احصائيات

الردود
0

المشاهدات
3953
 
أحمد الورّاق
من آل منابر ثقافية

أحمد الورّاق is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
140

+التقييم
0.03

تاريخ التسجيل
Dec 2011

الاقامة

رقم العضوية
10672
01-13-2014, 11:22 PM
المشاركة 1
01-13-2014, 11:22 PM
المشاركة 1
افتراضي عصر الإقطاعية الفكرية والثقافية ..
النهضة الحضارية تسبقها نهضة فكرية, والنهضة الفكرية تتطلب أن يدخل الجميع في كل المجالات وألا يمنعوا من التفكير والدخول في مجالات الحياة، كأن تحصر على متخصصين مثلما هو حاصل الآن في الحضارة الغربية ومقلديها, لهذا الغرب الآن لا يعيشون نهضة, بل إن الثقافة الغربية تعيش حالة جمود بسبب سلطوية المتخصصين, وما وصلوا له هو وصول الرأسمالية وليس الناس, فهي التي تشتري العقول وتنتج، أما بقية الناس لا دخل لهم بشيء وتحت رحمة المتخصصين, ويرددون ما قاله المختصون في كل مجال. النهضة يكون فيها الجميع نشيطاً و عاملاً و مفكراً,

الغربيون عاشوا نهضة في القرن السادس عشر والسابع عشر والثامن عشر والتاسع عشر، لكن منذ النهضة الصناعية التي هي سيطرة الرأسمالية بدأت تتلاشى النهضة عن المجتمع، وفي القرن العشرين والواحد والعشرين اختفى صوت الناس, بدليل أن علماء عصر النهضة لم يكونوا متخصصين وكانوا موسوعيون يكتبون بكل مجال, ويُنظر لكلامهم أكثر من البحث عن مراتبهم العلمية, أما الآن فلا بد أن يكون قبل الاسم حرف يرمز إلى التخصص حتى تتكلم!

في زمن أي نهضة تنتشر الكتب والحوارات والنقاشات الحرة ويشارك فيها الجميع, والقول فيها مُقدّم على القائل, وفي زمن الجمود يحدث العكس, فتُقدّم قيمة القائل على قيمة القول وتكثر النجومية التي تحتكر الأفق, ومع زيادة الوقت تزداد نجوميتها وتألقها حتى يُقبل منها بالثقة بالاسم. والنجومية ما هي إلا منتج رأسمالي, فيُلمِّعون من يريدون ويخفون من لا يريدون.

ففي الغرب هم يعيشون تغييباً وليس نهضة, وحتى من التاريخ يبرزون ما يشاؤون, فانظر كيف أخفوا دور الحضارة العربية الإسلامية في بناء حضارتهم, بينما كل نهضتهم معتمدة على الحضارة الإسلامية, وانظر ما يحدث في الغرب للعلماء الذين يتبنون نظرية الخَلْق من إقصاء وتهميش, أو من يعارضون التطرف في حرب اللاسامية, وهذا على سبيل المثال لا الحصر.

الرأسمالية مثل كشاف كبير يسلط ضوءه على ما يريد من الحاضر أو الماضي, ويشيح بعينه من على رأس الهرم عما لا يريد, نحن نعرف نظرية داروين لكن لا نعرف النظريات التي تنتقدها وهي كثيرة وعلمية أكثر, ومثلها نظريات أصل الكون التي هي كثيرة لكنهم اختاروا واحدة وركزوا الأضواء عليها. لا تقوم النهضة إلا بحرية رأي، والغرب يفتقر إلى حرية الرأي, وإن كان لا يفتقر لحرية الجنس كما لا يفتقر إليها الحيوان!

في زمن الجمود ينتشر النقل ويقل التفكير ويُحصر في فئات متخصصة يقف الناس طوابير على أبوابها, يقبلون بلا تمييز إلا ما قل ونُبِذ من الأكثرية. في الغرب كل شيء يسند للمتخصصين الملمَّعين, والإسناد للمتخصصين هو قتل للنهضة والنهضة الفكرية بالذات. الاقتصار على التخصص هو قتل للحرية العقلية, فتجد متخصصين رابضين على ذلك المجال العلمي كله ومن الصعب أن يخترقه أحد إلا أن يأتي بشيء معجز يُرضى عنه.

معنى نهضة ثقافية وفكرية هو تساوي الفرص للجميع في التفكير والتأليف والاقتراحات والأخذ والرد وهذا لا تجده في الغرب, فلابد أن تكون متخصصاً عن الحيوان أو الدراوينية أو الطب أو الدين... الخ, حتى يحق لك أن تتكلم في أي منها!

التخصصات عبارة عن احتلال لكل مجال, بوابة لا تدخلها إلا بكرت التخصص حتى تتكلم في هذا المجال, وواقعنا الحالي مأخوذ من الغرب ونسخة مشوهة منه فالصحف والوسائل الإعلامية ودور النشر تبحث عن النجوم والمتخصصين وتلاحقهم أكثر بكثير من ملاحقتها للإبداع و الجديد, مع أن المتخصص لا يعني دائماً أنه مبدع ولا فاهم حتى لتخصصه. التخصصات هي قيود على الحرية الفكرية, ويمكن أن نسمي هذا العصر عصر الإقطاعية الفكرية, فكل مسيطر على إقطاعه الذي تخصص فيه.

لو كان التخصص هو الطريق الصحيح لماذا لا يوجد متخصصون في الاختراع أو الإبداع الفني أو الأدبي؟؟! لماذا لا يوجد قسم في الجامعات اسمه قسم الإبداع؟ مع أن الإبداع هو هدف النهضة! مما يعني أن التخصص عدو الإبداع وليس دائماً صديقه, وعلماء أي نهضة كانوا موسوعيين وليسوا متخصصين, مثل الفارابي ودافنشي وابن سيناء وغيرهم, حتى نيوتن كان يسمي نفسه فيلسوف ولم يكن يسمي نفسه عالماً.

وأكثر معاناة المبدعين هي من إخوانهم المتخصصين بشهادة جميع المبدعين بلا استثناء ربما, مع أن المتخصصين عالة على المبدعين والمكتشفين فهم يتخصصون في إبداعهم! فيأكلون موز المبدعين السابقين ويرمون قشوره في وجوه المبدعين الجدد! فلا هو الذي أبدع ولا ترك غيره يبدع! يرفضون الجديد وهم يعيشون على جديد الأولين! شخص مثل هذا ليس إلا حجر عثرة في مجال تخصصه.

وإن كان الكلام لا يعم جميع المتخصصين, فمنهم من أبدع من خلال تخصصه وهو في هذه الحالة يسمى مبدعاً أكثر من كونه متخصصاً, ويُعرف بإبداعه أكثر من أن يعرف بتخصصه, مثلاً الفيلسوف "كانت" كان أستاذاً للفلسفة في الجامعة ومع ذلك أبدع في مجاله, لهذا يسمى الفيلسوف "كانت" ولا يسمى الأستاذ "كانت" أي كأنه خرج من تخصصه.

((كتبه الورّاق))



مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: عصر الإقطاعية الفكرية والثقافية ..
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
النفايات الفكرية هيثم المري منبر الحوارات الثقافية العامة 12 06-08-2020 06:15 AM
كل عام وانتم بخير- القاعدة الفكرية والأجتماعية الدكتور سمير المليجى منبر النصوص الفلسفية والمقالة الأدبية 0 12-26-2017 11:00 PM
ما الفرق بين الحرية الفكرية والدينيه ناصر المطيري منبر الحوارات الثقافية العامة 9 01-11-2012 07:55 AM
الأنشطة التعليمية والثقافية لمؤسسة Fulbright الأمريكية بالقاهرة محمد صلاح جمالى منبر مختارات من الشتات. 0 06-08-2011 06:05 PM

الساعة الآن 12:55 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.