احصائيات

الردود
10

المشاهدات
3966
 
ياسر علي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي


ياسر علي is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
1,595

+التقييم
0.38

تاريخ التسجيل
Dec 2012

الاقامة

رقم العضوية
11770
10-30-2013, 06:59 PM
المشاركة 1
10-30-2013, 06:59 PM
المشاركة 1
افتراضي إصرار امرأة
سمعت صفيرا حادا في أذنيها ، خطوات تدنو شيئا فشيئا ، جاءها ليطمئن على استعدادها ، رأته دون أن تفتح عينيها الذابلتين اللتين ما عادتا تميزان بين ليل ونهار ، أحست به يغادر بعد أن رش جسدها بقشعريرة خوف ، دق خلالها قلبها آخر نواقيس الإنذار .
كانت منذ احتضنها المكان تبكي وحشتها ، يطلق لسانها الشتائم بعدد نجوم السماء ، تملأ وقار الدار عويلا يثير سعال المسنين ، يتمتمون كلمات تمتزج فيها الشفقة و الرحمة باللوم ، قبل أسبوع زارها هذا الزائر الليلي ، رأت في عينيه شرارة أسكتت فيها النواح ، فخلد لسانها للصمت كما عيناها اللتان أطفأهما البكاء .
منذ رحيله أحست انتعاشا يسري بدنها ، و روحا مرحة تغمر نفسيتها الخاملة ، قامت من مرقدها و توجهت نحو الباب تجر مقبضه ، انتفضت الخادمة من غفوتها وأدارت المفتاح ، رأت هيئتها فأغلقت عينيها وهي تهمس : " أصبح الصباح على الفل والياسمين لا على عجوز شمطاء ، وجه نحس وملامح شر " نهرتها و أمرتها بالعودة إلى فراشها حتى يرسم نور الصباح معالم الكون و تستيقظ العصافير ، لكن العجوز واصلت مشيتها غير آبهة بما تقوله الخادمة .
تلطفت خياشيمها بنسمات الصباح الندية ، في الحديقة جلست على أحد المقاعد ويدها تعبت بالحشائش ، وقطرات الندى تبلل قدميها الحافيتين ، تستر جسمها منامة بثوبها الخفيف الذي تخترقه لسعات البرد معمقة تجاعيد جسدها الواهن .
سمعت قدميها تلتطمان بالأرض فقالت : " لا أريد العودة إلى سريري ، فروحي هناك ستزهق "
جلست بجوارها وناولتها كأسا : " خذي دواءك " فردت عليها بهمهمة : " الدواء ..الدواء ... " واصلت بصوت تحمل نبرته حزما و قوة كأنها تعافت بالكامل من كل أقراحها : " منذ أمد بعيد وأنا أعيش بكل أمل في الحياة ، أسيطر على كل شيء فيها ، أمتلك ما تشتهيه نفسي طوعا أو كرها ، مجرد وقفتي كانت تزلزل الكائنات ، إن قلت سمع الجميع ، إن طلبت لبيت طلباتي من أمي وأبى و اخوتي فزوجي وأبنائي وبعض من أحفادي ، لا أعدم من الحيل ما ألوي به أعناقا كانت تواقة للعصيان ، فأمرغ أنوفا تأبى الخضوع ، كم شخصا فقد رفعته في جولاتي ، كم فارسا ذل في صولاتي ، كم تافهة تألمت وهي ترجو رحمتي .
أفرغت ما بجوفها من هواء ساخن كاد يخنق أنفاسها فتابعت " لا أبوح يوما فالبوح ضعف و من تخطت أسراره أسوار قلبه فهو لا يستحق المجد ، لا أعترف فالاعتراف من شيم العبيد . كم أزدري رجالا لينوا صلابتهم وتلطفت ملامحهم و كسروا عزتهم و لبسوا ثوب الاعتراف ، لا أعتذر فتلك مهانة لشخصي فمن يكون ذلكم الذي يستحق الاعتذار . "
ضربت الأرض بعكازتها ونبهت جليستها : " إياك أن تظني كلامي نوعا من البوح ، أو صنفا من الاعتراف ، أو اعتذارا عن أفعالي ، إن كنت تعتقدين ذلك فكلامي موجه لشخص لا يستحقه ، قد تتساءلين لم هذه العجوز تملأ الدار بكاء وصياحا ، فما أردت في ذلك غير إزعاجكم ، والإعلان عن وجودي ، و البلوغ بيأسي مبلغه ، و أنهك نفسي لعلها تغادر هذا الجسد اللعين ، الذي استسلم "
سكتت لحظة ثم أردفت : " أراك قوية بعض الشيء ، ولكن ما وجدت بعد امرأة أطمئن إلى قوتها ، حتى حفيدتي التي جردتني من كل ما أملك ، لا أراها قوية بما يكفي ، فأنا لا أتوانى في إزاحة الأذى عن طريقي . ولا أترك له فرصة ليعكر مزاجي . هل أضاء الصباح ؟"
فردت الخادمة : " طبعا بدأ النور يكتسح الظلام ، يجب أن تعودي إلى مخدعك فيجب علي أن أرعى الآخرين "
فأجابتها العجوز : " طبعا سأعود لأشرب هذه الكأس الملعونة ، لكن قبل ذلك أريد أن أهاتف حفيدتي ، هلا قدمت لي هذه الخدمة "
جلست على المكتب و أخذت الهاتف من يد الخادمة التي ذهبت لتلقي نظرة على النزلاء ، سمعت صوت حفيدتها مثقلا بالنوم فقالت : " أيتها الأميرة التعيسة ، متى كان النوم قرين القوة ، أحضري الطبيب يا صبية ، فجدتك يتم تسميمها ، إن لم تكن هذه رغبتك ! "
وضعت السماعة على الهاتف ، واتجهت إلى غرفتها والعكازة تتقدمها ، فوجدت الخادمة عند الباب ، فقالت لها : " أين كأسي ؟"

أفرغت المشروب في جوفها ، فنامت نوما هنيئا .


قديم 10-30-2013, 07:18 PM
المشاركة 2
فاطمة جلال
مراقبة سابقة

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
[tabletext="width:70%;"]

ويا سيدي ما أقسى الحياة حين تجتمع على انسان وتسلبه حتى مكان آمن للعيش ما تبقى من العمر
عندما يتخلى عنه الأخ والأخت والصديق
شعور مؤلم وصراخ يعلو ...واهات تزفر تفجر في الروح بركان من وجع لا يشعر به الا من كان به ألم

قرأتك هنا ...
وكأنني هناك أقف على مشهد من تاريخ ليس لتلك العجوز وحدها وانما ل الف مثلها
لعجوز تموت يوما تلو الآخر فما يبقى في صدرها الا انفاس
هابطة وصاعدة واحلام لذكريات بعيدة لم تشأ ذاكرتها أن تٌغيبها ما زالت حاضرة في روحها وفي
كيانها بكل ما تحمل من الامور حتى صغائرها

هي لا تبحث عن الحياة بقدر ما تبحث عن دفء لوطن يسكن روحها لعمر قد ضاع وضاع
وصرخاتها التي تطقلها من شدة الوجع من الغربة من الفقد

هي تجرعت كأس الموت الف مرة ومرة قبل ان تتجرع كأسها الأخير الذي ظنت أنه الملاذ الوحيد للخلاص



القدير ياسر علي
خبرني ماذا أقول والعين تدمع من واقع مرير من حياة لم نعشها كما نريد
من قلوب تحجرت ومن ضمائر ماتت
إنك تضع اصبعك على الجرح

شكرا لحرف انت كاتبه
شكرا لفكر أنت قائده
شكرا لك الف مرة

تقديري
[/tabletext]

تَعَـالَ ...
نَعْـجِن مِـن الحِـرَفِ رَغِيفًـا عَـلَى مَوَائِـدِ الـكَلَامِ ...
وَنَـكْتُب رَسَائِـلَ الحَـنِينِ إِلَى اليَـاسمِينِ ....

تعـالَ...
فمن تشتاق الـروحُ اليـهم ؛ قـــد أوغلـوا فـي الغيـاب !

فاطمة جلال

.....
قديم 10-30-2013, 09:02 PM
المشاركة 3
ريما ريماوي
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي
جميل النص ...

وبعد الجميلة جليلة ليس عندي ما أضيفه..

تحيتي وتقديري.

أنين ناي
يبث الحنين لأصله
غصن مورّق صغير.
قديم 10-30-2013, 11:31 PM
المشاركة 4
ايمان محمود
كــاتبة ,
  • غير موجود
افتراضي
الاستاذ الفاضل | ياسر
سلمت يمينك موضوع يستحق البحث
لأنه مصيرنا جميعا ان لم نجد فى قلوب أولادنا الرحمه والحنان
بعد العطاء المتفانى من الأم ولأب
بل نكاد نعيش ونتنفس من أجلهم ونفنى أنفسنا من أجل
اعطاءهم كل الأمان
لك من القلب أرق التحايا

[TABLETEXT="width:70%;background-image:url('http://www.mnaabr.com/vb/backgrounds/23.gif');background-colorarkred;border:10px double green;"]

(*بسم الله الرحمن الرحيم*)

(* ربنا لاتؤاخذنا ان نسينا أوأخطأنا*)
[/TABLETEXT]
قديم 10-31-2013, 11:30 PM
المشاركة 5
محمد غالمي
كاتب وقاص مغربي
  • غير موجود
افتراضي
الأخ ياسر علي.. نص سردي مثقل بهموم ممضة تجرعتها عجوز قلب لها الدهر ظهر المجن.. أجل وفي زمان فقد نكهته.. زمان ماتت فيه العاطفة وأقبرت في مزبلة تاريخ تنكر فيه الفرع لأصوله..
لا هنت ولا هان يراعك
م.غ

قديم 11-01-2013, 07:11 PM
المشاركة 6
عماد تريسي
من ملوك الأدب

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي


نفسٌ جبارة , تفخر بأنَّها تجبرت على الآخر أيام عزها ,
ثم أطاحت بنفسها بذات السهم .

مؤلم حال البعض حين يركنهم المقربون في زاوية عتمة .

دام ألقكَ أخي الكريم أ. ياسر .



مودتي


.
.


لأنَّ الحزن هو أبو الوحي , فإنَّني لا زلتُ أبرّه !

فإن ذوتْ سنابله يوماً, رويتُه باستذكار جرحٍ آخر .

.....
قديم 11-01-2013, 10:38 PM
المشاركة 7
ياسر علي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
[tabletext="width:70%;"]

ويا سيدي ما أقسى الحياة حين تجتمع على انسان وتسلبه حتى مكان آمن للعيش ما تبقى من العمر
عندما يتخلى عنه الأخ والأخت والصديق
شعور مؤلم وصراخ يعلو ...واهات تزفر تفجر في الروح بركان من وجع لا يشعر به الا من كان به ألم

قرأتك هنا ...
وكأنني هناك أقف على مشهد من تاريخ ليس لتلك العجوز وحدها وانما ل الف مثلها
لعجوز تموت يوما تلو الآخر فما يبقى في صدرها الا انفاس
هابطة وصاعدة واحلام لذكريات بعيدة لم تشأ ذاكرتها أن تٌغيبها ما زالت حاضرة في روحها وفي
كيانها بكل ما تحمل من الامور حتى صغائرها

هي لا تبحث عن الحياة بقدر ما تبحث عن دفء لوطن يسكن روحها لعمر قد ضاع وضاع
وصرخاتها التي تطقلها من شدة الوجع من الغربة من الفقد

هي تجرعت كأس الموت الف مرة ومرة قبل ان تتجرع كأسها الأخير الذي ظنت أنه الملاذ الوحيد للخلاص



القدير ياسر علي
خبرني ماذا أقول والعين تدمع من واقع مرير من حياة لم نعشها كما نريد
من قلوب تحجرت ومن ضمائر ماتت
إنك تضع اصبعك على الجرح

شكرا لحرف انت كاتبه
شكرا لفكر أنت قائده
شكرا لك الف مرة

تقديري
[/tabletext]


أهلا بالأستاذة فاطمة جلال

على الرغم من قساوة الواقع هناك من هو مصر على الوجود ، بصيغة من الصيغ ، مصر حتى على نوع من الابتزاز ، فتراه يبكي بكاء الآخرين في كل مجمع ، و يذرف دموع المحتاجين المتعففين .
هناك نفسيات قيادية تؤمن بأن القيادة مشعل في يدها يحتاج لحامل جديد جدير بالتمسك به .
في دور العجزة والمستشفيات و المؤسسات الاصلاحية و مؤسسات رعاية المعاقين تزدهر الآهات و يعلو الأنين و التذمر على كل الأصوات . هناك فقط يمكن أن تعرف قيمة القوة والمعافاة والحرية .
الوجع العربي شاخ و عجز عن حمله و تحمله الأبناء و يتمنون تصفيته جسديا و التخلص من تلك الحمولة القوية و تلك الأنفة و ذلك الشموخ ، و تلك العزة و تلك القيم التي ناضل من أجلها الأقدمون ، جيل جديد يبتغي لنفسه نسمة الترف نسمة الكسل ، نسمة التواجد الخفيف على الكرة الأرضية .
و يستمر سجل الآهات مفتوحا ....

شكرا على هذا الإغناء المميز للنص .



قديم 11-01-2013, 10:41 PM
المشاركة 8
ياسر علي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
جميل النص ...

وبعد الجميلة جليلة ليس عندي ما أضيفه..

تحيتي وتقديري.


الأستاذة ريما ريماوي

جميل حضورك هنا و هو إضافة قوية أعتز بها .

كل التقير والاحترام




قديم 11-01-2013, 10:51 PM
المشاركة 9
ياسر علي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
الاستاذ الفاضل | ياسر
سلمت يمينك موضوع يستحق البحث
لأنه مصيرنا جميعا ان لم نجد فى قلوب أولادنا الرحمه والحنان
بعد العطاء المتفانى من الأم ولأب
بل نكاد نعيش ونتنفس من أجلهم ونفنى أنفسنا من أجل
اعطاءهم كل الأمان
لك من القلب أرق التحايا


الشكر الجزيل للأستاذة إيمان محمود على هذه الإضافة الراقية
طبعا قدم الآباء والأمهات ما يكفي ويزيد
لكن في الوقت ذاته ، تلك نتيجة حتمية لقصور ما و وجود خلل مركب نقترفه .


قديم 11-01-2013, 10:59 PM
المشاركة 10
ياسر علي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
الأخ ياسر علي.. نص سردي مثقل بهموم ممضة تجرعتها عجوز قلب لها الدهر ظهر المجن.. أجل وفي زمان فقد نكهته.. زمان ماتت فيه العاطفة وأقبرت في مزبلة تاريخ تنكر فيه الفرع لأصوله..
لا هنت ولا هان يراعك
م.غ


أهلا بك أستاذي الفاضل محمد غالمي

أجل هناك صراع أجيال قوي يزداد بشاعة
ترى الفروع فعلا يقدمون على فعالهم عن وعي كامل ، ويؤسسون لسلوكات تضامنية جديدة .
أم مجرد تمرد على الماضي بكل حمولته تنهار معه تلك الروابط التي تشد عضد المجتمع .

محبتي واحترامي .








مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: إصرار امرأة
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
امرأة عبد الكريم الزين منبر القصص والروايات والمسرح . 16 04-25-2022 09:53 PM
إلى امرأة من مطر رشيد الميموني منبر البوح الهادئ 4 09-11-2020 09:49 AM
امرأة بلا ماض ٍ ... زياد عموري منبر البوح الهادئ 5 04-08-2018 03:23 AM
مكر امرأة... ريما ريماوي منبر القصص والروايات والمسرح . 8 05-22-2014 11:34 PM
امرأة من عطر !! حسام الدين بهي الدين ريشو منبر البوح الهادئ 12 10-17-2011 02:16 AM

الساعة الآن 05:37 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.