،إلى أن جاء " كِنز " وهو زعيم اقتصادي عندهم،يقول لهم: انتبهوا،لأن المال لا يؤدي وظيفته كاملة في الحياة إلا إذا انخفضتْ الفائدة إلى صفر.
سبحان الله،ما أعجب لجَجَ هؤلاء في خصومتهم مع الإسلام،وهل تحريم الربا يعني أكثر من أن تنخفض الفائدة إلى صفر؟ إنهم يعودون لمنهج الله تعالى رَغْماً عنهم،ومع ذلك لا يعترفون به.
ولا يخفى ما في التعامل الربوي من سلبيات،وهل رأينا دولة اقترضت من أخرى،واستطاعت على مَرّ الزمن أنْ تُسدد حتى أقساط الفائدة؟ ثم نراهم يغالطوننا يقولون: ألمانيا واليابان أخذت قروضاً بعد الحروب العالمية الثانية،ومع ذلك تقدمت ونهضت.
نقول لهم: كفاكم خداعاً،فألمانيا واليابان لم تأخذ قروضاً،وإنما أخذت معونة لا فائدة عليها،تسمى معونة (مارشال).
وأيضاً من هذه القضايا التي ألجأتهم إليها مشاكل الحياة قضية ميراث المرأة،فلما عَضَّتهم قَنَّنُوا لها.
فظهور دين الله هنا يعني ظهورَ نُظم وقوانين ستضطرهم ظروف الحياة إلى الأخذ بها،وليس المقصود به ظهور اتّباع.
إذن: فمنهج الله أقوم،وقانون الحق سبحانه أعظم من قوانين البشر وأَهْدى،وفي القرآن الكريم ما يُوضّح أن حكم الله وقانونه أقوم حتى من حكم رسوله r.
وهذا في قصة مولاه " زيد بن حارثة "،وزيد لم يكن عبداً إلى أن خطفه بعض تجار الرقيق وباعوه،وانتهى به المطاف إلى السيدة خديجة ـ رضي الله عنها ـ التي وهبتْه بدورها لخدمة رسول الله r.فكان زيد في خدمة رسول الله rإلى أن علم أهله بوجوده في مكة فأتوا ليأخذوه،فما كان من رسول الله r،إلا أن خَيَّره بين البقاء معه وبين الذهاب إلى أهله،فاختار زيد البقاء في خدمة رسول الله وآثره على أهله. فقال r: " فما كنت لأختار على مَنِ اختارني شيئاً ".
وفي هذه القصة دليل على أن الرقَّ كان مباحاً في هذا العصر،وكان الرقّ حضانةَ حنانٍ ورحمة،يعيش فيها العبد كما يعيش سيده،يأكل من طعامه،ويشرب من شرابه،يكسوه إذا اكتسى،ولا يُكلّفه ما لا يطيق،وإنْ كلّفه أعانه،فكانت يده بيده.
وهكذا كانت العلاقة بين محمد rوبين زيد؛ لذلك آثره على أهله،وأحب البقاء في خدمته،فرأى رسول الله أن يُكافئ زيداً على إخلاصه له وتفضيله له على أهله،فقال:" لا تقولوا زيد بن حارثة،قولوا زيد بن محمد ".
وكان التبني شائعاً في ذلك الوقت. فلما أراد الحق سبحانه أنْ يُحرِّم التبني،وأنْ يُحرِّم نسبة الولد إلى غير أبيه بدأ برسول الله r،فقال:{ ادْعُوهُمْ لآبَآئِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ فَإِن لَّمْ تَعْلَمُواْ آبَاءَهُمْ فَإِخوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ }[الأحزاب: 5]
والشاهد هنا:{ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ }[الأحزاب: 5] فكأن الحكم الذي أنهى التبني،وأعاد زيداً إلى زيد بن حارثة هو الأقسط والأعدل،إذن: حكم الرسول rلم يكن جَوْراً،بل كان قِسْطاً وعدلاً،لكنه قسط بشري يَفْضُله ما كان من عند الحق سبحانه وتعالى.
وهكذا عاد زيد إلى نسبه الأصلي،وأصبح الناس يقولون " زيد بن حارثة "،فحزن لذلك زيد،لأنه حُرِم من شرف الانتساب لرسول الله rفعوَّضه الله تعالى عن ذلك وساماً لم يَنَلْه صحابي غيره،هذا الوسام هو أن ذُكِر اسمه في القرآن الكريم،وجعل الناس يتلونه،ويتعبدون به في قوله تعالى:{ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَراً زَوَّجْنَاكَهَا.. }[الأحزاب: 37]
إذن: عمل الرسول قسط،وعمل الله أقسط.
قوله تعالى: { يَِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ.. } [الإسراء: 9] لأن المتتبع للمنهج القرآني يجده يُقدّم لنا الأقوم والأعدل والأوسط في كل شيء.في العقائد،وفي الأحكام،وفي القصص.
ففي العقائد مثلاً،جاء الإسلام ليجابه مجتمعاً متناقضاً بين مَنْ ينكر وجود إله في الكون،وبين مَنْ يقول بتعدُّد الآلهة،فجاء الإسلام وَسَطاً بين الطرفين،جاء بالأقوم في هذه المسألة،جاء ليقول بإله واحد لا شريك له.
فإذا ما تحدّث عن صفات هذا الإله سبحانه اختار أيضاً ما هو أقوم وأوسط،فللحق سبحانه صفات تشبه صفات البشر،فَلَه يَدٌ وسمع وبصر،لكن ليست يده كيدنا،وليس سمعه كسمعنا،وليس بصره كبصرنا:{ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ.. }[الشورى: 11]
وبهذا المنهج الحكيم خرجنا مما وقع فيه المشبِّهة الذين شبّهوا صفات الله بصفات البشر،وخرجنا مما وقع فيه المعطّلة الذين أنكروا أن يكون لله تعالى هذه الصفات وأوّلوها على غير حقيقتها.





هنا بين الحروف أسكن
http://monaaya7.blogspot.com/
من القلب سلامًٌ لمن زارني
قديم 11-27-2011, 08:16 PM
المشاركة 54
منى شوقى غنيم
انتقلت إلى أرحم الراحمين إن شاء الله
  • غير موجود
افتراضي
وكذلك في الخلق الاجتماعي العام،يلفتنا المنهج القرآني في قوله تعالى:{ وَكَأَيِّن مِّن آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ }[يوسف: 105] يلفتنا إلى ما في الكون من عجائب نغفل عنها،ونُعرِض عن تدبُّرها والانتفاع بها،ولو نظرنا إلى هذه الآيات بعين المتأمل لوجدنا فيها منافع شتى منها: أنها تُذّكرنا بعظمة الخالق سبحانه،ثم هي بعد ذلك ستفتح لنا الباب الذي يُثري حياتنا،ويُوفّر لنا ترف الحياة ومتعتها.
فالحق سبحانه أعطانا مُقوّمات الحياة،وضمن لنا برحمته ضروريات البقاء،فمَنْ أراد الكماليات فعليه أنْ يُعمِل عقله فيما أعطاه الله ليصل إلى ما يريد.
والأمثلة كثيرة على مشاهدات متأملة في ظواهر الكون،اهتدى بها أصحاب إلى اكتشافات واختراعات خدمت البشرية،وسَهَّلَتْ عليها كثيراً من المعاناة.
فالذي اخترع العجلة في نقل الأثقال بنى فكرته على ثِقل وجده يتحرك بسهولة إذا وُضع تحته شيء قابل للدوران،فتوصل إلى استخدام العجلات التي مكَّنَتْهُ من نقل أضعاف ما كان يحمله.
والذي أدخل العالم عصر البخار استنبط فكرة البخار،وأنه يمكن أن يكون قوةً مُحرِّكة عندما شاهد القِدْر وهو يغلي،ولاحظ أن غطاءه يرتفع إلى أعلى،فاهتدى إلى استخدام البخار في تسيير القطارات والعربات.
والعالِم الذي اكتشف دواء " البنسلين " اهتدى إليه عندما شاهد طبقة خضراء نسميها " الريم " تتكون في أماكن استخدام الماء،وكان يشتكي عينه،فعندما وصلت هذه المادة إلى عينه ربما مصادفة،لاحظ أن عينه قد برئت،فبحث في هذه المسألة حتى توصّل إلى هذا الدواء.
إلى غير ذلك من الآيات والعجائب في كون الله،التي يغفل عنها الخَلْق،ويمرُّون عليها وهم معرضون.
أما هؤلاء العلماء الذين آثروا حياة البشرية بنظرتهم الثاقبة،فقد استخدموا عقولهم في المادة التي خلقها الله،ولم يأتوا بشيء من عند أنفسهم؛ لأن الحق سبحانه حينما استخلف الإنسان في الأرض أعدَّ له كُلَّ متطلبات حياته،وضمن له في الكون جنوداً إن أعمل عقله وطاقته يستطيع أن يستفيد منها،وبعد ذلك طلب منه أن يعمر الأرض: { هُوَ أَنشَأَكُمْ مِّنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا }[هود: 61] والاستعمار أنْ تجعلها عامرة،وهذا الإعمار يحتاج إلى مجهود،وإلى مواهب متعددة تتكاتف،فلا تستقيم الأمور إنْ كان هذا يبني وهذا يهدم،إذن: لا بد أنْ تُنظم حركة الحياة تنظيماً يجعل المواهب في الكون تتساند ولا تتعاند،وتتعاضد ولا تتعارض.
ولا يضمن لنا هذا التنظيم إلا منهج من السماء ينزل بالتي هي أقوم،وأحكم،وأعدل،كما قال تعالى في آية أخرى:{ اللَّهُ الَّذِي أَنزَلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزَانَ }[الشورى: 17]
وإنْ كان الحق سبحانه وتعالى قد دعانا إلى النظر في ظواهر الكون،والتدبُّر في آيات الله في كونه،والبحث فيها لنصل إلى أسرار ما غُيّب عنا،فإنه سبحانه نهانا أن نفعل هذا مع بعضنا البعض،فقد حرَّم علينا التجسُّس وتتبُّع العورات،والبحث في أسرار الآخرين وغَيْبهم.
وفي هذا الأدب الإلهي رحمة بالخلق جميعاً؛ لأن الله تعالى يريد أن يُثري حياة الناس في الكون،وهَبْ أن إنساناً له حسنات كثيرة،وعنده مواهب متعددة،ولكن له سيئة واحدة لا يستطيع التخلّي عنها،فلو تتبعتَ هذه السيئة الواحدة فربما أزهدتْك في كل حسناته،حرمتْك الانتفاع به،والاستفادة من مواهبه،أما لو تغاضيت عن هذه السيئة فيه لأمكنك الانتفاع به.
وهَبْ أن صانعاً بارعاً في صنعته وقد احتجْتَه ليؤديَ لك عملاً،فإذا عرفت عنه ارتكاب معصية ما،أو اشتهر عنه سيئة ما لأزهدك هذا في صَنْعته ومهارته،ولرغبت عنه إلى غيره،وإنْ كان أقلّ منه مهارة.
وهذا قانون عام للحق سبحانه وتعالى،فالذي نهاك عن تتبُّع غيب الناس،والبحث عن أسرارهم نهاهم أيضاً عن تتبُّع غَيْبك والبحث عن أسرارك؛ ولذلك ما أنعم الله على عبيده نعمة أعظمَ من حِفْظ الغيب عنده هو؛ لأنه ربّ،أما البشر فليس فيهم ربوبية،أمر البشر قائم على العبودية،فإذا انكشف لأحدهم غَيْبُ أخيه أو عيبٌ من عيوبه أذاعه وفضحه به.
إذن: فالحق تبارك وتعالى يدعونا إلى أن نكون طُلَعة في استنباط أسرار الكون والبحث عن غيبه،وفي الوقت نفسه ينهانا أن نكون طُلَعة في تتبّع أسرار الناس والبحث عن غيبهم؛ لأنك إنْ تتبعتَ غيب الناس والتمسْتَ عيوبهم حرمْتَ نفسك من مصادر يمكن أنْ تنتفع بها.
فالحق سبحانه يريد في الكون حركة متبادلة،وهذه الحركة المتبادلة لا تنشأ إلا بوجود نوع من التنافس الشريف البنّاء،التنافس الذي يُثري الحياة،ولا يثير شراسة الاحتكاك،كما قال تعالى:{ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ.. }[المطففين: 26] كما يتنافس طالب العلم مع زميله المجدّ ليكون مِثْله أو أفضل منه،وكأن الحق سبحانه يعطينا حافزاً للعمل والرُّقي،فالتنافس المقصود ليس تنافس الغِلِّ والحقد والكراهية،بل تنافس مَنْ يحب للناس ما يحب لنفسه،تنافس مَنْ لا يشمت لفشل الآخرين.
وقد يجد الإنسان هذا الحافز للمنافسة حتى في عدوه،ونحن نرى الكثير منا يغضب وتُثَار حفيظته إنْ كان له عدو،ويراه مصدر شرٍّ وأذى،ويتوقع منه المكروه باستمرار.
وهو مع ذلك لو استغل حكمة الله في إيجاد هذا العدو لاتنفع به انتفاعاً لا يجده في الصديق،لأن صديقك قد يُنافقك أو يُداهنك أو يخدعك.
أما عدوك فهو لك بالمرصاد،يتتبع سقطاتك،ويبحث عن عيوبك،وينتظر منك كَبْوة ليذيعها ويُسمّع بك،فيحملك هذا من عدوك على الاستقامة والبعد عما يشين.
ومن ناحية أخرى تخاف أن يسبقك إلى الخير،فتجتهد أنت في الخير حتى لا يسبقك إليه.





هنا بين الحروف أسكن
http://monaaya7.blogspot.com/
من القلب سلامًٌ لمن زارني
قديم 11-27-2011, 08:17 PM
المشاركة 55
منى شوقى غنيم
انتقلت إلى أرحم الراحمين إن شاء الله
  • غير موجود
افتراضي
وما أجمل ما قاله الشاعر في هذا المعنى:
عِدَايَ لَهُمْ فَضْلٌ عليَّ ومِنَّةٌ فَلاَ أبعَدَ الرحْمَنُ عَنّي الأعَادِياَ
هُمُو بحثُوا عَنْ زَلّتي فَاجْتنبْتُها وهُمْ نَافَسُـوني فاكْتَسبْتُ المعَالِيا
وهكذا نجد لكل شيء في منهج الله فائدة،حتى في الأعداء،ونجد في هذا التنافس المثمر الذي يُثري حركة الحياة دليلاً على أن منهج السماء هو الأقوم والأنسب لتنظيم حركة الحياة.
أيضاً لكي يعيش المجتمع آمناً سالماً لا بُدّ له من قانون يحفظ توازنه،قانون يحمي الضعيف من بطش القوي،فجاء منهج الله تعالى لِيُقنّن لكل جريمة عقوبتها،ويضمن لصاحب الحق حَقّه،وبعد ذلك ترك الباب مفتوحاً للعفو والتسامح بين الناس.
ثم حذَّر القوي أنْ تُطغيه قوته،وتدعوه إلى ظلم الضعيف،وذكّره أن قوته ليست ذاتية فيه،بل هي عَرَضٌ سوف يزول وسوف تتبدل قوته في يوم ما إلى ضَعْف يحتاج معه إلى العون والمساعدة والحماية.
وكأن الحق تبارك وتعالى يقول لنا: أنا أحمي الضعيف من قوتك الآن،لأحمي ضعفك من قوة غيرك غداً.أليس في هذا كله ما هو أقوم؟
ونقف على جانب آخر من جوانب هذه القوامة لمنهج الله في مجال الإنفاق،وتصرُّف المرء في ماله،والمتأمل في هذا المنهج الأقوم يجده يختار لنا طريقاً وسطاً قاصداً لا تبذيرَ فيه ولا تقتير.
ولاشك أن الإنسان بطبعه يُحب أن يُثري حياته،وأن يرتقي بها،ويتمتع بترفها،ولا يُتاح له ذلك إنْ كان مُبذّراً لا يُبقي من دخله على شيء،بل لا بُدّ له من الاعتدال في الإنفاق حتى يجد في جعبته ما يمكنه أن يُثري حياته ويرتقي بها ويُوفّر لأسرته كماليات الحياة،فضلاً عن ضرورياتها.
جاء هذا المنهج الأقوم في قول الحق تبارك وتعالى:{ وَالَّذِينَ إِذَآ أَنفَقُواْ لَمْ يُسْرِفُواْ وَلَمْ يَقْتُرُواْ وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً }[الفرقان: 67]
وفي قوله تعالى:{ وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَّحْسُوراً }[الإسراء: 29]
فللإنسان في حياته طموحات تتتابع ولا تنتهي،خاصة في عصر كثُرت فيه المغريات،فإنْ وصل إلى هدف تطلع لما هو أكبر منه،فعليه إذن ألاّ يُبدّد كل طاقته،وينفق جميع دَخْله.
وكما نهى الإسلام عن التبذير نهى أيضاً عن البُخْل والإمساك؛ لأن البُخْل مذموم،والبخيل مكروه من أهله وأولاده،كما أن البُخْل سبب من أسباب الركود والبطالة والكساد التي تصيب المجتمع،فالممسك لا يتعامل مع المجتمع في حركة البيع والشراء،فيسهم ببُخْله في تفاقم هذه المشاكل،ويكون عنصراً خاملاً يَشْقى به مجتمعه.
إذنْ: فالتبذير والإمساك كلاهما طرف مذموم،والخير في أوسط الأمور،وهذا هو الأقوم الذي ارتضاته لنا المنهج الإلهي.
وكذلك في مجال المأكل والمشرب،يرسم لنا الطريق المعتدل الذي يحفظ للمرء سلامته وصحته،ويحميه من أمراض الطعام والتُّخْمة،قال تعالى:{ وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ }[الأعراف: 31]
فقد علَّمنا الإسلام أن الإنسان إذا أكل وشرب على قَدْر طاقة الوقود الذي يحتاجه جسمه لا يشتكي ما يشتكيه أصحاب الإسراف في المأكل والمشرب.والمتأمل في حال هؤلاء الذين يأكلون كلّ مَا لَذَّ وطاب،ولا يَحْرمون أنفسهم مما تشتهيه،حتى وإن كان ضاراً،نرى هؤلاء عند كِبَرهم وتقدُّم السِّنِّ بهم يُحْرمون بأمر الطبيب من تناول هذه الملذّات،فترى في بيوت الأعيان الخادم يأكل أطيب الطعام ويتمتع بخير سيده،في حين يأكل سيده أنواعاً محددة لا يتجاوزها،ونقول له:
لأنك أكلتها وأسرفتَ فيها في بداية الأمر،فلا بُدَّ أنْ تُحرَم منها الآن.
وصدق رسول الله rحين قال: " كُلُوا واشربوا وتصدقوا،والبسوا في غير إسراف ولا مخيلة "
وأيضاً من أسباب السلامة التي رسمها لنا المنهج القرآني،ألاَّ يأكل الإنسان إلا على جوع،فالطعام على الطعام يرهق المعدة،ويجرُّ على صاحبه العطب والأمراض،ونلاحظ أن الإنسان يجد لذة الطعام وحلاوته إذا أكل بعد جوع،فمع الجوع يستطيب كل شيء ولو كان الخبز الجاف.
وهكذا نجد المنهج الإلهي يرسم لنا الطريق الأقوم الذي يضمن لنا سلامة الحياة واستقامتها،فلو تدبرْتَ هذا المنهج لوجدته في أيِّ جانب من جوانب الحياة هو الأقوم والأنسب.
في العقائد،في العبادات،في الأخلاق الاجتماعية العامة،في العادات والمعاملات،إنه منهج ينتظم الحياة كلها،كما قال الحق سبحانه:{ مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ }[الأنعام: 38]
هذا المنهج الإلهي هو أَقْوم المناهج وأصلحها؛ لأنه منهج الخالق سبحانه الذي يعلم مَنْ خلق،ويعلم مَا يصلحهم،كما قلنا سابقاً: إن الصانع من البشر يعلم صَنْعته،ويضع لها من تعليمات التشغيل والصيانة ما يضمن لها سلامة الأداء وأمن الاستعمال.
فإذا ما استعملْتَ الآلة حَسبْ قانون صانعها أدَّتْ مهمتها بدقة،وسلَمتْ من الأعطال،فالذي خلق الإنسان أعلم بقانون صيانته،فيقول له: افعل كذا ولا تفعل كذا:{ أَلاَ يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ }[الملك: 14]
فآفة الناس في الدنيا أنهم وهم صَنْعةُ الحق سبحانه يتركون قانونه،ويأخذون قانون صيانتهم من أمثالهم،وهي قوانين وضعية قاصرة لا تسمو بحال من الأحوال إلى قانون الحق سبحانه،بل لا وَجْهَ للمقارنة بينهما. إذن: لا تستقيم الحياة إلا بمنهج الله عز وجل.
ثم يقول تعالى: { وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً } [الإسراء: 9] فالمنفذ لهذا المنهج الإلهي يتمتع باستقامة الحياة وسلامتها،وينعم بالأمن الإيماني،وهذه نعمة في الدنيا،وإن كانت وحدها لكانت كافية،لكن الحق سبحانه وتعالى يُبشِّرنا بما هو أعظم منها،وبما ينتظرنا من نعيم الآخرة وجزائها،فجمع لنا ربنا تبارك وتعالى نَعيمَيْ الدنيا والآخرة.
نعيم الدنيا لأنك سِرْتَ فيها على منهج معتدل ونظام دقيق،يضمن لك فيها الاستقامة والسلام والتعايش الآمن مع الخَلْق.ومن ذلك قول الحق سبحانه:{ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ }[البقرة: 38] وقوله تعالى في آية أخرى:{ فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلاَ يَضِلُّ وَلاَ يَشْقَى }[طه: 123] ويقول تعالى:{ مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ }[النحل: 97]
وفي الجانب المقابل يقول الحق سبحانه:{ وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيراً * قَالَ كَذالِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذالِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى }[طه: 124-126] فكما أن الحق تبارك وتعالى جمع لعباده الصالحين السائرين على منهجه خيري الدنيا والآخرة،ففي المقابل جمع لأعدائه المعرضين عن منهجه عذاب الدنيا وعذاب الآخرة،لا ظُلْماً منه،فهو سبحانه مُنَزَّه عن الظلم والجَوْر،بل عَدْلاً وقِسطاً بما نَسُوا آيات الله وانصرفوا عنها.
ومعنى: { يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ } [الإسراء: 9] وعمل الصالحات يكون بأن تزيد الصالح صلاحاً،أو على الأقل تبقي الصالح على صلاحه،ولا تتدخل فيه بما يُفسده.
وقوله: { أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً } [الإسراء: 9] نلاحظ هنا أن الحق سبحانه وصف الأجر بأنه كبير،ولم يَأْتِ بصيغة أفعل التفضيل منها (أكبر)،فنقول: لأن كبير هنا أبلغ من أكبر،فكبير مقابلها صغير،فَوَصْف الأجر بأنه كبير يدل على أن غيره أصغر منه،وفي هذا دلالة على عِظَم الأجر من الله تعالى. أما لو قال: أكبر فغيره كبير،إذن: فاختيار القرآن أبلغ وأحكم.
كما قلنا سابقاً: إن من أسماء الحق تبارك وتعالى (الكبير)،وليس من أسمائه أكبر،إنما هي وصف له سبحانه. ذلك لأن (الكبير) كل ما عداه صغير،أما (أكبر) فيقابلها كبير.
ومن هنا كان نداء الصلاة (الله أكبر) معناه أن الصلاة وفَرْض الله علينا أكبر من أي عمل دنيويّ،وهذا يعني أن من أعمال الدنيا ما هو كبير،كبير من حيث هو مُعين على الآخرة.
فعبادة الله تحتاج إلى طعام وشراب وإلى مَلْبس،والمتأمل في هذه القضية يجد أن حركة الحياة كلها تخدم عمل الآخرة،ومن هنا كان عمل الدنيا كبيراً،لكن فَرْض الله أكبر من كل كبير.





هنا بين الحروف أسكن
http://monaaya7.blogspot.com/
من القلب سلامًٌ لمن زارني
قديم 11-27-2011, 08:18 PM
المشاركة 56
منى شوقى غنيم
انتقلت إلى أرحم الراحمين إن شاء الله
  • غير موجود
افتراضي
ولأهمية العمل الدنيوي في حياة المسلم يقول تعالى عن صلاة الجمعة:{ ياأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاَةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْاْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُواْ الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ * فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاَةُ فَانتَشِرُواْ فِي الأَرْضِ وَابْتَغُواْ مِن فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُواْ اللَّهَ كَثِيراً لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ }[الجمعة: 9-10] والمتأمل في هذه الآيات يجد الحق تبارك وتعالى أمرنا قبل الجمعة أن نترك البيع،واختار البيع دون غيره من الأعمال؛ لأنه الصفقة السريعة الربح،وهي أيضاً الصورة النهائية لمعظم الأعمال،كما أن البائع يحب دائماً البيع،ويحرص عليه،بخلاف المشتري الذي ربما يشتري وهو كاره،فتجده غير حريص على الشراء؛ لأنه إذا لم يشْتَرِ اليوم سيشتري غداً. إذن: فالحق سبحانه حينما يأمرنا بترك البيع،فتَرْك غيره من الأعمال أَوْلَى.
فإن ما قُضِيَت الصلاة أمرنا بالعودة إلى العمل والسعي في مناكب الأرض،فأخرجنا للقائه سبحانه في بيته من عمل،وأمرنا بعد الصلاة بالعمل.
إذن: فالعمل وحركة الحياة (كبير)،ولكن نداء ربك (أكبر) من حركة الحياة؛ لأن نداء ربك هو الذي سيمنحك القوة والطاقة،ويعطيك الشحنة الإيمانية،فتُقبِل على عملك بهِمّة وإخلاص.
وفي الشفاء والرحمة:{ وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ} الإسراء 82.
وَنُنَزِّلُ عَلَيْكَ يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ مِنَ القُرْآنِ مَا يُسْتَشَفَي بِهِ مِنَ الجَهْلِ وَالضَّلاَلِ،وَمَا يُذْهِبُ مَا فِي قُلُوبِ المُؤْمِنِينَ مِنْ أَْمْرَاضِ الشَّكِّ وَالنِّفَاقِ،وَالشِّرْكِ وَالزَّيْغِ،وَيَشْفِي مِنْهَا،وَهُوَ رَحْمَةُ لِمَنْ آمَنَ بِهِ،وَعَمِلَ بَأَوَامِرِهِ،وَاجْتَنَبَ نَوَاهِيهِ.أَمَّا الكَافِرُونَ الظَّالِمُونَ أَنْفُسَهُمْ بِكُفْرِهِمْ فَلاَ يَزِيدُهُمْ سَمَاعُ القُرْآنِ إِلاَّ بُعْداً عَنِ الإِيمَانِ وَكُفْراً،وَعُتُوّاً وَخَسَاراً،لأَنَّهُمْ قَدْ طُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لاَ يَفْقَهُونَ .
وفي التذكير والتقوى:{ وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِن كُلِّ مَثَلٍ لَّعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (27) قُرآناً عَرَبِيّاً غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (28)} الزمر.
لَقَدْ أَرَادَ اللهُ تَعَالَى أَنْ يُقَرِّبَ المَعَانِي مِنْ أَفْهَامِ النَّاسِ فَضَرَبَ لَهُمُ الأَمْثَالَ فِي القُرْآنِ،وَنَوَّعَ الأَمْثَالَ فِيهِ زِيَادَةً فِي تَقْرِيبِ المَعَانِي وَإِِيضَاحِهَا،لَعَلَّ النَّاسَ يَفْهَمُونَ وَيُدِرْكُونَ مَا أَرَادَهُ الله تَعَالَى،وَلَعَلَّهُمْ يَعْتَبِرُونَ بِمَا قَصَّهُ عَلَيْهِمْ .وَقَدْ جَعَلَ اللهُ تَعَالَى القُرْآنَ عَرَبياً وَاضَحاً لاَ لَبْسَ فِيهِ وَلاَ غُمُوضَ،وَلاَ عِوَجَ وَلاَ انْحِرَافَ لِيَفْهَمَ العَرَبُ مَعَانِيَهُ.وَيَعُوا مَرَامِيَهُ،لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ اللهَ،وَيَحْذَرُونَ نِقَمَهُ .
وفي الثبات على الحق:{ قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِن رَّبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُواْ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ (102)} النحل.
قُلْ لَهُمْ:إِنَّ القُرْآنَ قَدْ نَزَلَ عَلَيَّ مِنْ رَبِّي مَعَ جِبْرِيلَ الرُّوحِ الطَّاهِرِ،مُقْتَرِناً بِالحَقِّ وَمُشْتَمِلاً عَلَيْهِ لِيُثَبِّتَ بِهِ المُؤْمِنِينَ،وَلِيَهْدِي بِهِ النَّاسَ إِلَى الخَيْرِ بِمَا فِيهِ مِنْ أَدِلَّةٍ قَاطِعَةٍ عَلَى وَحْدَانِيَّةِ اللهِ،وَعَظِيمِ قُدْرَتِهِ،وَبِمَا فِيهِ مِنْ تَشْرِيعٍ وَتَعَالِيمٍ وَأَحْكَامٍ،فَهُوَ هَادٍ لِلْمُؤْمِنِينَ،وَبَشِيرٌ لَهُمْ بِحُسْنِ الثَّوَابِ عِنْدَ اللهِ فِي الآخِرَةِ .
وفي زيادة الإيمان:{ وَإِذَا مَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُم مَّن يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَاناً فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ فَزَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ (124)} التوبة.
إِذَا أَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى سُورَةً مِنْ سُوَرِ القُرْآنِ فَمِنَ المُنَافِقِينَ مَنْ يَقُولُ لإِخْوَانِهِ:( أَوْ يَقُولُ لِمَنْ يَلْقَاهُ مِنَ المُؤْمِنِينَ مُشَكِّكاً ):أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ السُّورَةُ إِيمَاناً وَيَقِيناً بِحَقِيقَةِ القُرْآنِ وَالإِسْلاَمِ،وَصدْقِ الرَّسُولِ؟
وَيَقُولُ تعالى: أَمَّا الذِينَ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ فَتَزيدُهُمُ الآيَاتُ إِيمَاناً،وَيَسْتَبْشِرُونَ بِرِضْوانِ رَبِّهِمْ،وَبِمَا أَعَدَّهُ لَهُمْ مِنْ جَزِيلِ الثَّوابِ .
فأما الذين آمنوا فقد أضيفت إلى دلائل الإيمان عندهم دلالة فزادتهم إيمانا وقد خفقت قلوبهم بذكر ربهم خفقة فزادتهم إيمانا وقد استشعروا عناية ربهم بهم في إنزال آياته عليهم فزادتهم إيمانا .. وأما الذين في قلوبهم مرض،الذين في قلوبهم رجس من النفاق،فزادتهم رجسا إلى رجسهم،وماتوا وهم كافرون ..وهو نبأ من اللّه صادق،وقضاء منه سبحانه محقق.
ووصفه الذي أنزل عليه rوبيّن آثاره في كثير من أحاديثه الشريفة،منها ما روي فعَنْ عَلِيٍّ،قَالَ:سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ rيَقُولُ:إِنَّهَا سَتَكُونُ فِتْنَةٌ قَالَ:قُلْتُ فَمَا الْمَخْرَجُ مِنْهَا رَسُولَ اللهِ ؟ قَالَ:كِتَابُ اللهِ فِيهِ نَبَأُ مَا قَبْلَكُمْ وَخَبَرُ مَا بَعْدَكُمْ وَحُكْمُ مَا بَيْنَكُمْ،هُوَ الْفَصْلُ لَيْسَ بِالْهَزْلِ مَنْ يَرُدَّهُ مِنْ جَبَّارٍ قَصَمَهُ اللَّهُ،وَمَنِ ابْتَغَى الْهُدَى فِي غَيْرِهِ أَضَلَّهُ اللَّهُ هُوَ حَبْلُ اللهِ الْمَتِينُ وَالذَّكَرُ الْحَكِيمُ،وَهُوَ الصِّرَاطُ الْمُسْتَقِيمُ الَّذِي لاَ تَزِيغُ بِهِ الأَهْوَاءُ وَلاَ تَشْبَعُ مِنْهُ الْعُلَمَاءُ وَلاَ يَخْلُقُ عَنْ رَدٍّ،وَلاَ تَنْقَضِي عَجَائِبُهُ،وَهُوَ الَّذِي لَمْ تَنْتَهِ الْجِنُّ حِينَ سَمِعَتْهُ أَنْ قَالُوا:إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا،مَنْ قَالَ بِهِ صَدَقَ وَمَنْ عَمِلَ بِهِ أُجِرَ وَمَنْ حَكَمَ بِهِ عَدَلَ وَمَنْ دُعِيَ إِلَيْهِ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ وَمَنِ اعْتَصَمَ بِهِ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ.. رواه البزار.
وعَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -r- :« اعْمَلُوا بِالْقُرْآنِ أَحِلُّوا حَلاَلَهُ وَحَرِّمُوا حَرَامَهُ وَاقْتَدُوا بِهِ وَلاَ تَكْفُرُوا بِشَىْءٍ مِنْهُ وَمَا تَشَابَهَ عَلَيْكُمْ مِنْهُ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَإِلَى أُولِى الْعِلْمِ مِنْ بَعْدِى كَمَا يُخْبِرُوكُمْ وَآمِنُوا بِالتَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ وَالزَّبُورِ وَمَا أُوتِىَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ وَلْيَسَعْكُمُ الْقُرْآنُ وَمَا فِيهِ مِنَ الْبَيَانِ فَإِنَّهُ شَافِعٌ مُشَفَّعٌ وَمَاحِلٌ مُصَدَّقٌ أَلاَ وَلِكُلِّ آيَةٍ نُورٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَإِنِّى أُعْطِيتُ سُورَةَ الْبَقَرَةِ مِنَ الذِّكْرِ الأَوَّلِ وَأُعْطِيتُ طَهَ وَطَوَاسِينَ وَالْحَوَامِيمَ مِنْ أَلْوَاحِ مُوسَى وَأُعْطِيتُ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ مِنْ تَحْتَ الْعَرْشِ ».
وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ،أَنَّهُ قَالَ:قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r: " الْقُرْآنُ شَافِعٌ مُشَفَّعٌ،وَمَاحِلٌ مُصَدَّقٌ،مَنْ شَفَعَ لَهُ الْقُرْآنُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ نَجَا،وَمَنْ مَحِلَ بِهِ الْقُرْآنُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَبَّهُ اللَّهُ فِي النَّارِ عَلَى وَجْهِهِ "
وعن محمد بن علي رضي الله عنه قال قال رسول الله {r} القرآن أفضل من كل شيء دون الله تعالى وفضل القرآن على سائر الكلام كفضل الله على خلقه فمن وقر القرآن فقد وقر الله ومن لم يوقر القرآن لم يوقر الله وحرمة القرآن عند الله تعالى كحرمة الوالد على ولده القرآن شافع مشفع وما حل مصدق فمن شفع له القرآن شفع ومن محل به القرآن صدق ومن جعله أمامه قاده إلى الجنة ومن جعله خلفه ساقه إلى النار حملة القرآن هم المحفوفون برحمة الله الملبسون نور الله المعلمون كلام الله ومن والاهم فقد والى الله ومن عاداهم فقد عادى الله يقول الله تبارك اسمه يا حملة القرآن استجيبوا لربكم بتوقير كتابه يزدكم حبا ويحببكم إلى عباده يرفع عن مستمع القرآن بلوى الدنيا ويدفع عن تالي القرآن شر الآخرة ومن استمع آية من كتاب الله كان له خيرا من صبر ذهبا ومن قرأ آية من كتاب الله كان أفضل مما تحت العرش إلى التخوم وإن في كتاب الله لسورة تدعى العزيزة يدعى صاحبها الشريف يوم القيامة تشفع لصاحبها أكثر من ربيعة ومضر وهي سورة يس"
وقد أمر الله تعالى بتلاوته {إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَهَا وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ (91) وَأَنْ أَتْلُوَ الْقُرْآنَ} النمل 91-92.
يَأْمُرُ اللهُ رَسُولَهُ rبأَنْ يَقُولَ لِهؤُلاءِ المُكَذِّبينَ:إِنَّهُ أُمِرَ بعِبَادَةِ رَبِّ مَكَّةَ التي جَعَلَهَا بَلَداً حَراماً،لاَ يُسْتَبَاحُ فِيها دًمٌ،وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شيءٍ وَمَلِيكُهُ،لا إٍِلهَ إِلاَّ هُوَ،وَإِنَّ اللهَ أَمَرَ رَسُولَهُ بأَنْ يَكُونَ مِنَ المُسلِمِينَ لَهُ،المُوَحِّدِينَ المُخْلِصِينَ لِجَلاَلِهِ .وَقُلْ لَقَدْ أَمَرني رَبي بِأَنْ أَتلُوَ القُرآنَ عَلَى النَّاسِ،وَأْلَلِّغَهُمْ إِياهُ،وَلِي أُسْوَةٌ بَِنْ تَقَدَّمَني مِنَ الرُّسُلِ،الذين أَنْذَرُوا أَقوَامَهُمْ،وَقَامُوا بتأْدِيَةِ الرِّسَالةِ،وَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّما يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَيَنْتَفِعُ بِهُدَاهُ،وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضُرُّ نَفْسَهُ وَلا يَضُرُّ الله شَيْئاً .
ووعد عليها الخير الجزيل:{ إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ (29) لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ (30)} فاطر.
إِنَ عِبَادَ اللهِ المُؤْمِنينَ الذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللهِ،وَيُؤْمِنُونَ بِهِ،وَيَعْمَلُونَ بِمَا فِيهِ مِنْ أَوَامِرَ:مِنْ إِقامَةِ الصَّلاةِ وأَدائها بِخُشُوعِها،وَإِتْمَامِها بِرُكُوعِها وسُجُودِها،وَمِنَ الإِنْفَاقِ مِمَّا رَزَقَهُمُ اللهُ سِراً وَعَلاَنِيةً فِي سَبيلِ اللهِ عَلَى الفُقَراءِ والمُحْتَاجِينَ،وفيمَا فِيهِ خيرُ الجَمَاعَةِ المُسلِمَةِ،إِنَّ هؤلاءِ العِبَادَ المُؤْمِنينَ،الذِينَ يَقُومُونَ بِذَلِكَ،يَرْجُونَ الثَّوَابَ عَلَى أَفْعَالِهِمْ،عِنْدَ اللهِ،وَسَتَكُونُ تِجَارَتُهُمْ رَابِحَةً عِندَ اللهِ،وَلَنْ تَكْسُدَ .وَيَرْجُونَ أَنْ يَحْزِيَهُمُ اللهُ الجَزَاءَ الأَوْفَى عَلَى أَعْمَالِهِم الصَّالِحَةِ،وَأَنْ يَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ،فَيَتجَاوَزَ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ وَهَفَواتِهِمْ،وَيَضَاعِفَ ثَوَابَ أَعْمَالِهِمْ حَتَّى سَبعِمِئَةِ ضِعْفٍ،وَاللهُ تَعَالى غَفُورٌ لِلذُّنُوبِ،شَكُورٌ لِلْقَلِيلِ مِنَ الأَعمالِ الصَّالِحةِ .
كما أمر النبي rبتلاوته وبيّن ما أعد الله سبحانه وتعالى لمن قرأه من أجر عظيم منها شفاعته به،فعَنْ زَيْدٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَلاَّمٍ يَقُولُ حَدَّثَنِى أَبُو أُمَامَةَ الْبَاهِلِىُّ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -r- يَقُولُ « اقْرَءُوا الْقُرْآنَ فَإِنَّهُ يَأْتِى يَوْمَ الْقِيَامَةِ شَفِيعًا لأَصْحَابِهِ اقْرَءُوا الزَّهْرَاوَيْنِ الْبَقَرَةَ وَسُورَةَ آلِ عِمْرَانَ فَإِنَّهُمَا تَأْتِيَانِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَأَنَّهُمَا غَمَامَتَانِ أَوْ كَأَنَّهُمَا غَيَايَتَانِ أَوْ كَأَنَّهُمَا فِرْقَانِ مِنْ طَيْرٍ صَوَافَّ تُحَاجَّانِ عَنْ أَصْحَابِهِمَا اقْرَءُوا سُورَةَ الْبَقَرَةِ فَإِنَّ أَخْذَهَا بَرَكَةٌ وَتَرْكَهَا حَسْرَةٌ وَلاَ تَسْتَطِيعُهَا الْبَطَلَةُ ». قَالَ مُعَاوِيَةُ بَلَغَنِى أَنَّ الْبَطَلَةَ السَّحَرَةُ." رواه مسلم.
ومنها حصوله على ثروة عريضة من الحسنات التي تضاف إلى رصيده عند تلاوة كل حرف من الكتاب الكريم،فعن مُحَمَّدَ بْنَ كَعْبٍ الْقُرَظِىَّ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -r- « مَنْ قَرَأَ حَرْفًا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ فَلَهُ بِهِ حَسَنَةٌ وَالْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا لاَ أَقُولُ الم َرْفٌ وَلَكِنْ أَلِفٌ حَرْفٌ وَلاَمٌ حَرْفٌ وَمِيمٌ حَرْفٌ ». رواه الترمذي.
ومنها ارتقاؤه إلى منزلة لا تنتهي رفعتها إلا عندما ينتهي من تلاوته فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عَنِ النَّبِىِّ -r- قَالَ « يُقَالُ لِصَاحِبِ الْقُرْآنِ اقْرَأْ وَارْتَقِ وَرَتِّلْ كَمَا كُنْتَ تُرَتِّلُ فِى الدُّنْيَا فَإِنَّ مَنْزِلَتَكَ عِنْدَ آخِرِ آيَةٍ تَقْرَأُ بِهَا ». رواه الترمذي.
ومنها نيله شهادة نبوية بتقليده أعلى وسام إلهي،فعَنْ أَنَسٍ،قَالَ:قَالَ رَسُولُ اللهِ r: إِنَّ لِلَّهِ أَهْلِينَ مِنَ النَّاسِ،فَقِيلَ:مَنْ أَهْلُ اللهِ مِنْهُمْ ؟ قَالَ:أَهْلُ الْقُرْآنِ هُمْ أَهْلُ اللهِ وَخَاصَّتُهُ.". رواه أحمد.
إنه كتاب الله تعالى الدستور الجامع لأحكام الإسلام،والمنبع الصافي للعلم والخير والحكمة والنور والوسيلة المختصرة لمعرفة الله تعالى وقربه ورضاه والوصول إلى حقائق التقوى ومعادن الإيمان. فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ:إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ مَأْدُبَةُ اللَّهِ،فَتَعَلَّمُوا مِنْ مَأْدُبَتِهِ مَا اسْتَطَعْتُمْ،إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ حَبْلُ اللَّهِ وَالنُّورُ الْمُبِينُ وَالشِّفَاءُ النَّافِعُ،عِصْمَةٌ لِمَنْ تَمَسَّكَ بِهِ،وَنَجَاةٌ لِمَنِ اتَّبَعَهُ،لاَ يَزِيغُ فَيَسْتَعْتِبُ،وَلاَ يَعْوَجُّ فَيُقَوَّمُ،وَلاَ تَنْقَضِى عَجَائِبُهُ،وَلاَ يَخْلَقُ عَنْ كَثْرَةِ الرَّدِّ،فَاتْلُوهُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْجُرُكُمْ عَلَى تِلاَوَتِهِ بِكُلِّ حَرْفٍ عَشْرَ حَسَنَاتٍ،أَمَا إِنِّى لاَ أَقُولُ الم وَلَكِنْ بِأَلِفٍ وَلاَمٍ وَمِيمٍ. " الدارمي.
وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ،قَالَ:جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ r،فَقَالَ:يَا رَسُولَ اللهِ أَوْصِنِي،قَالَ:عَلَيْكَ بِتَقْوَى اللهِ فَإِنَّهَا جِمَاعُ كُلِّ خَيْرٍ،وَعَلَيْكَ بِالْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللهِ،فَإِنَّهَا رَهْبَانِيَّةُ الْمُسْلِمِينَ،وَعَلَيْكَ بِذِكْرِ اللهِ وَتِلاوَةِ كِتَابِهِ،فَإِنَّهُ نُورٌ لَكَ فِي الأَرْضِ وَذِكْرٌ لَكَ فِي السَّمَاءِ،وَاخْزُنْ لِسَانَكَ إِلَّامِنْ خَيْرٍ،فَإِنَّكَ بِذَلِكَ تَغْلِبُ الشَّيْطَانَ." الطبراني
إنه رسالة الله العلي القدير،لهذا الإنسان الضعيف الجهول الفقير،لتأخذ بيده وتدله على سبيل النجاة،وتهديه إلى صراط الله،وتمنحه السعادة في الدنيا والفوز في الآخرة.
فعَنْ مُحَمَّدِ بن جُبَيْرِ بن مُطْعِمٍ،عَنْ أَبِيهِ،قَالَ:كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ r،بِالْجُحْفَةِ فَخَرَجَ عَلَيْنَا،فَقَالَ:أَلَيْسَ تَشْهَدُونَ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ،وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ،وَأَنَّ الْقُرْآنَ جَاءَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ؟ قُلْنَا:نَعَمْ،قَالَ:فَأَبْشِرُوا فَإِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ طَرَفُهُ بِيَدِ اللَّهِ،وَطَرَفُهُ بِأَيْدِيكُمْ،فَتَمَسَّكُوا بِهِ،وَلا تُهْلَكُوا بَعْدَهُ أَبَدًا. رواه الطبراني.
ولقد بوأ الله به المسلمين عندما تمسكوا به،وأخلصوا في تطبيق أوامره،وتنفيذ أحكامه ووصاياه،وانتهوا عن كل ما نهى عنه،بوأهم مكانة الصدارة بين الأمم،وجعلهم مخلّصي الشعوب ومعلمي الأمم،وناشري الحضارة التي ما عرف التاريخ لها مثيلا،فكانوا بحق خير أمة أخرجت للناس.
وهذا كتاب الله تعالى تكفل بحفظه،وسخر عباده لتوثيقه،ليكون الدستور الخالد إلى يوم القيامة {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (9)} الحجر.
والقرآن قد جاء بعد كُتب متعددة،وكان كل كتاب منها يحمل منهج الله؛ إلا أن أيَّ كتاب منها لم يَكُنْ معجزة؛ بل كانت المُعْجزة تنزل مع أيِّ رسول سبق سيدنا رسول الله r،وعادة ما تكون المعجزة من صنف ما نبغ فيه القوم الذين نزل فيهم.





هنا بين الحروف أسكن
http://monaaya7.blogspot.com/
من القلب سلامًٌ لمن زارني
قديم 11-27-2011, 08:20 PM
المشاركة 57
منى شوقى غنيم
انتقلت إلى أرحم الراحمين إن شاء الله
  • غير موجود
افتراضي
وما دام المنهج مفصولاً عن المعجزة؛ فقد طلب الحق سبحانه من الحاملين لكتب المنهج تلك أنْ يحافظوا عليها،وكان هذا تكليفاً من الحق سبحانه لهم. والتكليف ـ كما نعلم ـ عُرْضة أنْ يُطَاع،وعُرْضة أنْ يُعصى،ولم يلتزم أحد من الأقوام السابقة بحفظ الكُتب المنزّلة إليهم.
ونجد الحق ـ سبحانه وتعالى ـ يقول:{ إِنَّآ أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُواْ لِلَّذِينَ هَادُواْ وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُواْ مِن كِتَابِ اللَّهِ... }[المائدة: 44]
أي: أن الحق ـ سبحانه وتعالى ـ قد كلّفهم وطلب منهم أنْ يحفظوا كتبهم التي تحمل منهجه؛ وهذا التكليف عُرْضة أنْ يطاع،وعُرْضة أنْ يُعصى؛ وهم قد عَصَوا أمر الحق سبحانه وتكليفه بالحفظ؛ ذلك أنهم حرّفوا وبدلوا وحذفوا من تلك الكتب الكثير. فقد قال الحق سبحانه عنهم:{ ...وَإِنَّ فَرِيقاً مِّنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ }[البقرة: 146]
بل وأضافوا من عندهم كلاماً وقالوا: هو من عند الله؛ لذلك قال فيهم الحق سبحانه:{ فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَـذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُواْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَوَيْلٌ لَّهُمْ مِّمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَّهُمْ مِّمَّا يَكْسِبُونَ }[البقرة: 79]
وهكذا ارتكبوا ذنوب الكذب وعدم الأمانة،ولم يحفظوا الكتب الحاملة لمنهج الله كما أنزلها الله على أنبيائه ورُسله السابقين على رسول الله r.
ولذلك لم يَشَأ الحق سبحانه أن يترك مهمة حفظ القرآن كتكليف منه للبشر؛ لأن التكليف عُرْضة أن يطاع وعُرْضة أنْ يُعصى،فضلاً عن أن القرآن يتميز عن الكتب السابقة في أنه يحمل المنهج،وهو المعجزة الدالة على صِدْق بلاغ رسول الله rفي نفس الوقت.ولذلك قال الحق سبحانه: { إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ } [الحجر: 9]
والذِّكْر إذا أُطلِق انصرف المعنى إلى القرآن؛ وهو الكتاب الذي يحمل المنهج؛ وسبحانه قد شاء حِفْظه؛ لأنه المعجزة الدائمة الدالة على صدق بلاغ رسوله r.وكان الصحابة يكتبون القرآن فَوْرَ أن ينزل على رسول الله r،ووجدنا في عصرنا من هم غير مؤمنين بالقرآن؛ ولكنهم يتفنّنون في وسائل حفْظه؛ فهناك مَنْ طبع المصحف في صفحة واحدة؛ وسخَّر لذلك مواهب أُناسٍ غير مؤمنين بالقرآن.
وحدث مثل ذلك حين تَمّ تسجيل المصحف بوسائل التسجيل المعاصرة. وفي ألمانيا ـ على سبيل المثال ـ توجد مكتبة يتم حِفْظ كل ما يتعلق بكل آية من القرآن في مكان مُعيّن مُحدّد.وفي بلادنا المسلمة نجد مَنْ ينقطع لحفظ القرآن منذ الطفولة،ويُنهي حِفْظه وعمره سبع سنوات؛ وإنْ سألته عن معنى كلمة يقرؤها فقد لا يعرف هذا المعنى.
ومن أسرار عظمة القرآن أن البعض مِمَّنْ يحفظونه لا يملكون أية ثقافة،ولو وقف الواحد من هؤلاء عند كلمة؛ فهو لا يستطيع أن يستكملها بكلمةٍ ذات معنى مُقَارب لها؛ إلى أنْ يردّه حافظٌ آخر للقرآن.
ولكي نعرف دِقّة حِفْظ الحق سبحانه لكتابه الكريم؛ نجد أن البعض قد حاول أن يُدخِل على القرآن ما ليس فيه،وحاول تحريفه من مدخل،يروْنَ أنه قريب من قلب كل مسلم،وهو توقير الرسول r؛ وجاءوا إلى قول الحق سبحانه:{ مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّآءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَآءُ بَيْنَهُمْ... }[الفتح: 29]
وأدخلوا في هذه الآية كلمة ليست فيها،وطبعوا مصحفاً غيَّروا فيه تلك الآية بكتابتها " محمد رسول الله rوالذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم " وأرادوا بذلك أن يسرقوا عواطف المسلمين،ولكن العلماء عندما أمسكوا بهذا المصحف أمروا بإعدامه وقالوا: " إن به شيئاً زائداً "،فردَّ مَنْ طبع المصحف " ولكنها زيادة تحبونها وتُوقّرونها "،فردَّ العلماء: " إن القرآن توقيفيّ؛ نقرؤه ونطبعه كما نزل ".وقامت ضَجَّة؛ وحسمها العلماء بأن أيّ زيادة ـ حتى ولو كانت في توقير رسول الله rومحبته ـ لا تجوز في القرآن،لأن علينا أن نحفظ القرآن كما لقَّنه جبريل لمحمد r.
وننظر نحن اليوم من وراء القرون إلى وعد اللّه الحق بحفظ هذا الذكر فنرى فيه المعجزة الشاهدة بربانية هذا الكتاب - إلى جانب غيرها من الشواهد الكثيرة - ونرى أن الأحوال والظروف والملابسات والعوامل التي تقلبت على هذا الكتاب في خلال هذه القرون ما كان يمكن أن تتركه مصونا محفوظا لا تتبدل فيه كلمة،ولا تحرف فيه جملة،لولا أن هنالك قدرة خارجة عن إرادة البشر،أكبر من الأحوال والظروف والملابسات والعوامل،تحفظ هذا الكتاب من التغيير والتبديل،وتصونه من العبث والتحريف.
لقد جاء على هذا القرآن زمان في أيام الفتن الأولى كثرت فيه الفرق،وكثر فيه النزاع،وطمت فيه الفتن،وتماوجت فيه الأحداث. وراحت كل فرقة تبحث لها عن سند في هذا القرآن وفي حديث رسول اللّه - r- ودخل في هذه الفتن وساقها أعداء هذا الدين الأصلاء من اليهود - خاصة - ثم من «القوميين» دعاة «القومية» الذين تسمّوا بالشعوبيين! ولقد أدخلت هذه الفرق على حديث رسول اللّه - r- ما احتاج إلى جهد عشرات العلماء الأتقياء الأذكياء عشرات من السنين لتحرير سنة رسول اللّه - r- وغربلتها وتنقيتها من كل دخيل عليها من كيد أولئك الكائدين لهذا الدين.كما استطاعت هذه الفرق في تلك الفتن أن تؤول معاني النصوص القرآنية،وأن تحاول أن تلوي هذه النصوص لتشهد لها بما تريد تقريره من الأحكام والاتجاهات ..
ولكنها عجزت جميعا - وفي أشد أوقات الفتن حلوكة واضطرابا - أن تحدث حدثا واحدا في نصوص هذا الكتاب المحفوظ وبقيت نصوصه كما أنزلها اللّه حجة باقية على كل محرف وكل مؤول وحجة باقية كذلك على ربانية هذا الذكر المحفوظ.
ثم جاء على المسلمين زمان - ما نزال نعانيه - ضعفوا فيه عن حماية أنفسهم،وعن حماية عقيدتهم،وعن حماية نظامهم،وعن حماية أرضهم،وعن حماية أعراضهم وأموالهم وأخلاقهم. وحتى عن حماية عقولهم وإدراكهم! وغيّر عليهم أعداؤهم الغالبون كل معروف عندهم،وأحلوا مكانه كل منكر فيهم .. كل منكر من العقائد والتصورات،ومن القيم والموازين،ومن الأخلاق والعادات. ومن الأنظمة والقوانين .. وزينوا لهم الانحلال والفساد والتوقح والتعري من كل خصائص «الإنسان» وردوهم إلى حياة كحياة الحيوان .. وأحيانا إلى حياة يشمئز منها الحيوان .. ووضعوا لهم ذلك الشر كله تحت عنوانات براقة من «التقدم» و«التطور» و«العلمانية» و«العلمية» و«الانطلاق» و«التحرر» و«تحطيم الأغلال» و«الثورية» و«التجديد» ... إلى آخر تلك الشعارات والعناوين .. وأصبح «المسلمون» بالأسماء وحدها مسلمين. ليس لهم من هذا الدين قليل ولا كثير.
وباتوا غثاء كغثاء السيل لا يمنع ولا يدفع،ولا يصلح لشيء إلا أن يكون وقودا للنار .. وهو وقود هزيل! ..
ولكن أعداء هذا الدين - بعد هذا كله - لم يستطيعوا تبديل نصوص هذا الكتاب ولا تحريفها. ولم يكونوا في هذا من الزاهدين. فلقد كانوا أحرص الناس على بلوغ هذا الهدف لو كان يبلغ،وعلى نيل هذه الأمنية لو كانت تنال! ولقد بذل أعداء هذا الدين - وفي مقدمتهم اليهود - رصيدهم من تجارب أربعة آلاف سنة أو تزيد في الكيد لدين اللّه. وقدروا على أشياء كثيرة .. قدروا على الدس في سنة رسول اللّه - r- وعلى تاريخ الأمة المسلمة. وقدروا على تزوير الأحداث ودس الأشخاص في جسم المجتمع المسلم ليؤدوا الأدوار التي يعجزون عن أدائها وهم سافرون. وقدروا على تحطيم الدول والمجتمعات والأنظمة والقوانين.وقدروا على تقديم عملائهم الخونة في صورة الأبطال الأمجاد ليقوموا لهم بأعمال الهدم والتدمير في أجسام المجتمعات الإسلامية على مدار القرون،وبخاصة في العصر الحديث ..ولكنهم لم يقدروا على شيء واحد - والظروف الظاهرية كلها مهيأة له - .. لم يقدروا على إحداث شيء في هذا الكتاب المحفوظ،الذي لا حماية له من أهله المنتسبين إليه وهم بعد أن نبذوه وراء ظهورهم غثاء كغثاء السيل لا يدفع ولا يمنع فدل هذا مرة أخرى على ربانية هذا الكتاب،وشهدت هذه المعجزة الباهرة بأنه حقا تنزيل من عزيز حكيم.
لقد كان هذا الوعد على عهد رسول اللّه - r- مجرد وعد. أما هو اليوم - من وراء كل تلك الأحداث الضخام ومن وراء كل تلك القرون الطوال. فهو المعجزة الشاهدة بربانية هذا الكتاب،والتي لا يماري فيها إلا عنيد جهول:«إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ،وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ» .. وصدق اللّه العظيم ..
وصدق رسول الله rإذ يقول:" خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ. " رواه البخاري.





هنا بين الحروف أسكن
http://monaaya7.blogspot.com/
من القلب سلامًٌ لمن زارني
قديم 11-27-2011, 08:22 PM
المشاركة 58
منى شوقى غنيم
انتقلت إلى أرحم الراحمين إن شاء الله
  • غير موجود
افتراضي
قال أحدهم:
قد حوى القرآن نورا وهدى ………فعصى القرآن من لا يعقل
قل لقوم نبذوا أحكامه ………ما لكم مما نبذتم بدل
فاسألوا التاريخ عن قرآنكم ………يوم ضاءت بسناه السبل
فكأن الكون أفق أنتم ………فيه بدر كامل لا يأفل
أو كأن الكون منكم روضة ………وعلى الأغصان أنتم بلبل
إنه كتاب الله،منزلته كمنزلة منزله،وتعظيمه من تعظيم قائله،والأدب معه أدب مع الله سبحانه وحري بالمسلم أن يتعلم هذه الآداب ليلتزمها مع كتاب الله الكريم.
1- أن يقصد بقراءته وجه الله تعالى،وتعلم أحكام كتابه،وتنفيذ أمر ربه بتلاوة القرآن الكريم.
قال الله تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ} (5) سورة البينة.
وهذه هي قاعدة دين اللّه على الإطلاق: عبادة اللّه وحده،وإخلاص الدين له،والميل عن الشرك وأهله،وإقامة الصلاة،وإيتاء الزكاة:«وَذلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ» .. عقيدة خالصة في الضمير،وعبادة للّه،تترجم عن هذه العقيدة،وإنفاق للمال في سبيل اللّه،وهو الزكاة .. فمن حقق هذه القواعد،فقد حقق الإيمان كما أمر به أهل الكتاب،وكما هو في دين اللّه على الإطلاق. دين واحد. وعقيدة واحدة،تتوالى بها الرسالات،ويتوافى عليها الرسل .. دين لا غموض فيه ولا تعقيد. وعقيدة لا تدعو إلى تفرق ولا خلاف،وهي بهذه النصاعة،وبهذه البساطة،وبهذا التيسير. فأين هذا من تلك التصورات المعقدة،وذلك الجدل الكثير؟
وعَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ أَنَّهُ مَرَّ عَلَى قَاصٍّ يَقْرَأُ ثُمَّ سَأَلَ فَاسْتَرْجَعَ ثُمَّ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -r- يَقُولُ « مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ فَلْيَسْأَلِ اللَّهَ بِهِ فَإِنَّهُ سَيَجِىءُ أَقْوَامٌ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ يَسْأَلُونَ بِهِ النَّاسَ ». رواه الترمذي.
وعَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ،عَنْ أَبِيهِ،قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ r: " مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ يَتَأَكَّلُ بِهِ النَّاسَ جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَوَجْهُهُ عَظْمٌ لَيْسَ عَلَيْهِ لَحْمٌ " " رواه البيهقي.
2- أن يكون على طهارة من الحدثين،فالطهارة من الجنابة والحيض والنفاس فرض لقراءة القرآن أو مس المصحف وحمله.
قال تعالى:{ إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ (77) فِي كِتَابٍ مَّكْنُونٍ (78) لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ (79) تَنزِيلٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ (80)} الواقعة.
إن هذا القرآن الذي نزل على محمد لقرآن عظيم المنافع،كثير الخير،غزير العلم،في كتاب مَصُون مستور عن أعين الخلق،وهو الكتاب الذي بأيدي الملائكة. لا يَمَسُّ القرآن إلا الملائكة الكرام الذين طهرهم الله من الآفات والذنوب،ولا يَمَسُّه أيضًا إلا المتطهرون من الشرك والجنابة والحدث.وهذا القرآن الكريم منزل من رب العالمين،فهو الحق الذي لا مرية فيه.
فعَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ،قَالَ:سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَلَمَةَ،قَالَ:دَخَلْتُ عَلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَنَا وَرَجُلانِ:رَجُلٌ مِنَّا،وَرَجُلٌ مِنْ بَنِي أَسَدٍ،أَحْسَبُ فَبَعَثَهُمَا وَجْهًا،وَقَالَ:إِنَّكُمَا عِلْجَانِ فَعَالِجَا عَنْ دِينِكُمَا،ثُمَّ دَخَلَ الْمَخْرَجَ ثُمَّ خَرَجَ،فَأَخَذَ حَفْنَةً مِنْ مَاءٍ فَتَمَسَّحَ بِهَا ثُمَّ جَاءَ،فَقَرَأَ الْقُرْآنَ قِرَاءَةً فَأَنْكَرْنَا ذَلِكَ،فَقَالَ عَلِيّ:كَانَ رَسُولُ اللَّهِ rيَأْتِي الْخَلاءَ فَيَقْضِي الْحَاجَةَ،ثُمَّ يَخْرُجُ فَيَأْكُلُ مَعَنَا الْخُبْزَ وَاللَّحْمَ،وَيَقْرَأُ الْقُرْآنَ،وَلا يَحْجُبُهُ عَنِ الْقُرْآنِ شَيْءٌ لَيْسَ الْجَنَابَةَ،أَوْ إِلا الْجَنَابَةُ " ابن خزيمة.
وعَنْ عَلِىٍّ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -r- يُقْرِئُنَا الْقُرْآنَ عَلَى كُلِّ حَالٍ مَا لَمْ يَكُنْ جُنُبًا. وَبِهِ قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِىِّ -r- وَالتَّابِعِينَ.قَالُوا يَقْرَأُ الرَّجُلُ الْقُرْآنَ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ وَلاَ يَقْرَأُ فِى الْمُصْحَفِ إِلاَّ وَهُوَ طَاهِرٌ. وَبِهِ يَقُولُ سُفْيَانُ الثَّوْرِىُّ وَالشَّافِعِىُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ.
وعَنْ أَبِي الْغَرِيفِ،قَالَ:أُتِيَ عَلِيٌّ بِوَضُوءٍ،فَمَضْمَضَ،وَاسْتَنْشَقَ ثَلاثًا،وَغَسَلَ وَجْهَهُ ثَلاثًا،وَغَسَلَ يَدَيْهِ وَذِرَاعَيْهِ ثَلاثًا ثَلاثًا،ثُمَّ مَسَحَ بِرَأْسِهِ،ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَيْهِ،ثُمَّ قَالَ:هَكَذَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ rتَوَضَّأَ،ثُمَّ قَرَأَ شَيْئًا مِنَ الْقُرْآنِ،ثُمَّ قَالَ:هَذَا لِمَنْ لَيْسَ بِجُنُبٍ فَأَمَّا الْجُنُبُ فَلا،وَلاَ آيَةَ." أحمدرواه أحمد.
3- تنظيف الفم بالسواك وغيره،لأنه مجرى كلام الله تبارك وتعالى.
فعَنْ عَلِىِّ بْنِ أَبِى طَالِبٍ قَالَ إِنَّ أَفْوَاهَكُمْ طُرُقٌ لِلْقُرْآنِ فَطَيِّبُوهَا بِالسِّوَاكِ." رواه ابن ماجة
وعَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ؛ أَنَّ النَّبِيَّ rقَالَ :« إِنَّ أَفْوَاهَكُمْ طُرُقٌ لِلْقُرْآنِ ؛ فَطَهِّرُوهَا بِالسِّوَاكِ »
4- يستحب للقارئ أن يجلس مستقبلا القبلة إذا تمكن من ذلك،فعَنِ ابْنِ عُمَرَ،قَالَ:قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r: أَكْرَمُ الْمَجَالِسِ مَا اسْتُقْبِلَ بِهِ الْقِبْلَةُ " الطبراني
وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ،قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r:إِنَّ لِكُلِّ شَيْءٍ شَرَفًا،وَإِنَّ شَرَفَ الْمَجَالِسِ مَا اسْتُقْبِلَ بِهِ الْقِبْلَةُ،وَمَنْ نَظَرَ فِي كِتَابِ أَخِيهِ مِنْ غَيْرِ أَمْرِهِ،فَكَأَنَّمَا يَنْظُرُ فِي النَّارِ."
وعَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى،قَالَ:إنَّ لِكُلِّ شَيْءٍ شَرَفًا،وَأَشْرَفُ الْمَجَالِسِ مَا اسْتَقْبَلَ بِهِ الْقِبْلَةَ،وقَالَ:مَا رَأَيْت سُفْيَانَ يَجْلِسُ إلاَّ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ."
وعَنْ مَكْحُولٍ،قَالَ:أَفْضَلُ الْمَجَالِسِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ.
وعَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى،قَالَ:لِكُلِّ شَيْءٍ سَيِّدٌ،وَسَيِّدُ الْمَجَالِسِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ.
ويجوز أن يقرأ قائما أو ماشيا أو مضجعا أو في فراشه أو في الطريق أو على غير ذلك من الأحوال وله الأجر،وإن كان دون الأول.
5- طهارة المكان والثياب ونظافتهما،والتجمل والتطيب استعدادا لمناجاة الله تعالى بتلاوة كلامه. قال تعالى: {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} (4) سورة المدثر
يحتمل أن المراد بثيابه،أعماله كلها،وبتطهيرها تخليصها والنصح بها،وإيقاعها على أكمل الوجوه،وتنقيتها عن المبطلات والمفسدات،والمنقصات من شر ورياء،[ونفاق]،وعجب،وتكبر،وغفلة،وغير ذلك،مما يؤمر العبد باجتنابه في عباداته.
ويدخل في ذلك تطهير الثياب من النجاسة،فإن ذلك من تمام التطهير للأعمال خصوصا في الصلاة،التي قال كثير من العلماء: إن إزالة النجاسة عنها شرط من شروط الصلاة. ويحتمل أن المراد بثيابه،الثياب المعروفة،وأنه مأمور بتطهيرها عن [جميع] النجاسات،في جميع الأوقات،خصوصا في الدخول في الصلوات،وإذا كان مأمورا بتطهير الظاهر،فإن طهارة الظاهر من تمام طهارة الباطن.
6- التعوذ والبسملة قبل البدء بالتلاوة.قال تعالى: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} (98) سورة النحل.
يَأْمُرُ اللهُ تَعَالَى رَسُولَهُ rوَعِبَادَهُ المُؤْمِنِينَ،عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ rبِأَنْ يَسْتَعِيذُوا بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ،إِذَا أَرَادُوا قِرَاءَةَ القُرْآنِ .
فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ،قَالَ:قَالَ رَسُولُ اللهِ r: كُلُّ أَمْرٍ ذِي بَالٍ لاَ يُبْدَأُ فِيهِ بِبِسْمِ اللَّه،فَهُوَ أَقْطَعُ."
7- المداومة على قراءة القرآن،بالتزام ورد يومي وإن قلّ،وتجنب هجران القرآن ونسيان تلاوته. عن الْحَسَنَ،قالَ: قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: " لَوْ أَنَّ قُلُوبَنَا طَهُرَتْ مَا شَبِعْنَا مِنْ كَلَامِ رَبِّنَا،وَإِنِّي لَأَكْرَهُ أَنْ يَأْتِيَ عَلَيَّ يَوْمٌ لَا أَنْظُرُ فِي الْمُصْحَفِ " وَمَا مَاتَ عُثْمَانُ حَتَّى خُرِقَ مُصْحَفُهُ مِنْ كَثْرَةِ مَا كَانَ يُدِيمُ النَّظَرَ فِيهَا "
قال تعالى:{ وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً (30)} الفرقان.
وَقَالَ الرَّسُولُ مُشْتَكِياً إِلَى رَبِّهِ:يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمي اتَّخُذُوا هَذَا القُرْآنَ مَهْجُوراً،أَيْ أَنَّ قَوْمِي الّذِينَ بَعَثْتَني إِلَيْهِمْ لأَدْعُوَهُمْ إِلى تَوْحِيدِكَ،وَأَمَرْتَني بِإِبْلاَغِ القُرْآنِ إِلَيْهِم،قَدْ هَجرُوا كِتَابَكَ،وَتَرَكُوا الإِيمانَ بِكَ،وَلَمْ يَأَبَهُوا بِوَعِيدِكَ،بل أعْرَضُوا عنِ استماعِهِ واتِّبَاعِهِ .
لقد هجروا القرآن الذي نزله اللّه على عبده لينذرهم. ويبصرهم. هجروه فلم يفتحوا له أسماعهم إذ كانوا يتقون أن يجتذبهم فلا يملكون لقلوبهم عنه ردا. وهجروه فلم يتدبروه ليدركوا الحق من خلاله،ويجدوا الهدي على نوره. وهجروه فلم يجعلوه دستور حياتهم،وقد جاء ليكون منهاج حياة يقودها إلى أقوم طريق
وعَنْ أَبِى مُوسَى عَنِ النَّبِىِّ -r- قَالَ « تَعَاهَدُوا هَذَا الْقُرْآنَ فَوَالَّذِى نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَهُوَ أَشَدُّ تَفَلُّتًا مِنَ الإِبِلِ فِى عُقُلِهَا » رواه مسلم.
وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -r- « عُرِضَتْ عَلَىَّ أُجُورُ أُمَّتِى حَتَّى الْقَذَاةِ يُخْرِجُهَا الرَّجُلُ مِنَ الْمَسْجِدِ وَعُرِضَتْ عَلَىَّ ذُنُوبُ أَمَّتِى فَلَمْ أَرَ ذَنْبًا أَعْظَمَ مِنْ سُورَةٍ مِنَ الْقُرْآنِ أَوْ آيَةٍ أُوتِيهَا رَجُلٌ ثُمَّ نَسِيَهَا ».
8- الإقبال بشغف وشوق ومحبة على كلام الله تعالى حتى يتملك عليه مشاعره وأحاسيسه،وقلبه وفكره وروحه،ويعين على ذلك طرح كل ما يشغله من أفكار أو كلام أو هموم الحياة الدنيا،وخصوصا في صلاة الليل.قال تعالى:{ اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَاباً مُّتَشَابِهاً مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إلى ذِكْرِ اللَّهِ} الزمر 23.
اللهُ تَعَالَى أَنْزَلَ أَحْسَنَ الحَدِيثِ قُرْآناً يُشْبِهُ بَعْضُهُ بَعْضاً ( مَثَانِيَ )،وَيَتَرَدَّدُ فِيهِ القَوْلُ،مَعَ المَوَاعِظِ والأَحْكَامِ لِيَفْهَمَ النَّاسُ مَا أَرَادَ رَبُّهُمْ تَعَالَى،وَإِذَا تُلِيَتْ مَعَهُ آيَاتُ العَذَابِ والعِقَابِ اقْشَعَرَّتْ لَهَا جُلُودُ الذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ،وَوَجِلَتْ لَهَا قُلُوبُهُمْ،وَإِذَا تُلِيَتْ آيَاتُ الرَّحْمَةِ وَالمَغْفِرَةِ والثَّوَابِ تَلِينُ قُلُوبُهُمْ،وَتَطَمئِنُّ نُفُوسُهُمْ لِذِكْرِ اللهِ.وَمَنْ كَانَتْ هَذَهِ صِفَتُهُ فَقَدْ هَدَاهُ اللهُ،وَاللهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ،وَمَنْ أَضَلَّهُ اللهُ لِعِلْمِهِ أَنَّهُ سَيُعْرِضُ عَنِ الحَقِّ فَلَيْسَ لَهُ مَنْ يَهْدِيهِ مِنْ دُونِ اللهِ .
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ،قَالَ:"مَنْ كَانَ يُحِبُّ الْقُرْآَنَ وَيُعْجِبُهُ فَهُوَ بِخَيْرٍ".
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ،قَالَ:"مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ،فَلْيَنْظُرْ فَإِنْ كَانَ يُحِبُّ الْقُرْآَنَ فَهُوَ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ r". رواه الطبراني.
9- تحسين الصوت وتزيينه عند التلاوة،والتغني بالقرآن ليكون أشد وقعا،وأكبر تأثيرا في القلوب.
فعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِىَّ - r- يَقُولُ « مَا أَذِنَ اللَّهُ لِشَىْءٍ مَا أَذِنَ لِنَبِىٍّ حَسَنِ الصَّوْتِ بِالْقُرْآنِ يَجْهَرُ بِهِ ».متفق عليه.
وعَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ،عَنِ النَّبِيِّ r،قَالَ:زَيِّنُوا الْقُرْآنَ بِأَصْوَاتِكُمْ." ابن حبان.
وعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ:قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - r-:" مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِالْقُرْآنِ فَلَيْسَ مِنَّا ".رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى.
وعَنْ مُطَرِّفِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الشِّخِّيرِ،عَنْ أَبِيهِ،قَالَ:رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ rيُصَلِّي وَفِي صَدْرِهِ أَزِيزٌ كَأَزِيزِ الْمِرْجَلِ مِنَ الْبُكَاءِ." ابن حبان
وعَنْ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْد،قَالَ:قَالَ رَسُولُ اللهِ r: لَلَّهُ أَشَدُّ أَذَنَا إِلَى الرَّجُلِ الْحَسَنِ الصَّوْتِ بِالْقُرْآنِ،مِنْ صَاحِبِ الْقَيْنَةِ إِلَى قَيْنَتِهِ." ابن حبان
10- قراءة القرآن حسب قواعد التجويد،وترتيله على النحو الذي وضعه علماء القرآن بتأديته حرفا حرفا،من غير استعجال،وكما ورد عن السلسلة المتصلة بالنبي rفي تلقي




هنا بين الحروف أسكن
http://monaaya7.blogspot.com/
من القلب سلامًٌ لمن زارني
قديم 11-27-2011, 08:22 PM
المشاركة 59
منى شوقى غنيم
انتقلت إلى أرحم الراحمين إن شاء الله
  • غير موجود
افتراضي
قال أحدهم:
قد حوى القرآن نورا وهدى ………فعصى القرآن من لا يعقل
قل لقوم نبذوا أحكامه ………ما لكم مما نبذتم بدل
فاسألوا التاريخ عن قرآنكم ………يوم ضاءت بسناه السبل
فكأن الكون أفق أنتم ………فيه بدر كامل لا يأفل
أو كأن الكون منكم روضة ………وعلى الأغصان أنتم بلبل
إنه كتاب الله،منزلته كمنزلة منزله،وتعظيمه من تعظيم قائله،والأدب معه أدب مع الله سبحانه وحري بالمسلم أن يتعلم هذه الآداب ليلتزمها مع كتاب الله الكريم.
1- أن يقصد بقراءته وجه الله تعالى،وتعلم أحكام كتابه،وتنفيذ أمر ربه بتلاوة القرآن الكريم.
قال الله تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ} (5) سورة البينة.
وهذه هي قاعدة دين اللّه على الإطلاق: عبادة اللّه وحده،وإخلاص الدين له،والميل عن الشرك وأهله،وإقامة الصلاة،وإيتاء الزكاة:«وَذلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ» .. عقيدة خالصة في الضمير،وعبادة للّه،تترجم عن هذه العقيدة،وإنفاق للمال في سبيل اللّه،وهو الزكاة .. فمن حقق هذه القواعد،فقد حقق الإيمان كما أمر به أهل الكتاب،وكما هو في دين اللّه على الإطلاق. دين واحد. وعقيدة واحدة،تتوالى بها الرسالات،ويتوافى عليها الرسل .. دين لا غموض فيه ولا تعقيد. وعقيدة لا تدعو إلى تفرق ولا خلاف،وهي بهذه النصاعة،وبهذه البساطة،وبهذا التيسير. فأين هذا من تلك التصورات المعقدة،وذلك الجدل الكثير؟
وعَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ أَنَّهُ مَرَّ عَلَى قَاصٍّ يَقْرَأُ ثُمَّ سَأَلَ فَاسْتَرْجَعَ ثُمَّ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -r- يَقُولُ « مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ فَلْيَسْأَلِ اللَّهَ بِهِ فَإِنَّهُ سَيَجِىءُ أَقْوَامٌ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ يَسْأَلُونَ بِهِ النَّاسَ ». رواه الترمذي.
وعَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ،عَنْ أَبِيهِ،قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ r: " مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ يَتَأَكَّلُ بِهِ النَّاسَ جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَوَجْهُهُ عَظْمٌ لَيْسَ عَلَيْهِ لَحْمٌ " " رواه البيهقي.
2- أن يكون على طهارة من الحدثين،فالطهارة من الجنابة والحيض والنفاس فرض لقراءة القرآن أو مس المصحف وحمله.
قال تعالى:{ إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ (77) فِي كِتَابٍ مَّكْنُونٍ (78) لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ (79) تَنزِيلٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ (80)} الواقعة.
إن هذا القرآن الذي نزل على محمد لقرآن عظيم المنافع،كثير الخير،غزير العلم،في كتاب مَصُون مستور عن أعين الخلق،وهو الكتاب الذي بأيدي الملائكة. لا يَمَسُّ القرآن إلا الملائكة الكرام الذين طهرهم الله من الآفات والذنوب،ولا يَمَسُّه أيضًا إلا المتطهرون من الشرك والجنابة والحدث.وهذا القرآن الكريم منزل من رب العالمين،فهو الحق الذي لا مرية فيه.
فعَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ،قَالَ:سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَلَمَةَ،قَالَ:دَخَلْتُ عَلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَنَا وَرَجُلانِ:رَجُلٌ مِنَّا،وَرَجُلٌ مِنْ بَنِي أَسَدٍ،أَحْسَبُ فَبَعَثَهُمَا وَجْهًا،وَقَالَ:إِنَّكُمَا عِلْجَانِ فَعَالِجَا عَنْ دِينِكُمَا،ثُمَّ دَخَلَ الْمَخْرَجَ ثُمَّ خَرَجَ،فَأَخَذَ حَفْنَةً مِنْ مَاءٍ فَتَمَسَّحَ بِهَا ثُمَّ جَاءَ،فَقَرَأَ الْقُرْآنَ قِرَاءَةً فَأَنْكَرْنَا ذَلِكَ،فَقَالَ عَلِيّ:كَانَ رَسُولُ اللَّهِ rيَأْتِي الْخَلاءَ فَيَقْضِي الْحَاجَةَ،ثُمَّ يَخْرُجُ فَيَأْكُلُ مَعَنَا الْخُبْزَ وَاللَّحْمَ،وَيَقْرَأُ الْقُرْآنَ،وَلا يَحْجُبُهُ عَنِ الْقُرْآنِ شَيْءٌ لَيْسَ الْجَنَابَةَ،أَوْ إِلا الْجَنَابَةُ " ابن خزيمة.
وعَنْ عَلِىٍّ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -r- يُقْرِئُنَا الْقُرْآنَ عَلَى كُلِّ حَالٍ مَا لَمْ يَكُنْ جُنُبًا. وَبِهِ قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِىِّ -r- وَالتَّابِعِينَ.قَالُوا يَقْرَأُ الرَّجُلُ الْقُرْآنَ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ وَلاَ يَقْرَأُ فِى الْمُصْحَفِ إِلاَّ وَهُوَ طَاهِرٌ. وَبِهِ يَقُولُ سُفْيَانُ الثَّوْرِىُّ وَالشَّافِعِىُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ.
وعَنْ أَبِي الْغَرِيفِ،قَالَ:أُتِيَ عَلِيٌّ بِوَضُوءٍ،فَمَضْمَضَ،وَاسْتَنْشَقَ ثَلاثًا،وَغَسَلَ وَجْهَهُ ثَلاثًا،وَغَسَلَ يَدَيْهِ وَذِرَاعَيْهِ ثَلاثًا ثَلاثًا،ثُمَّ مَسَحَ بِرَأْسِهِ،ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَيْهِ،ثُمَّ قَالَ:هَكَذَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ rتَوَضَّأَ،ثُمَّ قَرَأَ شَيْئًا مِنَ الْقُرْآنِ،ثُمَّ قَالَ:هَذَا لِمَنْ لَيْسَ بِجُنُبٍ فَأَمَّا الْجُنُبُ فَلا،وَلاَ آيَةَ." أحمدرواه أحمد.
3- تنظيف الفم بالسواك وغيره،لأنه مجرى كلام الله تبارك وتعالى.
فعَنْ عَلِىِّ بْنِ أَبِى طَالِبٍ قَالَ إِنَّ أَفْوَاهَكُمْ طُرُقٌ لِلْقُرْآنِ فَطَيِّبُوهَا بِالسِّوَاكِ." رواه ابن ماجة
وعَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ؛ أَنَّ النَّبِيَّ rقَالَ :« إِنَّ أَفْوَاهَكُمْ طُرُقٌ لِلْقُرْآنِ ؛ فَطَهِّرُوهَا بِالسِّوَاكِ »
4- يستحب للقارئ أن يجلس مستقبلا القبلة إذا تمكن من ذلك،فعَنِ ابْنِ عُمَرَ،قَالَ:قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r: أَكْرَمُ الْمَجَالِسِ مَا اسْتُقْبِلَ بِهِ الْقِبْلَةُ " الطبراني
وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ،قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r:إِنَّ لِكُلِّ شَيْءٍ شَرَفًا،وَإِنَّ شَرَفَ الْمَجَالِسِ مَا اسْتُقْبِلَ بِهِ الْقِبْلَةُ،وَمَنْ نَظَرَ فِي كِتَابِ أَخِيهِ مِنْ غَيْرِ أَمْرِهِ،فَكَأَنَّمَا يَنْظُرُ فِي النَّارِ."
وعَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى،قَالَ:إنَّ لِكُلِّ شَيْءٍ شَرَفًا،وَأَشْرَفُ الْمَجَالِسِ مَا اسْتَقْبَلَ بِهِ الْقِبْلَةَ،وقَالَ:مَا رَأَيْت سُفْيَانَ يَجْلِسُ إلاَّ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ."
وعَنْ مَكْحُولٍ،قَالَ:أَفْضَلُ الْمَجَالِسِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ.
وعَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى،قَالَ:لِكُلِّ شَيْءٍ سَيِّدٌ،وَسَيِّدُ الْمَجَالِسِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ.
ويجوز أن يقرأ قائما أو ماشيا أو مضجعا أو في فراشه أو في الطريق أو على غير ذلك من الأحوال وله الأجر،وإن كان دون الأول.
5- طهارة المكان والثياب ونظافتهما،والتجمل والتطيب استعدادا لمناجاة الله تعالى بتلاوة كلامه. قال تعالى: {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} (4) سورة المدثر
يحتمل أن المراد بثيابه،أعماله كلها،وبتطهيرها تخليصها والنصح بها،وإيقاعها على أكمل الوجوه،وتنقيتها عن المبطلات والمفسدات،والمنقصات من شر ورياء،[ونفاق]،وعجب،وتكبر،وغفلة،وغير ذلك،مما يؤمر العبد باجتنابه في عباداته.
ويدخل في ذلك تطهير الثياب من النجاسة،فإن ذلك من تمام التطهير للأعمال خصوصا في الصلاة،التي قال كثير من العلماء: إن إزالة النجاسة عنها شرط من شروط الصلاة. ويحتمل أن المراد بثيابه،الثياب المعروفة،وأنه مأمور بتطهيرها عن [جميع] النجاسات،في جميع الأوقات،خصوصا في الدخول في الصلوات،وإذا كان مأمورا بتطهير الظاهر،فإن طهارة الظاهر من تمام طهارة الباطن.
6- التعوذ والبسملة قبل البدء بالتلاوة.قال تعالى: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} (98) سورة النحل.
يَأْمُرُ اللهُ تَعَالَى رَسُولَهُ rوَعِبَادَهُ المُؤْمِنِينَ،عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ rبِأَنْ يَسْتَعِيذُوا بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ،إِذَا أَرَادُوا قِرَاءَةَ القُرْآنِ .
فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ،قَالَ:قَالَ رَسُولُ اللهِ r: كُلُّ أَمْرٍ ذِي بَالٍ لاَ يُبْدَأُ فِيهِ بِبِسْمِ اللَّه،فَهُوَ أَقْطَعُ."
7- المداومة على قراءة القرآن،بالتزام ورد يومي وإن قلّ،وتجنب هجران القرآن ونسيان تلاوته. عن الْحَسَنَ،قالَ: قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: " لَوْ أَنَّ قُلُوبَنَا طَهُرَتْ مَا شَبِعْنَا مِنْ كَلَامِ رَبِّنَا،وَإِنِّي لَأَكْرَهُ أَنْ يَأْتِيَ عَلَيَّ يَوْمٌ لَا أَنْظُرُ فِي الْمُصْحَفِ " وَمَا مَاتَ عُثْمَانُ حَتَّى خُرِقَ مُصْحَفُهُ مِنْ كَثْرَةِ مَا كَانَ يُدِيمُ النَّظَرَ فِيهَا "
قال تعالى:{ وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً (30)} الفرقان.
وَقَالَ الرَّسُولُ مُشْتَكِياً إِلَى رَبِّهِ:يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمي اتَّخُذُوا هَذَا القُرْآنَ مَهْجُوراً،أَيْ أَنَّ قَوْمِي الّذِينَ بَعَثْتَني إِلَيْهِمْ لأَدْعُوَهُمْ إِلى تَوْحِيدِكَ،وَأَمَرْتَني بِإِبْلاَغِ القُرْآنِ إِلَيْهِم،قَدْ هَجرُوا كِتَابَكَ،وَتَرَكُوا الإِيمانَ بِكَ،وَلَمْ يَأَبَهُوا بِوَعِيدِكَ،بل أعْرَضُوا عنِ استماعِهِ واتِّبَاعِهِ .
لقد هجروا القرآن الذي نزله اللّه على عبده لينذرهم. ويبصرهم. هجروه فلم يفتحوا له أسماعهم إذ كانوا يتقون أن يجتذبهم فلا يملكون لقلوبهم عنه ردا. وهجروه فلم يتدبروه ليدركوا الحق من خلاله،ويجدوا الهدي على نوره. وهجروه فلم يجعلوه دستور حياتهم،وقد جاء ليكون منهاج حياة يقودها إلى أقوم طريق
وعَنْ أَبِى مُوسَى عَنِ النَّبِىِّ -r- قَالَ « تَعَاهَدُوا هَذَا الْقُرْآنَ فَوَالَّذِى نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَهُوَ أَشَدُّ تَفَلُّتًا مِنَ الإِبِلِ فِى عُقُلِهَا » رواه مسلم.
وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -r- « عُرِضَتْ عَلَىَّ أُجُورُ أُمَّتِى حَتَّى الْقَذَاةِ يُخْرِجُهَا الرَّجُلُ مِنَ الْمَسْجِدِ وَعُرِضَتْ عَلَىَّ ذُنُوبُ أَمَّتِى فَلَمْ أَرَ ذَنْبًا أَعْظَمَ مِنْ سُورَةٍ مِنَ الْقُرْآنِ أَوْ آيَةٍ أُوتِيهَا رَجُلٌ ثُمَّ نَسِيَهَا ».
8- الإقبال بشغف وشوق ومحبة على كلام الله تعالى حتى يتملك عليه مشاعره وأحاسيسه،وقلبه وفكره وروحه،ويعين على ذلك طرح كل ما يشغله من أفكار أو كلام أو هموم الحياة الدنيا،وخصوصا في صلاة الليل.قال تعالى:{ اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَاباً مُّتَشَابِهاً مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إلى ذِكْرِ اللَّهِ} الزمر 23.
اللهُ تَعَالَى أَنْزَلَ أَحْسَنَ الحَدِيثِ قُرْآناً يُشْبِهُ بَعْضُهُ بَعْضاً ( مَثَانِيَ )،وَيَتَرَدَّدُ فِيهِ القَوْلُ،مَعَ المَوَاعِظِ والأَحْكَامِ لِيَفْهَمَ النَّاسُ مَا أَرَادَ رَبُّهُمْ تَعَالَى،وَإِذَا تُلِيَتْ مَعَهُ آيَاتُ العَذَابِ والعِقَابِ اقْشَعَرَّتْ لَهَا جُلُودُ الذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ،وَوَجِلَتْ لَهَا قُلُوبُهُمْ،وَإِذَا تُلِيَتْ آيَاتُ الرَّحْمَةِ وَالمَغْفِرَةِ والثَّوَابِ تَلِينُ قُلُوبُهُمْ،وَتَطَمئِنُّ نُفُوسُهُمْ لِذِكْرِ اللهِ.وَمَنْ كَانَتْ هَذَهِ صِفَتُهُ فَقَدْ هَدَاهُ اللهُ،وَاللهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ،وَمَنْ أَضَلَّهُ اللهُ لِعِلْمِهِ أَنَّهُ سَيُعْرِضُ عَنِ الحَقِّ فَلَيْسَ لَهُ مَنْ يَهْدِيهِ مِنْ دُونِ اللهِ .
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ،قَالَ:"مَنْ كَانَ يُحِبُّ الْقُرْآَنَ وَيُعْجِبُهُ فَهُوَ بِخَيْرٍ".
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ،قَالَ:"مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ،فَلْيَنْظُرْ فَإِنْ كَانَ يُحِبُّ الْقُرْآَنَ فَهُوَ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ r". رواه الطبراني.
9- تحسين الصوت وتزيينه عند التلاوة،والتغني بالقرآن ليكون أشد وقعا،وأكبر تأثيرا في القلوب.
فعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِىَّ - r- يَقُولُ « مَا أَذِنَ اللَّهُ لِشَىْءٍ مَا أَذِنَ لِنَبِىٍّ حَسَنِ الصَّوْتِ بِالْقُرْآنِ يَجْهَرُ بِهِ ».متفق عليه.
وعَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ،عَنِ النَّبِيِّ r،قَالَ:زَيِّنُوا الْقُرْآنَ بِأَصْوَاتِكُمْ." ابن حبان.
وعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ:قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - r-:" مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِالْقُرْآنِ فَلَيْسَ مِنَّا ".رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى.
وعَنْ مُطَرِّفِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الشِّخِّيرِ،عَنْ أَبِيهِ،قَالَ:رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ rيُصَلِّي وَفِي صَدْرِهِ أَزِيزٌ كَأَزِيزِ الْمِرْجَلِ مِنَ الْبُكَاءِ." ابن حبان
وعَنْ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْد،قَالَ:قَالَ رَسُولُ اللهِ r: لَلَّهُ أَشَدُّ أَذَنَا إِلَى الرَّجُلِ الْحَسَنِ الصَّوْتِ بِالْقُرْآنِ،مِنْ صَاحِبِ الْقَيْنَةِ إِلَى قَيْنَتِهِ." ابن حبان
10- قراءة القرآن حسب قواعد التجويد،وترتيله على النحو الذي وضعه علماء القرآن بتأديته حرفا حرفا،من غير استعجال،وكما ورد عن السلسلة المتصلة بالنبي rفي تلقي




هنا بين الحروف أسكن
http://monaaya7.blogspot.com/
من القلب سلامًٌ لمن زارني
قديم 11-27-2011, 08:23 PM
المشاركة 60
منى شوقى غنيم
انتقلت إلى أرحم الراحمين إن شاء الله
  • غير موجود
افتراضي
القرآن الكريم،قال ابن الجزري:
والأخذ بالتجويد حتم لازم ………من لم يجوّد القرآن آثم
لأنه به الإله أنزله ………وهكذا منه إلينا وصله
وهذا الواجب يتأدى بالتطبيق العملي للأحكام على ما يقرؤه القارئ،ولو كان لا يعلم قواعد التجويد وأحكامه نظرياً،فالمهم أن يقرأ بالترتيل ما أمره الله تعالى،والترتيل هو تجويد الحروف،ومعرفة الوقوف كما قال أهل العلم ،قال تعالى:{ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً (4)} المزمل.
وَاقْرَأ القُرْآنَ مُتَمَهِّلاً فِي قِرَاءَتِهِ،لأَنَّ ذَلِكَ يُعِينُ عَلَى فَهْمِ مَعَانِيهِ وَتَدَبُّرِهِ،وَكَذَلِكَ كَانَ رَسُولُ اللهِ ( r) يَقْرَأُ القُرْآنَ
وعَنْ يَعْلَى بْنِ مَمْلَكٍ،قَالَ:سَأَلْتُ أُمَّ سَلَمَةَ عَنْ صَلاَةِ،رَسُولِ اللهِ rبِاللَّيْلِ وَقِرَاءَتِهِ،فَقَالَتْ:مَا لَكُمْ وَلِصَلاَتِهِ وَلِقِرَاءَتِهِ ؟ كَانَ يُصَلِّي قَدْرَ مَا يَنَامُ،وَيَنَامُ قَدْرَ مَا يُصَلِّي،وَإِذَا هِيَ تَنْعَتُ قِرَاءَةً مُفَسَّرَةً حَرْفًا حَرْفًا." أحمد.
وعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -r- « الْمَاهِرُ بِالْقُرْآنِ مَعَ السَّفَرَةِ الْكِرَامِ الْبَرَرَةِ وَالَّذِى يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَيَتَتَعْتَعُ فِيهِ وَهُوَ عَلَيْهِ شَاقٌّ لَهُ أَجْرَانِ ». رواه مسلم.
11- التدبّر: تُسَنُّ الْقِرَاءَةُ بِالتَّدَبُّرِ وَالتَّفَهُّمِ،فَهُوَ الْمَقْصُودُ الأَْعْظَمُ،وَالْمَطْلُوبُ الأَْهَمُّ،وَبِهِ تَنْشَرِحُ الصُّدُورُ،وَتَسْتَنِيرُ الْقُلُوبُ.قَال تعالى: { كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ} (سورة ص / 29 )
وَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى إلَيْكَ،يَا مُحَمَّدُ،هَذَا القُرْآنِ،وَفِيهِ خَيرٌ وَبَرَكَةٌ،وَنَفْعٌ وَهُدىً لِلنَّاسِ،لِيُرْشدَهُمْ إِلَى مَا فِيهِ خَيْرُهُمْ وَسَعَادَتُهُمْ،وَلِيَتَدَبَّرَهُ أُولُو الأَفْهَامِ والعُقُولِ والأَلْبَابِ.وَتَدَبُّرُ القُرْآنِ لاَ يَكُونُ بِحُسْنِ تِلاَوَتِهِ،وَإِنَّما يَكُونَ بِالعَمَلِ بِمَا فِيهِ،واتِّبَاعِ مَا جَاءَ فِيهِ مِنْ أَوَامِرَ،وَالانْتِهَاءِ عَمَّا نَهَى عَنْهُ .
وَقَال:{ أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا } (سورة محمد / 24 )
أفَلاَ يَتَدبَّرُ المُنَافِقُونَ مَا في القُرآنِ مِنْ مَواعِظَ وَعِبرٍ لِيَعْلَمُوا خَطأ مَا هُمْ مُقِيمُونَ عَلَيهِ،أمْ أنَّ قُلُوبَهمَ وَضَعَ اللهُ عَليهَا أقفالاً فَهِي تَحوُلُ بَيْنَك وَبَينَ فَهْمِ القُرآنِ وَتَدَبُّرِ عِظَاتِهِ؟
وَصِفَةُ ذَلِكَ أَنْ يَشْغَل قَلْبَهُ بِالتَّفَكُّرِ فِي مَعْنَى مَا يَلْفِظُ بِهِ فَيَعْرِفُ مَعْنَى كُل آيَةٍ،وَيَتَأَمَّل الأَْوَامِرَ وَالنَّوَاهِيَ،وَيَعْتَقِدُ قَبُول ذَلِكَ،فَإِنْ كَانَ مِمَّا قَصَّرَ عَنْهُ فِيمَا مَضَى اعْتَذَرَ وَاسْتَغْفَرَ،وَإِذَا مَرَّ بِآيَةِ رَحْمَةٍ اسْتَبْشَرَ وَسَأَل،أَوْ عَذَابٍ أَشْفَقَ وَتَعَوَّذَ،أَوْ تَنْزِيهٍ نَزَّهَ وَعَظَّمَ،أَوْ دُعَاءٍ تَضَرَّعَ وَطَلَبَ .
إنَّ القرآن آيات بينات تتنزل على قلوب المؤمنين فتغمرها بالسكينة والطمأنينة،وتملؤها بالثقة والثبات وتدبر آيات الله عز وجل ومعرفة مقاصدها ومراميها والوقوف عند عظاتها وعبرها. قال الحسن البصري رحمه الله: "إن من كان قبلكم رأوا القرآن رسائل من ربهم،فكانوا يتدبرونها بالليل وينفذونها في النهار".
إنها نعمة عظيمة من النعم التي يوفق إليها العبد المسلم حينما يتدبر آيات ربه،ويتفكر في معانيها وفقهها وأسرارها،قال تعالى: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ [الأنفال:2].
وعَنْ عَلِيٍّ،قَالَ:أَلاَ أُنَبِّئُكُمْ بِالْفَقِيهِ حَقِّ الْفِقْهِ ؟ مَنْ لَمْ يُقَنِّطِ النَّاسَ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ،وَلَمْ يُرَخِّصْ لَهُمْ فِي مَعَاصِي اللَّهِ،وَلَمْ يُؤَمِّنْهُمْ مَكَرَ اللَّهِ،وَلَمْ يَتْرُكِ الْقُرْآنَ إِلَى غَيْرِهِ.أَلاَ لاَ خَيْرَ فِي عِبَادَةٍ لَيْسَ فِيهَا تَفَقُّهٌ،وَلاَ خَيْرَ فِي فِقْهٍ لَيْسَ فِيهِ تَفَهُّمٌ،وَلاَ خَيْرَ فِي قِرَاءَةٍ لَيْسَ فِيهَا تَدَبُّرٌ .
وعَنْ أَبِي حَمْزَةَ،قَالَ:قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ:إِنِّي سَرِيعُ الْقِرَاءَةِ،وَإِنِّي أَقْرَأُ الْقُرْآنَ فِي ثَلَاثٍ فَقَالَ:" لَأَنْ أَقْرَأَ الْبَقَرَةَ فِي لَيْلَةٍ فَأَدَّبَّرُهَا وَأُرَتِّلُهَا أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَقْرَأَ كَمَا تَقُولُ " وفي رواية " أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَقْرَأَ الْقُرْآنَ أَجْمَعَ هَذْرَمَةً "
وعَنْ عَبْدِ اللهِ،قَالَ:مَنْ أَرَاْدَ الْعِلْمَ فَلْيَقْرَأَ الْقُرْآنَ فَإِنَّ فِيهِ عِلْمَ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ."
وعَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ قَالَ:حَدَّثَنَا أَصْحَابُ رَسُولُ اللَّهِ rأَنَّهُمْ كَانُوا يَقْتَرِئُونَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ rفَلَا يُجَاوِزُونَ الْعَشْرَ حَتَّى يَعْلَمُوا مَا فِيهِ مِنَ الْعِلْمِ وَالْعَمَلِ قَالَ:فَتَعَلَّمْنَا الْقُرْآنَ وَالْعِلْمَ وَالْعَمَلَ جَمِيعاً "
وقد بات الكثير من السلف يتلو أحدهم آية واحدة ليلة كاملة،يرددها ليتدبر ما فيها،وكلما أعادها انكشف له من معانيها،وظهر له من أنوارها،وفاض عليه من علومها وبركاتها.
وقَالَ الأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ"عَرَضْتُ نَفْسِي عَلَى الْقُرْآنِ فَلَمْ أَجِدْنِي بِآيَةٍ أَشْبَهُ بِهَذِهِ الآيَةِ " {وَآخَرُونَ اعْتَرَفُواْ بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُواْ عَمَلاً صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللّهُ أَن يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} (102) سورة التوبة ".
قال تعالى:{ كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ (29)} ص.
وقال عز وجل:{ أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا (24)} محمد.
وقال سبحانه:{ وَقُرْآناً فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنزِيلاً (106)} الإسراء.
وَآتَيْنَاكَ يَا مُحَمَّدُ قُرْآناً نَزَّلْنَاهُ عَلَيْكَ مُفَرَّقاً وَمُنَجَّماً لِتَتْلُوَهُ عَلَى النَّاسِ،وَتُبَلِّغَهُمْ إِيَّاهُ عَلَى مَهْلٍ ( عَلَى مُكْثٍ )،لِيَتَمَكَّنُوا مِنْ حِفْظِهِ،وَفَهْمِ أَحْكَامِهِ،وَالتَّمَعُّنِ فِيهَا لِتَرْسَخَ فِي عُقُولِهِمْ وَأَفْهَامِهِمْ.وَقَدْ نَزَّلْنَاهُ شَيْئاً فَشَيْئاً بِحَسَبِ الظُّرُوفِ وَالحَوَادِثِ وَالوَقَائِعِ ( نَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلاً ) .
وَفَرَّقْنَاهُ بِالتَّشْدِيدِ - كَذَلِكَ كَانَ يَقْرَؤُهَا ابْنُ عَبَّاسٍ:وَمَعْنَاهَا أَنَّ اللهَ تَعَالَى أَنْزَلَهُ آيَةً فَآيَةً مُفَسَّراً وَمُبَيَّناً لِتَتْلُوَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مَهَلٍ،وَتُبْلِغَهُمْ إِيَّاهُ عَلَى مَهَلٍ .
وقال عز من قائل:{ وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ (17)}.
وَلَقَدْ جَعَلْنا القُرآنَ سَهْلَ المَعْنى،يَسِيرَ اللَّفْظِ،لِيَقْرأَهُ النَّاسُ وَيَتَدَبَّرُوا مَعَانِيَهُ،وَيَتَّعِظُوا بِما جَاءَ فِيهِ،وَلكِنْ هَلْ مَنْ مُتَّعظٍ بِهِ،مُزْدَجرٍ بِهِ عَنْ مَعَاصِيهِ؟
وعَنْ عَمْرِو بْنِ قَيْسٍ الْكِنْدِىِّ أَنَّهُ سَمِعَ عَاصِمَ بْنَ حُمَيْدٍ يَقُولُ سَمِعْتُ عَوْفَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ قُمْتُ مَعَ النَّبِىِّ -r- فَبَدَأَ فَاسْتَاكَ وَتَوَضَّأَ ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى فَبَدَأَ فَاسْتَفْتَحَ مِنَ الْبَقَرَةِ لاَ يَمُرُّ بِآيَةِ رَحْمَةٍ إِلاَّ وَقَفَ وَسَأَلَ وَلاَ يَمُرُّ بِآيَةِ عَذَابٍ إِلاَّ وَقَفَ يَتَعَوَّذُ ثُمَّ رَكَعَ فَمَكَثَ رَاكِعًا بِقَدْرِ قِيَامِهِ يَقُولُ فِى رُكُوعِهِ « سُبْحَانَ ذِى الْجَبَرُوتِ وَالْمَلَكُوتِ وَالْكِبْرِيَاءِ وَالْعَظَمَةِ ». ثُمَّ سَجَدَ بِقَدْرِ رُكُوعِهِ يَقُولُ فِى سُجُودِهِ « سُبْحَانَ ذِى الْجَبَرُوتِ وَالْمَلَكُوتِ وَالْكِبْرِيَاءِ وَالْعَظَمَةِ ». ثُمَّ قَرَأَ آلَ عِمْرَانَ ثُمَّ سُورَةً ثُمَّ سُورَةً فَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ. رواه النسائي.
وعن جَسْرَةَ بِنْتِ دَجَاجَةَ،قَالَتْ:خَرَجْنَا عُمَّارًا فَوَرَدْنَا الرِّبْذَةَ فَأَتَيْنَا أَبَا ذَرٍّ،فَقَالَ أَبُو ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ:صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ rذَاتَ لَيْلَةٍ الْعِشَاءَ،ثُمَّ رَجَعَ إِلَى أَهْلِهِ،فَلَمَّا تَكَفَّأَتْ عَنْهُ الْعُيُونُ رَجَعَ إِلَى مَقَامِهِ فَجِئْتُ فَقُمْتُ خَلْفَهُ قَبْلَ أَنْ يَرْكَعَ،فَأَوْمَأَ إِلَيَّ بِيَدِهِ فَقُمْتُ عَنْ يَمِينِهِ،ثُمَّ جَاءَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَامَ خَلْفَنَا فَأَوْمَأَ إِلَيْهِ بِيَدِهِ فَقَامَ عَنْ شِمَالِهِ،فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ rحَتَّى أَصْبَحَ يَتْلُو آيَةً وَاحِدَةً مِنْ كِتَابِ اللَّهِ بِهَا وَيَرْكَعُ بِهَا وَيَسْجُدُ بِهَا يَدْعُو حَتَّى أَصْبَحَ إ{إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} (118) سورة المائدة،فَلَمَّا أَصْبَحَ قُلْتُ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ:إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ rفَعَلَ اللَّيْلَةَ كَذَا وَكَذَا،فَلَوْ سَأَلْتَهُ عَنْ ذَلِكَ،فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ:بِأَبِي وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ r،قُمْتَ اللَّيْلَةَ بِآيَةٍ وَاحِدَةٍ بِهَا تَرْكَعُ وَبِهَا تَسْجُدُ وَبِهَا تَدْعُو،وَقَدْ عَلَّمَكَ اللَّهُ الْقُرْآنَ كُلَّهُ،قَالَ:" إِنِّي دَعَوْتُ لِأُمَّتِي ".





هنا بين الحروف أسكن
http://monaaya7.blogspot.com/
من القلب سلامًٌ لمن زارني
 

مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:28 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.