احصائيات

الردود
6

المشاهدات
6402
 
محمود عباس مسعود
أديب وباحـث ومترجــم

محمود عباس مسعود is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
59

+التقييم
0.01

تاريخ التسجيل
Sep 2011

الاقامة

رقم العضوية
10426
09-18-2011, 05:28 AM
المشاركة 1
09-18-2011, 05:28 AM
المشاركة 1
افتراضي مقارنة بين شاعرين: المشراوي وأمرسون
مقارنة بين الشاعر مجذوب العيد المشراوي
والشاعر الأمريكي رالف والدو أمرسون

رب قائل يقول أن أشعار بعض الشعراء يشوبها الغموض، وللرمزية فيها دور غير يسير.
وأقول: هذا الغموض لا يمكن بحال من الأحوال تلافيه جملة وتفصيلا.. إذ له أسباب قد لا يعرفها إلا الشاعر نفسه، ومن هنا (المعنى بقلب الشاعر).

في تسليطي الضوء على هذه الميزة أود عقد مقارنة بين شاعرين بارزين، أحدهما إسم كبير في واتا هو الشاعر مجذوب العيد المشراوي، والآخر واحد من أكبر شعراء وفلاسفة أمريكا هو رالف والدو أمرسون، وسنعرّج أيضاً على شاعر آخر هو جون ملتون صاحب (الفردوس المفقود).

لم يكن من السهل النفاذ الفوري إلى عقل أمرسون ومعاينة الرؤى التي كانت تعرض له أو الصور التي كان يجسدها على هيئة قصائد ومقالات وآراء وخواطر واستنتاجات.

هذا في تقديري ينطبق أيضاً على الشاعر المشراوي الذي يصعب أحياناً سبر غور فلسفته الجمالية التي يكتنفها ما يشبه أسرار البحر وغموض الليل.

لكن للغموض روعة، لا سيما لدى كبار الشعراء والفلاسفة، لأن مناجم نفوسهم السرية تزخر بكنوز ومخبئات ليس من اليسير الكشف عنها، إنما لا يُحرم كل منقب جاد من العثور ولو على بعض درر مطمورة تحت طبقة أو طبقات من تراب الكلمات، وستكون المكافأة مجزية.

يقول أمرسون في قصيدته (التميمة)Amulet
Give me an amulet that keeps intelligence with you
Red when you love, and rosier red
And when you love not, pale and blue

ما ترجمته:
أعطني تميمة تحتفظ بالذكاء/المعلومات معك
حمراء عندما تحب، وحمراء أكثر تورّداً
وشاحبة زرقاء عندما لا تحب
وأظن أن ما يقصده هو الآتي:
أعطني تميمة عربوناً للمودة ما بيننا
بحيث تكون صلة الوصل بين روحينا، فتبقيني على علم بما تحس به.
فعندما تحبني تحتفظ بلون أحمر، وكلما ازداد حبك تحول لونها إلى ورديّ
أما إن شحب لونها وعلته زرقة، فعندها سأعرف أن حبك خبا وفقد وهجه.

وفي إحدى قصائده يقول المشراوي:
كنت ُ أمشي يا قِطَار اللـَّيـْل ِ
وحْدِي مُتـْـخمًا بالصَّـمْتِ
تـأ ْوينِي الغـُيُوم ُ
كنت ُ أمْشي في شُحُوبـِي
في يَسَار ٍ
يَسْتـَبيح ُ الأمْن في قـَلـْـبـَيْن ِ
والأيَّـام ُ خَلـْـفِي والهُمُوم ُ
كُنـْت ُ أنـْمُو مُـثـْقـَلا ً بالعُمْر ِ
وحدي كالحدائق ..

فهو يمشي مناجياً الليل الذي تـَمثله قطاراً لا حد لأبعاده، لا يتوقف بالرغم من سكونه..
هو ذاتي الحركة.. مدرك لما في أعماقه، مصغٍ لمن يناجيه حتى وإن لم يجب..
هكذا أحس الشاعر الذي اطمأن لذلك القطار الجبار وراح يبثه زفراتٍ حرّى منبثقة من أغواره اللاهبة.
يشكو لقطار الليل سيره الوحيد الوئيد..
لأن من كان متخماً بالصمت لا يحث الخطى..
ومن كانت الغيوم تأويه لا يسابق الريح..
بل يمشي في شحوب..

لاحظوا هنا كلمة Pale (شاحب) في قصيدة أمرسون، وكلمة (شحوبي) في قصيدة المشراوي!

هذا شاعرٌ يمشي وتمشي خلفه الأيام والهموم.
وبالرغم مما يعانيه لم يتوقف عن السير..
فهو يتقدم الأيام والهموم.. وهنا مكمن الإبداع.
وهو مثقل بالعمر ومع ذلك ينمو..
فالنمو في عرفه خارج عن نطاق الزمن..
هو ينمو بطموحه المتأجج..
بسطوع موهبته..
بعبقريته..
بهمته يبتعثها من رقاد..
ينمو بإرادته الصلبة
وذهنه الوقاد.

وفي قصيدته (اعطِ كل شيء للحب Give All to Love)
يقول أمرسون:
It was never for the mean
It requireth courage stout
Souls above doubt
Valor unbending
Such 'twill reward
They shall return
More than they were
And ever ascending

ما ترجمته:
لم يكن قط من نصيب أهل اللؤم
فهو يتطلب شجاعة شديدة
ونفوساً فوق الريبة
وجسارة لا تنحني
هكذا ستكافِيء
وسيعودون
أكثر مما كانوا
ودائمي الصعود
هنا أيضاً نجد أنفسنا أمام عبارات مبهمة، مستغلقة، لا تفصح عن كثير للوهلة الأولى.
لكننا إن تعمقنا قليلاً قد نمسك بالخيط الذي نسج أمرسون منه هذه القطعة المغلفة بالإبهام.

أراه يقول:
الحب لم يكن قط من نصيب الأنانيين وذوي الصَغار،
لأنه ينمو ويترعرع في النفوس الكريمة التي تتحلى بالشجاعة والإرادة الماضية.
وهو يليق بالنفوس الكبيرة التي لا تسمح للشكوك والريبة بانتزاع جوهرة الحب من صدرها
بل تحافظ عليها بما أوتيت من عزم وقوة..
وهو بحاجة لإقدام لا يعرف التخاذل
لأن الحب أعظم هبات الحياة ويستحق كل تضحية في سبيله.
عندئذ ستكون المكافأة عظيمة..
أكبر مما تصور المحبون..
وإذا ما توافرت بهم هذه الشروط
سيعودون أكثر ثراءً وجدانياً مما كانوا عليه
وسيواصلون صعودهم نحو آفاق الحب المرصّعة بمباهج فائقة ومتع سامية.

وفي قصيدة (لفيف)، يقول شاعرنا المشراوي:
لفيف ٌ من َ النّاس ِ يُغـْرِي الغناء َ
يُراقِصُ شِرْك َ القبيلة ِ
في مأتَم ٍ من صَحَارَى
ويُـدْفِيـك َ يا شاعر َ القوْم ِ
في سائل ٍ من تـُقـَاك َ
لماذا تحبّون َ شِرْك َ القبيلة ؟
لماذا تنام ُ الأهازيج ُ في بلَد ِ التّمْر ِ
مثل َ الأيَامَى وينمو الغناء ُ
كنخْل ِ الفصول ِ الجميلة ْ ؟
لماذا تـُدار ُ السّماوات ُ مثل َ اليَناصيب ِ
في هذه الأغنيات ِ وتزهو المراقص ْ؟

وهذه أيضاً قصيدة فيها غموض ولا تفصح بسهولة عن معانٍ مدثرة بلحاف من كلمات..
معروف أن الغناء هو الذي يغري الناس للترويح عن النفس.
لكن الشاعر عكس الآية مصرّحاً أن من الناس من يغري الغناءَ عن هجعته.
للغناء مناسبات، لكن الناس يبدو أنهم فقدوا التناغم مع أنفسهم ومع الحياة..
وانطلقوا يفعلون ما يحلو لهم دون حاجة فعلية أو سبب منطقي..
بما في ذلك مراقصة شِرك القبيلة في مأتم الصحراء!
أجل.. لقد تلاشى الإحساس في بعض الناس بما يجب - أو لا يجب – فعله.
الشاعر يميّز بين الغناء والأهازيج.. فالغناء يبدو في نظره مفتعلاً
بينما الأهازيج عفوية.. ويأسف لنوم الأهازيج أو تواريها كالأيامى التي
ترهب الحياة والناس فتلوذ بالنوم ذلاً وحسرة.
أما السماوات التي تدار مثل اليانصيب فتحتاج إلى وقفة تأملية أخرى.

وهذا يذكرنا أيضاً بأبيات جون ملتون في كومسComus

Love virtue, she alone is free
She can teach you how to climb
Higher than the sphere chime
Or, if virtue feeble were
Heaven itself would stoop to her

ما ترجمته:
حب الفضيلة، فهي وحدها متحررة
يمكنها أن تعلمك التسلق
أعلى من الجرس الكروي
أو لو كانت الفضيلة واهية
لانحدرت إليها السماء نفسها.
وهنا أيضاً نقف مخمنين ما عسى أن يكون قصدَه بالضبط.
وأظن ما عناه هو الآتي:
إن كان من شيء يستحق الحب في الحياة، فهي الفضيلة
لأنها متحررة من كل قيد، ومن يحبها يكتسب صفتها.
وعلاوة على ذلك فهي تعلـّم محبها التسلق والصعود إلى ذرى سامقة
إلى ما فوق الأفلاك التي تتجاوب فيها النواقيس فتحدث ما يعرف بموسيقى الأفلاك..
وهذه الفضيلة التي يهيب ملتون بالقارئ كي بحبها
لو حدث وأن تعرضت للوهن والإعياء (وهذا مستحيل)
لهبطت السماء نفسها إليها للإطمئنان عنها ولإبرائها.

وهذا شاعرنا المشراوي يقول في قصيدة أخرى بعنوان (لخطفي):
لِخـَطـْـْفِي وحيدًا من َ الجِسْم ِ
في ليلة ٍ منْ حَيَارَى
سأ َمْشي على طلـَل ٍ منْ عَبير ٍ ..
وأغتال ُ بعض الهوَى في السّلالم ْ ..
لماذا أعيش المنافِي
بزيِّ قديم ٍ وأنْساه ُ في كل ّ ِ مشْيٍ
بجنْبِي
وأجتاز ُ نفس َ المعالم ْ ؟
لماذا أرى الوَحْـل َ حوْل َ المعابد ْ ؟
هذه الخواطر تحتمل أكثر من معنى ومن تفسير. وأظن أن فيها نفحة صوفية
لا يخطؤها المهتمون في الروحيات.
فالشاعر يتشوق إلى لحظة انخطاف من الجسم
في ليلة أو لحظات تكتنفها الحيرة وتطغى عليها كثافة المادة ..
فلو تسنى له ذلك لارتفع إلى ما فوق أطلال الأرض
ولتحولت تلك الأطلال إلى عبير يستعذبه الشاعر..
عندها، وفي لحظات صعوده لتلك المحطات
يرغب في التخلص من (بعض الهوى)
الذي يكبله في منفاه الجسدي بعيداً عن عوالمه الشفافة.
ولعل هذا ما قصده بالمنافي..
ويتساءل عن جدوى العيش بزي قديم ..
بفكر ومفاهيم وتجارب مكررة تورث السأم..
وهو يحدس وجود حالة أو حالات أخرى..
أكثر ملاءمة لروحه وتحقيقاً لتطلعاته.
ويتساءل (لماذا أرى الوحل حول المعابد؟)
وكأني به يقول أن روح الإنسان هي معبده
لكن هذا المعبد تحيط بها أوحال لا بد من تجفيفها
أو إزالتها، واستبدالها ربما برياض وحدائق
أكثر تجانساً مع ذلك المعبد وملاءمة لطبيعته.
هذه بعض قراءات في شاعرين كبيرين: أحدهما شرقي والآخر غربي.
ولا بد أن هناك من يعرف أكثر عن شاعرنا المشراوي، وأدعوهم كي يتفضلوا بإتحافنا بالمزيد عنه.

بقي أن أقول أن شاعرنا الكبير مجذوب العيد يمزج الفلسفة بالشعر..
ويدمج خطرات القلب برؤى الخيال..
فنبصر سحباً بشتى ألوان الطيف تساق إلى بلاد بعيدة..
لتعود موشاة بلون الصمت..
نسمع هدير الألم ونستبين همس الفرح..
وبين هذا وذاك..
لا يكف شاعرنا عن العزف
على قيثارته الذهبية الأوتار
فتنهمر الألحان منها رذاذاً وزخاتٍ..
وقد نسمع هزيم رعد
لا يلبث أن يتحول إلى توقيعات عذبة
فيصفو الجو بعد العاصفة
وتشرق الشمس من بين الغيوم..
لنبصر وجهاً ألِفناه وعرفناه..
إنه وجه الشاعر الأثيري الأثير
مجذوب العيد المشراوي

والسلام عليكم

محمود عباس مسعود


قديم 09-18-2011, 08:46 AM
المشاركة 2
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
اهلا وسهلا بهذه الدراسة المقارنة المهمة والجميلة ..سوف نتعلم منك الكثير هنا شكرا جزيلا.

اقوم حاليا على قراءة قصيدة عميقة مثل البحر وكما تقول هنا علك ان توفر لك الوقت تمر الى هناك وتشاركنا رأيك.

قصيدة " الى البحر اطوي كل موج" للشاعر الاستاذ عبد اللطيف غسري :


http://www.mnaabr.com/vb/showthread.php?t=6048

قديم 09-18-2011, 08:25 PM
المشاركة 3
محمود عباس مسعود
أديب وباحـث ومترجــم
  • غير موجود
افتراضي
اهلا وسهلا بهذه الدراسة المقارنة المهمة والجميلة ..سوف نتعلم منك الكثير هنا شكرا جزيلا.

اقوم حاليا على قراءة قصيدة عميقة مثل البحر وكما تقول هنا علك ان توفر لك الوقت تمر الى هناك وتشاركنا رأيك.

قصيدة " الى البحر اطوي كل موج" للشاعر الاستاذ عبد اللطيف غسري :


http://www.mnaabr.com/vb/showthread.php?t=6048
الأستاذ العزيز الأديب أيوب صابر
شكراً على ترحيبك اللطيف وعلى التنويه بقصيدة "إلى البحر أطوي كل موج"
للشاعر والمترجم القدير الأستاذ عبد اللطيف غسري، وإنني أتطلع لقراءتها.
تحياتي وأطيب تمنياتي
وأسعد الله أوقاتك بكل خير

قديم 10-05-2011, 06:11 PM
المشاركة 4
احمد ماضي
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي
الاستاذ محمود عباس

بداية بقلب عراقي

مرحبا بك تحت فيء منابر الابداع

وشكرا لتواجدك هنا بين أروقة النقد

سوف تكون لي عودة مع ما طرحت قريبا

لك الود ..




لا سواكِ يكبلني بالحُب

قديم 10-06-2011, 09:25 AM
المشاركة 5
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
وانا بانتظار استاذ محمود عباس لمزيد من القراءت النقدية المقارنة الجميلة هنا.

قديم 10-06-2011, 06:17 PM
المشاركة 6
محمود عباس مسعود
أديب وباحـث ومترجــم
  • غير موجود
افتراضي مقارنة بين شاعرتين: منى الحاج وألا ويلر
الأستاذ الأديب أحمد القلعاوي
أشكرك على الترحيب الودي
وأتطلع لمزيد من التفاعل والتواصل
في هذه المنتديات العامرة
تحياتي وتقديري




.

غاية الحياة معرفة الذات
http://www.swaidayoga.com/

الحوار الذي أجراه معي الشاعر الجزائري الأستاذ ياسين عرعار على الرابط التالي

http://www.saddana.com/forum/showthread.php?t=10887
قديم 10-06-2011, 06:26 PM
المشاركة 7
محمود عباس مسعود
أديب وباحـث ومترجــم
  • غير موجود
افتراضي
وانا بانتظار استاذ محمود عباس لمزيد من القراءت النقدية المقارنة الجميلة هنا.
أخي العزيز الأستاذ أيوب صابر
شكراً على الدعوة اللطيفة "لمزيد من القراءات النقدية..."
وبناء على طلبك قمت للتو بطرح موضوع جديد
بعنوان: بين شاعرتين - منى الحاج وألا ويلر
آمل أن ينال إعجابك
تحياتي ومودتي

غاية الحياة معرفة الذات
http://www.swaidayoga.com/

الحوار الذي أجراه معي الشاعر الجزائري الأستاذ ياسين عرعار على الرابط التالي

http://www.saddana.com/forum/showthread.php?t=10887

مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: مقارنة بين شاعرين: المشراوي وأمرسون
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
قراءة مقارنة لكتاب النبي لجبران وكتاب هكذا تكلم زردشت لنيتشه ايوب صابر منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 6 05-29-2020 10:09 PM
مقارنة المَرويات - إبراهيم بن عبد الله اللاحم د. عبد الفتاح أفكوح منبر رواق الكُتب. 0 06-05-2014 09:24 PM
مقارنة بين شاعرتين: منى الحاج وألا ويلر محمود عباس مسعود منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 7 11-16-2011 04:35 PM
اثر توقيت اليتم على شاعرية الشاعر : دراسة مقارنة ايوب صابر منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 3 07-09-2011 11:05 AM

الساعة الآن 10:47 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.