احصائيات

الردود
1

المشاهدات
4791
 
عبدالحكيم ياسين
فنان وأديـب ساخر سوري

اوسمتي


عبدالحكيم ياسين is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
155

+التقييم
0.03

تاريخ التسجيل
Sep 2007

الاقامة

رقم العضوية
3999
01-24-2015, 10:54 PM
المشاركة 1
01-24-2015, 10:54 PM
المشاركة 1
افتراضي الصيّاد الخائب
الصياد الخائب
حمل بندقيّته الصدئة واعتمر قبعته العالية العريضة
المصنوعة من لحاء الخيزران وخرج لاصطياد الطائر
المغرّد الجميل الذي لمحه ذات يوم فوق شجرة السرو ..
كان الطائر يغفو فوق الأغصان المتكاثفة فلم يسمع صوت
العيدان البايسة تتكسّر تحت قدميّ الصيّاد ..
الأنسام الحانية جزعت أشدّ الجزع ..فهبّت بقوّة
تحمل معها رائحة الخطر المحدق بالمغرّد الجميل
وتثير الغبار في وجه المتسلّل..ولكن ..
الطائر متعب وإغفاءته عميقة والصيّاد عنيد..
لذلك لجأت الأنسام لحيلة أخرى..
فقد راحت تهبّ بنعومة ولطف حاملة
معها شذى الزهور ودفء شمس الضحى ..ماسحة
بأناملها الساحرة على وجه وعينيّ الصيّاد..الأمر الذي
جعله يجلس.. ثمّ يستند إلى جذع الشجرة..
ثمّ يتوسّد يديه ويغفو ..ثمّ يشرع بشخير بدا عالياً
مزعجاً وموقظاً للعيون الغافية ..
ولكنّ الطائر كان قد صحا على قرصة نملة مشاغبة..
وسمع الشخير فظنّه صوت الهرّ العجوز الذي لايتوقّف عن مطاردته..
ورأى قبعة الصيّاد الواسعة فهبط وحطّ فوقها
بخفّة وغرّد متحديّاً الهرّ الذي ظنّه مختبئاً في مكان ما..
وتحرّك الصيّاد وسعل ونظر حوله..وهمس لنفسه:
أخيراً هاهو الطائر قد حطّ على الشجرة ..
وقام يدور حول الشجرة وهو يتفرّس في كلّ زاوية
وفوق كلّ غصن ..والطائر يرتجف وهو
لايجرؤ على الطيران خوفاً من طلقة غادرة ..
ودقّات قلبه تتسارع وعيناه تبحثان عن فضاء آمن..
وفجأة..ظهر من طرف الحقل الطفل أحمد الذي يحبّ
الطيور والأزهار ويكره الأشواك والديدان ..
ركض أحمد صوب الصياد وصاح:
ياعمّ سرحان..ياعمّ سرحان في دارنا جرذ كبير
يتسلّق شجرة ويلتصق بأغصانها..لقد شاهده
أخي أكثر من مرّة فوق شجرة الرمّان يجوّف ثمارها..
وشاهدته أنا يلتهم الكرز قبل نضوجه
وخالي يقول: إنّ الجرذ يقضم من حبّات الخوخ
قضمات ثمّ يتركها تتعفّن وتهتريء..تعال خوّفه ياعمّ
لكي يهرب ويتركنا في سلام ..
قال الصيّاد:اذهب عنّي فأنا مشغول ..اذهب بسرعة
قبل أن تخيف الطائر فيهرب ولا أتمكّن من صيده..
قال أحمد:ولكنّ الطيور صديقة لنا ..إنّها تخلّصنا
من مئات الديدان واليرقات التي تنخر الأشجار..
قال الصيّاد بغلظة:يوجد الكثير منها ياولد..وهذا
الطائر جميل جدّاً..وسأزيّن بريشه الملّون قبّعتي..
نظر أحمد إلى القبعة فرأى الطائر يطلّ برأسه من
فوقها وهو يرتعد..فضحك الصبي وقال:
لابأس سنجد طريقة ما لتأديب الجرذ المشاغب..
لاتتعب نفسك ياعمّ ..ولكن ..رأيت منذ قليل
حارس الغابة ومعه رجل شرطة وهم يبحثون
عمّن أصاب بقرة الأرملة بطلق طائش..
قال الصيّاد:غريب ..لقد قالت لي إنّها قد باعتها
البارحة ..هل أنت صادق ياولد؟
شعر أحمد بالخجل لأنّه كذب وندم لأنّه فعل..
فقال معتذراً:
آسف ياعمّ..أنا أمازحك..
وهمس الصيّاد بلؤم:المزاح له أصول ..اذهب ..
انصرف من هنا يبدو أنّك تحاول إلهائي فقط
لكي لا أصطاد حبيب قلبك الطائر المغرّد ..
لقد سمعت صوته منذ قليل ولابدّ أنّه ملتصق
بأحد أغصان هذه الشجرة..قال أحمد بيأس:
أنت ذكي ياعمّ ولاشكّ أنّك ستكتشف ذات يوم أنّنا
عندما ننشغل بمطاردة الطيور النافعة فإنّ الجرذان
الضارّة تسرح وتمرح في بساتيننا..وعندما غاب
الطفل خلف حدود الحقل كان الصيّاد مستمرّاً في
الدوران حول الشجرة باحثاً عن الطائر بينما انتبه
الطائر إلى أنّه فوق قبّعة الصيّاد في أمان أكبر من
أيّ مكان آخر..فأغفى من جديد ..أمّا الشمس فكانت
تحاول أن تكتم ضحكتها وتخفي أسنانها البيضاء الجميلة..
شاعرة بالرضى لأنّها السبب في جعل هذا الصيّاد
يلبس هذه القبعة الرائعة..
----------------------------------
مع تحيات: عبدالحكيم ياسين


قديم 05-07-2015, 07:15 PM
المشاركة 2
أماني ابراهيم
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي
رائعه تلك القصه المبدعة سلم عطاؤك


مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: الصيّاد الخائب
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
على الجانب الآخر ياسَمِين الْحُمود منبر البوح الهادئ 14 03-07-2021 11:28 PM
من أسباب السعادة التركيز على الجانب المعنوي أحمد الورّاق منبر الحوارات الثقافية العامة 1 10-15-2014 10:26 AM
سماء من الجانب الآخر ريم بدر الدين منبر الفنون. 16 11-24-2011 07:54 PM
الجانب الخطأ محمد عبدالرازق عمران منبر مختارات من الشتات. 7 08-20-2011 03:33 PM
شيطانتي الجانت ملاك محمد عبود العبودي منبر الشعر الشعبي والمحاورات الشعرية. 1 09-19-2010 09:11 PM

الساعة الآن 01:57 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.