قديم 04-11-2012, 08:27 PM
المشاركة 21
أمل محمد
مشرفة سابقة من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
عصمته من القتل



ومما جاء في القرآن الكريم من معجزاته صلى الله عليه وسلم، عصمته صلى الله عليه وسلم من القتل، فلم يستطع أحد أن يخلص إليه صلى الله عليه وسلم ويقتله، على الرغم من شدة عداء الكفار له، وحرصهم الشديد على قتله.
لقد تفانى الكفار في معاداته، وبذلوا كل السبل في قتله صلى الله عليه وسلم، فجمعوا الجموع لقتله، وبذلوا كل الأسباب للقضاء عليه، وجيشوا الجيوش من أجل القضاء عليه، والقضاء على دعوته، فما استطاع الكفر أن يصل إلى مراده، وعصم الله رسوله، وأعز سبحانه وتعالى دينه.


يقول الله تعالى : { يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس إن الله لا يهدي القوم الكافرين } [ المائدة : 67 ] .

ويقول سبحانه : { إلا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا فأنزل الله سكينته عليه وأيده بجنود لم تروها وجعل كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الله هي العليا والله عزيز حكيم } [ التوبة :40 ] .

قديم 04-11-2012, 08:28 PM
المشاركة 22
أمل محمد
مشرفة سابقة من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي

الإسراء والمعراج


ومما أيد الله تبارك وتعالى به رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم من المعجزات ، وجاءت في القرآن الكريم، معجزة الإسراء والمعراج. فأسرى الله به صلى الله عليه وسلم ليلا من المسجد الحرام بمكة، إلى المسجد الأقصى بفلسطين، ثم عرج به إلى السماء، والتقى بالأنبياء، وكلمه ربه، وفرض عليه وعلى أمته الصلاة، وسأل صلى الله عليه وسلم ربه عز وجل التخفيف مرات، ثم عاد صلى الله عليه وسلم بعد هذا الشرف العظيم.


فلما أصبح صلى الله عليه وسلم أخبر أهل مكة، فسألوه عن كثير من العلامات والملابسات، فأيده الله تبارك وتعالى وألهمه.

يقول الله تعالى : { سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصا الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السمع البصير} [الإسراء:1]

ويقول سبحانه: { والنجم إذا هوى* ما ضل صاحبكم وما غوى* وما ينطق عن الهوى * إن هو إلا وحي يوحى* علمه شديد القوى* ذو مرة فاستوى* وهو بالأفق الأعلى * ثم دنا فتدلى* فكان قاب قوسين أو أدنى * فأوحى إلى عبده ما أوحى* ما كذب الفؤاد ما رأى* أفتمارونه على ما يرى* ولقد رآه نزلة أخرى* عند سدرة المنتهى* عندها جنة المأوى* إذ يغشى السدرة ما يغشى* ما زاغ البصر وما طغى* لقد رأى من آيات ربه الكبرى } [ النجم :1ـ18 ]

تحدثت الآية الأولى عن الإسراء، وتحدثت الآيات من سورة النجم عن المعراج، وكل ذلك من معجزاته صلى الله عليه وسلم

ولقد وضحت السنة ذلك توضيحا تام (1) أكتفى بحديث واحد (2) :

فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " لما كذبتني قريش (3) حين أسرى بي إلى بيت المقدس قمت في الحجر، فجلى الله لي بيت المقدس، فطفقت أخبرهم عن آياته، وأنا أنظر إليه" (4)


قديم 04-11-2012, 08:28 PM
المشاركة 23
أمل محمد
مشرفة سابقة من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
انشقاق القمر


يقول الله تعالى : { اقتربت الساعة وانشق القمر } [ القمر: 1 ]

وتضمنت السنة تفصيل هذه المعجزة :

فعن أنس بن مالك رضي الله عنه أن أهل مكة سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يريهم آية، فأراهم القمر شقتين، حتى رأوا حراء بينهما" (1)

قديم 04-11-2012, 08:29 PM
المشاركة 24
أمل محمد
مشرفة سابقة من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
القرآن الكريم



رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم معجزاته متعددة ومتنوعة، وأعظمها القرآن الكريم هذا الكتاب المعجز لكل جيل بما برع فيه.

فحينما كان العرب قد فاقوا في الفصاحة والبيان، تحداهم صلى الله عليه وسلم بوجه الفصاحة في القرآن الكريم، وطلب منهم أن يأتوا بمثل القرآن الكريم، وعلى الرغم من توفر الدواعي، ووجود الأسباب إلا أنهم عجزوا عجزا تاما عن الإتيان بمثل القرآن الكريم.

يقول الله تعالى : { قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا } [ الإسراء 88 ]

تحداهم أن يأتوا بمثله فعجزوا، وهم أهل الفصاحة وأساطين البيان.

فتحداهم أن يأتوا بعشر سور مثله :

يقول الله تعالى : { أم يقولون افتراه قل فأتوا بعشر سور مثله مفتريات وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين } [ هود 13 ]

لكنهم أيضا عجزوا، فتحداهم أن يأتوا بسورة واحدة.

يقول الله تعالى : { وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين * فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا فاتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة أعدت للكافرين} [ البقرة 23، 24 ]
إنه القرآن الكريم الذي قال الله فيه : { وإنه لكتاب عزيز* لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد } [ فصلت 41، 42 ]


شهد بإعجازه المشركون، وأيقن بصدقه المعاندون، واعترف بعظمته أهله وأعداؤه، ولا تزال أوجه إعجازه تظهر، وصدقه على مدى الزمان يتأكد، فحقائقه لا تزيد على طول الزمان إلا جدة، والحكماء لا يزدادون مع طول الزمن إلا احترامه وتعظيمه.

في كل جيل يظهر هذا القرآن العظيم وجها من أوجه عظمته، وفي زماننا والذي يسمى عصر الاكتشافات العلمية، بهر القرآن أهل كل تخصص في تخصصهم، إذ وجد كل دقة متناهية في تناول القضايا، وسبقا علميا في الحديث عن الحقائق.
إن القرآن الكريم معجزة فكرية عقلية، دائم خالد، تسعد بحقيقته العقول في كل زمان ومكان، ويأخذ بيد المنصفين إلى الحق، ومن هنا قال صلى الله عليه وسلم "ما من الأنبياء نبي إلا أعطى من الآيات ما مثله آمن عليه البشر، وإنما كان الذي أوتيته وحيا أوحاه الله إلى، فأرجو أن أكون أكثرهم تابعا يوم القيامة" (1).


إن القرآن ليس معجزة حسية، يؤمن بها من رآها، وإنما هو معجزة عقلية، تدعو كل الأجيال إلى الحق، ويؤمن بسببها كل منصف، ومن هنا رجا صلى الله عليه وسلم أن يؤمن بالقرآن الكثيرون .
لقد حوى القرآن الكريم الكثير من أوجه الإعجاز :


فأسلوبه العالي، والذي يشعر القارئ بأنه كلام الخالق ولابد، كلام الله الذي لا يستطيع أن يرد عليه أحد، فمن الذي يستطيع أن يرد على قوله سبحانه : { أأنتم تخلقونه أم نحن الخالقون }، من يستطيع أن يرد على قوله سبحانه: { أفرأيتم ما تحرثون * أأنتم تزرعونه أم نحن الزارعون } ، إن أحدا في أي زمان أو مكان لا يستطيع أن يرد فيقول إنه هو الذي خلق ابنه، أو هي التي خلقت ابنها، ولا يستطيع أحد أن يقول إنه هو الذيأنبت النبات أو الأشجار.

وأيضا دوام الحق، فلقد علمنا القرآن الكثير من الحقائق، ومن الإعجاز أنها حق على طول الزمان، وفي كل مكان، الكل يعترف بصدق حقائقه، بل وجاء العلم فاكتشف الكثير من الحقائق حينما سار في نهج القرآن الكريم.
فمن ذا الذي يعارض القرآن في أي حقيقة ؟ لا أحد يستطيع.


لقد ذكر القرآن عسل النحل وأنه شفاء للناس، فما زاد هذه الحقيقة الزمن إلا قوة، بينما قال الأطباء منذ فترة : إن الدخان هو البلسم الشافي، وإذ بهم الآن يقولون إنه السم الزعاف.

ماذا معاشر الباحثين؟ ماذا يا أصحاب المعامل؟ إنه الفارق بين كلام البشر وكلام الله خالق البشر.

لقد حذر القرآن من الإسراف في الأكل، والكل يؤمن بهذا ويسلم، الإنسان العادي والمشتغلون بالطب.

لقد حذر القرآن من المخدرات، والعالم كله يستغيث منها.

وأيضا تشريعات القرآن محكمة، فما قال الله فيه شيئا وقال العقل ليته ما قال، وإنما قال العقل: نعم ما قال ربي.
وأيد الله سبحانه وتعالى رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم بمعجزات أخرى مع القرآن الكريم، منها ما ذكر في القرآن الكريم، كانشقاق القمر، والإسراء والمعراج، وهي في الصفحات التالية .



قديم 04-11-2012, 08:31 PM
المشاركة 25
أمل محمد
مشرفة سابقة من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
انشقاق القمر


يقول الله تعالى : { اقتربت الساعة وانشق القمر } [ القمر: 1 ]

وتضمنت السنة تفصيل هذه المعجزة :

فعن أنس بن مالك رضي الله عنه أن أهل مكة سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يريهم آية، فأراهم القمر شقتين، حتى رأوا حراء بينهما" (1)

قديم 04-11-2012, 08:44 PM
المشاركة 26
أمل محمد
مشرفة سابقة من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
الدعاء بالتيسير والرحمة والنصر لهذه الأمة .


واضح من حديث عبد الله بن عباس السابق(1) أن الله بشر رسوله صلى الله عليه وسلم باستجابة الدعاء الوارد في سورة الفاتحة "الهداية الذي تكلمت عليه قبل ذلك " وأيضا استجابة الدعاء الوارد في ختام سورة البقرة.
ولقد جاءت أحاديث أخرى تفصل استجابة الله الدعوات التي علمها الله نبيه والأمة في ختام سورة البقرة ، وأن الآية الأخيرة لما نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم كان كلما قرأ دعوة من هذه الدعوات ، كان الله سبحانه وتعالى يوحي إليه بالاستجابة ، يوضح ذلك ما يأتي :
عن أبي هريرة قال " لما نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم { لله ما في السموات وما في الأرض وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء والله على كل شئ قدير } [ سورة البقرة : 284] قال : فاشتد ذلك على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم بركوا على الركب فقالوا : أي رسول الله (2) ، كلفنا من الأعمال ما نطيق : الصلاة ، والصيام ، والجهاد ، والصدقة ، وقد أنزلت عليك هذه الآية ، ولا نطيقها ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أتريدون أن تقولوا كما قال أهل الكتابين من قبلكم : سمعنا وعصينا ؟ بل قولوا : { سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير } قالوا : { سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير} ، فلما اقترأها القوم ذلت بها ألسنتهم ، فأنزل الله في إثرها { آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير } [ سورة البقرة : 285] ، فلما فعلوا ذلك نسخها الله تعالى ، فأنزل الله عز وجل : { لا يكلف الله نفسا إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا } ( قال : نعم(3) ) { ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا } ( قال : نعم ) { ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به } ( قال : نعم ) { واعف عنا واغفر لنا وارحمنا أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين } ( قال : نعم ) " (4)
وعن ابن عباس قال : " لما نزلت هذه الآية { وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله } [ سورة البقرة : 284 ] قال : دخل قلوبهم منها شئ لم يدخل قلوبهم من شئ (5) ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : قولوا سمعنا وأطعنا وسلمنا ، قال فألقى الله الإيمان في قلوبهم ، فأنزل الله تعالى : { لا يكلف الله نفسا إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا } قال : قد فعلت (6) { ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا } قال : قد فعلت ، { ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به } قال : قد فعلت { واعف عنا واغفر لنا وارحمنا أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين } قال : قد فعلت " (7)
وواضح من هذين الحديثين ، أن الله تبارك وتعالى علم رسوله صلى الله عليه وسلم والأمة هذه الدعوات ، ولما قرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، طمأنه الله بأنه سبحانه قد استجابها له صلى الله عليه وسلم ولأمته ، مؤكدا له "نعم . نعم "
و"قد فعلت . قد فعلت "
وفي رواية حديث أبي هريرة عند الطبراني في الدعاء (8) اجتمع اللفظان ، ففي بعض الدعوات "نعم" وفي البعض الآخر "قد فعلت" .
الدعوات السبع :
والدعوات التي في خواتيم سورة البقرة سبع دعوات :
1ـ ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا
2ـ ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا
3ـ ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به
4ـ واعف عنا .
5ـ واغفر لنا .
6ـ وارحمنا
7ـ انصرنا على القوم الكافرين



يتبع .

قديم 04-11-2012, 08:44 PM
المشاركة 27
أمل محمد
مشرفة سابقة من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
وهذه كلها قد استجابها الله تبارك وتعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم ، وللأمة الإسلامية .
1ـ فدعوة التجاوز عن النسيان والخطأ :
هذه دعوة هي أصل من أصول الإسلام ، وأن الله تبارك وتعالى لا يحاسب أحدا من أمة الإسلام على أمر نسيه ، فمن نسى فريضة ، فإنه لا يحاسب عليها، وكذلك الخطأ ، فمن أخطأ في أمر ففعله على غير وجهه الشرعي فإن الله لا يحاسبه على ذلك.
أفادت ذلك الآية الكريمة ، مع الحديثين اللذين تقدما في صدر الباب ، أن الله أخبر رسوله أنه لا يقرأ بحرف من الفاتحة وخواتيم سورة البقرة إلا أعطاه .
وأنه ما دعا صلى الله عليه وسلم بدعوة من خواتيم سورة البقرة إلا طمأنه الله سبحانه بالاستجابة .
ولقد صرح رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذه المنة ، فقال صلى الله عليه وسلم " إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان ، وما استكرهوا عليه " (8) .
2ـ ودعوة { ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا } :
والتي معناها : يا رب لا تكلفنا من الأحكام ما يشق علينا القيام به .
وهذه أيضا قد تحققت ، وهي أصل من أصول الإسلام
• قال تعالى : { وما جعل عليكم في الدين من حرج } [ سورة الحج من الآية الأخيرة : 78 ] .
• وقال تعالى : { يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر } [ سورة البقرة من : 185 ] .
• وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الدين يسر " (9).
• وعن ابن عباس قال : قيل لرسول الله : أي الأديان أحب إلى الله ؟ قال : الحنيفية السمحة " (10).
وهذه الدعوة قد أراحت الصحابة كثيرا ، وذلك أنه حينما نزلت الآية {لله ما في السموات وما في الأرض وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله } شق ذلك على الصحابة ـ كما تقدم في حديث أبي هريرة وابن عباس ـ ورأوا أن الحساب على ما في النفس ، يوقعهم في المأثم ، ويسبب لهم حرجا دينيا ، فلما نزلت هذه الآية ، وفيها هذه الدعوة { ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا } وأخبر الله رسوله باستجابتها ، وأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بتكرم الله باستجابتها، حينئذ ارتاح الصحابة واطمأنوا .
ولذا يخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه النعمة :
فعن أبي هريرة رضي الله عنه " عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها ، ما لم تعمل أو تتكلم " (11)
والمراد : أن الله تبارك وتعالى لن يؤاخذ المسلمين على ما يخطر لهم ، وهذه خصوصية لأمة الإسلام ، لا يحاسبهم سبحانه على حديث النفس ، ما دام مجرد خاطر ، يعبر ولا ستقر ، أما إذا استقر ودخل دائرة التنفيذ، فوقع العمل بالجوارح على مقتضاه ، أو تكلم اللسان بوفقه ، فهذا الذي تكون عليه المحاسبة .
3ـ وأما دعوة { ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به } :
فمعناها : يارب لا تنزل بنا من البلاء ما لا نطيق .
وبتعبير آخر : يا رب لا تحملنا ما لا نطيق من أمور الدين والدنيا ، فلا نرتكب ذنبا يقام به الحد علينا ، وهذا صعب لا يطاق، ولا تنزل بنا بلاء شديدا علينا ، لا نطيقه .
إنها سؤال ورجاء أن يحيينا الله في عافية .
وهذه دعوة تحققت ، ولا زالت تتحقق، فالأمة من بدايتها إلى نهاية الحياة الدنيا تدعو بهذه الدعوة ، وهي دعوة مستجابة ، وعد ربنا باستجابتها ، وأخبرنا رسولنا بذلك .
ومن هنا يقول صلى الله عليه وسلم : "فضلت هذه الأمة على الناس بثلاث: جعلت لنا الأرض مسجدا وطهورا ، وجعلت صفوفنا كصفوف الملائكة ، وأعطيت هذه الآيات من آخر سورة البقرة ، من بيت كنز تحت العرش ، لم يعط منه أحد قبلي ، ولا أحد بعدي" (12)
إن هذه الأمة قد فضلها الله واختصها بهذه الدعوات واستجابتها، يصبحنا سبحانه في عافية ، ويمسينا في عافية .
والعافية نعمة عظيمة ، فهي التي تلي الإيمان في المنزلة ، يوضح ذلك قوله صلى الله عليه وسلم " لم تؤتوا شيئا بعد كلمة الإخلاص مثل العافية فسلوا الله العافية"(13).
4ـ ودعوة { واعف عنا} :
نلاحظ فيها أنها لم تسبق بـ "ربنا" بينما سبقت الدعوات الثلاث السابقة بـ "ربنا" وهذا أيضا في الدعوتين التاليتين .
والسر في ذلك أن هذه الدعوات الثلاث ـ 4 ، 5 ، 6 ـ مرتبطة بالدعوات الثلاث السابقة ـ 1 ، 2 ، 3 ـ فدعوة { ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا } مرتبطة بـ { واعف عنا } فعدم المؤاخذة على الخطأ والنسيان عفو.
ومعنى : { واعف عنا } تجاوز عن تقصيرنا وزللنا.
يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم والأمة في كل أجيالها ، جميعا نسأل الله أن يعفو عن أي تقصير تقع فيه الأمة ، وأن يتجاوز سبحانه عن أي زلل يقع من عموم الأمة .
إنها دعوة أمة ، يلهمنا ربنا ويعلمنا أن ندعوه بها، للأمة في كل أجيالها .
5ـ ودعوة { واغفر لنا } :
أي استرنا يا رب بين خلقك ، واجعلنا متمسكين بدينك ، حماة له ، ممحافظين عليه ، وهي مرتبطة بالدعوة الثانية { ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا } فالتيسير في أمور الدين مغفرة عظيمة ، فبدل أن تأتي التكاليف شديدة وتعجز الأمة عن بعضها فتقع في الإثم ، وتحتاج المغفرة ، بدل ذلك سبقت مغفرته سبحانه ، فجاءت التكاليف ميسرة ، مما يجعل الأمة لا تطبق على ذنب ، فلا تفتضح بين الأمم .
وهي دعوة أمة ، يعلمنا ربنا تبارك وتعالى أن نسأله المغفرة ، والتي هي الستر ، نسأله سبحانه أن يستر الأمة بين الأمم ، ببعدها عن الذنوب ، والتزامها بدينها.
ورأى هارون الرشيد ـ خليفة المسلمين ـ عاصفة تهب على بلاد المسلمين ، فصلى ، وكان من دعائه "اللهم لا تفضحنا بين الأمم" .
6ـ ودعوة { وارحمنا } :
فبرحمتك نوفق لامتثال أوامر ديننا ، ونوفق للاجتهاد في نصرته . وتيسر لناكل خير، وتبعدنا عن كل شر .
وهذه الدعوة مرتبطة بالدعوة الثالثة { ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به } ، ففي الدعوة الثالثة نسأل الله أن لا ينزل بنا ما يشق علينا، وفي هذه الدعوة السادسة نسأله سبحانه أن يرحمنا ، فبرحمته سبحانه نهتدي لكل خير ، ونقدر على كل طاعة ، كما قال سبحانه : { فبما رحمة من الله لنت لهم } [ سورة آل عمران : 159 ] .
إنها دعوة أمة ، نسأل الله أن يعمها برحمته ، فتوفق لكل خير ، ويحفظها سبحانه من كل شر .
وقد أوحى الله لرسوله باستجابته سبحانه وتعالى هذه الدعوات .



يتبع ...

قديم 04-11-2012, 08:45 PM
المشاركة 28
أمل محمد
مشرفة سابقة من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
7ـ ودعوة { أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين } :
تميزت هذه الدعوة عن الدعوات السابقة بمطلعها العظيم { أنت مولانا } أي : يا رب أنت ولينا ، أنت سيدنا ، أنت مالكنا ، ثم رتبوا على ذلك سؤال النصر على الكافرين ، قالوا : { فانصرنا على القوم الكافرين } وكلمة "القوم" تفيد النصرة على الكافرين مهما كثروا ، فهي أقوى مما لو قالوا : فانصرنا على الكافرين .
إن هذه الدعوة فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم والأمة يسألون الله سبحانه وتعالى أن ينصرنا على الكافرين أعدائنا في الدين، وأن يمكن سبحانه وتعالى لنا في الأرض ، وأن يعزنا جل جلاله .
وهذه الدعوة أعظم من الدعوة التي تقدمت في حديث سؤال رسول الله صلى الله عليه وسلم ربه أن لا يسلط على أمته عدوا من غيرهم فيهلكهم ، ذلك أن الدعوة هنا فيها سؤال اله نصرة المسلمين على الكفار ، أما الدعوة التي في الحديث الذي تقدم في صدر الباب ، ففيها ما هو أقل من ذلك ، فيها أن لا يهزمنا عدو.
وعموما فالدعوتان مجابتان ، فلن يهلك هذه الأمة عدو ، والله ناصرها على الكافرين .
وجه الإعجاز في الحديث : ـ
أوحى الله تبارك وتعالى إلى رسوله صلى الله عليه وسلم سبع دعوات في خواتيم سورة البقرة ، وأوحى إليه في هذا الحديث أنه ما أن يدعو بدعوة منها إلا استجاب الله تبارك وتعالى له ، فدعا بها صلى الله عليه وسلم ، وعقب كل دعوة كان الله يطمئنه على الاستجابة .
وهذه الدعوات السبع منها ما هو في أصل الدين ، وهو :
{ ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا }
و { ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا }
فهاتان الدعوتان استجابهما الله تبارك وتعالى ، وهما من أصول الإسلام ، فالله لا يؤاخذ المسلم على النسيان ولا على الخطأ ، ولم يحملنا سبحانه ثقيلا في أمور الإسلام.
أما بقية الدعوات والتي فيها :
سؤال الله أن لا يثقل كاهلنا بالبلاء
وأن يعفو سبحانه عن زلاتنا.
وأن يغفر لنا
وأن يرحمنا
فهذه استجابها سبحانه ، وعلى طول عمر الأمة لم ينزل سبحانه بلاء عاما بسبب ذنب ، وإنما يغفر لنا سبحانه ، ويرحمنا جل جلاله .
أما الدعاء بالنصر على الكفار فهذه دعوة مستجابة على الدوام ، فالنصر حليف الأمة ، يعزها ربنا
وينصرنا ، ولقد علم الكفار ذلك فلا يجرءون على مواجهة المسلمين ، وإنما يستعينون بالمسلمين على المسلمين ، ويستعينون بجماعات المنافقين ، ومن غذوا بثقافة كافرة ، ولكن تكون النتيجة نصرة المسلمين .
وهكذا تحققت هذه الدعوات ، وتتحقق في زماننا ، ويقع الأمر كما أخبر صلى الله عليه وسلم من أن الله سبحانه استجاب له هذه الدعوات .
وهذه معجزة من معجزاته صلى الله عليه وسلم التي ظهرت في زماننا ، وعلم من أعلام نبوته ، وبرهان ساطع على صحة وصدق سنته صلى الله عليه وسلم .



//

قديم 04-11-2012, 11:06 PM
المشاركة 29
أمل محمد
مشرفة سابقة من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
الدعاء بهداية الأمة الصراط المستقيم .


عن عبد الله بن عباس قال : "بينما جبريل قاعد عند النبي صلى الله عليه وسلم سمع نقيضا من فوقه ، فرفع رأسه فقال : هذا باب من السماء فتح اليوم ، لم يفتح قط إلا اليوم ، فنزل منه ملك ، فقال : هذا ملك نزل إلى الأرض ، لم ينزل قط إلا اليوم، فسلم ، وقال : أبشر بنورين أوتيتهما ، لم يؤتهما نبي قبلك : فاتحة الكتاب، وخواتيم سورة البقرة ، لن تقرأ بحرف منهما إلا أعطيته " (1)
بينما جبريل قاعد" جبريل اسم ملك الوحي ، والملائكة يمكنهم الظهور في صورة رجل، وكان جبريل يأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم في صورة أحد الصحابة واسمه "دحية" وكان رجلا جميلا.
"سمع نقيضا من فوقه " النقيض : الصوت ، وهو كصوت الباب إذا فتح.
والمعنى : أنه سمع صوتا من أعلا ، يشبه الصوت الذي يسمع من فتح الباب.
" فسلم ، وقال " أي سلم الملك النازل من السماء، سلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وعلى جبريل ، وعلى الحاضرين ، وبعد أن سلم هذا الملك توجه بالخطاب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال له : " أبشر بنورين . . . "
" أبشر بنورين أوتيتهما " كل ما أوحاه الله إلى رسوله فهو "نور" وعليه فالقرآن "نور" وكل آية أو مجموعة آيات يقال لها "نور" قال تعالى في شأن رسوله صلى الله عليه وسلم : { فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون } [ سورة الأعراف : 157] ، فسمى الله سبحانه ما أنزله على رسوله "النور" .
وقول الملك في هذا الحديث لرسول الله صلى الله عليه وسلم "أبشر بنورين" أي مجموعتين من آيات القرآن الكريم ، هما الفاتحة وخواتيم سورة البقرة ، سماهما "نورين".
"أوتيتهما" أي آتاهما الله لك .
"لم يؤتهما " أي آتاهما الله لك .
" لم يؤتهما نبي قبلك " أي اختصك الله وأمتك بهما، ولم يؤتهما نبيا قبلك ، وليس بعدك نبي ، فهما خصوصية لك ولأمتك .
" ولن تقرأ بحرف منهما " تقرأ معناها : تدعو . و "بحرف منهما" أي بدعوة منهما، أطلق الحرف وأراد به الجملة ، من باب إطلاق الجزء على الكل.
" إلا أعطيته " أي إلا استجابه الله منك.
والمعنى : لن تدعوا بدعوة من سورة الفاتحة وخواتيم سورة البقرة إلا استجابها الله لك .


يتبع ..

قديم 04-11-2012, 11:07 PM
المشاركة 30
أمل محمد
مشرفة سابقة من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
وجه الإعجاز في الحديث : ـ
يبشرنا صلى الله عليه وسلم بأن الله تبارك وتعالى علمنا هذا الدعاء: { إهدنا الصراط المستقيم * صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين } ويبشرنا صلى الله عليه وسلم بأن الله سبحانه وتعالى استجاب منه هذا الدعاء لأمته.
بشره الملك قائلا "أبشر بنورين أوتيتهما لم يؤتهما نبي قبلك : فاتحة الكتاب وخواتيم سورة البقرة ، لن تقرأ بحرف منهما إلا أعطيته " فلما دعا صلى الله عليه وسلم بهذه الدعوات طمأنه الله سبحانه بقوله عقب كل دعوة "نعم" و "قد فعلت"
وعليه فأمة الإسلام يهديها الله الصراط المستقيم ، يهديها الله الدين القويم ، الإسلام على أتم وأنقى ما يكون ، لا تترك شيئا منه عمدا ، ولا تضيع شيئا منه سهوا ولا نسيانا ، إنما هي على الإسلام التام .
• يخبرنا صلى الله عليه وسلم بذلك ، ويتحقق ذلك تماما كما أخبر صلى الله عليه وسلم : ـ
• فالأمة بحمد الله ملتزمة بالإسلام كله ، تحرص على أصوله وفروعه ، صادقة في تطبيقه ، حريصة على كل عقيدة وشريعة وأدب فيه .
• وعلماء الأمة عاكفون على دراسة الإسلام ، كل في تخصصه ، فعلماء للقراءات ، وعلماء للتفسير ، وعلماء للحديث ، وعلماء للفقه ، وعلماء للعقيدة ، وعلماء للغة ، وعلماء للسيرة والتاريخ الإسلامي ، وعلماء للدعوة والاجتماع ، وكل أهل تخصص يستوعبونه بالدراسة ، ويراعون مقتضيات كل عصر .
والأمة مع هؤلاء العلماء تؤازرهم ، وتقتدي بهم .
• والقرآن الكريم عمدة الإسلام وأساسه ، والسنة النبوية التطبيق العملي للإسلام ، تبينه وتوضحه ، قد هيأ الله لهما أسباب الحفظ والخلود ، وأسباب التقريب للعمل ، والأمة ـ ممثلة في علمائها ـ موفقة في خدمتهما ـ القرآن والسنة ـ على كل وجه ، موفقة للعمل بها بكل دقة ، وهذا يعصمها من الخطأ والزيغ والضلال ، ويأخذ بأيديها إلى الصراط المستقيم.
• فالأمة بحمد الله بعيدة عن صراط المغضوب عليهم ، فليست بالأمة التي تعرف الحق وتحيد عنه ، ليست هكذا والحمد لله ، ولكنها تعرف الحق وتعمل به .
• والأمة أيضا بعيدة عن صراط الضالين ، فليست بالتي تهمل دينها حتى تجهل حدوده ، لا ، ليست هكذا ، وإنما هي تعرف دينها ، وتحرص على ذلك ، ومجالس العلم ذائعة ، والأمة حريصة على ذلك ، والحمد لله رب العالمين.
لقد بشرنا صلى الله عليه وسلم أن الأمة ستعيش طول حياتها على الطريق القويم ، تعلمه وتعمل به ، نائية بنفسها عن الطرق الأخرى ، من طريق الذين يعلمون الحق ولا يعملون ، ومن طريق الذين لا يعلمون الحق ولا يعملون ، بشرنا صلى الله عليه وسلم أن الله سبحانه وتعالى يهدي هذه الأمة إلى العلم والعمل ، فكان الأمر كما أخبر ، فالأمة قبل زماننا ، وفي زماننا ، وبعد زماننا حريصة على الإسلام ، تتعلمه وتعمل به ، وهذا من معجزاته صلى الله عليه وسلم ، ومن دلائل نبوته .



مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: ll~ معجزات ٌ نبويّة
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
معجزات إرهاصات وكرامات مراقى محمد منبر الحوارات الثقافية العامة 2 01-10-2014 01:12 PM

الساعة الآن 08:49 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.