قديم 11-24-2011, 03:17 PM
المشاركة 71
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
إبراهيم الكوني.. تكريم الغرب وتجاهل العرب

مقدم الحلقة: سامي كليب

ضيف الحلقة: إبراهيم الكوني/ روائي ليبي
تاريخ الحلقة: 27/6/2009

- سامي كليب: مرحبا بكم أعزائي المشاهدين إلى حلقة جديدة من برنامج زيارة خاصة تنقلنا هذه المرة إلى جبال الألب السويسرية، ليس للحديث عن الجبال والثلوج وإنما عن الصحراء والرمال والرابط بين الاثنين مبدع ليبي وضع حتى الآن أكثر من سبعين كتابا وترجم الكثير من أعماله للغات أجنبية أما في عالمنا العربي فلا يزال شبه مجهول، يسعدني أن أستضيف المبدع الليبي إبراهيم الكوني.

الصحراء الراوي، الصحراء الوجود


إبراهيم الكوني: لم يرو لي أحد شيئا غير الصحراء، الصحراء هي الجدة التي ربتني وهي التي روت لي وهي التي دفنت في قلبي سرها ولهذا عندما أتحدث عن الصحراء أشعر بأن الصحراء مسكونة.. أشعر بأنني مسكون بالصحراء، يعني لست أنا من يسكن الصحراء ولكن الصحراء هي التي تسكنني لأن في الصحراء فقط يتجسد مبدأ وحدة الكائنات، في الصحراء تعلمت أن تكون الشجرة، أصغر شجرة أو أصغر نبتة قرين لي، في الصحراء أيضا تعلمت تحريم أن تنتزع عودا أخضر، في الصحراء تعلمت أن لا أفقس بيضة طير.

سامي كليب: لا شيء في هذه القرية السويسرية الهادئة بناسها والهانئة بطبيعتها والنازعة شيئا فشيئا حلتها البيضاء لترتدي ربيعها الأخضر المنعش لا شيء يوحي بأن فيها مواطنا ليبيا من أبناء قبائل الطوارق يسافر في الأدب يقطع الجبال المواجهة فيجوب صحراءه ويعود إلى الإنسانية بكل تلك الأساطير والرسائل، وحين وصلت إلى هنا وجدته يسير كعادته كل صباح ومساء في كنف الصنوبر والسنديان وبين المروج، جسده متكئ على عصاه هنا وقلبه متكئ على مخزون الصحراء هناك.


إبراهيم الكوني: الغربة عمق، الغربة إعادة تشكيل الروح، وإعادة تشكيل الروح بحيث تعيد اكتشاف نفسك مش خارج نفسك يعني لا تعطيك شيئا من خارج ولكنها تعطيه لك تكشفه لك من الداخل من الباطن يعني تعري لك كنوزك كنوز اللي فيك أنت مش الموهوبة لك.

سامي كليب: والمفارقة الأهم أن هذا الأديب الليبي الطارقي الشهير في الغرب يبدو غريبا عن أمته العربية التي تكاد تجهل عنه كل شيء، ولكي نعرف عنه كل شيء قصدته حاملا كثيرا من الأسئلة وقليلا من الوقت قياسا إلى الزمن الغابر الذي يأخذنا إليه في كل رواية وكتاب فكانت جولة عامة وربما سريعة على إنتاجه المحتاج إلى ساعات طويلة لشرحه. ولكن ماذا عن بدايته؟

ماذا عن العائلة وعن اسم الكوني، أهو حقيقي أم لقب؟
إبراهيم الكوني: الكوني كلمة طارقية "إكنا" كلما "إكنا" يعني يعمل أو يشتغل أو يتقن، منها "تكنة" باللاتينية القديمة منها "تقنية" كلمة "تقنية" الحالية في اللغة اللاتينية..


سامي كليب: وهي عائلة معروفة عند الطوارق، الكوني؟
إبراهيم الكوني: كان أحد زعماء آزير منطقة آزير هذه طوارق الصحراء الكبرى الموجودين في ليبيا والجزائر.


سامي كليب: لفتني الكلام عن الاسم فيما كتبت حضرتك تقول "الاسم ليس لقبا يُتباهى به أمام الأغيار ولكنه في عرفي مجرد علامة، الاسم رسالة وليس نعت أبله كما تظنون" أحد شخصيات الروايات عندك يعني.
إبراهيم الكوني: نعم لأن الاسم يحمل هوية والهوية رسالة، أي اسم يعني هو بمثابة رسالة موجهة إلى الكون موجهة إلى الإنسانية موجهة إلى السماء موجهة إلى الأرض.

سامي كليب: الصحراء، الصحراء، لا شيء غير الصحراء ولا شيء أجمل من الصحراء، عالم قائم بذاته هو ذاك العالم الصحراوي الذي يستنبط منه إبراهيم الكوني شخصياته ورواياته وأفكاره والأساطير، ومن على شرفة ذاك العالم يطل على الكون. ولكن اللافت أن إبراهيم الكوني لم يعش في الصحراء غير عشر سنوات حتى ولو أنه يعود إليها بين حين وآخر، وكأن الموروث في جيناته يجعله يتذكر شيئا خبيئا منذ قرون طويلة فتتكامل في ذاته الصور والذكريات وتتوحد الديانات لتعيد للإنسان أولويته.
إبراهيم الكوني: ما يزرع في الجينات دائما هو الأثرى وهو الأجمل وهو الأنفس، شريطة أن تستنطق الجينات كما يجب أن تستنطق لأننا كما يقول إفلاطون نحن لا نتعلم عندما نتعلم ولكننا نتذكر، نستحضر نستعيد ما عشناه يوما ما. إذاً هو في الواقع استجواب للمنسي.


إبراهيم الكوني: بطبيعة الحال ينطق في واقع الأمر، من أتقن استنطاقه سمعه وأدركه ولهذا السبب يأتي الأنبياء من هناك، لهذا السبب أتى كل الأنبياء من هناك لأنها هي في البعد الآخر في البعد المفقود، هي في واقع الأمر تشرف على الأبدية تشرف على الموت، فيها مظهر الموت ولكن الجانب الثري من الموت.
ما لا تقوله لنا الطبيعة تقوله الصحراء عندما نتعامل معها في هذا البعد ولهذا هي الأثرى على الإطلاق ولهذا كل.. لأنها هي أيضا التي تدفعك إلى حديقة التأمل التي قلنا عنها منذ قليل إنها هي ركن الأركان في التجربة البشرية الروحية.


سامي كليب: إبراهيم الكوني ولد قبل 61 عاما في غدامس بليبيا وبعد دراسة أدبية في بلاده قصد معهد غوركي العريق في روسيا لدراسة عليا في العلوم الأدبية والنقدية، وهو مجيد لعدة لغات وعمل في وظائف صحفية ودبلوماسية عديدة حيث كان مستشارا دبلوماسيا في السفارات الليبية في روسيا وبولندا وسويسرا وتولى رئاسة تحرير مجلة الصداقة الليبية البولندية وكان مراسلا لوكالة الأنباء الليبية في موسكو ومندوبا لجمعية الصداقة الليبية البولندية. أما الكتابة فقد بدأها وهو في الثامنة عشرة من العمر والكتابة عنده رسالة والرسالة بحث عن الحقيقة.


سامي كليب: يعني مثلا لنعط مثالا على ما تكتب عن الطوارق في "ملحمة المفاهيم" في بيان في لغة اللاهوت "وإن هددتهم العزلة وقساوة الطبيعة بالانقراض على مر العصور إلا أن لهذه العزلة بالذات يرجع الفضل في فوزنا اليوم بذلك الكنز النفيس الذي كان هاجس الإنسانية دائما في بحثها الدائم عن سر اللسان المجهول الذي انبثقت منه بقية الألسن الحية منها والميتة على حد سواء" إلى هذه الدرجة مهم تاريخ الطوارق بالنسبة للإنسانية واللغة؟

إبراهيم الكوني: أكيد، مثبوت في هذه الكتب، لا نستطيع أن نؤكد ذلك في عجالة لأن هنا تأكيدات علمية أن في لغات اللاهوت، اللغات التي أسميها لغات الديانات سواء القديمة أو ديانات الوحي، هذه اللغات كلها تحمل مفاهيم منبثقة من لغة الطوارق، لأن ما هي اللغة البدئية؟ يقال إن اللغة البدئية يجب أن تكون ذات حرف ساكن واحد، هذا الحرف يكون كلمة، هذه خاصية موجودة في لغة الطوارق فقط ولذلك تجد كلمة في اللغة اليونانية القديمة مثلا أو اللغة المصرية أو اللغة السومرية أو إحدى اللغات المنبثقة من اللغات اللاتينية كلمة واحدة هي في الواقع جملة في لغة الطوارق هي جملة تفسرها تفسر مضمونها، ولهذا..


سامي كليب (مقاطعا): لنأخذ مثالا لكي لا نعقد الأمر على المشاهدين، مثلا حرف الباء الذي طبعا يترجم كما حضرتك تكتب بالـ (با) باللغات اللاتينية، تقول إنه حرف مصري طارقي بدئي، الباء، "والباء كحرف ساكن مجرد تعني باللسان البدئي روح".

إبراهيم الكوني: تعني الروح وتعني العدم أيضا، لأن الروح هي شيء عدمي في واقع الأمر ولهذا تحمل هذين المعنيين دائما وعندما ترد في لغة من لغات العالم القديم سواء اليونانية القديمة أو اللاتينية أو السومرية أو المصرية فإنما تدل على كلمة كاملة في حين أنها تعامل في داخل هذه اللغات كحرف، هو هذه الأعجوبة، أن هذه اللغات تحمل تراثا مجهولا بالنسبة لها هي أيضا يعني تحمل مدلولا فلسفيا أو دينيا أو وجوديا مغتربا لأنه منسي.

سامي كليب: طيب، اسمح لي سيد إبراهيم الكوني طبعا أنت مبدع وهناك بعض الأسئلة الواقعية التي تزعج عادة المبدعين ولكن مثلا يعني فيما قرأت لك من كتب وهي كثيرة في الواقع بحاجة إلى ربما لكي يتمعن فيها الإنسان إلى أشهر وسنوات، ولكن تبدو أنك تضع نفسك أيضا في مكان يقارب أمكنة المرسلين، أنك تكشف أسرارا أنك تتحدث عن إبراهيم الكوني وكأنه يريد أن يقول للإنسانية جمعاء سرا لم يعرفوه، يريد أن يبشر بشيء جديد.


إبراهيم الكوني: لا أعرف عما إذا كان هذا خطيئة أم أنه قدر؟ هل المعرفة، المعرفة نعرف.. نحن نعرف من الديانات السماوية أن المعرفة عموما خطيئة فأن تعرف دائما أنت متهم وأنت مدان وأنت معرض للقصاص، هذا حدث للرسل أيضا وحدث لكل أصحاب الأفكار العظيمة، سقراط حكم عليه بالإعدام ظلما، وغير سقراط.

سامي كليب: يشعر الروائي والمفكر الليبي إبراهيم الكوني بأنه حامل رسالة، واخبرني أنه يعيش تقشفا يقارب التصوف حتى ولو أنه ينعم برفاه الحياة في هذه الجبال المكللة بالثلوج والهانئة والباعثة على الطمأنينة والفرح والانسجام الداخلي، وفي التقشف والوحدانية والانعتاق والعزلة ثمة أسئلة عن الإنسانية وثمة نقمة على من يخرق قوانين الطبيعة أو نواميسها.


سامي كليب: تتحدث طبعا في هذه الرواية -طالما تحدثت عن ابنة أخيك- كيف ولدت وكيف كرهت أنها ولدت وأجبرت أنها ولدت وكيف شاهدت في بدايتها أول لعبة إلى جانبها وأغرقت اللعبة واكتشفت من خلال إغراق اللعبة شيئا من سر الكون. ولكن الفظيع في الواقع في آخر هذه الرواية تقول "في طريق العودة قرر الكاهن أن يعرج بي على أهل الواحة ليريني المصير الذي آل إليه القوم يوم خافوا الوصية..

قديم 11-24-2011, 03:57 PM
المشاركة 72
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
ابرز عوامل صبغة حياة ابراهيم الكوني:

-الموت رفيق الصحراويين، سرّ الصحراويّ أنه لا يخاف الموت. يقال إنّه نزل الى الحياة بصحبة الموت، وعندما استنشق الهواء وأخذ أوّل نفس من فتحتي الأنف، توقّف الموت ورفض أن يدخل الى الجوف. قال للإنسان: أنا افضّل أن أمكث هنا وأنتظر. حفر مأوى بين فتحتي الأنف والشفة العليا، في هذا الضريح يرقد الموت ) المجوس ج 2 ص 182.

- في هذا الخضمّ من التنافر والتجاذب، بين السماء والارض، الروح والجسد، التبر والطهر، الحياة والموت، تبدو مصائر ذوات الرواية وشخوصها فجائعية، مهولة، تنقذف الى الموت بنفس القسوة والصرخة والألم التي انقذفت بها الى الحياة لحظة ولادتها، لأنها اقترفت ذنبا لا يغتفر، خدشت صمت الصحراء، جرحت سكونها، لم تعرف الإنصات لسكينتها، فقضت لا يداخلها الخوف ولا التردّد ولا الضعف، بل هي في تقدّمها باتجاه الموت كأنّها تتقدّم خطوة ربّما باتجاه حياة اخرى، في عيونها ترتسم أشباح وشياطين وفي قلوبها توق مرير الى ( واو المفقودة ) فردوس الامتلاء في فراغ الصحراء، فردوس الارتواء في صحراء الظمأ.

- الحنين قدر الصحراوي الأول. والانتماء المزدوج هو الذي خلق منه قدرا. فيوم انفصل عن أمّه الارض بقوّة الروح السماوية، الإلهية، التي نفخت من نفسها في كتلة الطين، كان عليه أن يعاني غربة مزدوجة. فهو نُفي من الفردوس السماوي وانفصل عن الله. نزل الى الارض لكنه لم يتّحد بالصحراء، لم يفز بامتدادها وعرائها وحريتها. حلّ في حفنة الطين قبل أن يبلغ الأصل الآخر، الأكبر، الأرحم، والأعظم: الصحراء. فظلّ المخلوق كائنا معلّقا بين السماء والارض. البدن يسعى للعودة الى وطنه الصحراء، والروح تحن عشقا لأن تتحرّر من المحبس الأرضي وتطير الى أصلها السماوي ) المجوس ج 2 ص 62.

- ينتهي العبور الصحراوي الى الموت غرقا، ظمأ، ذبحا، خنقا … ولكن الدائرة لا تنقفل به على صعيد استمرار الجماعة وديمومتها فوق الصحراء، إذ تلوح تباشير الحياة فوق ركام الجثث وسواقي الدم المراق والحلوق الظمآنة، تلوح على هيئة الرحيل، رحيل رجل وامرأة بقيا فوق الأشلاء. امرأة حدسها الأنثوي العميق يدفعها لمطالبة الرجل جهارا كي يطأها حتى تستمرّ الذرية، لا ترى في الخراب العميم من حولها إلا طوقا، يكسره نسل مرتجى من صلب رجل حتى تستمر الحياة وتستمرّ الصحراء، المرأة نفسها التي أنزلت الرجل من "فردوس واو المفقودة" ولم تكن لتخشى النزول.

-ولد بغدامس - ليبيا عام 1948.أنهى دراسته الابتدائية بغدامس، والإعدادية بسبها، والثانوية بموسكو،
-حصل على الليسانس ثم الماجستير قي العلوم الأدبيّة والنقدية من معهد غوركى للأدب بموسكو.1977
- يقوم عمله الادبي الروائي على عدد من العناصر المحدودة، على عالم الصحراء بما فيه من ندرة وامتداد وقسوة وانفتاح على جوهر الكون والوجود. وتدور معظم رواياته على جوهر العلاقة التي تربط الإنسان بالطبيعة الصحراوية وموجوداتها وعالمها المحكوم بالحتمية والقدر الذي لا يُردّ.
- وينتمى إبراهيم الكونى إلى قبيلة الطوارق (الامازيغ) وهى قبيلة تسكن الشمال الافريقى من ليبيا إلى موريتانيا كما تتواجد في النيجر، وهذة القبيلة مشهورة بأن رجالها يتلثمون ونسائها يكشفون وجوههم.

-يرى ابراهيم الكوني ان في الترحال حرية. والحرية هي التي تُنتج التأمل، والتأمل هو الذي يُنتج الأفكار التي بدأت بالديانات والمعتقدات وانتهت إلى المصير البائس على أيدي أهل الاستقرار.

- يرى ابراهيم الكوني أن الصحراء هي المكان الوحيد الذي نستطيع أن نزور فيه الموت ونعود أحياء من جديد.

-لا يكتب الا عن الصحراء رغم انه لم يعش فيها سوى 10 سنوات وظل بعدها يعيش في مناطق تملؤها الثلوج.

-كانت الغربة عامل حاسم في ابداع الكوني. حيث يقول ...ربما الأفضل أن أغترب عن المكان لكي أراه من بعيد. ثم أنني عندما هجرت الصحراء لم أهجرها تماماً لأنها لا تسكنني فقط سكون الطفولة، ولكنها تسكنني كفكرة، تسكنني كرسالة، هذا يعني أنني أقرأ عن الصحراء دائماً، وأتمثل الصحراء دائماً، ويعني قضيتي هي..

-أن رواياته تستقصي - حياة الصحراء، وأعماق المكان حينما تكون حياة البادية رحيل دائم، فالتجلي هنا آسر، وأبعاده خليقة بالمتابعة حينما ترى قبائل الطوارق وهم أهله وقبيلته المنتشرة .. يقطعون الصحراء بحثاً عن حلم يعيد للحياة بريقها، ذاك الحلم المرتبط بالماء دائماً. إذ لا تخلو روايات الكوني من هذا الهاجس الإنساني في البحث عن الماء ..
-يرى الكوني ان حياة الصحراء هي حياة بحث عن الماء أي ان الحياة ...وهو حينما يكتب في منفاه الاختياري يتذكر صحراء عطشى وعيون الطوارق وهي تبحث عن الماء طوال العمر ..

-يرى بأن الغربة عمق، الغربة إعادة تشكيل الروح، وإعادة تشكيل الروح بحيث تعيد اكتشاف نفسك مش خارج نفسك يعني لا تعطيك شيئا من خارج ولكنها تعطيه لك تكشفه لك من الداخل من الباطن يعني تعري لك كنوزك كنوز اللي فيك أنت مش الموهوبة لك.

- جاء من قبائل الطوارق الذي يرى بأنهم ظلوا وعبر العصور مهددين بالعزلة وقساوة الطبيعة وبالانقراض لكنه يرى بأن لهذه العزلة بالذات يرجع الفضل في فوز الطوارق اليوم بذلك الكنز النفيس الذي كان هاجس الإنسانية دائما في بحثها الدائم عن سر اللسان المجهول الذي انبثقت منه بقية الألسن الحية منها والميتة على حد سواء.

يقول إبراهيم الكوني في مكان ما بأن الصحراء هي الجدة التي ربته....والصحيح أننا لم نعثر على تفاصيل طفولته والسر الذي دفعه للسفر للدراسة إلى موسكو وهو طفل - عمره عشر سنوات فقط. فان كانت الصحراء التي اختبرها إبراهيم الكوني قاسية وحياة شقاء وعزلة وهي الموت بعينه الذي يظل هاجس الصحراوي في بحثه الدائم عن الماء ، فان الغربة هي صحراء من نوع آخر ، هي صحراء للروح.
سنعتبره يتيم افتراضي كونه غادر وطنه ( الصحراء) إلى ( صحراء الروح ) الغربة وهو طفل صغير -10 سنوات.
يتيم افتراضي.

قديم 11-25-2011, 02:22 PM
المشاركة 73
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
وألان مع سر الأفضلية والروعة في رواية:
12- الوشم - عبد الرحمن مجيد الربيعي – العراق
عن الرواية:
تعتبر رواية "الوشم" للكاتب العراقي عبد الرحمن مجيد الربيعي من الروايات العربية النادرة التيحظيت باستقبال هام نقداً وتحليلاً، إذ تجاوزت البحوث الصادرة في المجلات الأدبيةأربعة وسبعين بحثاً. صدرت الرواية في طبعتها الأولىسنة 1972 في سياق تاريخيّ هام مرّت به الرّواية العربيّة الحديثة من أبرز معالمهتحوّل في فهم الواقعيّة باعتبارها منهجاً في الكتابةالروائية.
تواجه رواية "الوشم" قارئهاطباعياً بازدواجية خطابيّة شكليّة إذ يفصل المؤلف بين مستويين من السّرد عبر تغييرحجم الحروف، يتّصل المستوى الأول وهو مستوى الحروف العاديّة بخطاب السّارد ويتّصلالمستوى الثاني وهو مستوى الحروف الغليظة بخطاب كريم الناصري وهو الشخصية المركزيةفي الرواية. وتتبلور هذه الازدواجية الخطابية أكثر في مستويي استعمال الضمائروالتلقّي. فالسّارد يستعمل ضمير الغائب وهو يروي حكاية كريم الناصري، ويوظّف كريمالنّاصري ضمير المتكلم ويروي حكايته الشّخصيّة. فالسّارد يوجّه خطابه إلى قارئالرّواية في حين يوجّه كريم الناصري خطابه إلى "حسّون السليمان" وهو أحد رفاقالسجن. ويتقاطع الخطابان في شكل مقاطع سرديّة تطول وتقصر عبر كاملالنصّ.

قديم 11-25-2011, 02:24 PM
المشاركة 74
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
رواية " الوشم" للربيعي

حين يدخل المثقفون في التجربة (...) السياسية

(1)

هل الاغتراب قدر هذه الرواية ؟
هل كتب عليها أن تطبع وتنشر "بعيدا عن السماء الأولى" مثل كاتبها؟
عن منشورات الزمن بالرباط ، صدرت سنة 2002م الطبعة المغربية – وبثمن مغري – لرواية "الوشم" للكاتب العراقي المقيم في تونس عبد الرحمن مجيد الربيعي .. رواية انكتبت منذ صرختها الأولى نصا حداثويا ، مشاكسا، متمردا على كل شيء مثل بطلها كريم الناصري .

(2)

في البدء لابد من الاعتراف أن هذه الرواية المثيرة لشهية الكتابة الأخرى دفعتني إلى كتابة قصة قصيرة موسومة بـ " الطيور تهاجر لكي لا تموت ..." دون أن أقرأها ... فقط اعتمدت على القراءة الثانية لمحمد شكري لها من خلال برنامجه الإذاعي الخاص: " شكري يتحدث" واليوم أجدني مدفوعا بقوة إلى أن أكتب عن نص شقي من نصوص (أدب السجون) بعد رحيل شكري وبعد موت : الطيور ... على يدي ذات شقاء!

(3)

يعتبر المكان في رواية "الوشم" هو الشخصية المحورية، ولو بالغياب، وهو المعتقل الموحش، الذي كان يوما إصطبلا لخيول الشرطة .. بلياليه السرمدية .. هذا الفضاء الكريه ، الذي يصادر الحرية ويغتال الأحلام ، ويختطف الدفء الإنساني .. ويدجن المغضوب عليهم .. يقهرهم سياسيا ونفسيا ... ويدفعهم إلى الغرق في الوحدة وفي الخطيئة (السقوط) ... ويغدو الزمن النفسي توأم هذا الفضاء المقيت القاتل: "ويدعوه صوت من الأعماق لأن يحمل رفاته ويقـلع لعل رأسه اللائب تحتضنه وسادة أمان" (ص31) ، ويدفـعـه في النهاية إلى الهـرب" إلى اختيار مـنـفـاه : "إنني مسافر غدا إلى الكويت لقد استـقـلت من الجريدة والشركة معا وسأبدأ حياتي هـناك من جــديـد" (ص120) .

للإشارة فقط: الاستشهاد الأول من الصفحة الأولى من الرواية، التي استهلها الربيعي بوصف مشاعر كريم الناصري فور إطلاق سراحه، والاستشهاد الثاني من آخر صفحة من "الوشم" ، وبين البداية والنهاية سلسلة من الخطايا والآلام والتداعيات ...

إذ يتحول كريم الناصري (ذلك الصبي الشجاع الذي لا يخا ف الظلام ولا المجهول) من مثـقـف مناضل حالم إلى إنسان يحمل رفاته، دمرته ليالي المعتقل من الداخل، كل أمانيه في الحياة أن يعيش ليقرأ الكتب ويعاشر البغايا – بعد انقراض الحب الأفلاطوني طبعا – ويهرب من تأنيب الضمير باللجوء إلى السكر وغيبوبة اللحظة والتفاهة ... هذا هو الوجه القبيح للسياسة بكل عهارتها ...

(4)

ما العلاقة بين الوشم والخيانة والعهارة ؟!

عودة إلى قراءة عنوان هذه الخربشات .. : "حين يدخل المثقفون في التجربة (...) السياسية" ندرك أن المعتقل – البطل الرئيس للرواية – مجرد "مبغى عام" !!! ولا مفر من هذه العهارة الموشومة في باطن الروح سوى الهروب / الرحيل إلى المنافي العربية والغربية ... هذا ما نقرأه في ضوء ما نعايشه حـاليا بعد عقد من الزمن، بعد صدور الطبعة الأولى للوشم سنة 1972م بيروت .. فإما أن تتدروش مثل الشيخ حسون وحامد الشعلان أو أن تكون كلبا يضاجع شهرزاد : "لقد تركتنا نحن الثلاثة متعبين لاهثين تتدلى ألسنتنا" (ص76) وهؤلاء الثلاثة هم : كريم الناصري وزميلاه في الجريدة محمود وجابر !!

بيد أنه يرفض معاشرة العاهرة ذات الفخذين الموشومين ، يشمئز منها / يحتقر نفسه .. لأنها تذكره بعهارته السياسية وخيانة الرفاق الجماعية للقضية وللنضال ، وانهزامهم أمام سطوة المعتقل / السلطة ... هذه الخيانة تفضح انتهازيتهم / عهارتهم ... فتبقى وصمة عار في دواخلهم لا تمحى ولا تنسى .. "هل سيأتي يوم أترحم فيه على أيام الاعتــقـال وأعـتبرها أكثر أيامي هدوءًا ؟" (ص70) هكذا يكتب في إحدى رسائله إلى الشيخ حسون – وعلى طريقـة كرسي الاعتراف في الكنيسة – ليفضح عجزهم الراهن ويدين ماضيهم اللامجدي ... إذا ، لماذا ناضلوا؟ لماذا اعتقلوا ؟

وعلى غرار باقي الروايات السياسية، عندما يفشل البطل المناضل / الضحية يحاول أن يعوض عنتريته المنكسرة بممارسة فروسيته على أجساد النساء أو في الحب ...

فقبل الاعتقال كان كريم الناصري مرتبطا بأسيل عمران ، ذات الأصول الفارسية ... لكن الحزب فرق بينهما ، بعدما كان القاسم المشترك بينهما ... بسبب سقوطه السياسي .

لكنه يتناقض مع نفسه – فهذا العاشق الإفلاطوني فيما بعد – يهفو إلى أن يضمهما فراش واحد ... وبعد خروجه من المعتقل يتعرف إلى مريم التي أرادها "مطهرا من رجسه وخطاياه تعرض عليه جسدها" (ص179) .. مريم الـباحثة عـن الحب انتقاما من شيخوخة زوجها / شيخوخة النظام الذي دمر الرفاق نفسيا ...!!

أية علاقة مجنونة هاته التي كـانت تربطه بمريم ، وهو الذي يقـدس عواطفه، ولا يريدها أن تدنس .. وفي الوقت نفسه ترمي بجسدها في حضن قحطان ، ويعلم ذلك ؟!؟!

لم تكن تفكر في الحب إلا بأسفلها ... بيد أنها تعرض عليه أن يتزوجها قبيل سفره ...! ويجسد الربيعي ذروة تناقض المثقف / ازدواجيته وجبنه حين يهرب كريم الناصري من يسرى واصفا إياها بـ "عذراء الروح والجسد والقلب" (ص116) . فلم يعد أمامه من سبيل للهرب من تشرده الروحي والنفسي سوى الرحيل ...!!!

(5)

استطاع الربيعي في هذا النص المتميز أن ينمق جراح كريم الناصري / الضحية السياسية بكل تلويناتها .. ونجح في بنائه الفني ببراعة بدائرية الحكي، وتفتيت السرد وتعدد الضمائر والأصوات وشعرنة بعض المقاطع السردية تخفيفا من حدة قتامة أجواء الرواية .. ولعل هذا ما جعل الرواية تستقبل بكل حفاوة نقدية منذ صدورها ... وهي تكشف الستار عن المسكوت عنه في لعبة السياسة التي ينبهر بها المثقف الطليعي ، واسمحوا لي أن أسجل في نهاية هذه الأوراق أن ما بين أيديكم مجرد قراءة عاشقة من قاص لا ناقة له ولا جمل في سوق النقد ... وما تبقى يؤسسه النقاد !!!

على سبيل الختم :

"هل الحياة في المعتقل تكون أحيانا أفـضل من الحياة خارجه ؟ إن هذه المواقتة بين الجواني والبراني يمزجها الربيعي بتكـنيك واقعي، لا حلم بلا واقع ولا واقع بلا حلم ، أما التقـنية الرائعة فهي ساعة بلا عقارب ، تذكرنا بتكنيك الروائيين الكبار من جويس إلى وليم فولنكر ، لا بد من الإحساس بالزمن ، بعمق، لإدراك هذا التوقيت الموزع"... (محمد شكري)

قديم 11-25-2011, 02:26 PM
المشاركة 75
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
الوشم لعبد الرحمن مجيد الربيعي:

رواية قديمة...هل تصلح لأيامنا الجديدة ؟
بقلم نديم الوزه
لم يكن مدخلاً جيداً بالنسبة لي أن أقرأ ما كتبه الروائي المغربي محمد شكري على غلاف رواية" الوشم" للروائي العراقي عبد الرحمان مجيد الربيعي ،و لاسيما أن هذا الذي كتبه قد يخطر لأي قارئ مطلع وقد لا يرى أن رواية الربيعي يمكن أن "تذكرنا بتكنيك الروائيين الكبار من جويس إلى وليم فولكنر" ،ليس لأن الربيعي ليس كاتباً كبيراً، و لا لشيء قد يتعلق بالتقليد و التكرار، و إنما لأنني كنت قد مقت هذا التكنيك من خلال قرائتي لشيء مما كتبه الروائيان المذكوران جويس و فولكنر،على ألا يعني هذا المقت لهما أي حكم قيمة ، وعلى ألا يعني أنهما ليسا كبيرين كما يرى محد شكري .ذلك أنهما ، بما ابتكرا من تكنيك على الأقل، قد فتحا الباب إلى تعددية طرق هذا التكنيك و احتمال جدتها في أي رواية جديدة.
ومع أنني أقرأ رواية"الوشم" في نسحة من طبعتها السادسة 2002 أي بعد ثلاثين عاماً من صدور طبعتها الأولى 1972 إلا أنها، بتجاوزها لتكنيك سرد تيار اللاوعي، و ابتكارها للسرد المبعثر أو المشتت لرصد وعي يماثله،لم تزل تحتفظ برونق سردها و تلقائيته و بما تثيره من أفكار أراها سباقة و ملحّة على المواطن العربي الذي يعيش في"غرفة بملايين الجدران"بعبارة محمد الماغوط،أو في "سجن بلاجدران و لا حراس" بتعبير إحدى قصائدي!.و هي إذا ما كانت تذكرني بكلا التعبيرين فلأنها تتحدث عن شاب مثقف يدعى كريم الناصري لم يزل يعاني من جرائر سجنه سبعة أشهر في أحد سجون العراق طالما أنه لا يعرف كيف يتخلص من خزيه و عاره بعد قبوله بالاعتراف بنشاطه السياسي و تبرؤه منه علناً في إحدى الصحف لكي ينال حريته و يذهب إلى أقرب حانة.
و ربمالأنني لم أنضم إلى أي تنظيم سياسي لأدخل إلى السجن من جراء ذلك ، لا أعتقد أن هذه الرواية تحاول أن تفضح انهزامية هذا الشاب بقدر ما تحاول أن تكشف عن طهرانية المجتمع الذي يعيش فيه ،و عن انقلابية أفكاره و عدم مقدرته على تكوين وعي علائقي حديث و عقلاني حتى بين صفوف الشرائح العلمانية و اليسارية. و ربما هذا ما دفع بالرفاق اليساريين-شخصيات هذه الرواية- إلى التدين و محاولة الخلاص الروحاني طالما أن الواقع لايستجيب لأفكارهم الدنيوية في العدالة و الحرية كما أفترض، أقول أفترض لأن الرواية لاتصرّح بأفكار شخصياتها السياسية أوالعامة ،و إنما تكتفي بفضح أحادية السلطة أو المعارضة في ثنائية تصادمية لا مكان للحراك الثقافي أو الاجتماعي أو الإنساني بينهما . يؤكد ذلك اضطراب عقل كريم الناصري و نفسيته حين لا يستطيع الاستمرار في حياة متوازنة داخل العراق على الرغم من توفر العمل و المرأة بل و الحب ، و ذلك بسبب من شعوره بالتلوث و الإثم لتخليه عن أفكاره السياسية السابقة و تنازله للسلطة ، الشيء الذي يعتبره خيانة لا تغتفر و لا يمكن الخلاص من خطاياها إلا بالانتحار المكاني أي الهروب خارج العراق إلى الكويت أولاَ و من ثمّ إلى بلدان أخرى للابتعاد أكثر فأكثر عن مسرح الجريمة.
بهكذا وقائع لا يبدو كريم الناصري أنانياً بالمطلق أو انتهازياً كما راق لبعض قراء الرواية أن يصفه. فعلى ما يبدو من هذه الوقائع أن أكثر ما أراده هذا الشاب لا يتعدى حياة متحررة يمكن للمرء فيها أن يكون ذا فاعلية إنسانية تمكنه من أن يفكر و يبدع و يحب و يطالب بظروب معيشية أفضل . لكن ما كان يفتقده كريم لتحقيق ذلك ليست القوة التي زجت به في السجن و ليست القوة المضادة التي زجت به في عداد المتخازلين و الخونة، و إنما كان يحتاج إلى وعي كاف للتوازن بعد كل ما حصل له ، توازن يجعله قادراً مجدداً على التفكير بقوته الفاعلة ، قوة الفكر، و الإبداع ، و المحاججة ليس مع السلطة بالضرورة بل مع الناس المفترض منهم أن يمتلكوا وعياً يجعلهم تلقائياً يرفضون أي استبداد لاعقلاني قد يتحكم بهم وبمصائرهم . لكن و لأن كريم الناصري لم يستطع أن يعي ذلك تشابكت الأشياء و الأفكار في رأسه كما يقول و لم يعد يرى خلاصاً إلا بالهروب و الالتجاء...
و كيلا أستطرد في أمور أخرى تثيرها الرواية و لا تفترضها وقائعها تماماً ، أعود إلى بنية سردها المتشابكة التي اقترحتها ذهنية كريم الناصري الذي تولى رواية معظم الأحداث على شكل استذكارات و رسائل متداخلة في أمكنتها و أزمنتها و لكن لكي تعاود التشكل في ذهن القارئ لحظة انتهائه من قرائتها بما يتيح له التفكر و التأمل في مقولاتها و وقائعها حتى لتبدو أنها رواية يومية لحياتنا التي نعيشها الآن في بيوتنا و شوارعنا و عملنا و كأن السجون أصبحت إحدى مورثاتنا الطبيعية أو هي آفة عصرية نتفسها مع الهواء و نشربها مع المياه و نأكلها مع الطعام ، واعتبارها كذلك هو بحد ذاته كاف ليجعلها إحدى الروايات الرائدة في تفكيك الوعي العربي و إحالته إلى مشرحة العقل النيّر من غير ادعاء أوفذلكة شكلية قد لا تفضي بنا إلا إلى مزيد من الجهل أو في أحسن الأحوال إلى مزيد من الانكفاء و التجاهل لما يمكن أن يودي بنا جميعاً إلى التحلل و التلاشي!

قديم 11-25-2011, 02:31 PM
المشاركة 76
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
بدايات عبد الرحمن مجيد الربيعي .. رواية لم تُكتب بعد وهذه إحداها !!بقلم: زيد الحلي

على نحو ساعة كاملة ، شدني المحاور مجيد السامرائي الى شاشة قناة الشرقية لمتابعة حواره الذكي والممتع في برنامج ( أطراف الحديث ) مع الروائي والكاتب المبدع عبد الرحمن مجيد الربيعي ... وحاول الربيعي ان يكون حديثه من إطراف تجربته ومسيرته إلا ان السامرائي ماسك مقّود الحوار من خلال محاورته المشبعة بمعرفة ضيفه ، حالت دون ذلك ، فانساب الحوار بعمق وسهوله ليشكل عند متابع البرنامج خارطة معرفية بالروائي الربيعي ..
ورغم ان معرفتي بالربيعي تمتد الى العام 1966 او ربما قبل ذلك ، إلا إنني في ألاثنتي عشرة سنة الأخيرة لم ألتقية سوى مرتين ..الأولى في حفل للسفارة العراقية بتونس في تموز عام 1999 وكان ثالثنا صديقنا المشترك الدكتور محسن الموسوي ، والثانية قبل نحو عامين في مقهى ( الكمال ) في دمشق .. وكان لقاءا انداح فيه سيل من الذكرى والتذكر ..
وبعيداً عن الربيعي القاص والكاتب ، فان الربيعي الصحفي لعب دوراً رائداً في التعريف بأسماء كانت تغذ السير بخجل وتؤدة في حديقة الإبداع العراقي من خلال أشرافه على الصفحة الأدبية لصحيفة ( الإنباء الجديدة ) لصاحبها السيد زكي السعدون وهي صحيفة أسبوعية متواضعة صدرت في حزيران 1964 والغي امتيازها في مطلع 1967 وهي فترة قصيرة في العمر الصحفي لكنها تميزت بصفحتها الثقافية التي اشرف عليها الربيعي وخرج من جلبابها العديد من الشعراء والقصاصين أصبحوا في ما بعد من نجوم الثقافة العراقية وقد أشرت الى بعض ذلك في موضوع نشرته على صفحات " الف ياء " بجريدة الزمان في طبعتها الدولية في عددها 3427 في 21 / 22 تشرين الاول 2009 وأعيد نشره لاحقاً في طبعة بغداد والعديد من المواقع الالكترونية تحت عنوان ( عبد الستار ناصر بالأسود والأبيض).
الصحافة هاجسه الأول
ويبدو ان طموح الربيعي ، كان باتجاه الصحافة الثقافية قبل أي طموح آخر رغم عدم تصريحه بذلك ، فلم يرد في كل ما كتب وما أستذكر ، ما يدلل على ما ذكرت لكن ذاكرتي وأرشيفي يؤكدان ما أشرت اليه ... ففي عام 1966 راسل الربيعي ، الكاتب الكبير الدكتور رشاد رشدي رئيس تحرير مجلة " المسرح " المصرية الشهيرة ، مبدياً رغبته في ان يكون مراسلاً للمجلة في بغداد ، وكان الربيعي في حينها احد طلبة أكاديمية الفنون الجميلة ببغداد ، غير ان المجلة المذكورة اعتذرت عن تلبية رغبة الربيعي ، ومن غريب الصدف ان العدد الرقم ( 26) من تلك المجلة الصادر في شهرشباط 1966 حمل ثلاثة ردود على رسائل متابعي مجلة " المسرح " احدها على الربيعي والثاني على الفنان المصري ( وحيد سيف ) والثالث على العبد لله كاتب هذه السطور ، حيث كنتُ بعثت للمجلة رسالة تهنئة لجهودها في بث الوعي المسرحي والثقافي بصفتي المسؤول الإعلامي لفرقة بغداد للفن الشعبي !
ورغبته الثانية كانت الرسم ... انه رسام متمكن من أدواته وقد نظرت يوماً الى إحدى لوحاته في زيارة له في بيته ( العزّابي ) في حي المنصور ببغداد حسبما أتذكر ، صحبة الزميل لطفي الخياط ، فاندهشت لفكرتها وأسلوب تنفيذها ، حيث طبعها بطابعه الشخصي وبخصوصيته المتفردة في الرؤية من منطلقات التجربة الإنسانية.. واللوحة عنده تكون حية وتستطيع التغيير إذا كان من ورائها هدف وقضية , وتموت عندما تستقر على الحائط وتمتلك قوة التغيير إذا انتشرت بفعل الحركة والتداول بين الناس .. لقد خسره الفن التشكيلي وخسرته الصحافة الثقافية ، لكن الفن الروائي ربحه .. !
وفي فترات من بداياتنا الحياتية ، جمعنا العمل في أعداد برنامج يومي شهير لإذاعة بغداد في أواخر ستينيات القرن المنصرم باسم ( صباح الخير ) ككتّاب خارجيين ، وكان الأستاذ " بهنام ميخائيل " المدرس الكفء في أكاديمية الفنون الجميلة ، مشرفاً على البرنامج الذي كان يساهم في أعداده أيضا مجموعة طيبة من المثقفين وكان زهده واضحاً في فسح المجال لزملائه في تقديم حلقات أكثر عددا في الوقت الذي كان فيه هو المفضل عند المشرف على البرنامج في كتابة ذلك البرنامج الصباحي الفيروزي في كل شيء، كلمات وغناء وألقاء وموسيقى حيث كانت لغة الربيعي هي ألأحلى من بيننا ... كان شاعراً متمكناً ونحن صحفيين نعمل في صحف يومية ..
لم يعرف عن الصديق الربيعي إلا الدماثة والخلق .. هو محب للناس ، معارفه كثيرون لكن أصدقائه قليلون وآمل ان الأمر تغيّر في غربته الطويلة .. و أظن انه من المؤمنين بان المرء قد يحتاج لساعـة كي يفضِّلَ أحد الأصدقاء ويومـاً ليُحبَّ أحدهم ولكنه قد يحتاج إلى العمر كلـه كي ينسى أحدهم ، وما الصديق المشترك الأستاذ عزيز السيد جاسم ولطفي الخياط واحمد فياض المفرجي وخالد حبيب الراوي وسركون بولص و غازي العبادي و.. و.. إلا مثالاً .. اليس كذلك أبا حيدر ؟ أنه لم يصرف أيامه بلا حب .. لأن ذلك يعني له العيش في حياة بلا رونق وهرق العمر بلا مسرة .. اعتداده بنفسه واضح عند محبيه ، لكنه لم يصل إلى حد الغرور.. والرواية عنده ليس سلعة تباع ولا سوقاً للحظوة ، بل هي قبل كل شيء عاطفة تلبس الحروف وشعور يروي حديث الهاجس البعيد.. والصديق عبد الرحمن الربيعي (طفل كبير) ينطبق عليه ما قاله " هنري ماتيس " وهو في الثمانين من عمره ، عندما وجده بعض معارفه يلعب مع الأطفال والحمام أمام كنيسة " مونمارتر" في باريس وقالوا له : كيف تلعب مع الأطفال وتقف بينهم ترسم الحمام والأطفال يلعبون بها ، فقال هنري ماتيس : أتمنى أن أعيش بقلب طفل وعقل رجل.
بعد سنوات طويلة على معرفتي به ، لم أحسه يوماً إلا وطني المنبت ، قومي الجذور ، إنساني العاطفة .. له حضوره الوطني والقومي والعالمي .. عاش غربته الطويلة في تونس وهو يغني لوطنه .. ان همّ الربيعي ان يعبر عن الحدث الذي يخرج من ذاته ، لا الحدث الموجود خارجه ، وانتمائه لوطنه العراق ، أجمل ما فيه ويبدو ذلك جلياً من خلال أعماله التي تنطلق من المحلية الى محيطها القومي ثم الى فضائها العالمي .. وهو مؤمن بأن من لا يدرك ما حوله لن يدرك ما بعده !
أهداني روايته " الوشم " في عام 1972 بعبارة ظلت محفورة في ذهني .. وكنتُ أسعد عند إطلاع أصدقائي وأبنائي عليها .. وكانت تحدوني الرغبة لإيرادها مع هذا الاستذكار لكن الخشية من تفسير لا أود سماعه .. منعني !
شخوص الماضي في ذاكرة الربيعي
قرأت معظم ما كتبه ، عدا ما لم أستطع الحصول عليه لا سيما التي تتحدث عن فترات العمل في ستينيات القرن المنصرم واستذكاره لأصدقاء مشتركين ، فلاحظت مدى تكامل تلك الكتابات مع المضمون .. فلكل عنصر فيها مدلول أنساني .. ورواياته غنية المعاني وعميقة الدلالات ، شيقة الأحداث ... هي تجارب وسجل ذاكرة ... وهو لم يتدثر بعباءة غيره ، وهنا لا أريد ان أكون ناقداً لإبداع الربيعي ، فهذا الرجل المتميز في عطائه وغزارة إنتاجه ، ظلت تجربته موّارة بالحياة ، رافلة بالبساطة والعفوية والعمق ، أنها من النوع السهل الممتنع ، مما أغرى العديد من كتًاب الرواية العرب على تقليدها ، لكنها ظلت عصية على التقليد ..كونها وثيقة الصلة بجذور الحياة المتجددة أبداً وبصولات الفكر الإنساني الذي لا يهدأ..
قرأت للربيعي تصريحاً ، اثر صدور كتابه ( أية حياة هي ؟ ) قال فيه انه كان حكّاء وأنه لم يرو سيرة آخرين بل سيرته هو ، وليقبل عتبي على شكل تساؤل بريء دون ان يغفل ان العتب دليل محبة : اين خالد الحلي وعبد الرحيم العزاوي وطارق الصيدلي و عبد الرحمن طهمازي وسجاد الغازي إبراهيم الزبيدي وبهنام ميخائيل وحميد المطبعي ومجلته " الكلمة" ومحمد هاشم ابو جعفر، الذي لوحده يصلح لمشروع كتابة عمل روائي ..و..و من ذاكرتك وسيرتك صديقي العزيز ؟ سيما انك خلقت من نكران ذات ومن تراب المحبة الطهور وجبلت بماء الورد... ارجو ان يكون لما ذكرت مثابة لعملك اللاحق رغم ان الصديق عبد الستار ناصر قال في مقال له نشرته " الزمان " ( لم يبق من شيء من عالم الربيعي المتشعب إلا وكتبه ومن صندوقه المحشو بالأسرار إلا وفتحه، وما من زقاق أو شارع أو محلة أو مقهي أو حانة أو مطعم الا دخل اليه وجاء علي ذكره في بغداد كان ذلك أو في بيروت، ودائماً مع هذا الصديق أو ذلك المحب) وأضيف لما أشار اليه ناصر، بالقول ان الذاكرة هي الجسر الممدود عبر الزمن ، تنهل من ماضينا لكي نثري حاضرنا ، فلا ينبغي علينا السماح لها بالدوران حول ما تشتهي وتبتعد عن غير ذلك
والحق أقول ، ان جميع أعمال الربيعي التي اطلعت عليها ، رواية وشعراً ودراسة ، تتمتع بقدرة مدهشة على إثارة الأسئلة وإبقائها معلقة في الهواء ، تبحث دون جدوى عن مفاتيحها وإجاباتها ، وتلك ميزة لم يحصل عليها إلا قلة قليلة ، فكتاباته لؤلؤاً لا يخالطه الحصى !
والربيعي الذي أراه ألان بعين الستينيات، كان يتصرف بنفس الطريقة التي يفكر بها بمعنى أنه لم يتناقض ابداً .. وأظنه يتذكر كيف تحول الاهتمام عن صفحته الثقافية في " الأنباء الجديدة " الى صفحات جريدة " أبناء النور" الأسبوعية ، مما دعاه لنشر نتاجات شعراء وأدباء لم يكونوا على المستوى المطلوب ، لكن مكانة صفحته عادت الى الصدارة والاهتمام من جديد ، بجده ومثابرته ولديّ أعداد من هذه الصحيفة وتلك ، تبين ما ذهبت اليه .. وفي هذه الجزئية ، أتذكر تكليفي من قبل الرائد الصحفي شاكر علي التكريتي وهو مدير تحرير صحيفة " العرب" اليومية التي كنت أعمل فيها لدعوة الربيعي للأشراف على الصفحة الثقافية في الصحيفة ، غير إنني لم أقم بالمهمة كون الصفحة المذكورة كان أستلمها للتو الصديق عمران القيسي ( الناقد التشكيلي المعروف المقيم حالياً في بيروت ) بعد ان تركها الصديق (ابو لقاء) إبراهيم الزبيدي وما كنت أظن ان أخي عبد الرحمن سيعتذر من هذا التكليف لو عرف به لا سيما ان له مساهمات في الصفحة أيام صديق الزمن الجميل الزبيدي . ومجلدات هذه الصحيفة ، المدرسة ،موجودة بالكامل لديّ ، ناهيك ان العمل في صحيفة يومية لها ثقلها في صحافة الستينيات خير من العمل في صحيفة أسبوعية !
وما أود الإشارة إليه هنا ...أن صديقي الربيعي ربما يعتقد ان تلك المرحلة من سلم بداياته لا تستحق الذكر ، لكني أقول ان السطح لا يمكن بلوغه لولا مساطر السلالم الأولى .. أليس كذلك ؟ فلم يكن الواحد منا ، كما هو الآن ، ولم يهبط احدنا من كوكب " الشهرة " في مظلة من صنع القدر ... فالبداية هي مهماز كل شيء ولا من عيب أن ذكرالبدايات مهما كانت صغيرة طالما أصبح المرء شأناً عاماً ، وأرى ان الشجاعة ليست مجرد ميزة إنسانية بل حاجة ضرورية .
ورحم الله الشاعر العالمي الكبير رسول حمزا توف الذي قال كلمته الشهيرة ( إذا أطلقت رصاص مسدسك على الماضي ، أطلق المستقبل عليك مدافعه ) وحفظ الله الربيعي من مدافع الغد !
ان " إطراف حديث " الصديق مجيد السامرائي .. تصلح مادة ثرية لكتاب آمل من زملائنا في " الشرقية " السعي لإصداره .. فالسامرائي يبدأ حواراته بهدوء وعندما تمضي الدقائق يتحول الى حوار عاصف فيحلوا عندئذ السماع والمشاهدة ... وهذا سر نجاح البرنامج ، حيث يعتمد على الغمزة المحببة واللمحة الخاطفة والمغزى الجميل .. ينتقل بمشاهده الى غصن بعد ان يودع شجرة ويذهب الى ينبوع بعد ان يشرب من ماء النهر ... انه برنامج شبيه بالحب والعطر لا يمكنه ...الاختباء ..!
أخي عبد الرحمن ... سعيد بك وبتواصل أبداعك .. وآمل ان يمد بنا العمر لنقرأ كتابك الرقم ( 50 ) بأذنه تعالى ولا تنسى شهود البداية .. لا تنس!

قديم 11-26-2011, 11:49 AM
المشاركة 77
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
من ورشة عمل في مجال القصة اقيمت في المغرب عام 2009 :

من هو عبد الرحمن مجيد الربيعي؟
إنه كاتب عراقي وفنان تشكيلي. ولد سنة1942 بالناصرية جنوبالعراق. بدأ الكتابة فيالعشرينات من عمره، وذلك سنة1962 بقصة"الخدر"، ومجموعة قصصيةبعنوان"السيف والسفينة" سنة1966، تلتها رواية"الوشم" ثم"وجوهمرت" مجموعة بورتريهاتعراقية.
كانت أول زيارة لهبالمغرب سنة 1976، حيث تمكن من ربطعلاقات مع أدباء مغاربة من خلال قراءته لهم، فقد كان يجمعهم قاسم مشترك وهموم واحدةتتجلى في التوحد واقتراب القصاصين والروائيين من بعضهم البعض، وسحق حدود التقوقعوالقطرية، من أجل الانفتاح على الآخر، خدمة لتطوير الجنس القصصيالمحبوب. لم يكن جيل الستيناتقطريا، وإنما يكاد يكون عربيا، فكل الذين كتبوا في تلك الفترة كانوا متقاربين فيأعمارهم وهمومهم، ومعاناتهم من أجل طرح تجاربهم، التي كانت تئن تحت ثقل الرقابةالاجتماعية من جهة، ورقابة النقد الماركسي من جهة ثانية.
ماهي الروافد التي استقى منها الربيعي تجربته، وما هيالمؤثرات التي طبعت كتابته؟
حدثنا الربيعي قال:"الكتابات الأولىكانت كتابات تجريبية، لأننا أردنا أن نصل بها إلى نتائج معينة.. كانت أشبه ما يكونبمن يدخل إلى مختبر ويبدأ بالتركيب ليصل إلى نتائج متوخاة، ربما يكون النص الذينكتبه لا يحقق ما نريد، لكن إنصافا لهذا النص أنه حرك الماء الراكد، وعمد إلى تكسيرالوجود وتعرية واقع ليس واضحا تماما.
ويبدو لي أن كل كاتب انتمى إلى التجريب، أنه كان متأثرابمنطلقات جاء منها للكتابة، هناك من أتى من الرياضيات أو العلوم أو السينما أوالمسرح، أما أنا فقد جئت إلى الكتابة من الفنون التشكيلية، وكنت منبهرا بالسرياليةالتي كانت طاغية على الرسم العالمي، وبدأت أتساءل عن وعي كيف يمكن أن أكتب بطريقةسريالية من وحي ما أراه من لوحات تشكيلية؟ أعجبت أيضا بالكولاج، اللصق أيضا كانحاضرا في الفن التشكيلي العراقي، فحملت بعض قصصي هذه الخاصية بينثناياها . وأعترف أن لي قصصالم تخضع لتأثيرات خارجية.."
يقول إن أغلب مجايليه تأثروا بالروايات والقصص الروسية،التي كانت تصدر عن دار اليقظة بدمشق وتوزع عبر العالم العربي، فتشيخوف مثلا أثر فيكتابات كثير من الكتاب العرب
. إلا أن مجيد الربيعيتساءل مبكرا حول الذات والهوية، ولم يكن يريد أن يلحق اسمه بالآخر على حدتعبيره: لماذا لا نحاول أننكتب قصصنا؟ لأننا نريد أن نمنح للقصة هوية عربية، سماها في أحدالشهادات: بحثا عن قصةأخرى...

ما هي الأسس التي تقوم عليها نظرية الربيعي فيالقصة؟
من خلال ما سبق، إن الربيعي كان يحمل هم التأسيس لقصةمغايرة، قصة ذات سمات وملامح وهوية عربية. كان يحاول وجيلالستينات تكسير الحدود الجغرافية، والتقوقعات القطرية، لخلق خطاب بجغرافية اللغةالعربية. فكبر الطموح عندماكثرت المجلات التي تصدر في البلدان الأخرى(مصر)، وبدأوا يبحثون عنمنافذ أخرى، حتى لا تبقى النصوص رهينة الوسط والضغط القبلي للكتابة، كماأسماه. كان يريد للنص أنيفرض حضوره، رغما عن مسطرة النقد الماركسي التي كانت تخضع العمل الإبداعي للنظريةأكثر مما تخضعه للقيمة الإبداعية التي يحملها، في حين كان الربيعي يريد لنصوصه أنتكون ابنة الواقع شاهدة عليه، رافضا شحنها بالشعارات..
هذه الرقابة جعلت بعض الكتاب والشعراء يكتبون خارج البلد،بحثا عن هواء نقي للأدب.
في الذات الكاتبة، الكاتب القاص رقيب على الكاتبالروائي
رغم أن الربيعي تحدث عن انهيار الحدود الفاصلة بين الأجناسالأدبية، التي بدأت تشهد تداخلا مهما، ولم يعد هناك جنس مستقل عن الآخر، فإنه مازال يتشبث بالقصة القصيرة بوصفها جنسا مميزا، بحيث يجعل منها أصل الكتابة السردية،فليست القصة القصيرة جدا في الأصل سوى قصة قصيرة لكنها أكثر تكثيفا واختزالاواقتصادا في اللغة، وإن أصل الرواية أيضا قصة قصيرة لكنها أكثر فضفضة، وثرثرة لغويةبحيث أنها تستطيع أن تستوعب المسرح والقصيدة والمقالة، وتتوسع في الشخصيات والأحداثوما إلى ذلك.. ورغم ذلك، فالقصة لاتعتبر عتبة للرواية، وهو ليس مع الرأي القائل إن القصة القصيرة قنطرة للمرور إلىالرواية. وكاتب القصة يكونأكثر توترا وخشية وانفعالا، أما الروائي فيكتب باسترخاء..
وبما أن القاص فيه يراقب الروائي، فإنه، حينما كتب رواية"الوشم"، تدخل الكاتبالقاص، فحذف ما يقارب ثلثيها، تحت تأثير الإحساس الفني الذي يمتلكه القاص، لأنهيعيش هاجس الكاتب القاص وليس كاتب الرواية.

قديم 11-26-2011, 12:16 PM
المشاركة 78
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
عبد الرحمن مجيد الربيعي: لا نجد اليومغير ركام من القول المعاد!
الروائي العراقي: مهرجانات العراق زمن العهد السابق كانت مساحة لقاء بين أدباء العربية.. ولم تكن سلبية مائة في المائة

تونس: حسونة المصباحي
يقيم الروائي العراقي عبد الرحمن مجيد الربيعي في تونس منذ سنوات طويلة. فقد اتخذها مقرا له بعد رحلة في العمل الابداعي والاداري الحكومي بين بغداد وبيروت. وللربيعي، مواقف كثيرة في الشأن العراقي، ماضيا وراهنا، فضلا عن آرائه في رموز الحركة الثقافية العراقية.

في هذا الحوار معه تحدث الربيعي عن موقعه في الرواية العراقية والعربية، وعن سيرته الثقافية والادارية، وعن الحياة الثقافية في تونس وفي المغرب العربي بصفة عامة.

* عملت فترة مع النظام العراقي السابق، ثم استقلت من عملك بناء على رغبتك ـ كما علمنا ـ ومن ثم غادرت العراق لتقيم في تونس منذ عام 1989 وتكوّن لك اسرة فيها. فلماذا غادرت؟

ـ في اوائل السبعينات كان الوضع السياسي في العراق مختلفا عما هو عليه في العقدين الاخيرين من القرن الماضي، خاصة العقد الاخير. كان هناك توجه مخلص من قبل بعض قادة حزب البعث الذين يثق بهم الناس بما في ذلك خصومهم التقليديون (الشيوعيون) مثل الراحل عبد الخالق السامرائي وصلاح عمر العلي وغيرهما، كما ان من تولوا مسؤولية وكيل وزارة الثقافة والاعلام كلهم من الشعراء مثل الراحل شاذل طاقة والدكتور زكي الجابر الذي غادر الى المغرب ومن ثم الى اميركا، ولا انسى هنا بعض الشعراء الذين شغلوا منصب مدير عام في الوزارة مثل الشاعر علي الحلي. كنت اعرف هؤلاء بأشخاصهم، وارتبطت مع بعضهم بصداقات، خاصة في فترة 1964 ـ 1968 يوم كان حزب البعث خارج الحكم وكان اعضاؤه مطاردين ومطلوبين، كما ان الحزب نفسه كان منشقا الى جناحين اليساري وقيادته في سورية واليميني التابع لقيادة ميشيل عفلق او جماعة القيادة القومية ـ كما يسمّون.
عرفت ببغداد عددا كبيرا منهم وعن طريق بعض اقرب اصدقائي الذين كانت لهم علاقة بحزب البعث مثل لطفي الخياط، جليل العطية، طه ياسين العلي، عبد اللطيف السعدون، ابراهيم الزبيدي وغيرهم. ويوم تسلم البعثيون الحكم للمرة الثانية في 30/17 يوليو (تموز) 1968 كان عددهم قليلا جدا بحيث لا يستطيعون ادارة اجهزة دولة. وعلى حد علمي كان معظم الادباء البعثيين شأنهم شأن معظم الشيوعيين قد قدموا براءات ونشروها في الصحف وربما كان الشاعر حميد سعيد الوحيد الذي له صلة حزبية قبيل انقلاب تموز 1968 وقد ابعد سياسيا الى مدينة السليمانية. وكان الابعاد معمولا به وقتذاك. كنت قد عينت مدرسا للرسم في اعدادية الاعظمية ببغداد عند تخرجي في كلية الفنون الجميلة 1968 ـ 1969 ووقتها كنت على صلة (ليست تنظيمية) بزملاء لي عملوا مع القيادة المركزية المنشقة عن الحزب الشيوعي. اذكر منهم صبري طعمة وابراهيم زاير وآخرين. وكنت اتابع كل منشورات الحزب واتابع حركته في اهوار الجنوب المسلحة (وردت الاحداث في روايتي «الأنهار»)، لكن علاقتي كانت قوية ايضا ببعض زملائي البعثيين، خاصة في الكلية. وكنت احاول حل الكثير من الاشكالات التي تحصل في الكلية لا سيما ان البعثيين قد تسلموا الحكم.
كان الدكتور زكي الجابر وكيلا لوزارة الثقافة وكانت الوزارة بحاجة الى كوادر من الادباء، ولم اجد صعوبة في الانتقال اليها لا سيما ان الوزير كان صلاح عمر العلي الذي ابعد من تكريت الى الناصرية في الستينات وترك وراءه علاقات طيبة في المدينة.
ولقد جئنا مدفوعين بالامل لأن ننجز ما حلمنا به. ولم يمض وقت حتى تسلمت مسؤولية مجلة (الأقلام)، وكما تعلم ويعلم اهل الادب انني بذلت جهودا مضاعفة من اجل ان تكون هذه المجلة قبلة للادباء الشباب وفتحناها ـ وبالمكاتبة المباشرة ـ لأسماء ادبية عربية. كان العراق يعيش وقتها فترة وئام وانضمت بعض الاحزاب للحكومة، ولكن هذا الامر لم يبق على ما هو عليه. وانفرط عقد الائتلاف الحكومي، وبدأت هجرة الشيوعيين ومناصريهم شبه الجماعية الى البلدان الاشتراكية واليمن الجنوبية (قبل ان تعود وتتوحد مع اليمن الشمالي)، وانعكس هذا حتى على وضع الثقافة، خاصة عندما جيء بقاص متواضع الموهبة هو المرحوم موفق خضر الذي لم يكن يحلم ان يكون مديرا فصار مديرا عاما بوساطة من زوج اخته هاني وهيب السكرتير الصحافي للرئيس السابق (وقتها كان نائبا للرئيس). وتصرف من موقعه بطريقة هي اشبه بتصفية الحسابات. وكان ذلك اول اصطدام شخصي مع المؤسسة الثقافية الرسمية، حيث حملت اوراقي وقصدت بيتي وقررت ان لا اعود للعمل، ودام هذا عدة ايام، وكان الشاعر سامي مهدي المكلف بمهمة حل الاشكال الذي انا فيه (وقد فكرت جديا بالمغادرة)، وأكدت للشاعر سامي مهدي انني لن اعود ابدا للعمل مع موفق خضر، ثم فصلت وزارة الثقافة والاعلام الى وزارتين، وتدخل الشاعر علي الحلي لنقلي لوزارة الاعلام، كما كان الحلي وراء تعييني في بيروت وما دمت لست عضوا في الحزب الحاكم فإن منصبي الرسمي سيكون مسبوقا بكلمة (م) اي (معاون). وهكذا صرت معاون مدير مركز. اما المدير فهو المستشار الصحافي الصديق سيف الدوري الذي سينضم مع شقيقه الكبير للمعارضة.
كانوا بحاجة الى كوادر، ليس لديهم الا مجموعة قليلة من الذين يصلحون لمهمة ثقافية وفي لبنان بالذات الذي كان وقتها ساحة حرب، ولم يفكر احد اطلاقا بالعمل فيه.
ومع هذا قبلت، قالي لي د. خالد حبيب الراوي: «انك تنتحر بالذهاب الى بيروت في هذا الوقت»، فكان جوابي له: وبقائي هنا أليس انتحارا؟ كانت فترة لبنان رغم كل ما فيها مهمة بالنسبة لي، فأنا في بلد احبه، ولي فيه صداقات، وسبق ان نشرت عددا من كتبي فيه.واصبح المركز قبلة المثقفين، وجئنا بعدد كبير من الادباء والفنانين واستضفناهم مثل الشاعر الرائد عبد الوهاب البياتي والروائي المعروف جبرا ابراهيم جبرا، والتشكيلي المتميز شاكر حسن آل سعيد اضافة الى الفنانين المعروفين في مجال الموسيقى مثل سلمان شكر ومنير بشير وسالم حسين. كما نقلنا معرض البوستر (الملصقات) العالمي وعرضناه في المركز، ومن المفارقات ان الصفحات السياسية في بعض الجرائد ـ خاصة بعد قيام الثورة الايرانية وكنت في بيروت وقتها ـ كانت تهاجم العراق ونظامه بينما كان المديح يتوالى للمركز الثقافي والدور الذي يقوم به في الصفحات الثقافية.
اما ذهابي من بيروت الى تونس فله حكاية، اذ انني كنت في زيارة لبغداد ونبهني احد الموظفين المخضرمين بأنني عملت في منطقة خطرة ووفقا للقانون بامكانك ان تطلب النقل الى بلد آمن لا مشاكل فيه.

وقدحت الفكرة في رأسي، ودخلت على المدير العام وكان وقتها حسن طوالبة (وهو اردني الجنسية)، فأكد لي ما سمعته، ولكنه اقترح عليّ ان افاتح الوزير بالامر، ولم تكن اماكن شاغرة الا في ثلاثة بلدان هي تونس وروما وانقرة، واجبت على الفور: تونس. اذ انني اعرف تونس ولي فيها صداقات، واحب اهلها ومناخها، وهذا ما كان لي، ذهبت الى بيروت لأحمل حقائبي متوجها عن طريق قبرص الى تونس. كان هذا عام 1980. وكانت اقامتي اكثر من رائعة، لكن ما لم يكن يعرفه الاصدقاء التونسيون انني كنت اتعرض لمضايقات من قبل السفارة، وبعض موظفيها كانوا يدبجون التقارير الكاذبة عن حياتي الشخصية، كما ان المستشار الصحافي وقتذاك هو شاعر واعني به محمد راضي جعفر كنت له اشبه بالكابوس، وذات يوم جاء امر نقلي لبغداد، وعندما كلمت الوزارة قالوا لي امامك خيار آخر ان ترجع لبيروت لأن مكانك شاغر فيها ولم يقبل احد بالذهاب خوفا من الاحتراب، ومن جديد فضلت بيروت على العودة الى بغداد التي كانت غاطسة في الحرب الدامية مع ايران، ولم يكن هناك من فكاك في ان تتهرب من الجيش الشعبي الذي شمل كل اصدقائي الذين بقوا هناك، وكنت شخصيا لا أؤمن بالحرب واستطيع القول انني من القلة الذين لم يكتبوا سطرا من اجلها، حتى ان الشاعر سامي مهدي قد اخبرني ذات يوم: ان هناك ملاحظة مسجلة عليك هي انك لم تكتب عن الحرب بينما اصدقاؤك كلهم كتبوا وعايشوا الجنود في جبهات القتال. ثم عدت لبغداد، ورغم انني لم يسىء اليّ احد الا ان المرء يعيش خائفا وهو لا يدري لماذا.
اسمع عن اناس غيبوا لمجرد نطقهم بكلمة، اكتشفت كأنني امام عراق آخر، حتى الناس تغيروا، كما ان كتبة التقارير كانوا يعيشون مرحلة الازدهار، ويتصيدون الكلام من الافواه، وربما كانت اكبر مفاجأة لوزير الثقافة والاعلام عندما طلبت منه احالتي على التقاعد المبكر، ولم يصدق، وترك لي فرصة ثلاثة ايام للتفكير، ولكنني كنت مصرا، قراري لا رجعة فيه، كان هذا عام 1987 وعشت عاما وبضعة اشهر في حالة متردية على كل المستويات لولا وقوف بعض الاصدقاء معي، سواء من اللبنانيين المقيمين في العراق او من العراقيين.

وعندما سنحت لي فرصة للسفر اتخذت قراري بأن لا ارجع ثانية حتى يتغير الوضع الى ما هو احسن وكنت استبعد هذا. ومرت السنوات وقد تردى الوضع وجاء زمن الاحتلال بكل مساوئه وجرائمه وما يشكل من اهانة لشعب عريق، معتمدا على نفر من ابنائه مع الأسف المر.

* ما هو الدور الذي على المثقفين ان يلعبوه في هذه المرحلة الحرجة من تاريخ العراق؟
ـ عليهم ان ينسوا الخطاب القديم، الديكتاتورية والمقابر الجماعية وما شابه، فذاك عهد مضى واذا ما اقيمت محاكم وطنية مستقلة ونزيهة ستبت في كل شيء، لأن الوضع العراقي ما زال فيه غموض كثير، وكل يوم تتكشف فيه وقائع لا يكاد المرء يصدقها، سواء في فترة الحكم السابق او بالنسبة لمن عيّنهم الاحتلال! لا بد من ان تتضح الامور. اما المطلوب من المثقفين العرب فهو ان يعملوا على ان يحافظ العراقيون على وحدتهم الترابية وان لا يسمحوا لمنطق العرقية والطائفية بأن يسود، كما عليهم ان يجعلوا همهم الاول ازاحة الاحتلال الكريه الذي يشكل وجوده بهذه الكثافة اهانة لكل العرب، وعليهم ان لا يسمحوا بتكرار السيناريو العراقي الاجتياحي في اي بلد.

قديم 11-26-2011, 12:17 PM
المشاركة 79
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
عبد الرحمن مجيد الربيعي


محمد نوري قادر
الحوار المتمدن - العدد: 3526 - 2011 / 10 / 25 - 16:58
المحور: الادب والفن
راسلوا الكاتب-ة مباشرة حول الموضوع

زنبقة أزهرت بجوار الزقورة تحمل أريج كلكامش مزهوّة بأناشيد المعبد وشاهدة على المرارة الحية تغازل أحشائنا وتقول ما نريد قوله , تصفعنا بالبهاء ونستلقي في رحابها , نستفيء ظلها في كل المواسم وهي ترتل ما تشاهده في قصص رائعة ملك العبير جوفها فنثرته كما تحب وكما هو في أجمل صورة , ذلك هو الروائي والقاص عبد الرحمن مجيد الربيعي فمه الفرات وأنفاسه دجلة تتعانق في أكثر المنحدرات خصوبة , فملأ اسمه الأصقاع أحب الفن منذ صباه فتغلغل في أعماقه وأصبح مبتغاه درّس الفن التشكيلي في مسقط رأسه عاشقا له وان تركه لكنه بقي في أحشائه يحترق قصائد وقصص مستغرقا بالتفاصيل وما يخط قلمه ليصبح وهجا آخر ينتشر بمساحة اكبر, يرى الأشياء كما هي بلا زيف أو تطفل أو غاية , يفيض موّدة وعشقا أزلي للوطن كما هو السومري الأصيل الذي يتربع عرشه مزهوا بإرث ملأ شذاه الكون محلقا في فضائه الواسعة , ويبحر في زورق جميل إذا تعبت جناحيه عن التحليق ,إكليله الصدق يتأمل عمق التاريخ الراهن في الواقع وفي عمق الأسطورة بعيدا عن الهذيان المسترسل الذي لا يطابق أفكاره وحمله الذي يراوده في سلوك رضعه من ترابه فأصبح مادته المطابقة لأفكاره , محلقا عاليا فوق المدن التي خفق جناحه فيها والتي يراها كأنها امرأة فاتنة , رافضا ما يغريه كما هو شأنه دائما وما أوقع الكثيرين غيره فيها , وممتعضا بنفس الوقت من أسماء لا علاقة لها بالإبداع ممن يمتهنون حرفة الكتابة
يرى المدن كأنها النساء ويعشقها كأنها هي وما يجعلها تعيش معه وذلك ما جعله مغتربا ويعود إليها عاشقا وكما رسمه قدره , فهو كالنورس لا يحب إلا شواطئه ولم يفكر في الذهاب بعيدا كما يحلم الآخرين لا خوفا من الضياع وإنما حبا أن تقرأ أعماله بلغة ترابه وما يصدح فيها مزماره
يؤلمه حد الوجع ما يراه قد طفح من البثور التي تحمل القيح وتثير الريبة في نفوس المعنيين في الأدب ممن يراه قد فقد بعض عطره عند المتطفلين عليه يشاركه آرائه كثير من الأدباء والنقاد كما يختلف معه الكثير , متواضعا كبيئته التي نشأ فيها وترعرع , صادقا وجريئا وهو ما أحب إلى نفسي وما يحبه المرء في كل مكان يجد نفسه فيه
هو من جيل الستينات عاصر الكثير من الأدباء أمثال السياب ونازك الملائكة وسعدي يوسف وعبد الوهاب البياتي وغيرهم , خط لنفسه طريقا وحرفا يمتاز به ليكون هو غير مقلد لأحد رغم ما عاشه الإنسان أو بالأحرى جيله من تداعيات مستعينا بفنه مجسدا روح المخاطرة فيه رافضا أن يكون تقليديا كما أراده الزمن الذي يعيش فيه فحمل الفن مركبه وسار كما أراد بخطى ثابتة يجوب هذا البحر الشاسع والأمواج التي تلاطمه ينشد ما تعزف أنامله ,حيث بدأ مساره الفني والفعلي بالقصة القصيرة رغم انه نشر في مجلة أشعار قصائده الأولى عام 1962 مثابرا على تأكيد وترسيخ ما يقدم من أعماله القصصية وهو يجسد ما هو شخصي وما هو عام وما هو حاضرا وما هو دائم متنقلا في خط رائع من الجزئي إلى الشمولي ومما يدعوا النظر بعين ثاقبة وما يتلمسه من واقع يعيشه , ينقل أفكاره بوضوح كما هي حياته اليومية وعليه يمكن القول إن شخصيات الربيعي واضحة جدا وتعيش حاضرها كما هو ومنغمسة فيه ومستقبلها جزء لا يتجزأ من الحاضر لأنها تعيش فيه دمث الخلق منتميا إلى وطنه بكل جوانحه , حاضرا دائما , محب للناس ومحب لمدينته فهو دائم العطاء رغم الغربة حيث أهدى أكثر من ألف كتاب إلى مكتبتها المركزية حسب شهادة العاملين فيها , له حضوره الوطني والقومي والعالمي ومؤمنا بما يعبر عنه وما يخرج من ذاته , ملتصقا بما يدور حوله , كل كتاباته لها مضمون متكامل وكل عنصر فيها له فعله الإنساني , كل قصصه شيقة الحدث وهي سجل زاخر بالأحداث والذكريات والمعاني سببها الرئيسي الصلة الوثيقة مع الجذور الراسخة والمتوهجة حبا, كما يتمتع بقدرة هائلة على إثارة الأسئلة تبحث بلا كلل عن أجوبة وهي ميزة لا يشاركه فيها احد فيما يبوح من أصالة ونقاء متميزا في عطائه بسيطا في عفويته وعميق المعنى ومتجددا ولم يتبع بخطواته احد , ينفث ما يغازل روحة في قصصه ورواياته شعرا من خلال الصور التي تتوهج في مشاعره ومشاعر الإنسان فتخلق تواصلا حميميا بينهم , فهو بحق رائد من رواد القصة في العراق , كتاباته الزاخرة مبنية على أسس وقواعد فنية تعالج الواقع وتتفاعل معه وتسبر غوره , مسكون في وميض الحرف اللامحدود ممتزجا بالنغم والإيقاع الذي يصاحبه وما يرقص ذاته وما يحيط حوله مع الآخرين وقد قال عنه صديقه عبد الستار ناصر في مقال نشرته الزمان ( لم يبق من شيء من عالم الربيعي المتشعب إلا وكتبه ومن صندوقه المحشو بالأسرار إلا وفتحه، وما من زقاق أو شارع أو محلة أو مقهي أو حانة أو مطعم الا دخل اليه وجاء على ذكره في بغداد كان ذلك أو في بيروت، ودائماً مع هذا الصديق أو ذلك المحب)
كما توجد أيضا شهادات عديدة هامة بحقه بصمها أدباء مثل نجيب محفوظ وآخرين من مختلف الدول العربية كما هي الشهادات بحقه في وطنه الام العراق وهي تتحدث عن إبداعه وتفوقه.
يقول عن نفسه
*عندما أكتب لا أضع أي محذور أمامي

* أنا من الكتاب الخارجين على التبويب تحت عناوين معينة والمنتمين إلى أنفسهم وإلى همومهم.

* هناك دائما ما هو صعب وعصي في شخصي، وهذا لم يعرفه إلا أولئك الذين عايشوني عن قرب
ذلك هو ما تعطرت به من أريج هذا الشامخ الذي عاش هنا ولم يزل بيننا


قديم 11-26-2011, 12:17 PM
المشاركة 80
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
عبد الرحمن مجيد الرُّبيعي
1939م-

ولد الروائي والقصصي عبد الرحمن الربيعي في الناصرة بالعراق. تعلم في مدرسة الملك فيصل بالناصرية فالمتوسطة بالناصرية أيضاً. دخل معهد الفنون الجميلة ببغداد، فأكاديمية الفنون الجميلة وحمل إجازة جامعية في الفنون التشكيلية.

مارس التدريس والصحافة والعمل الدبلوماسي في لبنان وتونس. فكان المستشار الصحفي العراقي في بيروت بين 1983 و1985. عضو في اتحاد الكتاب العراقيين ونقابة الصحفيين في العراق وجمعية الفنانين التشكيليين بالعراق. درّس الفن في مدارس الناصرية.

ينحدر الربيعي من عائلة، أو كما يحلو له أن يقول قبيلة فلاحية شأنها شأن العديد من عائلات الجنوب العراقي. فعائلته سكنت وما زالت تسكن في قرية أبو هاون وهي من بين القرى المتوزعة في الجنوب على امتداد نهر الغراف المتفرع من دجلة عند مدينة الكوت.

اتجه الربيعي نحو العمل الصحفي والتأليف أكثر مما اهتم بالرسم والفن التشكيلي الذي ظل على ما يبدو هواية عنده أكثر من احتراف. كتب قصصا وروايات تقارب العشرين وألف شعراً وأصدر دراسات.

من مؤلفاته القصصية: السيف والسفينة 1966، الظل في الرأس 1968، وجوه من رحلة التعب 1974، ذاكرة المدينة 1975، الأفواه 1979، نار لشتاء قلب 1986. وله في الرواية: الوشم 1972، الأنهار 1974، القمر والأسوار 1976، الوكر 1980، خطوط الطول وخطوط العرض 1983. وفي الدراسات: الشاطئ الجديد: قراءة في كتابة القصة، أصوات وخطوات 1984. وفي الشعر: للحب والمستحيل 1983، شهريار يبحر 1985، امرأة لكل الأعوام 1985، علامات على خارطة القلب 1987.


مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 33 ( الأعضاء 0 والزوار 33)
 
أدوات الموضوع

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: أفضل مئة رواية عربية – سر الروعة فيها؟؟؟!!!- دراسة بحثية.
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
أعظم 50 عبقري عبر التاريخ : ما سر هذه العبقرية؟ دراسة بحثية ايوب صابر منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 62 05-16-2021 01:36 PM
هل تولد الحياة من رحم الموت؟؟؟ دراسة بحثية ايوب صابر منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 2483 09-23-2019 02:12 PM
ما سر "الروعة" في افضل مائة رواية عالمية؟ دراسة بحثية ايوب صابر منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 523 09-09-2018 03:59 PM
اعظم 100 كتاب في التاريخ: ما سر هذه العظمة؟- دراسة بحثية ايوب صابر منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 413 12-09-2015 01:15 PM
القديسون واليتم: ما نسبة الايتام من بين القديسين؟ دراسة بحثية ايوب صابر منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 18 08-22-2012 12:25 PM

الساعة الآن 01:45 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.