احصائيات

الردود
4

المشاهدات
2833
 
رشيد الميموني
من آل منابر ثقافية

اوسمتي


رشيد الميموني is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
597

+التقييم
0.12

تاريخ التسجيل
Dec 2010

الاقامة
تطوان / شمال المغرب

رقم العضوية
9563
05-11-2014, 07:01 PM
المشاركة 1
05-11-2014, 07:01 PM
المشاركة 1
افتراضي شكرا .. طائر النورس
[justify]شكرا ... طائر النورس

مع حلول المساء ، تتلألأ أنوار الميناء منعكسة على صفحة المياه المتموجة في هدوء . مراكب الصيد أبحرت عند الغروب في موكب أشبه ما يكون بعملية هجوم . والمتبقية منها ظلت راسية ترقص على إيقاع حركة المياه كأنها تتحرق شوقا للإقلاع و اللحاق بأخرى . وفي أسفل المنار ، جلس Santoيجيل النظر في حزام الأنوار الممتد على طول الطريق إلى اليمين لينتهي حيث المنار الآخر.. منار سبتة .
تنهد بعمق ونظر إلى السماء . لم يعد للنوارس أثر بعد يوم من التحليق والصياح الحاد . تملأ خياشيمه رائحة الشواء ، ويتناهى إليه لغط الساهرين المتحلقين حول الموائد المكدسة في الساحة الفسيحة الأرجاء . يزدردون السردين والكفتة في نهم. قرصه الجوع لكن فكرة الاستجداء لا تخطر بباله . الموت جوعا أهون عليه من ذلك .
Santo حديث العهد بـRincon ... قدم منذ أيام من " خميس با ب المضيق" ولم يدر أنه يتجه نحو مضيق آخر، ويجهل لحد الآن وجهته المقبلة كما هو شأنه في كل نزوح .
منذ أيام ، وربما منذ شهور أو أكثر وهو يهيم على وجهه . لا يستقر به مقام و لا يدري متى بدأ تيهه ، لكنه يحس الآن أنه وجد ضالته وأنه ، ودون أن يدري كيف ، قاب قوسين أو أدنى من تحقيق مأرب طال البحث عنه .
عند المساء ، وفور وصوله إلى الميناء بعد رحلة يوم شاق ، أحس براحة تسري في أوصاله مع هبوب نسيم البحر، وظل لساعات يراقب النوارس مستأنسا بصيحاتها ، جذلا باقترابها منه . لا يبالي بنظرات المصطافين وهي ترمقه في فضول وتوجس.. ما الذي يثير اهتمامهم؟ سحنته المغبرة ؟ لكنها حالة كل عابر سبيل. والأجدر بهم أن يسألوه عما يحتاجه وعما يعانيه رغم أنه يأنف أن يطلب شيئا من أحد . آه لو يعرفون قيمته . فهو لم ينل لقب Santo إلا لأنه يستحق ذلك . ولولا أنه يترفع عن تزكية نفسه لأسمعهم ما يجعلهم يولون مدبرين .. لله ذر الاسبان . إنهم يعرفون معدن الرجال بفراستهم التي لا تخطئ ويقدرون الرجولة حق قدرها .
اقترب منه كلب صغير يتشمم قدميه ، ثم انبرت سيدة تلوح بأصبعها وهي تزعق :
Max .. ven aqui …de prisa ! - (ماكس .. تعال إلى هنا .. بسرعة )
انصرف الكلب طائعا وهو يلتفت إليه ، بينما استطردت المرأة بصوت مسموع ، ناظرة إليه وهي تقود زوجها العجوز:
- لماذا لا يطهرون الدنيا من هذه الأوبئة ؟
عجبا... لماذا يتفنن الناس بإيذاء الآخرين ؟.. كاد يقول لها إنها أنتن من كلبها ، وأن هذا الأخير لم يقترب منه إلا لإحساسه بإنسانية افتقدها لديها ، وأن عطرها الفواح يخفي ما يخفي من نتانة مقززة ... لكن انصرافها السريع وانتصاب فتاة شابة أمامه عقد لسانه ... انتظر هنيهة ، وحين طال وقوفها تطلع إليها مقطبا وقال :
- هل تبحثين عن شيء ؟
- تلك أمي ... كانت قاسية معك ... أليس كذلك ؟
لم يرد ، ونظر إلى الأفق ساهما . فنظرت إلى حيث مد بصره و تابعت :
- هل أستطيع التحدث إليك ؟
- ألا تخافين الفيروسات ؟ ... ثم إني لا أعرفك .
- أنا لست مثلهم ، لكني أود سؤالك ...
وحين لزم الصمت سألته :
- من أين أنت ؟ هذه أول مرة أراك فيها هنا .
- و ما العجب في ذلك ؟ ألا ترين الشاطئ يعج بالغرباء ؟
- حقا – قالت مبتهجة باسترساله في الحديث - لكن يبدو لي أنك من غير طينتهم .
وبعد لحظة صمت نظر إليها وقال :
- أنا من بني كلبون .
قال ذلك وقهقه ضاحكا . لكنها لم تضحك وظلت تحدق فيه .
- كن جادا وأجبني ... عيناك لا تشيان بجنونك .
- ومن قال لك إني مجنون ؟ ... أمك ؟
- أجل ، والآخرون أيضا ... أبي يقول إنك من أولياء الله .
- وأنت ؟
سكتت برهة ، فالتفت إليها وتأملها ... جميلة وشهية .. ترى كم يساوي مهرها ؟ .. هل يسألها ؟
- فيم تفكر ؟
- في رأيك أنت في .
- لا أدري .. يخيل إلي أنك لغز يحوي أسرارا جمة .
- ما ذا تشتغلين ؟
- أنا أدرس الرسم والفن التشكيلي .. لن أشرح لك ذلك لأني أشعر ألا فائدة من ذلك .
- لجهلي ؟
- بل على العكس .. لماذا لا نتناول العشاء هناك في الساحة ؟
- لست جائعا .. أريد فقط أن أرتاح .
- أين ؟.. هنا ؟
- أرض الله كلها مأوى ... هل تريدين رسمي ؟
- ربما من بعد ... و بإذنك طبعا .
- و ما الذي سيثير الناس في الرسم ؟
ابتسمت فأشاح بوجهه... يالإشراقة ابتسامتها .
- هل أغضبتك ؟
- كلا ...
قال ذلك واستلقى على ظهره وهو يشعر بنشوة عارمة تسري في أوصاله ثم ، فجأة ، هب جالسا وحك مؤخرة رأسه :
- هل تعرفين " علي قنور ؟ "
- من ؟
ضحكت و أعادت السؤال محاولة كتم ضحكها .
-- الرجل ذي الجلباب الأبيض و الطربوش الأحمر ممسكا بحمامة بيضاء .
غابت ضحكتها وسألته :
- هل تعرفه ؟
- ربما ...
حدقت فيه مليا ثم انحنت حتى أحس بأنفاسها تلفح وجهه ... جسمه يغلي على إيقاع فوران دمه . وضعت يدها على كتفيه فكأن تيارا كهربائيا سرى في جسده . وجلست جانبه ... يا لجرأتها وبساطتها .
- اسمع... لم يخطئ ظني فيك .. أنت بحر من الأسرار... و... أنا أنشد صداقتك .
- صداقتي ؟ .. وهل تسمح أمك بذلك ؟
- دع عنك هذا... هل نلتقي غدا صباحا أم تأتي إلى إقامتنا ؟
لزم الصمت ونظر حيث سبتة .. ونهضت الفتاة وهي تنفض الرمل عن مؤخرة سروال "الجين " وقالت :
- حسنا... سآتي غدا لنكمل الحديث قبل أن أسافر .
- إلى أين ؟
بدا طيف ابتسامة خفيفة على شفتيها وقالت :
- إلى Barcelona في إسبانيا ... اتفقنا ؟
- ..............
- تصبح على خير .. على فكرة .. ما إسمك ؟
Santo –
- القديس ؟.. من أعطاك هذا الإسم ؟
Jordi Pujol –
- وأنا أحلام ...
لم تكمل .. فقد رنت ضحكتها البريئة في أرجاء الميناء وانطلقت بخفة عبر الأحجار الناتئة حتى غابت عن أنظاره ... ما الذي دفعه لذكر " علي قنور ؟ ".. وما سبب اهتمام الفتاة بذلك ؟ ترى هل تكون قريبة للرسام ؟.. أم أنه مجرد فضول منها بحكم دراستها ومجالها الفني ؟
أخذ النوم يداعب جفنيه فانحاز إلى ركن من الصخور وتثاءب ثم أغمض عينيه وصورة الرجل ذي الطربوش الأحمر لا تفارق مخيلته ... غير أن الحمامة الرابضة على يده تغير شكلها وصار لها وجه آدمي .. وجه أحلام... هل تكون أحلام من ذرية علي قنور؟ .. لكنه لم يرها قط حين كان الرجل واحدا من رهط هو مزيج من البلهاء والمجذوبين والمجانين الذين عجت بهم "المجرى "... القرية الوديعة منذ سنين ، يوم كانت رباها تهتز وتربو أو تهمد وتشحب على إيقاع الفصول المتتالية ... " حسين قمبا".. " سي أحمد الكلاب" وغيرهما . لكن Santo كان ملازما لعلى قنور وابنه . يقاسمهما طعامه بعد أن يستأذن معلمه الذي آواه مدة قبل أن ينتقل.. كم رجاه المدرس أن يرافقه ، لكنه وجد في صحبة العجوز وابنه ما جعله ينأى عن القرية يوم رحيل المعلم حتى لا يحرج أمام إلحاحه . حقا ، لقد عوضه الرجل عن أبوين لم يعرف لهما وجود ، بل لم يسمع لهما ذكر قط ... لكن الحياة رفقة المجذوب لها طعم خاص .
كان علي قنور يأكل ويطعم ابنه ثم يلقي بالباقي جانبا ، وحين يسأله عن سبب ذلك يقول :
- هذا نصيب أهل المكان ... التسليم...
أما الابن فكان يحكي دائما أنه وأباه قدما من قبيلة " بني كلبون" ، فيتخيل أقواما برؤوس الكلاب . أين يكونان الآن ؟ ربما يكون الغلام قد نزح وأبوه قد رحل منذ اليوم الذي تم فيه القضاء على كلاب القرية ... رحل الجميع .. الواحد تلو الآخر ففقدت "المجرى" خضرتها ووداعتها ، وغارت مياهها .. هو نفسه لا يذكر متى وكيف غادرها . الشيء الوحيد الذي يذكره هو مرافقته لأحد السياح الاسبان الذي شده الحنين إلى مسقط رأسه في المدينة التي كانت يوما ما حمامة أو نورسا ، وجال معه عبر أزقتها ، عازفا عن كل ما يعرضه عليه Miguel من مأكل أو ملبس ...Miguel كان ممتعضا مما لحق المدينة من مسخ ، وافتقد أشياء و أماكن ألفتها طفولته ... وحين آن أوان عودته ، ألح عليه كي يرافقه ، لكنه أبى . وقبل افتراقهما شد Miguel على يديه بحرارة واحتضنه متأثرا :
- Adios SANTO , y buena suerte . (الوداع سانطو وحظا طيبا .)
الليل في الصيف قصير .وأحلامه مقتضبة . لكنها في هذه المرة مختلفة عن سابقاتها ... في الماضي كان الحلم يتكرر كل ليلة.. طريق طويلة لا نهاية لها ، و لا شيء غير ذلك ... يمشي ويمشي . لا يتوقف حتى يستيقظ ... أما الآن فيلوح له في نهاية الطريق سور عال . استوت عليه الفتاة ، تلوح له وقد تجردت من جل ملابسها . حاول أن يناديها ، فلم يفلح في تذكر اسمها . أما هي فأخذت تصيح كالنوارس ، ثم قفزت من أعلى السور وجرت نحوه . وحين اقتربت منه توقفت وأخذت تمسح جبينه وتلثم خده فانتشى بذلك وأحس بشفتيها تنقر عنقه . فتح عينيه فوجد نورسا يعتلي كتفه . شملته رعشة غريبة . عندئذ أحس الطائر بحركته فطار . تتبع تحليقه رغم لمعان شمس الضحى . أخذ النورسيتهادى حتى لحقت به أنثاه ، ثم انزلقا نحو الأفق البعيد حيث سبتة ، كما حدثه Miguel ، بدورها البيضاء وقرميدها الأرجواني . تابع الطائران التحليق شمالا إلى أن غابا عن الأنظار، فهب Santo واقفا وتمتم قائلا : "الآن عرفت ما يتوجب علي فعله و اتضحت وجهتي القادمة ... شكرا لك ، طائرالنورس ... نب عني في لقاء الفتاة الطيبة و أقرئها مني السلام وقل لها إني ربما أعود يوما إلى هنا ، أو تلقاني هناك صحبة Miguel ، فأشفي غليلها بكل ما تود معرفته .



Rincon : بلدة شاطئية متوسطية على بعد 14 كيلومتر من تطوان
Jordi Pujol : رئيس سابق لحكومة كاطالونيا باسبانيا[/justify]


قديم 05-12-2014, 04:49 PM
المشاركة 2
ياسر علي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
عمل يستحق خمس نجمات أستاذ رشيد
تحية تقدير

قديم 05-12-2014, 05:23 PM
المشاركة 3
فاتحة الخير
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي
السلام عليكم ورحمة الله


قصة تتحدث عن " مجذوب" أو رجل تائه يريد أن يصل لشيء لكنه لا يعرف حتى ما يريد الوصول إليه
أسماه أحد الاسبان بالقديس لما لمس من أخلاق وأنفة وعزة نفس فيه، ومارس لعبة التيه إلى أن أوصله القدر لهذا الشاطئ الذي سيحدد مصيره ومراده، وهو الاتجاه شمالا حيث الفردوس المفقود بعد أن أحس بنبض غريب اعاد له الحياة.


لكن لا أخفيك انني وقفت عاجزة أمام فهم ما تقصد بعلي قنور فدخلت أبحث عن الشخصية فوجدتها من الجزيرة العربية وربما لهذا قال عن نفسه في إطار حديثه عن قبيلته أنه من " بني كلبون" وهذا معناه أنه من قبيلة بني كلب القبيلة العربية التي سكنت الحجاز منذ القدم
لكن الذي حيرني هو ذكرك أن البطل والذي يظهر أنه من زماننا قد عاشر علي قنور وابنه، وهما شخصيتان قديمتان جدا فكيف حدث أن جعلته يصاحب البطل الذي كما قلت سابقا هو من هذا العصر


أتمنى أن تتقبل مروري المتواضع ......

قديم 05-12-2014, 09:18 PM
المشاركة 4
رشيد الميموني
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
عمل يستحق خمس نجمات أستاذ رشيد
تحية تقدير
العزيز الغالي ياسر ..
شرف كبير لي أن ينال نصي إعجابك ويحظى بثنائك .
ستظل النجمات الخمس وساما على صدري أعتز به ما حييت .
ألف شكر ولك محبتي الأخوية دون حدود .

قديم 05-12-2014, 09:28 PM
المشاركة 5
رشيد الميموني
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
السلام عليكم ورحمة الله


قصة تتحدث عن " مجذوب" أو رجل تائه يريد أن يصل لشيء لكنه لا يعرف حتى ما يريد الوصول إليه
أسماه أحد الاسبان بالقديس لما لمس من أخلاق وأنفة وعزة نفس فيه، ومارس لعبة التيه إلى أن أوصله القدر لهذا الشاطئ الذي سيحدد مصيره ومراده، وهو الاتجاه شمالا حيث الفردوس المفقود بعد أن أحس بنبض غريب اعاد له الحياة.


لكن لا أخفيك انني وقفت عاجزة أمام فهم ما تقصد بعلي قنور فدخلت أبحث عن الشخصية فوجدتها من الجزيرة العربية وربما لهذا قال عن نفسه في إطار حديثه عن قبيلته أنه من " بني كلبون" وهذا معناه أنه من قبيلة بني كلب القبيلة العربية التي سكنت الحجاز منذ القدم
لكن الذي حيرني هو ذكرك أن البطل والذي يظهر أنه من زماننا قد عاشر علي قنور وابنه، وهما شخصيتان قديمتان جدا فكيف حدث أن جعلته يصاحب البطل الذي كما قلت سابقا هو من هذا العصر


أتمنى أن تتقبل مروري المتواضع ......
العزيزة فاتحة الخير ..
أعتبرك اسما على مسمى وأنت تهلين على متصفحي بكل هذا الألق ..
بالنسبة للشخصيات فهي طبعت طقولتي وأنا اعيش بين أحضان الجبال .. و"علي قنور" هذا كان من المجذوبين الذين عرفتهم قريتي الوديعة . وكثيرا ما كان يحدثنا عن قبيلة بني كلبون ، ولا شك أنها من نسج خياله ..
لقد قام الرسام التطواني الفذ "أحمد بن يسف" برسم لوحة لهذا المجذوب وهو يرتدي طربوشا أحمر وعلى يديه حمامة بيضاء ..
أسعدتني كلماتك سيدتي وأتمنى أن تبقي دوما بالجوار لأسعد ببصمتك .
باقة ورد تليق بك مع خالص مودتي .


مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: شكرا .. طائر النورس
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
طائر الدودو أ محمد احمد منبر ذاكرة الأمكنة والحضارات والأساطير 2 08-10-2022 06:06 AM
شكرا شكيبيان الفهري منبر البوح الهادئ 3 02-01-2016 06:01 PM
تشارلز بيرنستاين - شكرا لقولك شكرا عادل صالح الزبيدي منبر الآداب العالمية. 0 11-27-2015 11:42 PM
شكرا راكان المساعيد منبر الشعر الشعبي والمحاورات الشعرية. 1 12-07-2011 09:29 AM
شكرا.... ايمان محمد احمد منبر البوح الهادئ 9 11-13-2011 08:49 PM

الساعة الآن 05:49 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.