احصائيات

الردود
2

المشاهدات
3393
 
محمد محضار
من آل منابر ثقافية

محمد محضار is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
401

+التقييم
0.08

تاريخ التسجيل
Jan 2011

الاقامة
المغرب

رقم العضوية
9663
06-03-2011, 03:42 AM
المشاركة 1
06-03-2011, 03:42 AM
المشاركة 1
افتراضي خلوة ....................محمد محضار
قصة ، من : محمد محضار

نظرت حولها في نشوة ..الشاطئ يكاد يكون خاليا، نزعت صندلها، وضعته في حقيبتها، رفعت طرف ثوبها وتقدمت نحو البحر.. أحست بلذة غريبة عندما لمس رذاذ الموج وجهها وغسلت المياه قدميها الصغيرتين. وتنشقت زنوخة البحر اللذيذة، كانت الشمس توشك على أن تودع، وقد بدت قرصا أرجوانيا يغوص نحو الأعماق، تاركا حمرة شفقية ساحرة.
مشت طويلا وفرحة جديدة تسكن نفسها الكئيبة، مضى زمن ولم تحصل على مثل هذه المتعة فتنفرد بنفسها وتتاح لها مثل هذه الخلوة الرائعة، تفاهات الحياة الكثيرة تسرق كل لحظاتها، وتقتل كل رغبة لديها في الإحساس بالوجود وتذوق بعض لذاذات الطبيعة, لقد أنساها الإسمنت المسلح والجدران الشاحبة, وعراك الحافلات كل شيء، وجعلتها المشاكل تستسلم لليأس القاتل.

"أين أنا؟ ماذا وقع لي يا إلهي؟ هل حقا أصبحت في الأربعين من عمري؟... عشرون عاما من الدعارة.. من يصدق؟.. عشرون عاما من الضياع والتسكع بين شقق العزاب، وحانات المدينة، و الأيام تستهلكنا دون أن ننتبه إلى ذلك، ونظل غارقين في التفاهات والمتاهات.. يا إلهي جسمي بدأ يفقد بريقه والمساحيق لم تعد قادرة على إخفاء تجاعيد وجهي والعشاق يطلبون الصبا والجمال، وأنا لم يعد لي شيء من ذلك، صديقي عواد الذي اعتدت زيارته منذ عشر سنوات بشقته نبهني إلى هذا، قال لي: (الزمن يقتل، انظري قبل مدة فقط ,كنا شابين والآن ها نحن نطل على الكهولة) ابني الآن صار شابا، كلما ذهبت لزيارته ألمح في عينيه بوادر رفض كامل لأمومتي.
خلال زيارتي الأخيرة له قال لي أن والده أمره بأن يتجنبني، ولأنه يحب والده ولا يريد أن يعصاه فهو يرفض لقائي مرة أخرى، قلت له: أن ذلك حقي، وأنني أمه، فرد علي بصوت جاف: (ولكن سمعتك سيئة وأنا لا أريد أن أراك بعد اليوم)هكذا إذن الزمن يتنكر لي، وابني يرفضني وجسمي يخونني).
استلقت فجأة على الرمل، بعض العشاق الشباب، كانوا يتباوسون ويتضاحكون.. وعيونهم تنطق بالنشوة، تطلعت إليهم بيأس، إثنان كانا قريبين منها، سنهما لا يتعدى العشرين، الفتاة ممددة على الرمل، والشاب يدفن رأسه في صدرها ، كانت تبتسم ، وتشده من وسطه بكلتا يديها ، وتدفع جدعها نحو، وهي تبتسم ، والظلام يستر حبهما !
يا إلهي كم أنا تعيسة وشقية.. كم رأسا دفن بين نهدي وكم وسطا حل بين فخدي، كلهم يلهثون، ويهمسون بكلامهم الكاذب ثم يسترخون، وأنا أنوء تحت ثقل أجسامهم، أتحطم أذبل.. أتلقى قمامتهم القذرة، لا أحد يحترم إنسانيتي كلهم ساديون، حقيرون، يخدشون جسمي ويمزقون لحمي.. بعضهم يجلدني أو يطفئ أعقاب السجائر في ظهري.
الليل أرسى قلاعه واحتضن الشاطئ وامتزجت النغمات الموسيقية المتداعية من المراقص المجاورة بهدير الأمواج المتلاطمة فأحدثت ما يشبه الخدر في نفسها.
العشاق ما زالوا حولها غارقين في نشوتهم، وهي تسترق إليهم النظر بخجل تارة، وتنظر إلى البحر تارة أخرى.. وأحيانا ترفع رأسها إلى أعلى لتحتضن بعينيها القمر الذي كان في ليلة اكتماله.
تحس بالحزن والفرح يندمجان في حميمية ويسكنان ذاتها.
"يا رب السماء ما أروع الليل والقمر، ما أجمل البحر، وما أعذب هذا النسيم الرقيق... إنها هبات قدسية منك، تطفح بالجمال.
نحمدك عليها..لكن يا رب.. وهذا القبح الذي نصطدم به يوميا، والنتانة والعفن اللذان يحيطان بنا في كل مكان، من يهبهما لنا بغير حساب؟؟.. لست أنت على كل حال، فأنت جميل وتحب الجمال، ولكنني أنا خليقتك لم أعد جميلة فهل يا ترى ما زلت تحبني؟؟ يقولون إنك لعنت الزانية والزاني.. فأنا إذن ملعونة، محرومة من عطفك، ولكنني رغم ذلك لن أيأس من رحمتك فأنا ما زنيت إلا لآكل.. لو لم أفعل ذلك لمت جوعا، زوجي طلقني دون سبب.. تركت له طفلي الوحيد منه لأجنبه حياة, الرذيلة التي أحيا، وها هو إبني اليوم يرفضني، من حقه ذلك فلا أحد يرضى أن تكون أمه مومسا..
قامت من مكانها، الرمل ناعم وتشوبه رطوبة عذبة.. أحست بذلك وهي تتجه نحو المرقص الذي كانت تتلألأ أنواره وتصدح جنباته بالموسيقى وعندما أصبحت على مشارفه مسحت حبات الرمل العالقة بقدميها ثم ارتدت صندلها، ودخلت ضمن الداخلين، صدمتها رائحة الخمر والدخان وكأنها
لم تعتدها، جلست إلى إحدى المناضد ، طلبت على غير عادتها مشروبا عاديا، وضعت ساقا على ساق وحملقت حولها.. ثم انتهت بناظرها إلى حبله الرقص حيث كانت الأجساد تمارس جنونها.. الأرداف، والنهود ترتج، والثغور تسرق القبلات والأيادي تعبث..
لا معنى لكل هذا أمام قسوة الحياة.. إنه مجرد لعبة زمنية مؤقتة من أجل النسيان.. نسيان الغد المبهم والمعاناة الآتية.. ارقصوا أيها المجانين فكم رقصت قبلكم، كم عريت ساقي، وأبرزت نهدي ، وها هو الزمن المقيت لم يذر مني إلا جسما ذابلا وروحا حائرة، وعواطف مشتتة ، ارقصوا فلكل دوره، والدور عليكم غدا..
وعلى غير وعي منها قامت من مكانها، دفعت ثمن المشروب ثم خرجت.. لفحت وجهها نسمات الهواء الرقيقة.
وانتابتها رعشة لذيذة طردت ذلك السأم القاتل الذي شعرت به داخل المرقص.. ليس مهما الآن أين ستذهب إنها ارتاحت.. ومن يدري فقد تجود عليها الظروف بزبون طيب ينسيها بعض متاعبها.


محمد محضار 1993



قديم 06-08-2011, 01:40 PM
المشاركة 2
أحمد فؤاد صوفي
كاتب وأديـب

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
الأديب الكريم محمد محضار المحترم

القصة متقنة . . أخافني فيها بعض التبرير للمومس أن ما فعلته قد فعلته اضطراراً . .
وهذا لا يكون صحيحاً أبداً . .
وكذلك فالأحداث توجه القارىء إلى أن هذه المومس قد ندمت أو قد تنوي الإقلاع عما هي فيه . .
ولكن التمني الذي ختمت به القصة أظهر عكس ذلك . .
السرد وصل القمة . . ومتطلبات القص موجودة بالكامل . . والقصة لا ينقصها شيء . .

تقبل مني كامل المنى . .
دمت بصحة وخير . .

** أحمد فؤاد صوفي **

قديم 01-27-2012, 04:53 PM
المشاركة 3
محمد محضار
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي
الأديب الكريم محمد محضار المحترم

القصة متقنة . . أخافني فيها بعض التبرير للمومس أن ما فعلته قد فعلته اضطراراً . .
وهذا لا يكون صحيحاً أبداً . .
وكذلك فالأحداث توجه القارىء إلى أن هذه المومس قد ندمت أو قد تنوي الإقلاع عما هي فيه . .
ولكن التمني الذي ختمت به القصة أظهر عكس ذلك . .
السرد وصل القمة . . ومتطلبات القص موجودة بالكامل . . والقصة لا ينقصها شيء . .

تقبل مني كامل المنى . .
دمت بصحة وخير . .

** أحمد فؤاد صوفي **
المومس هنا تعيش لحظة ضعف إنساني ، هذه اللحظة تتميز بتناقضات كثيرة ، يصعب احتواؤها وتتبع خيوطها بشكل متوز ومقبول ، لهذا سيلاحظ المتلقي نوعا من التداخل في المشاعر والخواطر الصادرة عن صاحبتنا

رب ابتسامة طفل خير من كنوز الدنيا اجمع

مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: خلوة ....................محمد محضار
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
من يموت و يذهب للحياة البرزخية ولا يعود مع من يموت ويرجع للحياة بدون الدخول في البرزخ فجر الاعلون منبر الحوارات الثقافية العامة 4 08-13-2019 06:31 PM
ليل بلا قمر...........محمد محضار محمد محضار منبر شعر التفعيلة 2 09-16-2013 12:29 AM
رحلة حزن................محمد محضار محمد محضار منبر شعر التفعيلة 10 11-21-2011 03:47 AM
ق ق ج العبور...........محمد محضار محمد محضار منبر القصص والروايات والمسرح . 3 06-18-2011 11:14 AM

الساعة الآن 03:49 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.